رواية منعطف خطر خالد وياسمين كاملة جميع الفصول

رواية منعطف خطر خالد وياسمين للكاتبة ملك ابراهيم هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية منعطف خطر، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية منعطف خطر خالد وياسمين كاملة جميع الفصول

رواية منعطف خطر من الفصل الاول للاخير بقلم ملك ابراهيم

 راجعة من الشغل متبهدلة وتعبانة وشايفة حياتها كلها بتتلخص في سؤال واحد: هاكل ايه دلوقتي؟ 
قررت تقف عند كشك جنب بيتها تشتري حاجة خفيفة، بس واضح إن حتى طلب الزبادي مش هيعدي على خير.
- لو سمحت.
رد صاحب الكشك بحماس أكتر من اللازم: عايزة إيه يا عروسة؟
البنت اتجمدت مكانها: عروسة؟ إنت عرفت منين؟!
ضحك وقال وهو بيقلب في الحاجات المعروضه قدامه: يا بنتي دي تحية رسمية، بقولها لأي بنت تيجي تشتري مني!
- ماشي يا عم الحاج، اديني علبة زبادي وكيكة كبيرة عشان ماما ناوية تخليني انام من غير عشا النهاردة. 
صاحب الكشك: ليه كده؟ شكلك زعلتي ماما صح ؟
البنت: دي شوية مشاكل خاصه بيني وبين ماما وانا عارفه ان حضرتك عندك حاجات اهم من مشاكلي بكتير ومش عايزة اشغل وقتك على الفاضي. 
صاحب الكشك: أنا؟ مين قال كده! دا انا فاضي جدا يا بنتي وكنت قاعد زهقان لوحدي.. تعرفي لو كان طلعلي صرصار دلوقتي كنت هاعتبره زبون واقعد اتكلم معاه. 
البنت: احم.. كتر خيرك والله حرجتني بكلامك الحلو يا عم الحاج .. اوعدك اطلع من شغلي بكره بدري واجيلك بقى نقعد ونحكي برحتنا.. بس من فضلك دلوقتي انا عايزة الزبادي والكيكه.
صاحب الكشك: حاضر يا بنتي اتفضلي حاجتك وهستناكي بكره تيجي تحكيلي.. انتي وعدتيني. 
اخدت من ايديه الكيس ومشيت.
وهي ماشية، موبايلها رن.. اتكلمت مع نفسها: ينهار ابيض دي ماما..
فتحت المكالمة وسمعت صوت زعيق مامتها. 
- إنتي فين يا اخرة صبري؟ العريس واهله على وصول!
البنت: خلاص يا ماما انا جايه في الطريق اهوو. 
الام بضيق : وايه اللي اخرك ياست هانم؟؟
البنت: الطريق كان زحمه يا ماما . 
الام: دا على اساس انك جايه بالمرسيدس ياروح أمك.. بس لما تجيلي يا ياسمين وانا هعرف اربيكي من اول وجديد.. اخلصي يا بت الناس على وصول ومش هينفع يدخلوا البيت قبلك. 
ردت ياسمين بلا مبالاة: عادي يا ماما لو جم قبلي خليهم يلفوا حوالين العمارة شوية. 
الام بعصبيه: قدامك خمس دقايق يا ياسمين وتكوني قدامي هنا انتي فاهمه.
وقفت ياسمين في نص الطريق، رفعت إيديها للسما: ياااارب.. يارب العريس ده وهو جاي في الطريق يقع في مصيبه ميعرفش يخرج منها... 
وفجأة... كأن الدعاء جاب نتيجة زيادة عن اللزوم! 
عربيات بتطير، الكشك بيتفجر، وياسمين داخلة فيلم أكشن فجأة.
مطاردة مجنونة بين 3 عربيات، الرصاص بيطير في كل اتجاه، واتنين من العربيات اصطدموا بعنف واتحولوا لكُتَل نار مشتعلة، وفجأة واحدة من العربيات فقدت السيطرة واندفعت مباشرة ناحية الكشك على ناصية الشارع. 
ياسمين شهقت وهي بتجري ناحية الكشك: يالهوي عمو بتاع الكشك!
جريت بأقصى سرعة وهي بتنادي: يا عمو، يا عمو، رد عليا، انت كويس؟!
صاحب الكشك واقع على الأرض، والعربية اللي دخلت في الكشك مبهدّلة المكان، وياسمين مش قادرة توصله عشان تطمن عليه.
وفجأة، باب العربية اتفتح بعنف، وخرج منها شاب طويل، ملامحه مش واضحة بسبب الضلمة، وبيقول بصوت متقطع وهو بيترنّح:أنا... أنا كويس.
ياسمين بصّت له بذهول وقالت: أنا مش بطمن عليك انت! أنا بتكلم مع عمو صاحب الكشك اللي خبطته ده وشكله مات!
رد صاحب الكشك وهو بيكح: لسه مموتش يا بنتي.. والله فيكي الخير ورجعتي تطمني عليا. 
اتكلمت ياسمين بقلق: المهم انك بخير يا عمو ومتخفش انا هشهد معاك. 
الشاب رمقها بنظرة سريعة، خلع جاكيت أسود كان لابسه ورماه جوه العربية، وقال بنبرة مستعجلة: أنا آسف، ماكانش قصدي ومش وقت توضيح للي حصل . المهم ان صاحب الكشك كويس وانا لازم امشي من هنا بسرعه. 
ولف بسرعة عشان يمشي، لكن ياسمين زعقت: تمشي فين دلوقتي انا مش هسيبك.. انت كنت هتموت صاحب الكشك بعربيتك. 
الشاب بص لها بنفاذ صبر وقال: والحمد لله.. الراجل لسه عايش. سيبيني امشي بقى! 
وبص على العربيتين إللي ولعوا وكان هيمشي فعلا. 
ياسمين وقفت قدامه وصرخت فيه: انت رايح فين انت عايز تهرب بعد كل اللي عملته ده ومحدش يحاسبك! 
رد عليها ببرود: انتي عايزة إيه دلوقتي عشان تسيبيني امشي واخلص من زنك ده! 
ياسمين بصت له بغضب وقالت بزعيق: تيجي معايا القسم وتعترف علي نفسك .. يا امااا.. 
رد الشاب بملل: يا امااا ايه؟؟
ياسمين بتهديد: هبلغ عنك.. انا شوفتك وانت بتخبط الكشك وهشهد عليك.
هز راسه بسخريه: ماشي يا قموره روحي اشهدي عليا ومتنسيش تقولي مواصفاتي كلها ل عمو الظابط ماشي. 
وقفت مصدومة من لا مبالاته. 
ركب عربيته عشان يتحرك بيها لكنها وقفت قدام العربيه عشان تمنعه. 
الشاب بص لها باستغراب لانه كان يقدر بسهولة يتحرك بالعربية ويدوسها في طريقه ويمشي. 
نزل من العربية تاني وبصلها بنفاذ صبر: وبعدين!! 
ياسمين قالت بإصرار: انا مش هسيبك تهرب بالسهوله دي. 
بص حواليه وقال بنبرة هادية: الحادثه إللي حصلت دي غصب عني ، بس لو فضلت هنا كلنا هنموت.. انا وانتى وصاحب الكشك. 
أنا؟!.. قالتها ياسمين بصدمة.
وفجأة، ضرب نار جاي من بعيد، والعربيات التانية انفجرت.
الشاب قال بصوت واطي: عرفوا مكاني... لازم أهرب من هنا بسرعه.
ياسمين وقفت مكانها مذهولة، وبعدين لمحِت عربيات سودة جاية بسرعة، وناس لابسة لبس غريب نازلين منها. 
صرخ فيها الشاب: اركبي العربيه معايا بسرعه هيقتلوا اي حد موجود في المكان. 
ياسمين صرخت من الخوف ومن أصوات ضرب النار وركبت معاه من غير ما تفكر. 
الشاب انطلق بالعربية بأقصى سرعة، الكاوتشات صرّخت تحتهم، وياسمين اتزحلقت جوه الكرسي وهي بتحاول تتشبث بأي حاجة.
صرخت بصوت عالي: هو انت حقيقي يا عم ولا طالع من لعبة بلاي ستيشن؟ هدي السرعه شوية هتموتنا! 
رد من غير ما يبص عليها: لازم نهرب منهم هيقتلونا.. امسكي كويس!
العربية كانت بتلف على نواصي ضيّقة، ووراهم العربيات السودة بتاعت العصابة، كل شوية يقربوا أكتر، وياسمين كل ما تبص وراها تشهق.
ياسمين: انت مين يا عم انت؟ وبتجري من الناس دول ليه ؟ وايه الطريق ده ؟ انت هتخطفني عشان انا الشاهدة الوحيدة علي جريمتك صح..! ؟
رد عليها ببرود: انا مخطفتكيش انتي اللي ركبتي معايا العربيه. 
ياسمين بصت حواليها وقالت بخوف: بس ده مش طريق بيتي يبقى انت خطفتني. 
رد عليها بدهشة: وانا هوصلك بيتك ليه هو انتي خطيبتي ولا مراتي.. انتي واحدة غاوية مشاكل اشربي بقى. 
تليفونها رن برقم مامتها.. بصت للتليفون بصدمة: يالهوي ماما بتتصل.. دي قالتلي قدامك خمس دقايق بس وتكوني في البيت.. هقولها ايه دلوقتي ؟
رد عليها باستغراب: وانا مالي قوليلها اللي تقوليه!! 
فتحت المكالمه وردت علي مامتها: الو يا ماما معلش اتأخرت اصل حصلت حادثه علي الطريق. 
مامتها صرخت فيها بزعيق لدرجة ان اللي قاعد جنبها سمع صوت صراخها: حادثة ايه يا اخرة صبري انتي فاكره ان انا هصدق كدبك ده.. انتي متأخرة بمزاجك يا ياسمين وانا عارفه ان انتي مش موافقه على العريس بس وحياة امك هتتجوزيه يا ياسمين بالعند فيكي قولتي ايه. 
الشاب سمع المكالمه كلها وفهم ان هي جايلها عريس وهي مش موافقه.. 
ياسمين اتكلمت مع مامتها بخوف: يا ماما صدقيني انا كنت جايه والله بس.. 
قاطعتها مامتها: مش عايزة اسمع منك ولا كلمه.. دقيقه واحدة وتكوني قدامي.. انا مش هسمحلك تحرجيني مع الناس.. دول جاين ومعاهم علبة جاتوه من الغاليه يعني شكلهم ناس مرتاحين وهترتاحي معاهم. 
ردت ياسمين: يعني يا ماما معقول هتجوزيني عشان علبة جاتوه من الغاليه.. 
لمحت ابتسامه ظهرت علي ملامح اللي قاعد جنبها وهو بيسوق العربيه.. اتغاظت وقالت ل مامتها: خلاص يا ماما حاضر انا جايه مش هتأخر. 
وقفلت المكالمه وبصتله بغيظ وقالت: انت بتضحك على ايه..! ؟ اتفضل رجعني للمكان اللي اخدتني منه. 
رد عليها: ارجع فين انتي مش شايفه العربيات اللي ورانا.. دول لو مسكونا هيقتلونا. 
شهقت بخوف: ويقتلوني انا ليه!! انا معملتش حاجة.. انا هقولهم ان انت اللي خطفتني. 
ضحك بسخريه وقالها: هما مبيتكلموش.. بيضربوا نار على طول. 
ياسمين بصدمة: يعني انا وقعت في عصابه ولا ايه!!
قالتها وهي متشبثة بالباب،
الشاب داس بنزين آكتر وياسمين صرخت من الخوف وطرحتها اتفكت وشعرها بدأ يطير في كل الاتجاهات وصرخت فيه. 
ياسمين: نزلني يا مجنون انت هتموتنا. 
رد عليها وهو مركز في الطريق: لو نزلتك من العربية هيقتلوكي. 
ياسمين زعقت: يقتلوني ليه انا معملتش حاجة و إيه اللي دخلني في مطاردة مع دول؟ دا معاهم مدافع .. بس الطلق ده مش حقيقي صح ؟
العربية اللي وراهم قرّبت منهم اكتر، وطلعت منها طلقة عدت جنب الشباك، فتحت فتحة في الإزاز.
ياسمين صرخت وهي بتغطي وشها: يانهار.. دا الطلق طلع حقيقي.. انتوا مين يا عم انت؟ 
الشاب ضغط بنزين أكتر، وعدى من فتحة ضيّقة بين عربية نقل وعمود إنارة، والعربية اللي وراهم اتخبطت، واتقلبت.
واحدة طارت.. قالها الشاب وهو بيبتسم لأول مرة.
ياسمين قلبها كان هيقف من الخوف وقالت بغضب: انت بتضحك على الموقف الهباب إللي أحنا فيه ده؟! 
رد الشاب وهو بيدوس بنزين اكتر: بلاش تبصي وراكي.
ياسمين قالت وهي بتبص وراها: مش ببص، أنا براجع كل قرارات حياتي اللي وصلتني للموقف ده!
الشوارع فضيت قدامهم، بس وراهم لسه فيه عربية واحدة بتقرب بسرعة.
الشاب بص في المراية وقال بهدوء غريب: آخر لفة... لو عدينا دي، ممكن نكسب شوية وقت.
ياسمين: وإيه اللي يحصل لو معّدنهاش؟ 
الشاب: ساعتها هننزل نتمشى واقولهم انك خطيبتي وكنت بوصلك الدرس بتاعك. يمكن يصدقونا.
ياسمين بغيظ: واضح إنك بتتريق على ذكائي ، بس ماشي ياعم الخطير. اعمل اي حاجة المهم ارجع ل ماما وانا لسه فيا الروح، عشان ماما واخويا ملهمش غيري ولو جرالي حاجة هيبقى ذنبهم في رقبتك انت. 
الشاب بص لها وسكت. 
العربية دخلت نفق، النور قل، والدنيا بقت شبه ساحة جريمة. وياسمين لأول مرة، سكتت... مش من الرعب، لكن من التوتر اللي بدأ يسيطر على كل تفاصيل اللحظة.
العربية فجأة بدأت تكركب وتعمل صوت غريب، والدخان طلع من الكبوت.
الشاب ضرب الدريكسيون بإيده وقال: لااا... مش دلوقتي خالص استحملي شوية كمان!
لكن العربية قالت كلمتها الأخيرة، ووقفت في نص الطريق الزراعي وهي بتطلع آخر شهقة ليها.
ياسمين بصت حواليها بخوف، والعربية اللي وراهم كانت لسه جايه بسرعة.
قالت بصوت بيرتعش: إحنا كده هنموت صح؟!
الشاب نط برا العربية وقال بسرعة: لازم ننزل! لو لقونا هنا هيقتلونا. الطريق ده بيوصل لأرض واسعة، ممكن نهرب من خلاله.
ياسمين فتحت الباب بصعوبة، وجرت وراه وهي بتتعثر في الطين والعشب.
ياسمين: أنا مش متعودة أجري في ارض فيها طين ! إنت جايبني فين؟!
الشاب: وطي صوتك هيسمعونا. 
الاتنين كانوا بيجروا وسط الأرض الزراعية، رجليهم بتغرس في الطين، والنور وراهم بيزيد وهم بيسمعوا صوت العربية اللي بتقرب.
- حاسه إنهم هيشوفونا.. قالتها ياسمين وهي بتتنفس بصعوبة.
الشاب ما ردش، كان مركز في الطريق، وعينيه بتدور على أي مخرج.
وصوت العربية اللي وراهم فجأة وقف... والهدوء نزل على المكان. 
ياسمين همست: هما سكتوا ليه؟
الشاب قال بصوت واطي: غالبًا نزلوا وبيدوروا علينا... لازم نكمل جري، وفيه طريق صغير لو لقيناه هنخرج على الطريق العمومي. 
ياسمين: أنا مش مصدقة نفسي، أنا كنت رايحه أشتري علبة زبادي... لقيت نفسي بطير، وبجري، وبهرب من عصابه معاهم مدافع ! انا اتفه من كده بكتير ومليش في الفرهده دي والله! 
ضحك الشاب وهما بيكملوا جري وسط الزرع.. كان سابقها بخطوات.. والليل حواليهم بيزداد سواد.. والأرض تحت رجليهم كانت بتزداد طراوة بسبب الماية.. وفجأة وقف الشاب مكانه بصدمة لما سمع صوت صرخة ياسمين وراه.....بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
تفتكروا إيه اللي حصل ل ياسمين لما صرخت؟
أنا كنت رايحه أشتري علبة زبادي... لقيت نفسي بطير، وبجري، وبهرب من ناس معاهم مد افع ! انا اتفه من كده بكتير ومليش في الفرهده دي والله! 
ضحك الشاب وهما بيكملوا جري وسط الزرع.. كان سابقها بخطوات.. والليل حواليهم بيزداد سواد.. والأرض تحت رجليهم كانت بتزداد طراوة بسبب الماية.. وفجأة وقف الشاب مكانه بصدمة لما سمع صوت صرخة ياسمين وراه..
بص عليها لقاها وقعت في بركة مية طين غويطة، حاولت تقوم بس رجليها غرست أكتر، وصرخت وهي بتتألم: رجلي!.. رجلي اتكسرت مش قادرة أتحرك!
الشاب جري عليها بسرعة وراحلها، حاول يمد إيده يساعدها تقوم، لكن هي زعقت فيه: انت كمان عايز تمسك أيدي.. ااه فاكر انك هتستغل الموقف وانا هستسلم وكده.. لاااا تفكيرك ميرحش بعيد. 
الشاب بذهول: انتي مجنونه يا بنتي؟! موقف ايه اللي استغله في الموقف اللي احنا فيه ده احنا هنموت. 
ياسمين بغضب: انت السبب، رجلي اتكسرت بسببك انت.. تقدر تقولي انا بعمل ايه هنا وايه ذنبي في كل ده؟! 
الشاب بص وراه ، سمع صوت العصابة قرب جدًا، كان في صوت كشافات وأصوات غليظه، وقال لها بحدة: اسمعي، دلوقتي مش وقت العناد… لو مسكوكِ مش هيراعوا لا رجلك ولا غيره وهيقتلوكي بجد. 
رفضت انه يساعدها بعناد والشاب قرب منها وقال: مقدميش حل تاني، أنا آسف.
ومد إيده وشالها بالعافية رغم اعتراضها. 
ياسمين: سيبني! أنا هصرّخ. 
الشاب: اصرّخي براحتك عشان يقتلونا واخلص من زنك. 
جري بيها وسط الضلمة، والمية بتترطش حواليهم، وكان واضح إنهم دخلوا طريق مش معروف، كله حفر وطين، وشجر محاوطهم من الجانبين.
ياسمين رغم خوفها، بدأت تهدى شوية وهي بتتنفس بصعوبة، وسألته: إحنا رايحين فين؟ الطريق ده غريب.
قال وهو بيحاول يثبت خطواته: لو حظنا حلو، الطريق ده بيوصل لمخزن قديم… لو عرفنا نوصله، ممكن نستخبى شوية لحد ما نعرف نتصرف.
ياسمين بصتله اوي وهو شايلها وبيجري بيها وسط كل ده. سألت نفسها هو ليه مفكرش يسيبها ويهرب لوحده. 
قالت بصوت خافت وهي بتحاول تتحمل الوجع: أنا مش فاهمة حاجة من كل إللي بيحصل … بس انت شكلك مش مجرم زيهم، على قد ما كنت فاكرة يعني.
ضحك بصوت هادي وقال: دي أكتر حاجة لطيفة اتقالتلي النهارده.
ياسمين اتكسفت من نظرته، وقالت بصوت خجول: نزلني بقى... كفاية كده.
بصّ لها الشاب بعين ثابتة وقال: مش هتقدري تقفي على رجلك.
ردت بعناد رغم الألم: لأ هقدر!
نزلها على الأرض بهدوء، لكن أول ما رجليها لمست الأرض، خرجت منها صرخة مكتومة، دموعها نزلت وهي بتقول بصوت مكسور: انت السبب في كل اللي حصلي ده!
الشاب اتنهد بتعب، وصوته كان فيه مرارة وقال: على فكرة انتي السبب. انتي اللي طلعتي في طريقي ولو كنت سبتك هناك كانوا هيقتلوكي. 
ياسمين انفجرت بغضب، عيونها مليانة تحدي: وأنت! لو مكنتش ظهرت فجأة في وشي، كنت رجعت بيتي، وقابلت العريس اللي وشه فقر عليا ده وخلصت من زنّ ماما! بس انا اللي غلطانه، مكنش لازم ادعي على العريس.. اهي الدعوة جت فيا انا. 
الشاب اتسعت عينه بصدمة، وقال مستنكر: يعني انتي كنتي بتدعي على إنسان بريء! عشان كل ذنبه إن هو عريس ومتقدملك؟! 
ياسمين رفعت حاجبها وقالت بسخرية: بريء إيه؟ ده انا شوفت صورته على الواتساب لابس بدلة لونها أخضر فسفوري! 
الشاب ضحك غصب عنه ووقف يفكر كده وقال: بجد؟! أخضر فسفوري؟ لا كده الموضوع اختلف ومحتاج تفكير فعلا معاكي حق.. 
بس كويس إن الدعوة جت فيكي.. متهيألي اللي انتي فيه دلوقتي احسن من الأخضر الفسفوري بكتير. 
ياسمين حاولت تكتم ضحكتها، بس ما قدرتش، وقالت: آه والله.. بس خلصت من العريس ووقعت في غابة فيها مطاردة وعربيات بتولع! وبعدين هو الطريق ده ملوش نهاية ولا ايه انا تعبت. 
الشاب بص حواليه بتركيز، ولف نظره على مكان بعيد وقال: اللي شاغل تفكيري دلوقتي حاجة أهم .. هو عرف يجيب منين بدلة لونها أخضر فسفوري؟؟
ياسمين بصت له بصدمة وضحكت.. 
عيونها كانت بتلمع تحت ضوء القمر اللي منور السما فوقهم. 
الشاب بص لها بعمق وقال: على فكرة ضحكتك حلوة اوي. 
ياسمين اتكسفت وكحت جامد وقالت بتوتر واضح: ما تشوف يا عم نهاية الطريق ده ايه انا تعبت ومش قادرة اقف علي رجلي اكتر من كده! 
بص لها وضحك وقال: حاضر يا عم هشوف نهاية الطريق ده ايه.. 
مشي كام خطوة قدامها وهو بيلف بنظره علي كل المكان وقال: أنا شايف كوخ هناك... يمكن نلاقي فيه حد يساعدنا أو حتى حاجة تفيدنا. 
بص لياسمين وقال بنبرة حاسمة: استني هنا، أنا هروح أشوفه. 
ياسمين ردت بصوت مرهق: لو لقيت ميّه هناك هاتلي معاك هموت من العطش. بس تكون ميّه نضيفه ومعدنيه. 
ابتسم الشاب ابتسامة خفيفة وهز راسه: ميّه معدنيه؟ طب محتاجة حاجة تاني اجيبها معايا وأنا جاي من السوبر ماركت!
ضحكت ياسمين بهدوء وقالت: كنت جايبه علبة زبادي وكيكه والله عشان اتعشا بيهم بس راحوا في الحادثه.. 
وافتكرت شنطتها وشهقت بصدمة: وتليفوني وشنطتي شكلهم وقعوا في العربية .. يادي المصيبه دي ماما أكيد هتموت عليا من القلق دلوقتي.. روح بسرعه شوف حد يساعدنا انا لازم ارجع البيت عند ماما بسرعه. 
الشاب مشي وبدأ يتحرك ناحية الكوخ، وياسمين قعدت على الأرض بتعب، صدرها بيطلع وينزل من الإرهاق، وهي بتهمس لنفسها: ياترى عملتي ايه يا ماما مع العريس الفقر ده. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت سماح، والدة ياسمين.
كانت سماح رايحة جاية في الصالة، ملامحها متوترة وإيدها مش سايبة الموبايل، بتضغط على زر الاتصال للمرة العشرين، لكن الرد دايمًا واحد:
"هذا الرقم مغلق أو غير متاح"
شهقت بضيق: هتجنن! راحت فين البت دي؟! 
في الصالون.
العريس قاعد على الكنبة، لابس بدلة لونها برتقالي، بيبص في ساعة إيده بملل واضح، وإيده التانية بتخبط بخفة على ركبته. مامته قاعدة جنبه، ملامحها مش عاجباها القعدة ولا الناس، وبصّت لجارة سماح، الست "أم حسين"، وقالت بنبرة فيها استنكار مموّه بلطافة مصطنعة: العروسة فين يا حبيبتي؟ بقالنا أكتر من ساعة قاعدين والست امها قالت هتطلع تناديها ومارجعتش من ساعتها!
أم حسين حاولت تلطف الجو، وقالت بابتسامة مش ثابتة: معلش يا أختي، أصل العروسة كانت في شغلها، وهي بترجع متأخر شوية.
العريس لف راسه ناحية مامته وقال بهدوء، بس صوته فيه نبرة تساؤل حقيقي: هي العروسة بتشتغل إيه بالظبط؟
أم حسين ردّت بسرعة، بتحاول تحافظ على الموقف: دي مدّرسة، بس لسه التعيين مجاش... فبتدي دروس خصوصية في سنتر كبير ومحترم هنا.
مامت العريس ردّت بسخرية خفيفة، وهي بتقلب شفايفها وبتبص للمكان كأنها بتحكم عليه: آه... وهو في سنتر كبير ومحترم بيفضل فاتح لحد دلوقتي؟
أم حسين ردّت بثقة وابتسامة فيها فخر: أيوه يا أختي، السنتر ده شغال فترتين... صباحي ومسائي، وياسمين ربنا يحرسها بتشتغل في الفترتين. وبتدي دروس خصوصية عشان تقدر تواجه صعوبة المعيشة، ربنا يعينها ويوفقها.
مامت العريس رفعت حاجبها وقالت بنبرة مش عاجبها الكلام: هو إيه اللي يجبرها تشتغل فترتين؟!
أم حسين اتنهدت بحزن: أصل ياسمين أبوها مات من سبع سنين... ومن يومها، وهي شايلة البيت لوحدها. بتصرف على أمها، وأخوها الصغير أحمد... عنده عشر سنين دلوقتي، في سنه خامسه ابتدائي. 
العريس بص لوالدته، ونظراته كانت فيها شيء من القلق أو عدم ارتياح.
ومامته بصّت لأم حسين بنبرة باردة وقالت: طب لو سمحتي، شوفي أم العروسة... اسأليها، هي العروسة رجعت ولا لسه؟
أم حسين قامت من مكانها، بخطوات هادية لكنها حاسة بالضغط، وخرجت من الصالون.
أول ما اختفت، قرب العريس من أمه وهمس بصوت منخفض، بس نبرته كانت واضحة: إيه يا ماما... البنت دي مش هتنفع معايا. 
مامته بصّت له، فكمّل هو كلامه وهو متضايق: بتقولك بتشتغل فترتين عشان تصرف على أمها وأخوها؟! يعني لو اتجوزتها مرتبها كله هيروح لبيتهم... وحتى لو قلتلها تسيب الشغل، أكيد هترفض. يعني إيه؟ تعيش في بيتي تاكل من خيرنا، وتروح تصرف على امها واخوها؟!
مامت العريس بصّت لقدّام وهي بتتكلم بصوت هادي، لكن كل كلمة كانت محسوبة وبتفكر فيها بصوت عالي: وكمان موضوع أخوها الصغير ده... مش مطمّني خالص! يعني لو أمها جرالها حاجة النهاردة قبل بكره، هتقولك: 'أخويا، لازم أشيله'... وتشيلك هم فوق همك.
العريس نفخ بقلة صبر وقال: الموضوع ده مش نافع خالص. خلينا نقوم ونمشي.
أمه بصّت له بنظرة فيها حكمة ومكر، وردّت بنبرة هادية ومحسوبة: اهدى يا حبيبي، اقعد بس... نستنى شوية كمان. لو العروسة اتأخرت أكتر من كده، هيبقى معانا حجة قدامهم.
ولو جت؟ بسيطة... أقولهم إنها معجبتكش، ونقوم نمشي واحنا رافعين راسنا.
العريس هز راسه بنفَس طويل، لكن واضح إنه مقتنع بخطة مامته، وساب نفسه يغرق تاني في ملل الانتظار...بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
لو العروسة اتأخرت أكتر من كده، هيبقى معانا حجة قدامهم.
ولو جت؟ بسيطة... أقولهم إنها معجبتكش، ونقوم نمشي واحنا رافعين راسنا.
العريس هز راسه بنفَس طويل، لكن واضح إنه مقتنع بخطة مامته، وساب نفسه يغرق تاني في ملل الانتظار.
-------
في صالة الشقة.. 
كانت سماح رايحة جاية في الصالة بخطوات متوترة، إيديها متشابكة قدامها ووشها متغير، مليان قلق وخوف. عنيها بتدور في المكان كأنها بتدور على طيف بنتها، وياسمين مش باينة.
صوت باب الصالون اتفتح على خفيف، وطلّت أم حسين جارتهم، وشها فيه قلق واضح وهي بتقول: في إيه يا سماح؟ بنتك فين؟ الناس بدأوا يتكلموا وأنا مش عارفة أقولهم إيه!
سماح وقفت لحظة، خدت نفس عميق، بس صوتها كان بيرتعش وهي بترد: مش عارفة يا أم حسين... البنت كانت مكلماني من شوية، وقالتلي إنها جايه... وبعدها التليفون اتقفل فجأة!
رفعت إيديها تدعي وهي بتكمل: قلبي مش مطمن، حاسة إن في حاجة حصلتلها، ياسمين عمرها ما اتأخرت كده، ولا تقفل تليفونها من غير ما تطمنّي.
أم حسين عضّت شفايفها بتوتر وقالت: استر يا رب... إن شاء الله خير. متقلقيش.
بصّت وراها ناحية باب شقتها وكملت: أنا هبعت حسين ابني يروح السنتر اللي هي بتشتغل فيه ويسأل عنها، يمكن حد شافها أو يعرف راحت فين.
سماح كانت خلاص على وشك الانهيار، صوتها علي شوية وهي بتقول: لا، لا، أنا مش هقدر أستنى أكتر من كده! لازم أنزل أدور عليها بنفسي، قلبي واجعني يا أم حسين!
جري أحمد ابنها عليها، باين عليه إنه بيحاول يطمنها بس هو كمان شكله متوتر.
قال وهو بيشد على إيديها: متخافيش يا ماما... ياسمين أختي شاطرة وبتعرف تتصرف.
بص ناحية الضيوف اللي جوه وقال بصوت واطي: وأنا حاسس إنها اتأخرت كده علشان مش طايقة العريس اللي جاي يشوفها.
سماح بصت له بحيرة، صوتها اتكسر وهي بتقول: بس هي قالتلي إنها جايه! لو مش عايزاه كانت قالتلي...!
أم حسين حطت إيدها على كتف سماح بحنية وقالت: طب بصي، انتي ادخلي شوفي الناس اللي جوه، عيب نسيبهم كده، وأنا هخلي حسين يروح يدور عليها. 
سماح كانت واقفه مكانها، عنيها مليانة دموع، بس بتحاول تمسك نفسها. قلبها بيخبط في صدرها كأنها سامعة صوته، وكل لحظة بتعدي كأنها سنة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند ياسمين. 
رجع الشاب وهو بيجري بخطوات سريعة وعينه فيها لمعة ارتياح، وقال وهو بيقرب منها: الحمد لله، لقيت واحد هناك صاحب الكوخ، ومعاه تليفون... كلمت صاحبي وهييجي ياخدنا من هنا كمان نص ساعة بالكتير.
ياسمين بصّت له باستغراب وسألت بنبرة مستغربة: إيه اللي في إيدك ده؟
الشاب نزل عينه على الشال اللي ماسكه وقال بهدوء وهو بيقلبه في إيده: بصراحة... ملقتش عند صاحب الكوخ غير الشال ده. فـ فكّرت... ممكن تلبسيه مكان الطرحة بتاعتك، لحد ما نوصلك بيتك.
ياسمين رفعت حواجبها بعدم فهم، وبصّت له كأنها مش مستوعبة كلامه، وقالت بنبرة مشوشة: ألبس الشال ده مكان الطرحة؟ ليه؟!"
وهي بتتكلم، رفعت إيديها تلقائيًا على راسها... لكن فجأة شهقت شهقة حادة، وعينيها وسعت وهي بتلمس شعرها المكشوف، وصوتها خرج مفزوع: الطرحة!! راحت فين؟! إزاي... إزاي اتفكّت من على شعري وأنا محستش؟!
الشاب قرب منها خطوة، وصوته فيه اندهاش وهدوء في نفس الوقت: وقعت لما كنا بنهرب بالعربية. كنتي بتتصرفي بسرعة ومكنتيش مركزة، شكلها طارت أو وقعت من علي شعرك من غير ما تحسي! 
ياسمين بصت له بنظره كلها غضب وحرج وقالت بانفعال وهي عينيها مليانة دموع خفيفة: يعني أنا... يعني أنا قدامك طول الوقت ده... بشعري وانت شايفني كده وساكت؟!
رد الشاب بنبرة هادية، بس فيها نبرة دفاع عن نفسه: على فكرة أنا مكنتش بفكّر غير إزاي أنقذك. وبعدين محصلش حاجة يعني، واعتبريني ما شوفتش شعرك ولا حتى أخدت بالي.
ياسمين خطفت الشال من إيده بعصبية، وقالت وهي بتحاول تسيطر على إحراجها اللي اتحوّل لغضب: ولا تعتبرني... ولا أعتبرك! أنا مش فاهمة أصلاً أنا وقعت في طريقك ليه؟!
رد بنظرة هادية، وكأنه متصالح مع كل حاجة حصلت: القدر... القدر هو اللي وقعنا في طريق بعض.
ياسمين لبست الشال على شعرها بحركة سريعة، ولسه الغضب باين علي ملامحها وصوتها تقلّ وهي بتقول بحدة: طب وهنعمل إيه دلوقتي؟!
بصّ لها بابتسامة خفيفة وقال: صاحب الكوخ قالي ممكن نقعد عنده لحد ما صاحبي يوصل... إيه رأيك؟
ياسمين رفعت عينيها ليه، وتعب الدنيا مرسوم على وشّها وقالت: أنا تعبت بجد. أنا قلقانه على ماما واخويا ، أكيد ماما هتتجنن من الخوف عليا دلوقتي. وتليفوني شكلي نسيته في العربية... أو وقع مني واحنا بنجري.
الشاب بصّ لها بتفكير وقال بنبرة فيها حرص: متقلقيش... كلها شوية وصاحبي يوصل ونوصلك بيتك. بس دلوقتي لازم تقومي... مينفعش تفضلي قاعدة على الأرض كده.
ياسمين حاولت تقوم، واتنهّدت بألم وهي بتقول: رجلي بتوجعني أوي.
الشاب اتحرك خطوة لقدّام، كان هيقرب يساعدها، لكنه وقف في مكانه وقال بنص ابتسامة: ما أنا بصراحة... خايف أقولك أساعدك.
رفعت راسها وبصّت له بنظرة نار وقالت بعصبية: تساعدني ليه إن شاء الله؟! كنت أخويا؟ ولا أبويا؟! عشان تساعدني. 
ضحك وهز راسه وقال بنفس نبرة الدعابة: هو ده الرد اللي كنت متوقعه... بالظبط كده!
قامت بصعوبة ورجليها بتتلوى من الوجع، ومشت قدامه وهي بتعرج، ملامحها مليانة ألم وقهر، وهمست: أنا مش عارفة أنا عملت إيه في حياتي عشان يحصل فيّا كل ده!
رد الشاب هو ماشي جنبها بخطوات بطيئة بتوازي خطواتها المتعبة، بصّ لها وقال بنبرة شبه هادية، لكن فيها لمحة سخرية: يمكن بتدخلي نفسك في مشاكل ملكيش فيها مثلًا!
ياسمين لفّت له بسرعة، وغيظها واضح في نبرة صوتها وقالت: هو اللي يساعد الناس بقى دلوقتي بيدخل نفسه في مشاكل؟! يعني لما أشوفك داخل بعربيتك على عمو بتاع الكشك وموّتُه، المفروض أعمل نفسي مشوفتش حاجة؟! وأرجع بيتي كأني ماشفتش مصيبة حصلت قدامي؟!
هزّ راسه بإيجاب بكل بساطة وقال: آه... هو ده اللي كان المفروض تعمليه! وبعدين متنسيش ان انتي بنت، مش راجل. يعني مينفعش تدخلي نفسك مع حد متعرفهوش؟! وتدبسي روحك في مشكلة مش بتاعتك؟
وقف قدامها فجأة، وبصّ في عنيها كويس، بنظرة جد جدًا، ونبرته اتقلّت: تخيلي كده...
لما تركبي عربية لوحدك، مع شاب أول مرة تشوفيه... عشان تجيبي حق راجل صاحب كشك متعرفهوش...وفجأة.. 
تلاقي نفسك في مكان مقطوع، والدنيا ضلمة، وانتي لوحدك مع الشاب... تفتكري؟
الشاب ده ممكن يفكّر في إيه؟
ياسمين اتوترت، ونظراتها سرحت حوالين المكان بخوف، وعدّلت في لبسها بسرعة، وبصّت له وسألته بصوت واطي مرتعش: هو... هو انت ممكن تفكّر في إيه؟
الشاب فهم توترها، وضحك بخفة من رد فعلها، وكمّل طريقه وقال وهو بيبص قدامه: متخافيش كده! أنا عمري ما أبصلك ولا أفكر في حاجة زي دي... أنا بس كنت بقولك افتراض، مش أكتر.
اتغاظت منه ومشيت وراه بغيظ وهي بتحاول تسرع خطواتها رغم الالم اللي هي حاسه بيه في رجليها وسألته بغضب: قصدك ايه بكلامك ده!! يعني ايه عمرك ما تبصلي.. هو انت فاكر اصلا ان انا اللي ممكن ابصلك! 
حس بغيظها وابتسم وقال: انا مقصدش كده اكيد. 
ردت بغيظ: اه طبعا انت متقصدش اي حاجة من اللي حصلت.. لسه مموت عمو بتاع الكشك بعربيتك وهربان من ناس شكلهم عصابه وانا بغبائي دبست نفسي معاك. وبعد كل ده ومتقصدش كده صح؟
وقف وبصلها وقال وهو بيضحك: مش صاحب الكشك طمنك وقالك انه لسه عايش..! ليه مصممه تموتي الراجل مش فاهم انا! 
بصت له بغيظ وقالت: انت كمان لك نفس تضحك وتهزر!! احنا كنا هنموت لو حضرتك مش واخد بالك! 
بص لها وقال ببساطه: ولسه عايشين الحمد لله. 
ياسمين زفرت بضيق، ونظرتها كانت مليانة تساؤلات، وقالت بنبرة حادة: طب ممكن أعرف انت مين؟ والناس دول كانوا عايزين يقتلوك ليه؟!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
انت لك نفس تضحك وتهزر!! احنا كنا هنموت لو حضرتك مش واخد بالك! 
بص لها وقال ببساطه: ولسه عايشين الحمد لله. 
ياسمين زفرت بضيق، ونظرتها كانت مليانة تساؤلات، وقالت بنبرة حادة: طب ممكن أعرف انت مين؟ والناس دول كانوا عايزين يقتلوك ليه؟!
رد عليها بهدوء واضح، كأنه متوقع السؤال ومش ناوي يفتح الباب ده: دي مشاكل خاصة بيني وبينهم. وبصراحة أنا عارف إن وقتك الثمين ميستحملش تسمعي مشاكلي.
بصّت له بغيظ، وابتسامتها الساخرة ظهرت للحظة قبل ما ترد ببرود: أنا أصلًا ميهمنيش أعرف. المهم دلوقتي... توصلني بيتي زي ما جبتني هنا بالظبط.
هز راسه بالإيجاب، وما ردش بكلمة، وكملوا مشي سوا لحد ما وقفوا قدام الكوخ.
صاحب الكوخ، راجل كبير في السن، استقبلهم بنظرة طيبة وقال: اتفضلوا... الجو برد، اقعدوا جوه اعملكم حاجة دافيه تشربوها لحد ما صاحبك يوصّل.
دخلوا الكوخ، والدفا بدأ يلمسهم بعد ساعات من البرد. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت مامت ياسمين. 
الجو كان متوتر لدرجة تخنق.
مامت العريس زفرت بصوت عالي وقامت واقفة وقالت بعصبية: لااا… دي كده قلة ذوق رسمي!
بصّت لمامت ياسمين بنظرة كلها تعالي وقالت: اللي انتوا عملتوه في حقنا ده عيب! واحنا مش قليلين في البلد عشان نقعد ساعتين نستنى الهانم بنتك تطل علينا!
بصّت لابنها وقالت بحدة وهي ماشية ناحية الباب: قوم يا ابني… ومن بكرة الصبح هاشوفلك عروسة محترمة ومتربّية، عشان مفيش بنت محترمة تقعد برّا بيتها لحد دلوقتي!
العريس وقف جنبها، ومامت ياسمين قامت من مكانها والدم في وشها بيغلي، وقالت بغضب مكبوت: بنتي متربية ومحترمة، وعمرها ما اتأخرت برّا بيتها بالشكل ده، والله أعلم حصل لها إيه! أنا قاعدة بموت من القلق، وانتي واقفة تسمعيني كلام مالوش لازمة! اتفضلي خدي ابنك وامشوا...بنتي أصلًا مكانتش موافقة، وأنا اللي كنت هغصبها توافق على ابنك!
مامت العريس بصّت لها بغضب ونبرة تهديد وقالت: بنتك مش موافقة على ابني أنا؟ طب إيه رأيك بقى. أنا هفضحكوا إنتي وبنتك، وهسمّع الناس كلها اللي حصل في بيتك النهارده ، وهقولهم ازاي بنت محترمة بتقعد برّا بيتها لحد نص الليل!
وبصّت لابنها وقالت وهي خارجة: هات علبة الجاتوه دي في إيدك… خسارة فيهم.
وخرجت بسرعة هي وابنها، الباب اتقفل وراهم بعنف.
في اللحظة دي، أحمد، أخو ياسمين، قرب من مامته وعينيه مليانة دموع، وسأل بصوت مهزوز: ماما... هي أبله ياسمين ممكن يكون حصل لها حاجة؟
مامته نزلت على ركبتها جنبه، حضنته، وقالت بصوت مليان خوف بتحاول تطمنه: لا يا حبيبي... إن شاء الله أختك هترجع بخير.
دخلت أم حسين وهي بتنهج من السرعة والتوتر باين في ملامحها وقالت: حسين ابني لسه متصل بيا... بيقولي إن السنتر مقفول، بس كان في حادثة على الطريق اللي بينا وبين السنتر!
والناس بيقولوا كان في ضرب نار والحكومة هناك دلوقتي!
مامت ياسمين حطت إيديها على صدرها وهي بتصرخ من قلبها: "بنتي!!"
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الكوخ.
صاحب الكوخ جاب صينية فيها كبايتين شاي ومد إيده بـواحدة للشاب وقال: اتفضل يا حسن يا ابني... الشاي ده هيدفيك شوية.
ياسمين رفعت راسها وبصّت له بدهشة، وهمست له وهي مستغربة: انت اسمك حسن؟
هز راسه بنعم وهو بياخد الكباية من صاحب الكوخ، وسكت.
ياسمين خرجت من شرودها لما سمعت صوت الراجل بيقدملها الشاي وقال: اتفضلي يا هانم.
ردت بتوتر: ياسمين.. اسمي ياسمين. 
الشاب بصلها وابتسم وهي بصتله بتوتر وصاحب الكوخ قال: عاشت الأسامي. 
خدت منه الشاي وهي بتبتسم بتوتر بسيط، وفي نظرات غامضة بينها وبين الشاب، لحد ما الراجل قعد قصادهم وقال: منهم لله ولاد الحرام اللي طلعوا عليكم في وقت متأخر زي ده وسرقوا حاجتكم! طب... مشوفتوش حد منهم؟ ممكن تتعرفوا على واحد ولا حاجة؟
الشاب رد بسرعة وهو بيهز راسه: للأسف لأ، الدنيا كانت ضلمة ومشوفناش حد منهم.
ياسمين فهمت ساعتها إن الشاب قال للراجل إن في ناس وقفتهم وسرقتهم، ومقالهوش على ضرب النار والمطاردة.
الراجل كمل كلامه وهو بيزفر: الدنيا مبقاش فيها أمان... بس أهم حاجة إن إنت والمدام بتاعتك بخير وسلامة.
ياسمين كانت بتشرب الشاي، وأول ما سمعت كلمة "المدام بتاعتك" شرقت من الشاي، وبدأت تكح جامد وهي مش قادرة ترد!
الراجل قام بسرعة وقال بقلق: اشربي شوية ميّه يا بنتي!
وهو بيجري يجيب الميّه، بصّ للشاب وسأله بهدوء: هي المدام حامل ولا حاجة؟
ياسمين شهقت من الصدمة وهي لسه بتكح، وقالت بصوت عالي من بين الكحة: لااااا... كده كتييير!!!. 
الشاب ضحك وقال للراجل: معلش هي بس من الخوف واللي حصل معانا النهارده.
ياسمين بصتله بغيظ ووشها كله غضب، وهو بيحاول يكتم ضحكته بالعافية وعامل فيها بريء!
في اللحظة دي تليفون صاحب الكوخ رن، وقال بحماس: ده الرقم اللي كلمته من عندي بيتصل!
الشاب خد التليفون ورد بسرعة، وبعد لحظات قفل وقال: صاحبي وصل.
بص لصاحب الكوخ وشكره من قلبه: متشكرين جدًا على مساعدتك لينا، ربنا يجازيك خير.
خرج هو وياسمين من الكوخ، وبمجرد ما بعدوا عن الباب شوية، ياسمين اتكلمت بعصبية شديدة: انت قولت للراجل إن أنا مراتك؟؟!
رد ببساطة وبرود كأنه بيحكي عن حاجة عادية جدًا: أومال كنت أقول له إيه؟ دي واحدة معرفهاش وركبت معايا العربيه عشان تجيب حق راجل صاحب كشك متعرفهوش؟!
بصّت له وهي مش مصدقة وقالت بغيظ: إزاي عرفت تكدب عليه كده؟ والراجل يصدقك!!
هز كتافه وقال بنفس البساطة: مكانش ينفع أقول غير كده!
زفرت بضيق وقالت وهي بتبص للسما: امتى الليلة دي تخلص بقى!!
ضحك وقالها: الليلة خلصت خلاص... وأنا هوصلك بيتك دلوقتي. وياريت تكوني اتعلمتي من اللي حصل، ومتحطيش نفسك في مشاكل تاني علشان حد.
ردت عليه وهي بتبصله بغيظ: خلاص! اتعلمت... المهم نرجع، زمان ماما هتموت عليا من القلق!
قربوا من العربية اللي واقفة بعيد شوية ، 
وياسمين ماشية وبتتألم من رجليها ورافضة بكل إصرار إنه يساعدها.
أول ما وصلوا، صاحبه نزل من العربية بسرعة وقرب منهم والقلق باين في عينه وهو بيقول: خالد! إنت كويس؟!"
ياسمين وقفت فجأة وبصّت للشاب بصدمة وقالت: انت كمان اسمك خالد ؟؟؟!!! بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
قربوا من العربية اللي واقفة شوية بعيد، وهي ماشية وبتتألم من رجليها ورافضة بكل إصرار إنه يساعدها.
أول ما وصلوا، صاحبه نزل من العربية بسرعة وقرب منهم والقلق باين في عينه وهو بيقول: خالد! إنت كويس؟!"
ياسمين وقفت فجأة وبصّت للشاب بصدمة وقالت: انت كمان اسمك خالد؟؟؟!!!
بص لها وهو بيضحك ورد على صاحبه: ايوه يا مهاب، أنا كويس متقلقش.
ياسمين بصّت له بصدمة أكبر وقالت له وهي بتشد في نبرتها: يعني انت كمان كدبت في اسمك على الراجل؟! وطلع اسمك خالد مش حسن!
مهاب استغرب وبصلها وسأل بصوت واطي كده بينه وبين خالد: مين دي؟
خالد رد عليه بسرعة: هحكيلك كل حاجة، بس خلينا نوصلها الأول على بيتها. 
مهاب هز راسه بإيجاب وهو لسه مش فاهم، وقرب من باب العربية وفتحه لياسمين وهو بيقول: تعالي اتفضلي.
خالد ضحك وقال لمهاب بتهكم واضح: هي مبتحبش حد يساعدها.
مهاب بص له باستغراب، وياسمين بصّت لخالد بغيظ وقالت: كويس انك قلتله!
وركبت العربية بصعوبة وهي بتتألم من رجليها، مهاب قفل الباب وركب جنب خالد اللي هز راسه كأنه بيقوله: “هفهمك بعدين.”
مهاب شغل العربية وسألهم: هنروح فين؟
خالد لف وشه وبصلها وهي قاعدة ورا وسألها بهدوء: بيتك فين بالظبط؟
ردت ببرود واضح: أكيد مش هقولك عنوان بيتي بالظبط!! ممكن ترجعني عند الكشك اللي عربيتك خبطته، وأنا هاكمل الطريق مشي.
خالد بص لها بعمق وقال بهدوء: الوقت اتأخر، والأحسن نوصلك لحد البيت عشان مفيش حد يتعرض لك وانتي ماشيه لوحدك.
بصّت له بحدة وقالت: وتوصلني حضرتك لحد بيتي بصفتك إيه!! كنت أخويا ولااا....
قاطعها خالد بسرعة وقال: بس خلاص... أنا آسف.
وبص لمهاب وقاله: اتحرك على الكشك اللي في أول الطريق.
مهاب بصلهم باستغراب، بس سكت وتحرك بالعربية.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند مامت ياسمين.
كانت قاعدة على الكنبة، حاضنة أحمد في حضنها، ودموعها بتنزل على خدها، وبتبكي بخوف ووجع. أحمد كان بيبكي هو كمان، صوته مخنوق، ووشه كله دموع.
أم حسين كانت قاعدة جنبها، ماسكة إيديها، وبتحاول تهديها بصوت مليان قلق: اهدي يا سماح.. حسين قال إن الطريق مقفول وفي ضرب نار، بس الحكومة هناك وهيعرف كل حاجة دلوقتي ويطمنّا.
مامت ياسمين ردت وهي بتبكي وتبص للسقف: بنتي... بنتي أول مرة تتأخر كده، قلبي وجعني عليها يا أم حسين.. حسه إن فيه حاجة حصلتلها.
أم حسين حضنتها وهي بتقول: ربنا يردها لك بألف سلامة ويطمن قلبك عليها.
------
عند ياسمين. 
بعد وقت من الصمت جوه العربية ، اخيرا وصلوا. 
مهاب وقف بعربيته عند الكشك، وياسمين فتحت باب العربيه ونزلت بسرعه من غير ما تتكلم معاهم ، اول لما شافت ناس كتير واقفين حوالين الكشك وخافت ان يكون صاحب الكشك مات.  اتحركت بصعوبة وسط الزحمة، الناس بتتزاحم وبتتكلم بصوت عالي، وكل واحد بيحكي حكاية شكل.
العساكر كانوا عاملين كردون حوالين مكان الحادث، ومفيش حد قادر يقرب، وكل اللي بيتكلموا مع الظباط بيرجعوا من غير إجابة.
حسين كان واقف مش بعيد، عينه بتدور وسط الناس، باين عليه القلق والدوخة من كتر ما بيسأل وماحدش بيرد.
وفجأة... شاف ياسمين وهي بتقرب من بعيد.
صرخ بصوت عالي: "ياسمين!!!"
ياسمين رفعت عينيها على الصوت، وبصت وشاورت له وهي بتسرع خطواتها ناحيته رغم الألم اللي في رجليها.
حسين جري عليها، ولما قرب منها بص لحالتها وهو بيقول بذهول: إنتي كويسة!؟ إنتي كنتي فين مامتك هتموت عليكي!
ياسمين كانت بتحاول تتمالك نفسها وهي بترد: هحكيلك كل حاجه واحنا ماشيين، المهم إني كويسه... و... وكنت عايزة أعرف صاحب الكشك ده حصله ايه؟
حسين قال وهو بيهز راسه بأسف: اللي عرفته انه مصاب وخدوه المستشفى، والناس هنا كلها مش فاهمه ايه اللي حصل.
ياسمين دمعت عينيها وقالت بصوت واطي: أنا كنت هنا لما كل ده حصل.
خالد كان واقف بعيد، بيتابع من غير ما يقرب.
شاف ياسمين وهي بتتكلم مع حسين، ووشها فيه خوف وتعب، بس في نفس الوقت فيه راحة إنها وصلت أخيرًا.
ابتسم ابتسامة خفيفة وسحب نفسه بهدوء، ورجع نحية العربية.
مهاب قال قبل ما يتحرك بالعربيه: مش هتقرب تودعها؟
خالد رد وهو بيبص من الشباك وبيفكر: ودعتها خلاص... كفايه اللي حصل النهاردة.
العربية اتحركت وسط الزحمة، وابتعدت عن مكان الحادث.
اتكلم مهاب وهو سايق العربيه: كشفوك؟ 
خالد زفر بقوة وهو بيبص من الشباك بعصبية وقال: لا..
قدرت اهرب منهم قبل ما يشوفوني ويعرفوا انا مين.. والمهم اني عرفت اخد الفلاشه إللي فيها كل المعلومات عن شركائهم وأصحاب المستشفيات اللي بيساعدوهم في تجارة الأعضاء.
اتنهد بتعب وقال: بس عرفت ان الناس دي خطر بجد، وكانو عايزين يوقعوني بأي طريقة.. 
وفكر في ياسمين وهو بيتنهد بتعب: ودي أول مرة أحس إن ممكن حد مالوش ذنب يتأذي بسببي.
مهاب بص له وهو سايق وسأله بجدية: يعني ايه؟ تقصد إن البنت بقت هدف؟
خالد هز راسه وقال: ياسمين نسيت شنطتها وتليفونها في العربيه واكيد هما اخدوهم وعرفوا دلوقتي كل المعلومات عنها، ولو شكّوا إنها شافتني أو عرفت عني حاجة، هيبقوا عايزين يعرفوا منها انا مين؟ ولو مقدرتش تساعدهم هيتخلصوا منها. وأنا مش هاسمح بده، حتى لو ده مش من ضمن خطتي. محتاج أعرف بيتها ونتصرف بسرعة.
مهاب فكر لحظة وقال: طيب ما تسيبها لحد بكرة، وأنا أرجع هنا الصبح وأبدأ أسأل في المنطقة، أكيد في حد يعرفها أو يعرف بيتها.
خالد قال بحزم: لازم نتحرك بدري آكتر ... أول ما الفجر يطلع تكون هنا. وعايز اتنين من رجالتنا يكونوا جاهزين يرقبوها من بعيد، من غير أي احتكاك.
مهاب ابتسم وقال بهزار: تمام... بس على فكرة، واضح إن البنت دي مش بس دخلت الخطة معاك... دي دخلت دماغك كمان.
خالد بص له بنظرة كلها تحذير وقال: طب بص قدامك بدل ما افتحلك انا دماغك.
مهاب ضحك وقال: يا ساتر عليك هو انت الواحد ميعرفش يهزر معاك شويه.. اللي يشوفك دلوقتي وانت قالب وشك عليا كده ميشوفش نظراتك للبنت كانت عامله ازاي! 
خالد زفر بضيق وقال: واضح انك مش عايز تجيبها ل بر الليلة دي.. وبعدين تعالى هنا.. ايه بقى حكاية خالد خالد اللي انت بتقولها بثقة دي!! وحتى قدام البنت بتقول اسمي الحقيقي عادي كده! مجاش في تفكيرك لحظة انها ممكن تكون تبع العصابه مثلا وتعرف ان اسمي الحقيقي خالد.
رد مهاب: ما انا قلقت عليك لما كلمتني وعقلي وقف عن التفكير اعمل ايه بس! 
اتكلم خالد: عقلك وقف عن التفكير!! طب الحمدلله ان انت مقولتلهاش ان انا ظابط كمان وفضحتنا! 
مهاب ضحك وقال: لا مش للدرجة دي أكيد انا مكنتش هقولها كده. 
خالد اتنهد بنفاذ صبر وغمض عنيه من التعب وسكتوا شوية... بس الهدوء اللي بين الجمل كان بيقول كتير. عربية ماشية في سكون الليل، وطريق فاضي، بس مليان هموم وتقيلة على قلب خالد.
مهاب كسر الصمت بصوت هادي وهو بيبص في المراية الجانبية: بس اقولك على حاجة بصراحة.. البنت اه عنيده شويه بس حلوة. 
خالد فتح عينه وبصله من غير ما يرد، بس نظرة عنيه كانت كفايه تخوف مهاب وتسكته، مهاب خاف من نظراته وقال وهو بيضحك: خلاص يا باشا قلبك ابيض انا بهزر معاك. 
خالد زفر بغضب وغمض عينيه تاني ومهاب بص له وسأله: هترجع للعصابه تاني؟ ممكن يكون حد فيهم خد باله ان انت اللي اقتحمت الفيلا وسرقة الفلاشه!؟ 
خالد فتح عينيه وهو بيبص قدامه، وقال بصوت منخفض فيه حدة التعب: لازم ارجع عندهم واكمل المهمة.. لسه معلوماتنا ناقصه ومش هقدر اجمع كل المعلومات اللي احنا عايزنها غير وانا وسطهم. 
مهاب بقلق: بس ممكن يكونوا كشفوك يا خالد.. لو عرفوا ان انت ظابط متخفي وسطهم في شخصية حسن، اكيد هيقتلوك! 
رد خالد بثقة: متقلقش.. هما فاكرين ان انا سهران مع بنت شمال من اللي بيسهرو معاهم سهرة من اللي هما متعودين عليها وانا هحل الموضوع ده ب ازازة خمره مقرفه من إللي بيشربوها وادخل عليهم ب نصها عشان يصدقوا اني راجع سكران ومعرفش حاجة عن اللي حصل. 
مهاب قال بأبتسامة: انا عرفت دلوقتي ليه سيادة اللوا اصر يجيبك من خدمتك في الصعيد ويضمك للمهمة دي.
خالد بصله وسكت ، ساب الكلام يتقال، بس عقله رجع تاني لنظرة ياسمين، ودموعها اللي خبّتها بالعند، وخوفها اللي كانت بتغطيه بالعصبية. هي مش بس دخلت خطته... دي دخلت جوه الحرب اللي جواه، وبدون ما تاخد بالها، بقت نقطة ضعف وسط نار شغالة حوالين خالد من كل ناحية.... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
سيادة اللوا اصر يجيبك من خدمتك في الصعيد ويضمك للمهمة دي.
خالد بصله وسكت ، ساب الكلام يتقال، بس عقله رجع تاني لنظرة ياسمين، ودموعها اللي خبّتها بالعند، وخوفها اللي كانت بتغطيه بالعصبية. هي مش بس دخلت خطته... دي دخلت جوه الحرب اللي جواه، وبدون ما تاخد بالها، بقت نقطة ضعف وسط نار شغالة حوالين خالد من كل ناحية.
مهاب وصل عند العمارة اللي فيها شقته، وقف العربية وقال: يلا نطلع، غير هدومك واغسل وشك.. وانا هطلب لك ازازة الخمرة المعفنه بتاعهم دي عشان تاخدها معاك وانت راجعلهم. 
خالد ابتسم وقال: أهو كده الكلام اللي يطمني إنك لسه ظابط صالح للخدمة.
نزلوا من العربية، دخلوا العمارة، وخطواتهم كانت تقيلة... بس كلها رايحة في اتجاه واحد: المهمة لسه في أولها ولازم تنجح مهمتهم ويقبضوا علي كل المتورطين في أكبر شبكة للاتجار ب أعضا.ء البشر. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت مامت ياسمين.
دخلت ياسمين مع حسين وهي هدومها كلها طين ومتبهدلة على الآخر.
أول ما مامت ياسمين شافتها، شهقت بصدمة وجريت عليها، حضنتها بقوة وهي بتعيط: إيه اللي حصل يا ياسمين؟! مين عمل فيكي كده؟ أنا كنت هموت من الخوف عليكي!
ياسمين حاولت تهديها وهي صوتها متلخبط ومليان تعب: مفيش حاجة يا ماما، أنا كويسة، اطمني.. كنت راجعة من السنتر وفي حادثة على الطريق، وكان في ضرب نار فجريت، وقعت في مكان كله طين وأنا بهرب.
مامت ياسمين مسحت دموعها وبصتلها بحنية: الحمدلله يا حبيبتي إنك بخير.. لو كان جرالك حاجة، أنا كنت هموت فيها. 
أخوها أحمد حضنها وهو عينه مليانة دموع: إنتي خوفتينا أوي يا أبلة.. الحمدلله إنك رجعتي لينا.
ياسمين حضنته بحب، ووقتها أم حسين قالت وهي بتبتسم: حمدالله على سلامتك يا ياسمين.. نسيبكم دلوقتي ترتاحوا وتغير هدومها.
مامت ياسمين بصّت لحسين وقالت له بامتنان: شكراً يا حسين، تعبناك معانا يا بني.
رد حسين بابتسامة مطمنة: ولا تعب ولا حاجة.. المهم إن ياسمين رجعت بالسلامة.
وبص لياسمين وقال لها: بس بعد كده لما تتأخري كلميني، أجي آخدك من السنتر بنفسي.
ياسمين ردت بهدوء: شكرًا يا حسين.
وبصّت لأم حسين وقالت: شكرًا يا طنط، معلش تعبناكم معانا. 
أم حسين ابتسمت وقالت: شكر على إيه يا بنتي، دا إحنا أهل.. تصبحوا على خير."
ومشيت هي وحسين.
مامت ياسمين قالت لبنتها: يلا يا حبيبتي، ادخلي خدي شاور وغيري هدومك، وأنا هجهزلك حاجة تاكليها.
ردت ياسمين وهي باين عليها الإرهاق: لأ يا ماما، هاخد شاور وأنام، تعبت أوي النهاردة، وكمان ورايا شغل بدري.
مامت ياسمين بصّت لها بإصرار: شغل إيه يا بنتي؟! خدي أجازة بكرا وارتاحي، مش هنموت من الجوع يعني لو ارتحتي يوم! 
ياسمين اتنهدت وقالت: مينفعش يا ماما، أنتي عارفة المرتب يادوب مكفي الإيجار ومصاريف البيت.
وبصّت حواليها باستغراب: هو العريس واهله مشيو امتى؟
مامتها ردت بغيظ: يغوروا! دا عريس وشه فقر.
ضحكت ياسمين وقالت: طب ودستة الجاتوه الغالية راحت فين؟
أحمد رد وهو بيكتم ضحكته: خدوها معاهم. 
مامت ياسمين قالت وهي متضايقة: ناس معفّ.. ولا بلاش.. ربنا يسهلهم، مش هشيل ذنب حد!
ضحكت ياسمين ودخلت أوضتها، خدت لبس نضيف، ودخلت تاخد شاور.
بعد شوية، وقفت قدام المراية في الحمّام بعد ما خلصت الشاور، ومدت إيدها تمسح البخار اللي مغطي الإزاز...
ظهرت صورتها قدامها، بس كانت حاسة إنها مش شايفة نفسها بس، دي كانت شايفة اللي حصل...
افتكرت خالد... الشاب الغريب اللي دخل حياتها فجأة، وسحبها في مغامرة شبه الحلم... أو الكابوس!
لحظات بين الحياة والموت، خبطات قلب، خوف، تهوّر، جنون...
كانت حاسة إنها راحت معاه لعالم تاني، وكأنهم كانوا في فيلم أكشن هي بطلته، بس بقلبها الحقيقي.
ابتسمت من غير ما تحس، وهي بتفتكر اسمه اللي قاله أول مرة... "حسن."
هي صدقت، واتعلّقت بالاسم، حسّت إنه مناسبله.
بس بعدين... تكتشف إن اسمه الحقيقي "خالد."... يمكن حتى ده مش حقيقي، ويمكن له اسم تالت!
يمكن هو نفسه مش عارف هو مين بجد.
قربت من المراية شوية وهمست لانعكاس صورتها وهي بتبتسم بنعومة وفضول:
"يا ترى... حكايتك إيه؟ واسمك إيه بجد؟"
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة مهاب. 
خالد كان واقف تحت المية بياخد شاور، والمية السخنة سايبة بخار مغطي المرايا.
مسح البخار بإيده، وبص في انعكاس صورته...
بس هو ماكانش شايف وشه، هو كان شايف ياسمين.
البنت اللي طلعت أقوى من اللي كان متوقعه،
جميلة، جريئة، بس جواها براءة وخوف واضحين...
ضحك لنفسه وهو بيفتكر ملامحها لما قال لصاحب الكوخ إنها مراته...
والصدمه اللي في عنيها لما عرفت إن اسمه مش حسن... ده خالد!
وحتى خالد، ممكن مايكونش اسمه الحقيقي!
اتنهد وقال بصوت همس لنفسه: فوق بقى يا خالد... وابعد عن البنت، لمصلحتها.
بعد شويه، خرج من الحمّام، في إيده فوطه بيجفف بيها شعره، وكان لابس بنطلون قطني من بتوع مهاب وتيشرت أسود.
مهاب كان في المطبخ بيظبط العشا، ندهله: تعالى كل لقمة قبل ما ترجع للناس الطيبين بتوعك دول.
خالد قعد وهو بيهز راسه: مش جعان... شوف اللبس بتاعي نشف ولا لسه؟
مهاب قال وهو بيقربله إزازة خمرة من نوع رخيص: اه نشف، وجبتلك الإزازة دي زي ما طلبت... بس الجروح اللي في وشك دي؟ مش ممكن يشكو فيك ويسألوك من ايه الجروح دي؟!
خالد قال ببساطة: هقولهم خربشة من البنت اللي كنت سهران معاها... هيصدقوا.
مهاب ضحك وقال : لتكون خربشة بجد؟! البنت اللي وصلناها هي اللي عملت فيك كده؟
كلامه نزل على خالد تقيل... نبرته تغيرت فجأة وهو بيرد بعصبية: اكيد مقصدش ياسمين بالكلام ده.. ياسمين بنت محترمة والقدر هو اللي وقفها في طريقي ومينفعش تجيب سيرتها بالشكل ده!
مهاب اتفاجئ، وبصله باستغراب وقال: غريب ان انت بتدافع عنها كده وانت لسه اول مره تشوفها النهاردة! عرفت منين إنها محترمة؟ دي بنت كانت ماشيه لوحدها في وقت متأخر والله اعلم كانت راجعه منين! 
رد خالد بنظرة كلها يقين: بيبان يا حضرة الظابط ... والغريب بجد إنك ظابط ومش عارف تميز! بين بنت محترمة واكيد كانت راجعه من شغلها وبين واحدة من بنات الليل اللي تقصدهم! 
ضحك مهاب وقال: خلاص ياعم، الست ياسمين هانم على دماغنا من فوق. 
خالد سكت لحظة وبعدين بصله وقال: المهم دلوقتي متنساش... بكرة الصبح تجمع كل المعلومات عنها، وعايز حراسة ليها ولأهلها كمان لان من اللحظة دي حياتها بقت في خطر. 
مهاب بلع لقمة وهو بيرد: هظبط كل حاجة، متقلقش.
خالد قام وهو بيقلع التيشرت بتاعه عشان يغير لبسه ويمشي، مهاب بصله بصدمة وقال: انت بتخلع التيشرت بتاعك ليه ؟.. ما تداري يا عم عضلات صدرك دي ولا انت بتغظني يعني عشان جسمي تخن شويه اليومين دول من قعدت المكتب! 
رد عليه خالد وهو بيلبس قميصه: جسمك تخن من قعدة المكتب ولا من الأكل اللي مابتبطلش تاكله؟! أنا مش عارف طليقتك استحملت تعيش معاك إزاي! ده أنا قعدت معاك نص ساعة وعايز أهرب للعصابة!
مهاب ابتسم وقال بثقة: ملهاش في الطيب نصيب، هي راحت لحال سبيلها... دلوقتي في مؤامرة من العيلتين عايزين يرجعونا لبعض، بس أنا مش ناوي... الحريه حلوة.
خالد ضحك وقال وهو بيعدل هدومه: فكر تاني... يمكن لو رجعتلك توقفك عن الأكل وتلاقي حاجه تسد نفسك.
مهاب حط الشوكة وقال بضيق مصطنع: حتى الأكل؟! روح يا عم للمجرمين بتوعك بدل ما أحبسك!
خالد وهو بيجهز نفسه وبيعدل في هدومه، رد بسخرية: تصّدق؟ المجرمين دول بيشتغلوا أكتر منك! خليك أنت قاعد تاكل ومحسوب ظابط على الداخلية!
مهاب اتكلم بثقة وهو واقف قدامه وقال: أنا هفرّجك يعني إيه ظابط بجد... لما يجي اليوم اللي هقبض عليك فيه إنت والعصابة اللي عايش وسطيهم، ووعد مني يا خالد الدريني... الكلبشات هتدخل إيديك، والمفتاح هارميه في النيل، وهقف أتصور مع كل القنوات تحت عنوان: القبض على خالد الدريني، أخطر زعيم عصابة خطـ.ف الأطفال وتجا.رة الأعضاء... وابقى أثبت بقى إنك ظابط، وانت أصلًا ملكش ملف في الوزارة دلوقتي!
خالد ضحك وقال وهو بيتهكم: والله نفسي اليوم ده ييجي، وأخلص منك وارجع على الصعيد، للقسم بتاعي، والشويش جمعة، ومطاريد الجبل... والعيشة البسيطة اللي تفتح النفس.
مهاب بصله بصدمة وقال: عيشة؟ مع الشويش جمعة والمطاريد؟ ربنا يعين اللي هتتجوزك والله العظيم!
خالد هز راسه وقال بنبرة فيها وجع مغلف بالهدوء: جواز إيه يا عم؟ مفيش الكلام ده في حياتي... اللي زَيّي ميتجوزش، عشان لما يجيله يومه في مهمة ميبقاش سايب وراه حد يتوجع عليه... أموت كده لوحدي، ووزارة الداخلية مليانة رجالة يكملوا من بعدي.
سكت لحظة، وبعدين مسك إزازة الخمرة اللي نصها فاضي وقال: أنا رايح أكمّل شغلي... وانت اقعد كمل اكلك وكُل كويس.
ضحك وهو خارج من باب الشقة.
مهاب وقف عند الباب، وبص له وهو بيبعد، وهمس لنفسه: بكره لما تحب يا خالد... كل الكلام اللي بتقوله ده هيتغير، وهتحافظ على نفسك عشان اللي قلبك هيختارها.
وسكت لحظة، وبص للأرض وهمس من قلبه: ربنا يحميك يا خالد... ويحفظك وسط مستنقع الذئاب إللي انت رايح لهم برجلك.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت. 
وصل خالد المكان اللي العصابة عايشين فيه كلهم مع بعض، مبنى قديم متهالك من بره، بس جواه أشبه بعش دبابير مليان أسرار. خالد بقى له شهرين عايش وسطهم، بهوية مزيفة، بعد ما دخل عليهم عن طريق واحد منهم متعاون سرًا مع الشرطة، رتب له دخوله وسطهم.
لحد دلوقتي، خالد لسه مش ضمن دايرة الثقة، مبيشاركش في العمليات الكبيرة، ولسه تحت المراقبة والتجربة، بيشتغل بس في الشغلانات الصغيرة. بس مع كل لحظة، كان بيقرب أكتر من الحقيقة... وأكتر من الخطر.
دخل عليهم وهو ماسك إزازة الخمرة، لبسه مبقع وريحتها طالعة منه، وضحك بصوت عالي وهو بيحاول يتقمص دور حسن المجرم: 
- أما أنا قضيت سهرة يارجالة مع حتة بت جامدة تفتح النفس.
الخمس أفراد اللي قاعدين: عباس، الدهشوري، فتوح، الكباس، وبرعي... كانوا باين عليهم الغليان. نظراتهم نار، والجو مشحون.
عباس بصله بغيظ وقال: هي الدنيا كده... ناس راجعين من الموت، وواحد راجع مزاجه رايق ومقضي سهرة حلوة مع بت جامدة! 
خالد قعد قدامهم، حط الإزازة على الترابيزة وقال بنبرة هزلية وهو بيشمّ الجو: إيه يا رجالة؟ هو في إيه؟ الشغلانة خيشت؟ ولا الباشا مرضاش يديكوا فلوس العمليه الجديدة؟
الدهشوري أخد الإزازة، شرب منها جرعة وقال بكآبة: جابر مات.
(جابر ده كان واحد من أفراد العصابه وعايش معاهم في نفس المكان) 
خالد عمل نفسه متفاجئ واتصدم وقال بسرعة: إزاي؟! جابر مات إزاي؟!
برعي قال وهو بيشد أنفاسه من سيجارة قديمة في زاوية بقه: العملية اتكشفت... واحد ظهر من العدم وعرف مكان التسليم ودخل الفيلا بتاع الباشا وسرق من عنده حاجات مهمة... حاولنا نمسكه، بس هرب، واللي راحوا وراه اتخبطوا بالعربيات، وجابر كان معاهم... كلهم ماتوا.
خالد لف وشه ناحيتهم بسرعة، وقال بصوت فيه استغراب متعمد: بس إزاي عرفوا المكان؟ دا أنا نفسي معرفتوش... وانتوا رفضتوا تاخدوني معاكم وقلتوا إن الباشا الكبير هو الوحيد اللي بيحدد الأماكن اللي يقابلكم فيها! 
الكباس شرب جرعة تانية، وقال بنبرة غاضبة: الباشا خسر رجالة كتير النهاردة ، واحنا خسرنا جابر، والباشا مش هيعدي اللي حصل ده على خير ولازم يعرف مين الواد ده. 
الدهشوري قال بنبرة حاسمة: الباشا أقسم إنه هيلاقي الواد ده، ويعرف وراه مين. 
خالد سأل وهو بيحاول يظهر اهتمام مش مصطنع: طب هيعرف يوصله إزاي؟ حد فيكم شاف الواد ده؟
فتوح بصله، وقال بثقة باردة: الواد مكانش لوحده... كان معاه بنت. ولما رجالة الباشا راحوا يدوروا على أثره، لقوا شنطة البنت فيها بطاقتها الشخصيه وتليفونها في العربيه اللي هربوا فيها. والباشا هيوصل له عن طريق البنت دي... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
الباشا أقسم إنه هيلاقي الواد ده، ويعرف وراه مين. 
خالد سأل وهو بيحاول يظهر اهتمام مش مصطنع: طب هيعرف يوصله إزاي؟ حد فيكم شاف الواد ده؟
فتوح بصله، وقال بثقة باردة: الواد مكانش لوحده... كان معاه بنت. ولما رجالة الباشا راحوا يدوروا على أثره، لقوا شنطة البنت فيها بطاقتها الشخصيه وتليفونها في العربيه اللي هربوا فيها. والباشا هيوصل له عن طريق البنت دي.
خالد اتصدم وهو بيبصلهم وبلع ريقه بتوتر وقدر بصعوبه يحارب فضوله انه يسألهم اكتر عن البنت والباشا ناوي يعمل ايه معاها وحاول بسرعه يظهر اللامبالاة. 
فتوح زعق ل عباس وقاله: ما تجيب يا عم اشرب شويه هو انت خدت الازازة لحسابك ولا ايه!. 
وبص ل خالد وقاله: احكيلنا بقى يا ابو علي .. البت اللي قضيت معاها الليلة دي كانت جامدة ولا من البنات النص كم اللي الواد الاعور ده بيجيبهم لنا؟
خالد بص له وهو بيفكر في ياسمين وقلقان عليها لانه دخلها في موضوع ملهاش علاقه بيه ومع عصابه ميعرفوش الرحمه..
الكباس شاور ل خالد اللي لاحظ انه شارد وبيفكر وقاله: ايه يا ابو علي ..هي المزة بتاع الليلة كلت دماغك ولا ايه.. ما تحكيلنا عليها بدل ما القاعدة ناشفه كده. 
خالد قام وقف وقالهم: بكره تخلوا الواد الاعور يجبلكم بنات نص كم من بتوعكم وتطرو القاعده برحتكم.. انا هدخل انام عشان البت كانت جامده وتعبتني معاها. 
ضحكوا كلهم بصوت عالي، وخالد ضحك معاهم ضحكة سطحية، مجرد تمثيل، وسابهم ودخل أوضته. وهما قعدوا كملوا سهرتهم مع بعض. 
أول ما خالد قفل الباب ورا ضهره، اتغير وشه، وحط إيده على دماغه وهو بيفكر: يا رب مهاب يتحرك بكرة الصبح، ويحمي البنت وعيلتها قبل ما العصابة توصل لها.
قعد على طرف السرير، وهمس بصوت مخنوق: ياسمين ملهاش ذنب... وأنا اللي دخلتها في كل ده وهما ما بيرحموش. 
نزل بجسمه على السرير، وبص للسقف وعينيه مش بتفارق صورة ياسمين، وهي بتبص له بخوف وثقة في نفس الوقت. وكان جواه وعد صامت: لو جرالها حاجة، مش هيسامح نفسه أبدًا.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند ياسمين.
كانت قاعدة على سريرها وبتربط رجلها بالرباط الضاغط، وعقلها كله مع خالد.
سألت نفسها بصوت داخلي: هو كان بيهرب من الناس دول ليه؟ وكانوا بيضربوا عليه نار وعايزين يقتلوه ليه؟!
افتكرت الكلام اللي حسين قاله، لما قالها إن الحادثة اللي حصلت جنب الكشك كانت مطاردة بين عصابات ومجرمين، والناس كانت بتتكلم عن كده.
بس ياسمين كانت رافضة الفكرة دي من جواها، وهمست لنفسها: مجرم إزاي؟! شكله مش مجرم خالص! وكمان طريقته وأخلاقه مش أخلاق مجرمين! بس لو مش مجرم... إيه اللي دخله في مواجهات زي دي؟ وليه بيهرب منهم؟!
التفكير زاد عليها وتعبت، غمضت عينيها ونامت وهي لسه بتفكر في خالد، وصورته مش بتفارق خيالها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم
صباح اليوم التالي.
صحيت ياسمين بدري على صوت أذان الفجر، زي كل يوم. قامت من على السرير، وأول ما رجلها لمست الأرض، شهقت من الوجع اللي حسّت بيه، كان أقوى من إمبارح. بس رغم الألم، وقفت، وقاومت الوجع، ادت فرضها ولبست وخرجت من أوضتها عشان تجهز أحمد أخوها للمدرسة، وتجيب عيش لمامتها قبل ما تروح شغلها.
كانت بتتحرك بصعوبة، بس بداخلها قوة مش طبيعية، وقلبها وعقلها لسه مشغولين بالتفكير في خالد.. الشاب الغريب اللي قابلته إمبارح وبتسأل نفسها ياتري حصل معاه ايه دلوقتي؟. 
احمد أخوها كان قاعد قدام مامته وهي بتجهزله السندوتشات واول لما شافت ياسمين خارجه من غرفتها وهي بتعرج علي رجليها قالت بلهفه: يا حبيبتي يا بنتي.. ايه اللي حصل ل رجلك؟
ردت ياسمين وهي بتقعد جنب أخوها: مفيش يا ماما انا كنت اتخبط فيها خبطه صغيره كده لما وقعت ومكنتش حاسه بوجع إمبارح اوي بس حاسه فيها بوجع النهاردة زيادة شويه. 
اتكلمت مامتها بقلق: طب اجبلك لها مرهم ولا حاجة من الصيدليه؟ 
ردت ياسمين: هروح اوصل احمد المدرسه بتاعه واجيب العيش وابقى اجيب مرهم وانا راجعه من الصيدليه عشان ادهنها قبل ما اروح الشغل. 
مامتها اتكلمت برفض واصرار: انتي مش هتتحركي من هنا.. انا اللي هروح اوصل اخوكي النهاردة واجيب العيش واجبلك مرهم وانا راجعه ومش عايزة اعتراض انتي فاهمه. 
ياسمين ابتسمت ل مامتها وقالت: حاضر يا ست الكل مش هعترض.. بس متتأخريش يا ماما عشان الحق اروح الشغل.. يعني متنسيش نفسك في الحكاوي اللي بتعملوها وانتوا واقفين عند فرن العيش. 
مامتها ضحكت وقامت دخلت غرفتها عشان تلبس واحمد قعد في حضن أخته وقالها: ابله ياسمين عارفه لما اكبر.. عايز اشتغل كتير واجبلك انتي وماما فلوس كتير عشان انتي متروحيش الشغل وانتي تعبانه تاني. 
ياسمين ضمته بحب وقالت: انا عشان خاطر عيونك اروح لاخر الدنيا يا نور عين اختك انت. 
احمد كان فرحان وهو جوه حضنها وفضلت تضحك معاه ويهزرو لحد ما مامتها خرجت من غرفتها واخدت أحمد ونزلوا من البيت عشان توصله المدرسه. 
ياسمين غمضت عينيها وهي قاعده مكانها على الكنبه وكان الألم في رجليها بيزيد وهي بتحاول تقاوم الشعور بالالم عشان متقلقش مامتها. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تحت في الشارع قدام بيت ياسمين. 
كان في عربيه سوده واقفه وجواها 3 رجاله من العصابه (فتوح والكباس وبرعي) 
برعي اتكلم وقال: متأكد ان هو ده عنوان البنت؟
رد فتوح : ايوا هو ده العنوان اللي الباشا بعته وقالنا ان هي لها اخ صغير عنده 10 سنين وبينزل معاها كل يوم الصبح عشان توصله المدرسه. 
اتكلم الكباس: طب واحنا هنخطف أخوها ده ازاي من ايديها.. انا مبحبش اطلع عمليه من غير تخطيط كده! كان الباشا استنى شويه لحد ما نظبط العمليه ونخطف الواد في الوقت المناسب. 
رد عليه فتوح بثقة: الباشا منمش طول الليل لحد ما جاب كل المعلومات عن البنت دي من رقم تليفونها وبطاقتها وعرف عنها كل حاجة وعن اهلها وعنوانها وعرف ان هي في حالها وملهاش في الشغل بتاعنا بس اكيد هي عارفه الواد اللي هربت معاه امبارح وهي الوحيدة اللي تقدر توصلنا ليه واحنا مش هنعرف نضغط عليها غير لو خطفنا أخوها عشان تعرف احنا مين وتعترف بكل حاجة علي طول.. الباشا بيقول مفيش وقت ولازم نعرف مين الواد ده.
برعي سأله : طب احنا هنعرف اخوها ازاي؟
رد فتوح : كانت متصوره هي واخوها وحاطه الصورة بتاعهم على صفحتها على الفيسبوك. 
قاطع كلامهم خروج احمد مع مامته من البيت. 
اتكلم فتوح وقال: اجهزوا يارجاله الواد خرج اهو. 
برعي هو إللي كان سايق العربيه واتحرك بالعربيه ببطئ واحمد ماسك في ايد مامته وماشي يتكلم معاها.. العربيه قربت منهم ووقفت قدامهم قطعت عليهم الطريق وفي اقل من اللحظة كانوا فتوح والكباس نزلوا من العربيه وقربوا من احمد وهو ماشي جنب مامته والكباس ثبتها بالسلاح وفتوح شد احمد وجذبه بالقوة من ايد مامته اللي صرخت بكل صوتها عشان الناس يلحقوها وفي اقل من دقيقه كانوا اخدوا ابنها منها ووقعوها علي الارض وركبوا العربيه واتحركوا بيها بسرعه... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
العربيه قربت منهم ووقفت قدامهم قطعت عليهم الطريق وفي اقل من اللحظة كانوا فتوح والكباس نزلوا من العربيه وقربوا من احمد وهو ماشي جنب مامته والكباس ثبتها بالسلا.ح وفتوح شد احمد وجذبه بالقوة من ايد مامته اللي صرخت بكل صوتها عشان الناس يلحقوها وفي اقل من دقيقه كانوا اخدوا ابنها منها ووقعوها علي الارض وركبوا العربيه واتحركوا بيها بسرعه وهي بتصرخ بكل صوتها عشان حد ينقذ ابنها وكل الناس وقفوا يتفرجوا عليها ومنهم اللي فتح تليفونه بسرعه عشان يسجل فيديو للحظة الاختطاف ومامت ياسمين بتصرخ علي الارض ومنهارة وبتترجى الناس يساعدوها ويمسكوا اللي خطفوا ابنها. 
------
في الشقة عند ياسمين. 
فتحت عينيها وهي قاعده علي الكنبه علي صوت خبط قوي علي باب الشقه. 
انتفضت من مكانها بسرعه وقامت واتحركت بخطوات سريعه وفتحت الباب ولقت ام حسين بتصرخ قدامها وبتقول: الحقي يا ياسمين في ناس خطفوا احمد اخوكي واخدوه في عربيه وهربوا. 
ياسمين اتجمدت مكانها لما سمعت الكلام ونزلت من البيت بسرعه تجري. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المكان اللي فيه خالد مع العصابه. 
خالد خرج من الغرفه اللي كان نايم فيها ودي كانت أول مرة يغلبه النوم للدرجة دي بسبب تعبه وهو بيحاول الهروب منهم ليلة إمبارح.. شاف اتنين بس من الرجاله اللي قاعدين يفطرو.. (عباس والدهشوري) قرب منهم واتكلم بطريقتهم: صباح القشطة يا رجاله.
رد الدهشوري وهو بيضحك: صباح الفل يا ابو علي .. دا البت بتاع إمبارح دي شكلها روقتلك مزاجك علي الاخر. 
اتكلم خالد وهو بيضحك: متفكرنيش يا دهشوري.. البت كانت طلقه. 
الدهشوري قال: اااه شوقتني يا ابو علي .. ما تشوفها ل أخوك تروق عليا انا كمان.
رد خالد: وماله متغلاش عليك.. اومال باقي الرجاله فين؟ لسه نايمين ولا ايه؟؟ 
رد عليه عباس وهو بياكل: لا الرجاله عندهم عمليه علي السريع كده هيخلصوها ويرجعوا علي طول. 
خالد بفضول: عملية ايه اللي راحوا يعملوها بدري كده ؟ مش انتوا قولتوا انكم هتوقفوا الشغل اليومين دول لحد ما توصلوا للواد اللي هرب منكم إمبارح ؟
رد الدهشوري وهو بياكل: ما العمليه بتاع النهاردة تخص الواد ده.. 
خالد بص له بانتباه والدهشوري كمل كلامه: فاكر البنت اللي قولنالك انها هربت مع الواد وحكينالك عنها إمبارح ؟
خالد بلع ريقه بصدمة وقال: مالها؟ 
رد الدهشوري: الباشا جاب كل المعلومات عنها من رقم تليفونها وبطاقتها وبعتلنا الساعة 5 الصبح وقالنا لازم نخطف اخوها النهاردة والباشا هيتصرف معاها عشان لازم يعرف مين الواد ده ومين اللي وراه. 
خالد بص له بصدمة ومش مصدق ان الباشا اتصرف بسرعه كده واتمنى يكون مهاب اتصرف اسرع ووقف حراسه على بيت البنت واهلها. 
بعد دقايق قليله سمعوا صوت العربيه وبعد لحظات دخلوا الرجاله وواحد منهم شايل احمد اخو ياسمين وهو غايب عن الوعي. 
خالد اول لما شافهم داخلين وبرعي شايل طفل على كتفه بملابس المدرسه بتاعه قام وقف وهو مش مصدق ان اخوها صغير كده وشافهم وهما بيحطوا الولد علي الارض ودخلوا وهما بيبتسموا وقعدوا عشان يفطروا و الدهشوري سألهم بفضول: عرفتوا تجبوه ازاي بالنهار كده من قدام بيته؟
رد الكباس عليه: كان نازل في ايد امه رايحه توصله المدرسه واحنا دخلنا عليها بالعربيه واخدناه منها وهي عماله تصوت في الشارع. 
كلهم ضحكوا وخالد بص لهم بغضب مكتوم جواه ونفسه يقوم يخلص عليهم كلهم بعد ما عملوا كده في ام واخدوا منها ابنها وخوفوا طفل صغير برئ ملوش ذنب في حاجة. 
قرب من احمد اللي كان غايب عن الوعي على الأرض وبص عليه ولاحظ الشبه الكبير بينه وبين اخته.
أتكلم خالد معاهم بطريقتهم: وانتوا ناوين تعملوا ايه في الواد ده؟
رد فتوح: لسه الباشا مقلش نعمل ايه.. احنا خطفناه زي ما امرنا وهو هيتصرف مع البت اخته. 
خالد همس جواه بغضب: معقول يا مهاب هما اسرع منك وقدرو يوصلوا للبنت واهلها ويخطفوا اخوها وانت لسه نايم!!! 
عباس لاحظ وقوف خالد قدام الولد وقاله: ميبقاش قلبك رهيف كده يا ابو علي.. الواد ده ميفرقش عن العيال اللي بنخطفهم. 
خالد حاول يتماسك قدامهم ويسيطر علي عاطفته وقرب منهم وهو بيتكلم بطريقتهم: مش حتة واد زي ده اللي هيهزني.. ما احنا اتربينا في الشارع وملناش اهل ومصعبناش على حد. 
فتوح اتكلم مع خالد: اعمل حسابك يا ابو علي انك هتبقى معانا بعد النهاردة مكان جابر الله يرحمه. 
هي دي اللحظة اللي كان خالد مستنيها.. بص له وقال بلا مبالاة: لا يا عم خليني انا في الشغل الخفيف مليش انا في الشغل التقيل بتاعكم ده! 
أتكلم الكباس : دي اوامر الباشا.. وبعدين احنا قولنا في حقك كلمتين حلوين وانا متأكد ان شغلك هيعجب الباشا. 
اتكلم خالد: بس شغلكم التقيل ده يخوف.. دا جابر راح فيها ولا حد فيكم نزل دمعه عليه! 
رد برعي عليه: وننزل دمعه عليه ليه؟ اللي بيدخل الشغلانه دي بيبقى عارف نهايته بس علي الاقل قبل النهاية دي هتعيش كام يوم حلوين والفلوس اللي هتاخدها في الشغل التقيل ده مش زي الملاليم اللي بتاخدها دلوقتي. 
خالد بص له بتفكير وقال: عرفت تقنعني..انتوا عارفين انا عند الفلوس وبضعف. 
كلهم ضحكوا والدهشوري قال: انا بقى مبضعفش غير قصاد النسو*ان بس لازم الفلوس عشان اعجبهم. 
ضحكوا وبرعي رد عليه: ومين هتعجب بيك بشكلك ده من غير فلوس. 
ضحكوا كلهم وخالد كان بيضحك معاهم ضحكة سطحية وعقله وتفكيره مع ياسمين وبيبص علي اخوها وهو بيفكر ازاي ينقذه منهم من غير ما يكشف نفسه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
داخل قسم الشرطة التابع للمنطقة اللي ساكنه فيها ياسمين. 
داخل غرفة مكتب المأمور. 
كان مهاب قاعد قدّام المأمور، والنظرة اللي في عنيه كانت فيها جدية مش طبيعية. فتح الملف اللي قدامه وبص للمأمور وقاله بهدوء: "دي المهمة اللي اتكلفنا بيها… البنت دي اسمها ياسمين يحيى الشرقاوي."
الملف كان مليان تفاصيل، صور، تحريات، وكل حاجة عن ياسمين وأسرتها. كانوا بيتكلموا عن خطة لحمايتهم من غير ما حد يحس إن في رقابة عليهم. لازم العملية تتم في سرية تامة، من غير ما تثير شكوك حواليهم.
المأمور أومأ برأسه وقال: التأمين هيبقى من خلال القسم التابع للمنطقة اللي ساكنين فيها. 
مهاب وافق واتفقوا على كل حاجة، ومن غير ما يطوّل، قام يستأذن وقبل ما يفتح باب المكتب علشان يخرج، دخل عسكري بسرعة، شكله كان مرتبك وصوته عالي شوية وهو بيقول: في بلاغ يا فندم… طفل صغير اتخطف من إيد أمه وهما رايحين المدرسة. الأم منهارة، وأخته والناس كلهم متجمعين قدام القسم. حضرة الظابط لسه مجاش، وإحنا مش قادرين نسيطر على الناس!"
الجو اتقلب في لحظة… نظرة المأمور اتشدت، ومهاب وقف مكانه، قلبه دق أسرع. حس إن اللحظة دي ممكن تقلب كل حاجة.
المأمور هز راسه وقال بنبرة هادية بس حاسمة: هاتلي أم الطفل وأخته هنا حالًا.
العسكري رد بسرعة: تمام يا فندم.
وخرج بخطوات سريعة وهو بيجري ينفذ الأمر.
المأمور لف وشه لمهاب وقال بصوت فيه حيرة وضيق: مش فاهم إيه اللي حصل للمنطقة هنا… قبل الحادثة دي، الدنيا كانت هادية، مفيش مشاكل ولا شكاوي تُذكر… والناس كانوا عايشين في حالهم. 
مهاب تنهد، وعينه نزلت على الأرض كأن الهم تقيل عليه هو كمان، وقال بنبرة فيها تعاطف: كان الله في العون يا باشا… هستأذن أنا.
ولسه مهاب مد إيده على الباب علشان يفتحه، بس قبل ما يعدي، سمع صوت بكا بيقرب… لف بسرعة، وشه اتبدل، وقلبه دق جامد.
كانت ياسمين جاية ناحيته، دموعها مغرقه وشها ، بتنهج من العياط، وعسكري ماشي جنبها. عينيها كانت بتصرخ من الخوف، وكأنها بتدور على أي أمان تتمسك بيه. 
مهاب لما شاف ياسمين جاية ناحيته والدموع مالية وشها، قلبه وقع في رجله. لف بسرعة ورجع خطوتين ودخل تاني أوضة مكتب المأمور وقفل الباب وراه بسرعة.
بص للمأمور وعنيه مليانة قلق وقال بصوت واطي لكن فيه استعجال: البنت اللي كنت لسه بكلم حضرتك عنها… ياسمين… جايه هنا دلوقتي وبتعيط ومتوترة جدًا. دي مصيبة! ماينفعش تشوفني دلوقتي بأي شكل!
المأمور اتشد وقال: ليه؟
رد مهاب بسرعة: لو عرفت إني ظابط، أو حتى شكت فيا… حياة خالد هتبقى في خطر، وكمان حياتها هي.. 
العصابة مترصدين لكل حاجة… وخالد لسه متخفي وسطهم ، وأي غلطة بسيطة ممكن تخلينا نخسر كل حاجة.
المأمور سكت لحظة وبص له بنظرة تفكير، ومهاب كان باين عليه التوتر، كأنه بيحاول يلحق اللحظة قبل ما تفلت.
وفجأة… الباب اتفتح بعنف... بقلمي ملك إبراهيم. 
...يتبع
لو عرفت إني ظابط، أو حتى شكت فيا... حياة خالد هتبقى في خطر، وكمان حياتها هي. العصا.بة مترصدين لكل حاجة... وخالد لسه متخفي وسطهم ، وأي غلطة بسيطة ممكن تخلينا نخسر كل حاجة.
المأمور سكت لحظة وبص له بنظرة تفكير، ومهاب كان باين عليه التوتر، كأنه بيحاول يلحق اللحظة قبل ما تفلت.
وفجأة... الباب اتفتح بعنف، وصوت المقبض وهو بيخبط في الحيطة خلى قلب مهاب يطير من مكانه.
دخلت ياسمين، ووراها أمها، ووشهم باين عليه الصدمة والدموع ماليا عنيهم.
ياسمين كانت منهارة، عنيها حُمر ومغسولة من كتر العياط، وصوت شهقتها كان لسه مسموع. أول ما دخلت، عينيها لفت بسرعة في المكان... وقفت.
وقعت عينيها على مهاب.
اللحظة دي الزمن وقف.
مهاب اتجمد في مكانه، حاول يلف وشه بسرعة، بس كانت شافته... 
وشه، هيئته، نظرة عينيه... حاجة جواها خلّتها تركز وتفتكره.
هي ما اتكلمتش، بس في نظرة من عينيها كأنها بتسأل: "إنت؟"
أمها كانت ماسكة إيدها بتوتر، وقالت بصوت باين فيه الخضة: الحقنا يا باشا...خطفوا ابني من إيدي! خطفوه قدامي! ساعدوني ابوس أيديكم ورجعولي ابني. 
المأمور قام من ورا مكتبه وقال بسرعة: اطمني يا مدام، إحنا هنا علشان نساعدكم... وإحنا مش هنسيب اللي خطفوا ابنك وان شاء الله نرجعه. 
مهاب كان واقف في الخلفية، قلبه بيخبط بجنون... هو شاف في عين ياسمين حاجة مش مطمّنة... كأنها بدأت توصل بتفكيرها ل حاجة معينه.! حاول يعمل نفسه بيراجع ورق، بيهرب من عينيها، بس التوتر في ملامحه كان باين حتى لو حاول يخفيه.
هي قربت خطوة، وكأنها بتحاول تشوفه أوضح...مسحت دموعها بسرعة وقالت وهي بتبصله باستغراب: هو انت... مش كنت... إمبارح؟
سكتت لحظة، وبعدين كملت بصوت أهدى شوية بس فيه نبرة شك واضحة: إحنا اتقابلنا إمبارح... مش كده؟
مهاب حاول يمسك نفسه، ابتسم ابتسامة باهتة وقال وهو بيبص للمأمور: أنا؟ لا يا آنسة، يمكن تشابه اسماء! 
بس ياسمين كانت عنيدة، قربت منه أكتر، وقالت: تشابه اسماء ايه!! انا بقولك انا شوفتك إمبارح وانت كنت مع... 
سكتت، والمأمور حاول يدخل يهدّي الجو بسرعة: يا آنسة، خلينا نركّز في أخوِكي الأول... الوقت مهم وكل دقيقة بتفرق.
بصّت لمهاب نظرة طويلة وقالت بصوت هامس: أنا مش غبية... انا متأكدة ان انت اللي كنت معاه إمبارح. 
مهاب ابتلع ريقه، وحس إن الحبل بيضيق حواليه، مش علشان خايف منها، بس خايف عليها وخايف تعرف ان هو ظابط وبالتالي هتفهم ان خالد هو كمان ظابط وكده حياة خالد هتبقى في خطر! 
وفجأة، من غير أي مقدمات، مامت ياسمين حطت إيدها على صدرها، ووشها شحب، وركبها خانتها... وقبل ما حد يلحق يمسكها، كانت وقعت على الأرض.
"ماماااااا!!"
صرخة ياسمين كانت زي الرصاص، قلبت المكتب كله. رمت نفسها جنب أمها، حضنتها وهي بتعيط وتصرخ: ماما!! فوقي! بالله عليكي فوقي! حد ينادي دكتور!!"
مهاب اتشل مكانه، قلبه بيتقطّع عليهم بس ماقدرش يتحرك...
المأمور على طول مد إيده للتليفون وصرخ في العسكري اللي واقف على الباب: هات الإسعاف حالًا! الست وقعت ولازم تتنقل المستشفى بسرعة. 
العسكري طلع جري، والمأمور نزل جنب ياسمين، بيحاول يهديها: اهدي يا بنتي... عربية الإسعاف جايه حالا... امك هتبقى كويسة إن شاء الله.
لكن ياسمين كانت بتترجف، مش سامعة حد، ولا شايفة غير أمها وهي مطروحة على الأرض...
دموعها بتنزل بغزارة. 
مهاب اتحرك خطوة، عايز يطمنها، عايز يقول حاجة... بس وقف، سحب نفسه، وفضل واقف من بعيد.
عارف إن أي خطوة غلط ممكن تخلّيها تشك أكتر... أو الأسوأ تشك وتعرف ان هو ظابط. 
بعد دقايق، صوت عربية الإسعاف ملأ الشارع، والناس اتحركت تفتح الطريق.
المسعفين دخلوا بسرعة وشالوا أم ياسمين على النقالة، وياسمين ركبت معاهم عربية الاسعاف وهي ماسكة إيد أمها ومش باصة لأي حاجة حواليها.
الباب اتقفل، والعربية اتحركت، وسابت وراها صمت تقيل في القسم.
رجع مهاب يقف جنب المأمور، اللي كان باصص للباب كأن الهم مش هينتهي.
المأمور لف ناحيته وقال بقلق واضح: العصابة هما اللي خطفوا أخو البنت أكيد... واضح إن العصابة دي مش سهلة، وخطواتهم أسرع من توقعاتنا. بيتحركوا بذكاء... بيضربوا في القلب من غير ما نلحق نفهم.
مهاب سكت لحظة، وبص للأرض، وصوته لما طلع كان مخنوق، شبه العياط: دا خالد هينفخني لما يعرف إن أخوها اتخطف...أنا وعدته إن البنت هتكون بأمان... وأنا حتى مش عارف أحمي أخوها.
المأمور حط إيده على كتفه وقال بهدوء: انت مش لوحدك ياحضرة الظابط... إحنا وراك، والمهمة لسه ما خلصتش. بس لازم نتحرك بسرعة... قبل ما حد تاني يضيع.
مهاب رفع عينه، وفيها نار وندم، وقال بصوت منخفض: فعلا لازم نتحرك أسرع من كده.. لان من اللحظة دي حياة خالد هو كمان بقت في خطر. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في وكر العصابة. 
المكان ريحته زنخة، والإضاءة خافتة كأنها متعمدة تخلق خوف.
أحمد، أخو ياسمين، بدأ يحرك جسمه وهو بيأن، وفتح عنيه ببطء. أول ما شاف نفسه في مكان غريب ، الحيطان مقفولة ومفيش أي وش يعرفه، قام فجأة وهو بيترجف وبيصرخ: أنا فين؟! ماما فين؟! أنا عايز أروح عند مامااا!!
الرجالة بصوا عليه بضيق، وعباس نفخ وقال بزهق: هيبتدي بقى مسلسل العياط... ماما فين وبابا فين!
قرب منه بعصبية وزعق: مش عايز أسمع صوتك خالص يا واد انت فاهم؟ اقعد ساكت أحسنلك!
أحمد عينه لمعت بدموع، وبص له بخوف وهو بيقول بصوت مهزوز: أنا معملتش حاجة والله... رجّعوني عند ماما... حرام عليكم!
خالد، اللي كان قاعد في الركن، عينُه ما فارقتش الولد من لحظة ما فاق. كل كلمة خوف بتطلع من أحمد كانت بتهز قلبه، وكأن أخوه الصغير هو اللي واقف قدامه.
قام فجأة وقال بصوت فيه غضب مكتوم: براحة يا رجالة، دا طفل صغير... ملوش ذنب في أي حاجة بتحصل.
الكبّاس ضحك بسخرية وقال: يا عم قلبك الحنين ده مينفعش معانا... إحنا مش في حضانة هنا. 
خالد رد عليه بسرعة وهو بيغمز له غمزة خفيفة: بس الواد ده يهمنا دلوقتي، ولسه الباشا ما قالش هنعمل معاه إيه.
فتوح حط إيده على دقنه وفكر لحظة، وبعدين قال: حسن معاه حق... الواد ده مهم. الباشا بيخطط لحاجة، ولازم نحتفظ بيه لحد ما نعرف هنتصرف إزاي.
الرجالة هزّوا راسهم بإهمال، وكأنهم مستنيين أوامر. 
خالد قرب من أحمد، ونزل على ركبته علشان يبقى قدامه، ووشه اتغير، بقى كله حنية.
سأله بهدوء: إنت اسمك إيه يا بطل؟
أحمد مسح دموعه بإيده ورد بصوت بيترعش: اسمي أحمد... والله ما عملت حاجة... رجّعوني عند ماما.
خالد هز راسه وقال بهمس فيه طبطبة: حاضر يا أحمد، هارجعك... بس لازم تكون شجاع ومتخافش، ماشي؟
أحمد قال وهو بيبكي: أنا عايز أروح عند ماما وأختي... الناس دول شكلهم بيخوف!
خالد ابتسم له ابتسامة صغيرة وهمس: طب ممكن بلاش تعيط... مفيش راجل بيعيط، صح؟
أحمد كأن الكلمة دخلت قلبه، مسح دموعه وخالد ابتسم لأحمد ابتسامة صغيرة فيها حنية وسأله بصوت هادي: جعان؟ تحب آجبلك حاجة تاكلها؟
أحمد هز راسه بالنفي، ودموعه لسه على خده وقال بصوت مبحوح: لا... أنا مش عايز أكل... أنا عايز ماما بس.
كلمات الطفل خبطت جوا خالد زي طلق نار...
اتنهد، وهز راسه بالإيجاب، بس عنيه ماكنتش بتضحك... كانت مولعة.
رجع يبص لأحمد بحنان وقال له: حاضر يا أحمد... ماما هتشوفك قريب، أوعدك.
وبيقوم من على ركبته، وقلبه بيغلي،وبيهمس جواه: ماشي يا مهاب... ماشي! بس لما أشوفك... وعدتني إن ياسمين وعيلتها هيبقوا في أمان... وأنتو معرفتوش تحموا اخوها الصغير حتى... 
عينه لمعت بغضب ساكت، وساب أحمد يقعد على المرتبة القديمة في الركن، وبدأ يدور في دماغه خطّة... لازم يخرج الولد من هنا. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
رجع مهاب على الإدارة ، أول حاجة عملها إنه دخل المكتب بسرعة وبلغ اللي حصل، وكل أمله إنهم يقدروا يوصلوا لخالد قبل ما الدنيا تولّع آكتر.
دخل عليه مكتبه الظابط "معتصم" ، زميله في المهمة، وبص له باستغراب ممزوج بسخرية وقال: يعني العصابة سبقوك؟ عرفوا مكان البنت، وخطفوا أخوها كمان؟! طب إنت كنت فين؟ في الساحل؟
مهاب اتنفس بضيق وقال: السؤال دلوقتي هما خطفوا الولد حطّوه فين؟
معتصم ضحك وقال وهو بيقعد قدامه على الكرسي: أكيد في المكان اللي قاعدين فيه... يعني عند خالد.
مهاب اتجمد مكانه، وصوته خرج مصدوم: يعني ممكن يكون خالد عرف إن الولد اتخطف؟!
معتصم وهو بيضحك أكتر: دا أكيد! مش بعيد كمان يكون دلوقتي جاي يعلّقك من رجلك على باب المديرية!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
مهاب اتجمد مكانه، وصوته خرج مصدوم: يعني ممكن يكون خالد عرف إن الولد اتخطف؟!
معتصم وهو بيضحك أكتر: دا أكيد! مش بعيد كمان يكون دلوقتي جاي يعلّقك من رجلك على باب المديرية!
مهاب قال وهو بيكتم قهره: وانا كنت أعرف منين إنهم هيتحركوا بالسرعة دي ويسبقوني؟!
معتصم فرد دراعه وقال بسخرية واضحة: ما هو خالد قالك... لازم تعرف كل حاجة عن البنت بسرعة، وتحط حراسة على البيت، وعلى أهلها كمان... بس حضرتك. قضيتها نوم لحد الصبح، وسِبت الناس تصحى وتخطف وتتحرك وإنت نايم في العسل!
مهاب ضرب كف بكف وقال: خلاص بقى يا عم! قول كلمتين حلوين ولا اسكت خالص! خليني أفكر هنتصرف إزاي.
معتصم قال بهزار تقيل: دلوقتي بقيت بتقول هنتصرف إزاي؟... اسمها تتصرف إزاي يا صاحبي، لإنك لوحدك في الهم ده! قوم بقى روح على مكتب سيادة اللواء، وبلغه بكل حاجة... وربنا معاك بجد.
مهاب بصله بغيظ وقال: يعني إنت بتبيعني يا معتصم؟ طب ماشي... هتتردلك بس بعد ما المهمة دي تخلص.
معتصم ضحك بصوت عالي وقال: ادعي بس المهمة تخلص... وانت لسه عايش بعد ما خالد يعرف اللي حصل!
مهاب رمقه بنظرة كلها نرفزة، وسابه وهو بيشد في شعره من التفكير، ومعتصم قاعد يضحك عليه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المستشفى عند ياسمين. 
كانت ياسمين واقفة قدام غرفة الطوارئ، دموعها نازلة من غير توقف، ومخها مش قادر يستوعب اللي بيحصل!
فجأة كل حاجة في حياتها اتشقلبت...
أخوها يتخطف من إيد أمها، وأمها تنهار وتقع على الأرض، والإسعاف تاخدها على المستشفى...
مش عارفة مين اللي خطفه، ولا ليه...
بس كانت بتحس إن قلبها هيقف من كتر الخوف عليه.
خرج الدكتور من باب الطوارئ، وياسمين جريت ناحيته وهي بتعيط بصوت مبحوح: لو سمحت يا دكتور... ماما عامله إيه؟ طمّني أرجوك. 
الدكتور بص لها باستغراب وسأل: الحالة اللي لسه جاية من شوية... دي والدتك؟
هزت راسها بسرعة وهي بتبكي: آه يا دكتور... أيوه... ماما. 
رد الدكتور بنبرة هادية بس جادة: واضح إنها اتعرضت لصدمة عصبية قوية، والضغط ارتفع بشكل مفاجئ..
هنسيبها على الأجهزة شوية ونعملها تحاليل وأشعة... أول ما نعرف أكتر، هنقرر العلاج.
شهقت ياسمين، ودموعها نزلت أكتر، وبصت للدكتور وهي مش قادرة تتكلم من الصدمة...
وقفت مكانها كأنها اتشلّت، مش عارفة تعمل إيه ولا تتحرك فين.
في اللحظة دي، دخلت أم حسين جارتهم ومعاها ابنها حسين، كانوا بيجروا ناحيتها،
أول ما شافوها، أم حسين حضنتها بسرعة وقالت: قالولك إيه يا حبيبتي؟ طمنيني؟ إحنا طلع عنينا في المواصلات...عشان كده اتأخرنا.
ياسمين حضنتها وهي بتعيط وقالت بصوت مكسور: ماما حالتها صعبة اوي... مقدرتش تستحمل اللي حصل لأحمد... وأنا مش عارفة هو فين... ولا مين اللي خطفه... ولا بيعملوا فيه إيه دلوقتي..."
حسين قال بصوت فيه حزن وهدوء: معلش يا ياسمين... إن شاء الله أحمد هيرجع بالسلامة، ومامتك هتقوم بالسلامة بس انتي لازم تكوني أقوى من كده. 
هزت راسها وهي مش قادرة تسمع ولا تطمن... كانت بتحس إن قلبها هينفجر، حاسّة إنها لوحدها في الدنيا... وأغلى اتنين عندها في خطر... مخها شغال ألف فكرة في الثانية، بس كلها بتوجع.
قرب منهم موظف من حسابات المستشفى وقالهم: مين تبع الحالة اللي جوه؟ 
ردت ياسمين بلهفة وهي بتجفف دموعها: انا.. ؟
رد الموظف: انا من قسم الحسابات اتفضلي معايا لو سمحتي. 
ياسمين بصتله بتوتر وهزت راسها واتحركت معاه وحسين جارها راح معاهم. 
وقفوا قدام مدير الحسابات، وهو ماسك ورقة في إيده وبيقرأ منها بصوت جامد مافيهوش أي تعاطف: هتدفعوا دلوقتي 20 ألف جنيه، والباقي هيتحسب بعد الأشعة والتحاليل اللي هتتعمل للحالة.
شهقت ياسمين بصدمة، وصوتها اتخنق وهي بتقول: عشرين ألف؟!
حسين انفجر وقال بغضب: ليه بس يا عم! عشرين ألف مرة واحدة؟! هو في إيه؟! أنتم عملتوا إيه أصلاً عشان تاخدوا المبلغ ده؟! هو نصب وخلاص؟!
مدير الحسابات رفع عينه لهم من فوق نظارته وقال ببرود: من فضلك يا أستاذ، ممنوع الصوت العالي... وإلا هضطر أبلغ الأمن. دي رسوم دخول وغرفة الطوارئ، والحالة دلوقتي في العناية المركزة.
ياسمين صوتها كان بيترعش وهي بتبكي: بس عشرين ألف كتير أوي... أنا ما معيش المبلغ ده دلوقتي خالص..."
رد المدير بنفس البرود والجمود: دي مش مشكلتنا يا آنسة... الحساب لازم يتدفع.
حسين اتحرك خطوة قدامه وقال: خلاص... هننقلها مستشفى حكومة، على قد إمكانياتنا.
رد المدير بمنتهى الجفاف: زي ما تحب... بس لازم تدفع الحساب الأول... الحالة مش هتخرج غير لما الحساب يتقفل بالكامل.
حسين صوتُه علي أكتر، واتنرفز: يعني إيه؟! هتحبسونا هنا؟! إحنا بنقولكم ما معاناش! نسرق يعني عشان ندفع؟!
المدير قال بنفس نبرة الجمود: في الحالة دي، تتفضلوا معايا لمكتب مدير المستشفى، وتشوفوا معاه حل... بس أوضحلكوا... الحالة لا هتخرج ولا هتتلقى علاج هنا غير لما المبلغ يتدفع.
ياسمين كانت واقفة جنب حسين ووشها غرقان دموع، مش قادرة تتحكم في نفسها ولا تفكر تعمل إيه.
كانت حاسة إنها بتغرق، وإن الدنيا كلها ضايقه حواليها، ومافيش طوق نجاة.
مشت ورا مدير الحسابات وهي شبه تايهة، أملها الوحيد إن مدير المستشفى يطلع بني آدم ويحس بيها.
دخلوا المكتب، ومدير الحسابات بدأ يشرح الموقف: يا فندم، دول أهل الحالة اللي في العناية المركزة، رافضين يدفعوا الحساب، وعايزين ياخدوا المريضة من غير ما يسددوا حاجة."
مدير المستشفى بص لهم من فوق لتحت، وقال بنبرة رسمية باردة: اللي ماعهوش مايلزمهوش... إحنا مستشفى خاص، مش جمعية خيرية.
صرخت ياسمين بالبكاء: يا فندم والله العظيم إحنا مش بنهرب من الدفع، بس المبلغ كبير أوي وأنا ماعيش فلوسه دلوقتي... حتى لو يتقسط أو تقللوا المبلغ شوية... ماما بين الحياة والموت!"
مدير المستشفى قال بجمود: أنا آسف يا آنسة، السيستم ما يسمحش..."
وفجأة الباب اتفتح، ودخل راجل ببدلة أنيقة، سنه باين عليه في الخمسينات، شكله تقيل، ووشه مش غريب.
مدير المستشفى وقف بسرعة ومد إيده وقال باحترام واضح: دكتور قدري! أهلاً وسهلاً بحضرتك، المستشفى نورت."
دخل دكتور قدري بخطوات واثقة، وبصلهم وهو بيعدي عليهم، عنيه وقفت شوية على ياسمين، ونظراته كانت غريبة... فيها حاجة مش مفهومة.
قعد على مكتب المدير وكأن المكان بتاعه... وياسمين لاحظت ده، فهمت من الكلام إنه مش بس دكتور... ده صاحب المستشفى نفسه.
سأل بهدوء: "الأنسة بتعيط ليه؟"
مدير المستشفى قال بسرعة: مفيش يا دكتور، مجرد شوية مشاكل حسابات بسيطة، مش هنشغل حضرتك."
لكن ياسمين ماقدرتش تسكت... قلبها كان بيدق بعنف، بس اتكلمت بصوت مخنوق بالدموع: من فضلك يا دكتور... والدتي هنا في المستشفى بتاعت حضرتك، ومحتاجة علاج في العناية المركزة... وأنا والله ما معيش أدفع المبلغ اللي طلبينه دلوقتي... بس أرجوك، لو ممكن توافق تقللوا المبلغ شوية أو حتى تقسطوه... أنا بوعدك لما ماما تقوم بالسلامة، هدبر الفلوس وهسدد كل حاجة."
سكتت لحظة وهي بتحاول تمسك نفسها من الانهيار: أنا مش بهرب من المسؤولية، بس أنا بنت لوحدي... ومعنديش حد يساعدني."
دكتور قدري بص لها بغموض وسأل: كام المبلغ؟ 
رد مدير المستشفى: 20 الف جنيه حضرتك. 
ضحك بسخريه وقال: وده مبلغ كبير!!! 
ياسمين بصتله بغضب وقالت: بالنسبه ليا كبير. 
دكتور قدري هز راسه وقال: طب اتفضلوا انتوا وسيبوا الانسه اتكلم معاها شويه. 
حسين بص ل ياسمين وهي هزت راسها انه يسيبها وميقلقش عليها وخرج مدير المستشفى ومدير الحسابات ومعاهم حسين. 
ياسمين فضلت واقفه مكانها ودكتور قدري قالها: اتفضلي ياانسه اقعدي. 
قعدت ياسمين بتوتر ودكتور قدري بص لها اوي وسألها وهو بيطلع تليفونها وبيحطه قدامه علي المكتب: الموبيل ده بتاعك ؟
ياسمين اتصدمت لما شافت تليفونها ومدت أيديها اخدته وبصت فيه بدهشة وقالت: اه بتاعي.. حضرتك لقيته فين دا كان ضايع مني إمبارح!
رد بثبات: امبارح حصلت حادثه قريبه من المنطقه اللي انتي ساكنه فيها مظبوط؟ 
ياسمين بصتله باستغراب وقالت: اه مظبوط؟ 
أتكلم دكتور قدري: وانتي كنتي مع شخص في عربيه والموبيل ده وقع منك جوه العربيه مظبوط ؟
ردت بدهشة: اه.. هو حضرتك عرفت اللي حصل معايا ده ازاي ؟ هو حضرتك كنت موجود في الحادثه إمبارح؟ ؟
اتجاهل سؤالها واتكلم بهدوء: الشخص اللي ركبتي معاه العربيه ده تعرفيه؟
سكتت ياسمين شوية وهي بتحاول تربط الكلام ببعضه، وقلبها بدأ يدق أسرع.
بصت له وقالت بتردد: أنا... لا معرفوش.
دكتور قدري: وانتي متعودة تركبي عربيات مع شخص متعرفهوش؟
ياسمين بتوتر: لا طبعا بس اللي حصل إمبارح كانت حادثه بالصدفه وهو كان شخص عادي وفي عصابه بيجرو وراه، وانا ركبت معاه عشان أنقذ نفسي... بس أول لما نزلت من العربيه، اكتشفت ان شنطتي والموبيل وقعوا مني ومخدتش بالي.
دكتور قدري ضيق عينيه وهو بيميل بجسمه شوية ناحيتها وقال بنبرة غامضة: بس واضح ان اللي حصل إمبارح ماكانش صدفة... ولا الشخص ده طلع شخص عادي زي ما انتي فاكرة. 
ياسمين شهقت وهمست بخوف: حضرتك بتقول إيه؟! اومال مين اللي انا قابلته ده ويعني ايه مكنش شخص عادي!! قصدك انه كان عفريت!؟ 
وانتفضت من مكانها بصدمة وقالت: انا كنت حاسه والله انه مش شخص عادي.. بس طلع عفريت ازاي؟ دا كان شكله حقيقي اوي!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
واضح ان اللي حصل إمبارح ماكانش صدفة... ولا الشخص ده طلع شخص عادي زي ما انتي فاكرة. 
ياسمين شهقت وهمست بخوف: حضرتك بتقول إيه؟! اومال مين اللي انا قابلته ده ويعني ايه مكنش شخص عادي!! قصدك انه كان عفريت!؟ 
وانتفضت من مكانها بصدمة وقالت: انا كنت حاسه والله انه مش شخص عادي.. بس طلع عفريت ازاي؟ دا كان شكله حقيقي اوي! 
دكتور قدري بص لها بدهشة وهو مستغرب طريقة تفكيرها وكلامها! 
ياسمين قعدت مكانها مرة تانيه وهي حاطه أيديها على بؤها وقالت: اه صح.. مفيش شخص عادي يضحك ويهزر وهو في مطاردة زي اللي حصلت دي.. دول كانوا معاهم مدافع وهو ماشي يضحك ولا في دماغه!! 
دكتور قدري قاطعها بزعيق عشان توقف كلام وتفكير: عفريت ايه يا بنتي بس هو انتي بتفكري ازاي!! انا قصدي انه مش شخص عادي يعني هو شخص متدرب كويس وعارف هو بيعمل ايه. 
ياسمين باستغراب: متدرب علي ايه مش فاهمه.. ؟
رد بنبرة جامدة: قصدي ان الشخص ده مرتبط بحاجات أكبر بكتير من حادثه حصلت في الشارع.. وممكن يكون بيشكل خطر كبير عليكي وعلى عيلتك كمان! 
ياسمين بدهشة: بيشكل خطر عليا وعلى عيلتي أزاي!! دا هو اللي انقذني وساعدني ارجع بيتي. 
فكرت شوية وبصت لدكتور قدري وقالت: هو حضرتك عرفت كل الكلام ده منين؟ وازاي لقيت تليفوني ؟؟
دكتور قدري سكت لحظة وهو بيقلب تليفونها في إيده وكان واضح عليه انه بيفكر في رد مقنع وقال: انتي نسيتي الموبايل بتاعك في عربيته... وإحنا لقينا الموبايل وقت الحادثه. 
ياسمين بفضول: أنتوا مين؟
رد دكتور قدري: احنا حكومة.. والشخص ده تبع عصابة خطيرة وانتي لازم تساعدينا نوصله عشان تنقذي نفسك وتنقذي اخوكي. 
اتجمدت ياسمين مكانها وعنيها بدأت تدمع من القلق وقالت بصوت مهزوز: حضرتك بتخوفني ليه؟ هو حضرتك تعرف مين اللي خطفوا اخويا؟
دكتور قدري ابتسم ابتسامة خفيفة، غريبة، وقال: ده سؤال هتعرفي إجابته... بس مش دلوقتي.
بصلها بعينين مفيهاش رحمة وقال: أنا ممكن أساعدك... بس المساعدة ليها تمن، يا ياسمين.
ياسمين اتوترت أكتر، ونبرة دكتور قدري بدأت تقلقها بجد. سألته بحذر: يعني إيه حضرتك تساعدني؟ وتمن إيه؟
ابتسم ابتسامة فيها خبث وقال: أنا ممكن أتكفل بكل مصاريف المستشفى... وأخلي والدتك تتعالج على أعلى مستوى... وديونك كلها تتقفل.
بصتلُه بريبة وقالت: "مقابل إيه؟"
رد وهو بيحط إيده على المكتب وقال: تبقي موجودة معانا شوية... في شغل بسيط كده محتاجين واحدة زيك تعمله... ومش هيبقى فيه خطر لو سمعتِ الكلام.
قلب ياسمين وقع في رجليها... حست إنها في مصيدة، وحسّت من نظراته إنها مش مرتاحة خالص.
ردّت بسرعة وهي بتحاول تحافظ على هدوءها: أنا محتاجة أفكر طبعًا... وعايزة أطمن على ماما واخويا الأول.
هز راسه وقال: خدي وقتك... بس خلي بالك... كل دقيقة بتعدي، فيها خطر على أخوكي وعلى حياة مامتك كمان.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
خرجت ياسمين من المكتب بعد اتفاقها مع دكتور قدري وهي مش شايفة قدامها... دماغها بتلف في مليون اتجاه...
فضلت ماشية في الطرقة وهي بتفكر بصوت جواها: هو انا وقعت في عصابه بجد ولا ايه ؟ الدكتور ده مستحيل يكون حكومة بجد!! شكله يخوف وكلامه غريب وفيه تهديد.. 
فجأة، لمعت في دماغها صورة خالد...
افتكرت شكله... طريقته... كلامه... وصوت جوّاها قالها: هو اللي بدأت معاه كل حاجة... وهو الوحيد اللي اقدر اثق فيه.. 
وقفت فجأة وافتكرت الظابط اللي شافته في مكتب المأمور.. هو نفسه صاحب خالد اللي جه وصلهم بعربيته.. ومعنى ان صاحبه ظابط يبقى خالد هو كمان ظابط.. وتليفونها وقع في ايد دكتور قدري وهي نسيت تليفونها في العربية وهما بيهربوا من العصابه.. يعني كده دكتور قدري تبع العصابه.. 
اتجمدت مكانها تفكر بصوت مسموع جواها وقالت لنفسها : يبقى الوحيد اللي ممكن يفهمني ويعرف فين خالد... هو الظابط اللي شُفته في القسم... انا فاكرة خالد وهو بيتكلم معاه في العربية وقال إسمه مُهاب. 
اتحركت بخطوات سريعة وهي بتلف في المستشفى تدور على حسين جارها.
لقته واقف مع أمّه قدّام باب العناية المركزة، أول ما شافها قرب منها وقال بقلق: مالك يا ياسمين؟ شكلك متغير كده ليه؟
قربت منه وهي بتوشوشه: حسين... أنا لازم أحكيلك على اللي حصل جوّه... اسمعني كويس.
سحبته على جنب وحكتله بالتفصيل كل اللي دار بينها وبين دكتور قدري... كلامه الغريب... الموبايل اللي رجعهولها... تهديده المبطن...
حسين اتعصب وقال: ده شكله مش تمام خالص... وإزاي يكون عنده تليفونك من امبارح! ده واضح إنهم مترصديينك من وقتها.
ياسمين: أنا مش مرتاحة له خالص يا حسين... وحاسه إنه ورا المصايب اللي بتحصل حوالينا... وأنا افتكرت الظابط اللي كان في القسم اسمه مهاب، هو الوحيد اللي ممكن يساعدني ويعرف يوصل لخالد... أنا متأكدة إن الشخص الوحيد اللي هيقدر يرجعلي اخويا هو خالد اللي كان معايا في الحادثه إمبارح.
حسين قال بحزم: ماشي يا ياسمين... سيبيلي الموضوع ده... أنا هروح القسم بنفسي وهسأل على الظابط مهاب وهحكيله كل اللي حصل... لو لقيته هقوله يوصل لخالد بأي طريقة ويجي يشوفك.
ياسمين بصت له بامتنان وعينيها بدموع: أرجوك يا حسين، ماما محتاجالي... وأحمد أكيد في خطر... الوقت بيجري وأنا مش عايزة أضيع وقت. 
هز راسه وقال: اطمني... هروح حالاً، بس خدي بالك من نفسك ومتتحركيش في المستشفى لوحدك... وخليكي قاعده جنب أمّي على طول عشان لو حصل أي حاجة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء.. 
المكان اللي محبوس فيه أحمد أخو ياسمين، كان هادي من برّه لكن مليان توتر من جوا.
خالد قرر ياخده معاه الأوضة اللي بينام فيها، يمكن يقدر يطمنه شوية ويبعده عن دوشة العصابة اللي نصها كان نايم والنص التاني سهرانين وطفح بيهم الكيل من عياط الولد اللي خطفوه.
فخالد قالهم: "أنا هريّح دماغكم، هخده ينام معايا لحد ما الباشا يقرر هيعمل إيه معاه."
قفل الباب عليه هو وأحمد، ووقف يبص لأحمد اللي عنيه متغرقة دموع من الصبح، قاعد على السرير وعمال ينشج بصوت مخنوق.
خالد قرب منه، قعد قدامه وقال بهمس مليان حنية: أحمد يا بطل... ممكن تسمعني؟ أنا عايز أرجّعك لمامتك وأختك، بس لازم تساعدني.
أحمد رفع عينه، عيونه تشبه كتير عيون ياسمين، ونبرته كانت مكسورة وهو بيقول: أنا عايز ماما..."
خالد هز راسه بإيجاب، وقلبه اتقبض من الوجع اللي في صوت الولد، وقال بهدوء: هترجع، وعد... بس متعيّطش كده، ومتخفش، أنا جنبك.
أحمد رَد بصوت بيترعش: أنا خايف... وعايز أروح لماما وأختي ياسمين.
اسم ياسمين وقع على ودن خالد زي رجفة، قلبه دق بقوة غصب عنه، وسأله بتردد وهو بيحاول يخبي إحساسه: أنت... عندك أخ تاني؟ حد أكبر منك غير أختك ياسمين؟
أحمد هز راسه بـ "لأ"، وقال ببساطة: لأ... أنا مليش غير أختي ياسمين.
خالد سرح شوية، عينه علّت ناحية السقف، بيفكر في الشاب اللي اخد ياسمين من مكان الحادثة.
سأله وهو بيحاول يظهر السؤال عادي: ياسمين اختك... مخطوبة؟ او متجوزة؟
أحمد رد بسرعة ومن غير تفكير: لأ... اختي ياسمين مش متجوزة، وكان في عريس جاي امبارح، بس اتخانق مع ماما عشان أختي اتأخرت... ومشي وخد الجاتوه معاه.
خالد ضحك غصب عنه، نسي نفسه لحظة، وبص لأحمد وقال بنبرة خفيفة: إيه حكاية الجاتوه معاكم؟ بتحبوه قوي كده؟"
أحمد مسح دموعه بإيده وقال ببراءة: أنا بحب الجاتوه... بس بحب أبله ياسمين أكتر، عشان دايمًا بتجبلي كل اللي نفسي فيه. ومش عايزها تتجوز وتسيبنا أنا وماما لوحدنا..."
خالد سأل بدهشة، وهو مش قادر يخفي استغرابه: طب وباباك فين؟
أحمد رد بنبرة حزينة، وعينيه نزلت لتحت: بابا مات وأنا صغير أوي... وأبله ياسمين هي اللي بتشتغل وبتجبلي كل حاجة نفسي فيها. وأنا لما أكبر، هشتغل كتير علشان تِرتاح هي من الشغل، وهجبّلها هي وماما كل اللي نفسهم فيه.
خالد ابتسم وهو بيبصله بإعجاب حقيقي وقال: برافو عليك... إنت كده بجد بطل! طب قولي، نفسك تشتغل إيه لما تكبر؟
أحمد وشّه نور فجأة، وحس لحظة إنه نسي إنه مخطوف، وقال بحماس: "نفسي أبقى ظابط!"
خالد ضحك وقال بنبرة هزار: يا عم بلاش الشغلانة الصعبة دي... ما تختار حاجة أسهل كده؟
أحمد هز راسه بإصرار، وقال بنبرة جد: لأ، أنا عايز أبقى ظابط... علشان أقبض على الناس اللي خطفوني، وأمسك كل المجرمين اللي بيخطفوا ولاد زَيّي وبيخوّفوهم..."
وبص لخالد بعينين فيها حب وأمان وقال: بس أنا مش هقبض عليك... متخافش، عشان إنت مش زيهم... أنا حبيتك."
خالد ابتسم، وقلبه دق من الكلام اللي خارج من طفل بريء، وقال له بهدوء: وأنا كمان حبيتك يا بطل... وماتخافش، هرجعك لمامتك وأختك.
أحمد مد إيديه لخالد، وقال برجاء طفولي: "اعتبر ده وعد؟"
خالد مسك إيده وقال بإصرار: وعد... إن شاء الله.
أحمد حضنه بكل براءة، وسأله بصوت فيه فضول: هو... إنت عندك ابن اسمه علي؟ عشان أنا سمعتهم بيقولولك يا أبو علي."
خالد ضحك وقال وهو بيهزر: لأ يا عم، أنا لا متجوز ولا عندي ولاد... انا اسمي حسن، وأبو علي دي كده دلع على اسمي.
أحمد بص له بقلق بسيط وسأله: طب يا أبو علي... هترجعني لماما إمتى؟
خالد مسح على شعره بحنية وقال: هتنام معايا الليلة دي، وبكره إن شاء الله هتبقى في حضن مامتك وأبله ياسمين... متخفش.
أحمد ابتسم، وعينيه اتملت راحة، وغمض عينيه وهو مطمن، وخالد فضّل قاعد جنبه، ساكت، بس دماغه شغالة تفكير... بيدور على طريقة يخلّي الوعد اللي قطعه يبقى حقيقة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المستشفى.. في أوضة العناية المركزة... 
الهدوء كان مسيطر على المكان، بس قلب أم حسين كان مليان قلق وهي داخلة تطمن على جارتها وصحبة عمرها "سماح".
وقفت جنب السرير وبصتلها بعين حزينة، وفجأة شافت عيون سماح بتفتح بصعوبة، صوت نفسها تقيل وكأن كل نفس بيكلفها عمر، وبلسان مثقل بالوجع قالت: "أم حسين..."
أم حسين قربت منها بسرعة، وقالت بقلق باين في كل نبرة في صوتها: حمدلله على السلامة يا حبيبتي... طمنيني عليكي يا سماح، إنتي كويسة؟
سماح هزت راسها بالكاد، وقالت بتعب شديد: أحمد... فين أحمد؟
أم حسين بصّت لها ودمعتها على طرف عينها، وردّت بحنية ممزوجة بالخوف: هيرجع إن شاء الله يا حبيبتي، ماتخافيش عليه... ربنا كبير.
بس دمعة سماح سبقتها، ونزلت على خدها وهي بتقول بصوت مكسور: هما... هما اللي خطفوه... أنا معرفتش أحمي عيالي منهم..."
أم حسين بسرعة بصّت حواليها، تتأكد إن مفيش حد سامعهم، وقربت منها أكتر وقالت بصوت مهزوز: إزاي بس يا سماح؟! دول ميعرفوش عنكم أي حاجة! وبعدين، مين فيهم يعرف إنك كنتي متجوزة ابنهم في السر؟ الله يرحمه يحيى جوزك ... مات وسرّه مات معاه.
لو اهلوا في الصعيد كانوا عارفين إنه كان متجوز ومخلف بعيد عنهم، كانوا خدوا العيال منك من زمان... مش بعد سبع سنين من موته!".. بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
لو اهلوا في الصعيد كانوا عارفين إنه كان متجوز ومخلف بعيد عنهم، كانوا خدوا العيال منك من زمان... مش بعد سبع سنين من موته!"
سماح حاولت ترفع راسها شوية وقالت بنبرة فيها وجع عمره سنين: دول ناس قلوبهم مفيهاش رحمة، يقدروا يعملوا أي حاجة...
أنا بعد ما يحيى مات، استخبيت أنا وولادي، كنت عايزة أحميهم منهم. ياسمين وهي صغيرة، كنت دايمًا أقولها إن باباها مسافر، بيشتغل بره مصر، وكان بييجي في الأجازات...
مكانتش تعرف الحقيقة، إن باباها كان عايش مع أهله وبيخبينا بعيد عنهم عشان يحمينا.
ولما مات، 
قلتلها إنه مات وهو مسافر واندفن في البلد اللي كان فيها...
وفهمتها هي وأحمد إن باباهم ملوش أهل... ولا عيلة... مقدرتش أقولهم الحقيقة... مقدرتش أقولهم إن عيلة أبوهم مجرمين... وإنه مات برصاص الشرطة قبل ما يلحقوا يقبضوا عليه وهو بيسلم سلاح.
اتنهدت أم حسين بحسرة وهي بتفتكر أول مرة شافت فيها سماح... من أكتر من عشرين سنة، لما سكنت في الشقة اللي قصادها وكانت وقتها لسه حامل في ياسمين. جوزها كان بيغيب عنها بالأسابيع والشهور، ولما جت تولد ملقتش حد جنبها غير أم حسين.
يومها ما ترددتش، لبست بسرعة وخدتها على المستشفى، ومن ساعتها اتربط بينهم رباط قوي، وبقوا أكتر من جيران... بقوا أهل.
وقتها، حكتلها سماح عن كل حاجة.
كانت سماح بنت جميلة ، من عيلة بسيطة، فقيرة بس مفيش أغنى من قلبها.
حبت "يحيى" ابن العيلة الكبيرة، العيلة اللي الناس كلها كانت بترتجف من اسمها...
هو كمان حبها، واتجوزها في السر.
كان شايف إن دي الطريقة الوحيدة يحافظ بيها عليها بعيد عن المشاكل والشر اللي في عيلته.
وكانت آخر وصية ليه قبل ما يموت: "لو جرالي حاجة... اختفي، وربي عيالي بعيد عنهم."
أم حسين رجعت ببصّتها لسماح، والدموع مالية عنيها وقالت: بس عرفوا منين بعد السنين دي كلها؟ واشمعنا دلوقتي؟ 
سماح ردّت بتعب، وصوتها كان بيخرج بصعوبة من كتر الإرهاق والحزن: مش مهم عرفوا إزاي... ولا ليه... المهم يرجعولي ابني... أحمد."
أم حسين بصّت لها بحزن وقالت: وانتي ناوية تعملي إيه؟ هتحكي لياسمين؟
سماح بصت في الفراغ، نظرتها كلها وجع وقالت: مش قادرة... مش دلوقتي. أنا عايزاكي إنتي تروحي وتسأليهم عن ابني..."
أم حسين ارتبكت، قلبها بدأ يدق بسرعة وقالت بخوف: هروحلهم فيين؟! وأقولهم إيه بس؟ دول ناس مينفعش حد يفتح معاهم كلام! ولو طلعوا مش هما اللي خاطفين ابنك، مش بعيد يأذوكي انتي وعيالك!"
سماح دموعها كانت بتلمع في عينيها وهي بتقول:
لو مش هما اللي خطفوه، أكيد يعرفوا مين اللي عملها... أنا ماليش أعداء هنا، ومفيش حد غيرهم ممكن يأذيني بالشكل ده. أنا مش هستنى لحد ما ولادي يضيعوا مني. روحي... عشان خاطري يا أم حسين، اسأليهم عن أحمد..."
أم حسين سكتت لحظة، قلبها واجعها، وبعدين هزت راسها وقالت:حاضر... هروحلهم يا حبيبتي.
بس إنتي بالله عليكي ماتتعبيش نفسك بالكلام أكتر من كده... قوليلي أروح لمين فيهم بالظبط؟ وأوصلهم إزاي؟ وأنا هتصرف."
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مكان آخر (في الصعيد) 
في فيلا ضخمة متحصنة بالحراس والأسلحة...
دخلت عربية سودا اخر موديل وقفت قدام الباب الرئيسي، ونزل منها شاب صعيدي أنيق، غامض، ماشي بخطوات واثقة كلها غرور وعينه بتلمع من الثقة.
دخل البيت كأنه صاحبه، ولما شاف جده قاعد على الكرسي، سانِد على عكازه، راحله وباس إيده باحترام وقال: كله تمام يا جدي... البضاعة وصلت المخازن والرجالة شغالة عليها دلوقتي عشان تتوزع زي ما خططنا.
الجد ابتسم وهو بيهز راسه برضا وقاله: طول عمرك رافع راسي يا يحيى... طالع لعمك الله يرحمه.
وبص الجد على صورة متعلقة على الحيطة، صورة كبيرة في برواز دهبي... كانت صورة "يحيى الكبير"، عم الولد. 
نظراته اتملت حزن، وقال بصوت فيه وجع: مفيش حاجة كسرتني في حياتي زي موت عمك يحيى... راح غدر، وكان زعلان مني...
كان أنضف قلب في ولادي، وأنا كنت بضغَط عليه في كل حاجة. كان بيترجاني يبعد عن شغلنا كل يوم، وأنا كنت مفكر إني بحميه...
بس هو اللي اتكسر، واتكسر قلبي معاه.
يحيى سكت لحظة، عينه على الصورة، وقال: ربنا يرحمه يا جدي.
الجد كمل كلامه ونظره متعلق بالصورة: حتى بنته الوحيدة... ريحته اللي كانت فاضلة...
أمها خدت البنت وهربت بيها بعد موته، بعيد عننا... أنا اللي كنت السبب... أنا اللي غصبت عليه الجوازة دي. كنت فاكر لما أجوزه لبنت سيادة اللوا نضمن الحماية ونأمن الشغل... بس بعد موته، سيادة اللوا خاف على سمعته، وسافر ببنته وخلّا حفيدتي الوحيدة تقطع علاقتها بيا. مكنتش أعرف إن نهايته هتكون كده.
يحيى بص لجده بعين حزينة بس كلها عزيمة، وقال: هييجي اليوم اللي ترجع فيه يا جدي...
هي مهما بعدت وسافرت، عمرها ما هتكون غير حفيدة عيلة الشرقاوي. ومهما جدها حاول يبعدها عننا...
هتفضل اسمها كارما يحيى الشرقاوي.
الجد بص قدامه بحزن وقال: تعرف يا يحيى.. عمك زمان وهو شاب في سنك كده..
كان بيحب بنت من عيلة فقيرة اسمها سماح.. 
كان بيحبها اوي لدرجة انه لأول مرة يقف قصادي ويتحداني عشانها.. كان عايز يتجوزها وانا رفضت.. كان هدفي اجوزه بنت سيادة اللوا عشان يبقى لينا ضهر وحمايه.. 
انا ظلمت عمك يحيي كتير اوي وهو كان بيعمل كل حاجة عشان يرضيني.. 
يارتني كنت سيبته يتجوز البنت اللي حبها. 
يحيى كان بيسمع جده باهتمام وشايف اللمعه اللي بتظهر في عين جده لما يتكلم عن عمه يحيى اللي كان جده متعلق بيه وروحه فيه. 
الجد كمل كلامه وقال وهو بيتنهد: كل مره كنت ببص في عين يحيي ابني واشوفه قد ايه هو تعيس في جوازته من بنت اللوا اللي انا اجبرته يتجوزها.. كنت بحس قد ايه انا ظلمته.. 
لو الزمن يرجع بيا تاني.. كنت هسيبه يتجوز اللي قلبه حبها واللي تسعده في ايامه القليله اللي عاشها في الدنيا. 
الجد بكى بحزن على فراق ابنه اللي لسه واجع قلبه لحد دلوقتي. 
ويحيي كان بيسمع جده وهو مقهور على حالته ومش عارف يعمل ايه عشان يشفي وجعه على فراق ابنه. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
خلص اليوم وطلع فجر جديد.
ام حسين خرجت من بيتها لمحطة القطار عشان تروح الصعيد وتقابل عيلة الشرقاوي زي ما سماح طلبت منها. 
في المستشفى.. 
ياسمين كانت نايمة وهي قاعدة على كرسي قدام غرفة العناية، جسمها متشنج من التعب، وصحيِت على وجع في رقبتها وضهرها، فتحت عينيها بصعوبة وهي بتحاول تفرد ضهرها اللي كان واجعها من القعدة.
في اللحظة دي، دخل حسين، جارهم، وكان باين عليه إنه جاي بيجري بخطواته.
قرب منها وقال بصوت هامس: أنا رُحت القسم وقابلت المأمور، حكيتله كل اللي قولتيهولي، وعرفته بموضوع دكتور قدري صاحب المستشفى... وهو طمنّي وقال إنه هيتابع الموضوع، وبدأوا فعلاً في التحريات بس في سرية تامة، ولو حصل أي جديد هيبلغونا على طول.
سكت لحظة وكمل: ماما كانت جاية معايا، بس قالتلي أسبقها على هنا، وهي راحت مشوار مهم الأول.
ياسمين سمعته وهي ساكتة، بس عنيها كانت فيها لمعة إصرار رغم الإرهاق...
كانت متأكدة إنها خدت القرار الصح، وكان لازم تبلغ الشرطة، خصوصًا بعد كلام دكتور قدري اللي أكّدلها إن اللي بيحصل مش طبيعي.
قلبها كله كان دعاء...
يا رب، ساعدهم يلاقوا أخويا... وماما تقوم بالسلامة.
-------
في مكان تاني داخل القاهرة. 
جوه قصر كبير وفخم، وسط الهدوء المريب...
كان دكتور قدري قاعد في صالون واسع، قدامه الباشا عوني، زعيم العصابة، وكان واضح إن في كلام مهم بيتقال.
دكتور قدري بدأ الكلام وهو ماسك فنجان القهوة بإيده وبيقول بهدوء: "البنت شكلها فعلاً ملهاش دعوة بالموضوع... كل التحريات عنها بتأكد كده، ومتعرفش أي حاجة عن اللي ساعدها. دي أول مرة تشوفه، ولما وصّفته... الوصف عادي جدًا، ممكن ينطبق على أي حد ماشي في الشارع.
الباشا عوني كان ساكت، بيبص في الأرض بتفكير، وبعدين رفع عينه وقال بنبرة فيها ريبة: سألت رجالتنا لو في حد شافه؟ حتى لمحة من بعيد؟
دكتور قدري هز راسه وقال: مفيش... ولا حد شافه، وحتى الكاميرات اللي على الفيلا... مفيش أي لقطة ليه، كأنه شبح.. 
دخل وخرج من غير ما يسيب وراه أثر، وده معناه إنه مش شخص عادي... ده متدرب وفاهم هو بيعمل إيه كويس أوي.
الباشا عض شفايفه من الغيظ وقال بنبرة غاضبة: يعني في حد بيتجسس علينا... وبيدخل وسطنا كده من غير ما نحس! لو ما وصلناش ليه في أقرب وقت... كل حاجة بنبنيها بقالنا سنين ممكن تقع في لحظة..  الولد الصغير والبنت دول لازم يختفوا... قبل ما يبقى في خيط يربطهم باللي ورا اللعبة دي كلها.
سكت لحظة وقال بصوت فيه شك: وفي حاجة مش داخلة دماغي... إزاي بنت تركب مع واحد ماتعرفوش، ويهربوا من رجالتنا، وبعدين يرجّعها لبيتها عادي كده، وهي متعرفش عنه أي حاجة؟!
البنت دي وراها حاجة... ولازم نعرفها.
دكتور قدري حاول يهدّي التوتر وقال بثقة: أنا متأكد إنها كانت صادقة معايا... دي بنت طيبة وعلى نيتها، وانا لما اتكلمت معاها كنت شايف الرعب في عينيها، كل اللي يهمها أخوها... ومستعدة تعمل أي حاجة عشانه.
الباشا بص له بنظرة كلها تحذير وقال بنبرة باردة: بس طول ما الشخص المجهول ده حرّ وبيتحرك، يبقى إحنا في خطر...
ومين يضمن إن البنت مش هتتكلم؟
متنساش إنك ظهرت قدامها، وإن المستشفى بتاعك متورّطه في كل عملياتنا... يعني كلمة واحدة منها، تودينا في ستين داهية.
دكتور قدري ابتلع ريقه بقلق وقال: طيب والعمل؟
الباشا سكت لحظة وهو بيبص قدامه بتركيز، وبعدين قال بنبرة قاتلة: أنا شايف إننا نخلّص منها هي وأخوها... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع 
طول ما الشخص المجهول ده حرّ وبيتحرك، يبقى إحنا في خطر...
ومين يضمن إن البنت مش هتتكلم؟
متنساش إنك ظهرت قدامها، وإن المستشفى بتاعك متورّط في كل عملياتنا... يعني كلمة واحدة منها، تودينا في ستين داهية."
دكتور قدري ابتلع ريقه بقلق وقال: طيب والعمل؟
الباشا سكت لحظة وهو بيبص قدامه بتركيز، وبعدين قال بنبرة قاتلة: أنا شايف إننا نخلّص منها هي وأخوها.
دكتور قدري هز راسه بقلق وفي نفس اللحظة، الباشا عوني مسك تليفونه واتكلم بنبرة حازمة: عايز الرجالة تجهز الولد الصغير وتاخده للمكان اللي هنحدده... وأول ما اخته توصل، متستنوش لحظة... خلصوا عليهم هما الاتنين وادفنوا الجثث في أرض المصنع القديم، فاهمين؟
محدش يشوفكم ولا يحس بحاجة... الموضوع ده لازم يخلص النهاردة قبل ما يتحول لكارثة.
رجالته من الناحية التانية: "أوامرك يا باشا... كله هيتم زي ما قلت بالحرف."
---
في المستشفى.
ياسمين قاعدة قدام الغرفة اللي فيها مامتها، والتعب ظاهر على وشها، وفجأة تليفونها بيرن...
بترد وهي متوترة، وتلاقي دكتور قدري على الخط: "ياسمين... أنا كلمت الناس اللي خاطفين أخوكي، ووافقوا يرجعوه، بس بشرط."
ياسمين بسرعة: شرط إيه؟ أنا مستعدة أعمل أي حاجة!"
دكتور قدري بنبرة فيها قلق مصطنع: هتروحي لوحدك... في مكان معين، وهما هيسلموهولك هناك، بس متبلغيش حد من أهلك واخرجي من المستشفى من غير ما حد يحس بيكي ، والا اخوكي حياته هتكون في خطر. أنا هبعتلك اللوكيشن... وتروحي فورًا، ما تتأخريش.
ياسمين وهي بتحاول تمنع رعشتها اللي سيطرت على كل جسمها: أنا... أنا هروح حالا، بس لازم توعدني ان أخويا مش هيحصله حاجة. 
دكتور قدري: اطمني... بس التزمي بالتعليمات."
قفل المكالمه معاها وقلبه بيدق بسرعة لكنه بيحاول يخبي توتره، وبص للباشا وقاله: تمام يا باشا.
اتكلم الباشا عوني: هتسبقهم انت على المكان بتاعنا وتتأكد بنفسك ان رجالتنا خلصوا علي البنت واخوها ومسبوش وراهم اثر. 
دكتور قدري: أنا هتحرك فورًا، وهتابع مع الرجالة لحظة بلحظة."
الباشا عوني وهو بيبص له بنظرة صارمة: وإوعى تغلط يا قدري... أي خطأ النهاردة هيدفعنا التمن غالي، فاهم؟
قدري هز راسه بسرعة: فاهم يا باشا... كله هيتم بالحرف.
خرج دكتور قدري بسرعة من القصر، وهو في طريقه للمكان اللي اتفقوا عليه، قلبه كان مش مطمن لإنه كشف نفسه قدام ياسمين ومتفق تماما مع خطة الباشا عوني انهم يخلصوا منها هي واخوها ويوقفوا شغلهم فترة. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند ياسمين وهي خارجة من المستشفى بسرعه، وخايفة حد يلاحظ تحركها. كانت ماسكة موبايلها وبتبص كل شوية على اللوكيشن اللي بعتهولها دكتور قدري. ولقت عربيه في انتظارها زي ما دكتور قدري قالها.. ركبت العربيه وقلبها بيدق بسرعة وكل خطوة بتقربها من المجهول.
---
في نفس الوقت...
خالد كان قاعد جنب أحمد اللي نايم بهدوء، حس فجأة إن في حاجة غلط... قلبه اتقبض، وكأن في خطر بيقرب. قام بسرعة، وبدأ يلمح تحركات غريبة حوالين المكان.
خالد بص من شباك صغير في الأوضة، شاف واحد من رجالة العصابة بيتكلم في تليفونه بنبرة فيها توتر، وبعدها دخل أوضة تانية وهو ماسك سلاح.
خالد بهمس لنفسه: "شكلهم ناويين يعملوا حاجة النهاردة.
وبص ل أحمد بتفكير وفجأة الباب اتفتح ودخل برعي وقاله: صحي الواد يا حسن عشان عندنا طالعه وانت جاي معانا. 
خالد بص له بصدمة وقال: طالعة فين ؟
دخل فتوح الكبير بتاعهم وقال ل خالد: الباشا كلمني وجالنا الأمر نخلص علي الواد واخته.. 
وحط سلاح في ايد خالد وقاله: وانت اللي هتنول شرف المهمة دي يا ابو علي وهتخلص عليهم ب ايديك وهتكون دي اول طالعه ليك معانا. 
خالد بص له بصدمة وبص للسلاح اللي في ايديه وحاول يبلع ريقه وقال بتوتر: انتو.. هتقتلوهم؟
رد فتوح وهو بيبص ل خالد بقوة: انت اللي هتقتلهم. 
وبص على الولد اللي نايم وقاله: خبي السلاح ده معاك وصحي الواد ده وقوله اننا هناخده دلوقتي عند اخته.. 
وضحك وقال بسخريه: بس متقولوش انه هينام في حضن أخته نومتهم الأخيرة. 
خالد بلع ريقه وقال: واخته دي فين؟
رد فتوح: هتجيلنا علي المكان.. خلص يلا مفيش وقت. 
خرج فتوح ومعاه برعي وخالد بص قدامه بتفكير وبص على السلاح اللي في ايديه وغمض عينيه بيأس وهمس: شكلها هي دي النهاية. 
قرب من أحمد اللي كان نايم، ولمس كتفه بهدوء عشان يصحيه. أحمد فتح عينه بتعب وبص له بابتسامة بريئة: "هنروح لماما؟"
خالد حاول يخبي ارتباكه وقاله وهو بيهز راسه: آه... هنروح لها دلوقتي."
قلبه كان بيتقطع وهو بيبص في عيون الولد، وصوت فتوح وهو بيقوله "انت اللي هتقتلهم" كان بيرن في ودنه.
خالد خَبّى السلاح في ضهره، ومسَك إيد أحمد بحنية، وخرج معاه من الأوضة. كان ماشي وسط الرجالة، وعينيه بتلف حواليه بترقب، بيدور على أي فرصة يهرب الولد بيها بس غصب عنه لازم يكمل الطريق معاهم للأخر عشان يقدر ينقذ ياسمين كمان.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
داخل مدرية الأمن. 
كان في اجتماع عاجل وحضر الاجتماع مدير الأمن ومساعد وزير الداخليه وكان حاضر الاجتماع الرائد مهاب والرائد معتصم اللي شغالين على القضية. 
اتكلم معتصم: البنت اللي أخوها اتخطف بعتت جارها قدم بلاغ وقال ان في دكتور اسمه قدري يبقى صاحب المستشفى اللي والدتها فيها دلوقتي.. اتكلم مع البنت وطلب منها تساعده انهم يوصلوا للشخص اللي قابلته في الحادثه وقالت ان كان معاه تليفونها اللي ضاع منها وهي بتهرب من العصابه اللي كانو بيضربوا عليهم نار.. يعني معنى كده يا فندم ان دكتور قدري ده هو الشخص اللي بندور عليه والمستشفى بتاعه متورطه في العمليات المشبوهه وسرقة الاعضاء. 
رد مدير الأمن: المعلومات دي مهمة جدا وواضح ان البنت دي هتقدر تساعدنا.. طب حد فيكم قدر يتواصل مع خالد عشان نطمن علي اخو البنت؟
رد مهاب: للأسف مقدرناش نتواصل معاه لانه متحركش من المكان اللي هما فيه.. بس من خلال مراقبتنا لدكتور قدري عرفنا انه قابل النهاردة عوني نصار في القصر بتاعه وفي احتمال كبير ان عوني نصار يكون هو الباشا اللي خالد قالنا عليه. 
اتكلم مساعد وزير الداخليه: كل ده كويس اننا قدرنا نوصل للمعلومات دي بس انا حابب أوضح ان البنت كده حياتها بقت في خطر هي واخوها لانها مش هتقدر توصلهم ل خالد لانها متعرفش اي معلومة عنه وهما طبيعي يفكرو يخلصوا منها هي واخوها لان قدري كشف نفسه قدامها هو والمستشفى بتاعه. 
جاتلهم إشارة مستعجله والفريق اللي بيراقب دكتور قدري بلغهم انه خرج من فيلا الباشا عوني واتحرك على مكان مهجور وهما بيراقبوه من بعيد. 
والفريق اللي بيراقب ياسمين بلغهم انها خرجت من المستشفى وفي طريقها لمكان مهجور. 
معتصم ومهاب قاموا وقفوا باستعجال وقالوا: احنا لازم ناخد قوة ونتحرك على المكان ده حالا يا فندم.. أكيد بيستدرجوا ياسمين عشان يقتلوها هناك. 
رد مساعد الوزير: اتحركوا بسرعه لازم تنقذو البنت. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الصعيد.. 
قدّام بيت عيلة الشرقاوي..
وقفت أم حسين وهي قلبها بيدق من الخوف والتوتر. عينيها كانت بتلف حواليها، وفيه حراس واقفين على الباب، شايلين سلاح وشكلهم ما يطمنش.
قرب منها واحد من الحُرّاس وسألها بنبرة غليظة: خير يا ست، عايزة مين؟
ردّت أم حسين بصوت مهزوز شوية: مش ده بيت الحاج جلال الشرقاوي؟
هزّ الحارس راسه وقال: أيوه هو.. عايزة منه إيه؟
بلعت ريقها وقالت بتوتر واضح في صوتها: عايزة أقابل الحاج بنفسه.
ضيق الحارس عنيه وسألها وهو بيشك في الكلام: وإنتي مين؟ وعايزاه ليه؟
قالت بسرعة كأنها خايفة يتراجع ويسيبها تمشي: أنا أم حسين، جارة سماح، مرات يحيى الله يرحمه. وجايه أسأل الحاج جلال عن أحمد حفيده .. ابن ابنه.
الحارس اتفاجئ، وبص لها باستغراب كأنه سمع حاجة مش منطقية، وقال بنبرة فيها شك: بس يحيى بيه الله يرحمه كان متجوز عبير هانم، بنت سيادة اللوا، ومعندوش ولد! هو مخلف بنت واحدة بس.. الآنسة كارما! شكلك غلطانة في العنوان يا ست.
اتكلمت أم حسين بسرعة، وكأنها بتتعلق في أمل أخير: والنبي خليني أقابله.. هو عارف كل حاجة، وسماح بتموت في المستشفى وعايزة تطمن على ابنها قبل ما يحصلها حاجة!
الحارس سكت لحظة، وبص لها بنظرة مش قادر يخبّي فيها الحيرة.. كان واضح إنه حس إن ورا كلامها حاجة حقيقية، بس مش مفهومة. أخد نفس وقال لها: استني هنا، هبلّغ الحاج.
ودخل بسرعة، سايب أم حسين واقفة على الرصيف بين الرجاء والقلق، مستنية الباب يتفتح.
جوه فيلا الحاج شرقاوي.. 
كانت الترابيزة متحضرة للغدا، وهو قاعد عليها مع ابنه الكبير (راشد) ، ومرات ابنه الكبير (سهام ) أم يحيى حفيده. الجو كان هادي بس مش خالي من التوتر.
سأل الحاج شرقاوي وهو بيقطع حتة من العيش: أومّال فين يحيى؟ منزلش يفطر معانا ليه؟
راشد رد بهدوء: لسه نايم يا حاج ، شكله رجع متأخر ونام على وش الصبح.
بصت سهام للحاج شرقاوي بنظرة مش مرتاحة، واتكلمت بصوت فيه غضب مكتوم: هو كان فين امبارح ورجع متأخر ؟ لسه حضرتك ياعمي عايز تمشيه في نفس الطريق اللي ضيّع عمه؟!
الحاج شرقاوي بص لها بطرف عينه، وقال لابنه بنبرة فيها تحذير: سكت مراتك يا راشد وفهّمها إن الستات مالهمش دعوة بشغل الرجالة.
راشد بص لمراته، باين عليه التوتر، بس سهام ما سكتتش وقالت بعناد ودمعة محبوسة: أنا ماليش دعوة بشغلكم، بس ده ابني! ومش هقف أتفرج عليه وهو بيضيع زي اللي قبله! الطريق ده آخره معروف، وأنا مش مستعدة أدفن ابني بإيديا.
هنا انفجر الحاج شرقاوي، وقال بصوت عالي والغضب باين على وشه: انتي زوّدتِها أوي يا بنت أخويا! مش كفاية إن جوزك سايب شغل أبوه وقاعد جنبك زي الحريم ! مستكترين عليّا حفيدي اللي ربنا عوّضني بيه بعد موت ابني إللي حسرة قلبي عليه لسه ما طابتش!
حاول راشد يهدّي الموقف: يا بويا، سهام مش قصدها، هي بس...
لكن الحاج شرقاوي قطعه بسرعة وهو بيزعق: مش عايز أسمع كلمة كمان! قوموا حضّروا نفسكم انت ومراتك، ميعاد طيارتكم قرب. بنتكم في أمريكا محتجاكم هناك أكتر. ويحيى ابنكم ده عوض ربنا ليا.. بعد اللي حصل مع أخوك، ربنا رجّعلي ابني في حفيدي.
سهام قامت من على الكرسي وهي غضبانة، وراشد قام وراها وهو مش عارف يقول إيه.
الحاج شرقاوي فضل قاعد مكانه، باصص قدامه، ودمعة نزلت من عينه من غير ما يحس، وهمس بكلام طلع من وجع قلبه: محدّش حاسس بالنار اللي ف قلبي على فراقك يا يحيى.. كسرت ضهري، وهفضل أتحسر عليك لحد ما لحقك.
في اللحظة دي، دخل الحارس وقال بهدوء وهو واقف قدامه: بعد إذنك يا حاج، في واحدة ست واقفة برا، بتقول إنها جارة مرات المرحوم يحيى، وعايزة تقابل حضرتك، وبتقول كلام غريب شوية.
الحاج شرقاوي اتفاجئ، ورفع حاجبه باستغراب: ست مين؟ وايه الكلام الغريب اللي بتقوله؟
رد الحارس: بتقول إن اسمها أم حسين، وجاية تسأل عن أحمد.. ابن يحيى بيه الله يرحمه!
اتسعت عيون الحاج شرقاوي، وحس بشكة في قلبه أول ما سمع اسم ابنه... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
الحاج شرقاوي اتفاجئ، ورفع حاجبه باستغراب: ست مين؟ وايه الكلام الغريب اللي بتقوله؟
رد الحارس: بتقول إن اسمها أم حسين، وجاية تسأل عن أحمد.. ابن يحيى بيه الله يرحمه!
اتسعت عيون الحاج شرقاوي، وحس بشكة في قلبه أول ما سمع اسم ابنه...وملامحه اتغيرت وهو بيقول: إيه الكلام الفارغ ده؟! مرات مين وابن مين؟! دخلها على المكتب، عايز أشوف حكايتها إيه بالظبط!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
بعد وقت في مكان مهجور على أطراف المدينة، العصابة وصلوا بسيارتين كبار. نزل خالد ومعاه أحمد ماسك إيده، ووشه متوتر وهو بيبص حواليه. وقفوا في نص الأرض الفاضية، وبرعي بص حواليه وقال: مستنيين البنت، أول ما تيجي نخلص الموضوع كله ونرجع.
خالد بص لأحمد اللي كان لازق فيه وقاله بهدوء: متخافش يا بطل، كل حاجة هتعدي.
أحمد بص له بخوف وقال: بس أنا مش مرتاح للمكان ده يا حسن.
قبل ما خالد يرد، سمع صوت عربية بتقرب، كانت ياسمين. وقفت بعيد شوية، ونزلت وهي قلبها هيقع من مكانه، عنيها بتدور على أخوها.
"أحمد!"
صوتها خرج وهي بتجري عليه، وأحمد جري ناحيتها بأقصى سرعته وياسمين نزلت على الأرض وفضلت تحضنه وتعيط.
اتكلم احمد وهو في حضنها: كنت متأكد إنك هتيجي يا ياسمين... قلت ل حسن إنك شجاعة وهتنقذيني.
وضمها بقوة و ياسمين بصت لخالد بذهول لما شافته واقف معاهم. 
فتوح قرب منها وقال بسخرية: آه يا سلام على لم الشمل! بس للأسف ده هيكون آخر لقاء بينكم.
وبص ل خالد وقاله بأمر: خلص عليهم يا حسن. 
ياسمين بصت ل خالد بصدمة وضمت أخوها ل حضنها بحمايه وقالت بصراخ: ده الشخص اللي قابلته ليلة الحادثه وركبت معاه العربيه. 
دكتور قدري وباقي الرجالة كانوا واقفين يتابعوا من بعيد وخالد وفتوح هما اللي كانوا واقفين قدام ياسمين لما صرخت وقالت ان ده الشخص اللي قابلته ليلة الحادثه. 
قرب منهم دكتور قدري علي صوت صراخ ياسمين لما سمعها بتقول ان الشخص اللي ركبت معاه العربية ليلة الحادثه موجود هنا وكان قدامها اتنين من الرجالة (حسن وفتوح).. 
سألها دكتور قدري بلهفة: مين فيهم اللي ركبتي معاه العربية ليلة الحادثة يا ياسمين؟!
كانت واقفة ياسمين وهي بتبص لخالد بتوتر، عينيها بتتحرك عليه كأنها مش قادرة تقرر، وفجأة حوّلت نظرها لفتوح، وشاورت عليه بإيد مرتعشة وقالت بصوت خافت لكنه واضح: هو ده...
صرخ فتوح بصوت عالي وانفعل بشدة: هو ده إيه؟! إنتي بتتكلمي على مين؟ عليا أنا؟! إنتي اتجننتي يا بت؟! إنتي مجنونة ولا إيه؟!
صراخه خوّف ياسمين، رجعت بخطوتين لورا وهي بتخبّي أخوها في حضنها، حضنته بكل قوتها كأنها بتحاول تحميه من كل الدنيا، عينيها مليانة خوف ورعب، ودموعها على وشك تنزل.
سألها دكتور قدري بلهفة: انتي متأكدة ان هو ده يا ياسمين ؟
بصّت لخالد، واللحظة اللي عدت من شوية رجعت في دماغها بسرعة... لما أحمد أخوها جري عليها واترمى في حضنها، وهي ضمتُه بحنان، واتفاجئت ياسمين وهي حاضنة أخوها إنه بيهمس في ودنها بصوت خافت ، وقال بسرعة الكلام اللي خالد كان محفظهوله عشان يقوله أول ما يشوفها...
فلاش باك:
أول لما خالد عرف إن العصابة ناويين يقتلوا ياسمين وأخوها، قلبه وقع في رجليه. قعد يفكر بجنون في أي طريقة يقدر ينقذهم بيها. كان عارف إن أول لما ياسمين تشوفه وسطهم، أكيد هتقول إنه هو اللي كان سايق العربية ليلة الحادثة... وساعتها، العصابة مش هتسيبهم، وهيخلصوا عليهم التلاتة ويدفنوهم في حتة محدش يعرف يوصلها.
خالد لما صحى احمد من النوم قعد جنبه على السرير، واتكلم معاه بصوت خافت وهو ماسك إيده: أحمد، ركّز معايا قوي، اللي هقوله دلوقتي مهم جدًا، ولازم تعمله زي ما هو، من غير ما تنسى كلمة. حياتك إنت وأختك ياسمين في خطر، ورجالة العصابة دول ناويين يقتلوكم.
أحمد بصله بخضة، بس خالد كمل بسرعة: بس انا وانت هنعمل خطه مع بعض عشان انقذك إنت وياسمين أختك.. إحنا دلوقتي هنخرج معاهم ونروح مكان هتقابل فيه أختك.. أول لما تشوفها، اجري عليها بسرعة، خُدها في حضنك، واهمس في ودنها من غير ما حد يسمع، وقولها: "إحنا في خطر.. هما جابونا هنا عشان يقتلونا.. وقولي إن اللي شُفتيه يوم الحادثة هو واحد منهم، اللي لابس جاكيت أزرق... لازم تقولي كده، ومتتردديش. 
خالد شد على إيده وهو بيقول آخر جملة: ركّز كويس يا أحمد، واحفظ كل كلمة. لو غلطت، ممكن نموت كلنا النهارده... إنت، وأختك، وأنا.
رجوع للحاضر...
ياسمين خدت نفس عميق، ولسه حضنة أخوها اللي لسه خايف وملتصق بيها، وبصّت للدكتور قدري وعينيها مليانة إصرار، وقالت بصوت ثابت: أيوه يا دكتور... أنا متأكدة، هو ده... هو ده الشخص اللي شُفته ليلة الحادثة وركبت معاه العربية.
سادت لحظة صمت تقيلة في المكان، والكل بصّوا على فتوح اللي وشه اتقلب، وعقلهم وتفكيرهم وقف من الصدمة لما البنت شاورت على فتوح قدامهم وقالت ان هو ده الشخص اللي شافته ليلة الحادثة.. 
فتوح مصدوم من اصرارها وثقتها وهي بتأكد ان هو ده وعينيه كانت بتتحرك في كل اتجاه كأنه بيدوّر على مخرج.
صوتها كان هادي، لكن وراه نار... نار خوف وقهر وذكريات صعبة، بس كمان كان وراه شجاعة وقوة وثبات. 
فجأة، وفي لحظة جنون، فتوح طلع سلاحه ووجهه على ياسمين، عينيه مولّعة والشر طالع منه وهو بيصرخ: البت دي كدابة! قوليلي مين اللي قالك تقولي عليا؟! مين اللي قالك تلبسي المصيبة دي فيّا؟!
الدكتور قدري اتحرك ناحيته بخطوتين، غضبه باين في كل ملامحه، وصاح فيه بصوت عالي: نزل السلاح يا خاين! أنا كنت حاسس إن الخاين واحد منكم... وطلع الظن في محله!
بص حواليه بسرعة، وبعدها وجّه أوامره لرجّالة العصابة وهو بيزعق: خلّصوا على البنت وأخوها، وادفنوهم هنا... والخاين ده، خدوه للباشا عوني، هو اللي هيعرف يتصرف معاه!
فتوح ما استناش، ورفع سلاحه من تاني ناحية ياسمين وأخوها، وصاح بجنون: لأ! أنا اللي هقتلها بإيدي هي وأخوها! بس بعد ما تقول الحقيقة، وتعترف مين اللي قالها تلبّسني التهمة دي!
الدنيا كانت بتنهار قدام عيون خالد، قلبه كان بيخبط في صدره، ومفيش وقت للتردد...
في لحظة سريعة، رفع سلاحه ووجّهه على ضهر فتوح، وصاح بصوت حاسم رج المكان: نزل سلاحك يا فتوح... وإنتوا كلكم، نزّلوا سلاحكم دلوقتي! محدش يقرب منهم. 
الكل اتجمّد، وعيون الرجالة اتنقلت بين خالد وفتوح... اللحظة كانت مشحونة، والشرارة ممكن تولّع في أي لحظة.
وفعلا في أقل من لحظة بدأ تبادل نيران بينه وبين رجالة العصابة، وهو بيحمي ياسمين وأحمد بجسمه، بياخدهم ناحية عربية مهجورة استخبوا وراها.
في نفس اللحظة...
كان معتصم ومهاب بيجروا علي الطريق الترابي، ومعاهم قوة كبيرة من رجال الشرطة، كلهم لابسين اسود وبيتحركوا بحذر... وفجأة، صوت ضرب نار عالي دوّى من بعيد، خلّاهم يوقفوا مكانهم لحظة.
مهاب بصّ لمعتصم بسرعة وقال: سمعت ضرب النار ؟ ده جاي من ناحيتهم!
معتصم شد سلاحه وقال بلهجة حاسمة: يلا بسرعة! واضح إنهم بدأوا يتحركوا... ياسمين والولد في خطر!
بدأوا يجروا، ووراهم القوة ماشية بخط ثابت ومنظّم، الأسلحة مرفوعة، والكل مستعد للمواجهة.
ضرب النار كان بيزيد، والريحة بتاعة البارود بدأت توصل لأنوفهم... معتصم قلبه كان بيتقبض، وكل ثانية بتعدي كانت بتزيد توتره.
صرخ في اللاسلكي: اقفلوا كل المداخل، ومحدش يتحرك غير لما ندي الإشارة!
قربوا من المكان، وكل واحد فيهم حاسس إن لحظة المواجهة قربت جدًا... والحسم خلاص على الأبواب.
عند خالد.. 
كان بيطلق النار على رجالة العصابة وهو بيحاول يحمى ياسمين وأخوها، اتصاب في دراعه إصابة بسيطه لكن كمل وهو بيصرّ على حمايتهم.
برعي حاول يلف عليهم من الجنب، لكن ياسمين شافته وصرخت: خالد!! وراك!
خالد لف بسرعة وضرب برعي قبل ما يوصل لهم، وبرعي أخد طلقة في صدره ووقع على الأرض.
أحمد كان متمسك بياسمين وهو بيرتعش، وهي كانت بتحضنه بكل قوتها.
وأخيرًا، معتصم ومهاب اقتحموا المكان مع رجال الشرطة، الرصاص كان بيتبادل في كل ناحية، والصريخ مالي الجو. ناس من العصابة اتصابت، وناس تانية استسلمت ورفعوا إيديهم.
وسط الدوشة دي، ياسمين لمحت دكتور قدري وهو بيجري نحية عربيته... باين عليه ناوي يهرب. خالد كان مشغول في تبادل إطلاق النار، وماخدش باله.
ياسمين بصّت بسرعة لأخوها أحمد، وحضنته وقالت له بخوف: إياك تتحرك من مكانك، فاهم؟ إياك!
وسابت أحمد وراها، وطلعت تجري بكل قوتها ورا الدكتور قدري، قلبها بيدق بسرعة وهي مش مصدقة إنها لوحدها في اللحظة دي... بس جواها نار، ومش هتسيبه يهرب بسهولة.
في اللحظة دي، خالد لف وراه وهو بيدور عليها، لقى أحمد واقف بيعيط وخايف، جري عليه وقال له بسرعة: فين ياسمين؟!
أحمد رد وهو بيبكي: جريت هناك... ورا الراجل اللي هناك ده!
خالد بصّ بسرعة في الاتجاه اللي أشار عليه، وشافها... كانت واقفة قدام عربية دكتور قدري اللي شغل الموتور وناوي يهرب، بتحاول تمنعه وهي واقفة قدامه بكل شجاعة، وصرخت: مش هسيبك تهرب بالسهولة دي! إنت مجرم... ولازم يتقبض عليك!
دكتور قدري دس بنزين، والعربية اتحركت بسرعة ناحيتها، وهي صرخت من الخضة، مكانتش متوقعة إنه ممكن يدوسها فعلاً.
العربية قربت منها... وقلبها كان هيقف من الرعب.
لكن فجأة...
طراخ!
صوت طلقة خرّق الهوى... كاوتش العربية فرقع، والعربية تهزّت ووقفت مكانها!
وبصّت ياسمين وراها، لقت خالد جاي بيجري عليها، ماسك سلاحه، وعينيه فيها نار ولهفة وهو بيصرخ: ياسمين! إنتي كويسة؟!
فهمت ان الطلقة اللي انقذتها كانت من سلاح خالد.. 
وقفت مكانها، أنفاسها بتقطع، وعينيها مليانة دموع، بس ماوقعتش... فضلت واقفة، قوية.
خالد ابتسم براحة أول لما شاف إن ياسمين واقفة بخير قدامه، ساعتها بس قلبه هدي.
وفي اللحظة دي، معتصم ومهاب قربوا منهم، ومهاب مسك دكتور قدري من دراعه وقاله بحدة: يلا يا دكتور، رحلتك خلصت... على عربية الشرطة.
ودفعه نحية العربية، وهو بيقيد إيديه بالكلبشات.
معتصم كان واقف جنب خالد، بس حب يخفف التوتر وقال بنبرة فيها هزار خفيف: وانت كمان مقبوض عليك يا باشا... قدامي يا متهم!
ياسمين شهقت، وصرخت بلهفة: لااا يا حضرة الظابط! خالد ملوش ذنب، ده هو اللي أنقذنا... ماكنش مع العصابة!
كانت لسه في حالة صدمة، ومش قادرة تفهم إزاي الوضع اتقلب كده.
معتصم ضحك في سره، وبص لخالد وهو بيغمز له، وبعدين لف ناحيتها ورسم على وشه جدية مصطنعة، وقال: ده زعيم العصابة يا آنسة... تخيّلي قدر يخدعك كده بسهولة!
ياسمين شهقت بصوت أعلى، وعينيها اتسعت من الصدمة: مش ممكن! رئيس العصابة؟... لا لا، أكيد في حاجة غلط!
وقبل ما تكمل كلامها، أحمد أخوها جري ناحيتها، وهو بيعيط بخوف، ورمى نفسه في حضنها: ياسمين... أنا خايف، خديني عند ماما.
حضنته بحنان وهي مشوشة ومش عارفة تصدق إيه ولا تصدق مين.
مهاب قرب منهم بلطف وقال: اتفضلي معانا يا آنسة ياسمين... هنروح ناخد أقوالك في المديرية.
ياسمين رفعت عينيها لخالد، والدموع مالية نظرتها، كانت شايفة فيه حاجة غير اللي بيتقال، بس عقلها مش قادر يستوعب.
بصّت له بحزن، وقلبها بيتكسر، وهي بتهمس لنفسها: مش ممكن... مستحيل تكون واحد منهم...
وخالد واقف، سايبهم يمشوا، وهو عارف إنها مصدقة الكذبة.
معتصم كان واقف بيضحك أول ما ياسمين بعدت مع مهاب وأخوها، وبص لخالد بنظرة كلها هزار وقال: إيه يا عم الحكاية؟! شكلي هلبس بدلة واتعزم قريب... شايف نظرات وهمسات وقلوب طالعة من عنيكم ولا إيه!
خالد لفله ببصة كلها غيظ وقال: تصدق بالله إنك بارد؟! إحنا كنا هنموت من شوية، وانت دماغك في القلوب والنظرات!
معتصم فضل يضحك وقال وهو بيهز دماغه: متحاولش... لهفتك وخوفك عليها كانوا باينين من هنا لآخر الدنيا يا حضرة الظابط!
خالد رجع يبص ناحية عربية الشرطة اللي ياسمين ركبت فيها، وتنهد وقال بجدية: بقولك إيه... ابعد عن البنت وبلاش رخامه. خلصوا معاها التحقيق بسرعة، عشان تروح ترتاح... كفاية اللي شافته الأيام اللي فاتت.
معتصم قال وهو بيضحك أكتر: لا يا باشا... دا انت اللي هتعمل التحقيق معاها بنفسك! أصل أنا ومهاب قلوبنا قاسيه، وملناش في الحنية دي خالص... وبعدين، هنحقق معاها إزاي وانت موجود ؟ لا ميصحش، المهمة دي بتاعتك انت.
خالد بصله وهو بيكتم ضحكته، وقال بنبرة شبه جد: وماله يا معتصم باشا.. هزر واتبسط برحتك انت والباشا التاني وكل ده هيتسجل في التقرير اللي هكتبه عن المهمة. 
معتصم بص له بصدمة وجري ورا مهاب وقال: انا بقول اروح اكمل شغلي احسن. 
خالد ضحك وقال: وانا برضه بقول كده. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في فيلا الحاج شرقاوي...
كان قاعد لوحده في أوضة مكتبه، قلبه بيدق بسرعة، وحاسس بلهفه غريبة، كأنه مستني يسمع أي كلمة عن ابنه يحيى اللي قلبه اتحرق عليه من يوم ما مات.
بعد شوية، دخل الحارس ومعاه أم حسين.
الحاج شرقاوي بص لها بفضول وقال: خير يا ست؟ إنتي مين؟ الحارس بيقولي إنك عايزاني بخصوص ابني يحيى الله يرحمه؟
أم حسين ردت وهي واقفة مرتبكة: أنا أم حسين يا حاج.. جارة الست سماح مرات المرحوم يحيى.
بص لها الحاج شرقاوي بذهول وقال: سماح مين؟ مرات ابني اسمها عبير!
ردت أم حسين بتوتر: أنا جايه لك في الخير يا حاج... الست سماح تعبانه ومش هتخف غير لما تشوف ابنها، وبتترجاك ترجعه لها.. 
هي مالهاش غيره هو وأخته ياسمين بعد موت أبوهم، ويحيى الله يرحمه هو اللي وصاها تبعد الولاد عنكم لو حصل له حاجة، كان خايف عليهم تاخدوهم منها. يعني هي محرمتش أحفادك عنك بمزاجها.. دي كانت وصية المرحوم. 
الحاج شرقاوي بص لها مصدوم وقال:انتي بتقولي إيه يا ست؟! مرات مين؟ وابن مين اللي اتخطف؟! أنا ابني متجوزش غير عبير، ومعندوش غير بنت واحدة اسمها كارما، ومسافره مع أمها!
أم حسين طلعت أوراق من شنطتها بسرعة وهي بتقول: سماح كانت مراته التانية، الجوازة كانت في السر، ودي قسيمة الجواز وشهادات ميلاد الولاد... بنتها الكبيرة اسمها ياسمين، والصغير اسمه أحمد... الاتنين ولاد يحيى الشرقاوي!
الحاج شرقاوي خد الورق منها بإيد بترتعش، قلبه كان بيرقص من جوه، أول ما سمع إن عنده حفيد ولد... حلم عمره!
فضل يبص في الورق، يشوف التواريخ، يحاول يصدق...
وفجأة افتكر سماح البنت الفقيرة اللي كان ابنه يحيى بيحبها زمان.. 
همس وهو بيبص في الورق بذهول: معقول يحيي اتجوزها من ورايا وكمان مخلف منها بنت وولد.
وفجأة افتكر حاجة حصلت من سنين..بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
الحاج شرقاوي خد الورق منها بإيد بترتعش، قلبه كان بيرقص من جوه، أول ما سمع إن عنده حفيد ولد... حلم عمره!
فضل يبص في الورق، يشوف التواريخ، يحاول يصدق...
وفجأة افتكر سماح البنت الفقيرة اللي كان ابنه يحيى بيحبها زمان.. 
همس وهو بيبص في الورق بذهول: معقول يحيي اتجوزها من ورايا وكمان مخلف منها بنت وولد. 
وفجأة افتكر حاجة حصلت من سنين..
يوم ما يحيى رجع البيت فرحان أوي، ساعتها سأله: "مالك يا ابني فرحان كده ليه؟"
ويحيى قاله إن واحد صاحبه مراته خلفت ولد وسماه "أحمد"، وكان فرحان كأنه هو اللي خلف.
ساعتها الحاج شرقاوي قاله: "عقبالك لما تجيب الولد اللي بتحلم بيه."
ويحيى رد عليه بابتسامة فيها رضا وقاله: أنا راضي كده الحمد لله... ربنا حققلي اللي كنت بتمناه.
ساعتها ما فهمش قصده، بس دلوقتي كل حاجة بقت واضحة...
عنيه دمعت وهو ماسك الورق وقال بصوت مبحوح: يحيى... ياقلب ابوك ونور عينه، كنت مخبي عني ليه؟
الحاج شرقاوي وقتها مكنش فاهم ابنه يحيي خبى عنه ليه سر كبير زي ده.. يحيى كان عارف ان أبوه بيتمنى يشوف حفيد ولد له.. 
الحاج شرقاوي فهم دلوقتي ليه ابنه يحيي كان رافض ان مراته عبير بنت اللوا تحمل تاني وتجيب اولاد بعد بنته كارما! 
طول عمره كان حاسس ان فيه حاجة غريبه في حياة ابنه يحيي.. سفره الكتير وغيابه عنهم بالايام وكان دايما يقوله انه بيحب يبعد ويقعد مع نفسه كام يوم بعيد عن زن مراته بنت اللوا اللي عمره ما حس بالسعادة معاها!! 
فهم دلوقتي ان سفره الكتير وغيابه عنهم كان بيبقى مع مراته التانيه واولاده. 
فاق الحاج شرقاوي على صوت ام حسين وهي بتخرج صورة من شنطتها بتجمع يحيي وسماح مراته وياسمين بنته وهي عندها 15 سنه وكان احمد عنده 3 سنين ويحيي شايل احمد وسماح واقفه جنبه وياسمين قاعده قدامهم وبيضحكوا كلهم في الصورة وقالت بتوتر: الصورة دي اتصوروها قبل ما المرحوم يحيي يموت الله يرحمه.. كان بيفسحهم وهو اللي طلب انهم يتصوروا وكأنه بيودعهم. 
الحاج شرقاوي اخد الصورة من ايديها واول لما شاف ابنه يحيي في الصورة عيونه دمعت وحس بنغزه في قلبه وسألها بلهفه: ازاي ابني كان متجوز ومخلف كل السنين دي وانا معرفش!! وازاي قدر يخبي عني عياله! 
ردت ام حسين: اللي اعرفه انه كان عايز يبعد مراته وعياله عن شغلكم عشان حياتهم متبقاش في خطر. 
الحاج شرقاوي كان بيبص في الصورة علي أحفاده وعيونه اتعلقت بصورة حفيده اللي يحيي شايله وفيه شبه كبير من يحيي وكأنه نسخة منه..
كان واقف مكانه مصدوم، عينه لسه على الصورة، ودموعه بتنزل من غير ما يحس، قلبه بيتقطع جوه صدره من الوجع والندم.
أم حسين قالت بهدوء: والله يا حاج المرحوم كان بيحبك، ودايمًا يقول إنها ظروف اللي منعته يقولك، بس هو كان بيحب ولاده جدًا، وكان خايف تحرمهم من امهم.
الحاج شرقاوي مسح دموعه وقال وهو بيحاول يمسك أعصابه: ابني اتظلم... وعياله اتظلموا أكتر. أنا معرفش ان عندي احفاد طول السنين دي وسايبهم يتربوا بعيد عني. 
افتكر كلامها عن اختطاف حفيده وبصلها بصدمة وقال: انتي قولتي ان حفيدي اتخطف؟؟
ردت ام حسين: ايوا.. اتخطف من ايد امه إمبارح الصبح وهي رايحه توصله المدرسة.. مقدرتش تستحمل اللي حصل ووقعت من طولها ونقلناها المستشفى واول لما قدرت تتكلم طلبت مني اجي اترجاك ترجعلها ابنها. 
الحاج شرقاوي بلهفه وقلق علي حفيده: ومين ده اللي هيكون اتجرأ وخطف حفيد الشرقاوي!! 
ام حسين بدهشة: يعني مش انتوا اللي خطفتوه؟ اومال هيكونوا مين اللي خطفوه! ؟ سماح طول عمرها في حالها وملهاش دعوه بحد! 
الحاج شرقاوي قام وقف وزعق بأعلى صوته ينادي الحرس بتوعه عشان يجهزوا وطلب من الخدم يصحوا يحيى حفيده بسرعه عشان يروح معاه المستشفى وقال ل ام حسين: لو الكلام اللي انتي قولتيه ده طلع صح.. يبقى يا ويله ويا سواد ليله اللي خطف حفيد الشرقاوي.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت 
جوه مديرية الأمن. 
ياسمين كانت قاعدة في أوضة فاضية، حاضنة أحمد أخوها اللي كان مرعوب ولسه جسمه بيرتعش من صوت ضرب النار اللي شافه بعنيه. كانت بتطبطب عليه وتحاول تهديه، بس عقلها كان تايه. قلبها واجعها على مامتها اللي في المستشفى، مستشفى تبع دكتور قدري... والاسم ده لوحده كفاية يخليها تحس بالخوف، كانت حاسة إنها محبوسة في كابوس مش عارفة تصحى منه.
نفسها تقوم تاخد أحمد في حضنها وتجري على مامتها، تطمن عليها، ويطلعوا كلهم من الدوامة دي كأنها ما حصلتش.
بعد كام دقيقة، الباب اتفتح ودخل معتصم.
أول ما شافته ياسمين، اتكلمت بنبرة مليانة توتر وضيق: لو سمحت يا حضرة الظابط، أنا عايزة آخد أخويا ونمشي بقى، احنا مالناش دعوة بأي حاجة حصلت، وبعدين ماما في مستشفى المجرم ده، وممكن يأذوها!
معتصم رد بثقة وهو بيحاول يطمنها: متقلقيش، المستشفى بقت تحت سيطرتنا دلوقتي، ومامتك في أمان.
ياسمين صوتها كان مهزوز من القلق: طب ممكن حد يطمنهم علينا؟ أنا وأحمد.. حسين جارنا هناك هو ومامته.. ممكن حد يبلّغهم إننا هنا وإننا بخير وهنرجع أول ما نخلص.
معتصم هز راسه وقال بهدوء: حاضر، هاهتم بالموضوع ده.
سكتت ياسمين لحظة وبعدين قالت بنفاذ صبر وهي بتبص للساعة: طب احنا مستنيين إيه؟ سجلوا أقوالي وخلاص، أنا تعبت.
رد عليها معتصم وهو بيحاول يحافظ على هدوءه: الظابط المسؤول عن القضية هو اللي هياخد أقوالك بنفسه.. ثواني وهيدخل.
ياسمين تنهدت، وزفرت نفس طويل وهي بتبص على أحمد اللي لسه متعلق بيها بخوف.
بعد لحظات، دخل خالد. كان حاطت دراعه في حامل طبي بعد الاصابه اللي اتعرض لها في دراعه وقت ما كان بيحمي ياسمين واخوها من العصابه. 
وأول ما أحمد شافه، قام من حضن أخته وجرى عليه وفرحته ماليه وشه: انت فين يا أبو علي؟! أنا كنت خايف عليك!
خالد ضحك وهو بيحضنه وقال بصوت حنون: متخافش يا بطل، الأبطال ما بيخافوش.
ياسمين اتجمدت مكانها، مستغربة من المشهد اللي قدامها.
إزاي أحمد بيجري على واحد هي فاكراه من العصابة؟!
قامت بسرعة، ومدت إيدها تمسك أخوها وتبعده عنه وهي بتقول بانفعال: تعالى هنا يا أحمد، مالكش دعوة بالمجرم ده!
خالد كان بيبصلها بتركيز، وعينيه فيها لمعة غريبة، كأنه شايف فيها حاجة مش قادرة تشوفها هي.
معتصم كسر الصمت وقال: هاخد أنا أحمد على مكتبي أسجل أقواله، وانت تاخد أقوال الآنسة.
ياسمين رفعت حواجبها بدهشة وهي بتبص لمعتصم، وبعدين لخالد: مين ده اللي ياخد أقوالي؟!
معتصم رد وهو بيكتم ضحكة خفيفة: الرائد خالد.
ياسمين بصت لخالد بصدمة، صوتها علي غصب عنها: رائد إيه؟! يعني انت ظابط؟ مش مجرم؟!
خالد رفع حاجبه بابتسامة جانبية وقال: آه والله ، ظابط وبشهادة الدولة كمان.
معتصم اتجه لأحمد وقاله بهدوء: يلا يا بطل نروح مكتبي نكتب اللي حصل.
أحمد وهو ماشي معاه، بص لخالد وقال بمنتهى الجدية: خلي بالك من أختي يا أبو علي، دي أمانة، ولو حصلها حاجة.. هزعل!
خالد ضحك وهز راسه: دي في عيوني يا أحمد باشا.
أحمد خرج مع معتـصم، وساب ياسمين واقفة، ملامحها مابين الذهول والتوهان، كأن عقلها لسه مش مستوعب.
خالد بصّ لها وقال بهدوء وهو بيشاور على الكرسي:  اتفضلي اقعدي يا انسه مشاكل.. بقى بتقفي قدام عربية زعيم عصابة وفاكره انه ميقدرش يدوسك ويهرب! 
ياسمين قعدت وهي بتبصله بنظرات متوترة وقالت بنبرة مش مصدقة: هو إنت ظابط بجد؟ يعني اللي احنا فيه دلوقتي ده حقيقي؟ 
خالد ابتسم وقال بنغمة شبه مرحة: تحبي أوريكي بطاقتي؟ 
ياسمين كانت بتفكر بصوت مسموع، قالت بصوت فيه ارتباك وتشتت: مش عارفة...
مدّت إيديها بتردد على سطح المكتب كأنها بتدوّر على حاجة تثبتها، وبنبرة فيها حيرة وصدمة قالت: بس إنت كنت معاهم! واقف وسط العصابة! إزاي؟ إزاي تكون ظابط وتبقى واحد منهم؟
ده مش منطقي… مش داخل عقلي!
خالد بصّ لها بابتسامة صغيرة، رد بهدوء، وصوته واثق، ثابت، كأنه لسه عايش في المهمة وتفاصيلها. 
خالد:  اللي حصل إني كنت في مهمة سرية.
كنت متخفي بشخصية حسن، عايش وسطهم، بتعامل معاهم، باكل معاهم، وبخاطر بكل حاجة…
علشان نوصل لرئيس العصابة واصحاب المستشفيات المتورطين معاهم. 
ياسمين سابت مكانها ووقفت، جسمها بيترعش من الغضب والحزن والخوف اللي كانوا بيتصارعوا جواها.
صوتها علي، مش غاضب بس… مجروح: طب وانا؟!
انا مالي؟!
ليه تدخلني في لعبتكم الخطيرة دي؟!
أنا وأخويا كنا هنموت بسببك!
وماما بين الحياة والموت!
للدرجة دي حياة الناس رخيصة عندكم؟!
خالد سكت ثواني. عينيه فضلت ثابتة عليها، لا فيها تبرير ولا غضب… بس فيها وجع حقيقي.
رد بهدوء غريب وسط العاصفة: أنا مدخلتكيش في المهمة…
انتي اللي دخلتي فيها لما ظهرتي قدامي فجأة يوم الحادثة.
(قرب منها خطوة وبص في عينيها مباشرة، صوته بقى أهدى بس فيه عمق غريب):
وحياة الناس مش لعبة عندنا…
أنا كنت مستعد أضحي بحياتي… أنا واللي معايا…
عشان ننقذك إنتي… وإخوكي.
ياسمين حسّت قلبها بيتخبط في صدرها. كانت متلخبطة، مش عارفة تزعل منه ولا تعتذر،
المشاعر كانت أكتر من إنها تتوصف:
خوف على أخوها، قهر من اللي حصل، وجع على أمها، وتوهان قدام إنسان مش قادرة تفهمه. 
عينيها دمعت، لكن كبرياءها منعها تبكي قدامه. قالت بصوت مبحوح، وكل كلمة بتطلع من بين غصة: طب لو سمحت…
أنا عايزة أمشي…
لازم أطمن على ماما في المستشفى.
خالد بص لها وسكت. كأنه بيفكر يوقفها، يشرح أكتر…
بس كل حاجة جواه كانت ساكتة.
رد وهو بيحاول يخبي ارتباكه: تمام…
هاخد أقوالك… وأخلّص الإجراءات… وبعدها تقدري تمشي.
ياسمين هزّت راسها بالموافقة، وهي بتخفض نظرها للأرض.
عقلها كان مشغول بالتفكير في كل اللي حصل …
وقلبها؟
كان بيجلدها… على كل كلمة جارحة قالتهاله، رغم إنها كانت محتاجة تجرحه علشان ما يبانش إنه جرحها هو الأول لما حست لحظة انه استخدمها هي واخوها عشان يكمل خطته. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء. 
جوه المستشفى...
الهدوء هناك كان مريب، زي السكون اللي بييجي قبل العاصفة.
أم حسين دخلت بسرعة ومعاها الحاج شرقاوي ويحيى حفيده، ورجالة الحاج ماشيين وراهم بخطى واثقة لكن عيونهم بترصد كل حاجة حواليهم.
أول ما شافت ابنها حسين، قربت منه وعيونها بتدور على ياسمين وسط الوجوه: هي فين ياسمين يا حسين؟ اللي معايا دول يبقوا أهلها. 
قالها حسين وهو بيحاول يطمنها رغم قلقه: ياسمين قالتلي إنها رايحة مشوار ومرجعتش من الصبح.
أم حسين رجعت تبص للحاج شرقاوي، ملامحها فيها قلق متغلف بهدوء: ياسمين مش موجودة دلوقتي .
الحاج شرقاوي كان واقف ثابت، ملامحه جامدة بس عينيه مليانة نار، نار شوق وغضب وضياع سنين. 
قال بنبرة قوية: المهم نعرف حفيدي فين، ومين اللي خطفه... أنا عايز أقابل أم أحفادي.
ردت أم حسين بتوتر واضح في نبرة صوتها، وهي بتحاول تسيطر على الموقف: خلونا نسأل الدكتور الأول، نشوفه هيقولنا إيه.
يحيى قرب من جده وهمس بصوت منخفض، كأنه بيكلم الخوف إللي جواه مش بس جده: إنت متأكد يا جدي إن دول فعلاً ولاد عمي؟
رد الحاج شرقاوي بثقة نابعة من إحساس الأب اللي ضيّع سنين عمره. 
الحاج شرقاوي: أيوه، متأكد يا يحيى.. قلبي كان حاسس من زمان إن يحيى ابني مخبي حاجة... شفت صوره مع مراته وعياله، شفت عقد الجواز وشهادات الميلاد بعيني.. 
عمك كان بيختفي كتير، ويغيب بالأيام، كنت حاسس ان في سر حياته.. مكنتش أتخيل ان السر ده كان ولاده اللي خايف عليهم مننا! 
يحيى سكت، ودماغه بتلف بين الصدمة والحقايق اللي لسه بيهضمها، وهز راسه بهدوء، وكأن الوجع مش سايبه يتكلم.
بعد دقايق، وصل الدكتور.
وافق ان الحاج شرقاوي يدخل يشوف سماح، لكن بهدوء، بدون ما يتعبها أو يضغط عليها بالكلام.
دخل الحاج شرقاوي، خطواته تقيلة كأن سنين غيابه شايلها على كتافه.
بص عليها وهي نايمة على السرير، ووشها باين عليه التعب، بس ملامحها كانت مألوفة بشكل غريب...
قلبه دق جامد، حس إنه شاف الوش ده قبل كده، أو يمكن شاف ملامحها في ملامح يحيى ابنه.
فجأة، سماح فتحت عينيها، وكأن روحها حست بوجوده.
نظرتها اتعلقت بيه، وجسمها انتفض من الصدمة: حاج شرقاوي... إنت رجعتلي أحمد؟ هو فين؟!
سؤالها كان زي طلقة، نابعة من قلب أم اتكسر وبيحاول يتعلق بأي أمل.
الحاج شرقاوي اتفاجئ من لهفتها وقال ببطء وفضول: إنتي عرفاني؟! أنا شوفتك قبل كده؟
ردت سماح، وصوتها مليان حزن دفين ودموع محبوسة من سنين: لا، مشوفتنيش.. بس أنا عرفاك من صورك مع يحيى، الله يرحمه...
كان دايمًا بيحكيلي عنك،... أبوس إيدك، رجّعلي أحمد ابني...
أنا معنديش غيره هو وياسمين بعد ما يحيى مات... أنت أملي الوحيد.
الحاج شرقاوي كان واقف جنب سريرها، عينه مش بتسيب ملامح وشها.
كان بيبص لها كأن الزمن رجع بيه، وكأن اللحظة دي بتربط ماضيه بحاضره... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع 
أنا شوفتك قبل كده؟
ردت سماح، وصوتها مليان حزن دفين ودموع محبوسة من سنين: لا، مشوفتنيش.. بس أنا عرفاك من صورك مع يحيى، الله يرحمه...
كان دايمًا بيحكيلي عنك، بحب وشوق وحزن كمان... أبوس إيدك، رجّعلي أحمد ابني...
أنا معنديش غيره هو وياسمين بعد ما يحيى مات... أنت أملي الوحيد.
الحاج شرقاوي كان واقف جنب سريرها، عينه مش بتسيب ملامح وشها.
كان بيبص لها كأن الزمن رجع بيه، وكأن اللحظة دي بتربط ماضيه بحاضره.
في لحظة، افتكر الصورة اللي شافها من سنين في دولاب يحيى، صورة سماح البنت الشابه اللي كان بيحبها ، كل حاجة بتأكد ان دي سماح البنت الفقيرة اللي رفضها زمان وابنه فعلا اتجوزها في السر بعيد عنه. 
قال بنبرة هادية لكنها مليانة فضول واشتياق لحقيقة ضايعة: أنا عايزك تحكيلي... قوليلي كل حاجة. إزاي عرفتي يحيى؟ اتجوزك إمتى؟ وليه بعدك عني وعن أهله؟ أنا محتاج أفهم، عشان أقدر أرجعلك ابنك… وحقك. 
سماح عينيها دمعت، وحست أخيرًا إنها مش لوحدها في المعركة دي.
كأن حد أخيرًا بيسمعها، بيفهم وجعها، وبيسأل مش عشان يشكك، بل عشان يحتضن القصة اللي شايلها لوحدها من سنين.
قالت بصوت مهزوز، ودموعها بتنزل على خدها: انا عارفه انك رفضتني قبل ما تشوفني او حتى تعرف انا ويحيي عرفنا بعض إزاي.. يحيي قالي انك رفضت جوازنا عشان عرفت ان انا بنت فقيرة وكنت فاكر ان انا طمعانه في ابن عيلة الشرقاوي.. 
بس اللي متعرفوش ان انا ويحيي حبينا بعض بجد.. 
من أول نظرة، حسيت إن في حاجة غريبة بتشدني ليه... وهو كمان كان دايمًا يقولّي إنه حس براحة غريبة أول ما شافني.
تنهدت وهي بتحاول تفتكر تفاصيل حبها اللي بدأ ببساطة بس اتعقد مع الوقت: اتقابلنا كذا مرة بالصدفة، وبعدها بدأنا نتكلم... كان محترم وهادي، بس في عينه وجع كأنه شايل هم الدنيا.
قالّي من الأول إن حياته مش سهلة، وإن شغله مش طبيعي، بس عمره ما قالي تفاصيل.
بصت للحاج شرقاوي وعيونها كلها وجع وصدق: اتجوزنا في السر، مش لأنه مكنش عايز يقول، لكن لأنه كان خايف علينا... قالّي "أنا مش هعرف أحميكم لو أبويا عرف بجوازنا" .
حكالي عن شغله الحقيقي معاك وكان بيعمل كل اللي يقدر عليه عشان يحمينا انا واولاده.. 
ولما مات يحيى… أنا فقدت كل حاجة، الأمان، والضهر، والحياة نفسها.
اتكلمت وهي بتبص له بنظرة كلها رجاء: انا اعرف حاجات كتير عن شغلكم… حاجات مكنش حد يعرفها غيركم انت ويحيي الله يرحمه.
وبدأت تحكيله فعلا عن اسرار كتير تخص شغلهم محدش يعرفها غير هو ويحيي ابنه قبل ما يموت.. 
الحاج شرقاوي حس قلبه بينقبض وهو بيسمعها.
كل كلمة منها كانت زي خيط بيربط الذكريات ببعض، بيكمّل الصورة اللي كانت ناقصة من سنين.
كان ساكت، بس ملامحه اتغيرت، مابين ندم وشوق، وحزن دفين على عمر ضاع في جهل وبعد.
مد إيده بهدوء، وحطها على إيدها اللي كانت بتترعش وقال: خلاص يا بنتي… أنا صدقتك.
وحقك، وحق ولادك… هيكونوا في عِنيّا.
خرج الحاج شرقاوي من غرفة العناية المركزة، قلبه اطمن بعد ما تأكد أن سماح هي فعلاً مرات ابنه ، وكل كلمة قالتها كانت بمثابة صدمة ما بين فرحة وحزن، قلبه مكنش قادر يستوعب الحقيقة دي بسرعة.
هو متأكد دلوقتي إن له أحفاد... وده أكتر حاجة بتشده للأمام، لكن حفيده، أحمد، كان في خطر.
يحيى وقف جنبه وفضل يبص له بحذر، في عيونه كان فيه مشاعر مختلطة بين الفضول والقلق.
بص ببطء وقال: إيه يا جدي؟... عرفت حاجة عن الموضوع؟
الحاج شرقاوي كان مش قادر يخبّي انفعاله، وحس إن الغضب بدأ يسيطر عليه.
بص ليحيى وقال بصوت مبحوح: اتأكدت إنها مرات ابني، ودول أحفادي.
كان في عينيه مشاعر مشوشة بين الفقد والأمل، وبين الماضي الحزين والحاضر المليء بالتساؤلات: أنا لازم أعرف مين اللي اتجرأ وخطف حفيد الشرقاوي!
يحيى لمس كتفه برفق، وابتسم ابتسامة فيها شوية من الحزن والقلق، وقال بهمس وكأن الكلمات نفسها كانت بتثقل لسانه: في خبر من مديرية الأمن جاي دلوقتي للجماعة جيرانهم. بلغوهم إن أحمد وياسمين في مديرية الأمن دلوقتي. شكلهم قبضوا على اللي كانوا خاطفينه.
الحاج شرقاوي اتنهد وهو بينهض بسرعة، وصوته كان فيه هاجس واضح: أحمد حفيدي... طيب، يلا خدني بسرعه على المديرية.
صوت الحزن في نبرته كان بادي، وكل لحظة كانت بتزيد من شعوره بالمسؤولية اللي حاسس بيها تجاه أحفاده .
وهو بيخرج من المستشفى كان بيشيل في قلبه ألف سؤال وألف ألم، كأن الدنيا كلها اتقلبت في لحظة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن. 
كانت ياسمين قاعدة قدام خالد، في صمت مش مريح.
هو كان منشغل في أوراق تخص القضية، بيمضي ويختم ويكتب، عشان تقدر تمشي.
لكن هي؟
كانت عنيها بتروح له كل شوية من غير ما يحس…
زي حد عايز يتكلم، بس الكلمات واقفة وتقيله عليها.
جواها كلام كتير…
عتاب، وندم، واعتذار…
بس كل ما تحاول تنطق، تلاقي نفسها بتبلع الكلام وتسكت.
مش قادرة تواجهه.. بعد الطريقة اللي اتكلمت بيها معاه.
كانت عايزة تقوله: "أنا آسفة"
بس اللسان عاجز، والكرامة بتشدّها ل ورا.
وفجأة…
الباب خبط، ودخل مهاب.
=  خالد… سيادة اللوا عايزك في مكتبه.
أنا هكمّل باقي الإجراءات.
ياسمين حسّت قلبها بيخبط بعنف في صدرها، كأن اللحظة دي هتفصل بينهم للأبد.
خفضت وشها بسرعة… مش قادرة تواجه حتى نظرات مهاب اللي حسّ إن في حاجة مش طبيعية.
مهاب قرب وهو مستغرب من الصمت التقيل اللي كان مالي المكان.
خالد وقف بهدوء، ونظر ليها نظرة كانت تقيلة… فيها وجع وحاجات كتير ما اتقالتش.
بص لمهاب وقال بصوت جامد: خلّص الإجراءات بسرعة… علشان الأنسة ياسمين تمشي.
مش عايزين نضيع من وقتها أكتر من كده.
وبعدها لف ليها، وقال بصوت فيه كتمان وكبرياء مكسور:  بنعتذرلك يا آنسة ياسمين…
عن كل اللي حصل.
ولو حابة اعتذار رسمي من الوزارة، هنقدّمه.
ياسمين رفعت عنيها ليه، نظرتها كانت حزينة، وندمها باين فيها أكتر من أي كلمة ممكن تقولها.
بس هو ما استناش… لف وخرج من المكتب، سايب وراه سكون تقيل، ومهاب واقف مش فاهم حاجة.
مهاب بص لها وقال باستغراب: هو في إيه؟
ردت بصوت شارد، شبه همس، كأنها بتكلم نفسها:  شكلي زعلته… زعلته أوي.
قرب منها مهاب، وقعد قصادها وهو بيقول بنبرة فيها استغراب وفضول: زعلتيه ليه؟
هو عمل إيه؟
ياسمين كانت هترد، تحكي، تفضفض…
كأنها قاعدة مع صحبتها مش مع ظابط في مديرية الأمن.
لكن فجأة فاقت على نفسها، ورفعت عنيها له بدهشة لما لقت مهاب مستني يسمعها وكأنهم فعلاً في قعدة فضفضة مش تحقيق.
قامت بعصبية وقالت بانفعال: هو في إيه يا جماعة؟ هو احنا في مديرة الأمن فعلا؟ ولا في برنامج سهرانين!! انتوا ليه كلكم هنا بتتعاملوا مع اللي حصل وكأنه عادي! هو انتوا ليه مش حاسين اننا كنا هنموت كلنا في لحظة؟ 
ضحك مهاب وقال بمنتهى العفوية: عادي.. لان اللي حصل النهاردة بيحصلنا كل يوم! 
ردت بعصبيه: تمام.. دي حياتكم وانتوا متعودين على كده. لكن انا ذنبي ايه يحصلي كده؟ انا واخويا كنا هنموت النهاردة. وماما بين الحياة والموت بسببكم.. هو انتوا ازاي بتتعاملوا عادي كده! 
مهاب بص لها بفضول وقال: شكله عصبك، صح؟
ردت ياسمين بعفوية: عصبني عشان زعلته وانا مش قصدي. 
مهاب: طب احكيلي… عمل إيه؟
أصل خالد مش متعود يتعامل مع بنات، شغله كله مع مطاريد الجبل… والشويش جمعة طبعا !
ياسمين بصتله باستغراب وقالت ببرود مزيف ممزوج باستفهام:  مين الشويش جمعة ده؟
رد بابتسامة بسيطة: لااا.. الشويش جمعة ده حكاية كبيرة اوي يطول شرحها… اصل خالد أساسًا شغله مش هنا، هو جاي للمهمة دي وهيخلص ويمشي.. 
هيرجع خدمته في الصعيد تاني.
في لحظة…
وشها فقد لونه.
الدم انسحب من ملامحها، وقلبها اتقبض.
خلاص… المهمة خلصت.
وهو هيرجع لحياته…
وهي؟
لسه عالقة في دايرة هو سبب بدايتها.
الباب اتفتح ودخل معتصم معاه أحمد، اللي جري على أخته وقال بصوت ملهوف: هو حسن أبو علي راح فين؟
مهاب رد عليه وهو بيضحك : اسمه خالد يا احمد، مش حسن. اسم حسن ده كان مزيف، مش اسمه الحقيقي.
أحمد وقف شوية وهو بيحاول يستوعب، و قال بحسم:  ماشي، بس أنا عايز أشوفه برضه عشان هو صاحبي.
بص لأخته وقال بابتسامة: شوفتي يا ياسمين، صاحبي طلع ظابط جامد وقبض على المجرمين... أنا لما أكبر هكون ظابط زيّه.
ياسمين ابتسمت وقالت له: إن شاء الله يا حبيبي، وهتكون أحسن ظابط في الدنيا.
الباب خبط ودخل عسكري وقال بتوتر: تمام يا فندم... في ناس برا بيسألوا عن ياسمين يحيى الشرقاوي وأحمد يحيى الشرقاوي وبيقولوا إن جدهم جاي عايز يشوفهم.
ياسمين قامت بسرعة، دماغها مش مستوعبة وقالت بدهشة: جدي مين؟! أنا جدي متوفي من زمان!
رد مهاب بسرعة وهو بيحاول يهدّي الجو: خليهم يتفضلوا.
دقايق قليلة بعدها دخل الحاج شرقاوي مع يحيى حفيده، ومعاهم حسين، جار ياسمين.
أول لما دخل الحاج شرقاوي، عيونه لمعت بالدموع لما شاف أحمد واقف قدامه. كأن الزمن رجع به لسنوات طويلة. أحمد كان نسخة حية من ابنه يحيى.
الحاج شرقاوي وقف لحظة، مش قادر يمسك دموعه، وداخل قلبه كان فيه خليط من الحزن والفرح، وكل لحظة كانت بتشد مشاعره ناحية أحفاده.
أحمد، اللي كان لسه مش فاهم، خاف شوية ورجع ورا أخته. 
ياسمين بصت لهم بدهشة، قلبها بيتسارع من الخوف والارتباك، وسألت حسين جارهم بصوت مشوش:  في إيه يا حسين؟!
رد حسين بهدوء، وكأنه بيحاول يطبطب عليها: انتوا كويسين يا ياسمين؟ دا الحاج شرقاوي، جدك، ويحيى ابن عمك.
ياسمين بصت لهم بعينيها الواسعة، مفيش في دماغها حاجة غير الصدمة، ومن غير ما تقدر تستوعب، الحاج شرقاوي قرب منها هي وأخوها.
فجأة، كل شيء كان بيتهز جواها. كل اللي كانت فاكراه عن حياتها كان على وشك الانهيار.
سحبت ايدها بسرعة، وقالت بصوت مختنق: بس أنا... أنا مليش جد! جدي مات من زمان.
الحاج شرقاوي وقف قدامها، عيونه مش قادرة تحبس دموعها، وكان في قلبه شعور غريب، مزيج من الشوق للأيام اللي راحت، وندم على السنين اللي ضاعت.
ياسمين ابتعدت خطوة للخلف، شعورها كان زي زلزال، قلبها مش قادر يستوعب اللي بتسمعه.
الحاج شرقاوي قرب منها وهو صوته بيرتعش من كتر التأثر، وبص لها بعينين باكيه وقال: لا يا بنت الغالي، جدك عايش... أنا جلال الشرقاوي، جدك. تعالي في حضن جدك يا ياسمين... تعالي لحضن أبو أبوكي.
ياسمين خدت خطوة لورا، كانت مشدوهة، عينيها مليانة قلق وارتباك، وبصت بسرعة لحسين اللي كان واقف جنبها، كأنها بتدور على طوق نجاة.
هز حسين راسه بهدوء وقال بصوت مطمئن: أيوه يا ياسمين... ده جدك بجد. هنروح لمامتك في المستشفى، وهي هتحكي لك كل حاجة بنفسها.
ياسمين ضمت أحمد لحضنها بقوة، كأنها بتحاول تحميه من الواقع اللي بيتهز حواليهم.
وكان الحاج شرقاوي بيبصلهم بنظرة كلها شوق وحرقة، عنيه معلقة بأحمد، اللي ملامحه نسخة طبق الأصل من ابنه الراحل، وشفايفه بتتحرك من غير صوت كأنه بيتمناه بين إيديه.
يحيى، ابن عمها، بص لها باهتمام وقال بنبرة هادية: إحنا عارفين إن الصدمة كبيرة عليكي... إحنا كمان اتفاجئنا لما عرفنا. عمرنا ما كنا نعرف إن عمي متجوز ومخلف.
رد عليه جده بنبرة مكسورة، قلبه واجعه من الندم: لو كنت أعرف، مستحيل كنت أسيبكم تتربوا بعيد عن حضني... دا انتوا ولاد الغالي وحته منه. 
ياسمين بصت له، قلبها متلخبط، صوتها كان بيترعش من كتر الحيرة وقالت : أنا... أنا عايزة أروح لماما المستشفى... لازم أتكلم معاها الأول.
الحاج شرقاوي حاول يبتسم، بس ابتسامته كانت مليانة وجع وقال بهدوء: حقك يا بنتي... مفيش أغلى من أمك تطمني عليها وتعرفي منها الحقيقه.
يحيى وجه كلامه لمهاب الظابط وسأله بنبرة جادة: نقدر ناخدهم معانا؟ ولا لسه في إجراءات؟
مهاب ابتسم وقال: الإجراءات كلها خلصت... يقدرو يمشوا وقت ما يحبوا.
ياسمين خدت نفس عميق، ومسكت إيد أحمد بقوة، كأنها بتمسك بثباتها. مشيت قدامهم وهي متوترة، وكل خطوة كانت تقيلة على قلبها.
وحسين مشي جنبها، صوته هادي وبيطمنها: صدقيني يا ياسمين، ده جدك فعلاً... ويحيى ابن عمك.. 
والدتك كانت خايفة تحكي، لأنها كانت بتحاول تحميكم.
ياسمين فضلت ماشية، بس قلبها كان مشي قبلهم... رايح للمستشفى، رايح لأمها، رايح لحقيقة كانت مستخبية عنها سنين.
--------
بعد وقت…
خرج خالد من مكتب مدير الأمن، وخطواته كانت أسرع من المعتاد.
مشيته كانت شبه جري… مش بسبب أوامر أو مهمة جديدة، لكن بسبب إحساس غريب جواه.
إحساس إنه لو اتأخر لحظة، ممكن يفقد حاجة مهمة… حاجة نادرة…
كان نفسه يشوف ياسمين قبل ما تمشي.
قبل ما تختفي من حياته زي ما ظهرت فجأة. 
دخل المكتب، وعينيه بتفتّش المكان بلهفة، زي اللي بيدور على طوق نجاة من الغرق.
لكنها ما كانتش هناك.
مهاب ومعتصم بس قاعدين، والهدوء ناشر ظلاله على كل الكراسي الفاضية.
وقف في نص المكتب، عينيه تعلّقت بالمكان اللي كانت قاعدة فيه، وسأل بنبرة خافتة، فيها أمل مكسور: هما مشيوا…؟...بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
دخل المكتب، وعينيه بتفتّش المكان بلهفة، زي اللي بيدور على طوق نجاة من الغرق.
لكنها ما كانتش هناك.
مهاب ومعتصم بس قاعدين، والهدوء ناشر ظلاله على كل الكراسي الفاضية.
وقف في نص المكتب، عينيه تعلّقت بالمكان اللي كانت قاعدة فيه، وسأل بنبرة خافتة، فيها أمل مكسور: هما مشيوا…؟
معتصم قال بهدوء: أيوه… جدهم جه خدهم من شوية.
ما ردش خالد.
سكت… وساب الصمت يتكلم عنه.
قرب وقعد على نفس الكرسي اللي كانت ياسمين قاعدة عليه… كأنه بيطارد ريحتها، أو صدى صوتها اللي لسه عالق في عقله.
مهاب شاف ملامحه، وشاف فيها حاجة غير معتادة.
قال بابتسامة فيها فضول خفيف: مالك يا خالد؟
مدير الأمن كان عايزك ليه؟
خالد اتنهد بعمق، ومسح جبينه بكفّه كأنه بيحاول يمسح التفكير: هاخد أجازة كام يوم…
وهارجع استلم شغلي في الصعيد.
معتصم رفع حاجبه وقال: وانت شكلك زعلان كده ليه؟
مهاب ضحك ضحكة خفيفة وقال: طبيعي يزعل… ده هيرجع الصعيد تاني وقلبه خلاص اتعلّق بالناس اللي هنا!
خالد بص لهم بنظرة جد، وقال بجفاف: مفيش حاجة من اللي في دماغكم.
سكت لحظة، وبص للكرسي اللي قدامه، كأنه لسه شايفها قاعدة هناك، وقال بصوت شبه هامس: المهمة انتهت بالنسبالي…
ولازم أقفل الملف ده بكل اللي فيه…
وارجع لحياتي.
معتصم تبادل نظرة مع مهاب، وابتسم، قبل ما مهاب يرد: طب لو قلتلك إننا هنتنقل معاك الصعيد… هتفضل زعلان برضه؟
خالد بص لهم بدهشة، وكأنهم بيهزروا.
معتصم كمل: جت أوامر إن الظباط اللي شاركوا في القضية دي، هيتنقلوا مؤقتًا لمحافظات تانية…
بعد ما الفلاشة اللي لقيتها اتفُرّغت، واتّضح إن الباشا "عوني" على علاقة برجال مافيا دوليين.
وبعد القبض عليه، بقى واضح إن حياتنا إحنا التلاتة في خطر.
مهاب قال بنبرة هادية وهو بيبص لخالد: وطلبنا من الإدارة إننا نتنقل الصعيد…
واتوافق.
هنستلم شغلنا الجديد في مديرية الأمن .
خالد بص لهم شوية، عقله بيراجع كل كلمة.
وقال باستغراب حقيقي: يعني هتسيبوا كل حاجة هنا؟
وتنقلوا حياتكم معايا للصعيد؟
مهاب رفع كتفه ببساطة وقال: أنا عن نفسي واحد مطلق وعايش لوحدي أساسًا.. يعني مش فارق معايا هنا او مكان تاني! 
ومعتصم ابتسم وقال: وأنا أهلي كلهم في الصعيد انت عارف.. 
صح مش في نفس المحافظة اللي هتنقل لها، بس على الأقل أقرب من المسافة اللي بين هنا وهناك.
خالد رجع بضهره يسند على الكرسي، وهز راسه بتفهم.
كان فاكر إن المهمة خلصت…
لكن الواضح إنها لسه مخلصتش.
ويمكن بدأت من دلوقتي فعلاً.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المستشفى.
ياسمين كانت ماسكة إيد أحمد بإيد مرتعشة، كأنها لو سابته ممكن يضيع منها تاني. عينيها بتلمع بخوف وارتباك، ولسانها ساكت بس قلبها مليان أسئلة مش قادرة تنطق بيها.
جدها واقف جنبهم، عينه مليانة شوق ولهفة، بس هي كانت رافضة تصدق… قلبها مش قادر يستوعب إن ليها أهل وعيلة، بعد سنين الوحدة.
وقفت قدام غرفة مامتها ، قلبها بيدق بسرعة، وبصوت واطي طلبت من الدكتور تدخل تشوف مامتها.
الدكتور وافق، ودخلت وهي ماسكة إيد أخوها، كأنها داخلة على حاجة أكبر من مجرد غرفة… كأنها داخلة تواجه حياة جديدة.
سماح أول ما شافتهم، عينيها دمعت على طول، وابتسمت ابتسامة تعبانة بس مليانة حياة.
أحمد جري على حضنها وهو بيقول: ماماااا…
حضنته بكل قوتها، كأنها بتحاول تنسيه ساعات الخوف اللي عاشها في حضن واحد.
سألت بقلق وهي بتشوفه بعينيها كأنها بتتأكد إنه بجد: انت كويس يا حبيبي؟ انت رجعت إزاي؟… هو جدك عرف إللي كان خاطفك؟
ياسمين وقفت ساكنة، صوت مامتها زاد توترها، سألتها بعيون بتدور على إجابة ترجع لها توازنها: إيه حكاية جدي دي يا ماما؟ هو إحنا فعلًا لينا جد وعيلة؟
سماح خفضت وشها، والحزن طاغي على ملامحها، كأن الكلام بيقطع في قلبها وهي بتنطق: أيوه يا ياسمين… دول أهل باباكي.
ياسمين اتجمدت في مكانها، صوتها بدأ يرتعش وهي بتقول: وازاي يا ماما متعرفناش؟ ليه خبيتي علينا؟ وليه منعرفهمش كل السنين دي؟!
سماح حاولت تتكلم بس كانت بتنهج من التعب، وشها شاحب ونظرتها كانت بتترجى بنتها تفهمها من غير كلام: ده كان طلب أبوكي… متسألينيش ليه دلوقتي… أنا تعبانة يا ياسمين ومش قادرة أتكلم أكتر.
نظرة ياسمين اتحولت من غضب لقلق، وقلبها وجعها وهي شايفة مامتها بتتعب وهي بتحاول تشرح، قربت منها ومسكت إيدها بحنية: أنا آسفة يا ماما… متتعبيش نفسك بالكلام دلوقتي… أهم حاجة إنك تقومي بالسلامة.
سماح حضنت أحمد تاني وكأنها بتاخد منه طاقة تكمل بيها: روحي رجعتلي برجوع أحمد… الحمد لله يا رب.
ياسمين قربت منها أكتر، وقبلت إيدها بحب ودموع في عينيها وقالت: الدكتور قالي خمس دقايق بس يا ماما، هنقعد برا مستنيين، بس متقلقيش… مش هنسيبك.
سماح همست وهي بتقفل عينيها من التعب: متتعبوش نفسكم… خدي أحمد وارجعوا البيت… وغيروا هدومكم وارتاحوا، وتعالوا بكرة… خلي بالك منه يا ياسمين.
ياسمين خرجت من الأوضة وهي سكتة، بس كل خطوة كانت تقيلة… كانت خارجة من حضن مامتها لحضن دنيا جديدة، مليانة مفاجآت ولسه مش عارفة تحبها ولا تخاف منها.
كان الحاج شرقاوي قاعد مستنيهم في بهو المستشفى، عينه ما غمضتش من ساعة ما عرف إن عنده حفيد وحفيده من ابنه يحيي الغالي.
أول ما شافهم، قام من مكانه بسرعة، وقرب بخطوات متلهفة وهو بيقول بصوت مبحوح بالدموع: اتأكدتوا إن أنا جدكم؟
ياسمين وقفت قدامه بنظرات متلخبطة وقالت بجمود بتحاول يخفي ارتباكها: آه... ماما قالتلي. وقالت كمان إن بابا هو اللي طلب منها متعرفناش حاجة عنكم… مش عارفة ليه، بس أكيد كان بيعمل كده لمصلحتنا.
يحيى ابن عمها، قرب منها بنبرة هادية مليانة مشاعر مختلطة: انتي متعرفيش جدي كان بيحب أبوكي قد إيه… ولما عرف إن ليه أولاد غير كارما، حس إن في جزء من روحه رجعله.
وبص لها بابتسامة خفيفة وقال: احنا كمان معرفناش غير النهاردة… بس اللي نعرفه دلوقتي إنك بنت عيلة الشرقاوي… وأحفاد الشرقاوي مكانهم في بيت الشرقاوي.
ياسمين اتجمدت مكانها وسألت: كارما؟ مين كارما؟
رد يحيى بهدوء: كارما… أختك من أبوكي.
الصدمة ظهرت على ملامح ياسمين، صوتها خرج مخنوق: يعني بابا كان متجوز على ماما؟! أنا مش مصدقة… كل ده كان مستخبي عننا!
الحاج شرقاوي قرب منها بخطوة وفتح إيده كأنه بيستناها تدخل لحضنه: تعالي يا بنت الغالي في حضن جدك … هاتي أخوكي وتعالوا معانا عشان تعرفوا عيلتكم كبيرة قد ايه.
بس ياسمين اتراجعت خطوة وقالت بتوتر: لا… احنا هنروح بيتنا.
يحيى انفعل، وصوته علا من غير ما يقصد: احنا مش بناخد رأيك! ده بيتكم وحقكم… ومفيش حاجة اسمها تعيشي بعيد عن عيلتك!
بس الحاج شرقاوي رفع إيده يوقفه، وقال بنبرة حنونة فيها لوم هادي: براحة عليهم يا يحيى.
يحيى تمتم وهو بيبص بعيد: هي مش مقدرة لهفتك يا جدي… واقفة تعاند وخلاص.
الجد ابتسم بحزن وقال: العناد ده وخداه من أبوها الله يرحمه…
وبص لياسمين بعينين كلها شوق وقال: أنا اتحرمت من ابني… موت أبوكي كسرني. ولما عرفت إن ليه أولاد حسيت إن الدنيا دارت من تاني… نفسي آخدكم في حضني وأشم ريحة ابني فيكم.
كلامه دخل قلب ياسمين زي سهم دافي، ودموعها بدأت تلمع، لكنها لسه مترددة. قالت بصوت مهزوز: أنا آسفة… بس لسه مش متعودة… مش سهل عليا فجأة أصدق إن عندي عيلة.
الجد هز راسه بتفهم: عندك حق… خدي وقتك برحتك، بس متحرمنيش منكم يا بنت الغالي.
سكتت لحظة وقالت بصوت هادي: ممكن تدونا شوية وقت؟ لحد ما ماما تقوم بالسلامة… وبعدها نجي معاكم. وماما تيجي معانا برضه… صح؟
الجد وشه نور وهو بيقول: ده بيتكم، وبيتكم هيبقى منور بيكم وبأمكم يا بنتي.
قرب منها وضماها بحنان، وهي كانت متوترة… بس حسّت بحنانه، وارتج قلبها شوية.
بعدها قرب من أحمد، حضنه بقوة وكأنه بيحضن ابنه يحيى، دموعه نزلت وهو بيتنهد بحُرقة: حمدلله على سلامتك يا حبيبي… رجعت ريحة أبوك في حضني تاني.
ياسمين وقفت تبص له ، ودموعها نزلت بصمت… وهي بتفتكر أبوها، وشعور غريب بين الحزن والحنين سيطر عليها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
( بعد مرور شهر )
سماح مامت ياسمين خرجت من المستشفى أخيرًا، ملامحها مرهقة لكن قلبها مطمن… ولأول مرة من سنين طويلة، مفيش خوف بيصحيها من النوم.. الحاج شرقاوي طمنها ووعدها انه مش هيبعدها عن أولادها ابدا ، مقابل انها تقنع ياسمين انهم يروحوا الصعيد معاه ويعيشوا في بيت جدهم. 
وفعلا راحوا الصعيد والقصر اللي كان دايمًا حِلم مستحيل في خيال ياسمين، بقى دلوقتي بيتها.
التحول كان أكبر من إنها تستوعبه بسهولة.
من بنت كانت بتصحى قبل طلوع الشمس عشان تلحق تحضر الفطار لأخوها وتلحق المواصلات لشغلها، لبنت بتصحى على صوت الخدم وهما بيخبطوا على باب أوضتها يسألوها تحب تفطر إيه.
كل حاجة حوالين ياسمين كانت فخمة لدرجة مخوفاها.
النجف اللي فوق دماغها، السجاد الناعم، السلالم الرخام، أوضتها اللي كبيرة على قد شقتها القديمة كلها…
بس أغلى حاجة بقت عندها دلوقتي… كانت ضحكة أحمد.
أخوها، اللي كانت بتخاف عليه من أقل حاجة، بقى متدلّع في مدرسة خاصة، لابس يونيفورم شيك وبيحكي لها عن أصحابه الجداد، وعن جده اللي مش بيسيب إيده وبيقعد يحكيله عن أبوهم زمان.
الحاج شرقاوي كان بيحاول يعوضهم عن كل لحظة حرمان.
كان بيقعد يسمع لياسمين بالساعات، بيشتري لها كل اللي كانت بتتمناه وهي بتعدي من قدام الفاترينات وساكتة.
حتى هدومها اتغيرت… بقت تلبس فساتين جديدة ناعمة وشيك بدل القديمة اللي كانت عندها. 
بس رغم كل الرفاهية دي… قلبها كان لسه متلخبط.
حاسّة إنها غريبة وسط كل الدهب والمجوهرات.
مش قادرة تنسى البيت القديم، وشباك الأوضة اللي كانت بتقف عنده كل ليلة، وتدعي لأبوها في السِر.
وفي وسط كل ده، كان في اسم بييجي في بالها كتير… "خالد" 
الظابط اللي غير مصيرهم… واللي فجأة اختفى من حياتها بعد ما خلصت مهمته... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
كانت حاسّة إنها غريبة وسط كل الدهب والمجوهرات.
مش قادرة تنسى البيت القديم، وشباك الأوضة اللي كانت بتقف عنده كل ليلة، وتدعي لأبوها في السِر.
وفي وسط كل ده، كان في اسم بييجي في بالها كتير... "خالد" 
الظابط اللي غير مصيرهم... واللي فجأة اختفى من حياتها بعد ما خلصت مهمته.
--------
في بيت اخر لعيلة كبيرة في الصعيد. 
(عائلة الدريني) 
خالد كان نازل من اوضته عشان يروح شغله في القسم. 
قرب من عيلته وهما قاعدين يفطروا واتكلم بنبرة مرحة: يا صباح الفل.
ردت بهيرة مامته: صباح الفل يا حبيبي.. انا مش مصدقه انك اخيرا رجعتلنا وهتبقى معانا هنا علي طول.. قولي صاحي بدري ليه النهاردة ؟
رد خالد وهو بيقعد على السفره: هروح مدرية الأمن الأول قبل ما اروح القسم.. هستلم قضيه جديدة. 
اتكلم الحاج سالم الدريني والد خالد: ربنا معاك يابني ويوفقك في شغلك..المهم انك رجعت وسطنا هنا تاني. 
اتكلمت بهيرة بتباهي: بابا كلمني وقالي انه فخور بيك.. كل الداخليه بيتكلموا عن حفيد اللوا وحيد الاسيوطي والتشكيل العصابي الكبير اللي قبض عليه. 
رد خالد: هو جدي ناوي يرجع من السفر امتي؟ 
اتكلمت بهيرة: هيرجع قريب ان شاء الله.. انت عارف هو مش عايز يسيب خالتك عبير لوحدها هي وكارما وهما رافضين يرجعوا مصر من بعد موت بابا كارما. 
خالد قال: ربنا يصبرهم، بس بجد أنا مش فاهم هما ليه لسه هناك لحد دلوقتي؟ جوز خالتي مات من آكتر من 7 سنين وكارما مبقتش صغيرة. 
بهيرة (بضيق بسيط): بيهربوا من الفضيحة بعد موت جوز خالتك في قضية السلاح ... وبعدين انت مش واخد بالك؟ كارما مكسورة بعد موت باباها ، وانت كنت أقرب حد ليها في العيلة.
خالد (بيرفع حاجبه باستغراب): أنا؟ من إمتى؟!
بهيرة (بابتسامة متصنعة): من زمان يا خالد... دي حتى وهي صغيرة كانت ما بتتكلمش غير عنك. دلوقتي بقت شابة حلوة ومتعلمة... وتستاهل حد زيك.
الحاج سالم (وهو بيشرب شايه): يا بهيرة خلّي ابنك في حاله، سيبيه يركز في شغله ومستقبله ... ومالوش لازمة الكلام في الجواز بالعافية.
خالد (وهو بيقف): شكراً يا حاج ، هو فعلاً مش وقته الكلام ده دلوقتي.
(يبص لوالدته وهو بياخد مفاتيحه)
أنا خارج. مش عايز أتأخر.
بهيرة (وهي بتحاول تخفف التوتر): ربنا يوفقك يا حبيبي... بس متنساش تفكر في كلامي عن كارما.
خالد (بنبرة حاسمة وهو بيطلع من الباب): كارما اختي الصغيرة يا ماما.. ياريت حضرتك اللي متنسيش كلامي ده. 
وخرج خالد من البيت، سايب وراه نظرة أمه المليانة إصرار إنها مش هتتنازل عن الجوازة دي... حتى لو اضطرّت تغصب ابنها.
بهيرة بصّت لجوزها بضيقة وعنيها فيها غصة، وقالت بصوت متحشرج: شايف ابنك بيعمل إيه؟ مش بيرد على كارما، والبنت قلبها بيتقطع عليه، عملت المستحيل عشان تلفت نظره، وهو... ولا كإنها موجودة.
سالم الدريني قام من على السفرة بهدوء، وقال بصوت ثابت: سيبيه يختار البنت اللي قلبه يرتاح لها. قولتلك ميت مرة الجواز مش بالإجبار... ولو فضلتِ تضغطي عليه كده، هيهرب ويطلب نقله لأي محافظة تانيه عشان يرتاح من الزن ده!
بهيرة بصّت له بحدة، وقالت بعصبية خافتة: وهيلاقي زي كارما فين؟! دي بنت خالته، متربية على إيدي، وقلبها معاه من وهما صغيرين ... وانت عايزني أخسر أختي؟ أخسر أبويا؟!
الحاج سالم طلع صوته بالعافية وهو بيتمالك نفسه: أنا رايح المصنع ... اتصرفي معاه بمعرفتك. انتِ وهو أحرار.
سابها ومشي، وبهيرة فضلت قاعدة لوحدها على السفرة. سكتت لحظة، وبعدين بصّت قدامها بنظرة كلها إصرار، وقالت بصوت خافت لكن حاد: خالد لازم يتجوز كارما... وانا هعمل المستحيل عشان الجوازة دي تتم.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت عيلة الشرقاوي.
ياسمين خرجت من أوضتها وهي متألقة وباين عليها الحماس، لابسة لبس رقيق وشيك يناسب أول يوم شغل. كانت متوترة شوية، بس في نفس الوقت فرحانة، وده باين في لمعة عنيها.
في اللحظة دي، 
يحيى ابن عمها كان خارج من أوضته هو كمان، لابس بدلته ورايح شركته، ولما لمحها وقف مكانه لحظة وهو بيبتسم بإعجاب وقال:
ـ صباح الخير.
ردت ياسمين بابتسامة هادية: صباح النور.
وبدأت تتحرك ناحية السلم، فمشي جنبها وسألها بنبرة خفيفة فيها فضول: رايحة فين بدري كده؟
قالت وهي بتعدّل شنطتها على كتفها: رايحة المدرسة أستلم شغلي الجديد... جدي قالي إن المقابلة الساعة عشرة.
ضحك يحيى بثقة وقال وهو بيبص قدامه: تعرفي إننا شركاء في المدرسة دي؟
وقفت ياسمين فجأة على السلم وبصت له بصدمة، وقالت بدهشة باينة على وشها: شركاء؟ يعني إيه؟!
رد عليها وهو بيزود في نبرة ثقته: يعني إحنا أصحاب المدرسة... لينا نسبة كبيرة فيها.
اتسعت عينيها وهي بتبص له، كأنها بتحاول تستوعب اللي سمعته، وبعدين ضحكت تلقائيًا وقالت: انت بتهزر صح؟!
ابتسم أكتر، وعنيه ما كانتش سايبة وشها، وقال بإعجاب وهو بيتفرج على ضحكتها: لأ، بتكلم بجد... ولو مش مصدقة، ممكن أجي معاكي بنفسي وتشوفي.
ياسمين بصت ليحيى بدهشة باينة على ملامحها، وقالت بصوت واضح فيه نبرة رفض: لا طبعًا... وبعد اللي قولته ده، أنا مش عايزة حد في المدرسة يعرف إن أنا من عيلة الشرقاوي أصحاب المدرسة.
يحيى رفع حاجبه باستغراب، وبص لها بنظرة مستنكرة وهو بيقول: إزاي يعني؟! أنا كنت فاكر إنك هتفرحي وتفتخري بحاجة زي دي!
ردت عليه وهي بتحاول تحافظ على هدوئها لكن نبرتها كانت حاسمة: أفتخر بإيه؟ أنا رايحه أشتغل مدرسة زي باقي المدرسين، وعايزة أكون موظفة عادية من غير أي معاملة خاصة... عايزة زمايلي يتعاملوا معايا على طبيعتهم، مش كـ بنت اصحاب المدرسة.
فضل يحيى ساكت لحظة كأنه بيحاول يستوعب كلامها، وبعدين هز راسه بخفة وقال بنبرة فيها احترام: تمام... زي ما تحبي.
نزلوا سوا من الفيلا، ويحيى سبقها بخطوتين وشاور على عربية فخمة واقفة قدامهم وقال: العربية دي بتاعتك من النهاردة، والسواق هيكون معاكي لحد ما تتعلمي السواقة.
بصت له ياسمين وهي بتحاول تخبي دهشتها، وهزت راسها وقالت بهدوء: شكراً.
مد يحيى إيده في جيبه، وبص لها بنظرة فيها اهتمام وقال: رقمي الخاص متسجل عندك، لو احتجتي أي حاجة في أي وقت كلميني من غير تردد.
هزت راسها بالإيجاب من غير ما تقول كلمة، واتحركت ناحيه العربية، والسواق نزل بسرعة عشان يفتح لها الباب، لكن هي رفعت إيدها وقالت له بابتسامة بسيطة: شكراً... أنا هفتح الباب.
ركبت العربية وهي محافظة على هدوئها، والسواق اتحرك بيها وخرج من الفيلا، وسابت وراها يحيى واقف مكانه.
يحيى بص عليها وهي بتبعد، وابتسم لنفسه وهمس بنبرة إعجاب: مختلفة... وحلوة... وواثقة من نفسها... تمام يا ياسمين هانم.. الصبر جميل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن 
جوه مكتب معتصم.. 
كان خالد قاعد على الكرسي، والملف مفتوح قدامه، لكن عينه مش بتقراه...
عقله مشغول بحاجة تانية...
بصمت، كان بيواجه صدمة مش سهلة عليه.
على غلاف الملف كان الاسم واضح بخط عريض: (جلال الشرقاوي)
اسم تقيل في تاريخه، وتاريخ عيلته.
لكن الأثقل... إن الراجل ده هو جد كارما، بنت خالته.
وخالد... هو الظابط المسؤول عن القضية.
المطلوب منه يحقق في نشاط شركات الشرقاوي،
ويكشف الحقيقة...
سواء كانت نظيفة أو ملوّثة بدم وتجارة سلاح.
دخل مهاب، نظرته فيها قلق واستغراب، وقال بنبرة ما بين العتاب والتحذير: ليه ما قلتش لسيادة اللوا إنك مينفعش تمسك القضية دي؟
خالد ما رفعش عينه من الملف، وقال بنبرة تفكير: وتفتكر هو مش عارف؟
نوع القرابة بين عيلتي وعيلة الشرقاوي مش سر...
هو عارف كويس... ورغم كده، أصرّ إني أنا اللي أمسكها.
معتصم اتكلم لأول مرة، صوته فيه حذر واضح: بس جدك هو كمان...
سيادة اللواء وحيد الأسيوطي...
وافق إنك تمسك قضية بالشكل ده؟
قضية ممكن توصلك إنك تتهم جد وابن عم حفيدته بإنهم تجار سلاح؟
مش كفاية إن أبوها مات برصاصة قبل ما يتقبض عليه وجدك مقدرش يواجه الفضيحه واخد خالتك وسافر! 
خالد رفع إيده وحطها على دماغه، كأنه بيكتم دوشة الأفكار اللي بتخبط جواه.
اتنفس ببطء وقال بإصرار هادي: انا طبعا فكرت في كل ده...
بس ده شغلي ومينفعش اعتذر عنه...
ومش هخلّي النَسب اللي كان بين العيلتين يغّمّي عيني.
أنا همسك القضية... وهشتغل عليها من اللحظة دي.
مهاب هز كتفه، وبصّ ل خالد وقال: اللي تشوفه يا خالد.. 
بس قلبي حاسس إن القضية دي...
مش هتكون سهلة أبدًا عليك.
خالد ما ردش.
فضل ساكت...
بس نظراته كانت غارقة في الملف،
مش بيقرأ الكلام...
هو بيحارب نفسه جواه.
كان عارف إن اللحظة دي... هي بداية امتحان صعب.
مش بس في شغله...
في انتماؤه، في ماضيه، في مستقبله. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور 3 أيام.. 
كانت ياسمين راجعة من المدرسة بعد يوم طويل، جنبها أحمد أخوها، وعربيّتهم بتتحرك بصعوبة وسط الزحمة اللي ماليه الطريق. الجو كان مكتوم، وكل العربيات ماشية ببطء كأن الشارع نفسه بيتنفس بصعوبة.
ياسمين بصّت من الشباك ولفت نَظَرها إن مفيش أي حركة قدامهم، فسألت السواق بنبرة استغراب: في إيه؟ الطريق واقف ليه؟
السواق رد وهو بيبص من المراية الأمامية: في كمين قدام بيفتشوا العربيات، الظاهر إنهم بيدوّروا على حاجة.
ياسمين سكتت، وبصّت في موبايلها تحاول تلهي نفسها عن الزحمة. في نفس اللحظة، أحمد كان فاتح الشباك اللي جنبه وبيبص حواليه بحركة فضولية زي عادته.
في الكمين، كان خالد واقف جنب الظباط والعساكر، ملامحه فيها ملل من الروتين اليومي، إيده في جيبه ونظراته بتتحرك بين العربيات اللي بتمر.
عربية ياسمين قربت من الكمين، والظابط أشار لهم بالوقوف وأخد الرخص من السواق. كل حاجة كانت ماشية طبيعي... لحد ما أحمد شاف خالد واقف على جنب، اتسعت عنيه فجأة وصرخ بأعلى صوته: حسن أبو علي!
وقبل ما حد يلحق يفهم حاجة، كان أحمد نازل من العربية يجري.
ياسمين اتفزعت من صرخة أحمد، وقلبها بدأ يدق بسرعة... الاسم اللي سمعته نغزها جواها. "حسن أبو علي؟!" الاسم ده بيرن في دماغها من أول يوم شافت فيه خالد. بسرعة فتحت باب العربية ونزلت تجري ورا أحمد.
أحمد كان بيجري بكل حماس ناحية خالد، وصوته لسه بيرن في المكان: حسن أبو علي!
خالد لف ببطء ناحية الصوت، ووشه اتشد من الصدمة أول ما شاف أحمد جاي له، وعنيه تلاقَت بعينين ياسمين وهي بتجري ورا أخوها... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
حسن أبو علي؟!" الاسم ده بيرن في دماغها من أول يوم شافت فيه خالد. بسرعة فتحت باب العربية ونزلت تجري ورا أحمد.
أحمد كان بيجري بكل حماس ناحية خالد، وصوته لسه بيرن في المكان: حسن أبو علي!
خالد لف ببطء ناحية الصوت، ووشه اتشد من الصدمة أول ما شاف أحمد جاي له، ابتسم بسعادة حقيقية وفتح دراعاته، وأحمد كان أصغر من إنه يفكر، ارتمى في حضنه كأنه أخيرًا رجع بيته.
خالد حضنه بقوة، كأنه بيعوّض سنين، وصوته اتملّى بالحنين وهو بيقول: انت جيت منين يا بطل؟
أحمد رد وهو بيضحك من الفرحة، ووشه منور: كنت راجع من المدرسة أنا وأختي ياسمين، وأول لما شفتك نطّيت من العربية!
خالد أول ما سمع اسمها، صوته اتغير وخرج منه تلقائيًا: ياسمين؟! 
أحمد مد إيده وشاور ناحيتها، وخالد لف بعينيه ناحية الاتجاه اللي شاور عليه، ولسه على وشه نفس الابتسامة اللي فيها حنين وشوق.
ياسمين كانت واقفة مش بعيد، متجمدة مكانها، ضربات قلبها بتزيد، ونَفَسها متلاحق من الجري والمفاجأة. ولما شافت حضنه لأخوها، جواها حاجة اتهزّت. ملامحها اتغيرت بين الدهشة والفرحة والتوتر.
خدت نفس عميق وقربت منهم بخطوات مترددة، وعينيها مش قادرة تثبت في عينيه. قالت بصوت هادي، فيه احترام واعتذار: ازيك يا حضرة الظابط.. إحنا آسفين على اللي أحمد عمله، هو دايمًا متسرّع، ولما صدق إنه شافك…
سكتت لحظة وبصّت له، وبعدين كملت وهي ماسكة إيد أحمد:  أصلُه دايمًا كان بيسأل عليك.
خالد بص لها، ونظرة عينيه كانت بتقول كلام كتير، كلام اتحبس جواه من آخر مرة شافها فيها. ابتسامته كانت دافية، وصوته طالع بنبرة فيها شوق:  فيه الخير والله إنه لسه فاكرني.. أنا كنت فاكر إنكم نسيتوني خلاص.
ياسمين اتلخبطت من نظرته، قلبها اتشد وكأن كلامه لمسها، لكن حاولت تخبي ارتباكها وقالت: هو دايمًا بيسأل عنك، وكان نفسه يشوفك تاني… بس أنا معرفش مكان شغلك فين وقولت أكيد بدأت قضية جديدة ونسيتنا خلاص. 
خالد رد بنظرة مفيهاش غير اشتياق واضح، وقال بهدوء: بس أنا عمري ما بطّلت أفكّر فيكم. أنا رجعت هنا بعد القضيه ما خلصت … وسألت عليكم في المنطقة اللي كنتوا ساكنين فيها، وقالوا إنكم نقلتوا منها.
ياسمين بصّت له بتركيز شديد، ملامحها متلخبطه بين الفضول والدهشة، وسألته بصوت هادي: كنت بتسأل علينا ليه؟ في حاجة تانية حصلت؟
خالد رد بصوت جاد وهو بيبص في عينيها وكأن الكلام دا موجه ليها لوحدها: كنت عايز أطمن عليكي…" وبعدين نظر لأحمد بسرعة وقال بابتسامة مُراوغة: قصدي عليكم… كنت عايز أطمن على صاحبي.
ضحك مع أحمد وقال له: "ولا إيه يا صاحبي؟"
أحمد رد بابتسامة واسعة، وشوية من الحماس واضحين في عينيه: أنا كنت بسأل عنك كل يوم يا حسن، وكنت بقول ل اختي ياسمين، 'أنا عايز أشوف حسن أبو علي.' وكانت دايمًا تقولي 'هو أكيد نسينا.'
خالد اتكلم وهو بيبص لياسمين، وقال بابتسامة: لا طبعا، عمري ما أنساكم... كده اختك ياسمين ظلمتني. يرضيك كده يا أحمد باشا؟
أحمد رد بسعادة، ملامحه بتعكس ضحكة وسعادة جواه: لا، ميرضنيش.
خالد ضحك، في اللحظة دي ياسمين قالت لهم بنبرة مختلطه بين الجد والهزار: ياريت بس نوضح إن حضرة الظابط اسمه خالد مش حسن أبو علي، عشان هو وجع لي دماغي باسم حسن ومش عايز يقتنع باسم خالد.
خالد بص لها وهي بتنطق اسمه، ابتسم وقال: هو اسم خالد طلع حلو قوي كده.
ياسمين اتكسفت من كلامه، وبصت لأخوها وقالت بسرعة: يلا، خلينا نمشي.
أحمد اتكلم مع خالد وهو بيبص عليه، وقال: هشوفك تاني إزاي يا حسن أبو علي؟ أنت بتقف كل يوم هنا؟ أنا كل يوم بمر من هنا وأنا راجع من المدرسة.
خالد بص له بدهشة وسأل ياسمين: إنتوا سكنتوا هنا جديد؟
ياسمين ردت بحماس: أه، بيت جدي قريب من هنا."
خالد بفضول: في نفس الشارع ده؟
ياسمين قالت وهي بتتكلم بسرعة: اه في آخر الشارع.
خالد بص ليها بتركيز وقال: يعني هشوفكم هنا على طول؟
ياسمين ردت بخجل، ملامحها بتعكس توتر خفيف: أه... عن إذنك، إحنا لازم نمشي. يلا يا أحمد.
أحمد شاور له وهو بيتحرك مع ياسمين، وقال بضحكة: مع السلامة يا أبو علي.
خالد شاور له، وبص عليهم لحد ما ركبوا العربية والسواق اتحرك بيهم، عينيه ما زالت على الطريق لكن عقله مشغول بيهم.
قرب من الظابط اللي معاه واتكلم معاه باهتمام: بقولك إيه... إنت شوفت رخصة العربية اللي اتحركت دلوقتي؟ عايز أعرف متسجلة بإسم مين؟
الظابط قلب شوية في الورق اللي قدامه، وبعد كام ثانية رد عليه بهدوء: متسجلة باسم جلال الشرقاوي يا فندم.
خالد اتجمد مكانه للحظة، والنظرة اللي في عينيه اتغيرت بالكامل. 
بص للظابط بتركيز وقال بصوت منخفض، لكن فيه توتر: جلال الشرقاوي؟... اتأكد من الاسم تاني كده؟ 
الظابط شاف توتره، لكنه اتأكد وقال: أيوة يا فندم، جلال الشرقاوي. ده الاسم اللي طلع في الرخص، ومكتوب هنا عندنا.
نظراته راحت بعيد وهو بيعيد التفكير في كل التفاصيل بسرعة، عينيه ضيّقت وهو بيحاول يضبط نفسه، حس بقلبه بيدق بسرعة ووشه شحب، وكإنه اتسحب منه الهوا فجأة.
خالد همس لنفسه وهو مصدوم: إيه علاقة ياسمين بجلال الشرقاوي...؟
كان بيحاول يستوعب، افتكر الاسم اللي شافه  في الملف بتاع ياسمين اللي كان مع مهاب... "ياسمين يحيى الشرقاوي".
اتنفض بسرعة، طلع موبايله بإيدين بتترعش واتصل على مهاب وهو بيحاول يتحكم في توتره:  مهاب... أنا محتاج ملف ياسمين يحيى الشرقاوي حالاً... ضروري، وماتتأخرش!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
ياسمين رجعت الفيلا عند جدها، وقلبها طاير من الفرح عشان شافت خالد النهاردة وطلع شغله الجديد في نفس البلد اللي هي عايشه فيها. 
أول ما دخلت، طلعت جري على أوضة مامتها عشان تطمن عليها.
الفرح والسعادة كانوا واضحين في عينيها لدرجة ان مامتها لاحظت ان ياسمين فيها حاجة متغيره النهاردة وكأنها رجعت للحياة تاني بعد ما كانت شيفاها بتدبل قدامها كل يوم وهي في بيت الشرقاوي. 
بعد كام دقيقة، خبطت واحدة من الخدم على الباب ودخلت وقالت بأدب: جدك عايزك تحت في المكتب يا آنسة ياسمين.
ياسمين خدت نفس عميق ونزلت. كانت ماشية بخطوات هادية، بس قلبها كان بدأ يدق بسرعة من القلق اللي مش فاهمة سببه.
دخلت مكتب جدها، ولقت يحيى ابن عمها قاعد معاه. نظرتهم كانوا متوترين، والقلق باين قوي على وشوشهم.
ياسمين وقفت قدامهم وقالت بهدوء وحذر: نعم يا جدي؟
جدها أشارلها بإيده تقرب، وبص لها بنظرة كلها جدية وقال: تعالي يا ياسمين، اقعدي قدامي.. السواق بيقول إن كان في تفتيش على الطريق وانتوا راجعين، وانتي وأخوكي وقفتوا مع الظابط وكلمتوه كتير... خير؟ الظابط كان عايز منكم إيه؟
ياسمين ردت بهدوء وهي بتحاول تهدي القلق اللي كان واضح على جدها: اطمن يا جدي، مفيش حاجة خالص... ده كان الظابط خالد اللي أنقذ أحمد من العصابة اللي كانت خاطفاه، وأحمد أول ما شافه نزل يجري من العربية عشان يسلم عليه، وأنا نزلت وراه وسلّمنا عليه ومشينا على طول.
جدها اتنهد بارتياح، وكأن حجر تقيل اتشال من على صدره، وبص ليحيى اللي كان قاعد قصاد ياسمين وعينه مركزة عليها باهتمام واضح.
يحيى سألها بفضول واضح: وهو طبيعي يعني إنك تقفي مع الظابط ده أكتر من ١٠ دقايق تتكلموا مع بعض ؟
ياسمين حسّت بتوتر بيزحف عليها، فـ ردت بسرعة عشان تبرر الموقف: هو كان بيتكلم مع احمد وأنا قولتلكم إن أحمد بيحب الظابط ده، ودايمًا بيقول إنهم أصحاب.
جدها اتكلم بجمود، نبرته كانت قاطعة: ماشي يا ياسمين... بس ياريت تبعدوا عن الظابط ده.. إحنا ناس بنحب نكون في حالنا ومبنحبش نختلط بحد.
ياسمين استغربت قوي كلام جدها، وحست إنه فيه حاجة مش مفهومة، فقالت باستنكار خفيف: بس ده مش اختلاط يا جدي!! ده واحد أنقذ أخويا أحمد و...
وقبل ما تكمل كلامها، يحيى قاطعها بنبرة كلها غضب وعصبيه وصوت عالي: نقفل الموضوع ده!  والظابط ده ملكيش دعوة بيه تاني، لا انتي ولا أخوكي، مفهوم؟
ياسمين بصت ليحيى بدهشة وعنيها مليانة علامات استفهام، وبعدين لفت بنظرها على جدها وقالت بقلق: هو في إيه يا جدي؟ أنا مش فاهمة حاجة!
جدها اتكلم بهدوء، بس كان باين عليه إنه واخد قرار قاطع: ابن عمك خايف عليكي يا ياسمين... اسمعي كلامه ومتجادليش.
ياسمين وقفت بسرعة، عنيها كانت مليانة غضب وزعل، مش متعودة خالص على نبرة الكلام العنيفة دي منهم.
بصتلهم بحدة، ومن غير ما تنطق بكلمة، خرجت من مكتب جدها وهي حاسة إنها مخنوقة ومضايقة قوي من تحكماتهم الغريبة وكلامهم اللي مش داخل دماغها.
بعد ما الباب اتقفل وراها، الحاج شرقاوي بص ليحيى بنظرة فيها عتاب وقال له: مش قادر تمسك أعصابك شوية؟ الموضوع مش مستاهل كل ده.
يحيى وقف مكانه بضيق، نفخ بغضب وقال: أنا مش هستنى لما ألاقيهم جايبين الظابط ده لحد عندنا يا جدي... عن إذنك، أنا عندي شغل ومضطر أمشي.
خرج يحيى من المكتب وهو متعصب، وخطواته كانت سريعة ومتشنجة، رايح على الجنينه عشان ياخد عربيته.
وهو ماشي، لمح ياسمين واقفة لوحدها، ملامحها كانت حزينة ومخنوقة، باين عليها لسه متأثرة بالكلام اللي اتقال.
وقف وراها شوية، اتنفس بعمق عشان يهدي نفسه، وقال بصوت أهدى: عارف إني اتعصبت عليكي... متزعليش.
ياسمين أول لما سمعت صوته، لفتله بدهشة وعنيها بتلمع من الزعل وقالت: أنا مش فاهمة... إنت ليه اتعصبت عليا كده؟! خالد يبقى...
ما لحقتش تكمل كلامها، يحيى قرب منها بسرعة، وحط إيده على شفايفها بهدوء قاسي، كأنه بيأمرها تسكت. وقال بعصبية مكتومة:  أولًا... اسم خالد ده مش عايز أسمعه منك تاني!.. بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
ياسمين أول لما سمعت صوته، لفتله بدهشة وعنيها بتلمع من الزعل وقالت: أنا مش فاهمة... إنت ليه اتعصبت عليا كده؟! خالد يبقى...
ما لحقتش تكمل كلامها، يحيى قرب منها بسرعة، وحط إيده على شفايفها بهدوء قاسي، كأنه بيأمرها تسكت، وقال بعصبية مكتومة:  أولًا... اسم خالد ده مش عايز أسمعه منك تاني!.. وتنسي إنه ساعدكم وكل الكلام ده... كل ده كان موضوع وعدّى وخلاص... عايزك تركزي بس في حياتك الجديدة معانا ومتفكريش في أي حاجة تانيه... مفهوم؟
ياسمين اتوترت أول ما حسّت إيده على شفايفها، وبعدت عنه بسرعة خطوتين لورا، وقالت بحدة وهي رافضة طريقته: إنت مالكش حق تقولي أفكر في إيه ومفكرش في إيه... أنا حرة، ولازم تبقى فاهم ده كويس!  وياريت كمان تاخد بالك من كلامك معايا ، وايدك دي متلمسنيش تاني... مفهوم؟ 
لفت عشان تمشي وهي متعصبة، بس فجأة يحيى مد إيده ومسكها من دراعها، جذبها ليه بقوة مش متعودة عليها. عنيها اتسعت من الصدمة وهي شايفاه بيقرب منها بالشكل ده، وصوته جه قوي وجاد:  دي آخر مرة صوتك يعلى عليا يا بنت عمي..، فاهمة ولا لأ؟
ياسمين اتوترت أكتر من قربه ونبرة صوته اللي كانت مليانة تحكم وقوة، سحبت نفسها بسرعة من إيده، وجريت على الفيلا من غير ما تبص وراها.
دخلت وهي بتنهج من الجري، طلعت على أوضتها على طول وقفلت الباب عليها، قلبها بيخبط في صدرها بقوة ومش قادرة تهدى.. 
خافت منه...
أول مرة قلبها يدق بالخوف بالشكل ده، مش مجرد خوف عادي، لا، ده خوف حقيقي حسّت بيه في قلبها اللي كانت حاسه انه هيقف.. 
نظرات عيونه كانت زي السهام، بتخترقها وتهزها من جواها، كأنها بتكشف كل نقطة ضعف فيها من غير ما يتكلم.
ولما قرب منها خطوة...
جسمها تجمد، وقلبها اتقبض بقوة غريبة، كأن في إيد خفية بتضغط على قلبها لحد ما النفس بقى تقيل.
واضح إنها مش هتعرف تعيش مرتاحة في البيت ده.
خصوصًا في وجود يحيى ابن عمها. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
أما يحيى، فوقف مكانه ساكت، أنفاسه سريعة ومتعصب، مش فاهم إزاي اهتمامه بيها كبر فجأة بالشكل ده.
معقول؟ هو فعلاً غار عليها من الظابط ده؟
مش قادر يتحمل فكرة إنها وقفت واتكلمت مع راجل غيره، حتى لو مجرد كلام رسمي.
جواه شعور تملك غريب، عنيف، مش قادر يفسّره،
بس هو متأكد من حاجة واحدة: البنت دي مش مفروض تكون لحد تاني.
ومن أول لحظة شافها فيها، وهو شايف إنها ملكه هو،
رغم عنادها، وقوتها، وبرودها معاه أوقات كتير،
إلا إن كل ده بيجذبه ليها أكتر.
بس رغم كل ده… هو مقتنع إن اللي جواه مش حب.
هيحبها إزاي وهو لسه يعرفها من كام يوم؟
يمكن الغيرة اللي حاسس بيها دي غيرة طبيعية،
لإنها بنت عمه، من دمه،
ويمكن جواه إحساس بالمسؤولية أو الحماية مش أكتر.
بس الحقيقة…
هو مش قادر يفصل،
ولا يهرب من عصبيته اللي بتفضح غيرته،
ولا من الشعور اللي كل يوم بيكبر جواه غصب عنه.
لف ناحية عربيته، ركبها وهو بيشد على الدركسيون بغضب، وكأن الدنيا كلها بقت متلخبطة في دماغه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند خالد.
كان قاعد في مكتبه في القسم، حاطط ملف عيلة الشرقاوي قدامه، وعنيه متسمرة فيه.
ده كان ملف قضيته الجديدة... واللي نقلوه القسم ده مخصوص عشانها.
كل التحريات اللي في الملف كانت بتأكد إن عيلة الشرقاوي بيتاجروا في السلاح... بس مفيش ولا دليل واحد عليهم رسمي. ولا حتى غلطة صغيرة!
خالد عدّى صباعه على سطور الورق قدامه وهو بيقرأ بسرعة وتركيزه عالي.
يحيى جلال الشرقاوي... اللي مات من سبع سنين برصاص الشرطة وقت مداهمة كبيرة لقضية اتجار سلاح .
العيلة كلها نكرت إن كان ليهم علاقة بشغله...
والتحريات فعلاً أكدت إن راشد الشرقاوي، أخو يحيى، ملوش دعوة بالشغل ده...
وإنه طول عمره مسافر مع مراته عند بنته في أمريكا، وسايب ابنه يحيى اللي دلوقتي بقى عنده ٢٨ سنة، عايش مع جده وبيساعده في إدارة شركات العيلة.
اتنهد خالد بضيق وهو ماسك الملف بين إيديه، عينه بتركز في كل كلمة مكتوبة.
كان فالأول رافض يستلم القضية دي، 
لأن ببساطة، كارما يحيى الشرقاوي... بنت خالته... تبقى من نفس العيلة دي.
وده معناه إن موقفه هيبقى صعب جدا قدام جده وخالته وبنتها، خصوصًا لو التحقيقات وصلت لحاجات خطيرة.
بس مدير الأمن أصر... أصر إنه هو بالذات اللي يمسك القضية دي ويحط النقط على الحروف.
خالد مسح وشه بأيده وهو بيحاول يهدى دماغه اللي مليانة تفكير.
الأغرب من كل ده... واللي دماغه مش عايزة تهدى غير لما يعرفه...
هو إيه علاقة ياسمين بعيلة الشرقاوي؟!
إزاي كانت راكبة عربية تبعهم، وكأنها واحدة منهم؟!
في اللحظة دي، خبط الباب خبطة خفيفة، ودخل مهاب، شايل ملف في إيده.
قرب من المكتب وقعد قدام خالد، ومديله الملف وقال بابتسامة خفيفة: اتفضل يا باشا... ده الملف اللي فيه كل حاجة عن البنت!
خالد مد إيده بسرعة وخده منه بلهفة واضحة، فتحه بسرعة وعينيه بتجري على السطور.
مهاب قعد بيراقبه بدهشة. 
أول حاجة وقعت عليها عين خالد كانت اسمها بالكامل:
(ياسمين يحيى جلال الشرقاوي)...
عنيه اتسعت من الصدمة، بسرعة لف الملف التاني بتاع عيلة الشرقاوي، وقرا اسم "يحيى جلال الشرقاوي" الابن الأصغر لجلال الشرقاوي...
وفكر بسرعة... ده مات من سبع سنين على إيد رجال الشرطة.
رجع تاني يبص في ملف ياسمين... لقى مكتوب إن والدها متوفي من سبع سنين.
خالد رفع عينه لمهاب بذهول وقال: معقووول!! يعني ياسمين تبقى بنت يحيى جلال الشرقاوي؟! واخت كارما! 
خالد بدأ يكلم نفسه، كأنه مش قادر يستوعب: طب ازاي؟؟ المفروض إن يحيى جوز خالتي ماكنش متجوز غيرها... ومعندوش غير كارما بس! ازاي فجأة تطلعله بنت تانية؟!
قلب بسرعة صفحات ملف ياسمين بعصبية، لقى كل حاجة متطابقة:
نفس اسم الأب بالكامل... نفس تاريخ الوفاة...
وكمان هي بنفسها قالتله قبل كده إنها دلوقتي عايشة مع جدها...
والرخصة اللي اتفحصت كانت باسم جلال الشرقاوي...
مهاب كان قاعد قدامه، مش فاهم نص كلمة من اللي خالد بيقوله.
وخالد كان خلاص هيطق، عقله مش عارف يربط ولا يفهم!
وقف خالد فجأة وقال بحركة سريعة: أنا لازم أرجع البيت حالًا!
مهاب قاله وهو مذهول: ترجع فين يا بني؟ مش إحنا اتفقنا هنتعشى مع بعض؟
رد خالد بسرعة وهو بيجمع أوراقه وبيتحرك ناحية الباب: مش هينفع... أنا لازم أفهم إيه الحكاية دي دلوقتي حالًا!
طلع خالد من القسم بخطوات سريعة، وركب عربيته، وضغط على البنزين وهو سايق بسرعة ناحية بيتهم، عقله شغال بأقصى طاقته...
أسئلة كتير بتخبط في دماغه، ومفيش إجابة واحدة واضحة!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند ياسمين.
كانت نايمة في أوضتها، ضامة نفسها في السرير، وعينيها مفتوحة وهي حاسة بالخوف بعد كلام يحيى معاها.
رغم إن الفيلا اللي عايشين فيها كبيرة وفخمة وشكلها مريح،
بس جواها كانت مخنوقة...
كانت بتحن لشقتهم الصغيرة القديمة،
اللي كانت بتحس فيها بالأمان، بالحضن، باللمة.
حاسة إنها غريبة هنا...
مكان مش بتاعها... حتى لو شكله من بره مثالي.
قعدت تفكر شوية...
وقررت تقوم وتروح تتكلم مع مامتها، يمكن تلاقي عندها طبطبة أو حتى حل يرجعهم بيتهم اللي بيشبههم.
قامت بهدوء، وخرجت من أوضتها متسللة ناحية أوضة مامتها.
ماكنتش تعرف إن في واحدة من الخدم كانت مرقباها بعينين مترقبة.
وأول ما شافتها داخلة أوضة سماح، قربت الخدامة من الباب، وحطت ودنها عليه تحاول تسرق كلمة من هنا ولا جملة من هناك.
ياسمين دخلت الأوضة، لقت مامتها نايمة على سريرها، باين عليها التعب،
مبقتش تقدر تتحرك كتير من ساعة ما تعبت...
والتلفزيون قدامها شغال، بس صوته واطي، وكأنه مجرد خلفية للصمت اللي مالي الأوضة.
قربت ياسمين من السرير، وقعدت جنب مامتها، ومدت إيدها تمسك إيدها بحنية، وقالت بصوت هادي: عاملة إيه دلوقتي يا ماما؟
سماح بصتلها وابتسمت ابتسامة بسيطة، وقالت وهي بتحاول تطمنها: الحمدلله يا حبيبتي... كويسة.
بس عنيها كانت شايفة أكتر من كلامها،
شايفة القلق اللي مالي وش بنتها.
سماح سألتها بقلق واضح: مالك يا حبيبتي؟ في إيه؟ شكلك متغير يا ياسمين؟
اتكلمت ياسمين بحزن وهي عنيها بتلمع من الدموع: ماما... أنا تعبت، زهقت من هنا.. نفسي نرجع شقتنا تاني. أنا مش مرتاحة هنا خالص ومش قادرة أتعامل معاهم... أرجوكي، خلينا نرجع بيتنا.
سماح وشها اتشد من القلق، وقربت منها وسألتها بلهفة: ليه بس يا حبيبتي؟ إيه اللي حصل يخليكي عايزة تسيبي كل ده فجأة؟ أنا شايفة إن حياتكم هنا بقت أحسن بكتير... أنتي ارتحتي من الشغل والشقا، بقيتي بتشتغلي في مدرسة محترمة، وأحمد كمان في نفس المدرسة... وعايشين في فيلا، وخدم بيخدموا علينا! إيه اللي مضايقك؟ مش فاهمة!
ياسمين نزلت عنيها للأرض، وقالت بصوت مكسور: مش مرتاحة يا ماما... حاسة إني غريبة هنا... مش مكاني.
سماح نفخت بضيق وقالت وهي بتحاول تقنعها: لا كده بقى دلع يا ياسمين! عايزانا نسيب العز ده كله ونرجع للشقى برجلينا؟ ده أنا لما صدقت جدكم يرضى بينا ويفتحلنا بيته... أنا كنت عايشة عمري كله خايفة يعرف عنكم حاجة وياخدكم مني...دلوقتي إنتوا قدام عيني، وأنا مطمنة عليكم... ومرتاحة إنكم عايشين زي الناس، ومش محرومين من حاجة .
ياسمين بصتلها بعيون حزينة وسكتت، مش قادرة ترد.
سماح مدت إيديها وضمتها لصدرها بحنية وقالتلها: تعالي يا روحي نامي في حضني...ومتفكريش تاني في الحكاية دي... إفرحي بالعز اللي إنتي فيه... الله يرحمه أبوكي، كان حرمنا من كل ده.
ياسمين رفعت راسها وبصتلها بدهشة وسألتها: ليه يا ماما؟ ليه بابا حرمنا من كل ده؟ وليه كنا عايشين مش عارفين إن لينا جد وعيلة؟
سماح اتلخبطت واتوترت، وردت بسرعة وهي بتحاول تهرب من السؤال: مالناش دعوة يا حبيبتي... دي قصص قديمة بين أبوكي الله يرحمه وبين جدك...المهم دلوقتي روحي إنتي أوضتك، وابقي شوفي أخوكي نام ولا لأ... ولو لسه صاحي وماسك التليفون بيلعب بيه خديه منه وخليه ينام.
ياسمين قالت بإحباط وهي بتحاول تبلع غصتها: حاضر يا ماما...
قامت وخرجت من الأوضة، وبعد ما قفلت الباب وراها، سماح ما قدرتش تمنع دموعها إللي نزلت وهي بتبكي بهدوء. وبصوت خافت وهمسة وجع، قالت: أنا آسفة يا بنتي... كان لازم أعمل كده عشان أحميكي إنتي وأخوكي...
وفضلت تفتكر اللي حصل يوم ما كانت لسه خارجة من المستشفى...
فاكرة كويس تهديد جلال الشرقاوي، لما وقف قدامها وقال ببرود:"هتيجي تعيشي معانا انتي وعيالك، وممنوع تفتحي بوقك بحرف واحد عني ولا عن أبوهم، ولا عن شغل العيلة، ولا عن سبب موت أبوهم ولا وصيته ليكي انك تبعدي احفادي عني... ولو فكرتي تقولي كلمة واحدة ل بنتك او ابنك او شجعتيهم انهم يبعدوا عني او يخرجوا من بيتي.. انا هحرمك منهم العمر كله ومش هتشوفيهم لحد ما تموتي... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
هتيجي تعيشي معانا انتي وعيالك، وممنوع تفتحي بوقك بحرف واحد عني ولا عن أبوهم، ولا عن شغل العيلة، ولا عن سبب موت أبوهم ولا وصيته ليكي انك تبعدي احفادي عني... ولو فكرتي تقولي كلمة واحدة ل بنتك او ابنك او شجعتيهم انهم يبعدوا عني او يخرجوا من بيتي.. انا هحرمك منهم العمر كله ومش هتشوفيهم لحد ما تموتي.
-------
في فيلا الدريني. 
خالد كان قاعد قدام والدته، ملامحه مشدودة وعينيه فيها نار من الصدمة، مستني منها تفسير لكل اللي اكتشفه النهاردة.. كان عنده امل انها تعرف أي معلومة تفيده بيها.. مش قادر يستوعب ان ياسمين من عيلة الشرقاوي تجار السلا.ح. 
بهيرة كانت قاعدة قصاده، وشها اتسحب منه اللون، عنيها متسعة بالذهول، وإيدها متمسكة بطرف الكرسي كأنها بتحاول تستوعب الصدمة.
بصتله بارتباك وقالت بصوت مخنوق: إنت متأكد من كلامك ده يا خالد؟!
خالد اتنهد تنهيدة تقيلة كأنها طالعة من قلبه، و رد بغيظ كان بيحاول يكتمه: يا أمي... أنا اللي جاي أسألك وافهم منك... كل التحريات اللي قدامي بتأكد كده! يحيى جلال الشرقاوي عنده بنت وولد... والاتنين عايشين في بيت جلال الشرقاوي دلوقتي...يعني أحفاده! وجوز خالتي... كان متجوز عليها في السر ومخلف كمان!
بهيرة رفعت إيديها لرأسها وكأنها بتحاول توقف دوشة التفكير اللي جواها، وقالت بمرارة: بقى مش مكفيهم إنه يطلع تاجر سلاح، ويموت وهو فضحنا قدام الدنيا كلها... وجاب العار لينا ولأختي الغلبانة وبنتها اللي مالهاش ذنب... ده شوه سمعة بابا إللي كانت أنضف من الدهب في الداخليه كلها...  وإنت دلوقتي جاي تقولي إنه كان متجوز علي أختي ومخلف في السر كمان؟!
بهيرة كانت بتتكلم ودموع القهر محبوسة في عينيها، وصوتها بيترعش من الغضب، قامت تمشي في الأوضة بخطوات عصبية، زي اللي بيحاول يهرب من قهره.
كملت بعصبية: لا يا خالد... لا! الموضوع ده مينفعش يتسكت عليه! خالتك وجدك لازم يعرفوا... العيلة كلها لازم تعرف الفضايح دي!
خالد قام بسرعة، قرب منها ومسك إيديها اللي كانت بترتعش وقال برجاء: يا أمي ... بالله عليكي.. متخلنيش اندم اني جيت سألتك.. انا كنت فاكر إن عندك معلومة ممكن تفيديني بيها في الموضوع ده وإحنا لحد دلوقتي لسه مش متأكدين بنسبة مية في المية... أنا لازم أكلم البنت الأول وأفهم منها كل حاجة.
بهيرة سحبت إيديها منه بعصبية وقالت وهي بتبصله بغضب موجوع: البنت دي مين يا خالد؟!
خالد بلع ريقه وقال بصوت متوتر مليان صراع: ياسمين... اسمها ياسمين.. وتبقى بنت يحيى جلال الشرقاوي.
بهيرة شهقت شهقة صغيرة وهي مش مصدقة اللي بتسمعه، وشها احمر من الغيظ والقهر: اسكت يا خالد متقولش كده!!.. انا مش مصدقه ان يحيي ده قدر يضحك على اختي وعلينا كل السنين دي. 
خالد حاول يهديها بكلامه وهو بيكلمها بحنية خبي فيها صدمته من كل إللي عرفه النهاردة: يا امي.. حاولي تهدي ارجوكي... أنا بكرة الصبح هاروحلها شغلها...وأعرف منها كل حاجة بنفسي ومش هعتمد علي التحريات واللي انا اكتشفت النهاردة بالصدفة.. انا لازم اتكلم مع ياسمين وافهم منها كل حاجة. 
بهيرة سكتت، بس كانت عينيها نار، وقلبها بيغلي من الغضب، حاسة إن الأرض بتتهز تحتها.
خالد سابها بتغلي بمكانها، وقعد عالكنبة وهو حاسس بقلبه بيتعصر...مش مصدق إن البنت اللي شغلت تفكيره من أول نظرة... تطلع سبب محتمل لمأساة العيلة كلها.
اتنهد تنهيدة تقيلة، مليانة تعب وقهر مكتوم، وقال بصوت مبحوح: خلاص يا أمي... خلينا نقفل الموضوع دلوقتي لحد ما أنا أتأكد بنفسي...
ولحد ما ده يحصل... مش عايز حد يعرف ولا كلمة، اتفقنا يا أمي؟
بهيرة كانت بتبصله بسكون، عنيها بتلمع بالدموع المكبوتة، وهزت راسها بإيجاب ضعيف كأنها مش قادرة تنطق.
خالد حس بتعبه بيتضاعف، قام بخطوات تقيلة وطلع السلم لغرفته فوق، سايب وراه أمه قاعدة في الصالة وسط دوشة أفكارها اللي كانت بتخبط في بعضها بعنف.
بهيرة فضلت قاعدة مكانها، تحرك صباعها ببطء فوق طرف الكنبة وهي سرحانة، عنيها تايهة ومليانة نيران غضب وحيرة، وكل شوية تحس قلبها بيتنفض من الصدمة.
حست إنها هتنفجر لو فضلت ساكتة أكتر من كده.
مدت إيدها المرتعشة للموبايل، دورت بعصبية على اسم أختها، ودون ما تفكر، ضغطت على زر الاتصال.
رن التليفون كام رنة، وبعدين عبير ردت بصوت نعسان: ألو... بهيرة؟ خير؟!
بهيرة مكدبتش خبر، بصوت عالي ومليان قهر، قالت: أيوه يا عبير... شفتي المصيبة اللي وقعت على دماغنا؟! مش بس يحيى طلع تاجر سلاح ومات بفضيحته...لا وكمان كان متجوز عليكي ومخلف بنت وولد!
بهيرة قالت جملتها كأنها بتطلق رصاص، كل كلمة كانت طالعة من قلبها زي خنجر بيشق صدرها من الغيظ والقهر عشان أختها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
اليوم التالي.
قدّام المدرسة الخاصة اللي ياسمين بتشتغل فيها، كان خالد قاعد جوه عربيته وبيتابع من بعيد ، إيده ماسكة الدريكسيون بقوة كأنها بتفرغ التوتر اللي ماليه.
عينه كانت متسمرة على بوابة المدرسة، وقلبه بيتخبط جوه صدره بسرعة ومستني اللحظة المناسبه إللي يشوف فيها ياسمين وهي خارجة من المدرسة ويتكلم معاها ويفهم منها كل حاجة. 
كان بيحاول يقنع نفسه إن كل حاجة عرفها ممكن تكون غلط، يمكن تكون مجرد صدفة او تشابه أسماء !
بس كل دليل وكل معلومة كانت بتصرخ قدامه إنها مش صدفة والاسماء حقيقية... وإن ياسمين دي بنت عيلة الشرقاوي رسمي.
جوه المدرسة.
كانت ياسمين قاعدة على كرسي مكتبها، حاسة بملل خانق وضيق مش طبيعي.
مفيش ورق تمسكه، ولا شغل تلهي نفسها فيه.
حاسّة أن كل حاجة حواليها متظبطة عشان تبقى مرتاحة زيادة عن اللزوم... زيادة لدرجة الخنقة.
نظرات زمايلها كانت مشبعة بالحذر وكأنهم بيتعاملوا معاها بكفوف مغمسة برهبة، ففهمت بدون ما حد يحكي، انهم أكيد عارفين هي بنت مين.
بنت عيلة الشرقاوي اصحاب المدرسة وممنوع الاقتراب منها.. 
غمضت عينيها بغضب من كل اللي بيحصل حواليها.. 
مش دي الحياة اللي كانت بتتمناها ابدا!.. 
حاسه بضيق تقيل علي صدرها.. 
دا غير الألم اللي حاسه بيه مكان ضغطة ايد يحيى اللي لسه معلمه على دراعها.. 
أسلوبه العنيف وتحكماته الغريبه وجدها اللي شايف ان يحيى معاه حق في كل حاجة.. 
ومامتها اللي استسلمت للحياة دي وراضيه بيها ورافضه انهم يخرجوا من بيت جدها. 
كانت حاسّة نفسها محبوسة جوه قفص دهب مش قادرة تتنفس.
قامت من مكانها.. 
كل اللي كان نفسها فيه دلوقتي، تهرب، تهرب لمكان تقدر ترجع فيه لحقيقتها بعيد عن ألقاب وقواعد وحسابات.
خرجت من مكتبها بخطوات سريعة، وقلبها بيصرخ من جوه.
أول ما خرجت من باب المدرسة، شافت السواق بيجري عليها، نفسه مقطوع وهو بيقول بانكسار:
تحت أمرك يا هانم... أجيب العربية لحضرتك دلوقتي؟
رفعت عينيها له بهدوء مصطنع بيخفي الغليان جواها وقالت: شكراً... أنا هرجع البيت لوحدي. استنى انت أحمد، وابقى رجعه البيت.
السواق اتلخبط واتحرك بتوتر، وكأنه عارف المصيبة لو حصل لها حاجة، ورد بسرعة: آسف يا هانم... بس الأوامر اللي عندي، إني مسبش حضرتك أبداً.
شهقت ياسمين في ضيق وكتمت غيظها بالعافية، وقالت بحدة مكبوتة: ليه؟! هو أنا طفلة صغيرة وهتوه لوحدي! من فضلك، اعمل اللي قولتلك عليه.
ومشيت ياسمين بخطوات غاضبة، دموع الغضب محبوسة في عينيها وهي بتحس إنها فقدت أبسط حقوقها... الحرية.
السواق وقف مكانه متجمد، مش قادر ياخد نفس من الخوف، وبسرعة طلع موبايله واتصل بيحيى، صوته بيرتعش وهو بيبلغه باللي حصل.
خالد كان قاعد في عربيته، عنيه مش سايبة ياسمين لحظة.
شاف بعينه حوارها مع السواق، وشاف ملامح الضيق والغضب وهي بتتكلم...
كل حركة منها كانت بتنطق بالقهر اللي جواها.
مشيت ياسمين بخطوات سريعة وعنيفة، وكأنها بتحاول تهرب مش بس من السواق... لأ، من كل القيود اللي بتحاصرها.
خالد شغل عربيته بهدوء، وفضل يراقبها من بعيد، فضوله بيكبر مع كل خطوة بتبعدها... كان عايز يعرف رايحة فين، وليه بتتصرف بعيد عن أنظار عيلتها.
ياسمين كانت غرقانة في أفكارها، كل حاجة حواليها بقت ضباب، مش سامعة غير صوت عقلها اللي بيصرخ بالتمرد... مش قادرة تتأقلم مع حياة مقيدة مش شبهها.
من كتر شرودها، لقت نفسها ماشية على طريق عربيات سريع من غير ما تحس.
وهنا...
سمعت صوت رخيم ومزعج طالع من شاب قاعد جوه عربيته، مهدي السرعة وماشي جنبها خطوة بخطوة:
ـ "القمر ماشي لوحده ليه؟ تعالي أوصلك... أو انتي توصليني، مش هنختلف!"
ياسمين زفرت بضيق، كاتمة غليانها وهي مكملة مشيها، متجاهلاه تماما.
بس الشاب مكمل وراها، مش ناوي يزهق.
عنيها وقعت على حجر كبير مرمي جنب الطريق... مدّت إيدها وخدته وهي ماشية من غير ما تبطّأ.
خالد كان بيراقب المشهد كله من بعيد وهو جوه عربيته ، حاسس إن في حاجة غلط بتحصل، وبدأ قلبه يدق بسرعة.
الشاب قرب أكتر بعربيته ووقف قصادها، منزل إزاز العربية وباصصلها بنظرة وقحة وهو بيقول بسعادة مريضة: "أيوه بقى... شكلنا هنتبسط النهاردة."
ياسمين كانت البركان اللي وصل للغليان.
بصلت له بعيون مولعة نار، وقالتله وهي ماسكة الحجر: "انت واحد قليل الأدب!"
وفي لحظة واحدة...
رمت الحجر بكل قوتها عليه.
الحجر كان كبير وخبط في دماغه واتسبب في جرح كبير وعميق، وصوت الصرخة بتاعته ملأ الشارع.
ياسمين ما استنتش تشوف اللي حصل، قلبها كان بيدق بعنف وهي بتجري بكل قوتها بعيد عنه.
كل وجعها وخوفها اتحول لطاقة هروب.
الشاب نزل من عربيته وهو حاطط إيديه على دماغه، الدم بينزف منها بغزارة، وعنيه مولعة غيظ وجنون.
بدأ يجري بسرعة ناحية ياسمين، ملامحه مش مجرد غضب... كانت نظراته فيها رغبة انتقام مرعب.
خالد ، اللي كان بيراقبها من بعيد، ضغط على دواسة البنزين بكل قوته، قرب بعربيته ناحية ياسمين وهو قلبه بيتخبط في صدره من القلق عليها.
بمجرد ما قرب منها وهي بتجري ، نزل من العربية بسرعه وجري عليها عشان يحميها.
ياسمين، اللي كانت بتجري بكل قوتها، وقفت مكانها أول لما شافت خالد قدامها، حسّت كأنها لقت حائط أمان يحميها من الخطر اللي بيجري وراها.
خالد سألها بنبرة كلها لهفة وقلق: انتي كويسه؟ 
هزت راسه ب ااه وبصت وراها بسرعه ولقت الشاب اللي بيجري وراها خلاص هيقرب منها. 
خالد حاول يطمنها انه موجود معاها، وقف قدامها بحماية وشاف الشاب اللي كان بيجري ورا ياسمين وهو بيقرب منهم والدم بينزف من دماغه. 
خالد وقف قصاد الشاب وجسده بيتحرك بحماية غريزية... صدره بيعلو وينخفض وهو بيواجه الغضب المتوحش اللي كان بيقرب منهم.
الشاب كان بيصرخ بجنون، الدم مغرق وشه، صوته عالي ومخيف وهو بيهدد: "هقتلها! محدش هيقدر يحوشني عنها!"
ياسمين، كانت واقفة ورا خالد، بتخفي وشها ورا ضهره وقلبها بيرتعش من الرعب، مسكت طرف جاكيت خالد كأنها بتحتمي بيه، وصوتها خرج من حنجرتها بصراخ مرتبك: مين دي اللي هتقتلها؟ دا انت حتة عيل متسواش!
فكر بس تقرب مني... وشوف أنا هعمل فيك إيه!"
الشاب وكأنه انفجر، فقد السيطرة على أعصابه تمامًا، ورفع إيده بعصبية وهو ناوي يضربها، لكن خالد كان أسرع.
مسك إيده قبل ما توصل لياسمين، وضغط عليها بقوة خلت ملامح الشاب تتلوى من الألم، وقال بصوت هادي بس فيه نبرة تهديد: طب إيدك بس لتوحشك.
ودفعه خالد بقوة في صدره، رجعه لورا، كأنه بيبعد الخطر عن ياسمين بأي تمن.
الشاب صرخ، عنيه بتبرق بجنون: البنت دي فتحتلي دماغي!
ردت عليه ياسمين، ورعبها اتحول لغضب، والغضب لقوة دفعتها تتكلم من غير تردد: عشان انت واحد قليل الأدب... وتستاهل أكتر من كده!
. بقلمي ملك إبراهيم
مسك إيده قبل ما توصل لياسمين، وضغط عليها بقوة خلت ملامح الشاب تتلوى من الألم، وقال بصوت هادي بس فيه نبرة تهديد: طب إيدك بس لتوحشك.
ودفعه خالد بقوة في صدره، رجعه لورا، كأنه بيبعد الخطر عن ياسمين بأي تمن.
الشاب صرخ، عنيه بتبرق بجنون: البنت دي فتحتلي دماغي!
ردت عليه ياسمين، ورعبها اتحول لغضب، والغضب لقوة دفعتها تتكلم من غير تردد: عشان انت واحد قليل الأدب.
خالد رجع بنظره ليها، حس بنبض قلبه بيزيد لما شاف الخوف في عينيها لكنها بتحاول تخفيه ورا صوتها العالي، 
هو شاف اللي حصل من بعيد وياسمين بترمي حجارة علي الشاب وهو في عربيته. بس مكنش يعرف الشاب ده عملها إيه! 
سألها باهتمام: هو عمل إيه؟
ياسمين ردت وهي بتحاول تحبس رعشة صوتها: كان بيعاكسني وأنا ماشية!
الشاب انفجر فيهم بزعيق هستيري، كأنه بيحاول يقلب الطاولة: "كمان عايزة تلبسيني تهمة يا بت؟! هو في واحدة محترمة تمشي لوحدها على طريق زي ده؟! آه، أكيد زبون هو اللي نزلِك هنا لما اختلفتوا على السعر !"
الكلمات وقعت زي السهام علي ياسمين، دموع القهر لمعت في عينيها.
لكن قبل ما ترد،
خالد اتحرك بسرعة الصاعقة... قبض إيده ولكم الشاب في وشه بقوة،
الشاب ملحقش يستوعب اللكمة القوية دي جت منين! 
لكمة تقيلة طلعت كل الغضب اللي جوا خالد، وخدت الشاب وطيرته على الأرض.
ياسمين شهقت بصدمة، حطت إيديها على بُقها وهي شايفة المنظر قدامها،
مبهورة وقلبها بيخبط من المفاجأة...
ماكانتش متخيلة إن حد ممكن يدافع عنها بالطريقة دي!
الشاب وقع على الأرض بيأن من الوجع، وإيده ملطخة بالدم، مش قادر حتى يرفع نفسه.
عربيات كتير وقفت حوالين مكان الخناقة، الناس اتلموا، والكل بيحاول يبعد خالد عن الشاب بالعافية.
خالد كان في قمة غضبه ومصمم إنه يعاقب الوغد ده اللي خوف ياسمين وغلط فيها قدامه.
ياسمين كانت واقفه خايفه لما شافت ناس كتير اتجمعوا حواليهم وكانت عايزة الموضوع ينتهي بسرعه وبدون ما يوصل ل جدها او يحيى. 
في وسط الزحمة، والناس بيبعدو خالد عن الشاب بصعوبة.. الشاب استغل الفرصة، وجرى ناحية عربيته وهو بيترنح من الوجع، وركب عربيته بسرعة واختفى عن الأنظار.
خالد كان عايز يمسكه تاني عشان ياسمين تعمل فيه محضر، لكن ياسمين رفضت وقالت انها عايزة تروح وبس! 
ياسمين كانت واقفة ملامحها مشوشة من الخوف، إيديها متشابكة قدامها كأنها بتحمي نفسها من العالم.
خالد قرب منها بخطوات واسعة، مسك إيديها بحزم، فتح باب عربيته بإيده التانية، وقال بصوت آمر من غير ما ينطق بكلمة زيادة: اركبي. 
هي دخلت العربية وهي مش فاهمة بتعمل إيه، بس كان واضح عليها الرهبة.
ركب خالد جنبها، قفل الباب بعصبية، ودوّر العربية بسرعة، وتحرك بيها وهو نفسه بيتهز مع كل نفس بياخده من كتر الغضب اللي بيغلي جواه.
اتكلم وهو عينيه مسلطة على الطريق وصوته مليان غضب مكبوت: "ممكن أفهم ليه رفضتي تعمليله محضر؟!"
ياسمين بلعت ريقها، صوتها كان خافت ومهزوز من التوتر: "مش عايزة مشاكل..."
خالد ضرب إيده على الدركسيون بخفة وهو بيتمالك نفسه بالعافية وقال بصوت مشحون: مشاكل! ده قليل الأدب كان ممكن يأذيكي لو انا مكنتش موجود... وبعدين انتي ليه تمشي على طريق زي ده لوحدك؟!"
ياسمين كانت حاسه انها سامعه صوت نبضها بيخبط في كل جسمها من التوتر، ردت بسرعة كأنها بتحاول تشرح وتبرر خوفها: أنا كنت مخنوقة.. ونفسي أمشي لوحدي شوية... معرفتش إن كل ده هيحصل.
خالد بص لها بطرف عينه نظرة طويلة، فيها خليط بين اللوم والخوف عليها، وقال: مفيش بنت بتمشي لوحدها هنا وعلى طريق زي ده.
ياسمين ردت وهي بتضم جسمها بخوف: انا مفكرتش في اي حاجة غير اني عايزة اتنفس لوحدي ب حرية! 
خالد بص لها وبعدين سكت.
حاول يهدى نفسه، اخد نفس عميق، وركز في السواقة بدل ما ينفجر غضبه أكتر من كده.
ياسمين كانت قاعدة مكانها، ضامة نفسها، بتفرك صوابعها بتوتر.
كل تفكيرها كان رايح على فكرة واحدة بتخوفها: "لو جدي عرف... لو يحيى عرف... مش هيسمحوا اني اخرج من البيت او المدرسه لوحدي تاني!"
كانت حاسه إنها فقدت سيطرتها على حياتها من ساعة ما دخلت بيت جدها... والنهارده الإحساس ده بقى كأنه قيد حديدي مش هتعرف تهرب منه أبدا.
خالد كان سايق وعينيه مركزة قدامه، وصوته طالع هادي بس فيه لمحة استفهام حادة: كنتي رايحة فين؟
ياسمين اتلخبطت، اتحركت في مكانها بقلق، وردت بصوت واطي: "مش عارفة..."
لف وشه ناحيتها لحظة، حاجبه مرفوع بدهشة مش مصدق: يعني إيه مش عارفة؟!
ياسمين بصت له بحذر، عينيها مليانه توتر، وقالت: انا معرفش أي حاجة هنا.. انا لسه جايه البلد هنا من فترة قليله ومعرفش اي حاجة فيها. 
خالد انتبه على كلامها وسألها بفضول: آنتي قولتيلي انك عايشه في بيت جدك هنا.. هو جدك مين؟ 
ردت بعفوية: جدي اسمه جلال الشرقاوي. 
خالد بلع ريقه وهو على بعد لحظات من معرفة الحقيقة منها وسأل: انا اعرف الحاج جلال الشرقاوي واعرف إن عنده ولدين بس.. راشد الشرقاوي ابنه الكبير ويحيي الشرقاوي ابنه الصغير.. انتي بنت مين فيهم؟ 
ردت ياسمين: انا بنت يحيى جلال الشرقاوي. 
خالد قلبه دق بعنف وكأنه في صراع وسألها بتوتر: وليه مكنتيش عايشة معاهم هنا ؟
ياسمين اتحرجت تقوله ان مامتها الزوجة التانيه ل يحيي الشرقاوي وكان باباها باعدهم عن عيلته وقالت بتوتر: بابا وماما اتجوزوا في القاهرة وكنا عايشين هناك ..ولما حصلت الحادثة واختطاف احمد جدي اصر اننا نيجي نعيش معاه هنا. 
وسألته فجأة: "هو انت شفتني ازاي هنا؟"
رجع يبص للطريق، وقال بنبرة عادية وكأنه بيحكي حاجة عابرة: "كنت ماشي على الطريق بالصدفة... وشوفتك بتجري والولد ده بيجري وراكي."
وبعدين لف وشه ليها تاني، وعينيه بتلمع بإصرار: "هنروح القسم دلوقتي تعمليله محضر، وأنا هعرف ازاي أجيبه."
ياسمين شهقت بخوف، وشها شحب واتكلمت بسرعة وهي بتترجاه: "لأ! لأ محضر لأ!.. لو جدي عرف باللي حصل مش هيخرجني من البيت تاني... ويحيى ابن عمي مش هيسكت."
خالد ضيق عينيه بفضول، سألها وهو مش قادر يخفي اهتمامه: "يحيى ابن عمك مش هيسكت؟ هيعمل إيه يعني؟"
ياسمين خفضت وشها بسرعة، كأنها خايفة حتى تعبر عن اللي جواها، وسكتت.
خالد لاحظ ارتباكها، حس إن في حاجة أكبر من مجرد خوف من ابن عمها، بس مرضيش يضغط عليها أكتر.
الدنيا حواليهم بدأت تبقى أهدى وهما داخلين طريق عمومي وسط زحمة ناس ماشية وعربيات وقربوا من الشارع اللي فيه بيت جد ياسمين.
ياسمين رفعت راسها وبصت من الشباك، جسمها بيترعش خفيف من التوتر، وقالت بصوت أقرب للرجاء:  "ممكن أنزل هنا لو سمحت؟"
خالد بصلها باستغراب، وسأل بدهشة حقيقية: "ليه هنا؟"
ردت بسرعة، وكأنها عايزة تهرب من الموقف ومنه كمان: البيت قريب من هنا.. هاخد تاكسي يوصلني البيت... كده هكون مرتاحة أكتر."
خالد اتنهد، وهو بيركز تاني قدامه، وقال بنبرة خفيفة فيها شيء من خيبة الأمل:  انا ممكن اوصلك بيت جدك.. انتي متعرفيش حاجة هنا وممكن تتوهي! 
ياسمين ابتسمت ابتسامة متوترة، وقالت بهمس: "شكراً... انا عارفه عنوان البيت وهكون مرتاحة آكتر لما ارجع لوحدي.
خالد سكت، وحس انها محتاجة فعلا تكون لوحدها. 
محبش يضغط عليها وركن على جنب بهدوء، وعقله مليان علامات استفهام حواليها، وحوالين الخوف اللي في عينيها.
ركن العربية على جنب بهدوء، ياسمين ابتسمت برقه وقالت بنبرة فيها خجل وامتنان: شكرا يا حضرة الظابط... وآسفة على اللي حصل.
ابتسم خالد ابتسامة خفيفة مالهاش تفسير غير إنه مستغرب المسافة اللي فجأة رسمتها بينه وبينها، ورد عليها بنفس الرسمية بس بابتسامة دافية: "تحت أمرك يا آنسة ياسمين... وزي ما بيقولوا: الشرطة في خدمة الشعب.
ياسمين بصتله بدهشة خفيفة، وهو كمل كلامه بضحكة خفيفة كسرت الرسميات اللي بينهما: يعني أنتي هتقوليلي حضرة الظابط، وأنا أرد عليك آنسة ياسمين؟! إيه الرسميات المملة دي؟ خلينا ياسمين وخالد عادي، من غير تكليف وكلام يزعل.
ضحكت ياسمين من قلبها، ولأول مرة من ساعة ما ركبت معاه تحس إنها مرتاحة، وقالت وهي بتبتسم:  ماشي... شكراً يا خالد.
ابتسم لها أكتر، وفي عينيه بريق خفيف من الإعجاب وقال بمزاح واضح: العفو... يا آنسة ياسمين.
ضحكت بصوت أعلى، وهو اتأملها للحظة كأنه بيشوف نور خفيف ظهر وسط يومه الكئيب.
بص لها بخبث ظريف وقال: هو أنا لو طلبت رقمك دلوقتي أبقى رخم شوية... صح؟
وشها احمر فجأة، وحست بالخجل لدرجة إنها مقدرتش تبصله وهي بتهمس: مش عارفة..."
خالد رفع إيده وحك شعره وهو بيضحك وقال: إيه الإحراج ده!!
ضحكت ياسمين تاني، وهو حاول يخفف الموقف وقال بهزار: بصراحة... أنا كنت عايز رقمك عشان أكلم صاحبي أحمد... واطمن عليه.
ياسمين حست إنه بيحاول يهرب من إحساسه الحقيقي، فابتسمت وقالت بمودة: وأحمد كمان مش بيبطل زنّ، طول الوقت بيسأل عليك وعايز يكلمك.
قال خالد بنبرة مليانة خفة دم: خلاص... يبقى أخد رقمك عشان أكلمه واطمن عليه براحتي.
هزت راسها بالموافقة، واخدت الموبايل منه وسجلت رقمها، وبابتسامة هادية قالت: كده الرقم بقى عندك.
على طول، خالد اتصل بيها وهو بيبتسم وقال: عشان يبقى عندك رقمي... وأول لما توصلي البيت، تخليني أكلم صاحبي أحمد... وأطمن إنك وصلتي بالسلامة.
ابتسمت ياسمين ابتسامة خجل بريئة، ونزلت من العربية بسرعة، وكأنها بتحاول تهرب من مشاعر بدأت تخوفها.
خالد قعد يراقبها بعينيه وهي واقفة تدور على تاكسي، ولما لقت تاكسي وركبته، مشي وراها بعربيته بهدوء، محافظ على مسافة آمنة، لحد ما شاف التاكسي بيقرب من بيت الشرقاوي.
شافها وهي بتنزل من التاكسي وتدخل بوابة البيت الكبيرة، ولما اتأكد إنها دخلت بأمان، لف بعربيته وتحرك ناحية القسم، بس عقله لسه مشغول بيها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في اخر اليوم. 
ياسمين كانت قاعده في اوضتها بتفكر في اللي حصل النهاردة وفي الصدف الغريبه اللي دايما تجمعها ب خالد! 
قررت تكتب يومياتها وبدأت باليوم اللي قابلت فيه خالد اول مرة يوم الحادثه لان اليوم ده كان غريب ومميز بالنسبه لها. 
وهي بتكتب رن تليفونها برقم خالد.. اول لما شافت رقم خالد على الشاشة، قلبها دق بعنف كأنه هيطير من مكانه، وبلعت ريقها بالعافية قبل ما تضغط على زر الرد بإيد مرتعشة.
ـ "ألو..."
نطقت الكلمة بصوت خافت ومهزوز، وكأنها خايفة حتى من نفسها.
ـ "ألو... إزيك؟"
جالها صوت خالد دافيء عبر السماعة، فيه نبرة مريحة غريبة خلت قلبها يزيد دقاته أكتر.
ـ "الحمدلله..."
ردت عليه بخجل، وهي بتحاول تهدي رجفة صوتها.
خالد كان واقف في بلكونة أوضته، والهوا البارد بيلمس وجهه بخفة، وهو بيبص على جنينة الفيلا بتاعهم اللي عمره ما حس بجمالها زي النهاردة.
قال بنبرة خفيفة فيها عتاب لطيف: "أحمد صاحبي مكلمنيش ليه؟... أنا مستني مكالمته من الصبح."
ابتسمت ياسمين بتوتر، وقالت وهي بتحاول تخفي خجلها: "أحمد... جاله شوية ألعاب جديدة النهاردة، ومش عايز يخرج من أوضته خالص."
خالد ابتسم لنفسه وهو بيسمع صوتها، وحس إن كلامه بيخرج لوحده من غير تفكير: "يعني أحمد مشغول عني... وانا اللي كنت بفكر فيه، وقولت أكيد هو كمان بيفكر فيا."
جملته دي خبطت قلب ياسمين خبطه جامدة، حست إنه مش بيكلم عن أحمد أصلاً، وكأنها هي اللي في باله مش غيرها...
الخجل لف وشها، وكانت لسه هترد، لكن فجأة...
باب الأوضة اتفتح بقوة عنيفة خلتها تنتفض من مكانها، والتليفون وقع من إيدها على السرير بصدمه.
دخل يحيى ابن عمها، بيقتحم الأوضة بانفعال وعصبية، صوته بيعلى وهو بيزعق بكل قسوة: "هو انتي مش عايزة تسمعي الكلام ليه!! فاكرة إن ملكيش كبير يحكمك!!"
ياسمين اتجمدت مكانها، عينيها بتلمع من الخوف، ودقات قلبها مش سيبالها نفس تفكر.
انتفضت ياسمين من فوق سريرها بصدمة، جسمها كله اتجمد من الرعب.
كانت لابسة بيچامة منزلية، وشعرها البني الطويل سايب على كتفها من غير الحجاب... عينيها اتسعت وهي مش مصدقة إن يحيى دخل عليها بالشكل ده!
يحيى اتجمد مكانه، عينه ماتحركتش عنها.
لأول مرة يشوفها كده...بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
انتفضت ياسمين من فوق سريرها بصدمة، جسمها كله اتجمد من الرعب.
كانت لابسة بيچامة منزلية، وشعرها البني الطويل سايب على كتفها من غير الحجاب... عينيها اتسعت وهي مش مصدقة إن يحيى دخل عليها بالشكل ده!
يحيى اتجمد مكانه، عينه ماتحركتش عنها.
لأول مرة يشوفها كده. بجمالها الطبيعي الساحر، شعرها الحريري اللي وقع على كتفها، ملامحها البريئة اللي خطفت قلبه قبل عقله.
نسي هو أصلاً كان جاي ليه... نسي كل حاجة.
ياسمين اتحركت بسرعة، إيديها بترتعش، خطفت الطرحة من فوق الكرسي وحطتها على شعرها بارتباك شديد.
بصتله بعيون مولعة غضب وزعقت فيه بصوت عالي، مليان توتر وخوف: "إنت إزاي تقتحم عليا الأوضة بتاعتي من غير استئذان! انت فاكر نفسك مين!"
على الجانب التاني، خالد كان لسه ماسك تليفونه والمكالمة شغالة.
سمع شهقة ياسمين، صوت التليفون لما وقع، وصوت صريخ رجالي خشن... وبعدين سمع ياسمين وهي بتزعق بقوة.
جسم خالد اتشد كله، عينيه اتسعت ووشه كله اتغير من القلق والخوف عليها.
كان سامع كل كلمة، وكل نفس بتاخده.
يحيى وقف مبهوت قدامها، نظراته مش قادرة تتحول عنها.
حاول يجمع نفسه بالعافية، وبلع ريقه وهو بيحاول يتكلم بنبرة أقل حدة: "أنا خوفت عليكي لما السواق قالي إنك سبتيه في المدرسة ومشيتي بدري، ومكنش عارف أنتي روحتي فين... ليه مشيتي كده فجأة؟ وليه رجعتي بتاكسي؟"
نظراته كانت بتحاول تبين اهتمام، لكن كانت مفضوحة بالإعجاب اللي مالي عنيه.
ياسمين كانت بتغلي من الغضب، عينيها بتبرق بالدموع، وقالتله بحنق وهي بتشد الطرحة أكتر على شعرها: "ده شئ ميخصكش! ولو سمحت اخرج برا أوضتي... وأنا هنزل أكلم جدي وأحكي له على اللي عملته وكل اللي بتعمله معايا ده مش هيعدي علي خير!"
كلامها كان زي صفعة على وش يحيى، لكنه ابتسم بسخرية وهو بيقرب منها بخطوات هادية تقيلة، وعينه ثابته على عينها.
قال بنبرة متعجرفة: "مش هيعدي على خير؟... هتعملي إيه يعني؟"
ياسمين رجعت خطوتين لورا بخوف، قلبها بيرجف، وصوتها خرج متوتر ومترجي: "لو سمحت يا يحيى... اخرج من أوضتي حالًا."
خالد كان واقف مكانه مش قادر يستوعب اللي سمعه، قلبه كان بينفجر من الغضب، وكل كلمة سمعها كانت بتزيد نار الغضب جواه. كان عارف إن يحيى مش سهل، لكن الطريقة دي في التعامل مع ياسمين كانت بتخلّي دمه يغلي.
سمع ضحكة يحيى اللي كانت مليانة تهديد وتسلط، وابتسامة السخرية اللي طلعت منه كانت بتقهره، مش قادر يتحمل فكرة إن يحيى بيهدد ياسمين بالطريقة دي.
يحيى: "اسمعيني كويس يا بنت عمي.. سبق وقولتلك إنك لازم تنسي حياتك القديمة دي خالص، ولازم كل حركة وكل خطوة تاخديها أكون على علم بيها."
قرب منها أكتر وهو بيبصلها بإعجاب، وقال: "وكل نفس بتتنفسيه لازم أكون عارف بيه."
ياسمين كانت مرتجفة من الخوف، قلبها بيدق بسرعة مش قادرة تتحمل أكتر، ردت بصوت مهزوز، مكسور: "لو سمحت ابعد."
يحيى رفع إيديه لفوق، وهو بيبعد عنها بخطواته الواثقة، وهو بيكمل: "أنا هبعد المرة دي وهنسى كل الكلام السخيف اللي قولتيه، بس لو عرفت إنك سيبتي السواق تاني وروحتي على أي مكان لوحدك... وقتها يبقى أنا مش مسؤول عن اللي هعمله."
ياسمين كانت واقفة، جسدها كله مرعوب، وعينيها مليانة خوف، مش قادرة تنطق بكلمة أكتر.
يحيى ابتسم ابتسامة خفيفة وهو بيبص عليها، عينيه كانت مليانة تحدي وسخرية. 
يحيي: "على فكرة... لون شعرك حلو، أنا بحب اللون ده.. اوعي في يوم تغيريه."
كلامه كان بيزيد من توتر ياسمين، وخلّى قلبها يوجعها أكتر.
ياسمين حاولت تبقى هادية على قد ما تقدر، وربطت الحجاب على شعرها بإحكام أكتر، وكأنها بتحاول تحمي نفسها من نظراته. بصت له بسرعة وقالت بصوت مهزوز: "اخرج برا لو سمحت."
ابتسم ابتسامة مش معبرة، وكأن الكلمة دي ما جتش في باله أصلاً وخرج من الغرفة، وهو ماسك نفسه بالكاد عشان ما يبانش قدامها إنه مستمتع بالموقف.
ياسمين جرت بسرعة على باب الغرفة، قفلته بالمفتاح، وحاولت تهدأ نفسها.
قعدت على سريرها وهي بتبكي بمرارة، قلبها بيقطّعها من جوه.
بعد لحظات، اكتشفت إن الموبايل كان لسه شغال. بصت عليه بتركيز، وشافت إن المكالمة مع خالد لسه مستمرة، وهو سمع كل حاجة.
"خالد فعلا سمع كل كلام يحيي معاها، وكل كلمة خرجت من يحيى كانت زي السكين بتدمي قلبه. كان نفسه يكون جنب ياسمين في اللحظة دي، ويكسر دماغ يحيى ويعاقبه على كل كلمة قالها، على كل تهديد، على كل حاجة خلت ياسمين في الموقف ده. كان حاسس في قلبه بنار مشتعلة وهو سامع كلام يحيى، التهديدات اللي موجهة ليها، وكلامه عن إعجابه بيها، بلون شعرها، كل ده كان بيشعل الغيرة في قلبه. حس إنه مش قادر يتنفس، مش قادر يتحمل يشوف ياسمين في الحالة دي. كان نفسه يحميها من كل اللي حواليها، يبعد عنها الأذى ده.
ياسمين رفعت التليفون وقربته من وشها، بتحاول تتأكد إذا كانت المكالمة لسه مفتوحة فعلا ولا تقفلت.
وخالد، على الطرف التاني، سمع بوضوح صوت أنفاسها المرتعشة وهي بتقرب الجهاز منها،
أنفاس خافتة، مرتبكة… بس كانت كفاية توصل له قد إيه هي خايفة.
خالد: "ياسمين... أنتي كويسة؟"
صوته كان مليان قلق، وفيه نبرة مش قادر يخفيها من الغضب.
قفلت المكالمة بسرعة اول لما سمعت صوته، وهي محروجة منه بعد ما سمع اللي هي بتتعرض ليه في بيت جدها من معاملة ابن عمها وعدم احترامه لخصوصيتها.
أول ما قفلت المكالمة، لقت خالد بيتصل تاني. كانت محتارة ترد عليه ولا لأ، وكان في جواها صوت قوي بيشجعها ترد، عشان كانت محتاجة تطمّن وتحس بالأمان، وكانت محتاجة حد زي خالد عشان يطمنها.
ردت بصوت مهزوز، وسمعت صوت خالد وهو بيسألها بلهفة: "إيه اللي حصل يا ياسمين؟"
سكتت، ومقدرتش ترد تقوله إيه. خالد اتكلم بغضب وعصبية، وكانوا واضحين جدًا في نبرة صوته: "هو اقتحم الأوضة بتاعتك صح؟ وليه بيخوفك ويهددك كده؟"
ردت ياسمين ببكاء: "عشان هو كده من أول ما جينا البيت ده. دايمًا عصبي وهمجي كده، ومش بيعرف يتحكم في أعصابه. أنا اشتكيت لجدي أكتر من مرة وهو مش بيسمع لحد. أنا أصلاً زهقت من البيت ده، ونفسي أرجع بيتنا القديم أنا وماما وأخويا."
اتكلم خالد بغضب: "وأيه اللي يمنع إنكم ترجعوا بيتكم القديم؟"
ردت بحزن: اللي يمنع ان حالة ماما صعبة ومحتاجة علاج كتير وهنا في خدم بيساعدوها في كل حاجة وانا مهما أشتغلت مش هقدر اوفرلها الادويه بتاعها وحد يخدمها وانا في شغلي ، وكمان احمد لما صدق انه يروح مدرسه نضيفه ويبقى عنده اوضه لوحده ومليانه بكل الالعاب اللي كان بيحلم بيها.. يمكن انا الوحيدة فيهم اللي مش مرتاحة في البيت هنا ومش عايزة اكون انانيه واحرمهم من الحياة دي. 
خالد كان بيسمعها بكل انتباه، كان بيسمعها بقلبه. كل كلمة كانت خارجة منها بتقربه أكتر، بتفهمه هي حاسة بإيه، وبتكسر أي مسافة كانت بينهم. صوتها كان متلخبط بين الحزن والصدق، وهي بتحكيله عن اللي جواها، عن الخوف، والارتباك، والذكريات اللي عمرها ما قالتها لحد. وكل ما كانت بتتكلم، كان هو بيحس إنه مش بس بيسمع، ده شايل معاها. فجأة حس إنها بقت جزء منه، مسؤوليته، ومشاعره بقت أعمق من مجرد تعاطف. ولما حكت له إزاي اكتشفت إن جلال الشرقاوي هو جدها، بدأ يشوف ياسمين بعين مختلفة... بقى عارف عنها كل حاجة، وكل تفصيلة كانت بتربطها بالعالم اللي هو بيحاول يفهمه.
كان ساكت وهو بيسمعها ونفسه يقولها كلمة تطمنها، يوعدها إنه جنبها وإنه مش هيسيبها مهما حصل.
بس الحقيقة؟
ماكانش يقدر يوعدها بحاجة.. 
لإنه مش مجرد خالد اللي بيسمعها دلوقتي وحاسس بيها.
هو الظابط اللي اسمه مكتوب على رأس مهمة رسمية، مهمته يطارد عيلتها، يحاصرهم، ويقبض عليهم…
وجدّها، اللي هي لسه بتكتشفه دلوقتي، هو أول اسم في قائمة المطلوبين.
قلبه كان بيدق بصوت عالي، مش من الحب بس… كمان من الخوف عليها.
خايف من اللحظة اللي هتعرف فيها كل حاجة… 
كان لازم يسيطر على قلبه ومشاعره ، قبل ما يتقال بينهم كلام مايتسحبش تاني.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور أسبوع.
في قسم الشرطة.. 
كان خالد قاعد على مكتبه، عيونه مركّزة على الورق قدامه لكن تفكيره تاه بعيد. شارد تمامًا في ياسمين. مش قادر يفهم اللي حصل له بعد آخر مكالمة كانت بينهم. أسبوع فات، وفيه صوتها لسه في أذنه وفي قلبه... المكالمة اللي فتحت فيها قلبها ليه، وحكت له عن كل حاجة. وكل كلمة منها كانت بتشغل باله أكتر، بتحيره، بتخليه مش قادر يقرب او يبعد.. في اليوم ده اتولدت جواه مشاعر غريبة اتجاه ياسمين، مشاعر خلت قلبه يدق بطريقة ماحسهاش قبل كده كأنها لمست حاجة فيه كان ناسي إنها موجودة.. في لحظة معينة، دق جواه إنذار بالخطر... الإحساس كان واضح زي صرخة بتشق سكون تفكيره: قلبه ماشي في طريق خطر، ولازم يوقفه قبل ما يتوه أكتر. هو مش هيقدر ينكر إنه حس بإعجاب حقيقي ناحية ياسمين قبل ما يعرف انها من عيلة الشرقاوي، بس دلوقتي... كل حاجة اتغيرت. ياسمين تبقى من عيلة الشرقاوي، العيلة اللي عليه يقبض عليهم متلبسين بتجارة السلاح ، الإحساس اتحول لصراع جواه. بين قلبه اللي كان بيبدأ يدق ليها وواجبه اللي بيصرخ فيه ياخد موقف.. كان خايف يتعلق بيها اكتر ويعلقها بيه وتفكر ان كان هدفه هو القبض على عيلتها! وتفقد الثقة فيه وفي مشاعره الحقيقيه ناحيتها. 
فاق من شروده على صوت معتصم ومهاب وهما داخلين عليه المكتب وهزارهم العالي مالي المكان:
معتصم (بضحكة): باشا مصر اللي منوّرنا ومنوّر الداخلية كلها!
مهاب: المكتب نور بينا صح؟
خالد رفع عينه ليهم وبص بجمود، وقال بنبرة مش مرتاحة: "الداخله اللي بالشكل ده عمرها ما تطمّن... جايين عايزين إيه؟"
مهاب رفع إيده وكأنّه بيتبرّى وقال بضحك: "المرة دي مش أنا، دا معتصم هو اللي عايزك."
خالد لف نظره على معتصم وقال بنبرة فيها فضول خفيف: "خير يا معتصم؟"
معتصم قرب منه وقال بحماس: "بص يا سيدي... فرح أخويا الخميس اللي جاي في البلد عندنا، ولازم تيجي إنت والواد ده، ومش هقبل أي أعذار !"
خالد ابتسم ابتسامة خفيفة، كأنها خرجت رغمًا عنه، وقال بنبرة ودودة: طبعا يا معتصم دا فرح أخويا، وهكون أول واحد هناك كمان."
معتصم بص لمهاب بغيظ ساخر وقال: "سمعت؟ شوف الناس اللي بتفهم! مش زيك، أعزمك تقولي مش هاجي لو خالد ماجاش."
مهاب ضحك وقال وهو بيقعد على الكرسي قدامه: "أنا كنت متوقع إنه هيعتذر عشان القضية اللي شاغلاه اليومين دول."
خالد تنهد بعمق، ونظرته وقعت على المكتب كأنه بيهرب من الكلام، لمجرد ذكر القضية.
معتصم حس بقلقه، قرب منه وسأله بنبرة مستغربة: "في إيه يا خالد؟ هي القضية معقدة كده؟"
خالد هز راسه ببطء وقال بضيق واضح: "كل حاجة فيها تعقدت... بس سيبنا من ده، وقولي بقى... أخوك هيتجوز بنت من البلد برضه؟"
معتصم ضحك بس بخفة وقال: "هيتجوز بنت عمتي... أنا شخصياً استغربت لما أبويا كلمني وقالي. أصل البت زينة دي لسه عيلة! فاكرها وهي لسه بتلعب في الشارع بضفايرها... مش عارف كبرت إمتى، وممدوح أخويا فكر فيها ازاي وهي أصغر منه بـ ١٥ سنة!"
مهاب (بدهشة) : "الغريب إن ممدوح أخوك فكر يتجوز تاني أصلاً!"
معتصم: "هو متجوز من ١٠ سنين، ومراته ما بتخلفش... فشايف إن ده الحل."
خالد (مستغرب): "يعني علشان مراته ما بتخلفش، قرر يتجوز بنت عمتك؟! طب على كلامك البنت صغيرة... يعني مش مناسبه لجوازة زي دي!"
معتصم اتنهد، وقال بصوت فيه شوية حزن: "عارف... بس أبويا قرر يعمل لها فرح كبير في البلد، كنوع من التعويض وفرق السن بينها وبين ممدوح."
مهاب (بضحك): "طب وأبوك سايبك كده من غير جواز ورايح يجوز أخوك اتنين؟ ما تقوله يا بني يشوفلك عروسة بدل ما هو سايبك ترازي فينا كده!"
معتصم (ضحك): "يا عم جواز إيه ووجع دماغ! إحنا غرقانين في الشغل، هو إحنا فاضيين! أهو عندك انت مثل حي... اتجوزت وطلقت بعد كام شهر !.. مفيش واحدة تستحملنا بشغلنا ده!. 
بص لخالد اللي كان لسه سرحان، ونبرته اتبدلت شوية: "ولا إيه يا خالد؟"
خالد رفع عينه ليه وهو مش مركز وقال: "مش عارف..."
مهاب ضحك بصوت عالي وبص له بطرف عينه وقال: "دا باين عليك بدأت تفكر تعملها... اعترف بقى يا باشا وقولنا!"
خالد (بدهشة): "أعمل إيه؟ مش فاهم؟"
معتصم قام وهو بيضحك: "يا عم أنت مش معانا خالص! إحنا هنمشي أحسن. اتفقوا مع بعض هتيجوا إزاي، عشان أنا لازم أسبقكم وأوصل البلد بدري."
خالد ابتسم وقال بهدوء: "إن شاء الله. والف مبروك يا معتصم"
مهاب بص له وهو خارج وقال بنبرة مليانة غلاسة: "شكلك مش عاجبني يا ابن الدريني... لينا قعدة قريب، ومش هسيبك إلا لما تعترف."
خالد ضحك بخفّة وقال بزهق:"خده في إيدك يا معتصم، مش ناقصه خالص النهارده."
معتصم ضحك وسحب مهاب معاه وخرجوا من المكتب، وسابوا خالد لوحده وسط هدوء تقيل، رجع تاني لشروده... بس المرة دي، ملامحه كانت بتقول إن التفكير في ياسمين مش عايز يرحمه... مش قادر يقاوم المشاعر اللي جواه ناحيتها . جواه صوت بيزنّ، صوت ناعم ومُلحّ بيقوله: 'كلّمها... اسمع صوتها بس.' بس هو كان رافض. رافض يستجيب لنداء قلبه، كأن بينه وبين مشاعره في جدار عالي، هو اللي بناه بإيده. كل ما قلبه يهمس، عقله يصرخ: لأ. مش هينفع.. ازاي هقولها ان مطلوب مني اقبض علي جدها وابن عمها.. ولو خبيت عليها ، خايف تفهمني غلط وتفكر اني قربت منها عشان شغلي.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في محافظة سوهاج.
داخل سرايا كبيرة لعيلة صفوان.. (عائلة الظابط معتصم).. 
كانت الأجواء هادية من برّه، لكن جوا أوضة صغيرة في أحد أركان السرايا، كان في عاصفة مشاعر حقيقية.
زهيرة صفوان قاعدة قدام بنتها زينة، اللي كانت دموعها مغرقه وشها وعينيها مش شايفة قدامها. زينة بصتلها برجاء قلب مكسور، وقالت بصوت مخنوق بالبكا: أبوس إيديك يا أمي، بلاش الجوازة دي... الموت عندي أهون من إني أتجوز ممدوح ابن خالي... دا هو اللي مربّيني! هيبقى جوزي إزاي بس! 
زهيرة ردت بقسوة الأم اللي شايفة إن الكلمة وعد: لما خالك سألك قولتي موافقة! إزاي دلوقتي، بعد ما حددنا يوم الفرح والناس كلها عرفت، تيجي تقولي مش عايزة؟! إحنا مش بنلعب يا زينة! 
زينة كانت بتبكي من وجع أكبر من قدرتها على التحمل. هي لما وافقت، كانت بتحلم. كانت مصدقة إن القدر أخيرًا سمع دعواتها، وإن معتصم ابن خالها اللي قلبها متعلق بيه من سنين هو اللي جاي يخطبها... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
الموت عندي أهون من إني أتجوز ممدوح ابن خالي... دا هو اللي مربّيني! هيبقى جوزي إزاي بس! 
زهيرة ردت بقسوة الأم اللي شايفة إن الكلمة وعد: لما خالك سألك قولتي موافقة! إزاي دلوقتي، بعد ما حددنا يوم الفرح والناس كلها عرفت، تيجي تقولي مش عايزة؟! إحنا مش بنلعب يا زينة! 
زينة كانت بتبكي من وجع أكبر من قدرتها على التحمل. هي لما وافقت، كانت بتحلم. كانت مصدقة إن القدر أخيرًا سمع دعواتها، وإن معتصم ابن خالها اللي قلبها متعلق بيه من سنين هو اللي جاي يخطبها.
فاكرة اليوم اللي خالها قال فيه: "أنا عايز زينة لابني"، كانت هترقص من الفرحة. حسّت إن ربنا كافأها على صبرها وحبها الصامت. قالت "موافقة" بقلب مليان أمل... لكن الفرحة اتحولت لصدمة بعدها.
عرفت إنهم مش جايين يخطبوها ل معتصم... دا ممدوح ابن خالها الكبير، المتجوز من عشر سنين ومراته مبتخلفش.
عايزينها زوجة تانية! مش حبيبة، مش شريكة عمر... بس "بديله"
زهيرة قامت بغضب، وهي بتعدل طرحتها وقالت: امسحي دموعك يا عروسة! محدش من دار خالك لازم يشك في حاجة. قومي معايا نشتري جهازك وهدوم الفرح!
خرجت زهيرة من الأوضة، وزينة فضلت قاعدة مكانها، حاسة إن العالم كله ضاق عليها. كأن في حكم بالإعدام اتكتب باسمها من غير ما حد يسمع دفاعها! 
رفعت عينيها للسماء، والدموع نازلة بهدوء، وهمست جواها: يا رب... أنا ما تمنّتش حاجة في حياتي قد ما تمنّيت أكون من نصيب معتصم. كنت بدعيلك ليل ونهار. بس خلاص... ان مكنش ليا، شيل حبه من قلبي يا رب... عشان أعرف أكمل الجوازة دي. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند ياسمين.
كانت قاعدة في حوش المدرسة، وسط دوشة عيال بتجري وتهزر وتضحك، بس هي كانت في حتة تانية خالص... عينها على الأطفال اللي بيلعبوا، بس عقلها سرحان في خالد.
من وقت المكالمة الأخيرة بينهم، اللي فتحت له فيها قلبها وحكت له كل حاجة عنها... وهو اختفى.
لا سأل، ولا حاول يتواصل معاها.
وجعها قوي الإحساس ده، حسّت إنها كشفت ضعفها قدامه، وفي الآخر سابها ومشي.
كانت الوحدة بتزنّ على قلبها، والملل مالي يومها، كأنها لوحدها في الدنيا كلها.
وفجأة سمعت صوت أنثوي بيقطع الشرود:
شيرين (بابتسامة هادية): "قاعدة لوحدك ليه؟"
رفعت ياسمين عينيها، لقت زميلتها شيرين، مدرسة العربي الجديدة في المدرسة، جاية تقعد جنبها، وبصّتلها بلطف وقالت: بشوفك كتير قاعدة لوحدك؟ مش بتحبي الاختلاط ولا إيه؟
ياسمين زفرت وقالت وهي بتحرك كتفها: مش كده... بس بحس إني غريبة هنا. الناس كلها متحفّظة معايا عشان أنا من عيلة الشرقاوي، أصحاب المدرسة. وأنا بحب الناس تتعامل معايا على طبيعتي، مش مع اسم عيلتي.
شيرين ضحكت بخفة، ومدّت إيدها لياسمين: أنا شيرين... ومش فارق معايا إنتي منين ولا اسمك إيه. أنا حابة أتعامل معاكِ إنتي، مش مع لقب.
ياسمين ابتسمت لأول مرة من وقت طويل، ومدّت إيدها تسلّم عليها: "ياسمين."
شيرين طلّعت سندوتشات من شنطتها، ومدّت أيديها بواحدة لياسمين وهي بتقول: يلا كلي معايا... الأكل أحلى مع صحبة.
ياسمين (بابتسامة دافية): "شكرا ..."
شيرين وهي بتاكل: دي سندوتشات جبنه بالطماطم مش هتلاقيها مع اي حد هنا. 
ياسمين ضحكت وقالت: ماما كانت دايما تعملهالي وانا رايحه شغلي في السنتر. 
شيرين بحماس: وانا كمان بشتغل في سنتر بعد المدرسة هنا.. هنعمل ايه العيشة صعبة ولازم نعمل كل اللي نقدر عليه. 
ياسمين ابتسمت وافتكرت أيام السنتر والشغل إللي كانت بتتعب فيه طول النهار وترجع البيت هلكانه ومش قادرة بس كانت مبسوطة وسعيدة وبالها مرتاح مع مامتها واخوها. 
شيرين سحبتها تاني من شرودها بطريقتها المرحه الطبيعيه و فضلوا ياكلوا مع بعض، والكلام بينهم ابتدا يسخن واحدة واحدة...
وياسمين لأول مرة من فترة، حست إن فيه حد ممكن يشوفها هي، مش مجرد لقب...
وإن الدنيا يمكن تكون لسه بخير شوية.
خلص اليوم الدراسي، وياسمين كانت خارجة من باب المدرسة، ماسكة إيد أحمد أخوها الصغير اللي كان بيتمرجح بإيديها وهو بيضحك.
شيرين كانت ماشية جنبهم، ضحكتها عالية وهما بيتكلموا، بس ضحكة ياسمين اختفت فجأة...
لما عينيها وقعت على يحيى واقف قدام عربيته الفخمه.
لابس بدلة شيك، ونضارة شمس سودة، واقف بجسمه المفرود وثقة واضحة في ملامحه.
شيرين لمحت يحيى ووقفت تبص عليه بانبهار: "بصي كده! شايفة القمر اللي واقف هناك ده؟... والعربية! الله أكبر بجد!"
ياسمين (بصوت منزعج): "آه... شايفاه."
يحيى أول ما لمحهم، اتحرك ناحيتهم بخطوات ثابتة، وفي اللحظة دي، أحمد ساب إيد ياسمين وجرى عليه بحماس:
"يحيى!!"
شيرين استغربت وسألت وهي لسه عينيها عليه: "هو... إنتوا تعرفوه؟"
ياسمين (بضيق): "ده يحيى ابن عمي."
شيرين بصتلها بدهشة وفضول ظهر على وشها وقالت بنغمة فيها اهتمام: "ابن عمك بجد ؟ طب هو خاطب؟ ولا متجوز؟"
ياسمين استغربت السؤال، وفضلت تبصّلها من غير ما ترد، بس قبل ما تفتح بقها، كان يحيى وصل ليهم.
عينيه كانت مركزة على ياسمين، نظرة طويلة كأن الزمن وقف عنده، ونبرة صوته كانت هادية وقريبة: "يلا يا ياسمين... أنا اللي هوصلكم النهاردة."
ياسمين بصّت لــشيرين بتوتر واضح، وقالت بسرعة: " نكمل كلامنا بكرة يا شيرين... مع السلامة."
يحيى بصّ لــشيرين بنظرة سريعة متعالية، كأنه مش مهتم حتى يعرف هي مين، وكمّل مشي جنب ياسمين.
لما بعدوا شوية، ياسمين همستله بغيظ وهي ماشيه: "هو السواق فين؟"
يحيى (وهو بيبص لها بإعجاب ما بيخبيهوش): "قولتله يمشي... أنا اللي هوصلكم النهاردة. وبعدين... انتي لسه زعلانة مني؟ أنا اعتذرتلك أكتر من مرة، وده مش من طبعتي على فكرة... يحيى الشرقاوي عمره ما اعتذر لحد."
ياسمين كانت ماشية جنبه من غير ما ترد، نظرتها قدامها، وملامحها متصلبة.
يحيى وقف فجأة، ومد إيده مسك دراعها بحنية لكنها مفاجئة، وقال بصوت منخفض وهو بيبص في عينيها: "بس انتي... مش أي حد يا ياسمين."
ياسمين اتوترت، وسحبت دراعها بسرعة من إيده، ونبرتها عليت بغضب مكبوت: "انت عايز مني إيه بالظبط يا يحيى؟!"
يحيى بصّ لها بنفس النظرة اللي دايمًا بتخلّيها تحس بعدم ارتياح... نظرة كلها إعجاب وشيء أعمق من مجرد اهتمام: "عايزك متزعليش مني... وأنا أوعدك إن اللي حصل مش هيتكرر تاني."
ياسمين زفرت وهي بتحاول تكتم تعبها: "ماشي يا يحيى... محصلش حاجة."
يحيى (بحماس باين في صوته):"يعني كده هتقبلي عزومتي على الغدا؟"
ياسمين ردّت بسرعة، ونبرة القلق واضحة في كلامها: "لأ، مش للدرجة دي... قلتلك محصلش حاجة وخلاص يا يحيى، الموضوع انتهى."
ومشيت بسرعة ناحيه العربية وقالت:"يلا نرجع البيت... عايزة أطّمن على ماما."
يحيى كان ساكت، بيبص لها بنظرة فيها تفكير، بس من غير ما يرد.
فتح باب العربية الخلفي، وأحمد طلع بسرعة وقعد، وهو مبسوط،
وبعدين فتح الباب الأمامي لياسمين.
ياسمين وقفت لحظة، مترددة... كانت خايفة تركب جنبه، بس خدت نفس وشجّعت نفسها، وركبت.
مش حابة تعمل مشاكل، ولا تصطدم بيه تاني... خاصةً وإنها عارفة عصبيته ومشاعره اللي مش مفهومة.
يحيى ركب مكانه، شغّل العربية، وسكتوا هما الاتنين.  جوّا العربية كانت خالية من الكلام،
بس صوت ياسمين الداخلي كان مليان ضجة.
فتحت موبايلها، وبصّت فيه من غير تركيز... كانت بتحاول تشغل نفسها بأي حاجة،
مجرد وسيلة تهرّب بيها من التوتر اللي رابط أعصابها.
العربية مشيت، بس اللي في قلب ياسمين لسه واقف مكانه.
العربية كانت ماشية بسرعة هادية، والجو جوّاها كان أهدى من اللازم، كأن الكلام ممنوع.
يحيى كل شوية يرمق ياسمين بنظرة جانبية، يحاول يقرأ ملامحها، يشوف إذا كان فيه فرصة تقرب منه.
بس ياسمين كانت باينة مش مرتاحة، قاعدة على طرف الكرسي، وموبايلها في إيدها بس مش مركزة فيه،
عنّيها بتتحرك في الشاشة من غير ما تقرأ حاجة، وكل تفصيلة في وشّها بتقول إنها عايزة الوقت ده يخلص.
يحيي كان بيتكلم ويهزر مع احمد من وقت للتاني وياسمين بتضحك بمجاملة عشان أخوها، لحد ما ظهرت قدّامهم نقطة تفتيش أمنية،
عربية الشرطة واقفة على جنب. 
وظباط واقفين بيشاوروا للعربيات تقف. 
يحيى (بغريزة دفاعية): "مش فاهم هما بقوا بيعملوا كل يوم والتاني كمين هنا ليه.. عمومآ متقلقيش.. ده كمين عادي؟."
ردت ياسمين باستغراب: وانا هقلق ليه!! هما بيشوفوا شغلهم.! 
اتكلم احمد وهو قاعد في الكرسي الخلفي: انا لما اكبر هبقى ظابط زيهم. 
يحيي كح جامد وقال ل احمد: ما بلاش الشغلانه دي. 
احمد رد وهو بيضحك: انت بتقول زي حسن ابو علي.. هو كمان قالي بلاش الشغلانه الصعبة دي. 
ياسمين ابتسمت تلقائيا لما احمد نطق اسم حسن ابو على.. ويحيى ما خدش باله من الاسم وميعرفش ان احمد يقصد خالد، الظابط، اللي منع ياسمين انها تنطق اسمه قدامه واللي مايعرفهوش إن واحد من الظباط اللي واقفين دول كان خالد...
واقف بزيه الرسمي، عينيه مرهقة من السهر والتفكير، بس مركز في كل عربية بتعدي.
وأول لما العربية الفخمة قربت، رفع نظره كعادة شغله، بس فجأة وقف الزمن عنده لما شاف ياسمين قاعدة جنب يحيى في الكرسي الأمامي...
نظراته ثبتت عليها، وقلبه اتقبض.
في اللحظة دي كانت بتضحك ضحكة مجاملة على كلام يحيى عشان خاطر احمد أخوها ،
بس بالنسباله، المنظر كان كافي يولّع نار الغيرة في قلبه.
حاول يخبي مشاعره بسرعة، أخد نفس، وبدأ يمشي ناحيتهم، وياسمين اول لما شافته اتجمدت مكانها وحست بنغزه في قلبها..
خالد وقف جنب العربية، ملامحه مش بتبين غير حاجتين:
السيطرة… والغيرة اللي بتغلي جواه بس مش باينة غير في عنيه.
يحيى نزل الإزاز ببطء، وكأن الزمن نفسه كان بيبطّأ
علشان يخلي اللحظة دي توصل أقصى توترها.
نظرة خالد تقابلت مع ياسمين…
نظرة ثابتة، قوية، محمّلة بكل الكلام اللي ماتقالش بينهم.
ياسمين قلبها دق بسرعة،
عينها ماقدرتش تهرب من عينه،
كأن الوقت وقف بين اتنين مش قادرين يبعدوا… ومش قادرين يقربوا.
وفجأة، أحمد قطع اللحظة وهو بيتنطط جوه العربيه وقال بصوت طفولي مليان فرحة: "حسن أبو علي! أنا هنا أهو!"
فتح الباب بسرعة، جري على خالد، ورمى نفسه في حضنه.
خالد حضنه بقوة، وإيده على ضهره كأنها بتحميه من الدنيا كلها.
كان واضح إن بينهم رابط قوي، مفيهوش أي تمثيل.
يحيى اتفاجئ من اللي شافه، فتح الباب ونزل بسرعة، عينه رايحة وجاية بين أحمد وخالد.
ــ "هوه إنت تعرف الظابط خالد؟"
يحيى سأل احمد وهو مش مصدق.
"ده حسن أبو علي! صاحبي!"
أحمد قالها بكل تلقائية وهو ماسك في ايد خالد. 
نزلت ياسمين هي كمان من العربية بس متحركتش من مكانها. 
خالد لف وشه ناحية يحيى ، وقال بنبرة هادية بس نبرة الغضب فيها ماكنتش مستخبية: "هو أحمد يقربلك؟"
يحيى رد بهدوء، وهو بيحاول يمسك أعصابه: "احمد ابن عمي يحيى الله يرحمه... يعني أخو كارما بنت خالتك من الاب."
وهو بيكلم خالد، عينه لمحت ياسمين وهي واقفة جنب العربية، 
متوترة، عينها بتتحرك ما بين الاتنين… مش عارفة توقف فين.
يحيى كمل وقال بصوت فيه نبرة تملك واضحة: "والآنسة ياسمين يحيى الشرقاوي…
بنت عمي،.. وخطيبتي."
الكلمة وقعت زي الحجر على قلب خالد،
بس ملامحه ما اتحركتش،
إنما عنيه اتحولت للون تاني…
لون الغيرة، والغضب ، والوجع اللي مش مسموح له يبان.
ياسمين بصّت في الأرض، حسّة بكلام اتقال باسمها وهي مش طرف فيه،
وحسّة بعينين بتحاسبها على حاجة هي نفسها مش فاهماها... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
الآنسة ياسمين يحيى الشرقاوي بنت عمي وخطيبتي."
الكلمة وقعت زي الحجر على قلب خالد،
بس ملامحه ما اتحركتش،
إنما عنيه اتحولت للون تاني…
لون الغيرة، والغضب ، والوجع اللي مش مسموح له يبان.
ياسمين بصّت في الأرض، حسّة بكلام اتقال باسمها وهي مش طرف فيه،
وحسّة بعينين بتحاسبها على حاجة هي نفسها مش فاهماها. 
خالد رد بجملة واحدة وهو بيرجع خطوتين وبيبص لأحمد: "خلي بالك من نفسك يا بطل."
ولبس نضارته الشمسيه ومشي من غير ما يبص وراه.
ياسمين كانت لسه عينيها معلّقة على ظهر خالد وهو بيبعد،
يحيى لمح في عينيها حاجة ما عجبتهوش،
نظرة... مش من النوع اللي بيتخبّى.
كانت نظرة مشاعر صافية، لهفة، حب صادق وكسرة قلب.
قال بهدوء ظاهر وغليان داخلي: "أحمد، اركب العربية."
أحمد سمع الكلام، وركب بهدوء،
أما ياسمين فضلت واقفة مكانها،
ملامحها مش بتتفسر، بس عنيها كانت نار.
ــ "اركبي يا ياسمين عشان نمشي."
قالها بنبرة أمر، وهي كانت لسه مش مصدّقة اللي سمعته منه من شوية.
ركبت العربية بعصبية، وقفلت الباب بقوة،
وبصوت عالي وعيون كلها غضب، انفجرت: "إيه اللي انت قولته ده؟!
إزاي تقوله إني خطيبتك وانت عارف كويس إن ده مش حقيقي؟!"
يحيى بدأ يتحرك بالعربية، ونبرة صوته بقت مشابكة بالتهديد: "صوتك مايعلاش وانتي بتتكلمي معايا."
أحمد اتوتر في الكرسي اللي ورا، عينه راحت لياسمين،
وكان بيحاول يفهم ليه أخته صوتها عالي كده.
ياسمين انفعلت أكتر، وصرّخت: "انت تخطيت كل حدودك معايا يا يحيى!
ولو فاكرني ضعيفة، ومش هتكلم، تبقى بتحلم!
أنا مش ساكته غير علشان ماما... وعلشان أحمد،
لكن عمري ما كنت، ولا هكون، واحدة تتحكم في حياتي بالشكل ده!"
يحيى سكت للحظة، ملامحه كانت جامدة... بس عينيه مش مطمئنة.
كأن دماغه في حتة تانية خالص...
في عيون خالد، ونظرات ياسمين،
قال فجأة، بصوت بارد، كأنه بيقلب الترابيزة كلها: "انتي تعرفي الظابط خالد ده يبقى مين؟"
جسمها اتشنج، كأن كهربا صدمتها،
صوتها خرج متلخبط وهي بتحاول تسيطر على ارتباكها: "يبقى الظابط اللي أنقذ أحمد... وساعدني أرجّعه."
ضحك يحيى بسخرية،
ضحكة كلها شماتة وتخطيط، وقال: "مش بس كده... خالد ده يبقى ابن خالة كارما، أختك...
وتقدري تقولي كده إنهم... في مقام المخطوبين."
قال آخر كلمة وهو بيراقبها كويس،
بيراقب الصدمة وهي بتتشكل على وشّها،
بيراقب عينيها وهي بتتسع،
ولون وشها اللي اتغير في لحظة.
ياسمين حسّت كأن الأرض اتسحبت من تحت رجليها،
كارما؟...
أختها اللي عمرها ما شافتها؟
وخالد؟...
اللي كان كل مرة بيقرب منها خطوة،
دلوقتي بيبعد عنها ميل.
يحيى ضحك بسخرية وقال بنبرة تقيلة: "ها... سكتي ليه؟"
ياسمين بصّت له بعيون مليانة نار، قلبها مولّع من جوا،
والمسافة بين دموعها وعنيها كانت بتقصر كل لحظة.
أول ما العربية وقفت قدّام الفيلا،
فتحت الباب بسرعة، نزلت، ورزعت الباب وراها،
دخلت تجري كأنها بتطارد دمعتها قبل ما تفضحها قدّامه.
وأحمد نزل من العربيه ، وكان وشّه زعلان وخايف،
بص على البيت، وبعدين دخل على مكتب جده. 
يحيى كان لسه في مكانه، بيبص على مكانها الفاضي في العربية،
وملامحه فيها غيظ واضح...
اللي شافه في عينيها ناحية خالد،
كان كفاية يولّع نار الشك جواه.
ياسمين ما كانتش تعرف إن كل اللي حصل النهاردة ماكانش صدفة.
من اللحظة اللي يحيى عرف فيها إن الظابط اللي وقفت هي وأخوها معاه في الكمين هو نفسه "خالد" ابن خالة كارما بنت عمه، حاجة جواه اتغيرت.
الغيرة؟ يمكن.
الفضول؟ أكيد.
بس اللي عمله كان أكبر من مجرد فضول.
قرر ياخدها بنفسه من المدرسة، رغم إن ده مش من عادته.
وكان عارف كويس إن في نقطة تفتيش في الطريق، وفي التوقيت ده بالذات.
ماخترش الطريق ده عشوائي…
ده كان قاصد، وكان مخطّط.
كان عايز يشوفهم وهما بيقفوا قدام بعض،
يشوف رد فعلها… نبرات صوتها… نظرة عينها.
عايز يتأكد إن مفيش حاجة في قلبها ل خالد،
وإن خالد بالنسبالها مجرد ظابط انقذ أخوها وعدّى.
كان بيحاول يقطع أي خيط ممكن يربطهم ببعض،
حتى لو كان خيط ضعيف بيتكسر من أول نظرة.
كان عايز يحسم الموضوع بنفسه،
بطريقته الخاصة… الهادية من بره، والجارحة من جوه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في أوضة ياسمين. 
قفلت الباب بالمفتاح، ورمت موبايلها على السرير،
قعدت على الأرض، حضنت رجليها، وعيّطت...
عياط من قلب موجوع، مش فاهم ليه اتكسر فجأة.
حسّت إن الدنيا ضاقت حواليها،
كل حاجة كانت ماشية بالعافية،
وجت الحكاية دي كملت الكسر.
رن الموبايل برسالة، بصّت بسرعة على الشاشة...
اسم خالد كان منوّر قدامها.
فتحت الرسالة بسرعة، ولقت كلمة واحدة بس:"مبروك الخطوبة."
نزلت دمعة غصبا عنها،
وإيدها كتبت لوحدها: "مبروك ليك انت كمان... مكنتش أعرف إنك خطيب أختي."
لسه بتقرا ردها، لقت إن الرسالة اتقرأت،
وكأن خالد كان مستنيها...
في نفس الثانية، رنّ عليها،
رفضت المكالمة... رجّع الاتصال تاني... وتالت...
وهي مش قادرة ترد، بس عنيها على الشاشة، ودموعها نازلة.
جات لها رسالة منه:"ردي عليا ياسمين... ضروري."
المكالمة رجعت تاني...
ضغطت على زرّ الرد، وصوتها كان مبحوح من العياط.
سمعت صوته مليان قلق: "مين قالك إني خطيب أختك؟ كارما بنت خالتي وبس، مفيش بينّا حاجة... ومستحيل يكون في.
أنا بعتبرها أختي الصغيرة."
ياسمين حسّت بقلبها بيرجع يدق،
صوتها خرج تلقائي: "بجد يا خالد؟ يعني انت وكارما مش مخطوبين؟ طب ليه مقولتليش انها بنت خالتك. 
رد خالد: كنت مستني كل حاجة تيجي في وقتها.. بس واضح ان يحيى باشا خطيبك كان له رأي تاني!
قال آخر كلمة بسخرية، صوته بدأ يتحول للغضب.
ياسمين ردت بسرعة ولهفة: "لا! يحيى مش خطيبي... ومش عارفة قالك كده ليه.
هو كدّب، وبيستغل أي حاجة يربطني بيه."
خالد كان بيحاول يخبي فرحته، بس صوته فضحه: "بجد يا ياسمين؟ يعني مفيش حاجة بينك وبينه خالص؟"
ياسمين: "لا والله... هو كدّب عليك.
أنا أصلاً ناوية أكلم ماما تاني النهاردة،
وأقولها لازم نسيب البيت ده. 
خالد قال بصوت كله لهفة: "ياسمين... أنا لازم أشوفك بأي طريقة في حاجات مهمة عن جدك ويحيي لازم تعرفيها. 
ياسمين بصوت مهزوز وقلق: " حاجات إيه يا خالد؟"
خالد سكت لحظة... كان بيصارع نفسه،
نفسه يقولها كل حاجة،
يقولها إن يحيى وجدها دول مجرمين، واخطر ما هي تتخيل،
بس لو قالها، ممكن تتهور، تروح تواجههم...
وده ممكن يبوّظ كل حاجة.
بعد ثواني، قرر يسيطر علي مشاعره وقال:  في حاجات كتير لازم أوضحها ليكي،
مش هينفع تتقال في التليفون."
ياسمين ردت بتوتر واضح: انا ليه حاسه ان في حاجة غريبة بتحصل حواليا ومش مفهومة يا خالد؟ كل حاجة متغيرة.. حتى ماما.. من وقت ما جينا هنا وهي دايما ساكته وحزينه ومش بتخرج من اوضتها وكأننا في سجن.. انا لازم أقنعها إننا نمشي من البيت ده...
أنا مش قادرة أعيش هنا أكتر من كده."
صوتها بدأ يتهز، وما قدرتش تمنع دموعها وهي بتكمل: "أنا تعبت أوي... حاسه إني مخنوقة... خايفة طول الوقت... مش بنام بالليل...
بقفل الباب على نفسي وبنام بعين مفتوحة والتانية على الباب، كل لحظة حاسه إن ممكن يحيي يدخل عليا وانا لوحدي... أنا مش مرتاحة، ولا حاسه بأمان...أنا فعلاً بتعذّب هنا..."
خالد كان سامعها وقلبه بيتقطع،
كل كلمة بتقولها كانت بتطعن فيه،
كان عايز يكون قدامها دلوقتي وياخدها في حضنه،
يقولها: "أنا جنبك... ومش هسيبك مهما حصل ."
رد عليها بصوت مليان حنية وغضب دفين: "أنا مش هسيبك لوحدك يا ياسمين...
بس أوعديني... أوعديني إنك متخافيش واطمني انا هكون دايما قريب منك،
وبلاش تطلبي منهم انك تسيبي البيت وتواجهيهم دلوقتي ، أنا اللي هتصرف وهساعدك صدقيني." 
ياسمين وهي بتعيط همست: "مش عارفه أتحمل يا خالد... انا حاسه ان كل نفس بيخرج مني لازم يخرج بإذن يحيى.. 
وجود يحيى حواليا بيرعبني"
خالد بصوت واثق ودافي: انا مش هسمحله يقرب منك ولا يضايقك تاني.. عايزك تهدي وتطمني انا معاكي ومش هسيبك ابدا. 
ياسمين فعلا حست بالراحة لما خالد طمنها. 
انتهت المكالمة وياسمين ضمت جسمها ب أيديها وكلمات خالد بتتردد جواها. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في فيلا الدريني.
بهيرة كانت واقفة عند الباب ووشها منور بالفرحة وهي بتستقبل أبوها اللواء وحيد الأسيوطي، وأختها عبير، وكارما بنت عبير. حضنتهم بحب ولهفة، كأن قلبها بيرجع يدق تاني بعد غيابهم.
بس عبير كانت دخلة وشها مش على بعضه، الغضب مالي عينيها بعد ما اكتشفت إن جوزها كان متجوز عليها في السر ومخلف ولد وبنت من ست تانية.
اللواء وحيد بص لبهيرة وسألها بنبرة حاسمة: فين خالد يا بهيرة؟ ليه مجاش يستقبلنا في المطار؟
بهيرة اتلبكت، وبان التوتر على وشها وهي بتقول: أصل يا بابا... أنا مقلتش لخالد إنكم راجعين النهارده... هو يعني كان طالب مني مقولش دلوقتي على موضوع جواز يحيى من ورا عبير.
عبير رفعت صوتها بغضب، عينيها بتلمع من القهر: يعني إيه مكنش عايزني أعرف؟! دي مصيبة مش فضيحة وبس! ومينفعش نعديها كده بالساهل.
وبصت لأبوها بحدة وقالت: لازم تتصرف يا بابا! لازم الناس دي يتحاسبوا على اللي عملوه فيا. أكيد جلال الشرقاوي كان عارف إن ابنه متجوز عليا وساكت طول السنين دي. استغل سفرنا وجابهم يعيشوا في بيته وخدوا مكاني أنا وبنتي!
كارما اتكلمت بدهشة، مش مستوعبة اللي بتسمعه: أنا مش قادرة أصدق إن بابا كان متجوز على ماما... وكمان عندي إخوات؟!
صوت عبير ارتفع فجأة، مليان غضب ومرارة وهي بتزعق في بنتها: دول مش إخواتك! ومتعرفيش أمهم عملت إيه عشان تدبس يحيى ويتجوزها! دي أكيد واحدة من بنات الليل وكان بيقضي وقت معاها وخلاص!
وفجأة دخل خالد، وصوت خالته كان لسه بيرن في ودانه، قلبه اتقبض من الكلام الجارح اللي اتقال في حق ست بريئة.
قال بحدة واعتراض واضح: لأ... الست سماح ست محترمة، وتبقى مراته الأولى على فكرة.
كارما أول ما شافته، عينيها لمعت، ووشها اتفتح فجأة وهي بتقوم من مكانها بفرحة حقيقية.
اللواء وحيد بص لخالد بنظرة كلها تساؤل وعمق.
خالد قرب منه وباحترام سلّم عليه: حمد لله على السلامة يا جدي.
وبعدها قرّب من خالته، بس نظرتها كانت جامدة، مليانة لوم: آخر حاجة كنت أتخيلها إنك تقف قصادي وتدافع عن الست اللي جوزي خانّي معاها يا خالد! وكمان تقول لمامتك متقوليش؟!
كارما سلّمت على خالد وهي بتبص له بنظرة كلها حب ولهفة مكتومة: إزيك يا خالد؟ وحشتني.
خالد ابتسم ابتسامة خفيفة ورد بهدوء: الحمد لله يا كارما..
وبعدين بص لعبير وقال بنبرة جادة: أنا فعلا طلبت من ماما متتكلمش غير لما أجمع كل المعلومات عنهم... بس للأسف ماما اتسرعت وكلمتكم.
اللواء وحيد بص له بنظرة صارمة وسأله بقوة: وجمعت المعلومات عنهم؟
خالد هز راسه وقال بثقة: آه يا جدي. وعرفت إن يحيى الشرقاوي كان متجوز مراته الأولى قبل ما يتجوز خالتي. بنته الكبيرة ياسمين أكبر من كارما بسنتين، وابنه الصغير أحمد عنده ١٠ سنين. وكان مخبيهم عن جلال الشرقاوي... غالبًا كان خايف عليهم من شغله اللي حضرتك عارفه.
كارما قالت بصوت خافت وحزين: يعني بابا كان بيخاف عليهم ومبيخافش عليا؟!
خالد بص لها وقال بهدوء فيه نوع من المواساة: منعرفش هو كان بيفكر إزاي... بس لو شوفتيهم وتعاملتي معاهم، هتحبيهم... أنا متأكد.
عبير ردت بسرعة ورفض قاطع في صوتها: مستحيـــل!
وبصت لكارما بحدة وقالت بتحذير: دول مش إخواتك، ومش عايزة أي تعامل بينك وبينهم.
خالد بص لها بدهشة، مش مصدق القسوة اللي سمعها، وساعتها اللواء وحيد اتكلم بصرامة: أنا بكرة هروح لجلال الشرقاوي وأفهم منه حكاية مرات ابنه وأحفاده اللي طلعوا فجأة دول! ولحد ما أتكلم معاه، محدش فيكم يفتح الموضوع تاني.
لكن عبير ما قدرتش تسكت، وانهارت وهي بتصرخ: وأي حد من عيلة الشرقاوي كان يعرف بالجوازة دي لازم يتحاسب يا بابا! والست دي وولادها لازم يخرجوا من بيت الشرقاوي ويرجعوا للجحر اللي كان يحيى مخبيهم فيه!
خالد بص لها بصدمة، ملامحه بتقول إنه مش موافق لا على الكلام ولا على الأسلوب. 
جاتله مكالمة تليفون قطعت كلامهم.. كانت من العسكري إللي بيراقب بيت الشرقاوي. 
خالد فتح المكالمة وسمع صوت العسكري بيقوله: خالد باشا.. في حاجة غريبة بتحصل حوالين بيت الشرقاوي.. في عربيتين من رجالة عيلة بدران بيراقبوا بيت الشرقاوي بقالهم ساعة وشكل في حاجة كبيرة هتحصل هنا!.. حضرتك عارف انهم من كبار تجار السلاح وفي مشاكل بينهم. 
خالد اول لما سمع المكالمة انتفض من مكانه وقال بصوت عالي واضح فيه القلق واللهفة: خليك مكانك متتحركش وبلغني بكل حاجة تحصل وانا هجيب قوة واجيلك علي هناك حالا.
قفل المكالمه وهو بيتحرك بسرعة وقال بنبرة استعجال: عن اذنكم انا لازم اروح القسم حالا. 
وخرج بسرعة البرق.. 
جده اللواء وحيد فضل باصص عليه وهو بيخرج بسرعة، حاسس إن في حاجة متغيّرة في حفيده... حاسس إنه متحيّز للست إللي كانت متجوزة يحيى وأولادها وفي حاجة غريبة في تصرفاته وكلامه. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الصعيد - بمحافظة سوهاج. 
جوه أوضة زينة.
كانت قاعدة على طرف السرير، قدامها شنطة سفر مفتوحة، وجواها قمصان نوم ناعمة وألوانها مبهجة، بس مفيش أي بهجة على وشها. الدموع نازلة في سكون على خدها، وصوتها مكتوم جوا صدرها وهي مش قادرة تستوعب إنها هتبقى مرات ممدوح... ابن خالها... كمان يومين.
فجأة الباب اتفتح، ودخلت زينب، مرات ممدوح الأولى. عينيها وقعت على الشنطة، ولمّا شافت القمصان اللي جواها، نبرة صوتها اتغيرت، فيها مرارة وغصة ماقدرتش تخبيها: جهزتي شنطتك يا عروسة؟
زينة اتخدت، مسحت دموعها بسرعة وهي بتحاول تقوم، قلبها بيخبط في صدرها من التوتر. قفلت الشنطة بسرعة كأنها بتحاول تخبي جريمتها.
زينب قربت منها وقعدت على طرف السرير، وبإيدين مرتجفة فتحت الشنطة تاني، عينيها مليانة حسرة وهي بتبص على كل تفصيلة في الهدوم اللي زينة هتلبسها لجوزها.
قالت بضحكة باهتة: ذوقك حلو يا عروسة...
ورجعت تبصلها، بس المرة دي بنظرة فيها غضب وحُرقة: أنا جاية آخد الهدوم دي... عشان أفرشها في أوضتك الجديدة، جنب هدوم جوزي!
زينة وقفت قدامها، مش قادرة ترفع عينها فيها، وقالت بصوت واطي والدموع مغرقة وشها: أنا والله مكنتش موافقة على الجوازة دي يا زينب... صدقيني...
زينب قطعتها بنبرة حادة وغضبها بينفجر: انتي فكراني هبلة وهصدق الكلام ده؟! دا أنا سمعاكي بوداني وانتي بتقولي "موافقة" لخالك!
زينة شهقت بقهر، وقالت وهي بتحاول توضح: لا والله... أنا مكنتش أعرف إنه قصده على جوزك!
زينب بصتلها بصدمة، وقامت واقفة قدامها، بتبصلها باستغراب وسألتها:أومال كنتي فاكراه بيكلم عن مين؟!
زينة ماقدرتش ترد، عينيها نزل منها سيل من الدموع وهي بتنهار بالبُكا. قلبها كان بيصرخ، بس لسانها اتربط.
زينب بصتلها بشك، بس عقلها بدأ يجمّع، وسألتها بصوت واطي مليان لهفة: انتي... كنتي فاكراهم عايزينك لمعتصم؟!
زينة سكتت... بس سكوتها كان أصدق من ألف كلمة. دموعها كانت بتجاوب لوحدها، وزينب فهمت. فهمت إن البنت دي كانت بتحب معتصم، وكانت عايشة على أمل كداب.
لحظة صمت عدّت، وبعدها زينب قالت بنبرة فيها تحدي وقرار: لو انتي بجد مش عايزة تتجوزي ممدوح... أنا هساعدك، ومش هتتجوزيه.
زينة رفعت راسها فجأة، ونظرة الرجاء ماليه عينيها: إزاي؟!
زينب شدّت نفسها وقالت بحسم: ههربك من هنا قبل كتب الكتاب... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
لو انتي بجد مش عايزة تتجوزي ممدوح... أنا هساعدك، ومش هتتجوزيه.
زينة رفعت راسها فجأة، ونظرة الرجاء ماليه عينيها: إزاي؟!
زينب شدّت نفسها وقالت بحسم: ههربك من هنا قبل كتب الكتاب.
زينة بصتلها بصدمة، عينيها اتسعت من المفاجأة، وقالت بصوت متوتر: هتهربيني إزاي؟! وأمي؟ وخالي؟ والناس؟ والفضيحة؟! هيقولوا إيه لو هربت يوم فرحي؟
هزت راسها بقهر وهي بتلف وشها ناحية الشباك: لا... لا... أنا مقدرش أعمل فيهم كده.
زينب ردّت بغيظ ونظرة كلها مكر: براحتك يا عروسة...
قربت منها بخطوات بطيئة وكملت بصوت بارد: أنا بس كنت ناوية أساعدك، لأنك لو فعلاً قلبك مع حد تاني، يبقى لسه عندك فرصة تكوني معاه...
زينة رفعت عينيها بتلهف وسألتها: يعني ممكن فعلاً يبقى عندي فرصة؟! بس... إزاي؟!
صوتها اتقطع وهي بتقول: أنا لو هربت هتبقى فضيحة... وخالي مش بعيد يقتلني بإيده!
زينب ردت بثقة ومكر ظاهر في عينيها: خلاص... اعملي اللي يريحك، قدامك يومين قبل كتب الكتاب.
بصتلها من فوق لتحت وقالت بنبرة فيها تهديد صريح: بس خليكي عارفة... قبل ما عقد جوازك من جوزي يتكتب، أنا هقوله بنفسي على اللي شاغل بالك وواخد تفكيرك...
قربت من ودنها وهمست بصوت خافت بس كله سم: وأحب أشوف ساعتها ازاي هيقدر يقربلك وانتي عقلك وقلبك مع أخوه!
ضحكت ضحكة باردة فيها ثقة قاتلة، وفتحت الباب وخرجت، سايبة زينة قاعدة على السرير، مشلولة من الصدمة...
إيدها متشبثة في طرف المرتبة، وعينيها سابحة في الفراغ...
مش مصدقة التهديد، ولا قادرة تستوعب حجم المصيبة اللي وقعت فيها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي.
كان يحيى قاعد مع جده في أوضة المكتب، والغضب باين في كل تفاصيل وشه.
قال بعصبية، والنار مولعة في نبرته: كان لازم أعمل اللي عملته يا جدي! عشان يعرفوا مين هو يحيى الشرقاوي! مش على آخر الزمن واحد كان من رجالتنا ييجي وعايز يساوي نفسه بينا! 
الحاج شرقاوي بص له بحدة، وصوته ارتفع لأول مرة: انت متسرّع يا يحيى! وهتدخلنا في مصايب مالهاش آخر! فاكر إن عيلة بدران هيسكتوا؟ بعد ما حرّقت مخازنهم وخسّرتهم سلا.ح بملايين؟!
يحيى أخد نفس عميق، وقعد براحة متعمدة، وكأن التهديد ما بيهزوش، وقال بثقة فيها تحدّي: هيعملوا إيه يعني يا جدي؟
لكن قبل ما يكمل جملته،
دوّى صوت رصاص عنيف حوالين البيت،
كأن حرب قامت، وكأن المكان اتحوّل لساحة معركة.
انتفض يحيى من مكانه، عينه متوسّعة من الصدمة،
وجده صرخ فيه بغضب وهو بيبص له بنظرة مليانة توبيخ: شوفت؟! شوفت هيعملوا إيه؟!
يحيى مسك سلاحه بسرعة، وخرج من المكتب مندفع،
لكن أول ما طلع للصالون اتجمّد مكانه،
الرصاص كان بينزل على البيت زي المطر،
مش قادر يتحرك، كأن الطلقات حواجز نار حاصرته.
........ 
فوق عند ياسمين.
سماح مامت ياسمين خرجت من أوضتها وهي بتترنح من الخوف،
وشها شاحب وعيونها بتدور على عيالها،
كانت مرعوبة، حاسة إن قلبها هيقف.
ياسمين وأحمد خرجوا من أوضتها،
بيمشوا بخوف وتردد، وكانوا رايحين لأوضة مامتهم،
لكن اتفاجئوا بيها جاية ناحيتهم بخطوات مرتبكة ولهفة،
حضنتهم الاتنين كأنها بتحاول تخبيهم جواها،
تمنع عنهم الرصاص والخطر، والعالم كله.
وفجأة…
الضرب وقف.
البيت سكت.
لكن صوت الرعب كان لسه مسموع في النفس اللي بيطلع متقطع.
ياسمين كان عندها فضول قاتل تعرف إيه اللي بيحصل تحت.
بهدوء، سابت إيد مامتها، وبصت لأخوها،
وقالت لهم بهمس: هو إيه إللي بيحصل هنا؟ 
خرجت بخطوات حذرة، ووقفت على السلم،
بصت على مدخل البيت تحت ،
شافت يحيى واقف جنب جدها،
وقدامهم راجل غريب، لابس جلباب، وهيبته واضحة،
وحواليه رجالة شايلين سلا.ح كتير.
مفهمتش ايه اللي بيحصل ،
بس جسمها اتشد وتوتر، وعيونها كانت بترصد كل حركة.
سمعت جدها بيقول بصوت غاضب: والمطلوب إيه دلوقتي يا بدران؟
رد الراجل اللي اسمه بدران بثقة مريبة: كل السلاح اللي في المخازن بتاعكم.
ياسمين فتحت عينيها من الصدمة،
مش مصدقة اللي بتسمعه.
يحيى انفجر وقال بعصبية: دا انت اتجننت بقى!
وفجأة، واحد من رجالة بدران ضرب طلقة تحذيرية،
الطلقة عدّت من جنب يحيى،
قريبة كفاية تزرع الرعب في القلب.
شهقت ياسمين بذهول، وخرجت منها صرخة،
غطّت بؤها بإيدها وهي بتحاول تمنع نفسها من الانهيار.
بدران رفع عينه للسلم، وشافها واقفة هناك،
وشه اتحول لنظرة خبث وسخرية،
وقال بصوت عالي وهو بيبص لها وللي حواليها:
يبقى موضوع عيال يحيى، وإنه كان متجوز ومخلف ومخبيهم عنكم… طلع حقيقي!
مكنش عايزهم يعرفوا إنكم تجار سلا.ح؟ 
الحقيقة وقعت على قلب ياسمين زي الصاعقة،
جسمها تجمّد، وعقلها بيحاول يستوعب اللي سمعته. 
الحاج شرقاوي زعق بصوت عالي وهو بيبص ليها: خدي أمك وأخوكي واطلعوا أوضتك يا ياسمين!
سماح قربت منها بخوف، وإيدها كانت بتترعش،
الدموع نازلة من غير صوت،
وياسمين لسه مصدومة…
بتبص حواليها كأنها لأول مرة تشوف وش جدها الحقيقي.
وفجأة…
صوت عربيات الشرطة قطع كل حاجة.
الرجالة خبّوا سلاحهم بسرعة،
كأنهم كانوا مستعدين للحظة دي،
وكأنهم محترفين ومتعودين علي كده.
في ثواني، المشهد اتبدّل،
الحاج شرقاوي، ويحيى، وبدران ورجالته…
كلهم واقفين جنب بعض،
وكأنهم أصحاب واقفين مع بعض.
ياسمين كانت واقفة فوق، مصدومة،
مش قادرة تستوعب إن اللي تحت دول هم نفسهم عيلتها.. واضح انهم مش بس عصابه ومجرمين.. دول أخطر ما عقلها قادر يستوعب. 
دخل خالد،
ومعاه قوة من رجال الشرطة،
قلبه ملهوف عليها ونظراته كانت بتدور… بيفتش عنها وعايز يطمن انها بخير. .
ولما لمحها على السلم،
عينيه ثبتت عليها،
ارتاح…
وحس قلبه بيرجع مكانه تاني.
أما هي، فكانت عايزة تجري عليه،
تقوله: خدني من هنا… ده مش مكاني.
قرب خالد من الحاج شرقاوي، وقال بنبرة قوية: إيه اللي بيحصل هنا يا حاج شرقاوي؟
بص لبدران ورجالته، وقال بحدة: وإنتوا… بتعملوا إيه هنا؟
رد الحاج شرقاوي بهدوء مصطنع: ضيوفي يا باشا… جايين يزوروني.
هي الحكومة منعت الزيارات ولا إيه؟
خالد ضيّق عينيه، وقال بصوت أقوى: زيارة إيه اللي بالسلاح وضرب النار؟
اتكلم بدران بنبرة باردة: سلاح إيه يا باشا؟! مين قال إن إحنا معانا سلاح؟
خالد بص له بنظرة حادة، فيها عمق وشك: والمصابين اللي برا دول… اتصابوا من إيه؟ من الهوا؟
الحاج شرقاوي تدخل بسرعة، بصوت متماسك رغم التوتر: في ناس معرفهمش ضربوا علينا نار وهربوا.
أنا والحاج بدران كنا قاعدين مع بعض، واتفاجئنا باللي حصل.
منعرفش مين دول.
الصمت سيطر لثواني…
لكن فجأة صوت ياسمين قطع كل حاجة.
نزلت من على السلم بخطوات سريعة وغاضبة، عيونها مليانة غضب ودموع:
ـ "لا يا خالد… مش ده اللي حصل!
دول كذابين!"
كل العيون اتوجهت ليها بذهول، وخصوصًا جدها ويحيى.
قربت أكتر، وقفت وسطهم وقالت بصوت ثابت فيه تحدي: الراجل ده واللي معاه كان معاهم سلاح، وخَبّوه هنا…
وهم اللي ضربوا علينا نار،
وجدي بيداري عليهم عشان—"
قبل ما تكمل،
إيد جدها نزلت على وشها بصفعة قوية.
ياسمين اتجمدت في مكانها، حطت إيدها على خدها بذهول.
الدموع نزلت بدون صوت.
سماح صرخت باسمها وهي بتتحرك ناحيتها:
ـ "يــاسمـــين!!"
خالد اتحرك تلقائيًا، مد إيده وسحب ياسمين، وقفها وراه، في حمايته، ووقف قدام الحاج شرقاوي، عينه كانت بتولع نار.
يحيى بص للمشهد، وغيرة مريرة ولعت جواه،
لما شاف خالد واقف قدامها زي السد يحميها.
صوت خالد ارتفع، حاسم، نافذ، بيملى البيت كله بأمر العساكر: إقبضوا عليهم كلهم.
رجال الشرطة اتحركوا فورًا، الكلبشات بدأت تتقفل على إيدين بدران ورجالته، ويحيى والحاج شرقاوي..
خالد واقف قدامهم،
وياسمين وراه، دموعها بتنزل بصدمة ووجع.
يحيى بص لخالد وقال بتهديد بارد: إحنا مش هنتحرك من هنا…
إنت ماعندكش دليل علينا في حاجة ولا معاك امر نيابه بالقبض علينا! 
تجاهل خالد الرد عليه وقال بثقة وصوت ثابت للعساكر اللي معاه: خدوهم كلهم على البوكس.
العساكر نفذوا الامر بسرعه وخدوهم كلهم برا علي عربيات الشرطة. 
ياسمين كانت منهارة، ودموعها كانت مغرقة وشها ،
وصوت بكاها كان بيدبح خالد من جواه.
أمها قربت منها ، حضنتها بقلب مكسور،
وياسمين بتبكي وبتسألها بصوت بيترجف: "كنتي عارفة يا ماما؟
كنتي عارفة إنهم كده؟!
سماح بصّت لخالد، واتوترت، وسكتت.
ياسمين بعدت عنها وقالت بصرخة كلها وجع ونار في قلبها: كنتي عارفة إنهم كده يا ماما؟!
ردي عليّا… كنتي عارفه؟
سماح انهارت وبكت، بس ماقدرتش تقول ولا كلمة.
وخالد قرب منها، حاول يهديها. 
خالد:  ياسمين… اهدي شوية. حتى لو مامتك كانت تعرف،
ماكانتش تقدر تعمل حاجة…
جدك ويحيى أخطر من اللي انتي متخيلاه."
بصّت له بعيون متصدعة وسألته بمرارة: وإنت كمان كنت عارف؟
ليه ماقبضتش عليهم من الأول؟!
رد خالد بصراحة وجدية: عشان معنديش دليل كافي ضدهم،
بيعرفوا يظبطوا أوراقهم ويشيلوا القضية لأي حد من رجالتهم.
والنيابة هتفرج عنهم ولا كأنهم عملوا حاجة.
ياسمين التفتت لمامتها وقالت بحدة: إحنا لازم نمشي من هنا يا ماما.
سماح ردت وهي بتعيط: مش هنقدر.
جدك مهددني…
قال لو خدتكم ومشيت،
هيحرمني منكم طول عمري.
ياسمين شهقت بصوت مكتوم وقالت: إحنا عايشين مع مجرمين بجد؟!
إزاي؟… إزاي هما كده! 
خالد قرب منها، صوته هادي، لكن فيه رجاء: ياسمين، حاولي تهدي،
عشان خاطر مامتك وأحمد ملهمش ذنب.
استحملي شوية… وأنا هتصرف صدقيني."
ياسمين كانت بتعيط بهستيريا،
وأحمد واقف مرعوب وماسك في مامتهم وخايف.
خالد كان واقف يبص ل ياسمين وقلبه بيتقطع، ونفسه يضمها ويطمنها.
دخل عسكري وقال لخالد: تمام يا فندم،
الإسعاف جه وخدوا المصابين."
هز خالد رأسه وقال له: طب روح انت… وأنا جاي وراك."
بص لياسمين، وقال بنبرة هادية: لازم أرجع القسم، هكلمك أطمن عليكي."
ياسمين هزت راسها، ودموعها لسه بتنزل.
وسماح بصّت لخالد وهي حاسه بشعور راحة غريب ناحيته وشايفه في عيونه نظرات حب وخوف حقيقي على بنتها. 
خالد خرج وهو بيبص علي ياسمين ومش هاين عليه يسيبها في الحالة دي ويمشي…
وياسمين جريت على أوضتها،
قلبها بيوجعها،
وعقلها بيحاول يستوعب الحقيقة البشعة اللي عرفتها النهاردة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
بعد ساعات. 
في وقت متأخر من الليل. 
الجو في أوضة ياسمين كان هادي ومظلم،
بس جواها كان لسه فيه عاصفة…
كانت قاعدة على السرير، ساكتة وسرحانة، عينيها حمرا من كتر البكا، وكل شوية تبص على تليفونها كأنها مستنية رسالة تطمنها،
بس مفيش.
الساعة قربت على 2 بعد نص الليل،
مامتها واخوها ناموا وفي حرس تبع جدها محاوطين الفيلا ومانعين حد يدخل او يخرج غير بأمر من جدها ويحيى لحد ما يرجعوا. 
فجأة، موبايلها نور، ونغمة الرسالة قطعت الصمت.
"صاحية؟"
اسم المرسل: خالد.
قلبها دق جامد من غير سبب واضح، حست بتوتر غريب وهي بتبص للموبايل... بسرعة كتبت وردّت: "آه"
ثواني وجات لها رسالة تانية: "بتعملي إيه؟"
ردّت بسرعة: "قاعدة... مش بعمل حاجة."
رسالة جديدة نورت الشاشة...
"طب انتي لابسة ايه دلوقتي؟"
بصت للموبايل بصدمة، حواجبها ارتفعوا، وعينيها اتسعت من المفاجأة...
ـ إيه ده؟! هو بيقول إيه؟!
عقلها مش قادر يستوعب إن خالد يسألها السؤال ده!
كانت هتقفل الموبايل من الخضة، بس فجأة رسالة جديدة وصلت قبل ما تلحق تعمل حاجة:
"مش قصدي اللي انتي فهمتيه... البسي حاجة مقفوله والحجاب بتاعك واطلعي البلكونة دلوقتي."
اتسمرت في مكانها، قلبها بقى بيخبط في صدرها كأنه طبل...
بصّت حواليها بتوتر، وقامت بسرعة وهي بتدور بعينيها في الأوضة...
خدت الطرحة اللي كانت على الكرسي، لبستها بسرعة على شعرها، وكانت لابسة بيچامة قطن مقفولة وبكم.
فتحت باب البلكونة بحذر، والموبايل في إيدها، وخرجت بخطوات مترددة...
بصّت لتحت على الجنينة، عينيها بتدور في كل حتة، ووشها فيه قلق وتساؤلات مالهاش آخر.
رن الموبايل تاني برسالة:
"تمام كده... ادخلي بقى."
بصّت للرسالة بصدمة، وبعدين رجعت تبص في الجنينه بخوف وتوتر، مش فاهمة خالد بيعمل ايه ولا عايز إيه أصلاً...
دخلت الأوضة وهي حاسة إنها تايهة...
فيه حاجة مش مفهومة...
وفيه إحساس غريب بيتحرك جواها...
خوف؟ قلق؟ ولا حاجة تانية خالص؟ 
وفجأة…
صوت خبطات خفيفة جدًا على باب البلكونة وراها.
اتنفضت وهي بتبص وراها وشافته.
خالد واقف قدامها، وشه باين تحت ضوء القمر،
عيونه ثابتة فيها، ووشه فيه لهفة وشوق،
لابس كاجوال غامق، واضح إنه متسلل ومتخفي،
بس حضوره كان أقوى من أي خوف.
ياسمين فتحت باب البلكونه وهي مش قادرة تصدق،
وقالت بصوت مبحوح: خالد.. إزاي جيت هنا؟
رد خالد: مقدرتش أنام قبل ما أشوفك وأطمن عليكي... قلبي كان حاسس إنك لسه بتعيّطي.
بصّ لها بنظرة فيها حنية وقال بنبرة هادية: شايفة عنيكي.. 
تعبانة من كتر العياط ازاي!.. ينفع كده؟
ابتسامة خفيفة كسرت الحزن اللي في ملامحها، وقالت بخجل وهي بتبص حواليها: بس إنت وصلت لحد هنا إزاي؟!
لفت عينيها ناحية الجنينة وأضافت بقلق: ممكن حد يشوفك!
رد عليها بثقة وسخرية خفيفة وهو بيبتسم: لا ماتقلقيش... أنا أقدر أدخل وأخرج من أي مكان من غير ما حد يحس بيا.
ضحكت وقالت: شبح يعني؟!
ردّ وهو بيضحك معاها: بالظبط كده.
وبعدين قرب خطوة صغيرة من السور وسند عليه وقالها بنظرة مليانة شقاوة وهو بيحاول يخفف عنها حزنها: بس قوليلي بقى... فكرتي في إيه لما سألتك "لابسة إيه دلوقتي؟"؟
بصّت له بحدة مصطنعة بس جواها خجل باين في عينيها وقالت بعصبية خفيفة: تفتكر هفكر في إيه يعني؟! لما واحد يبعتلي رسالة في نص الليل ويسألني كده! طبيعي أي بنت هتتوتر!
ضحك خالد بصوت هادي وقال: أنا كنت بس عايز أطمن عليكي.
ياسمين ضحكت وقالت: وهو اللي عايز يطمن علي بنت يسألها انتي لابسه ايه دلوقتي؟! كان عنده حق الظابط مهاب لما قالي انك مش بتعرف تتعامل غير مع مطاريد الجبل والشويش جمعة. 
خالد ضحك وقال: انتي وصلتي للشويش جمعة كمان.. وقالك ايه عني تاني مهاب ؟ شكله عك الدنيا على الاخر صح؟
ياسمين ضحكت وسكتت بخجل. 
خالد بص لها وقال: انا عارف اني وجودي هنا دلوقتي في وقت زي ده وبالطريقه دي غلط.. بس انا حقيقي كنت خايف عليكي وعايز أشوفك وأكيد مش هينفع ادخل بلكونة أوضتك من غير ما تكوني جاهزة انك تشوفيني .. صح؟
ابتسمت وهزت راسها بالايجاب، وسألته بهدوء: وليه خلتني أخرج البلكونة؟
قالها وهو بيبصلها بنظرات كلها حب: عشان أعرف إنتي في أنهي أوضة...
نزلت عينيها في الأرض، وابتسامة هادية ظهرت على وشها، حسّت بدفا غريب جواها...
أمان ماكنتش متعودة عليه.
خالد قال بنبرة جد أكتر، وصوته هادي لكنه واصل لياسمين ولقلبها: عايزك تطمني... متخافيش تاني. أنا دايمًا هكون قريب منك، وأقدر أوصلك في أي وقت، وفي أي مكان..
نبرته اتشدت اكتر وهو بيقول: اللي انتي عرفتيه عن جدك ويحيى النهاردة اقل كتير من حقيقتهم.. بس انا هكون دايما جنبك ومش هسمح لحد يأذيكي. 
رفعت عينيها بسرعة، ونظرة استغراب رسمت ملامحها: ليه؟!  ليه بتعمل معايا كل ده؟
سؤالها سكت خالد لحظة...
بصّ لها بعمق، كأنه بيحاول يفتّش في قلبه عن إجابة هو نفسه مش قادر يعترف بيها...
نفسه يرد ويقولها عشان بحبك.. 
بس مش ده الوقت المناسب اللي يعترفلها فيه بحبه. 
سكت لحظات وقال: في مشاعر جوايا اول مرة احس بيها.. من اول لحظة شوفتك فيها وانا حاسس انك مسؤولة مني.. في فترة معينه كنت متلخبط ومتردد أواجه نفسي بحقيقة مشاعري اتجاهك.. 
بص لها اوي وقال: بس خلاص انا مش هتردد تاني.. وبعترف انك مهمة جدا بالنسبة ليا.. مهمة لدرجة انك مابتفرقيش تفكيري لحظة. 
ياسمين اتوترت من كلامه وقالت: انا متوتره اوي ومش عارفه اقول إيه.. 
وابتسمت بخجل وكملت كلامها: انا اول مرة اسمع كلام زي ده.. وبصراحة خايفه.. 
وبصت قدامها علي جنينة الفيلا وقالت بهمس حزين: يمكن الخوف هو ده الشعور الوحيد اللي بقيت بحس بيه من اول ما دخلت البيت ده! 
وبصت له وابتسمت وقالت: ودي اول مرة احس فيها اني مطمنه بجد.. اول لما شوفتك قدامي دلوقتي.. اطمنت.. واضح إنك بقيت مصدر شعوري بالامان يا حضرة الظابط.
الكلمات البسيطة دي فرّحته من جواه... حس إنه فعلاً بقى حاجة مهمة في حياتها، يكفيه انه بقى مصدر أمانها.
ضحك وقال بهزار: انا هعدي كلمة حضرة الظابط إللي قولتيها دلوقتي ، عشان اللحظة الحلوة دي تنتهي نهاية سعيدة.. بس عارفه لو سمعتها منك تاني هعمل ايه؟ 
ردت وهي بتضحك: هتعمل ايه يا حضرة الظابط؟ 
ضحك وهو بيبصلها وقال: انا اقدر اعمل كتير.. وخلي بالك، الكلمة دي بتضايقني لما بسمعها منك.
إستغربت وقالت: بتضايق ليه ؟
رد وهو بيبص في عينيها: عشان انا بحب اسمع اسمي بصوتك. 
بصت له واتكسفت وخدودها احمرت واتوترت جدا. 
النظرات طولت بينهم، وسكون اللحظة كان مليان إحساس... بس فجأة، سمعوا صوت باب أوضتها حد بيحاول يفتحه من برّه، وهي كانت قافلة بالمفتاح من جوه.... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
انا بحب اسمع اسمي بصوتك. 
بصت له واتكسفت وخدودها احمرت واتوترت جدا. 
النظرات طولت بينهم، وسكون اللحظة كان مليان إحساس... بس فجأة، سمعوا صوت باب أوضتها حد بيحاول يفتحه من برّه، وهي كانت قافلة بالمفتاح من جوه....
هو على طول حس خوفها، وقرب منها بشويش، وشاورلها بإيده كأنه بيقول "اهدي، مفيش حاجة".
وفجأة سمعوا صوت مامت ياسمين بتنادي عليها من ورا الباب.
اتنهدت ياسمين بارتياح، وهمست: دي ماما.
خالد ابتسم وقال بصوت هادي ومليان حنان: مش عايزك تخافي كده تاني... في أي وقت تحسي بالخوف، كلميني وهتلاقيني جمبك.
وبص عالجنينة وهو بيهزر: أنا خلاص عرفت الطريق.
ضحكت ياسمين بصوت خافت وقالتله: أنا لازم أفتح لـ ماما... هتخرج من هنا إزاي؟
رد بثقة: زي ما جيت... خلي بالك من نفسك.
بصّت له نظرة كلها مشاعر وقالت: وإنت كمان، خلي بالك من نفسك.
خد خطوته الأخيرة بعيد عنها، ونط من البلكونة بخفة واحِترَافية خلت ياسمين تبص له بانبهار.
صوت مامتها وهي بتنادي عليها بقلق رجّعها للواقع، قفلت باب البلكونة بسرعة، وجريت تفتح لمامتها.
مامتها دخلت الأوضة وبصتلها باستغراب وقالت: انتي كنتي نايمة يا ياسمين؟ وقافلة على نفسك بالمفتاح ليه؟
ياسمين ردت بسرعة وبشوية ارتباك، وعينيها رايحة جاية على البلكونة كأنها بتتأكد انه مشي: آه يا ماما، كنت نايمة... وبصراحة بطمن أكتر لما أقفل على نفسي.
مامت ياسمين فضلت باصة لها باستغراب، حسّت إن بنتها متوترة ومش طبيعية خالص.
بصت جوه الأوضة كأنها بتحاول تلاحظ أي حاجة مش مظبوطة، وقالت: أنا كنت جايه اطمن عليكي.. وكنت عايزة أتكلم معاكي بخصوص اللي حصل النهاردة. 
ياسمين هزت راسها بالإيجاب وقالت: معلش يا ماما انا مش عايزة أتكلم دلوقتي.. ومفيش اي كلام هيفيد بعد اللي عرفته النهاردة.
ياسمين كانت مرتبكة ومتوتره وعينها لسه رايحه جايه على البلكونه. 
مامتها قربت منها شوية وبصتلها بنظرة فيها قلق وسألتها: انتي كويسة يا ياسمين؟
ياسمين ابتسمت ليها بابتسامة مطمنة وقالت: اطمني يا ماما، أنا كويسة والله.
مامتها هزت راسها براحة وقالت: الحمد لله إني اطمنت عليكي... تصبحى على خير يا حبيبتي.
ياسمين ردت بهدوء: وانتي من أهل الخير يا ماما.
مامتها خرجت ورجعت على أوضتها، وياسمين خدت نفس طويل كأنها بتطلع توتر السنين، وقفلت الباب تاني بالمفتاح.
جريت على سريرها، وقعدت عليه وهي ماسكة موبايلها، وشها منور بالفرحة، وقلبها بيدق بسرعة من كتر المشاعر اللي ماليه قلبها ناحية خالد.
كانت نفسها تطمن إنه خرج من الفيلا بسلام.
كتبت له رسالة بسرعة وبعتتها: "خرجت من الفيلا؟ طمني عليك."
خالد كان فعلاً خرج من الفيلا، ومشي ناحيه عربيته اللي كان ركنها ورا الفيلا، في مكان هادي وبعيد شوية.
ركب العربية، ولسه بيظبط نفسه، سمع صوت رسالة جت له.
مسك الموبايل، وفتح الرسالة، وأول ما شاف كلامها، ابتسامة واسعة نورت وشه، وبعت لها على طول: "قلقتي عليا؟"
ياسمين كانت قاعدة على سريرها، ماسكة الموبايل بإيدين فيها توتر وترقب، وعينيها مش بتسيب الشاشة، مستنية رده.
أول ما شافت رسالته، وشها احمر واتكسفت... معرفتش تكتب له حاجة، ولا ترد.
عدّت دقيقتين، وجالها منه رسالة تانية: "مردتيش عليا ليه؟ قلقتي عليا صح؟ اعترفي."
قلبها كان بيدق بسرعة، وكل جسمها حاسه بدفا غريب، إحساس جديد أول مرة تعرفه... كانت متأكدة إن ده هو الحب اللي دايمًا كانت بتسمع عنه، بس عمرها ما عاشته بالشكل ده قبل خالد.
في عربيته، خالد كان حاسس بكل ده... حاسس بيها، وعارف إنها دلوقتي محتارة ومتوترة ومش فاهمة اللي بيحصل جواها.
بس الغريب إنه هو كمان حاسس بنفس الارتباك.
جت له رسالة منها أخيرًا بعد دقايق كتير، كانت كاتبة فيها: "لما توصل بيتك طمني إنك وصلت."
هو فعلاً كان وصل بيته وقتها، لأن المسافه بين بيته وبيت جدها مش بعيدة ،ركن عربيته، ولسه قاعد جواها وسط سكون الليل... سرح لحظة، وبعدين أخد نفس واتصل بيها، لأنه كان محتاج يسمع صوتها.
في أوضة ياسمين...
قلبها اتنفض أول ما شافت رقمه بيظهر على الشاشة.
نفسها اتلخبط، وإيديها كانت بترتعش وهي بترد...
سمعت صوته، والصوت ده كان كفيل إنه يهدّي قلبها اللي كان بيرقص جوه صدرها.
قالت بصعوبة، وصوتها بيرتعش من جوه: – ألو
"أنا وصلت بيتي دلوقتي"
قالها خالد بهدوء وصوته فيه حنية. 
ردت بصوت رقيق وخافت:  ماشي... تصبح على خير.
قال بسرعة:  لا، استني... متقفليش. انتي لسه مردتيش على سؤالي... كنتي قلقانة عليا بجد؟
اتوترت أكتر، وسكتت...
ابتسم هو وقال: خلاص، أنا هاعتبرك كنتي قلقانة... هتروحي المدرسة بكرة؟
قالت بهدوء: مش عارفه! 
خالد: لا مينفعش.. لازم تروحي شغلك.. وحياتك تكمل عادي جدا ولما جدك ويحيى يرجعوا متتكلميش معاهم في اي حاجة. 
ياسمين بدهشة: هما هيخرجوا بكره ؟
خالد: للأسف.. زي ما قولتلك هما بيعرفوا يخرجوا نفسهم قدام النيابة.. بس هيجي اليوم اللي هقبض عليهم متلبسين ومايعرفوش يخرجوا منها ابدا. 
ياسمين خافت وقلقت لانهم برضه اهلها.. كان نفسها متتحطش في موقف زي ده ابدا. 
خالد سكت لحظات وقال: حاولي تنامي وترتاحي ومتفكريش في اي حاجة.. وأنا هكلمك بكره أطمن عليكي. دا لو مش هيضايقك طبعًا... ولا انتي ممكن تتضايقي لو كلمتك؟
ردت بسرعة كأنها كانت مستنية السؤال: لا طبعًا، عمري ما هتضايق.
ابتسم وقال بصوته الهادي: ماشي... تصبحى على خير.
ردت برقة: وانت من أهل الخير.
نزل خالد من عربيته ودخل الفيلا، ولسه بيقفل الباب وراه، اتفاجئ بكارما واقفة قصاده في الصالة، باصة له بصدمة كأنها شافته بيعمل جريمة.
بصّ لها هو كمان بدهشة وقال: كارما؟ انتي بتعملي إيه هنا في الوقت دا؟
كارما ردّت: خالتو قالتلي أنام هنا الليلة دي. وماما وجدو رجعوا البيت لوحدهم... هو انت راجع منين دلوقتي؟
قالها وهو بيطلع السلم من غير ما يبص وراه: كان عندي شغل يا كارما... تصبحى على خير.
صوتها نده عليه ووقفته مكانه:  خالد! هو انا موحشتكش؟؟
وقف، خد نفس عميق وهو بيقفل عينه من التوتر، لقى نفسه بيضغط على إيده من العصبية، وبعدها لف وبص لها، ونزل خطوتين لحد ما بقى قريب منها، عينه في عينها، وقال بنبرة هادية لكن فيها وضوح: كارما... اكيد عارفة قد إيه آنتي غالية عندي... وبالنسبالي زي أختي الصغيرة، وأنا عمري ما اتأخرت عنك في حاجة، ومستعد أعمل أي حاجة عشان أشوفك مبسوطة.
كارما وقفت مذهولة، عنيها دمعت وقالت بنبرة فيها وجع: بس أنا مش أختك يا خالد... أنا بنت خالتك، وبحبك من زمان، وانت عارف. مش أنا بس اللي عارفة، كل الناس كانوا شايفين إن إحنا لبعض من وإحنا صغيرين ... مش فاهمة ليه كل ما أقرب منك، تبعد... هو عشان بابا؟ عشان اتقتل في قضية سلا. ح وانت ظابط؟ هو ده السبب؟
خالد بصّ لها باندهاش وقال بسرعة: إيه الكلام ده؟! لأ طبعًا، عمره ما كان ده السبب، وعمري ما فكرت كده.
اتكلمت كارما برجاء: اومال ايه السبب يا خالد؟ هو انا وحشه؟ في حاجة في شكلي مش عجباك ؟؟
أتكلم خالد بسرعة: انتي زي القمر يا كارما ومليون شاب يتمني نظرة منك.. بس انا بشوفك أختي وبس. ومش هقدر أشوفك غير كده. أنا هفضل طول عمري أخوكي، وضهرك، وسندك.
كارما دموعها نزلت على خدها وهي بتسمع كلامه ... هزت راسها بالإيجاب وهي بتحاول تبتسم وقالت بصوت مكسور: شكراً يا خالد... لأنك كنت صريح ومخدعتنيش. واضح إني كنت بعيش في وهم لوحدي... انا آسفة.
خالد حس بوجع حقيقي عشانها ، قلبه تقبض... هو ماكانش عايز يجرحها، لكن كان لازم يكون واضح، عشان هي تستحق تعيش الحقيقة مش أوهام.
كارما طلعت على الأوضة اللي هتنام فيها، والدموع لسه على خدها، وخالد كمل طريقه لأوضته، وهو حاسس بحزن وخنقة...
الليلة اللي بدأت بسعادة قلبه مع ياسمين... اتقفلت بالحزن والوجع علي كارما.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح يوم جديد. 
في القسم عند خالد.
العسكري دخل عليه وهو بيقول باحترام: اللوا وحيد الأسيوطي برا وعايز يدخل لحضرتك يا باشا.
خالد قام من على مكتبه بسرعة: إزاي توقفه برا؟ اللوا وحيد يدخل في أي وقت من غير استئذان!
خرج العسكري بسرعة، وخالد خرج يستقبل جده، وقال وهو مبتسم وبيمد إيده: أهلا بيك يا سيادة اللوا... معقول حضرتك تستأذن عشان تدخل؟!
دخل اللوا وحيد وهو مبتسم بفخر، وعينيه مليانه اعتزاز وهو بيبص لحفيده اللي بقى من أكفأ ضباط الداخلية.
العسكري قفل الباب وخرج، وخالد سأل باندهاش: خير يا سيادة اللوا... حضرتك كويس؟
اللوا وحيد قعد وقال بابتسامة هادية: إيه يا خالد؟ هو غريب إني أزور حفيدي في مكتبه؟!
أنا كنت في المديرية وعدّيت عليك بالمرة أشوفك.
خالد قرب منه وقال باستغراب: حضرتك كنت في المديرية ليه؟
ضحك اللوا وحيد وقال: يعني إيه كنت هناك ليه؟! ناسي إن صحابي كلهم هناك؟!
ولا عشان طلعت معاش يعني مش من حقي أدخلها؟!
خالد ابتسم وقال بنبرة فيها احترام: لا طبعًا يا باشا ... حضرتك تدخل أي مكان، وإحنا هنفضل تلامذتك ونتعلم منك.
اللوا وحيد غير نبرة صوته فجأة وبقى جد جدًا: الحقيقة يا خالد... أنا رحت المديرية النهاردة عشان أطلب سحب قضية جلال الشرقاوي منك. قابلت مدير الأمن وشرحتله إن الموضوع حساس، ومينفعش اسمك يكون في القضية دي، وهو وافق وسحبها منك.
خالد وقف مكانه فجأة وقال بصدمة: إيه؟! حضرتك عملت كده؟! إزاي وحضرتك إللي علمتني أفصل بين شغلي وبين حياتي الشخصيه، ليه تعمل كده يا جدي؟!
اللوا وحيد بصله بنظرة حاسمة وقال: عشان أنا مش هسمح إن علاقتك بخالتك وبكارما تتدمر بسبب شغلك. انت امبارح قبضت على جدها وابن عمها وحبستهم..
و انا وانت عارفين انهم هيخرجوا النهاردة او بكره من النيابه..
بس اللي متأكد منه انك مش هترتاح غير لما تقبض عليهم متلبسين بتجارة السلا. ح..
لو هيتقبض عليهم ميبقاش منك انت، لانك مش بس هتأذيهم... انت هتأذي كارما اللي بتحبك وشايفاك طول عمرها سندها..
صدمتها فيك هتكون كبيرة لما تلاقيك انت اللي بتحط جدها وابن عمها في السجن بنفسك! وانا شايف ان الأصح تبعد عن القضية دي خالص.
خالد قال بنبرة حزينة واعتراض واضح: لا يا جدي... ده مش صح، وكارما وخالتي عارفين كويس إن ده شغلي وانامش ضدهم.. انا بعمل شغلي واللي المفروض اعمله. 
جده بصله بنظرة معناها "الكلام انتهى"، وفي نفس اللحظة رن تليفون خالد...
رد، وسمع صوت من الطرف التاني بيبلغه رسميًا:
– خالد باشا. قضية جلال الشرقاوي اتسحبت من حضرتك، وهيستلمها ظابط تاني... حضرتك لازم تسلّم الملف.
قفل خالد الموبايل وبص لجده وقال بنبرة فيها قهر: أول مرة في حياتي تتسحب مني قضية قبل ما أخلصها... ودي بالنسبة لي أول نقطة سودة في ملفي.
جده قال بنبرة فيها حسم: ولا نقطة سودة ولا حاجة... كمل شغلك عادي، عندك مليون قضية تانية تمسكها غير دي.
وبعدها وقف وقال: مامتك عازمانا على الغدا النهاردة... هتيجي معايا؟
رد خالد وهو بيكتم ضيقه: عندي شغل كتير، مش هقدر أجي.
هزّ اللوا وحيد راسه وخرج من المكتب، وخالد رجع قعد مكانه، وهو مضايق ومخنوق...
لأن أكتر حاجة بيكرهها إن حد يتدخل في شغله.
خرجه من شروده رنة موبايله...
بص على الشاشة، لقى اسم "مهاب" بيظهر قدامه: أيوه يا مهاب؟
رد عليه صوت صاحبه بضحكة خفيفة: بقولك إيه... متنساش إننا مسافرين بكرة سوهاج مع بعض، فرح أخو معتصم فاكر ولا نسيت؟!
خالد عدّل قعدته وقال بنبرة فيها فتور: آه فاكر...
مهاب لاحظ نبرته وسأله بقلق بسيط: مالك؟ صوتك مش طبيعي... حصل حاجة؟
خالد خد نفس عميق وقال: لا... مفيش.
هنروح بكرة إمتى ؟
مهاب قال بحماس: معتصم مسافر النهاردة بالليل ، وانا وانت هنروحله بكره الصبح. 
رد خالد بهدوء: تمام... هشوفك بكرة.
وقفل المكالمة، وسرح تاني وهو حاسس إن دماغه مشغولة بأكتر من حاجة،
ما بين شغله اللي اتسحب من إيده، وكارما اللي كسر قلبها، وياسمين اللي وعدها إنه مش هيتخلى عنها. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء _ في محافظة سوهاج.
كانت زينة واقفة في أوضتها، قدام الشباك المفتوح على سكون الليل، والهوا بيحرك طرحتها بخفة كأنّه بيواسيها. عينيها كانت معلقة في الضلمة، بس عقلها كان مليان دوشة.. مش قادرة تهرب من صوت تهديد زينب مرات ممدوح اللي لسه بيرن في ودانها.
عارفة إن زينب ما بتهزرش، الست دي قادرة تعمل أي حاجة عشان تمنع الجوازة دي، وقلبها مليان كره وخوف.
الفرح خلاص بكره.. وكل الطرق مقفولة.
لو الفرح تم، يبقى اتحكم عليها تعيش مع واحد عمرها ما هتحبه، وتبقى سجينة في بيت مش بيتها، وحياة مش ليها.
ولو الفرح ما تمش.. يبقى جابت العار لأهلها، وكلام الناس هيبقى زي السكاكين، وساعتها الموت هيكون أهون عليها.
دموعها ما نزلتش.. كانت ناشفة، زي قلبها اللي بيقاوم، بس بيصرخ من جوه.
رفعت وشها للسما، عينيها بتلمع من الوجع، وهمست في سرّها:
"يا رب.. إيه الحل؟ انا خايفه ومش عارفة أعمل ايه؟"
وفجأة، وسط العتمة دي كلها، لمعت فكرة مجنونة في دماغها.. فكرة خلت قلبها يدق بسرعة، ورجليها تتسمر في الأرض.
كانت مجنونة، بس يمكن تكون طوق النجاة الوحيد.
قعدت في أوضتها لحد وقت متأخر من الليل، والضلمة مغرقاها من كل ناحية. كانت بتبص في السقف بعين تايهة وقلبها بيدق بسرعة، كأنها سامعة صوت دقاته جوا صدرها. قامت بهدوء، لبست عباية سودا فضفاضة وطرحة لفتها حوالين وشها، وخدت نفس عميق وهي بتستجمع شجاعتها.
فضلت واقفة جنب الباب لحظة، بتسمع صوت الصمت، مستنية اللحظة المناسبة. وبعد ما تأكدت إن كل اللي في البيت غرق في النوم، فتحت باب أوضتها بهدوء، وخرجت تتسحب بخطوات محسوبة، كل خطوة كانت بتقربها من المجهول. فتحت باب البيت بهدوء، وخرجت منه لعالم مش عارفة فيه هي رايحة على فين.
بس كانت في عنين بترصدها من ورا الستارة.
زينب كانت واقفة في الضلمة، مبتسمة بخبث والشر باين في نظرة عنيها، وهمست لنفسها بصوت خافت : "والله ووقعتي تحت إيدي يا عروسة..."
استنت شوية لحد ما اتأكدت إن زينة اختفت بعيد، وفجأة، قطعت سكون الليل بصوتها العالي وهي بتصرخ صرخة هزّت البيت كله: "الحقواااا!! العروسة هربت!!"
الصوت صحى ممدوح جوزها، وأبوه، وكل العيلة قامت مفزوعة، بيجروا على مصدر الصوت.
زينب مثلت الدور بإتقان وهي بتمثل شهقات البكا: العروسة هربت... حاولت أوقفها، بس مردتش تسمعني..."
ممدوح بصلها بذهول، عينه بتدور على تفسير، وأبوه واقف مصدوم مش فاهم حاجة.
أم زينة جريت على أوضة بنتها وفتحت الباب بلهفة... ملقتش حد!
صرخت من أعماقها وهي بتجري لزينب، صوتها بيترعش من الخوف: "بنتي راحت فين يا زينب؟!! عملتي إيه في بنتي ليلة فرحها؟!"
زينب ببراعة تمثيلها، جاوبت وهي عاملة نفسها منهارة: "والله حاولت أوقفها يا عمتي... بس هي مصممة... قالتلي إنها مش هتتجوز ممدوح وقلبها مع أخوه."
ممدوح صرخ فيها: "أخويا مين يا بت يا مجنونة انتي؟!"
زينب ردت من وسط شهقاتها: "هي دي الحقيقة... زينة بتحب معتصم أخوك ، ولما وافقت تتجوزك كانت فاكرة إن خالها بيخطبها ليه... مش ليك."
الكل بص لأم زينة، اللي خفضت وشها في الأرض ودموعها سايحة على خدها، وهمست بألم: "ليه كده يا بنت بطني..."
ابو ممدوح قرب منها، صوته فيه قلق وغضب مكبوت: "الكلام ده صح يا أم زينة؟"
قالتله وهي مكسورة وبتترجاه: "رجعلي بنتي يا أخويا... أنا ماليش غيرها."
ممدوح بص ل أبوه منتظر قراره، فاتكلم الأب بصرامة: "اطلع انت والرجالة دوروا عليها... ومش عايز حد يقربلها."
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
كانت البلد نايمة، وسكون الليل تقيل، مفيش صوت غير دبدبة قلب زينة وهي بتجري، تايهة وسط الضلمة. قلبها بيرتعش، والمكان حواليها مرعب. الطريق مقطوع، والدنيا كلها شكلها غريب في عينيها. كانت بتهرب من مصير مش عايزاه، لكن مفيش ضمان إنها رايحة لمكان أأمن.
وفي الناحية التانية، معتصم كان راجع بلده عشان يحضر فرح أخوه ، سايق عربيته وسط الطريق الساكن، وبيقرب من البلد بعد مشوار طويل. ماقالش لحد عن ميعاد رجوعه، كان ناوي يفاجئهم.
وفجأة، ظهرت قدامه بنت وسط الطريق!
داس فرامل بكل قوته، والعربية صوتها عالي والبنت من الخضة وقعت على الأرض.
معتصم نزل بسرعة، قلبه بيدق بتوتر، ووشه مصدوم: "البنت دي جات منين؟ وفي وقت زي ده؟!"
قرب منها، كانت مرمية على الأرض، مغمى عليها، لابسة عباية سودا ووشها متغطي بالطرحة. نزل جنبها، ومد إيده وشال الطرحة بهدوء عشان يشوف ملامحها.
وتحت ضوء القمر، ملامحها ظهرت قدامه... بوجه ناعم، بريء، وكأنها ملاك نازل من السما.
اتسعت عيونه، ودقات قلبه عليت، وهو بيهمس بصدمة: زينة!!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
معتصم نزل بسرعة، قلبه بيدق بتوتر، ووشه مصدوم: "البنت دي جات منين؟ وفي وقت زي ده؟!"
قرب منها، كانت مرمية على الأرض، مغمى عليها، لابسة عباية سودا ووشها متغطي بالطرحة. نزل جنبها، ومد إيده بترتجف، وشال الطرحة بهدوء عشان يشوف ملامحها.
وتحت ضوء القمر، ملامحها ظهرت قدامه... بوجه ناعم، بريء، وكأنها ملاك نازل من السما.
اتسعت عيونه، ودقات قلبه عليت، وهو بيهمس بصدمة: زينة!!.
حاول يصحيها، لكن كانت مغيبة... وكأن عقلها اختار يهرب بعيد عن كل حاجة حواليها.
بص حواليه، الطريق فاضي، الدنيا ضلمة، ومفيش قدامه غير إنه ينقذها. شالها بحذر، وفتح باب عربيته، وحطها على الكرسي الخلفي.
بص لوشها تاني، كانت ملامحها مختلفة عن آخر مرة شافها فيها... اتغيرت، كبرت، ونضجت. بس التغيير ماكانش بسيط، كان ملفت. بقت أجمل بكتير. جمالها هادي ورقيق، زي لوحة مرسومة بإتقان. عينيها المغمضة حتى وهي غايبة عن الوعي، كانت باينة إنها بتخبي وراها حكايات، وقلبه حس بده.
هز راسه بسرعة كأنه بيطرد الأفكار دي بعيد عن دماغه.
"ركز يا معتصم... مش وقته."
ركب مكانه، وقفل باب العربية، وساق يكمل طريقه للبيت، بس مخه شغال بألف سؤال.
"إيه اللي طلع زينة بنت عمتي في نص الليل؟! وعلى طريق مقطوع زي ده؟! ياترى حصل إيه؟!"
كل شوية يبص في المراية، يشوفها نايمة في الكرسي وملامحها ساكنة، لكن جوّا قلبه مش ساكن خالص. دقات قلبه كانت متلخبطة، كل مرة عينه تقع عليها، يحس بحاجة غريبة بتتحرك جواه، إحساس مش قادر يفسّره.
شد على الدركسيون بإيده، وحاول يقنع نفسه: "مايصحش يا معتصم... دي زينة! دي هتكون مرات أخوك بعد كام ساعة... إزاي تسمح لنفسك تحس كده؟!"
بس قلبه مكانش بيسمع لصوت العقل.
كان فيه حاجة اتحركت جواه أول ما شافها، حاجة مش سهل يوقفها بكلمة "مايصحش".
كمل طريقه، بس جواه عاصفة، مش عارف هتوصله على فين هو واللي معاه في العربية.. واضح انها هتاخدهم على منعطف جديد يغير حياتهم.. والأكيد انه هيكون منعطف خطر... رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد شوية دقايق، وصل معتصم بعربيته قدّام بيتهم الكبير، وقف بالعربية وبص حواليه باستغراب... لقى كل أهله متجمعين قدام الباب، وشهم كان باين عليه القلق والتوتر، كأن في مصيبة حصلت.
نزل من العربية بسرعة، قلبه بيخبط في صدره، وحس إن في حاجة مش طبيعية. أول ما أبوه شافه، عينيه اتفتحت من المفاجأة، كان واضح عليه إنه مش متوقع يشوفه دلوقتي .
معتصم بصله بقلق وسأله وهو بيقرّب منه: في إيه يا أبويا؟ حصل حاجة؟
قبل ما أبوه يرد، عمته جريت عليه وهي بتبكي، ملامحها كانت باينة عليها الهلع والخوف، وقالت بصوت متقطع من كتر البكا: زينه... زينه بنتي يا معتصم، هربت! مش لاقيينها في أي حتة!
معتصم اتفاجئ وقال بسرعة وهو بيحاول يطمنها: زينه معايا في العربية يا عمتي... متخافيش، هي كويسة.
في اللحظة دي، كان ممدوح أخوه الكبير رجع مع الرجالة اللي خرجوا يدوروا على زينه. 
كانوا راجعين بخيبة أمل، باين عليهم التعب .
وأول ما سمعوا صوت معتصم وهو بيقول إن زينه معاه، وقفوا مكانهم، كأن الزمن وقف، وكل العيلة بصت له بذهول.
زينب، مرات ممدوح، اتكلمت بنبرة كلها شك وسخرية: دا شكلهم متفقين بقى! هي تهرب، وهو يقابلها بعربيته! هنودي وشنا فين قدام أهل البلد بعد الفضيحة دي! 
الصدمة ضربت وش ممدوح، وجري على أخوه، مسكه من هدومه بعنف وزعق فيه وهو صوته مليان غل: آخر واحد كنت أتخيل إنه يخوني هو انت يا معتصم! دا انت أخويا وابن أمي وأبويا!
معتصم كان واقف متجمد، مش قادر يفهم هما بيتكلموا عن إيه، ولا إيه التهم الغريبة دي! بص لأخوه بذهول، وحس بكلامه زي السهام اللي بتطعن في قلبه.
أبوهم اتدخل بصوت عالي وقال وهو رافع إيده:
بس! سيب أخوك يا ممدوح... كفاية بقى. ادخلوا جوه، نشوف هنلم الفضيحة ده إزاي قبل ما الموضوع يكبر أكتر من كده.
معتصم بصله باستغراب وقال: موضوع إيه؟! فضيحة إيه يا أبويا! أنا لقيت زينه على الطريق، و...
زينب قطعت كلامه بسرعة، وبصت له بنظرة كلها خبث وقالت بسخرية: ايوه ايوه، احنا عارفين كل حاجة يا أخو جوزي... وعارفين إللي بينك وبين زينة. 
معتصم اتصدم، وبص لها بنظرة فيها استغراب واشمئزاز، وزعق: إيه؟! إيه اللي بيني وبين زينه؟! انتي بتقولي إيه؟!
ممدوح اتدخل بصوت عالي ووشه كله غضب: صوتك ما يعلاش على مراتي! ولا فاكر نفسك عشان ظابط يعني هنخاف منك؟!
معتصم كان واقف مصدوم، مش قادر يصدق اللي بيشوفه في عيون أخوه، نظرات كره وحقد، حاجة عمره ما شافها قبل كده.
أبوهم شد نفسه واتكلم بحزم: كفاية! اسكتوا انتوا الاتنين وتعالوا ورايا جوه.
معتصم بص ل أخوه بحزن ودخل ورا أبوه، قلبه تقيل ومخه مشوش، مش قادر يستوعب اللي بيحصل حواليه.
وفي العربية، كانت زينه لسه بتحاول تفوق، وعينيها زايغة في الضياع ، سمعت آخر الكلام اللي حصل بين معتصم وممدوح وخالها، وكل كلمة كانت بتوجع فيها زي السكينة.
أمها كانت قاعدة جنبها في العربية بتحاول تفوقها، قلبها مكسور وعيونها مليانة عتاب، بصتلها وقالت بنبرة موجوعة: ليه عملتي فيا كده يا زينه؟ كده يا بنتي تفضحينا وتحطي راسي في الأرض؟!
زينه كانت متلخبطة، دماغها مش مجمعة، لسه مش مستوعبة اللي حصل، ولسه تحت تأثير الصدمة... مش قادرة تفتح بقها بكلمة.
زينب قربت منهم، وهي باصة لزينه بنظرة كلها شماتة وقالت بضحكة خفيفة: قومي يا عروسة، تعالي نرجعك أوضتك!
أم زينه بصتلها بنظرة نار وقالتلها وهي بتقوم تساعد بنتها: مالكيش دعوة ببنتي يا زينب... ابعدي عنها.
وساندة زينه بإيدها، ودخلت بيها البيت.
...... 
جوه احدى الغرف، كان في سكوت تقيل كأن الهوا نفسه واقف. قعد الأب على الكرسي وبص قدّامه، ملامحه كانت مشدودة وتعبان من التفكير، وبعد لحظة قال بصوت واطي بس كله همّ: هنخبي الفضيحة دي إزاي؟ إيه العمل دلوقتي؟!
ممدوح كان واقف، شكله بيغلي من جوّه، وقال بعصبية: البت دي خلاص متلزمنيش يا أبويا! وتحرم عليّا اسمها يتحط جنب اسمي.
معتصم كان واقف قدامهم، نظره رايح جاي بين أبوه وأخوه، وقال بنبرة فيها قلق واستغراب: هو إيه اللي حصل يخلي زينه تهرب في نص الليل كده؟ وبعدين الكلام اللي زينب قالته تحت... معناه إيه بالظبط؟
وبص لأبوه وقال: هو انتوا بجد فاكرين إن في حاجة بيني وبين زينه بنت عمتي يا أبويا!؟
ممدوح فجأة انفجر فيه، صوته عالي وعينه مليانة غضب: هو انت لسه بتسأل؟! ما خلاص يا بيه، 
البت فضحتك! 
قالت كل اللي حصل بينكم لمراتي زينب، وانت متفق معاها تهرب وتقابلك! مش كفاية إنك كنت عايز تستغفل أخوك الكبير ؟ لا.. ده انت كنت عايز تستغفلنا كلنا!
هو انت بقيت خاين وندل كده من امتي ولا شغلك مع المجرمين اتعلمت منهم تسرق الحاجة اللي مش بتاعتك. 
معتصم اتصدم من كلام أخوه ، حس كأنه طعنة في ضهره، وقال وهو بيحاول يسيطر على أعصابه: خلي بالك من كلامك يا ممدوح، أنا ساكت بس عشان انت أخويا الكبير،
وبعدين إيه اللي بيني وبين زينه عشان تحكيه لمراتك؟ أنا آخر مرة شوفت فيها زينه كانت من أكتر من خمس سنين، وكانت لسه عيلة صغيرة، بتجري بضفايرها في الأرض!
الأب اتدخل، صوته حاد، مليان أمر ونبرة قاطعة: مش عايز أسمع صوت حد فيكم...
معتصم! إنت اللي هتكتب على زينه بكرة، والفرح يتم، وتاخدها وترجع بيها البلد اللي انت شغال فيها ، ومش عايز اسمع كلمة اعتراض من حد فيكم.. الكلام اللي قولته هو ده اللي هيحصل. 
معتصم اتجمد، عينه وسعت من الصدمة، وقال بذهول: أتجوز زينه؟! يا أبويا دي لسه عيلة صغيرة! هتجوزها ازاي دي! 
ممدوح انفعل أكتر، ومسك كلامه عليه: تقصد إيه بكلامك ده؟! يعني أنا أخوك الكبير، كنت موافق أتجوزها، وإنت شايفها عيلة؟! ولا عشان انت ظابط مستكبر نفسك علينا! 
الأب وقف، ونبرته كانت نهائية: زينه مش صغيرة يا معتصم. بنت عمتك عندها 18 سنه وده سن الجواز للبنات عندنا.. 
وكلامي اللي اتقال هو اللي هيتعمل. انت دلوقتي مسؤول قدامي، تحافظ على سمعة بنت عمتك، وتحافظ على اسمنا وكرامتنا.
وانت تقدر تختار دلوقتي.. هتحافظ علي اسم ابوك وهيبته وسط الناس ولا هتسيب الناس يتكلموا في حقنا وفي شرفنا وعرضنا. 
معتصم ما قدرش يرد، كان واقف مشلول من التفكير، عينه في الأرض، وكأن الكلام نازل عليه بصدمات ورا بعض مش قادر يستوعبها. 
أبوه خرج من الاوضه من غير ما يبصله. 
وممدوح خرج ورا ابوه وهو بيغلي، والباب اتقفل بعنف وراهم.
وسابوا معتصم لوحده... عينه ثابتة قدامه، ملامحه مشدودة، وإيده متكتفة، وكأن في جبل على صدره.
حاسس إنه اتحاصر، مفيش مخرج... وزينه؟
اللي كانت بالنسباله مجرد بنت عمته الصغيرة اللي جاي يحضر فرحها هي واخوه، دلوقتي المفروض تبقى مراته هو! 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي. 
الحاج شرقاوي ويحيي رجعوا البيت. 
كانوا راجعين تعبانين وعايزين يرتاحوا. 
بس يحيى كان بيغلي ومضايق من خالد وعايز ينتقم منه وعايز يعاقب ياسمين علي إللي عملته وشهادتها ضدهم. 
الحاج شرقاوي كان عارف ان يحيى مش هيسكت ووقفه قبل ما يطلع اوضته: يحيى.. ملكش دعوة ب ياسمين بنت عمك.. سيبها انا هتكلم معاها وهحاسبها علي إللي عملته بطريقتي. 
يحيى نفخ بغضب وقال: عارف يا جدي إنك مش هتحاسبها ولا هتعملها حاجة لانها بنت الغالي عمي يحيى.. بس لازم تعرف انها لو متحسبتش على اللي عملته ده.. هي اللي هتسلمنا للحكومة ب أيديها والمرة الجايه الله اعلم هنعرف نخرج منها ولا لا.
جده هز راسه وسكت ويحيي طلع علي اوضته وهو متعصب وجواه نار غيرة وحقد علي خالد كل ما بيفتكر ياسمين وهي واقفه وراه وفي حمايته.
الحاج شرقاوي دخل مكتبه وقعد
كان واضح انه مستني حد
دقايق قليله وواحدة من الخدم قالتله ان اللوا وحيد هنا وعايز يقابله.
الحاج شرقاوي قام وقف يستقبله
كان واضح ان هو ده الضيف اللي هو مستنيه.  
اللوا وحيد دخل وسلم عليه: حمدلله على سلامتك يا حاج شرقاوي.
رد الحاج شرقاوي: الله يسلمك ياسيادة اللوا.. لولا وقفتك معانا مكناش عرفنا نخرج بالسرعه دي بعد المحضر المعتبر اللي كتبه حضرة الظابط حفيدك.
رد وحيد بثقة: قضيتك اتسحبت من حفيدي خلاص يا حاج شرقاوي.. وان كان على وقفتي معاكم ومساعدتي ليكم عشان تخرجوا بسرعه.. ده عشان خاطر بنتي وحفيدتي.. حفيدتي شايله اسم عيلتكم وأنا مش هسمح انها تعيش الصدمة اللي عاشتها بموت ابوها تاني.. والناس يعايروها ان عيلتها تجار سلا.. ح.
رد الحاج شرقاوي ببرود: سلا.. ح إيه بس يا سيادة اللوا.. دي كلها إشاعات علي عيلتنا وانت عارف اننا ناس شغلنا كله سليم.
ضحك اللوا بسخريه وقال: انت عارف ان انا ميهمنيش غير بنتي وحفيدتي.. وده اللي انا جيت عشانه دلوقتي..
وصلنا خبر كده معجبنيش..
بيقولوا ان ابنك يحيى كان متجوز علي بنتي في السر ومخلف بنت وولد! حقيقي الكلام ده؟
رد الحاج شرقاوي: حقيقي يا سيادة اللوا.. بس هو مكنش متجوز علي بنتك.. كان متجوز قبلها ومخبي.. وانا لسه عارف من فترة قريبه.
اللوا وحيد: والست دي وولادها عايشين في بيتك هنا؟ يعني معترف بيهم قدام كل الناس وبنتي وحفيدتي ملهمش عندك اي اعتبار.
الحاج شرقاوي: البيت ده بيت الشرقاوي وبنتك وحفيدتي ينوروا بيتهم في اي وقت.. مكانهم محفوظ ومحدش يقدر يقرب منه.
رد اللوا بغضب: لا.. ما انا مش هقبل ان بنتي تتساوي بواحدة زي اللي ابنك كان متجوزها في السر منعرفش ليها اصل ولا عيله! ولا هقبل ان حفيدتي تتقارن بولاد ابنك اللي عاشوا عمرهم كله في الضلمه ومنعرفش اتربوا ازاي.
الحاج شرقاوي كان واضح عليه الغضب وانه مش عجبه الكلام.
واللوا اتكلم بنبرة حادة وجادة: الست دي وولادها لازم يمشوا من البيت ده.. ويرجعوا للمكان اللي كانوا عايشين فيه وكأننا معرفناش انهم موجودين في الدنيا اصلا..
وكفايه اوي علينا الفضايح اللي ابنك كان سببها لما مات.
الحاج شرقاوي: ولو انا رفضت انهم يخرجوا من بيتي.
وقف اللوا وحيد وهو بيقفل زرار بدلته: ساعتها قضيتك هتتفتح تحت اشرافي.. وانت وحفيدك هتقضوا عمركم كله في السجن.. عشان اقفل الصفحة دي نهائي واضمن ان حياة بنتي وحفيدتي تستقر وكفايه عليكم لحد كده..
الحاج شرقاوي بص له بصدمة.. واللوا وحيد ابتسم بثقة وقال قبل ما يمشي: فكر في كلامي كويس.. وقدامك يومين اتنين وتخرجهم من بيتك.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في أوضة سماح مامت ياسمين. 
كانت قاعده في اوضتها خايفه ومرعوبه بعد ما عرفت ان الحاج شرقاوي ويحيى رجعوا البيت. 
كانت مقعده ياسمين وأحمد جنبها وخايفه تخرجهم من الاوضه وخصوصا ياسمين. 
ياسمين كانت معترضه علي اللي مامتها بتعمله ومش مقتنعه ان هما اللي المفروض يخافوا.. وكانت عايزة تنزل تواجه جدها ويحيى بحقيقتهم بس مامتها منعتها تعمل كده بدموعها ورجاءها المستمر عشان تحافظ علي حياتها وحياة اخوها. 
........ 
في أوضة يحيي كان بياخد شاور
طلع من الحمام واتفاجئ ب جده قاعد على السرير مستنيه يخرج.
قرب منه يحيى بقلق وسأله: في ايه يا جدي؟ شكلك تعبان؟
جده حكاله عن مقابلته مع اللوا وحيد وتهديده له وكل كلامه.
يحيى اتعصب وقال بغضب: هما العيله دي فاكرين نفسهم مين ؟ حفيده يجي هنا ويقبض علينا.. وهو يجي يهددنا في بيتنا.
جده بص له بحزن وقال: انا مش هقدر ابعد احمد ابن الغالي عن حضني.. انا لما صدقت الاقي حته من يحيى يعوضني عنه.
يحيى كان متعصب وبيفكر في حل.
جده بص له بعد تفكير وقال: انا فكرت ولقيت حل.. اللوا عايزني اخرجهم من بيتي لإنهم قاعدين هنا بصفتهم احفادي قدام الناس.. بس انت لو اتجوزت ياسمين.. هيبقوا قاعدين هنا بصفتهم.. مراتك واهلها... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
جده بص له بعد تفكير وقال: انا فكرت ولقيت حل.. اللوا عايزني اخرجهم من بيتي لإنهم قاعدين هنا بصفتهم احفادي قدام الناس.. بس انت لو اتجوزت ياسمين.. هيبقوا قاعدين هنا بصفتهم.. مراتك واهلها.
يحيى اتصدم من الفكرة واتجمد مكانه للحظه وقال: جواز ايه يا جدي! بس انا عمري ما فكرت في موضوع الجواز ده! 
جده اتكلم معاه برجاء: فكر يا يحيي.. وفكر في جدك اللي قلبه محروق علي عمك.. ومش هقدر ابعد احمد عن حضني بعد ما جه وعوّضني عن الغالي.
يحيى وقف يفكر وهو متوتر من فكرة الجواز لانه عمره ما فكر فيها.. بس لمعة في دماغه فكرة الانتقام لو أتجوز ياسمين.. هينتقم من خالد ويحرق قلبه على ياسمين.. وياسمين هتكون ملكه وتحت سيطرته.
الفكرة بدأت تلمع في دماغه وعجبته.. بص ل جده وقاله: انا موافق يا جدي اتجوز ياسمين. 
جده ابتسم بسعادة وقال: يبقى من بكره نبدأ نجهز الفرح.. عايز اعملكم فرح تتكلم عنه كل البلد. 
يحيى بص ل جده وقال: وتفتكر ان ياسمين هتوافق يا جدي. البنت دي عنيده ومش سهل توافق. 
رد جده وهو بيبص قدامه بتفكير: عندك حق.. ياسمين طالعه ل أبوها قلبها جامد ومش بتخاف.. بس انا عارف ازاي اخليها تخاف.. وعندي الطريقه اللي هضغط عليها بيها وتجبرها تنفذ كل كلمه اقولها. 
يحيى بص ل جده باستغراب وفضول. 
جده هز راسه بثقه
يحيي ابتسم بثقة وقرب من شباك اوضته وبص في الفراغ وهو بيتخيل اللحظة اللي هيمتلك فيها ياسمين. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي. 
خالد وصل بعربيته قدام شقة مهاب وكان مستنيه ينزل. 
اتصل على ياسمين عشان يطمن عليها بعد ما كلمها بالليل وقالتله ان جدها ويحيى رجعوا البيت ومحولوش يتكلموا معاها في اي حاجة حصلت. 
استغرب انهم متكلموش معاها في حاجة وعرفها انه رايح سوهاج النهاردة يحضر فرح اخو معتصم وقالها انه هيكلمها من وقت للتاني يطمن عليها . 
........ 
في بيت الشرقاوي. 
ياسمين نزلت من أوضتها وهي جاهزة عشان تروح شغلها في المدرسة، كانت بتحاول تكون قوية قدام جدها ويحيى عشان تقدر تواجههم. 
دخلت على السفرة، لقت جدها قاعد في مكانه المعتاد بيتصدر الترابيزة، وأخوها أحمد قاعد جنبه، ومامتها "سماح" قاعده جنب أحمد بتاكل بس واضح عليها التوتر.
قالت ياسمين وهي داخلة بتوتر: صباح الخير.
الكل ردّ، وأحمد ضحك وقال بحماس وهو بيبص لها: الله... انتي شكلك حلو قوي النهارده يا ياسمين!
قرب يحيى من السفرة وهو سامع الكلام، وبص لها وقال بضحكة فيها شوية سخرية: لا معندكش حق يا احمد.. ياسمين دايما حلوة في كل حالاتها.
ياسمين رمقته بنظرة غضب مكبوت، ويحيى سلّم على جده وعلى سماح وقعد قدامهم، وسماح بصت لياسمين بتوتر وقالت: اقعدي يا حبيبتي افطري.
ياسمين كانت مستغربه ان يحيى وجدها بيتعاملوا عادي ومحدش منهم علق على اللي حصل!
ردت ياسمين بتوتر: لا يا ماما انا مش جعانه.
احمد قام وقف وقال بحماس: انا جاهز عشان نروح المدرسة.
ياسمين هزت راسها وبدأت تحس بتوتر وخوف غريب جواها! يمكن لو كان جدها اتكلم معاها وعاتبها.. او يحيى اتعصب عليها كانت هتحس ان كل حاجة طبيعيه. 
خرجت من بيت جدها هي وأخوها أحمد، وركبوا العربية مع السواق اللي كان مستنيهم عشان يوصّلهم المدرسة.. كانت شارده وبتفكر في رد فعلهم الغريب!
جوه في بيت جدها. 
سماح اتوترت من نظرات الحاج شرقاوي ويحيى. 
كانت حاسه انهم مش ناوين على خير. 
يحيى فطر بسرعة وخرج عشان يروح الشركة. 
سماح بصت للحاج شرقاوي وقالت بخوف: حاج شرقاوي.. انت مش هتأذي ياسمين بنتي صح؟ هي مكانتش تقصد تعمل اللي عملته ده.. بس هي اتخضت لما عرفت عن شغلكم الحقيقي. 
الحاج شرقاوي بص لها بغموض وقام من غير ما يرد عليها. 
قلبها دق بخوف واتأكدت انهم مش ناوين علي خير فعلا. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المدرسة. 
وصلت ياسمين المدرسة ودخلت أوضة المكتب اللي بتقعد فيها. 
كانت شاردة، وجواها دوشة مش راضية تهدى.
دخلت شيرين فجأة، وبصوتها المرح قالت: الجميل قاعد لوحده زعلان ليه؟
ياسمين ابتسمت ابتسامة هادية، بس فاضية من جوا، وقالت: زهقانه من قلة الشغل.
شيرين ضحكت، ضحكة خفيفة مليانة طاقة وقالت: يابختك.. ناس زهقانه من قلة الشغل وناس طالع عينيها من كتره! هقولك إيه؟ أرزاق.
ضحكت ياسمين معاها مجاملة، بس بسرعة رجعت لنفس الشرود، وعنيها تاني بقت مش هنا.
شيرين بصتلها بنظرة فيها شوية خبث، وقالت بنبرة مرحة: العيون الشاردة دي شكلها بتفكر في حد شاغلهم... قولي بقى وفضفضي!
رفعت ياسمين عينيها وبصتلها، ولسانها كان هيبدأ يحكي، كان في كلام على طرف الشفايف، بس فجأة كتمته. كأن قلبها رجع يحذرها.
قالت وهي بتحاول تهرب من السؤال: حد مين اللي شاغلني؟ لا طبعًا... مفيش الكلام ده!
شيرين قربت شوية وقالت بفضول حقيقي: مش عليا الكلام ده.. إحنا بنات زي بعض وبنفهم بعض من نظرة العين. قولي، وانا هسمعك.
ياسمين حسّت بشيء مش مريح في شيرين ..
معرفتش تفسره، بس قلبها قالها "لأ".
هزت راسها وقالت بنبرة فيها هروب: صدقيني، مفيش حاجة. خلينا نتكلم عنك بقى... أنا تقريبًا معرفش عنك حاجة!
شيرين ابتسمت ابتسامة فيها توتر واضح، وقالت: أنا افتكرت إن عندي حصة دلوقتي. هقوم بقى، ونكمل كلامنا بعدين.
ياسمين هزت راسها من غير أي اهتمام، وفضلت قاعدة مكانها.
شيرين خرجت من أوضة المكتب، ومشيت خطوتين... وبصت حواليها بسرعة.
طلعت موبايلها واتصلت على رقم، ووقفت تستنى الرد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شركة الشرقاوي
كان يحيى وصل الشركة وقاعد على مكتب رئيس مجلس الإدارة، ووشه مركز جدًا، عينه بتتحرك بسرعة على الورق، وقلمه بيوقع بخط واثق.
السكرتيرة واقفة جنبه، بتحاول تلفت نظره بحركاتها، بتتمايل وهو ولا كأنه واخد باله... أو يمكن واخد، بس مش فارق معاه.
رن الموبايل اللي قدامه، عينه راحت على الشاشة،
قبل ما يمد إيده، السكرتيرة بصّت وسألت بنعومة فيها خبث: ومين شيرين دي كمان اللي بتتصل عليك؟
بصلها بحدة، وشاورلها بإيده تسكت.
رد على المكالمة، ونبرته كانت جامدة: أيوه.
صوت شيرين جه متوتر: ألوو... يحيى باشا، أنا قعدت معاها، وحاولت أوقعها بالكلام زي ما حضرتك قولتلي، بس مفيش... منطقتش بكلمة.
عنيه بقت سودة، وبص قدامه كأنه بيشوف ياسمين، مش المكتب.
قال ببرود سخيف فيه تهديد: شكلك مش قد المهمة اللي كلفتك بيها. خسارة فيكي الوظيفة... والمرتب اللي مكنتيش تحلمي بيهم!
شيرين ردت بسرعة، وصوتها بدأ يرتعش: والله يا باشا عملت كل حاجة طلبتها مني من أول ما اتعرفت عليها... دخلت عليها بالطريقة اللي حضرتك قولتلي عليها ، بس هي غريبة أوي... مش مفهومة! وشكلها معقدة.
صوت يحيى اتغير فجأة، وتعصب بشكل انفجاري، خبط بإيده على المكتب لدرجة إن القلم وقع: مين دي اللي معقدة يا روح أمك!؟
نسيتي نفسك ولا إيه!؟ أوعي تكوني صدقتي إنك أستاذة بجد! أنا اللي جبتك ونضفتك من الشارع، وشغلتك في مدرسة مكنتيش تحلمي تعدي من قدامها، كل ده عشان تقربي من ياسمين هانم وتعرفي كل حاجة عنها وتبلغيني...
بس شكلك مش نافعة في أي حاجة!
صوت شيرين بقى ضعيف وهي بتحاول تلحق نفسها: في إيه يا باشا؟ أنا مش قصدي حاجة والله...
لكن يحيى قفل المكالمة قبل ما تكمل، ورمى الموبايل على المكتب بعنف، صدره بيطلع وينزل من الغضب، بيزفر بقوة، وكل ملامحه مشدودة.
السكرتيرة قربت منه، ومدت إيديها على كتفه بحركة مساج ناعمة وقالت بصوت مغري: مين دي اللي عصبتك كده؟ روق... أجبلك حاجة تشربها؟
بص لها بعيون نارية، وزعق فيها بصوت جاف مفاجئ: غوري من قدامي دلوقتي! مش عايز أشوف حد!
السكرتيرة اتفزعت، وخدت بعضها وخرجت بسرعة من المكتب، ومشيت بخطوات سريعة من كتر الخوف.
أما يحيى، فكان بيغلي من جواه.
ليه مش قادر يدخل دماغ ياسمين؟ ليه قلبها بعيد؟ ليه عنيده معاه بالشكل ده! 
هو عايز يمتلك كل حاجة فيها.. عقلها، قلبها، جسمها.. النفس اللي بيخرج منها يكون عارفه. 
بس هي دايما حاطه سد بينها وبينه. 
عايز يحس انه في دماغها.. علي الاقل شاغل تفكيرها.. مش عايز يمتلك جسمها بس بورقة جواز..دا عايز يمتلك قلبها إللي هو متأكد انه مع غيره.. 
والفكرة دي بتعصّبه، بتجننه، وبتكسر غروره...
وكان نفسه يثبت العكس، بس مش لاقي باب يدخل منه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعات – في محافظة سوهاج. 
الدنيا بدأت تظلم، والنسمة الباردة اللي بتسبق الليل كانت بتلف حوالين البيت الكبير.
خالد ومهاب كانوا وصلوا البلد، والصدمة لسه مرسومة على وشوشهم بعد ما اكتشفوا إن الفرح مش فرح أخو معتصم، زي ما كانوا فاكرين... لا، ده فرح معتصم نفسه!
ولما قعدوا معاه في الأوضة عشان يفهموا، حكا لهم القصة كاملة.
إزاي كل حاجة اتقلبت، وإزاي أبوه فجأة قرر إنه هو اللي لازم يتجوز زينة بنت عمته بدل أخوه... عشان "الستر وسمعة العيلة".
مهاب كان بيضحك بصوت عالي ، والضحك ملوش نهاية عنده:
مهاب: بقى إحنا جايين كل الطريق ده عشان نحضر فرح أخوك... يطلع فرحك انت؟ طب كنت قولي عشان ألبس البدلة اللي عايينها لفرحك!
معتصم بصله بنظرة فيها غضب مكتوم، وقال وهو موجه كلامه لخالد: سكت الواد ده... أنا مش طايق نفسي دلوقتي!
مهاب ضحك تاني، وهو بيحاول يلطف الجو: روق كده يا عريس... دي الليلة ليلتك يا عم!
وانفجر في الضحك تاني، كأن كل اللي بيحصل مجرد نكتة.
خالد بص له بنظرة فيها غيظ واضح وقال: خلاص بقى يا مهاب... بطل رخامة، الموضوع مش مستحمل هزار.
وبص لمعتصم، وصوته كان جد أكتر: وانت؟ هتعمل إيه دلوقتي؟ هتتجوزها فعلاً؟
معتصم سكت لحظة، عينه نزلت على الأرض، واتنهد تنهيدة تقيلة، كأن فيها عمره كله: معنديش حل تاني... أبويا قاللي "سمعة العيلة وكرامتنا في إيدك". ومقدرتش اعترض على كلامه. 
مهاب هز راسه، وقال وهو بيضحك ببساطة: وانت ايه اللي وقفك بس لما كنت هتخبطها بالعربية... اهو وجودها معاك في عربيتك في وقت زي ده هو اللي لبسكم انت وهي التلبيسة دي.
خالد اتنهد وهو بيبص بعيد وبيفتكر اول لقاء بينه وبين ياسمين وقال: محدش عارف النصيب فين.. ممكن لحظة في حياتك تغيّر كل حاجة.
معتصم لاحظ الضيق في وش خالد، بص له وسأله بنبرة فيها اهتمام: وانت مالك يا خالد؟ شكلك متضايق... ادبست في جوازة انت كمان ولا إيه؟
قبل ما خالد يرد، مهاب قال بسرعة وهو بيضحك: الباشا اتسحبت منه قضية الشرقاوي اللي كان ماسكها.
معتصم اتفاجئ: إزاي؟ دا عمرها ما حصلت! انت دايمًا بتكمل شغلك للآخر!
خالد قال بضيق: البركة في جدي... راح المديرية بنفسه وطلب يسحبوا القضية مني عشان ميزعلش خالتي.
معتصم قال بتفهم: هو موقف وحش.. بس ارحم من التدبيسه اللي انا فيها دي! 
ضحك مهاب من تاني وقال:  بصراحة... انت في موقف محدش يتمناه لنفسه. بس يعني، بسيطة... تتجوزها وتشوف الدنيا ماشية إزاي، لو ما ظبطتش... تطلقها وخلاص!
معتصم بصله بغيظ حقيقي: لأ يا عم مهاب، الدنيا عندنا مش بسيطة كده! دي بنت عمتي، وأبويا مستحيل يوافق إني أطلقها.
فجأة الباب خبط، ومعاه صوت زغاريد عالية من برّه،
وصوت نسائي بيقول بفرحة: يلا يا عريس، المأذون وصل!
مهاب ضحك وقال: خلاص، مفيش مفر! المأذون بيدق على الباب.
خالد بص لمعتصم، وصوته كان هادي وقال بنبرة جادة : محدش يعرف النصيب فين يا معتصم... يمكن تكون هي البنت اللي ربنا كاتبها ليك، وأكيد كل إللي حصل ده بترتيب ربنا. 
مهاب قال بنفس الروح المرحة: فعلاً... محدش عارف هيقابل نصيبه فين!
وبص لخالد بابتسامة وقال: يعني مثلًا... ممكن تكون في مهمة، وتطلعلك بنت على الطريق، وتهربوا سوا، ومن بعدها تقلب حياتك!
خالد بص له بغيظ واضح وقال لمعتصم: هو انت كان لازم تعزم الكائن ده؟
مهاب رد بسرعة: دا أنا هشهد على كتب الكتاب كمان، وهشرفك يا عريس اطمن. 
خالد رجع بص لمعتصم وقال: ربنا يستر، والفرح يكمل على خير.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في أوضة العروسة.
كانت زينة واقفة قدام المرايا بفستان فرحها الأبيض، الفستان اللي حلمت بيه من وهي صغيرة، بس النهاردة كان تقيل على قلبها.
وشها حزين، وعينيها فيها نظرة تايهة.
قلبها بيدق بخوف، ودموعها محبوسة بالعافية.
مكانتش تتخيل أبدًا إن يوم فرحها يبقى كده...
المفروض تكون أسعد واحدة، ده اليوم اللي دعت من قلبها سنين عشان يتحقق حلمها وتتجوز معتصم ،
بس مش قادرة تفرح...
يمكن عشان الجوازة دي مش بالشكل اللي كانت بتحلم بيه،
يمكن لأنها جات غصب مش اختيار.
الباب اتفتح فجأة، ودخلت زينب وهي بتزغرط بصوت عالي،
ضحكة مزيفة على وشها، وسعادة باينة إنها متعمدة تفرّجها لزينة.
الزغاريد ملّت الأوضة، وكل البنات خرجوا وسابوهم لوحدهم.
زينب قربت منها، وقالت وهي بتضحك: ألف مبروك يا عروسة... المأذون وصل تحت، والشهود هيطلعوا ورايا ياخدوا رأيك.
زينة ما ردتش،
بصتلها في المرايا، وعينيها بتلمع بغضب وسكوتها كان بيصرخ.
زينب قربت أكتر، وقفت وراها، وبصت لانعكاسهم في المرايا، وقالت بنبرة فيها تحدي: شكلك بيقول إنك زعلانة مني...
مع إن أنا اللي ساعدتك تتجوزي اللي قلبك رايده!
زينة لفت لها وبصتلها بحدة،
كلامها طلع من قلبها: عمري ما اتمنيت أتجوزه بالطريقة دي!
زينب ردت بسخرية وهي بتتحرك قدامها، بتحاول تخبي ألمها بالبرود: مش مهم الطريقة... المهم إن جوزي مش هيكون لحد غيري. 
زينة رفعت حواجبها بدهشة، وقالت: وانتي فاكرة إنه مش هيفكر يتجوز تاني؟
أنا مش آخر بنت في الدنيا...
هيلاقي ألف غيري يتجوزها.
ردت زينب بعناد، وعنيها فيها نار: حتى لو لقى مليون... برضه هلاقي الطريقة اللي أبوظ بيها الجوازة!
زينة قربت منها، مستغربة: طب وليه من الأول؟
ما تقوليله إنك رافضة إنه يتجوز عليكي وخلاص!
زينب سكتت ثواني، وبعدين ردت...
صوتها اتكسر، والدموع بدأت تلمع في عنيها: ما أنا لو قلتله إني رافضة...
هيطلقني، ويتجوز برضه.
ممدوح قلبه متعلق بالعيال، ونفسه يخلف، ومش هيصبر عليا أكتر من كده.
قعدت على طرف السرير، وكملت وهي بتحاول تتحكم في نفسها: لو اعترضت... هيشوفني أنانية، ويرميني في الشارع، ويتجوز، ويخلف،
وأنا؟
أعيش منبوذة، لوحدي...
سكتت لحظة، وبعدين قالت بحسرة دفينة: إنتي متعرفيش إحساس الست لما تحس إنها مش قادرة تسعد جوزها...
ولا إحساس النقص اللي بيكبر كل يوم في عنيه وهو بيبصلك... كأنك السبب في حرمانه.
وبصت لها وقالت بمرارة: الراجل لما يعرف إن مراته مبتخلفش... أول حاجة بيفكر فيها إنه يتجوز تاني، والكل يشجعه ويقوله "ده حقك".
لكن لو هو اللي مبيخلفش؟
ولو الست نطقت وقالت عايزة عيال؟
هيقولوا مش أصيلة، وسايبه جوزها عشان الخلفه!"
زينة كانت واقفة، ما بين الحزن والتعاطف والغضب...
مش عارفة ترد، ولا تحدد إحساسها ناحيتها.
زينب لما حست إنها بينت ضعفها، قامت بسرعة،
مسحت دموعها بأيدها، ورفعت راسها، وقالت بنبرة دفاع: أنا مش وحشة يا زينة...
أنا بحب جوزي، ومش عايزة حد يشاركني فيه.
وساعدتك تتجوزي اللي بتحبيه...
يعني المفروض تشكريني، مش تزعلي مني.
زينة بصتلها...
ما ردتش.
عدت عليهم لحظات مليانه توتر وسكوت.
وفجأة دخلت أم زينة،
صوتها جاي بهدوء: الشهود طالعين، هيسألوكي عن رأيك يا بنتي...
زينة بصت في المرايا، وسكتت.
طلعوا الشهود وسمعوا موافقتها. 
بعد دقايق قليلة.. الزغاريد رجت البيت.
وكل اللي في البيت فرحانين ان كتب الكتاب تم. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد كتب الكتاب.
في الصالة الكبيرة...
المكان مليان ناس، أصوات الزغاريد، وضحك، وتهاني، والكل بيبارك للعريس.
بس معتَصم واقف مش قادر يبتسم، ولا حتى يرد على الكلام حواليه.
كان لابس الجلابية الصعيدي وعلى كتفه شال أبيض، وشه متوتر
كان متضايق من نظرات الاتهام اللي شايفها في عيون كل أفراد عيلته، خصوصًا أخوه اللي رفض يحضر كتب الكتاب. ومعتصم كان مقهور على علاقته بأخوه اللي تدمرت بسبب زينه.
بعد وقت قليل الناس مشيت وخالد ومهاب سلموا عليه ومشيو هما كمان. 
قرب منه ابوه وقال: مبروك يا عريس.. عروستك فوق مستنياك. 
معتصم رد بسرعة، وبصوت فيه رفض واضح: مش هينفع أبات هنا يا أبويا، أنا لازم أرجع عشان شغلي، لأني واخد أجازة يوم واحد بس.
أبوه بصله بصرامة وقال: بس مش هترجع لوحدك… مراتك هتيجي معاك... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
مبروك يا عريس.. عروستك فوق مستنياك. 
معتصم رد بسرعة، وبصوت فيه رفض واضح: مش هينفع أبات هنا يا أبويا، أنا لازم أرجع عشان شغلي، لأني واخد أجازة يوم واحد بس.
أبوه بصله بصرامة وقال: بس مش هترجع لوحدك… مراتك هتيجي معاك.
معتصم بدهشة: تيجي معايا فين!؟ 
رد ابوه: تيجي تعيش معاك في شقتك هناك زي اي واحدة ما بتعيش مع جوزها في المكان اللي هو عايش فيه.. زينه دلوقتي مراتك ومش هينفع تعيش هنا لوحدها بعد اللي حصل.
معتصم حاول يتكلم، كان عايز يشرح لأبوه ان مفيش حاجة حصلت وكل اللي فاهمينه غلط، وإن مفيش حاجة بينه وبين زينة. بس مفيش فايدة. أبوه ما ادّلوش حتى فرصة يبرر أو يدافع عن نفسه، وقطع كلامه بصرامة قاطعة:
– مراتك فوق مستنياك في أوضتك.. هتاخدها معاك بشنطة هدومها، والموضوع ده هيتقفل نهائي.
كأن الكلام وقع على صدره زي صخرة. اتنهد معتصم بتعب، عينيه اتملت بخيبة الأمل.. الإحباط كان واضح عليه، مفيش حد عايز يسمعه أو يصدق اللي بيقوله.. نظرات الاتهام في عيونهم كانت بتوجعه. 
أبوه خلص كلامه وخرج من البيت، 
معتصم قعد مكانه وهو بيفكر ، مش قادر يقرر أو حتى يستوعب اللي بيحصل:
إزاي هياخدها تعيش معاه وهي عمرها ما خرجت من البلد ولا عاشت بعيد عن أهلها؟
ازاي هيتحمل مسؤوليتها وهو مش متعود يشيل مسؤولية حد معاه! 
دايما غرقان في شغله ومطمن انه عايش لوحده ومفيش حد يشغله ويخاف عليه.. 
مواعيد شغله مش ثابتة، أوقات بيغيب يوم واتنين من غير ما يرجع بيته.
إزاي هيسيبها لوحدها في مدينة متعرفش فيها حد ويكون مطمن عليها وهو في شغله. 
كل حاجة في حياته اتلخبطت فجأة وهو مش مستعد لكل ده!
لكن خلاص، القرار اتاخد. أبوه حسم الموقف ومفيش أمل يغيّر رأيه أو حتى يسمع دفاعه عن نفسه.
حط ايديه علي وشه بتعب من كتر التفكير. 
في اللحظة دي،
عمته زهيرة أم زينة قربت منه بهدوء لما شافته قاعد لوحده. وقفت قدامه وقالت بابتسامة فيها دفء:
– قاعد لوحدك ليه يا معتصم؟ مش تطلع لعروستك بقى يا بني؟
معتصم اتفاجئ بكلامها، حس بالحرج ومكنش عارف يرد.
قعدت جنبه، ونبرتها كانت أهدى، أحن: أنا عارفة إنك زعلان من اللي حصل.. وزعل أخوك ممدوح مأثر فيك، بس بكره يروق ويهدا، وهيفهم إنكوا مالكوش غير بعض.
معتصم اكتفى بهزة راسه وابتسامة حزينة، كلامها وجعه أكتر، لكنه فضل ساكت.
هي مدت إيديها، حطتها على إيده بحنان، ونظرتها كانت كلها رجاء:
– أنا جاية أوصيك على زينة يا معتصم.. زينة بنتي الوحيدة اللي طلعت بيها من الدنيا. أنت عارف إن أبوها مات وهي لسه صغيرة، كان عمرها خمس سنين. عاشت في بيت جدها وعمها اللي عمرها ما شافت منهم غير الجفا والقسوة.
لحد ما أبوك فتح لنا بيته وعشنا هنا.
زينة بنتي طيبة، ومش هتزعلك انا متأكدة.. 
عايزاك انت تخلي بالك منها، وتحطها في عنيك.
معتصم بصّ لها، وصوته كان هادي لكنه حاسم:
– متقلقيش يا عمتي.. زينة في عنيا.
ابتسمت، وابتسامتها فيها ارتياح وامتنان، وقامت بحماس وهي بتقول:
– طب قوم يلا، اطلع لعروستك، هي مستنياك في أوضتك، وأنا جهزتلكم العشا وطلّعته.
معتصم قام وقال بنبرة عملية:
– أنا هطلع أغير، ونجهز أنا وزينة، عشان هاخدها معايا وأسافر على شغلي.. أنا ماخدتش غير يوم واحد أجازة، ولازم أرجع بكرة.
عمته سكتت لحظة، وبعدين قالت بنبرة فيها حزن:  أبوك هو اللي طلب منك تاخد زينة معاك.. أنا عارفة كل حاجة يا معتصم، وابوك معاه حق.
زينة ما ينفعش تقعد هنا بعد اللي حصل.
خلي بالك منها يا معتصم.. زينة أمانة عندك، وأنا واثقة إنك قدها، وهتحافظ على أمانة عمتك.
معتصم ابتسم ابتسامة صغيرة، فيها طمأنينة، وسابها وطلع على أوضته.
خبط على الباب خبطتين، وفتحه بهدوء قبل ما يدخل.
كانت زينة قاعدة على طرف السرير، لابسة فستان الفرح الأبيض اللي زاد ملامحها براءة ورهبة.
خوفها كان واضح في عينيها، وتوترها كان واضح في رعشة أيديها وهي ماسكه في أطراف الفستان بإيدين بترتعش.
كانت خايفه ومتوتره من المواجهه بينهم.. 
يمكن دي المرة الأولى اللي يجمعها مكان هي ومعتصم مع بعض.. 
كانت دايما بتشوفه من بعيد.. 
قلبها اتعلق بيه من وهي صغيره وكان هو دايما فارس احلامها اللي بتتمناه.. 
لما كبرت وجت عاشت في بيت خالها.. 
كانت زيارات معتصم قليله جدا عشان شغله في القاهرة.. 
ولما كان بيجي زيارة.. كانت هي بتختفي عن الانظار طول فترة أجازته وتراقبه بس من بعيد.. 
مع كل مره كانت بتشوفه كان قلبها بيتعلق بيه آكتر.. 
مش قادرة تصدق ان هي وهو دلوقتي مع بعض في اوضه واحدة ومقفول عليهم باب.. 
لما فتح الباب ودخل.. حست ان جسمها كله اتجمد وقلبها كان هيقف من شدة التوتر والخوف.. 
صوت خطواته وهو بيقرب منها.. كانت بتخطف انفاسها.
معتصم وقف قدامها، مش عارف يبدأ منين.
هو كمان كان متوتر، مش مرتاح.
مشاعره ملخبطة جواه... غضب وحيرة.
مش قادر يفهم... ليه عملت كده؟ ليه قالت إن في علاقة حب بينهم؟!
اتنهد، وصوته خرج أخيرًا بجمود واضح:
– أنا لازم أرجع النهاردة عشان شغلي... جهزي نفسك، هتيجي معايا.
هزت راسها بالموافقة، من غير ما تنطق بكلمة.
وشها كان في الأرض، وعيونها مش قادرة تواجه عيونه! 
بصلها وهو منتظر ردها ويسمع صوتها، 
كانت في قمة ضعفها وبراءتها... جميلة ورقيقة جدًا.. 
كان عايز يقولها كلام كتير بس الكلام بيهرب منه.. 
شعور غريب ومختلف حاسس بيه! 
في بنت دلوقتي شايله اسمه ومسؤله منه. 
مبقاش لوحده زي الأول 
متلخبط وحاسس انه محتاج وقت عشان يستوعب انه اتجوز وانها بقت مراته! 
بخطوات سريعة أتحرك من قدامها ، دخل الحمام يغير هدومه.
زينة أخيرًا قدرت تتنفس... وكأن الروح رجعت لجسمها.
كانت بترتعش، ومش مصدقة اللي بيحصل.
هو اتكلم معاها! هي هتسافر معاه وتعيش في بيته!
لسه مش قادرة ترفع عينيها وتواجهه.
فيه كلام كتير محتاج يتقال... بس ازاي؟
إزاي تشرح له إن اللي حصل كله كان بسبب زينب مرات ممدوح؟ وإنها مالهاش ذنب؟!
قامت بسرعة تحاول تخلع فستانها قبل ما يخرج من الحمام.
حاولت تفتح السحاب من الضهر... لكن فشلت.
وقفت محتارة... الحل الوحيد إنه يساعدها.
لكن... تطلب ده إزاي؟!
ازاي تطلب حاجة زي كده من معتصم؟!
قعدت على السرير في حيرة، قلبها بيدق بسرعة.
بعد لحظات، خرج معتصم وهو جاهز.
بصلها، لقاها لسه قاعدة بالفستان.
قال بضيق ونبرة صوته فيها عصبية:
– هو انتي لسه قاعدة بالفستان؟ مستنية إيه؟
بلعت ريقها بتوتر، وقالت بصوت واطي، من غير ما ترفع وشها: أنا... مش عارفة أخلع الفستان لوحدي.
زفر بحدة، وقال بانفعال:  آه ابتدينا بقى... مش عارفة تلبسي لوحدك، ومش عارفة تاكلي لوحدك...أصل أنا متجوز طفلة عشان أربيها؟!
عيون زينة لمعت بالدموع، وقفت بسرعة، وبصتله أخيرًا.
نظرتها كانت كلها وجع وكرامة مكسورة.
زينة: على فكرة أنا مش طفلة! أنا بطلب مساعدتك عادي. ولو مش عايز، خلاص، هطلع أشوف حد يساعدني.
ولما بدأت تتحرك من قدامه ، فجأة مد إيده وشدها من دراعها قربها منه.
جسمها اتكهرب، وعيونها اتقابلت مع عيونه.
حط إيده على خصرها، وبص لها بتركيز:
– هتطلعي تشوفي حد يساعدك إزاي؟
ارتبكت وهي واقفة بين إيديه، دقات قلبها كانت أعلى من أي صوت في الأوضة.
ده معتصم... اللي طول عمرها بتحلم إن عيونه بس تشوفها... دلوقتي شايفها، وبيتكلم معاها، ولمست إيده حاسّاها على جسمها.
هو حس برعشتها، وشاف التوهة في عيونها.
سحرها خطفه، وسكت لحظة.
قالت بصوت متقطع:
– عايزة حد يساعدني أفتح السوستة بتاع الفستان.
هز راسه، وقال بهدوء:  بس كده؟
هزت راسها بـ"آه".
ابتسم وقال:  أنا خلاص فتحتها.
بصتله بذهول، وحطت إيديها على ضهرها...
فعلاً! السوستة مفتوحة!
مش عارفة إمتى عمل كده... ولا ازاي وهي حتى ما حستش!
كانت هتموت من الكسوف ، رفعت الفستان بإيديها، وجريت على الحمام.
معتصم فضل واقف مكانه، ابتسامة خفيفة على وشه.
حاسس بحاجة غريبة بتجذبه ليها...
برائتها، ورقتها، وجرأتها لما بتحتاج تدافع عن نفسها.
كان ممكن يستسلم للمشاعر دي... بس وقف نفسه.. 
مش هينفع يا معتصم.. فوق. 
أتكلم بصوت عالي شوية، عشان تسمعه من جوه:
– أنا هنزل أجهز العربية لحد ما تلبسي وتنزلي.
مستناش يسمع ردها وخرج من الأوضة.
في الحمام،  كانت زينة واقفة قدام المراية، إيديها على قلبها.
إزاي هتعيش معاه؟
إزاي هتشوفه كل يوم؟
صوته، قربه، لمسته... لسه حاساهم.
خلعت الفستان بسرعة، خدت شاور دافي، ولبست ملابس الخروج.
خدت شنطتها في إيدها... ونزلت.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعات في الطريق.
جوه العربية، السكون كان مخيم...
كل واحد فيهم غرقان في أفكاره،
معتصم سايق وعنيه على الطريق،
وزينة قاعدة جمبه، ضامة نفسها، مش قادرة ترفع وشها.
وصلوا قدام العمارة اللي فيها شقته، ومعتصم نزل وفتح الباب ليها من غير ما يبصلها،
هي نزلت وراحت ماشية وراه في صمت.
فتح باب الشقة، ودخلوا...
شقة معتصم كانت بسيطة، راجل عايش لوحده، كل حاجة منظمة وباردة، مفيهاش روح بيت.
دخل وقفل الباب، وقال بجفاف: الأوضة دي بتاعتي، وانتي ادخلي الاوضة التانيه... على الشمال.
أنا مش عايز مشاكل، فلو احتاجتي حاجة قوليلي... بس غير كده كل واحد في حاله.
زينة هزت راسها من غير ما تتكلم، ودخلت الأوضة التانية،
قلبها واجعها، بس عارفة إنها مش في موقف يخليها تشتكي...
وأول ما قفلت الباب وراها، دموعها نزلت من غير صوت.
في أوضة معتصم...
كان واقف قدام الشباك، بيدخن سيجارة،
كل شوية ياخد نفس عميق ويفكر،
حاسس إنه مخنوق ، وإن الدنيا كلها ضغطت عليه،
بس جوه قلبه فيه صوت ضعيف بيقوله:
"بس هي يمكن مش قصدها تأذيك فعلا، يمكن فعلاً الظروف هي اللي لعبت بيكم والنصيب جمعكم..."
قعد على السرير، ودفن وشه في كفه، وقال لنفسه بصوت خافت: أنا هاتجنن.
في أوضة زينة...
كانت قاعدة على طرف السرير، ماسكة طرحتها بإيدها،
وعنيها على الباب...
مش خايفة منه، بس خايفة من اللي جاي،
من اللي ممكن يحصل، من الوحدة اللي دخلت فيها، ومن قلبها اللي بيحبه.
سمعت صوت خطواته في الصالة،
قلبها دق، بس الصوت عدى وراح...
اتمددت على السرير وهي لابسة هدومها،
وحطت إيدها تحت خدها...
ودموعها نزلت على الوسادة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح يوم جديد. 
في بيت الشرقاوي. 
ياسمين نزلت من اوضتها وهي بتدور على تليفونها ومش لاقياه في اوضتها.
كان جدها قاعد بيفطر واحمد قاعد جنبه ومامتها قاعده ساكته كالعاده. 
ياسمين قربت منهم واتكلمت بقلق: انا مش لاقيه الموبايل بتاعي في أوضتي! هو في حد دخل اخده وانا نايمه؟ 
جدها مردش ومامتها قالت بدهشة: ومين اللي هياخد التليفون بتاعك يا ياسمين ؟! 
وبصت للحاج شرقاوي بتوتر وبصت ل احمد ابنها وسألته: انت خدت تليفون اختك يا احمد؟
رد احمد بصدق: لا يا ماما انا مخدتش حاجة. 
يحيى قرب منهم وعلى وشه ابتسامه بارده وقال: صباح الخير. 
ياسمين بصت له بغضب مكتوم وقالت: انا هطلع ادور عليه في أوضتي تاني. 
وطلعت ياسمين بخطوات سريعه وهي هتتجنن ومش عارفه ازاي الموبايل بتاعها اختفي من اوضتها. 
يحيى بص ل احمد وقاله: يلا يا احمد عشان اوصلك المدرسة النهاردة. 
سماح بحركة عفويه وتلقائيه حطت أيديها علي ابنها وقالت بقلق: هتوصله المدرسه ليه النهاردة؟ هو بيروح مع اخته. 
رد عليها الحاج شرقاوي: ياسمين مش هتروح المدرسه النهاردة.. انا عايز اتكلم معاها في موضوع. 
وبص ل احمد وقاله: قوم يا احمد مع ابن عمك وروح معاه. 
احمد قام وقف وخرج مع يحيى. 
سماح كانت حاسه وكأن قلبها بيتخلع من مكانه ومش مرتاحه لخروج ابنها مع يحيى. 
الحاج شرقاوي قام وقف وقالها: انا هدخل اقعد في مكتبي شويه.. بعد ساعه هاتي بنتك وتعالوا عشان عايز أتكلم معاكم في حاجة مهمة. 
سماح هزت راسها بتوتر وخوف. 
اول لما دخل أوضة مكتبه 
قامت سماح بسرعه وطلعت عند ياسمين. 
كانت ياسمين لسه في اوضتها عماله تدور على تليفونها ومش لاقياه وهتتجنن ومش فاهمه ازاي اختفي فجأة. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند خالد في القسم. 
كان ماسك تليفونه وبيحاول الاتصال علي ياسمين عشان يطمن عليها وتليفونها مقفول. 
كان قلقان عليها ومش عارف يوصلها ازاي! 
قرر يروح يستناها قدام المدرسه ويشوفها. 
راح فعلا المدرسه وعرف انها مجتش المدرسه النهاردة ولا هي ولا أحمد اخوها! 
......... 
بعد ساعة في بيت الشرقاوي.
دخلت ياسمين أوضة مكتب جدها مع مامتها. 
كان واضح عليهم التوتر وجدها قاعد بثبات وبرود. 
اتكلمت ياسمين بدهشة: خير يا جدي؟ ماما قالتلي ان حضرتك عايزنا في موضوع مهم؟ 
جدها بص لها بعمق وقال بثبات: انا عايزك تجهزي نفسك يا ياسمين.. فرحك انتي ويحيى ابن عمك بعد يومين من النهاردة. 
ياسمين حست ان الكلام عدى على سمعها لكن وقف عند استيعابها!! 
هزت دماغها بعدم فهم وقالت: فرح مين؟ 
رد جدها ببرود: انتي ويحيي. 
مامتها شهقت بصدمة وياسمين انتفضت من مكانها وقالت بغضب: دا مستحيل يحصل. 
جدها كان قاعد بيبصلها ببرود ومردش. 
تليفونه رن و رد عليه بهدوء. 
الحاج شرقاوي: ايوا يا يحيي.... الطيارة طلعت دلوقتي؟... طب كويس... اهم حاجة اطمنت عليه............. ماشي يا يحيي...... لما يوصل بالسلامة ابقى طمني. 
ياسمين ومامتها بصوا لبعض بصدمة وسماح قلبها حس ان الكلام ده عن ابنها.. سألت الحاج شرقاوي بترقب: هو احمد ابني فين؟.. هو يحيي وصله المدرسة ؟
رد الحاج شرقاوي ببرود: لا.. يحيى وصله المطار.. احمد سافر أمريكا عند عمه ومرات عمه هناك.
سماح صرخت بصدمة وياسمين زعقت بذهول وجنون: يعني ايه احمد سافر لوحده!!  انتوا عملتوا ايه في اخويا؟؟ 
رد جدها بصرامة: صوتك ميعلاش يا بنت... اخوكي سافر مع واحد من اخلص رجالتي وهيوصله بنفسه ل ايد عمه في امريكا وهناك مرات عمه وبنت عمه هيرعوه هناك لحد ما انتي تعقلي وتسمعي الكلام. 
سماح صرخت بنهيار: رجعلي ابني أبوس أيدك يا حاج شرقاوي.. انا مليش غير عيالي متحرمنيش منهم.
ياسمين كانت حاسه بنار في قلبها وهي شايفه امها في الحالة دي وجمود جدها وجبروته.. دموعها نزلت بعجز وهي سامعه جدها بيرد علي امها. 
الحاج شرقاوي: رجوع احمد متوقف على موافقة ياسمين علي جوازها من ابن عمها.. ولما اتأكد انها عقلت ومش هتعمل مشاكل.. انا بنفسي هرجع احمد هنا تاني.. انما لو بنتك فضلت بعنادها ده.. احمد هيعيش في امريكا مع عمه وهيكمل تعليمه هناك.. وانتوا مش هتشوفوه تاني. 
سماح بصت ل بنتها برجاء وهي بتبكي. 
دموع ياسمين نزلت بعجز وقالت: انا موافقه انفذ كل اللي انتوا عايزنه.. بس أخويا يرجع هنا تاني. 
جدها ابتسم بثقة وقال: يبقى تجهزي نفسك. 
الفرح بعد يومين من النهاردة.. انا خلاص عزمت الناس.. وهعملكم فرح متعملش في البلد قبل كده.. 
وبص ل سماح وقالها: خليكي جنب بنتك وعقليها.. دا لو عايزة تشوفي ابنك تاني. 
ياسمين خرجت من مكتب جدها وطلعت تجري علي اوضتها وهي بتبكي. 
سماح وقفت قدامه وقالت بغضب وهي منهارة: كان عنده حق يحيي ابنك لما بعدنا عنك.. حسبي الله ونعم الوكيل. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء. 
خالد كان راجع بيته وهو مشغول علي ياسمين. 
تليفونها مقفول من الصبح ومرحتش المدرسة ولا اخوها! 
دخل بيته وكان جده وخالته وكارما موجودين وقاعدين مع مامته. 
سمع خالته بتقول بغضب: يعني ايه يا بابا نروح نحضر فرح بنت الست اللي جوزي كان بيخوني معاها!! هو الشرقاوي فاكر لما يجوز البنت دي ل يحيي يبقي احنا كده هنقبل بالامر الواقع. 
رد اللوا وحيد: الشرقاوي كلمني وعزمنا على الفرح وطلب مني ان كارما تحضر.. والبنت دي هتبقى في بيته بصفتها مرات يحيى. 
خالد حس ان قلبه هيقف من الصدمة وقرب منهم بخطوات تقيله وسألهم بدهشة: فرح مين؟ 
ردت كارما: فرح يحيي ابن عمي.. هيتجوز البنت اللي المفروض انها اختي. 
خالد اتصدم واتجمد مكانه... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع
الشرقاوي كلمني وعزمنا على الفرح وطلب مني ان كارما تحضر.. والبنت دي هتبقى في بيته بصفتها مرات يحيى. 
خالد حس ان قلبه هيقف من الصدمة وقرب منهم بخطوات تقيله وسألهم بدهشة: فرح مين؟ 
ردت كارما: فرح يحيي ابن عمي.. هيتجوز البنت اللي المفروض انها اختي. 
خالد اتصدم واتجمد مكانه... همس بصوت مسموع: ياسمين ؟!
كلهم بصوا ل خالد بدهشة ، وجده اللوا وحيد كان متابع صدمته بغموض.
خالد وقف لحظات بيحاول يستوعب اللي سمعه ومش قادر يصدق ان ده حقيقي!
اتحرك بخطوات سريعه وخرج من البيت من غير ما يتكلم.
مامته اتوترت من رد فعل ابنها الغريب وخالته سألت بدهشة: هو خالد راح فين؟ ليه مشي بسرعه كده من غير ما يقول حاجة!
رد اللوا وحيد وهو بيبص قدامه بشرود: يمكن عنده شغل.
وبص ل كارما وقالها: المهم دلوقتي يا كارما.. جهزي نفسك عشان هتحضري فرح ابن عمك.
عبير مامت كارما أتكلمت بعصبيه: مستحيل يا بابا. انا مش موافقه ان بنتي تدخل بيت الشرقاوي طول ما الست دي وولادها هناك.
رد عليها اللوا وحيد بثقة: موضوع الست دي اتقفل خلاص يا عبير.. الشرقاوي قالي انه سفر ابنها عند عمه في امريكا ،وهيجوز البنت ل يحيي.. والست دي هيخرجها من بيته بس بعد ما يحيى يتجوز بنتها وتبقى تحت سيطرتهم.. 
يعني كل اللي انتي عايزاه حصل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي، 
في وقت متأخر من الليل. 
كانت ياسمين لسه قاعدة على طرف السرير، ملامحها باهتة، ودموعها بتنزل في صمت موجع.
النهاردة عرفت قد إيه هي ضعيفة قدام جدها ويحيى...
انكسرت من أول مواجهة، مفيش عندها فرصة تقاوم.
كانت ماسكة صورها مع أخوها، عينيها بتغرق في ملامحه اللي وحشتها، بتحاول تطمن قلبها انه بخير.
بينها وبينه دلوقتي بلاد وبحور...
صعب توصله، وصعب ترجعه.
مفيش طريق غير إنها تنفذ اللي جدها بيطلبه...
حتى لو الثمن كان كسر قلبها.
كل ما تتخيل نفسها عروسة ليحيى، بتحس إن قلبها بيقف من كتر الألم...
إزاي ده هيحصل؟ إزاي الدنيا خذلتها بالشكل ده؟
قطع شرودها صوت دق خفيف على باب الأوضة.
رفعت راسها بتعب، وصوتها طالع مبحوح:
– مين؟
قامت تمشي بخطوات بطيئة وفتحت الباب...
ولقته قدامها.
يحيى واقف، بنفس الابتسامة الباردة اللي بتحسها خالية من أي مشاعر.
قال بسخرية ناعمة: خبطت على الباب المرة دي... عشان متزعليش.
مسحت دموعها بإيدها بسرعة، وقالت بغضب: عايز إيه يا يحيى؟
رد وهو بيبصلها بنظرة فيها شيء من التلذذ بحالتها المنكسرة: جاي أطمنك... أخوكي الحمد لله وصل أمريكا بالسلامة.
ومتقلقيش، أهلي هناك هيهتموا بيه لحد ما نعمل الفرح.
وممكن كمان نقضي شهر العسل هناك...
تشوفيه بنفسك، وتطمني عليه.
كلامه دخل زي السم في قلبها، وعيونها اشتعلت بالغضب.
بصتله وقالت بحدة: هتوافق تتجوز واحدة مش عايزاك؟
واحدة مجبورة تتجوزك عشان اخوها؟!
كأن كلمتها ضربت كبرياءه في مقتل...
وشه اتشد، ونظراته اتغيرت.
قرب منها فجأة، ومد إيده، مسك دراعها بعنف.
ضغط بقسوة، وقربها منه وهو بيقول بصوت مشحون بالغضب:  وأنا كمان مش عايزك!
بس مجبر أتجوزك عشان جدي.
حاولت تبعده، ودفعت صدره بضعف واضح، وهي بتتألم من قوة قبضته على دراعها:
– ابعد إيدك عني!
دموعها نزلت من غير استئذان، وصوتها اتكسر وهي بتصرخ فيه: أنا بكرهك يا يحيى... بكرهك.
قرب منها وجذبها من شعرها وهو بيصرخ فيها بجنون: بتكرهيني انا وبتحبي حضرة الظابط صح؟.. هو فيه ايه احسن مني عشان تحبيه هو. 
صرخت ياسمين وهو بيضغط على شعرها بقوة: انا مش بحب حد ابعد عني. 
في اللحظة دي، خرجت سماح من أوضتها على صوت صرخة بنتها المليانة وجع.
قلبها انتفض من مكانه أول ما شافت يحيى ماسك ياسمين بعنف، وإيده مشدودة على شعرها.
قربت منهم بسرعة وهي بتصرخ بكل ما فيها:
– ابعد عن بنتي ملكش دعوة بيها!
وحاولت تفك بنتها من بين إيديه، لكنه دفعها بعيد عنه بقسوة سريعة، لدرجة إنها تهادت ووقعت على الأرض.
وعينه رجعت لياسمين، وصرخ فيها بجنون وهو بيشد شعرها:  فاكرة نفسك مين عشان ترفضي جوازنا؟!
ياسمين صرخت من الألم، لكن كل ده اتحول لصرخة تانية لما شافت أمها واقعة، وإيديها على صدرها، وعنيها مفتوحة على وسعها ومابتتحركش.
– ماماااااااااا!!
دفعت يحيى بكل قوتها، جرت عليها، وقعدت على الأرض جنبها وهي بتصرخ:
– قومي يا ماما... بالله عليكي قومي!
في اللحظة دي، كان الحاج شرقاوي طالع من أوضة مكتبه على صوت الهلع اللي مالي البيت.
شاور بإيده للخدم يجيبوا الدكتور فورًا، ووقف يتفرج على المشهد قدامه من غير ما يرمش:
حفيده واقف متعصب، وياسمين منهارة على الأرض، وسماح ساكنة... مافيش نفس، مافيش حركة.
......... 
بعد شوية، الدكتور وصل. 
ياسمين واقفة على جنب، عيونها متثبته على أمها، ودموعها بتنزل بغزارة وهي مش قادرة تنطق.
الدكتور قعد جنب سماح، بدأ يكشف، لكن ماكنش فيه حاجة تنقذها.
بعد دقيقة صمت خانقة، رفع الغطا وغطى بيه وشها.
سكت كل اللي في الاوضة ، إلا قلب ياسمين اللي بدأ يضرب بجنون.
قربت منه، صوتها بيرتجف:
– ليه غطيت وشها؟ ماما مش هتعرف تتنفس كده! شيل الغطا عنها، هي لسه صاحيه بس تعبانة شوية…
وبصت له برجاء:
– هننقلها المستشفى دلوقتي صح؟ هتلحقوها صح يا دكتور؟
الدكتور رد بصوت هادي وموجوع:
– أنا آسف يا آنسة... والدتك كانت مريضة قلب... واللي حصل ده سكتة مفاجئة... البقاء لله.
لحظة سكون قاتل...
وبعدها طلعت من ياسمين صرخة شقت سكون البيت، قبل ما تقع على الأرض فاقدة الوعي.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تاني يوم – في المستشفى. 
كانت ياسمين نايمة على السرير، عينيها مفتوحة ومثبتة في سقف الغرفة، والدموع بتنزل منها من غير صوت.
مافيش حركة، مافيش رد... كأنها انفصلت عن العالم.
برا الغرفة
الحاج شرقاوي قاعد على الكرسي، متكئ على عكازه، جنب يحيى اللي عينيه شاردة.
قال الحاج بصوت هادي لكنه حاد:
– ساكت ليه؟ عاجبك الحالة اللي وصلت ليها بنت عمك؟!
أنا مش فاهم انت كنت بتعمل إيه فوق عندها في ساعة زي دي، وإزاي تمد إيدك عليها؟
يحيى اتنهد بضيق:
– هي اللي استفزتني بكلامها، خلتني أفقد أعصابي... أنا كنت هعرف منين إن كل ده هيحصل؟
وأمها هي اللي ماستحملتش!
أنا مكنتش أعرف إن قلبها تعبان كده!
رد عليه جده بنظرة باردة: موت أمها مش فارق معايا كتير...
انا كنت بفكر في طريقة ابعدها عن حياتنا بعد ما تتجوز ياسمين 
اهي جت من عند ربنا وماتت... الله يرحمها.. المهم عندي دلوقتي ان حالة ياسمين تتحسن عشان تكتب عليها ونقفل الموضوع ده خالص. 
سأله يحيي بدهشة: وهي ياسمين هتوافق اتجوزها بعد اللي حصل ؟ 
رد جده بثقة: هتوافق غصب عنها.. متنساش ان أخوها لسه نقطة ضعفها اللي نقدر نضغط عليها بيها.
يحيى بصله وقال بصوت هادي بس وراه قلق:
يعني كل حاجة زي ما هي وهتجوز ياسمين ؟
الحاج شرقاوي هز راسه بتصميم:
– كل حاجة زي ما هي.. كام يوم بس تفوق من صدمتها في موت امها وانا هجوزهالك. 
يحيى هز راسه باتفاق مع كلام جده وقال: ماشي يا جدي.. نستنى كام يوم مش مشكله. 
جده قام وقف وقاله بتحذير: انا هرجع البيت ارتاح شوية.. متدخلش عليها الاوضه دلوقتي خالص يا يحيي.. هي محتاجة وقت تستوعب اللي حصل.. وبكره او بعده بالكتير هنرجعها البيت. 
يحيى هز راسه بتفهم وسكت. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة مهاب. 
فتح الباب بسرعة لمعتصم اللي دخل بخطوات سريعة وعلى وشه علامات القلق:
– في إيه يا مهاب؟
رد مهاب وهو بيقفل الباب:
– خالد عايز يروح المستشفى عند ياسمين بعد ما عرف إن أمها ماتت وإنها اتنقلت المستشفى...
وابن عمها ورجالة جدها مالين المستشفى هناك... لو راح واتشابك معاهم هتحصل كارثة .
معتصم دخل وبص لخالد، اللي كان قاعد على الكرسي بيهز رجله بعصبية، وعينه فيها نار مكبوتة.
قرب منه وسأله بهدوء:
– في إيه يا خالد؟ من إمتى وإحنا بنجري ورا مشاعرنا؟
دي مستشفى، والمكان هناك حساس جدًا، مش هينفع تروح وتسبب مشكلة.
خالد قام واقف، وصوته علي:
– هو إنتوا ليه مش حاسين بيا؟!
ياسمين تليفونها اتقفل فجأة، وبعدين عرفت إنها هتتجوز ابن عمها اللي الكل عارف إنه مجرم!
وتاني يوم... أمها تموت وهي تدخل المستشفى!!
إزاي بعد ده كله ومش عايزني أروح أشوفها؟!
مهاب قال بثبات:
– وهتشوفها بصفتك إيه؟
ده ابن عمها مجنون ومسلح برجالة جدها، تفتكر هيعديها كده؟
ولا هتدخل تتخانق معاه جوه المستشفى؟ وتتحول لقضية؟
خالد قال بعصبية:
– أنا هدخل واشوفها بأي طريقة... ومفيش حد هيمنعني.
معتصم سكت لحظة، وبص قدامه وكأنه بيرتب أفكاره: مهاب معاه حق يا خالد.. احنا لازم نلاقي طريقة تانيه تطمنك عليها من غير ما تروح وتعمل مشكله مع ابن عمها. 
رد خالد بغضب وجنون: طريقة ايه يا معتصم.. مفيش طريقه غير ان انا اروح اشوفها واللي يحصل يحصل. 
معتصم اتكلم بهدوء: اهدى يا خالد.. على الاقل عشانها هي.. اي مشكله هتعملها هناك ممكن تعرض حياتها وحياة الناس اللي في المستشفى للخطر.. 
انا فكرت في طريقة ممكن تطمنك عليها وتعرفنا ايه اللي بيحصل معاها بالظبط. 
خالد ركّز معاه باهتمام، فقال معتصم:
–  انا هاخد زينه ونروح المستشفى.. واخليها تدخل تقول انها صحبتها وجايه تزورها.. وتتكلم معاها وتفهم منها ايه اللي حصل. 
مهاب سأل بتعجب: زينة مين؟
معتصم رد تلقائي: زينة مراتي.
مهاب ضحك وقال: ما انا عارف... بس كنت حابب أسمعها منك.
معتصم بص له بضيق:  تصدق إنك تافه ومعندكش دم؟
مهاب ضحك أكتر: بهزر معاك يا عم...
الخطة تمام، وأنا موافق.
إنت رأيك إيه يا خالد؟
خالد كان واقف، قلبه مش مطمن، بس العقل بيقوله يستنى عشان ميعرضش حياتها لأي خطر. 
قال بصوت غاضب: – موافق.
معتصم قام من مكانه:
– خلاص انا هتحرك دلوقتي ... هاخد زينة وأوصلها المستشفى، وهفهمها كل حاجة في الطريق.
مهاب قال وهو بيضحك:  ما تقول مراتي على طول ولا انت مكسوف مننا؟
معتصم بصله بحدة:  طب ابعد عن وشي بدل ما ادخلك المستشفى ونيجي نزورك هناك. 
خرج معتصم وهو متغاظ من مهاب. 
مهاب بص ل خالد وقاله: معتصم بقى عصبي اوي بعد ما اتجوز.. شوفت الجواز بيعمل فينا ايه؟؟
خالد بص له بغضب وقال: عارف انا هعمل فيك ايه لو مسكتش دلوقتي؟ 
مهاب قلق وقال: انا بقول ادخل احضر حاجة ناكلها أحسن. 
واتحرك مهاب من قدام خالد بسرعه. 
خالد بص قدامه بشرود وهو بيفكر في ياسمين ونفسه يطمن عليها بجد. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعة قدام المستشفى.
معتصم كان قاعد في عربيته، عينيه على باب المستشفى، وزينة جنبه، متوترة، وعينيها بتتهرب من عينه.
بصّ لها معتصم بهدوء، وصوته خرج ناعم لكن جواه قلق واضح: فهمتي يا زينة هتعملي إيه؟
هزّت راسها بخفة وردّت بصوت ناعم فيه شوية رجفة: فهمت، متقلقش.
فضل ساكت لحظة، وبعدين بصّ لها بعمق كأنه بيحاول يطمنها ويطمن قلبه عليها:
– لو حسيتي بأي قلق، أو أي حد ضايقك جوّه، اتصلي بيا فورًا.. هتلاقيني قدامك.
زينة اكتفت بهزة بسيطة من راسها، كان فيها كلام كتير، ونزلت من العربية بخطوات مترددة.
معتصم فضل يراقبها وهي بتبعد، قلبه بيخبط في صدره بسرعة.. كان حاسس بإحساس غريب، مزيج بين القلق والحب.
من ساعة ما طلب منها تساعده في مشكلة خالد و ياسمين، وافقت من غير تردد، ولما حكى لها اللي حصل مع ياسمين عن موت والدتها المفاجئ اتعاطفت من قلبها..
اللحظة دي عرف قد إيه قلبها طيب وحنون.
...
دخلت زينة المستشفى، قلبها بيدق، سألت عن غرفة "ياسمين يحيى الشرقاوي".
الممرضة اخدتها وفضلت ماشية جنبها لحد ما وصلوا للطابق المطلوب.
قدام الغرفة، كان يحيى قاعد، ملامحه مش واضحة، بس عينيه فيها حاجة مش مريحة.
أول ما شافها، وقف ووقفته كانت حادة، ونظرته فاحصة وهو بيسأل بجمود: خير؟ حضرتك عايزة مين؟
زينة بلعت ريقها وردّت بتوتر واضح: أنا صاحبة ياسمين.. وعرفت اللي حصل، وجيت أطمن عليها.
نظرته فضلت غامضة، وصوته طلع بارد كأنها دخيلة على مكان مش من حقها تدخله: بس للأسف.. ياسمين تعبانة والدكتور مانع الزيارة.
زينة حاولت تسيطر على توترها، وردّت بنبرة هادية فيها إصرار: أنا مش هتعبها في الكلام، بس عايزة أطمن إنها بخير.
يحيى سكت لحظة، باصص لها بتفكير.. في لحظة خطر في باله إنها ممكن تكون الفرصة اللي يستغلها علشان يتأكد إذا كانت ياسمين فعلاً فقدت النطق ولا لأ.
هزّ راسه وفتح لها الطريق:
– تمام.. اتفضلي شوفيها.
زينة دخلت بخطوات مترددة، وكل حواسها متحفزة.. قلبها مش مرتاح لنظراته ولا لهدوءه اللي كان يخوف.
فتحت الباب ببطء، ولما دخلت.. وقفت لحظة.
قدّامها بنت في نفس سنها تقريبًا، نايمة على السرير، ملامحها مرهقة، بشرتها شاحبة، وعيونها باين عليها إنها بكت كتير.. كتير أوي.
الهدوء في الغرفة كان تقيل، كأنه بيحكي حكاية ما بين الوجع والسكوت.
قربت زينة من السرير بخطوات بطيئة مترددة، وكل خطوة كانت تقيله كأنها شايلة هم الدنيا.
ياسمين كانت فاتحة عينيها، نظرتها متجمدة في السقف، وكأنها مش موجودة في المكان.. روحها في عالم تاني، بعيد.
وقفت زينة قدامها، وقالت بصوت هادي وحنون:
– إزيك يا ياسمين؟
مافيش رد.
السكوت كان خانق، وزينة حسّت بتوتر بدأ يزحف لقلبها، فعرّفت نفسها بسرعة، يمكن تكسر بيه الحاجز:
– أنا زينة.. مرات معتصم.. صاحب خالد.
مجرد ما خرج اسم "خالد" من بقها، عيون ياسمين اتحركت فجأة، وبصت لزينة.
في نظرتها كان في حزن غارق.. ودموع ساكنة نزلت في صمت، كأن قلبها هو اللي بيبكي مش عينيها.
حسّت زينة بقلبها بيتقطع، وقالت بصوت فيه رعشة:
– خالد قلقان عليكي.. وعايز يطمن إنك بخير.
لكن ياسمين فضلت ساكتة.
زينة قربت أكتر، وقعدت جنبها على طرف السرير، بإيدين مرتعشة مسكت إيد ياسمين..
كانت الإيد بردة، هزيلة، فيها وجع ملوش صوت.
بصّت لها زينة والدموع بتنزل من عينيها على الحالة الصعبة قدامها، وقالت بحزن:
– طب.. إنتي حاسة بإيه؟
ساعتها دموع ياسمين زادت، وبدأت تهتز وهي بتحط إيدها على صدرها، وبصوت ضعيف خرج كأنه بيتقطع من جوّاها:
– حاسة بنار هنا.. وجع جامد.. عمري ما حسّيته في حياتي.
الوجع اللي في صوتها خلّى زينة تنهار في البكاء، وقالت وهي بتحاول تمسك نفسها:
– معلش.. الوجع ده هيخف، بس إنتي لازم تجمدي.. لازم تقومي تاني عشان الناس اللي بيحبوكي.
بس ياسمين هزّت راسها بـ"لا" ضعيفة، وقالت بصوت مبحوح فيه كسر:
– مابقاش في حياتي ناس بيحبوني.. خلاص.. أنا اتحرمت منهم ومش هشوفهم تاني.
الكلمات دي خبطت في قلب زينة بقسوة، وخلّتها تبكي أكتر، مش قادرة ترد، مش عارفة تقول إيه يواسيها أو يرجّع لها الأمل.
وفجأة دخل الدكتور ومعاه الممرضة، يبصّوا على حالة ياسمين.
طلب من زينة تخرج علشان الكشف، ووقفت زينة بتتردد.
لكن في اللحظة دي، عيون ياسمين اتعلقت بعيونها..
نظرة غريبة، فيها ألف كلمة، كأن بينهم معرفة قديمة.. كأنهم مش اغراب عن بعض.
زينة خرجت من الأوضة وقلبها بيصرخ، والدموع مغرقة وشها.
ولما طلعت، شافها يحيى، استغرب من شكلها، بس فهم إنها قريبة لياسمين، ومجروحة من حالتها.
قرب منها وسأل بنبرة فيها ترقّب:
– ياسمين اتكلمت معاكي؟
زينة ماقدرتش تتكلم، بس هزّت راسها بـ"لا" وهي بتبكي، ومشيت بخطوات سريعة كأنها بتجري من الوجع اللي شافته.
كان معتصم واقف قدام عربيته، عينه ما فارقتش باب المستشفى، قلبه قلقان وكل دقيقة بتعدي كانت بتطول في نظره.
فجأة لمح زينة خارجة بسرعة، ووشها غرقان دموع، بتجري عليه بخطوات مرتبكة.
اتجمد لحظة من الصدمة، وبعدين قلبه اتخلع من مكانه وجري ناحيتها بسرعة.
قبل ما يلحق حتى يسأل، كانت رامت نفسها في حضنه بعفوية، دموعها بتغرق صدره، وبكاءها بيقطع القلب.
حضنها معتصم بقوة، إيده بتطمنها وصوته كله قلق:
– إيه اللي حصل؟ حد ضايقك جوه؟
ردّت بصوت مكسور من كتر البكاء:
– حالتها صعبة أوي.. مقدرتش أشوفها كده.. صعبت عليا.
حس بيها، حس بكل حرف نطقته، شدها لحضنه أكتر كأنه بيحاول يحميها من كل وجع شافته.
– طب اهدي، تعالي نرجع العربية.
فتح لها الباب بهدوء، وهي ركبت وهي لسه بتبكي زي طفلة، الدموع بتنزل من غير توقف، وكانت حاسة إن روحها بتنزف معاها.
ركب جنبها، وقلبه وجعه من منظرها، وبصّ لها بنظرة كلها خوف واهتمام:
– اهدي يا زينة.. وفهميني، هي قالتلك إيه بالظبط؟
مسحت دموعها بإيدها المرتعشة، وردّت ببكاء باين فيه العجز: قالتلي إن قلبها بيوجعها.. نار جوّاها.. وحالتها صعبة، ومقهورة على موت أمها.
سكت معتصم، وعينه اتثبتت قدامه، كأنه بيحاول يستوعب كل حاجة.
زينة كملت كلامها، وفي صوتها قلق واضح:
– وفي واحد واقف قدام أوضتها.. شكله مش مريح خالص، تقريبا ابن عمها اللي قولتلي عليه.. وكان بيمنع أي حد يدخل عندها.
معتصم هز راسه بتأكيد، وقال بهدوء وفي صوته نبرة أسف:  طب اهدي يا زينة.. وأنا آسف إني حطيتك في موقف زي ده.
لكن زينة بصت له وهي بتعيط، وعيونها فيها صدق حقيقي : بالعكس.. هي صعبت عليا أوي.. ونفسي أعمل أي حاجة تساعدها تخرج من اللي هي فيه.
بصّ معتصم قدامه، وقال بنبرة فيها أمل وعزم:
– هتخرج.. إن شاء الله هتخرج.
شغّل العربية، وبدأ يتحرك بهدوء، وباله مشغول بالتفكير في كلام زينة عن حالة ياسمين. 
وصل زينة البيت وبعد ما وصّلها، رجع على طول لخالد، علشان يحكي له اللي حصل ويفكروا مع بعض في طريقة ينقذوا بيها ياسمين من الضلمة اللي وقعت فيها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
الساعة اتنين بعد نص الليل.
سكون تقيل كان مخيم على المستشفى، ما بيتكسرش غير بصوت أجهزة الرعاية. 
في غرفتها، كانت ياسمين نايمة تحت تأثير المهدئات والأدوية الثقيلة اللي بيكتبوها علشان "يريّحوها".
ملامحها هادية، بس ملامح الوجع ما فارقتهاش.. كأنها بتحلم بكوابيس مش قادرة تصحي منها.
برّه أوضتها، كان واقف اتنين من رجالة الحاج شرقاوي، ثابتين في مكانهم، عيونهم بتتحرك في كل اتجاه، حذرين، ومركزين.
وفي الجناح المجاور، كان يحيى حجز غرفة مخصوص علشان يفضل قريب منها، وقال إنها "للراحة"، لكنه في الحقيقة كان بيحرص يفضل مسيطر.
وفجأة.. ظلام.
الكهربا انقطعت فجأة عن المستشفى كلها.
صوت الأجهزة فصل، والنور اختفى، والمكان كله غرق في عتمة خانقة.
وفي اللحظة دي بالظبط، دخلوا.
اتنين ملثمين، خطواتهم سريعة وواثقة، مفيش تردد فيها ولا ارتباك.
واضح إنهم عارفين الطريق.. والهدف.
واحد منهم طلع من جيبه بخاخ مخدّر، وثبّت الاتنين اللي واقفين قدام أوضة ياسمين في ثواني، ووقعوا من غير صوت.
والتاني دخل الأوضة بهدوء، بصّ بسرعة على البنت اللي نايمة، شالها بحذر، وخرج بيها كأنها ورقة في الهوا.
مفيش صوت، مفيش مقاومة، مفيش أي علامة على فوضى.
دقيقتين بس.. وكانت العملية انتهت.
خرجوا من باب الطوارئ وركبوا عربية كانت مستنياهم ولفّت بسرعة في الشارع المظلم، كأنها بتجري تسرق لحظة من الزمن.
وبعد ثواني، رجعت الكهربا.
رجع النور فجأة، والممرضين والناس بقوا يتحركوا بقلق وارتباك.. كله بيسأل:
"إيه اللي حصل؟!"
"في حد فصل الكهربا؟"
"اللي في الدور التاني شاف حاجة؟"
وفي وسط اللخبطة والدوشة دي، يحيى فتح باب أوضته بسرعة، وشه مرسوم عليه توتر غريب.
خرج وشاف المنظر اللي خبط قلبه..
رجالة جده الاتنين واقعين على الأرض، فاقدين الوعي.
وقف مكانه لحظة، والنار ولعت في قلبه..
فهم إن في حاجة خطيرة حصلت، بس لسه ما يعرفش حجمها... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
في وسط اللخبطة والدوشة، يحيى فتح باب أوضته بسرعة، وشه مرسوم عليه توتر غريب.
خرج وشاف المنظر اللي خبط قلبه..
رجالة جده الاتنين واقعين على الأرض، فاقدين الوعي.
وقف مكانه لحظة، والنا. ر و. لعت في قلبه..
فهم إن في حاجة خطيرة حصلت، بس لسه ما يعرفش حجمها.
اتحرك يحيى بجنون ناحية أوضة ياسمين، فتح الباب بعنف،
وعينه اتسعت من الصدمة...
السرير فاضي.
مفيش أي أثر لياسمين.
فضل واقف لحظة، عينيه بتتحرك بجنون في كل ركن، قلبه بيدق بسرعة، كأن الأرض بتتهز تحته.
مفيش أي صوت غير صوت نفّسه المتقطع، ووشه كان مرسوم عليه ملامح صدمة قاتلة.
وفجأة، صرخ بأعلى صوته، صرخة خلت كل اللي في المستشفى يلتفتوا حواليهم من الخوف:
– فين أَمن المستشفى دي فرغوا الكاميرات ؟!
...... 
في شقة معتصم،
كانت الدنيا هادية، والأنوار خافتة، كأن المكان كله بيحاول يطمن ياسمين وهي نايمة على السرير، ملامحها مرهقة، لكن أنفاسها هادية.
جنبها، كانت زينة قاعدة تراقبها بقلق واضح. 
بدأت عيون ياسمين تفتح ببطء، نظرتها ضايعة، تعبانة، كأنها طالعة من حلم تقيل.
أول ما شافت زينة، ابتسامة صغيرة ارتسمت على وش زينة، وملامحها بقت أرق وأهدى.
– حمدلله على السلامة.. انتي كويسة؟
قالت زينة برقة، وصوتها فيه حنان صادق.
نظرة ياسمين كانت ساكنة، لكنها غريبة…
راحتها زادت أول ما شافت وش زينة، حسّت براحة مكانتش متوقعة تحسها.
هزّت راسها بـ "آه"، وبدأت تبص حواليها باستغراب.
– هو أنا فين؟
نطقت الكلمة بصوت متعب، وكل ملامحها بتسأل قبل لسانها.
زينة ابتسمت بهدوء، وقالت:
– خالد خرجك من المستشفى.. هو ومعتصم ومهاب.
اتسعت عيون ياسمين بدهشة، وحاولت تقوم، بس كانت ضعيفة.
رفعت نفسها بصعوبة، وهي بتبص حوالين الأوضة بخوف، ونبرة صوتها مليانة أسئلة:
– خالد خرجني من المستشفى؟! إزاي؟ وامتى؟ وأنا فين هنا؟
زينة قربت منها، وبصوت ناعم فيه طمأنينة، قالت:
– دي شقة معتصم، وأنا مراته وعايشة معاه هنا.
وخالد لما عرف انك تعبانة كان هيتجنن عليكي.. هو اللي قرر يخرجك ويجيبك هنا علشان تكوني بأمان.
نظرة ياسمين بدأت تتغيّر، القلق بان في عيونها، لكن جواها لمحة خفيفة من ارتياح.
فضلت ساكتة لحظة، وبعدين زينة قالت بهدوء:
– خالد برا مع معتصم.. لو حابة تشوفيه عشان تطمني، أندههولك.
هزّت ياسمين راسها بـ "أيوه"، والدموع لمعت في عينيها، بس ما نزلتش.
قامت زينة تقف، وقالت بابتسامة رقيقة:
– ثواني وهقوله إنك عايزة تشوفيه.
لكن ياسمين وقفتها بصوت ضعيف، فيه رجاء واضح:
– وارجعي تاني معاه...
ابتسمت زينة بإحساس دافي وقالت بلطف:
– حاضر.
في الصالة،
كان معتصم قاعد جنب مهاب، بيتكلموا بصوت هادي، ولسّه في وشوشهم آثار التوتر اللي سبق لحظات التنفيذ.
نجاح خطتهم في دخول المستشفى وخروجهم بياسمين في أقل من دقيقتين كان أشبه بالمستحيل، لكنهم عملوها.
ومع كل فخر مهاب وهو بيحكي التفاصيل،
كان خالد قاعد ساكت...
جسمه معاهم، لكن روحه وعقله وعيونه رايحة كلها ناحية الأوضة اللي فيها ياسمين.
قلبه بيصرخ من الوجع، وكل اللي عايزه يشوفها بخير… يشوفها مرتاحة.
زينة دخلت عليهم، خطواتها هادية وصوتها رقيق وهي بتقول:
– ياسمين فاقت.. وعايزة تشوفك يا خالد.
خالد قام فورًا، كأنه كان مستني اللحظة دي من ساعة،
وقال بلهفة واضحة:
– هي كويسة؟!
زينة هزت راسها بابتسامة طمنت قلبه شوية، وقالت:
– كويسة الحمد لله.. بس أول ما فاقت، اتوترت، كانت فاكرة نفسها لسه في المستشفى، فقلقت.
معتصم قال بنبرة عقلانية وهو بيحاول يخفف التوتر:
– طبيعي تبقى قلقانة.. من ساعة كانت في أوضة مستشفى، وفجأة تلاقي نفسها في مكان تاني.. محتاجة تطمن بس.
خالد بص لزينة بعينين مليانين قلق وأمل وقال:
– هدخلها.
زينة مشيت جنبه لحد باب الأوضة،
ودخلوا سوا.
كانت ياسمين قاعدة على السرير، جسمها ساكن لكن عيونها كانت شاردة، نظراتها فاضية، مفيش فيها أي حياة.
أول ما دخل خالد، حس قلبه بينقبض من منظرها.
كانت مكسورة بزيادة… كأن الدنيا كلها اتجمعت وجت عليها لوحدها.
قرب منها بخطوات بطيئة، كل خطوة فيها خوف ووجع،
وزينة وقفت عند الباب تراقب المشهد في صمت.
نظرات ياسمين اتحركت ببطء…
ولما اتقابلت عيونها مع عيون خالد،
دموعها نزلت في هدوء، بس الوجع اللي فيها كان أعلى من كل الصرخات.
دمعتها نزلت تحرق خدها… وتحرق قلبه قبل أي شيء.
قرب أكتر، وصوته كان مكسور وهو بيقول برجاء:
– بلاش دموعك دي يا ياسمين، عشان خاطري.. مش قادر أشوفك كده.
ردت بصوت ضعيف، مبحوح،
فيه نبرة استسلام موجعة:
– كسروني يا خالد..
حرقوا قلبي على أمي وأخويا في يوم واحد.
أنا طلعت أضعف من اللي كنت فاكراه… طلعت ضعيفة آوي قدامهم.
خالد قرب اكتر، مسك إيديها بين إيديه وقال بأصرار:
– لا يا ياسمين، انتي مش ضعيفة.. هما بس اللي وحوش.
بس أقسم لك… هيدفعوا التمن غالي…
بحق كل دمعة نزلت من عينك، مش هسيب حقك يضيع.
وأحمد…
هجبلك أحمد، حتى لو كانوا سفروه آخر الدنيا… هرجعه لك، بوعدك.
نظرت له ياسمين بنظرة ضايعة، مليانة خوف، وعيونها بتلمع بخوف طفلة فقدت كل أمان في الدنيا:
– هيجبروني أتجوز يحيى…
قالولي لو رفضت، مش هشوف أحمد تاني.
وسكتت لحظة،
وبعدين بصّت له مباشرة وقالت بصوت مخنوق:
– أحمد هو اللي باقي لي في الدنيا…
لو متجوزتش يحيى، هيحرموني منه.
هما فعلاً أخطر مما كنت متخيلة، خالد.
أنا مش قدهم…
أنا مش هستحمل يحرموني منه زي ما حرموني من أمي.
انهارت ياسمين في البكاء، وانكسر صوتها برجاء موجع وهي بتقول:
– رجّعني ليهم تاني يا خالد… لو اتجوزت يحيى، هيخليني أشوف أحمد… هو وعدني.
خالد بص لها بصدمة، وسألها بصوت مبحوح من الغضب:
– إنتي بتقولي إيه؟ ترجعي ليهم؟ بعد كل اللي عملوه فيكي؟
وعايزة تتجوزي المجرم ده؟!
صوت خالد علي، والنار كانت طالعة من قلبه قبل لسانه:
– فاكرة إنك كده هترجعي أخوكي؟ دول مجرمين يا ياسمين… ملهمش كلمة!
هيضحكوا عليكي، وبعدها تبقي تحت سيطرتهم للأبد!
ياسمين بكت أكتر، وجسمها كان بيرتعش من الخوف والضغط.
زينه دخلت بسرعة، وحاولت تهدي خالد بنبرة هادية:
– أهدى يا خالد… هي تعبانة ومش مستحمّلة عصبيتك دلوقتي.
لحظات ودخل معتصم ومهاب، وقربوا من خالد، وكان باين عليهم القلق.
معتصم بصله وقال:
– تعالى نطلع نتكلم برا، خليها تهدى شوية.
خالد زعق وهو بيبص لياسمين ودموعه محبوسة:
– دي هتجنني يا معتصم!
أنا كنت بموت في كل لحظة وهي بين أيديهم … والنهاردة، بعد ما طلّعناها من جحيمهم،
تيجي تقولي عايزة ترجعلهم؟ وتتجوز يحيى كمان؟!
زينه قعدت جنب ياسمين، وحاوطتها بذراعها بحنان.
وخالد بص لياسمين وقال بصوت حازم، مليان تحذير وألم:
– اللي في دماغك مش هيحصل يا ياسمين…
أنا مش هسيبك تضيعي نفسك.
يحيى مجرم، ومكانه السجن، وانتي مكانك هنا…
لحد ما أرجعلك أحمد…
فهمتي؟
ياسمين حطت وشها بين إيديها، ودموعها مغرقة وشها.
خالد كان خلاص هينفجر، فمعتصم ومهاب خدوه وخرجوا بيه من الأوضة.
سادت لحظة صمت.
وزينة بصت لياسمين وقالت بصوت ناعم مليان طيبة:
– على فكرة… خالد بيحبك أوي، وكان هيموت من الخوف عليكي بجد.
متزعليش منه.
ردت ياسمين بصوت باكي ومختنق:
– أنا مش زعلانة منه…
أنا خايفة عليه.
جدي ويحيى مجرمين بجد، وأنا مش هستحمل أخسره هو كمان.
أكيد هيعرفوا إنه هو اللي خدني من المستشفى، وهيأذوه في شغله، وفي حياته.
زينه هزت راسها بهدوء وقالت:
– متخافيش… إن شاء الله مفيش حاجة وحشة هتحصل لحد فيكم.
إحنا كلنا جنبك.
ياسمين بصتلها بنظرة حزن وامتنان وقالت:
– شكراً على كل حاجة بتعمليها عشاني.
زينه ابتسمت لها وقالت بلطف:
– أنا معملتش حاجة.
إحنا كلنا هدفنا نساعدك.
وخالد بيحبك بجد صدقيني .
هو ومعتصم ومهاب خاطروا بحياتهم ومستقبلهم عشان يخرجوكي من المستشفى .
فطبيعي يتوجع لما يسمعك بتطلبي منه انك ترجعي تاني، وتتجوزي واحد غيره.
سكتت لحظة، وياسمين قالت بصوت منخفض مليان قلق:
– يحيى مش هيسكت…
ده مريض، ومستعد يأذي أي حد عشان يوصل لهدفه.
زينه خدت نفس عميق، وبصتلها بثقة:
– يبقى تسيبي خالد يتصرف معاهم.
ثقتك فيه هي اللي هتقويه ويقدر يواجه أي حد عشانك، حتى لو كان ابن عمك المريض ده.
ياسمين هزّت راسها بإيجاب،
وزينة مسكت إيديها برفق، وقالت بابتسامة دافية:
– ومتقلقيش…
إحنا كلنا معاكي،
لحد ما أخوكي يرجع…
ولحد ما تاخدي حقك منهم.
........ 
في الصالة…
كان خالد واقف في مكانه بعصبية، بيكلم نفسه بجنون وكأنه بيحاول يفهم اللي بيحصل:
– بعد كل ده؟ وعايزة تتجوز يحيى؟ خايفة منه؟ بجد خايفة منه للدرجة دي؟
معتصم بصله وقال بهدوء:
– هي معذورة يا خالد… مهما كانت قوية، دي بنت في الاول وفي الاخر.
في يوم واحد اتكسرت… أمها ماتت، وأخوها اتاخد منها وسافروا بعيد.
الوجع ده ممكن يهد جبل، فما بالك بياسمين؟
خالد اتنفس بصعوبة وقال بعصبية بتزيد:
– كل ما بفكر إنهم عملوا فيها كده، نفسي أروح أخلص عليهم بإيديا.
مهاب تدخل بصوت عقلاني وحازم:
– لازم تهدى وتفكر صح… إزاي تحميها من غير ما تضيع نفسك.
ما تنساش إنك أول حد هيشكوا فيه دلوقتي بعد اختفائها.
معتصم هز راسه وقال بحزم:
– مهاب معاه حق.. وهما لو معرفوش مكانها النهاردة هيعرفوه بكره.. احنا لازم نفكر في حل.. لانهم أكيد هيتهموك بخطفها.
خالد قال بعناد وغضب:
– انا مش فارق معايا أي حاجة.. يعملوا اللي يعملوه. 
مهاب بصله بحدة وقال:
– لأ، لازم يفرق معاك!
إنت ناسي إنك ظابط؟ ناسي إنك ممكن تتحول من مدافع عن القانون لمتهم؟
مستقبلك هيضيع يا خالد… مش لعبة!
وفي اللحظة دي،
كانت ياسمين خارجة من الأوضة مع زينة، 
كانت عايزة تشكرهم علي مساعدتهم ليها.
لكن صوت مهاب العالي وصل لأذنها…
وسمعت بوضوح:
"مستقبلك هيضيع يا حضرة الظابط."
عينها اتسعت، وقربت منهم بسرعة، قلبها بيخبط في صدرها.
وقالت بفزع بصوت ضعيف:
– يعني إيه يضيع مستقبله؟
وبصت لخالد بعيون مكسورة وقالت:
– قولتلك… رجعني ليهم.
انت كده بتضر نفسك عشاني.
خالد شد نفسه، وحط إيده على وشه بعصبية، وبعدين قرب منها، اتنفس بعمق بيحاول يمنع غضبه:
– ياسمين… انتي عايزة تجننيني؟
يعني أخدك بإيدي وأرجّعك ليهم؟
أقول ليحيى: اتفضل، خد البنت اللي بحبها… اتجوزها بالاجبار عشان أنا خايف على مستقبلي؟
كانت الجملة دي زي طلقة… لما نطق كلمة "بحبها"، قلب ياسمين دق بسرعة،
وبصت له بعينين فيها ألف سؤال وألف دقة قلب.
زينة كانت واقفة وبتبصلهم بابتسامة فيها دفء وتعاطف،
ومعتصم عيونه كانت على زينة، وهو شايف الابتسامة دي علي وشها وقلبه بدء يدق بحبها. 
ياسمين عيونها لمعت بالدموع وقالت بصوت بيترعش:
– أنا… أنا خايفة عليك.
مش عايزة أخسرك انت كمان.
دموعها نزلت، وخالد حس بقلبه بيتقطع.
قرب منها أكتر، وبص في عنيها وقال بصوت كله حنان وثقة:
– متخافيش…
هما اللي لازم يخافوا.. انا مش هتخلى عنك أبدا.. وهحميكي منهم وهرجعلك اخوكي.. بس بلاش تستسلمي ليهم.. بلاش تطلبي مني تاني اني ارجعك ليهم.. انتي مش هتكوني لحد غيري يا ياسمين.. حتى لو هموت وانا بدافع عنك.. روحي وعمري كله فداكي. 
ياسمين اتأثرت بكلام خالد… عيونها ماقدرتش تبعد عن نظرته اللي كلها حب واحتواء، وكأن الدنيا كلها كانت ساكنة في اللحظة دي.
هزت راسها بالموافقة وهي بتبكي، والدموع كانت بتنزل بس مش من خوف المرة دي… من إحساس بالأمان.
مهاب قطع الصمت بنبرته الجدية – اللي عمرها ما بتستمر أكتر من خمس ثواني – وقال وهو بيعدل وقفته كأنه داخل يلقي خطاب:
– تمام كده… يبقى قدامنا حل واحد بس.
كل العيون اتوجهت له باهتمام، ومع تصاعد التركيز، قلب الجو فجأة بطريقة درامية وهو بيقول:
– في ظل الظروف العصيبة، ومع محاولة خالد ابن الدريني إنه يرجع الحق لأصحابه… لازم برضه ياسمين تمد له إيدها وتساعده يحافظ على مستقبله.
معتصم رفع حاجبه وقال بسخرية:
– وهتساعده إزاي يا وحش الداخلية؟ هتكتب له مذكرة للمباحث تشكره فيها انه خطفها من المستشفى؟
مهاب مد إيده بحركة مسرحية وقال بفخامة:
– تتجوز خالد وتبقى مراته رسمي.. ويحيى المجنون ابن عمها مش هيقدر يعمل حاجة لان مفيش راجل بيخطف مراته. وبكده هكون انا ضحيت ب اتنين من اعز اصحابي وكنت شاهد على جوازهم ودخلتهم ب ايدي سجن الزوجيه. 
زينة غطت ضحكتها بإيدها، ومعتصم بص لمهاب بغيظ مصحوب بابتسامة:
– عارف.. انت صحيح تافه بس أوقات كتير بتطلع منك افكار حلوة. 
بعدين بص لخالد وياسمين وسألهم بجدية أكتر:
– رأيكم إيه في الكلام ده؟
ياسمين كانت محتارة… ملامحها كلها توتر، وعنيها بتدور بين الكل.
خالد قرب منها شوية وقال بنبرة قلق هادي:
– رأيك إيه يا ياسمين؟
ياسمين خدت نفس عميق وقالت بصوت مرتعش:
– مش عارفة… أنا خايفة ومتلخبطة.
مهاب دخل بنبرة جدية فاجأتهم كلهم وقال:
– مفيش حاجة تخوف يا ياسمين.
هتتجوزي خالد بعقد رسمي، وتقعدي هنا مع زينة… محدش هيقدر يقول إنك مخطوفة، ولا هيقدر يمسك بكلمة.
ولما نلاقي أخوكي وتطمّني، ساعتها تقرري.
لو شايفة إنك تقدري تستحملي ابن الدريني وعصبيته… كُملوا.
لو لا… يبقى تعملي زيي، أنا معرفتش أتحمّل خنقة الجواز وطلقت، وعايش دلوقتي مرتاح قدامك أهو مثال حي وبيتنفس.
ضحكت ياسمين وزينة، وكان أول ضحك حقيقي يطلع من ياسمين من زمان.
خالد ومعتصم رمقوا مهاب بنظرات تهديد، وخالد قال:
– هو انت مينفعش تقول كلمتين حلوين للاخر!
رد مهاب بثقة مصطنعة: انا بنصح البنات علي فكرة. 
وبص ل زينه وياسمين وقالهم: مفيش حد يستحمل الاتنين دول صدقوني.. بس معلش نصيبكم كده. 
زينة قربت من ياسمين وقالت لها بحنية:
– وافقي يا ياسمين … مفيش حاجة هتتغير، هتكتبي الكتاب بس وتقعدي معايا، وأنا مش هسيبك لحظة.
بصت لها ياسمين بعين فيها طمأنينة لأول مرة من شهور، وقالت بصوت هادي:
– موافقة.
كلمة واحدة، لكن وقعت على قلب خالد كأنها موسيقى…
مستحيل ينسى اللحظة دي. قلبه كان بينط من الفرح، ووشه نور بنظرة مش ممكن تتكرر.
مهاب قطع لحظة السعادة وهو بيبص في ساعة إيده وقال بحماس:
– الساعة بقت 6 الصبح.. هنزل اشوفلكم مأذون يكون راجع من صلاة الفجر واجيبه في أيدي واجي . 
قالت ياسمين بسرعة، وارتباكها ظاهر:
– بس أنا مش معايا بطاقة… ولا أي إثبات شخصية.
مهاب ابتسم بثقة وقال:
– متقلقيش… أنا عندي ليكي ملف كامل، فيه كل حاجة عنك.
هجهز الورق، وأرجع بالمأذون في ايدي.
ولما خرج، معتـصم بص لخالد وقال:
– الواد ده ساعات بينفع علي فكرة. 
وخالد كان لسه واقف في مكانه، عيونه على ياسمين، وابتسامة فرحة مش قادر يخفيها.
كان حاسس إن قلبه بيرقص جواه…
النهار طلع، والضلمة اللي بينهم ابتدت تنور.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي.
كان يحيى واقف قدام جده، عنيه مولعه شر، وصوته عالي لدرجة إن البيت كله سمعه.
صرخ بانفعال وهو بيضرب على المكتب:
– كاميرات المستشفى مش موضحة أي حاجة!
الاتنين اللي خطفوها كانوا مغطين وشهم، بس مش آتنين عاديين ابدا يا جدي.. دول متدربين كويس اوي وعارفين بيعملوا ايه. 
الحاج شرقاوي اتكلم بقلق واضح:
– وهيكونوا مين دول يا يحيى؟ مين اللي عنده الجرأة يدخل مستشفى يخطف بنت من أوضتها وسط رجالتنا ومحدش يحس بيه؟
يحيى عض شفايفه من الغيظ، وبص لجده بعنف:
– خالد!
خالد الدريني… حفيد اللوا وحيد!
اتسعت عيون جده بدهشة حقيقية، وقال باستغراب:
– وإيه اللي يخلي خالد يعمل كده؟ هو ماله ومال ياسمين؟!
رد يحيى بصوت بيغلي من الغضب:
– بيحبها يا جدي!
أنا متأكد!
هو الوحيد اللي يقدر ينفذ خطة بالاحتراف ده، والوحيد اللي كان مهتم بيها أكتر مني!
جده سكت لحظة، واضح عليه الارتباك، ثم قال بهدوء ظاهر يخفي عاصفة جواه:
– وإحنا نعمل إيه دلوقتي؟
رد يحيى بعنف:
– نبلغ! ونقدم بلاغ رسمي إنه خطفها!
لكن الحاج شرقاوي هز راسه باعتراض وقال:
– لأ… مش قبل ما أكلم جده الأول. لازم أعرف الحقيقة منه.
يحيى اتجنن، صرخ وهو بيقرب من جده:
– جده؟! انت كمان هتقولي جده؟!
أنا مليش دعوة بيه! لا هو ولا جده!
ياسمين هترجع غصب عنه وهاخد حقي منه بإيدي!
الحاج شرقاوي بص له بحدة وقال بصوت عاقل حاسم:
– بس أنا يهمني منخسرش جده… وياسمين هترجع.
بس مش بالهمجية بتاعك دي.
اقعد واهدى، وأنا هكلمه بطريقتي… وأعرف منه الحقيقة.
---
في بيت اللوا وحيد.
كان قاعد على السفرة بيفطر مع بنته عبير… الجو هادي، وصوت المعلقة في الطبق هو اللي مالي المكان.
رنّ تليفونه. بص عليه باستغراب وقال:
– الشرقاوي؟! بيتصل بدري كده ليه؟
رد وهو بيحاول يسيطر على استغرابه:
– ألو؟ إزيك يا حاج شرقاوي؟
رد الحاج بشرقاوي بنبرة ظاهر فيها التحفظ:
– صباح الخير يا سيادة اللوا… عامل إيه.. اخبار صحتك؟
اللواء وحيد ابتسم وقال بلطف حذر:
– بخير الحمدلله… بس غريبة، اول مرة تكلمني بدري كده ؟
قال الشرقاوي بصوت تقيل:
– حفيدتى ياسمين اتخطفت من المستشفى .. الساعة اتنين بالليل كده في آتنين مخبين وشهم دخلوا وخطفوها وخرجوا من غير ما حد يشوفهم وكاميرات المستشفى مش موضحة شكلهم. 
اللواء قعد مكانه شوية، ملامحه مش مبينة أي رد فعل وقال:
– طيب… شاكك في حد؟
عبير رفعت راسها وبصت لأبوها بقلق، وهو بيحاول يفهم اللي بيحصل.
الشرقاوي كمل:
– مش شاكك في حد بعينه، بس بصراحة يحيى بيقول إن خالد حفيدك هو اللي خطفها.
بيقول إنه كان مهتم بيها بزيادة آخر فترة، وخطفها عشان يمنع جوازها من يحيى .
اتغيرت ملامح اللواء وحيد، قام من مكانه فجأة، صدمته واضحة في كل تفاصيل وشه.
اتكلم بحدة:
– خالد؟!!!
اكيد خالد مالوش علاقة بالموضوع ده!
رد الشرقاوي بنبرة خبيثة وهادية:
– انا حبيت أكلمك قبل ما نقدم بلاغ رسمي، يمكن تلحق تعقله لو هو اللي عملها… وتعرفه إن خطف عروسة من عريسها مش أصول.
سكت اللواء لحظة، لكن جواه كان فيه طوفان…
افتكر كل لحظة كان خالد فيها بيدافع عن "الست وأولادها"، وصدمته الكبيرة لما سمعهم بيتكلموا عن جواز يحيى من البنت دي! 
الحقايق بتتجمع قدامه فجأة… 
رد بجفاف:
– تمام يا حاج… سيبلي الموضوع ده وأنا هتصرف. 
وماتعملوش حاجة لحد ما أكلمك.
قفل المكالمة، ووشه اتبدل… عبير قامت ووقفت قدامه، وقالت بقلق:
– في إيه يا بابا؟ الشرقاوي عايز إيه من خالد؟
رد وهو لابس بدلته بسرعة وبيتحرك ناحية الباب:
– هفهمك بعدين… لازم أروح لأختك دلوقتي… أشوف خالد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
وصل المأذون، وقعد خالد وياسمين قدامه، ونبض قلب كل واحد فيهم كان بيتسابق مع اللحظة.
تم كتب الكتاب رسمي، وشهد عليه معتصم ومهاب.
المأذون قال بابتسامة هادية:
– ألف مبروك.
خالد بص لياسمين، كانت عيونها شاردة… والدموع لمعت فيها من غير ما تنزل.
كان شايفها موجوعة، حزنها على موت والدتها لسه جارح قلبها ، وفراق أخوها حارقها.
اتنهد في صمت، ووعد نفسه إنه هيرجع لها أخوها، ويملي حياتها من جديد بالفرح.
مهاب رجع بعد ما وصّل المأذون، وقال بضحك خفيف:
– كده أنا بقيت شاهد على عقد جوازك يا معتصم… ودلوقتي على عقد جواز خالد… يعني اللي هيزعل بنت من البنات ، أنا اللي هقفله بنفسي.
زينه ضحكت، ومعتصم بص له وسأله باستغراب:
– اللي عايز افهمه انت ازاي جبت مأذون في وقت زي ده؟ لقيت فين مأذون الساعة 7 الصبح وقدرت تقنعه يجي بدري كده؟؟ 
رد مهاب وهو بيرفع حاجبه بثقة:
– يابني انت مش مقدر قدراتي في اقناع الناس.. قولتله ان الولد والبنت غلطوا وعايزين يصلحوا غلطتهم. 
شهقت ياسمين من الصدمة، وزينة كتمت ضحكتها بصعوبة.
خالد ومعتصم بصوا له بدهشة، وقال خالد وهو بينفجر:
– أنت اتجننت؟! إزاي تقول للراجل كده؟!
ضحك مهاب وقال ببساطة:
– يعني كنت هقوله إيه؟ إنكم صحيتوا الصبح كده قررتوا تتجوزوا على الفطار؟!
ضحك معتصم وقال لخالد:
– بص.. هو يشكر انه اتصرف وجاب المأذون في وقت زي ده.. اي كلام يقوله بقى محدش يعلق. 
زينه بصّت لياسمين وضحكوا سوا، ضحكة باهتة لكنها كانت أول محاولة للفرحة.
معتصم بص في ساعته وقال بجديّة:
– لازم ننزل دلوقتي… كل واحد يروح شغله كأن مفيش حاجة حصلت، عشان كل شيء يفضل طبيعي.
خالد قال بقلق وهو بيبص لياسمين:
– وهنسيبهم هنا لوحدهم؟
معتصم طمّنه بثقة:
– متقلقش، العمارة مؤمنة، وتحت فيه أمن مش بيسمح لحد يدخل.
وغير كده… محدش هنا يعرف اننا أصحاب ، ولا إن ياسمين ممكن تكون في شقتي.
مهاب كمل:
– يعني حتى لو شكو، مش هيعرفوا يوصلوا ليهم بسرعة… وعلى ما يعرفوا، نكون رتبنا كل حاجة.
خالد كان لسه بيبص لياسمين… النظرات بينهم مطولة، فيها وجع، حب، وخوف من الجاي.
مهاب لاحظ وقال بضحك:
– طيب أنا كده مش هعرف أنزل من غير فطار… المطبخ فين؟
ردت زينة وهي بتقوم:
– ثواني، هحضر لكم حاجة تاكلوها بسرعة.
لكن معتصم مسك إيدها وقال بهدوء:
– لأ، تعالي معايا… سيبيه هو يحضر لنفسه.
وبص لمهاب وقال:
– المطبخ هناك… بس بلاش تخلص الأكل كله.
مهاب ضحك ودخل على المطبخ، وزينة بصّت لمعتصم بخجل من لمسته، ومشيت وراه.
خالد فضل يبص على ياسمين، قلبه موجوع عليها وهي بتحاول تبان قوية، لكن رعشة جسمها خانتها… والحزن كان باين في كل تفاصيل وشها.
قرب منها وقعد جنبها، صوته كان دافي وحنون:
– ياسمين… مش عايزك تخافي بعد اللحظة دي.. انا هفضل دايما جنبك ومفيش حد في الدنيا هيقدر يقرب منك او يزعلك تاني. 
دمعة نزلت من عينها وهي بتبص له… سحب إيديها، وقربها منه، وباسها بحب حقيقي، وقال بصوت هادي:
– انا بحبك واتجوزتك عشان بحبك.. مش عشان مستقبلي واتهامهم ليا وكل الكلام ده.. ومن اللحظة دي انا عايش بس عشان اسعدك. 
مسح دموعها بإيده وقال:
– دموعك مش عايزها تلمس خدك تاني.
عارف إن الفراق صعب، بس مامتك في مكان أحسن… شايفاكي، وحاسه بيكي.
ردت بصوت باكي:
– مكنتش متخيلة اليوم ده…
ماما راحت فجأة… وأحمد مش عارفة عنه حاجة…
حاسه إني بقيت لوحدي في الدنيا.
خالد سحبها لحضنه، وضمها بقوة، كأن حضنه هو اللي هيجمع كل اللي اتكسر جواها.
وهي سابت نفسها ليه… كانت محتاجة الحضن ده أكتر من أي كلام... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
ياسمين اتجوزت خالد😍
مكنتش متخيلة اليوم ده…
ماما راحت فجأة… وأحمد مش عارفة عنه حاجة…
حاسه إني بقيت لوحدي في الدنيا.
خالد سحبها لحضنه، وضمها بقوة، كأن حضنه هو اللي هيجمع كل اللي اتكسر جواها.
وهي سابت نفسها ليه… كانت محتاجة الحضن ده أكتر من أي كلام. 
........ 
في بيت الدريني.
كانت بهيرة قاعدة على السفرة بتفطر مع جوزها سالم الدريني، الجو هادي، لحد ما الباب اتفتح بقوة…
دخل اللواء وحيد والشرار طالع من عينه، صوته عالي وغاضب وهو بيقول:
– ابنك فين يا بهيرة؟ خالد فين؟!
قامت بهيرة بسرعة، قلبها وقع من الخضة:
– بابا! في إيه؟ هو خالد حصله حاجة؟!
رد والدها بغضب وهو بيقرب منها:
– أنا اللي جاي أسأل! هو هنا ولا لأ؟!
سالم اتدخل، صوته هادي لكنه متوتر:
– لا يا سيادة اللواء، خالد في شغله.
صرخ وحيد بنبرة غضب متزايد:
– شغل إيه؟! يعني خالد ما باتش هنا الليلة اللي فاتت؟!
بهيرة بدأت توترها يزيد:
– لا… ما باتش… بس يا بابا هو في شغله من إمبارح ، في إيه؟ خالد مش في القسم؟
رد والدها وهو بيزفر بعصبية:
– حفيدة الشرقاوي اتخطفت من المستشفى… وهو عايز يتهم ابنك إن هو اللي ورا الموضوع!
شهقت بهيرة، ووشها اتسحب الدم منه:
– ابني؟! وماله ومال بنت الشرقاوي؟! هيخطفها ليه؟ ده راجل عايز يلبس ابني مصيبة بأي شكل!
بص لها أبوها بعين حادة وقال:
– المصيبة الحقيقية… لو طلع عنده حق! لو خالد فعلاً اللي عمل كده، يبقى بيضيع مستقبله بإيده!
ردت بهيرة بصوت متمسك وثقة أم:
– مستحيل، خالد ما يعملش كده… ده ظابط، مش بلطجي! وبعدين هيخطفها ليه أصلاً؟!
سالم الدريني فضل ساكت، بصته سابته في الأرض، وكأن في حاجة عايز يقولها ومش قادر.
اللواء وحيد لاحظ سكوته وسأله بريبة:
– أنت تعرف ابنك فين يا سالم؟!
وقبل ما يرد… دخل خالد فجأة، صوته ثابت، ووشه ما فيهوش أي خوف:
– أنا هنا يا جدي… خير؟
لف وحيد ناحيته، وبص له بنظرة كلها تساؤل وغموض.
بهيرة قامت بسرعة، قربت من ابنها وقالت بانفعال:
– تعالى اسمع الراجل اللي اسمه الشرقاوي بيقول إيه لجدك!
لكن والدها قاطعها بحدة:
– اسكتي يا بهيرة!
قرب من خالد، عينه مش بتفارق وشه، وسأله ببطء كأنه بيقيس كل كلمة:
– كنت فين يا خالد؟
رد خالد بنفس الثبات:
– في شغلي يا جدي… في إيه؟ في مشكلة؟
اللواء وحيد قرب أكتر، وصوته بقى أهدى لكن نبرته كانت مشبعة بالشك:
– وياترى شغلك ده… كان في القسم؟ ولا المستشفى؟
بص له خالد من غير ما يرمش، وقال بهدوء الواثق من نفسه:
– في الاتنين… خلصت اللي ورايا في القسم، وبعدين رحت المستشفى… كملت شغلي هناك.
سكت الجد لحظة، وبعدين سأله بصوت جهوري مليان اتهام:
– أنت اللي خطفت حفيدة الشرقاوي؟
رد خالد بنفس الهدوء:
– لأ… ما خطفتش حد.
بهيرة رفعت راسها وقالت بإصرار:
– أنا قلتلك يا بابا… ابني بريء، ومش هيتورط في مصايب بالشكل ده!
سأل اللواء وحيد خالد بحدة، عينه ما بتتحركش من على وشه:
– يعني أنت ملكش علاقة بخطف البنت من المستشفى؟
رد خالد بثبات، وهو بيبص لجده بعينين ما فيهاش خوف:
– ومين قال إنها اتخطفت؟
هو لما واحد ياخد مراته من المستشفى... تبقى اتخطفت؟
شهقت بهيرة بذهول، وكأن الكلام نزل عليها زي الصاعقة:
– مرات مين؟!
قال خالد بنفس الهدوء، لكن صوته كان بيحمل قرار واضح:
– ياسمين يحيى الشرقاوي... مراتي.
اللواء وحيد اتجمد في مكانه.
عينيه اتسعت، وملامحه تهزت بصدمة حقيقية.
وبهيرة صرخت، بصوت مكسور ومذهول:
– إنت اتجوزت من ورانا يا خالد؟!
خالد سكت. الصمت كان هو الجواب.
وساعتها انفجر جدّه، صوته اتغير وغضبه كان واضح:
– يعني إيه اتجوزتها؟!
مين دي أصلاً؟ ناسي إنك ظابط؟ ناسي إن أبوها مات في قضية سلاح؟
ناسي إن جدها وابن عمها تحت المراقبة وممكن يتقبض عليهم في أي لحظة؟
انت اتجوزت بنت كل عيلتها مجرمين! 
خالد بص له بثبات وقال بلهجة هادية لكنها موجعة:
– ومين اللي جوز بنته لواحد من العيلة دي؟
ولا حضرتك نسيت إن ياسمين أخت كارما حفيدتك؟
الاتنين من نفس الأب ونفس العيلة.
بهيرة ما قدرتش تستحمل، وصرخت في جوزها بصوت عالي وعيون مشدوهة:
– إنت هتفضل ساكت كده؟!
اتكلم مع ابنك... عقله!
قام سالم الدريني بهدوء، ووقف قصاد خالد، صوته كان واثق:
– ابني راجل وعارف هو بيعمل إيه كويس، وقبل ما يكتب كتابه، اتصل بيا... وأخد موافقتي.
صمت لحظة.
بهيرة اتجمدت في مكانها، واللواء وحيد بص له بذهول.
لكن النظرة في عينه كانت مليانة غضب.
اتكلم بصوت غليظ متوتر:
– يعني إنت بتشجعه يضيع مستقبله؟
رد سالم ببساطة شديدة، لكنها كانت أشبه بصخرة اتحدفت في بحر متوتر:
– ابني واعي لمستقبله كويس، وبيفكر بعقله... مش بعقلكم.
وبعدين... إيه الفرق بين كارما وبين مرات خالد؟
الاتنين إخوات.
وما أظنش كان ده هيبقى رأيكم لو كان اتجوز كارما.
صرخت بهيرة، صوتها كان فيه غل وكبرياء مجروح:
– إزاي تشبه البنت دي بكارما بنت أختي؟!
كارما معروف أصلها... معروف مين أمها ومين جدها.
أما البنت دي... الله أعلم أمها كانت مراته فعلاً؟ ولا كانت عايشة معاه من غير جواز؟!
خالد ما استحملش.
صوته علي فجأة، وكانت لهجته فيها وجع وغضب حقيقي:
– ماما! لو سمحتي... الست ماتت ومش هسمح لحد يهينها.
أم ياسمين كانت مراته شرعي... قبل ما يتجوز خالتي.
ومحدش في الدنيا له حق يشكك في أخلاقها!
أنا اتجوزت ياسمين عشان بحبها... وهتفضل مراتي لآخر يوم في عمري.
اللواء وحيد بص له ببرود مصطنع، بس نبرة صوته كانت تقيلة وواضحة:
– ماشي يا خالد... اعمل اللي يريحك.
أبوك واقف في ضهرك وبيشجعك عالغلط.
بس لما الشرقاوي يعملك محضر رسمي ويتهمك بخطف حفيدته...
ولما تتوقف عن العمل...
ما تبقاش تزعل.
ده نتيجة عنادك... والطريق الغلط اللي اخترته بإيدك.
هز خالد راسه بإصرار:
– أهلاً بالشرقاوي وحفيده... يعملوا اللي يقدروا عليه. أنا جاهز.
اللواء كان خلاص هيمشي، لكن صوت بهيرة قطعه، بصوت عالي ممزوج بخيبة أمل وانكسار:
– استنى يا بابا... أنا جاية معاك.
والبيت ده... مش هدخله تاني غير لما أشوف ورقة طلاق البنت دي بعيني.
رد خالد بسرعة وهو بيبصلها بألم:
– لا يا أمي... متسيبيش بيتك.
أنا اللي هسيب البيت.
ومشى.
طلع على أوضته بخطوات تقيلة، لكنه ما بصش وراه.
اللواء وحيد خرج من البيت، والباب اتقفل وراه بصوت تقيل كأنه بيقفل صفحة من حياة خالد.
وبهيرة بصت لجوزها، ودموع الغضب في عينيها:
– لو مستقبل ابنك ضاع...
هتبقى إنت السبب.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
دخلت زينة الأوضة بهدوء، كانت ياسمين قاعدة على السرير، نظرتها سرحانة في الفراغ، كأنها بتراجع شريط حياتها...
من أول حادثة الكشك، وشافت خالد لأول مرة، وهروبهم مع بعض من العصابة، ظهور جدها ويحيى في حياتهم، سفر أخوها، موت أمها ، ودلوقتي خالد بقى جوزها رسمي.
قعدت زينة جنبها، ومدت إيدها تلمس إيدها برقة:
– عاملة إيه دلوقتي يا ياسمين؟
ردت ياسمين بنبرة هادية، بس فيها تعب واضح:
– الحمدلله...
سكتت لحظة، وبصت لزينة بكسوف:
– أنا هضايقكم بوجودي هنا في بيتكم... صح؟
زينة ابتسمت، ابتسامة فيها وجع خفيف، وقالت:
– بالعكس...
إنتي ربنا بعتك ليّا، تهوّني عليّ وحدتي هنا.
استغربت ياسمين، وقالت بدهشة:
– وحدتك؟ ليه؟
هو مش إنتي ومعتصم عايشين سوا هنا؟
زينة بصت لها، وبعدين بصت بعيد كأنها بتحاول تخبي مشاعرها:
– آه... عايشين سوا...
بس كل واحد في حاله.
تعرفي؟ أول مرة يكلّمني من بعد الجواز... كانت لما طلب مني أروح المستشفى وأطمن عليكي.
رفعت ياسمين عينيها لزينة، كانت بتسمعها باهتمام حقيقي لأول مرة.
وشافت في عيونها حزن ساكن، مش بتشتكي، بس بيحكي نفسه غصب عنها.
وزينة لقت نفسها بتفضفض، يمكن لأول مرة، بصوت واطي، حكت لياسمين عن جوازها بمعتصم، وإزاي اتجوزته ، وعن الصمت اللي مالي بيتهم، وعن الكلام اللي عمره ما اتقال، والمشاعر اللي اتحبست من أول يوم.
---
في بيت الشرقاوي، جوه أوضة يحيى.
يحيى قاعد على السرير، ضهره منحني، عينيه مثبتة على شاشة تليفون ياسمين اللي أخده منها.
أخيرًا قدر يفتحه.
صفحات طويلة من الرسايل بينها وبين خالد ظهرت قدامه، حرف حرف بيشعل نار الغضب جواه.
الغيرة، والقهر، والإهانة... كله انفجر في قلبه مرة واحدة.
ضغط على الشاشة بقوة، وكأنها هي اللي خانته.  وسط الغليان، عقله رجع يفتكر حاجة... البنت اللي زارت ياسمين في المستشفى.
مين دي؟ جات منين؟
وإزاي عرفت إن أم ياسمين ماتت، رغم إن تليفون ياسمين كان معاه قبل ما امها تموت! يعني مستحيل تكون ياسمين هي اللي كلمتها وبلغتها بالخبر! 
فتح سجل المكالمات... مفيش.
الرسايل... مفيش.
حتى الاسم... مش موجود.
كأنها شبح.
لكن يحيى حس إن المفتاح معاها.
هي الخيط الوحيد اللي ممكن يوصّله لياسمين.
قال بصوت واطي، بس نبرته كانت مرعبة:
– البنت دي...
هي الحل.
هي اللي هتوصلني لياسمين.
........ 
في مكتب الشرقاوي.
كان الحاج الشرقاوي قاعد على مكتبه، عينه على التليفون كأنه مستني منه خبر حياة أو موت.
رنّ التليفون أخيرًا.
رد بسرعة وبلهفة:
– خير يا سيادة اللوا؟ عرفت حاجة؟!
صوت اللوا وحيد جه من الطرف التاني هادي لكنه حاسم:
– أيوه يا حاج شرقاوي...
خالد هو اللي خرجها من المستشفى، بس الموضوع مش زي ما انت متصور.
هي اللي طلبت مساعدته... وهو اتعاطف معاها شوية، مش أكتر.
اديني يومين بس... وهرجعهالك لحد باب بيتك.
شدّ الحاج الشرقاوي في صوته، وقال بغضب مكبوت:
– يعني إيه؟!
إزاي ياخد حفيدتي من المستشفى من غير إذني؟!
رد اللوا بنبرة حازمة:
– حفيدتك اللي طلبت منه ده بنفسها.
وبعدين، أنا اتكلمت مع خالد واتفقت معاه انها هترجعلكم. 
اسمعني كويس... أنا مش عايز يحيى يعرف حاجة عن المكالمة دي، ولا يتدخل في الموضوع.
وبالنسبة للبلاغ اللي عايزين تقدموه ضد خالد... تنسوه خالص.
واعتبر حفيدتك... عندي أنا.
حاول الحاج يعترض:
– بس يا سيادة اللوا...
قاطعه اللوا بصرامة شديدة:
– خلاص يا شرقاوي...
قولتلك، اعتبر حفيدتك أمانة عندي.
وخلص الكلام. 
قفل اللوا المكالمة، وبص للاتنين الرجالة اللي واقفين قدامه:
– راقبوا خالد 24 ساعة...
عايز أعرف بيروح فين، بيقابل مين، وكل حركة بيعملها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي.
كان الحاج شرقاوي لسه بيبص لتليفونه اللي حطه قدامه على المكتب.
كلام اللوا وحيد بيغلي في دماغه، نار مش قادرة تهدى.
دخل يحيى المكتب بنبرة فيها نفاد صبر:
– ها يا جدي... هنعمل إيه دلوقتي؟
الحاج رفع عينه له، وقال بتفكير:
– كلمت اللوا... ولسه بيحاول يوصل لحاجة.
رد يحيى بحدة:
– ولا عمره هيوصل!
بس أنا عرفت أوصل لطرف الخيط.
بصله جده بدهشة، وسأله بعينه من غير كلام.
يحيى وقف بثقة، وهو بيفكر في البنت الغريبة اللي جات زارت ياسمين في المستشفى...
البنت اللي فجأة ظهرت، وقالت إنها عرفت إن أم ياسمين ماتت، مع إن التليفون كان معاه.
مين دي؟ وإزاي عرفت؟
........ 
في المساء.
خرج خالد من القسم متأخر، ملامحه كانت مجهدة لكن صلبة.
ركب عربيته وتحرك بهدوء، لكنه حس إن في عربية ماشية وراه من وقت ما طلع.
الموضوع مكنش صدفة.
في المراية، شافهم بوضوح... نفس العربية بتلف وراه في كل منعطف.
ابتسم بسخرية، وقال لنفسه:
– الشرقاوي باعت حد يراقبني!! 
بدأ يلف في شوارع جانبية، ويغير اتجاهه فجأة، يدخل من طريق ويخرج من التاني...
لكن العربية وراه لسه مكمله.
لحد ما وقف فجأة وقطع عليهم الطريق.
نزل من عربيته بسرعة، وسلاحه في إيده، حركته كانت حاسمة، وملامحه جامدة.
خبط على إزاز العربية بقوة، وصوته كان حاد:
– إنزل!
اللي جوه العربية اتجمدوا مكانهم من الخوف...
مقدروش يتكلموا... ولا حتى يتحركوا.
خالد بص لهم بنظرة صارمة وقال:
– انزلوا 
نزلوا من العربية بخوف، وعيونهم على خالد اللي واقف قدامهم بالسلاح.
صوته جه حاد وقاطع:
– انتوا مين؟ وبتراقبوني ليه؟
رد واحد منهم بسرعة وهو بيحاول يخبي رجفته:
– والله يا باشا احنا مش بنراقبك ولا حاجة، إحنا كنا ماشيين في طريقنا وانت اللي فجأة وقفت قدامنا!
خالد ابتسم بسخرية، وقال بصوته الجامد:
– حلو اوي..يبقي هتطلعوا معايا على القسم حالا وهناك هعرف اخليكم تتكلموا بطريقتي. 
اتوتروا أكتر، وواحد منهم قال بسرعة:
– قسم إيه بس يا باشا؟! احنا غلابة، والله ملناش دعوة...
سيادة اللوا وحيد... جدك هو اللي بعتنا نراقبك ونعرفه بتروح فين!
كأن الكلام وقع على دماغ خالد زي الصاعقة، عينه وسعت، وسأل بذهول:
– جدي؟!
التاني قال بخوف صادق:
– باشا.. جدك لو عرف انك كشفتنا هنروح في داهية.. احنا عندنا عيال عايزين نربيهم وكنا بننفذ الاوامر بس! 
خالد وقف لحظة، تفكيره بيغلي، وبعدين قال بحزم:
– افتح تليفونك...
وكلمه قدامي.. عايز اتأكد ان هو اللي بعتكم فعلا. 
فتح الراجل التليفون بإيد بتترعش، واتصل، وكلمه فعلا. 
خالد وقف بيراقب، وكل حاجة بتتأكد قدامه...
اللي بيراقبه فعلاً تبع جده... وجده هو اللي باعتهم!
إزاي؟ وليه؟!
بص للاتنين وقال بنبرة أهدى لكن مش أقل تهديد:
– بصوا… أنا مش هقول لسيادة اللوا اني كشفتكم.
بس انتوا كمان مش هتفتحوا بُقكم...
ولا كلمة!
لو عايزين تحافظوا على حياتكم... وحياة عيالكم.
هزوا راسهم بسرعة، واحد فيهم قال:
– يا باشا دي أمور عائلية بينكم، وإحنا ملناش دعوة.
احنا بس كنا بننفذ الأوامر.
خالد قرب منهم شوية وقال بصوت غامض:
– وأنا كمان عايزكم تنفذوا الأوامر...
بس من دلوقتي، الأماكن اللي هتبلغوه إن أنا رحتها... أنا اللي هقولكم عليها.
فاهمين؟
ولا آخدكم على القسم وأشرحلكم هناك؟!
ردوا في صوت واحد وبنبرة مذعورة:
– فاهمين يا باشا... فاهمين!
خالد رجع لعربيته، وسابهم واقفين بيتنفسوا بصعوبه
ركب وساق بهدوء، لكن جوّاه كان بركان.
إزاي جده، الراجل اللي اتربى على احترامه... يستخدم معاه أساليب مجرمين؟
ليه المراقبة؟ وليه السرية؟
الشك بدأ يزحف لقلبه، وإحساس غريب إن جده وراه اسرار كتير. 
في حاجة غامضة... حاجة كبيرة... ولازم يعرفها.
....... 
فجر اليوم التالي.
كان يحيى سهران طول الليل بيراجع الكاميرات اللي قدام المستشفى، تحديدًا في الوقت اللي زينة كانت بتزور فيه ياسمين.
شغل الفيديو بدقة، وابتدى يركز على الوجوه والحركة قدام باب المستشفى.
شاف زينة وهي خارجة من المستشفى، باين عليها التوتر، وكان في واحد واقف مستنيها عند العربية، أول ما وصلتله اتكلموا شوية وبعدين فتحلها الباب وركبت، ومشي بيها.
قرب على نمر العربية ووضحها على الشاشة، وبعتها لواحد من رجاله في المرور برسالة قصيرة:
"هاتلي اسم صاحب العربية دي حالًا".
فضل منتظر، وعينيه مش بتبعد عن الشاشة.
بعد شوية، جاتله مكالمة.
رد بسرعة:
– ألو؟
– أيوه يا باشا، عرفت مين صاحب العربية.
– مين؟
رد عليه الراجل من المرور بهدوء:
– ظابط… اسمه معتصم عبد الرحيم.
سكت يحيى لحظة، وبص قدامه وهو بيكرر الاسم في سره:
"معتصم عبد الرحيم"... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
يحيى خلاص بيقرب من مكان ياسمين وخالد بيقرب من كشف اسرار جده 
قرب على نمر العربية ووضحها على الشاشة، وبعتها لواحد من رجاله في المرور برسالة قصيرة:
"هاتلي اسم صاحب العربية دي حالًا".
فضل منتظر، وعينيه مش بتبعد عن الشاشة.
بعد شوية، جاتله مكالمة.
رد بسرعة:
– ألو؟
– أيوه يا باشا، عرفت مين صاحب العربية.
– مين؟
رد عليه الراجل من المرور بهدوء:
– ظابط… اسمه معتصم عبد الرحيم.
سكت يحيى لحظة، وبص قدامه وهو بيكرر الاسم في سره:
"معتصم عبد الرحيم"
..........
في شقة مهاب.
كان خالد واقف في البلكونة، وشمس الشروق بتكسر حدة السواد في السماء. 
كان شارد، غرقان في دوامة تفكير مقلقة بكل اللي بيحصل حواليه مؤخرًا، وكل الطرق كانت بتوصله لجده اللي كان دايمًا طرف في كل حاجة غريبة بتحصل حواليه.
تفكيره راح لياسمين، اللي بقت مسؤولة منه دلوقتي. عارف إنها مش هينفع تفضل في شقة معتصم كتير، ولازم يلاقي لهم بيت يجمعهم هما الاتنين. هو كمان خلاص خرج من بيت أهله، وده وقت الاستقرار الحقيقي، وقت إنه يكون له بيته خاص به هو ومراته.
في الداخل، خرج معتصم من الحمام وهو بيجفف شعره بالمنشفة، عينه وقعت على مهاب اللي كان قاعد يفطر بحماس، قدامه كمية أكل ملفتة.
ضحك معتصم وقال بسخرية:
ـ هو انت يا ابني عايش بس عشان تاكل؟ مفيش حاجة في حياتك تشغلك عن الأكل شوية؟ أو حتى تسد نفسك؟!
مهاب رد من غير ما يرفع عينه عن طبقه، وكأنه مستمتع بكل لقمة:
ـ خليك في حالك.. يا تيجي تاكل معايا وانت ساكت، يا تطلع البلكونة، تحط همك على هم صاحبك اللي واقف يعد النجوم من امبارح!
معتصم التفت بسرعة ناحية البلكونة وبص على خالد، القلق بدأ يتسلل لصوته:
ـ هو منامش طول الليل؟
مهاب هز كتفه وقال بنبرة ساخرة:
ـ لأ.. هو في واحد متجوز بيعرف ينام؟!
معتصم نفخ من ضيقه وقال:
ـ كمل أكلك، مفيش فايدة فيك!
ومشي بخطوات سريعة للبلكونة، وقف جنب خالد وسأله بصوت هادي فيه قلق واضح:
ـ في إيه يا خالد؟ مهاب بيقولي إنك منمتش خالص!
خالد كان لسه عينيه على الشمس، ملامحه مزيج بين الإصرار والتفكير العميق، وقال بصوت هادي:
ـ أنا لازم أشتري شقة يا معتصم.. لازم يكون ليّا بيت أعيش فيه أنا وياسمين. أكيد مش هتفضل عايشة في شقتك، وأنت كمان لازم ترجع لمراتك.
معتصم رد بنفس الهدوء، لكن في نبرة صوته شيء خفي من الهم:
ـ متشغلش بالك بحكاية شقتي دي دلوقتي.. وبعدين ياسمين محتاجة زينة جنبها الفترة دي، تقدر تهون عليها اللي هي فيه.
خالد لف وشه ناحيته وقال بجدية:
ـ بس أنا لازم يكون عندي بيت يا معتصم.. الوضع اتغير، وبقيت متجوز، ومش هينفع تعيش معايا في بيت أهلي. لازم ألاقي شقة بسرعة.
معتصم هز راسه بتفهم وقال:
ـ عندك حق.. ممكن نشوفلك شقة قريبة من شقتي ، عشان ياسمين تبقى قريبة من زينة.
فجأة، سمعوا صوت مهاب من جوه الصالة، صوته عالي ومليان حياة:
ـ هتيجوا تفطروا ولا أخلص الأكل كله؟!
بص معتصم لخالد وضحك، وقال وهو بيهز راسه:
ـ أنا بحسد الواد ده على راحة باله، والله!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
كان الهدوء ساكن في المكان، وضوء الشمس الدافئ بيغمر أركان الشقة بهدوء جميل.
زينة وياسمين كانوا قاعدين جنب بعض، بيقرؤوا وردهم اليومي من القرآن، كل واحدة في عالمها الروحي.
ياسمين كانت حاسة إن آيات ربنا بتمس قلبها، بتقويها وتطبطب عليها بلطف. الرضا بقضاء ربنا كان بيتضاعف جواها مع كل آية، كأنها بتتنفس من جديد.
قرأت الفاتحة على روح والدتها، ودعت لها من قلبها بدعاء صادق، وهي حاسة براحة غريبة بتسري في جسدها، كأنها بتبدأ بداية نقية، صفحة جديدة من عمرها.
زينة خلصت وردها، وقامت بهدوء، لابسة إسدالها، وقربت من ياسمين وابتسمت لها ابتسامة فيها حنان:
ـ حاسة إنك أحسن دلوقتي؟
ياسمين ابتسمت، كانت ابتسامة فيها رضا وسكينة:
ـ الحمدلله.
زينة اتكلمت برقة دافية:
ـ طب إيه رأيك نحضّر الفطار سوا ونفطر في البلكونة؟ الجو تحفة النهاردة.
ردت ياسمين بابتسامة خفيفة:
ـ ماشي.
دخلوا سوا على المطبخ، وزينة قالت وهي بتحاول تخلي الجو أخف:
ـ معتصم اتصل بيا إمبارح بالليل يطمن علينا.. وخالد كان عايز يطمن عليكي.
ابتسامة هادية ظهرت على وش ياسمين أول ما سمعت اسم خالد، قلبها اتملّى دفء وهي بتفتكر إنه بقى جوزها، ودي مش مجرد فكرة، دي حقيقة.
زينة كملت كلامها بنبرة خفيفة فيها أمل:
ـ بفضلكم إنتي وخالد، معتصم بقى يكلمني كل يوم.
بصّت لياسمين وقالت بصوت فيه شجن:
ـ تعرفي؟ أنا كنت بحلم اللحظة اللي أشوفه فيها من قريب وهو بيكلمني أو أسمع صوته، طول عمري شايفاه حلم بعيد.. حتى لما اتجوزنا، كنت لسه حاسة إنه بعيد عني.
محستش إنه قرّب غير لما حصل موضوعك آنتي وخالد.
ياسمين بصّت لها بابتسامة فيها تفهم وقالت:
ـ بس الحلم بقى حقيقة دلوقتي، وبقيتي مراته.. وكل اللي بينكم محتاج شوية وقت عشان تاخدوا على بعض.
زينة قالت وهي عينيها فيها لمعة حزن:
ـ كان نفسي يحبني ويتجوزني بإرادته.. مش عشان خالي طلب منه!
نظرة حزن مرت في عيون ياسمين، وزينة كملت بصوت هادي كأنه خارج من جرح قديم:
ـ عارفة يا ياسمين.. بعد اللي حصل معاكي، فضلت أسأل نفسي..
تفتكري لو أنا اتحطيت في نفس الموقف، معتصم كان ممكن يعمل عشاني زي ما خالد عمل عشانك؟
كان ممكن يغامر بحياته ومستقبله عشاني؟
ياسمين بصّت لها بحنية وقالت:
ـ للدرجة دي بتحبيه يا زينة؟
زينة ردت وهي بتحط إيدها على قلبها:
ـ أكتر ما تتخيلي يا ياسمين.
قربت منها ياسمين، وعينيها مليانة يقين:
ـ أولًا.. إن شاء الله عمرك ما تتحطي في الموقف اللي أنا كنت فيه.
وثانيًا.. معتصم هيحبك، وهيحبك أكتر ما انتي بتحبيه كمان، لأن لو لف الدنيا كلها مش هيلاقي بنت بجمالك ولا طيبة قلبك. هو بس محتاج وقت.
زينة ابتسمت، ووشها نور مع كلام ياسمين اللي كان طبطبة على قلبها.
قطع اللحظة صوت رنين الموبايل.. زينة شافت الاسم وابتسمت بفرحة هادية:
ـ دا معتصم.
ياسمين ضحكت:
ـ شكله عرف إننا بنتكلم عليه!
زينة ردت عليه بصوتها الرقيق:
ـ ألو؟
---
في شقة مهاب.
معتصم كان قاعد جنب خالد، ومهاب قدامهم بيشرب عصير، شكله مستمتع بالجو.
معتصم وهو ماسك التليفون، قال بلطافة:
ـ صباح الخير يا زينة.. طمنيني، عاملين إيه؟
زينة:
ـ الحمدلله، كويسين.
معتصم:
ـ ياسمين صاحيه؟ خالد كان عايز يطمن عليها.
زينة بصّت لياسمين وابتسمت:
ـ آه، صاحيه وجنبي.
معتصم:
ـ طب ادّيها التليفون تكلمه.
زينة ناولت الموبايل لياسمين وهمست لها:
ـ خالد عايز يكلمك.
وش ياسمين احمّر خجل، ومدت إيدها وخدت التليفون، وزينة خدت الأكل وخرجت البلكونة بالفطار.
ياسمين:
ـ ألو.
خالد أول ما سمع صوتها، قام بسرعة وخرج للبلكونة عشان يتكلم على راحته.
خالد:
ـ عاملة إيه النهاردة؟
ياسمين:
ـ الحمدلله، أحسن كتير.
خالد:
ـ وحشتيني.
سكتت ياسمين من الخجل، قلبها بيدق بصوت تسمعه هي بس.
خالد تنهد وسأل بهدوء:
ـ ساكتة ليه؟
ردت بخجل واضح في صوتها:
ـ بسمعك.
خالد ابتسم وقال:
ـ عايز آجي آخدك نروح مشوار سوا النهاردة.. إيه رأيك؟
ردت بتوتر وقلق بسيط:
ـ مشوار إيه؟
خالد طمّنها بنبرة دافئة:
ـ هقولك لما أشوفك.
ياسمين بتوتر:
ـ في إيه يا خالد؟ قلقتني.
خالد ضحك وقال بهدوء:
ـ حبيبتي متقلقيش من أي حاجة وأنا موجود. هو لما واحد يحب يخرج مع مراته، تبقى حاجة تقلق؟
سكتت ياسمين من الكسوف.
خالد كمل بصوت هادي فيه حنية:
ـ هعدي عليكي بالليل.. تكوني جاهزة. اتفقنا؟
قالت برقة:
ـ اتفقنا.
قفلت المكالمة، وزينة رجعت من البلكونة، وبصت لها بسعادة باينة في عينيها:
ـ في إيه؟
ياسمين:
ـ خالد هياخدني بالليل وهنخرج سوا.
زينة ابتسمت بحب:
ـ ربنا يسعدكم.. طب يلا نفطر، وبعدها تختاري فستان حلو من عندي تلبسيه وانتي خارجة معاه.
ياسمين ابتسمت، وقربت منها وحضنتها:
ـ انتي أجمل إنسانة قابلتها في حياتي يا زينة.. دخلتي قلبي كأنك أختي.. ربنا يخليكي ليا.
زينه بسعادة: ويخليكي ليا ياسمين. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت اللواء وحيد.
علت صرخة كارما فجأة، وهزّت سكون الصالة بصدمتها:
ـ إيييه!! خالد اتجوز البنت دي؟! إزاي؟! وإمتى؟! وإشمعنى هي؟!
اتكلمت بهيرة، والشرار بيطلع من عينيها:
ـ أكيد بنت مش سهلة زي امها!! اللي خلى امها قدرت تضحك على ابوكي وتتجوزه من ورا أهله في السر وتخلف منه آتنين.. مش هستغرب لما بنتها تستخدم نفس الاسلوب مع ابني!
دموع الغيظ لمعت في عيون كارما وهي بتقول بقهر:
ـ وانا اللي كنت فاكرة إنه رافضني علشان اسم بابا!
علشان سمعته، وإنه ظابط ومش عايز يربط اسمه ببنت راجل مات وهو تاجر سلا..ح!
هي مش بنت نفس الراجل؟ مش شايلة نفس الاسم؟
إشمعنى اختارها هي؟
اتكلمت عبير، أم كارما، بصوت غاضب ونبرة مليانة مرارة:
ـ عشان بنت مش سهلة زي ما خالتك قالت!
وأنا مش هسمح إنها تكرر معاكي نفس اللي أمها عملته معايا!
وبصّت بغضب ناحية أختها بهيرة وقالت:
ـ انتي هترضَي إن البنت دي تبقى مرات ابنك؟!
ردت بهيرة بثقة فيها كبرياء :
ـ مستحيل أقبل.. وكنت هسيب البيت لحد ما يطلقها.
بس خالد هو اللي مشي وساب البيت!
كارما صرخت بقهرة:
ـ معقووول؟! كمان ساب بيته عشانها؟!
جرت بسرعة على أوضتها، دموعها بتسبق خطواتها.
وبالصدفة، دخل اللواء وحيد من الباب، شاف حفيدته وهي بتجري على أوضتها منهارة، فبص بسرعة ناحية بناته.
ـ بهيرة!
صوته كان حاد وهو بيقول:
ـ انتي قولتي قدام كارما إن خالد اتجوز البنت دي؟!
ردت بهيرة بعناد:
ـ آه يا بابا، قلتلهم.
هو ده ينفع يتخبى؟!
اللواء اتنفس بغضب، وقال:
ـ لأ يا بهيرة.. كان لازم يتخبى.
أنا لحد دلوقتي معرفتش الشرقاوي إن خالد اتجوز حفيدته، وقولتله إني هارجّعها لحد بيته بنفسي!
عبير وبهيرة اتبادلوا نظرات القلق، وقالت عبير بدهشة:
ـ وهترجعها إزاي يا بابا؟ مش خالد اتجوزها رسمي؟
ردّ بثقة الرجل الغامض اللي واخد قراره:
ـ زي ما اتجوزها.. هيطلقها.
أنا عارف بعمل إيه كويس، ومش عايز أي واحدة فيكم تدخل في الموضوع ده تاني.
وكان المفروض كارما ما تعرفش حاجة خالص!
خفضت بهيرة وشها، وقال أبوهم وهو بيبص لعبير:
ـ اتكلمي مع بنتك.. حاولي تقنعيها إن خالتها فهمت الموضوع غلط، وإن مفيش جواز ولا حاجة.
إحنا كلنا عارفين إن كارما بتحب خالد، ومعلومة زي دي هتبقى حاجز بينه وبينها، خصوصًا لو عرفت إنه اتجوز أختها!
عبير قالت بقلق:
ـ هاقنعها إزاي إن ده مش حقيقي؟!
قال بصوت حاسم:
ـ اتصرفي.
ثم لف ناحيه بهيرة وقال بحدة:
ـ وانتي.. ولا كلمة عن الموضوع ده لأي حد تاني.
الكلام ده لو خرج لحد تاني .. هتبقي انتي السبب في نهاية مستقبل ابنك!
بهيرة ارتبكت وبصّت لأختها بقلق واضح.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء – داخل شركة الشرقاوي.
كان يحيى قاعد على مكتبه، ملامحه مشدودة وهو مستني معلومات عن الظابط "معتصم" صاحب العربية اللي كانت قدام المستشفى .
بعد دقايق، وصله ملف مختصر على الموبايل: الاسم بالكامل، الرتبة، عنوان السكن، ومكان خدمته.
بص في التفاصيل، وقام من مكانه بسرعة وعينيه فيها نظرة إصرار. 
---
تحت شقة معتصم.
نزلت ياسمين من العمارة، خطواتها متوترة وقلبها بيدق بسرعة.
خالد كان مستنيها بالعربية، أول ما شافها ابتسم، ونزل فتح لها الباب وهو بيقولها بهدوء وحب:
ـ شكلك زي القمر النهاردة.
قالت بتوتر وخجل:
ـ هو إحنا هنروح فين؟
بصّ لها وقال بابتسامة غامضة:
ـ هاخدك مكان متأكد إنه هيعجبك.
هزت راسها بخجل وهو بدأ يتحرك بالعربية.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الوقت نفسه – عند معتصم.
كان في مأمورية "ضبط وإحضار" لمجرم هارب.
المكان متحدد، والخطة محطوطة، ومعتصم قدامه فريق من رجاله، كلهم جاهزين.
بص في ساعته، وقال:
ـ نتحرك.
انطلقت المأمورية وهو قافل تليفونه. 
.........
تحت العمارة – نفس العنوان اللي ظهر في ملف الظابط معتصم.
وقف يحيى بعربيته قدام العمارة، عينيه بتراقب المكان بدقة.
البوابة مشددة، وأفراد أمن قاعدين قدامها، واضح إنهم مش بيسمحوا لأي حد يدخل.
بهدوء محسوب، بص للسكرتيرة اللي كانت قاعدة جنبه وقال بهمس:
ـ نفذي الخطة.
هزّت السكرتيرة راسها وفتحت الباب بهدوء ونزلت بخطوات واثقة.
في الخلف، كانت في عربيتين واقفين، جواهم رجال يحيى المسلحين، مستنيين الإشارة.
السكرتيرة قربت من رجال الأمن عند باب العمارة وابتسمت بابتسامة ناعمة، وقالت برقة:
ـ مساء الخير.. معلش، شقة الظابط معتصم هنا ولا في العمارة اللي جنبها؟
بصّ لها واحد من الأمن باستغراب وقال:
ـ لأ يا فندم هنا.. بس الظابط معتصم مش موجود دلوقتي.
قالت له بلطافة مصطنعة:
ـ طب ممكن أتكلم مع أي حد من أهله؟ فيه موضوع ضروري جدًا.
رد الأمن، بنظرة متحفزة:
ـ المدام بتاعته فوق.. بس ممنوع حد يطلع.
السكرتيرة قرّبت أكتر بخطوة، وقالت بإلحاح لطيف:
ـ مش هطلع ولا حاجة، بس أكلمها من التليفون.. الموضوع يخص حضرة الظابط، ومش هينفع يتقال غير ليها شخصيًا.. أرجوكم، الموضوع حياة أو موت.
الأمن اترددوا لحظة، وبعدين واحد منهم اتصل على الشقة، وفعلاً، زينة ردت.
السكرتيرة همست وسألتهم قبل ما تكلمها:
ـ اسمها إيه؟
الامن ـ مدام زينة.
أخذت السماعة وقالت بصوت ناعم فيه غموض:
ـ ألو؟ مدام زينة؟
أنا محتاجة حضرتك في موضوع شخصي جدًا يخص حضرة الظابط معتصم.. الأمن بلغني إن محدش مسموح يطلعلك، فقولت أكلمك من تحت.
زينة ردت بقلق:
ـ موضوع شخصي إيه؟ إنتي مين؟!
قالت السكرتيرة بهدوء:
ـ معلش.. لو تقدري تنزلي دقيقة بس، هتفهمي كل حاجة.
الغيرة والشك كانوا أسرع من عقل زينة.
نزلت بسرعة، وهي في قمة التوتر.
---
بعد دقايق قليله جدا
عند مدخل العمارة.
زينة قربت من السكرتيرة، وقفت قدامها وسألتها بعصبية متحفظة:
ـ حضرتك مين؟ وعايزة إيه بالظبط؟
ردت السكرتيرة بابتسامة هادية:
ـ مش هينفع نتكلم هنا.. ممكن نمشي خطوتين بس بعيد عشان محدش يسمعنا؟
زينة بصّت لها بريبة، لكنها وافقت ومشيت معاها بره العمارة.
أول ما خرجوا على الرصيف الجانبي، وقفت زينة وقالت بحدة:
ـ اتكلمي بقى، إنتي مين؟ وإيه الموضوع الشخصي اللي بينك وبين جوزي؟
رفعت السكرتيرة إيدها بإشارة بسيطة وهي بتقول:
ـ استهدي بالله بس.. أنا هفهمك كل حاجة.. الموضوع إن...
وفجأة، من بعيد، أشار يحيى بإيده من جوه عربيته.
في لحظة، العربيتين اللي وراه اتحركوا بسرعة، ووقفوا قدام العمارة.
رجال يحيى نزلوا بسرعة، مسلحين، وفي ثواني كانوا حوالين المكان!
السكرتيرة دفعت زينة بقوة لجوه العربية المفتوحة، وزينة صرخت لكن صوتها اتخنق لما راجل جوه العربية حط شريط لاصق على بؤها بقوة!
الرجالة رفعوا السلاح في وش الأمن، ومنعوهم يتحركوا،
واحد فيهم قال بتهديد:
ـ ولا نفس!
الأمن اتجمدوا في أماكنهم من هول الموقف.
ركبت السكرتيرة جنب زينة، والعربية انطلقت بيهم بسرعة.
وراهم على طول، كانت عربية يحيى بتتحرك بهدوء، وهو بيبتسم بنصر هادي.
الاختطاف تم بنجاح، وبسرعة متقنة.
رجال أمن العمارة كانوا واقفين مشلولِين.. مش عارفين يعملوا إيه.. ولا حتى لحقوا ياخدوا رقم العربية!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في حضن الجبال العالية، تحت ضوء القمر الساطع.
ركن خالد عربيته في مكان هادي، منعزل، بتحاوطه جبال شامخة كأنها حراس للصمت.
نور عربيته كان كافي يلون المدى حواليهم، وضوء القمر ناعم بينور السماء بنور فضي خفيف.
بص لياسمين وقال بهدوء:
ـ ننزل.
زاغت نظراتها في المكان وسألته بتوتر:
ـ ننزل فين؟
ابتسم ليها بهدوء، وفتح باب العربية ونزل.
لحظة ونزلت وراه، خطواتها مترددة في البداية، لكن أول ما وقفت برا، نسيم الهوا لفها بحنان، كأن الطبيعة كلها بتطبطب عليها.
وقفت قدامه، بصّت حواليها بدهشة وقالت:
ـ إيه المكان ده؟
رد عليها وهو بيبص في عينيها:
ـ إيه رأيك فيه؟
قالت بابتسامة خفيفة:
ـ جميل أوي.. بس جبتني هنا ليه؟
قرب منها، مسك إيديها وقال بنبرة دافية:
ـ جبتك هنا عشان تصرخي بكل صوتك وتطلعي كل الحزن والوجع اللي جواكي .. 
جبتك هنا عشان تقفلي صفحة الحزن وتفتحي معايا صفحة جديدة.
بصّت له مستغربة:
ـ اصرخ؟!
اتحرك خطوات بعيد عنها، وبص لها وهو بيضحك وقال:
ـ المكان هنا صدى صوته غريب.. اسمعي.
وبصوت عالي نادى:
ـ ياسميننننننننننننن.
صدى صوته ارتد بين الجبال، باسمها، كأنه بينده عليها من كل اتجاه.
ابتسمت لا إرادي، قربت منه وقالت بنفس الحماس:
ـ خالدددددددددد.
ضحكت لما سمعت صدى صوتها، وخالد رجع لها، عيونه متشبعين بالعشق.
مسك إيديها وقال:
ـ عيون خالد انتي.
احمر وشها من الخجل، وهو رفع إيده بحنية ولمس خدها.
قالها بصوت واثق:
ـ بحبك.
وفجأة، لف إيديه حوالين خصرها ورفعها لفوق وهو بيلف بيها بحماس وقال بصوت عالي يهز الجبال:
ـ بحبككككك يا ياسميننننننننن.
حست إنها بتطير.. الهوا بيحضنها، وصوته بينحت حبهم على صخور الجبال.
نزلها على الأرض، وفك الحجاب بتاعها برفق، ومرر إيده في شعرها وفرده عشان النسيم يداعبه.
مسك أيديها ، وذكريات أول لقاء ليهم لمعت في عينيها.
افتكرت لما كانوا بيهربوا من العصابة سوا، وهي ماسكة إيده وبتجري.
وكأنهم بيعيشوا نفس اللحظة بس المرة دي بيهربوا من أحزانهم. 
رجليهم وقتها كانت بتعدي فوق الأرض.. لكن قلوبهم طايرة فوق السما.
رجعوا للجري، بنفس العفوية، نفس النبض.
وفجأة، وقف خالد، وبص لها وقال بصوت عالي:
ـ أي وجع جواكي.. خرجيه هنا.
ـ أي أمنية نفسك فيها.. قوليها بصوت عالي.
بصّت له والدمعة في عينيها، لكن صوتها كان ثابت:
ـ نفسي أحمد يرجعلي.
ـ ونفسي انت تفضل دايمًا معايا.
قرب منها، لمس خدها وقال بإصرار:
ـ هيرجع.. صدقيني هيرجع.
ـ وأنا.. أنا هفضل معاكي لآخر لحظة في عمري.
بعد عنها خطوتين، وفتح دراعه للسماء، وقال بصوت عالي يرن:
ـ انا بحبك من كل قلبي يا ياسمين... بحبككككككككك.
جريت عليه ورمت نفسها في حضنه، لف بيها في دوامة عشق، حضنه كان أمان، وكان وعد، وكان بداية لحياة جديدة…
تبدأ من هنا.. من وسط الجبال.. من صدى صوته وهو بيعلن حبه ليها، ومن ضحكتها اللي رجعت للحياة من تاني... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
أنا هفضل معاكي لآخر لحظة في عمري.
بعد عنها خطوتين، وفتح دراعه للسماء، وقال بصوت عالي يرن:
ـ انا بحبك من كل قلبي يا ياسمين... بحبككككككككك.
جريت عليه ورمت نفسها في حضنه، لف بيها في دوامة عشق، حضنه كان أمان، وكان وعد، وكان بداية لحياة جديدة...
تبدأ من هنا.. من وسط الجبال.. من صدى صوته وهو بيعلن حبه ليها، ومن ضحكتها اللي رجعت للحياة من تاني.
...........
في مكان مهجور.
وقفت العربيات تبع يحيى، ونزلوا منها زينة وهي عينيها مليانة رعب، وقلبها بيرجف من الخوف.
كان المكان كئيب، عبارة عن مخزن قديم تابع ليحيى، كانوا بيخزنوا فيه السلاح زمان، جدرانه مقشرة وريحة التراب والزيت تقيلة في الهوا.
عيون زينة كانت بتدمع بصمت، وشفايفها مقفولة بلاصق خنق صوتها زي ما الرعب خنق نفسها.
قعدوها على كرسي حديدي مهزوز، وربطوا إيديها ورا ضهرها بحبل خشن زاد من وجعها، بس وجع القلب كان أعمق.
دخل يحيى بخطوات ثابتة، في عينيه نظرة قسوة مش غريبة عليه، وعلى شفايفه ابتسامة سخرية.
قال بنبرة باردة، فيها نوع من الجنون المقنع بالهدوء:
ـ بقى حتة عيلة لسه مولودة امبارح.. تستغفلني أنا؟ تيجي المستشفى تمثلي إنك صاحبة ياسمين، وانتي أصلاً جاية تستكشفي المكان لجوزك وصاحبه عشان يجوا يخطفوها؟
هزت راسها بـ"لا"، ودموعها نزلت بغزارة وهي بتنهار بصمت.
أشار يحيى لأحد رجاله، فقام وفك اللاصق من على بؤها.
اتكلمت زينة بصوت متقطع، مشوش بالبكا:
ـ أنا فعلاً صاحبة ياسمين، وبحبها.. كنت خايفة عليها منك.. وجوزي وصاحبه أنقذوها، مش خطفوها!
ضحك يحيى ببرود، ضحكة ما فيهاش رحمة، وهو بيقرب منها خطوة بخطوة، كأن قربه في حد ذاته تهديد.
قال بنبرة رخيمة لكنها مرعبة:
ـ آه.. وتفتكري إن ياسمين ممكن تردلك الجميل ده ؟ وتيجي تنقذك هي كمان؟
سكتت زينة، ونظرتها ليه كانت مليانة قرف وخوف في نفس الوقت.
قرب منها أكتر، ولمعة عينه كانت باينة، لمعة الراجل اللي فقد الإحساس بوجع الناس.
قال:
ـ ياسمين فين؟
ردت بأصرار وهي بتحاول تثبت نفسها وسط الخوف:
ـ معرفش!
مسك تليفونه، وابتسامة هادية مرسومة على وشه، بس كانت أخطر من أي غضب.
قال بثقة وهو بيبص لها:
ـ هنعرف مع بعض دلوقتي.
اتصل برقم خالد، وبعد ثواني بسيطة قال بسخرية:
ـ إيه ده! تليفون الباشا خارج الخدمة!
وبعين ماكرة سألها:
ـ رأيك يكون فين دلوقتي؟
زينة فضلت ساكتة، ورفضت تجاوبه، كانت عارفة إن أي رد هيضر ياسمين وخالد.
هز يحيى راسه، وقال بصوت منخفض وهو بيركز نظراته عليها:
ـ عندك حق.. أنا عارف مين اللي هيعرف يوصله.
مسك تليفونه تاني، واتصل باللواء وحيد، وفضل مستني الرد كأنه متأكد إن الطرف التاني هيرد.
ـ سيادة اللواء.. أخبارك؟
رد اللواء بنبرة حادة:
ـ عايز إيه يا يحيى؟
ـ عايز الباشا حفيدك.. هو فين؟ وتليفونه ليه خارج الخدمة كده؟
اللواء وحيد قال بصرامة وقلق بدأ يظهر في صوته:
ـ انت مالك ومال حفيدي؟ مش جدك فهمك تبعد عن الموضوع؟ وأنا وعدته إني هرجعلكم بنت عمك!
قعد يحيى على كرسي قصاد زينة براحة، وكأن المشهد كله تحت سيطرته، وقال:
ـ يا سيادة اللواء.. أنا مش عايز أتعبك معانا.. واطمن، أنا اتصرفت. بس بلغ الباشا حفيدك إن زي ما هو معاه أمانة تخصني.. أنا كمان معايا أمانة تخصه. ولو عايز يرجع أمانته.. يرجعلي أمانتي.
اللواء سكت لحظة، قلبه بدأ يدق بسرعة، وهو بيحاول يلم أطراف الخيوط اللي بدأت تتشابك في دماغه.
ـ أمانة إيه اللي عندك يا يحيى؟ إنت عملت إيه؟
رد يحيى بنبرة باردة مميتة:
ـ خليه يكلم صاحبه الظابط معتصم.. وهو يقوله أنا عملت إيه.
وقفل المكالمة، وهو بيبتسم ابتسامة خبيثة بانتصار، ونظراته لزينة كانت كلها تهديد.
زينة بصت له بخوف حقيقي، وشعرت لأول مرة إن الشخص اللي قدامها مش انسان عادي. ده مريض نفسي خطر.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند اللواء وحيد، في أوضة مكتبه.
كان واقف، بيخبط بإيديه على المكتب بعصبية شديدة، صوته الداخلي بيصرخ من القلق والغضب.
كلام يحيى كان خطر، وأسلوبه كان أخطر.
يحيى مش طبيعي.. وعايز ياسمين بأي تمن.
وخالد مستعد يواجه الدنيا كلها عشانها.
فضل يردد لنفسه:
ـ البنت دي هي سبب المصايب كلها!
وجودها خطر.. وجودها هيخرب حياة الكل!
لازم ألاقي حل.. البنت دي لازم تختفي.. تختفي من حياة حفيدي ومن حياة يحيى كمان.
........
عند خالد وياسمين.
كانوا راجعين في عربية خالد، جو العربية دافي بحالة فرح هادية.
ياسمين كانت قاعدة جنبه، الضحكة منورة وشها، ولسه صدى صوته وهو بيقول "بحبك" بيرن جواها كأن قلبها بيعيد تشغيل اللحظة دي كل ثانية.
خالد كان بيبصلها من وقت للتاني، وابتسامتها بالنسباله كانت أعظم انتصار.
أخيرًا رجعت لها الضحكة اللي كان بيدور عليها من أيام.
لكن الهدوء اتكسر أول ما دخلوا منطقة فيها تغطية، ورن تليفون خالد.
بص على الشاشة، وكان المتصل واحد من رجالة خالد المكلّفين بمراقبة يحيى الشرقاوي.
فتح المكالمة بسرعة، وكان حاسس إن في حاجة مش طبيعية.
جاله الصوت على الطرف التاني لاهث ومتوتّر:
ـ أخيرًا يا باشا فتحت تليفونك.. في حاجة خطيرة حصلت، بتصل عليك من بدري وتليفونك كان برا التغطية!
شد خالد جسمه، ونبرة القلق ظهرت في صوته:
ـ في إيه؟ قول بسرعة!
ـ يحيى الشرقاوي... كنت متابع كل تحركاته زي ما أمرت، ومن ساعتين تقريبًا وقف بعربيتين قدام عمارة وخطف بنت من هناك.
قلب خالد اتقبض، ووشه اتغير فجأة وهو بيسأله بصوت جاد:
ـ العمارة دي عنوانها إيه؟
رد الراجل وقال العنوان... عنوان عمارة معتصم.
داس خالد فرامل العربية فجأة، وكأن الدم اتجمد في عروقه.
ياسمين بصت له برعب، لمحت الصدمة على وشه، وسألته بخوف:
ـ في إيه يا خالد؟
كان سامعها، بس وعيه كان مشغول بالمكالمة، عقله بيجري أسرع من كلامه.
فجأة صرخ في التليفون:
ـ ومشيت وراهم؟ عرفت خدوها فين؟
رد الرجل:
ـ أيوه يا باشا ، خدوها على مخزن قديم في منطقة مهجورة.. شكله من اللي بيخزنوا فيه سلاح. أنا هناك لسه، براقب من بعيد ومستني تعليماتك.
داس خالد بنزين العربية لأقصى سرعة، وقاله:
ـ خليك مكانك.. أنا جاي حالًا، ولو في أي حركة أو يحيى خرج من عندك، كلّمني فورًا.
اسم "يحيى" وقع في ودن ياسمين كأنه رصاصة.
قلبها بدأ يدق بسرعة، وبصت لخالد وقالت بقلق بيزيد:
ـ يحيى عمل إيه؟
رد خالد بعصبية وهو بيزيد السرعة:
ـ خطف زينة مرات معتصم!
شهقت ياسمين شهقة كبيرة وكتمتها بإيديها، وصوتها طالع مرتجف:
ـ خطف زينة؟!! ليه؟ دا ممكن يأذيها يا خالد!
وبصت قدامها بخوف:
ـ زينة طيبة، ومالهاش ذنب في اللي بيحصل ده.
دموعها بدأت تلمع في عينيها، وبصت له وقالت بحرقة:
ـ أنا قولتلك من الأول.. رجعني ليهم. يحيى مش هيسكت.
رد خالد بغضب مفاجئ، صوته عالي وعصبي:
ـ أرجعك ليهم إزاي؟! أنتي مراتي!
ويحيى ده أنا هسجنه وهخليه يندم ندم عمره علي كل غلطة عملها في حياته.
ياسمين سكتت، بس كانت بتبكي بخوف على زينة، والسيناريوهات السودا بدأت تتكرر في خيالها وخوفها علي زينة من يحيى بيزيد.
خالد اتصل ب مهاب وهو سايق، كان لازم يعرف إذا معتصم عرف.
رد مهاب وقاله إن معتصم طلع مأمورية ولسه مرجعش. 
خالد قاله بسرعة:
ـ يحيى خطف زينة مرات معتصم ، وأنا رايح دلوقتي شقة معتصم أسيب ياسمين هناك واطلع على المكان اللي أخدوها فيه.
مهاب ما استناش وقال بسرعة:
ًـ انا جاي معاك يا خالد. 
وقفل وجري.
في الطريق...
مهاب كان طالع من المديرية، بيجري بكل سرعته.
وقابله معتصم راجع من مأموريته ، مستغرب شكله وقال وهو بيضحك:
ـ إيه يابني؟ بتجري زي البطة كده ورايح فين؟
بس ملامح مهاب كانت مختلفة، جدية بشكل خلا الدم يتجمد في عروق معتصم.
وقف مهاب وقالها مباشرة:
ـ زينة... مراتك اتخطفت.
يحيى الشرقاوي خطفها من شقتك.
اتسحب الدم من وش معتصم، وعينيه توسعت، وكل حواسه وقفت.
---
تحت عمارة معتصم.
وقف خالد بعربيته، وكان في ظابط وعساكر وبوكس، والناس متجمعة حوالين مدخل العمارة.
أمن العمارة واقفين بيحكوا للظابط، والوجوه كلها متوترة.
نزل خالد بسرعة، وياسمين وراه.
قرب من الظابط وسلم عليه:
ـ خير يا علي.. إيه اللي حصل هنا؟
رد الظابط بجدية:
ـ أمن العمارة بلغ إن واحدة من السكان اتخطفت من قدام العمارة.
خالد بص لامن العمارة بغضب:
ـ اللي اتخطفت.. مدام زينة مرات الظابط معتصم؟
أحد أفراد الأمن قال بقلق:
ـ أيوه يا باشا.. بس والله ما كنا نعرف!
في واحدة ست كلمتها ونزلتها تتكلم معاها تحت، وإحنا كنا قريبين منهم بس ملحقناش نتحرك.
بصله الظابط علي وسأله:
ـ إيه اللي بيحصل يا خالد؟
رد خالد وهو بيبص حواليه بضيق:
ـ هفهمك كل حاجة.. بس أطلع مراتي فوق الأول بعيد عن الزحمة دي.
راح لياسمين، ومسك إيدها وهو بيقربها من مدخل العمارة.
لكنها وقفت عند الباب وقالت بعناد، وصوتها مخنوق:
ـ مش هدخل يا خالد!
ـ زينة اتخطفت بسببي أنا، وهي ملهاش ذنب. رجعني ليحيى وخد زينة.
خالد بص لها بعصبية، ومسك دراعها بحدة:
ـ انتي هتفضلي تقولي كلام ملوش معنى؟
وسحبها على شقة معتصم.
باب الشقة كان موارب، فتحه بعصبية، ودخلها وقال بتحذير واضح:
ـ اقعدي هنا، ساعة بالكتير وزينة هترجع.
بصت له بعناد، لكنها ما لحقتش ترد، كان قفل الباب ونزل.
وقفت في نص الشقة، وبصت حواليها، وكل ركن فيها بيصرخ باسم "زينة".
حست بتأنيب ضمير قاتل، ودموعها بدأت تنزل بصمت.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تحت العمارة.
نزل خالد، وكان معتصم ومهاب وصلوا.
معتصم باين عليه الانفجار، صوته عالي وهو بيزعق في الأمن، وعينيه بتدور على أي أثر.
خالد قرب منه بسرعة، وقال وهو بيهديه:
ـ أنا عارف المكان اللي خدوها فيه.. يلا ننقذها الأول، وبعد كده اعمل اللي انت عايزه.
الكل اتحرك بسرعة، والظابط علي طلع بعربيته هو وقوته، واتجهوا كلهم ناحية المخزن.
......... 
في شقة معتصم.
ياسمين ماقدرتش تستحمل تقعد ولا دقيقة تانية، ضميرها بياكلها، والإحساس بالذنب خانقها.
هي السبب في اللي حصل لزينة، وعارفة كويس مين يحيى وقد إيه ممكن يكون خطر ومجنون.. عارفة إنه ممكن يعذب زينة زي ما كان بيعمل فيها، وإنه مش هيرجعها إلا لما ترجع هي تحت سيطرته.
قامت بسرعة، فتحت باب الشقة ونزلت، قلبها بيخبط في صدرها وهي خارجة من العمارة.
وقفت تاكسي، وادته عنوان بيت جدها.
المسافة لبيت الشرقاوي كانت أقرب بكتير من المكان المهجور اللي فيه زينة.
كانت عايزة توصل بسرعة.. قبل ما يعمل حاجة متهورة.
....... 
قدام بيت الشرقاوي.
نزلت ياسمين من التاكسي وهي بتجري، دخلت البيت تنادي بصوت عالي:
– يحيى! يحيى!!
خرج جدها من أوضة المكتب وهو مصدوم شافها واقفة قدامه.
قرب منها وقال بذهول:
– ياسمين؟ إنتي رجعتي إزاي؟!
بصت له وهي بتكتم غضبها بصعوبة:
– يحيى فين يا جدي؟
جدها: مالُه يحيى؟
ياسمين: خطف بنت بريئة عشان يجبرني أرجعله! وأنا رجعت أهو.. بس يرجّع البنت دي بيتها، هي مالهاش ذنب!
جدها اتصدم من كلامها وبسرعة اتصل بيحيى من تليفونه.
........ 
في المخزن المهجور.
رد يحيى بهدوء غريب:
– خير يا جدي؟
صوت جده كان حاد وقاطع:
– إنت خطفت بنت يا يحيى؟!
ضحك يحيى بنص صوت:
– إنت عرفت منين؟ بتراقبني ولا إيه؟
جده: ياسمين رجعت، وهي اللي قالتلي. رجع البنت حالًا!
عين يحيى اتسعت من الصدمة:
– ياسمين رجعت؟!
أخدت ياسمين التليفون من جدها، واتكلمت بعصبية وصوتها بيرتعش من التوتر:
– رجّع زينة دلوقتي يا يحيى.. ما تقربش منها ولا تلمسها، ولا تفكر تأذيها!
ضحك يحيى وهو بيبص على زينة اللي كانت قاعدة تبكي بهدوء:
– غالية أوي عليكي صاحبتك دي! بس اعذريني.. مش هرجعها إلا لما أتأكد إنك مش عاملة فخ ولا متفقة مع حضرة الظابط.
ردت ياسمين بغضب: أنا في بيت جدك، ولوحدي!
سكت لحظة، وابتسم بانتصار:
– كويس.. خليكِ عندك، لسه لازم نتفق. وبعدها نشوف هعمل إيه.
قفل المكالمة، حس إنه كسب الجولة.
دي فرصته.. فرصته يجبر ياسمين تبقى مراته، وهو ماسك ورقة ضغط حقيقية.
بص لزينة وهو بيقرب منها بخطوات باردة، وقال بابتسامة مريبة:
– شكلك غالية أوي عند ياسمين.
زينة بصت له بخوف، دموعها كانت نازلة من غير صوت.
بص للرجالة وقال:
– محدش يقرب منها.. واستنوا مني تليفون.
خرج يحيى من المخزن وركب عربيته، وعينه مليانة رضا وشماتة.
في مكان بعيد..
الراجل اللي كان بيراقب اتصل بخالد فورًا:
– باشا، يحيى خرج من المخزن وركب عربيته، ومشي. أتابعه؟
خالد: خرج لوحده ولا معاه البنت؟
– لوحده يا باشا.. البنت لسه جوه.
خالد:  خلاص، خليك مكانك.. إحنا قربنا نوصل.
........ 
في عربية خالد.
معتصم كان قاعد جمبه، قلبه بيتخلع من مكانه، كل خليه في جسمه بتصرخ: "زينة!"
الذنب بيكسر قلبه.. هي ساعدته لما طلب منها، وهو ماقدرش يحميها.
كل لحظة بتمر كانت كأنها سنة، وكل فكرة في دماغه كانت بتخوفه من المصير اللي ممكن تكون زينة بتعيشه دلوقتي.
.......... 
بعد دقايق.. في المخزن.
كانت زينة قاعدة في مكانها ، خايفة ومرتعشة..
المكان مظلم وبارد، وريحة الرطوبة فيه خانقة، ونظرات رجالة يحيى ليها كلها شر وتهديد.
كل ثانية بتمر كانت كأنها سنه، وقلبها بيخبط في صدرها من الرعب.
فجأة...
صوت ارتطام قوي دوّى في المكان، وباب المخزن طار من مكانه بعد ما عربية شرطة اقتحمته بقوة.
صرخات، أوامر، وأصوات أسلحة ارتفعت فجأة..
رجال شرطة كتير اقتحموا المكان بأسلحتهم المرفوعة، وأولهم كان معتصم!
عيون زينة كانت بتدور في المكان برعب، لكن أول ما شافت معتصم، الوقت وقف.
شافت في عنيه خوف ولهفة، شافت وعد بالنجاة.
معتصم جري ناحيتها، وهو بيصرخ بأوامر تهديد:
– الكل ينزل السلاح! محدش يتحرك!
خالد ومهاب كانوا وراه، والظابط علي معاه القوة قبضوا على الرجالة اللي في المخزن بسرعة وحسم.
رجالة يحيى ماقدروش يقاوموا قدام قوة الشرطة، واتحطت القيود في إيديهم في لحظات.
زينة كانت بتعيط وهي لسه قاعدة مكانها، دموعها نازلة بس مش قادرة تتكلم.
معتصم نزل على ركبته قدامها ، بص لها وعينه مليانة وجع:
– انتي كويسة؟ 
هزّت راسها بـ "آه" وهي بتبكي من الصدمة والخوف.
فكّ قيودها بسرعة، ووقفها قدامه، وبعدها حضنها بكل قوته.
ضمها كأنه بيحاول يرجّع لها الأمان اللي ضاع.. وهمس بصوت مهزوم:
– أنا آسف يا زينة.. كل ده حصلك بسببي.
زينة كانت بتعيط وهي في حضنه، وإيديها بتتشبث فيه كأنه ملاذها الأخير.
خالد شاور للظابط علي علشان يبدأوا في نقل المقبوض عليهم للقسم، ويبدأوا في إجراءات القبض على يحيى الشرقاوي بتهمة اختطاف إنسانة بريئة.
معتصم خرج بزينه وهو لسه محتضنها، دخلها العربية ، وقعد جنبها وسألها بقلق وهو بيطمن عليها بعينيه قبل كلامه:
– انتي حاسة بحاجة؟ في حد أذاكي؟ قرب منك؟
هزّت راسها وهي بتبكي:
– أنا كويسة الحمدلله.
قرب منها، وقبّل مقدمة راسها وقالها بصوت مختنق:
– سامحيني يا زينة.. انا اسف. 
قرب مهاب وخالد عليهم.
مهاب قال بهدوء:
– حمد لله على السلامة يا زينة.. انتي كويسة؟
هزّت راسها بالإيجاب.
خالد بص لها بحزن وقال:
– أنا آسف يا زينة.. اللي حصلك ده بسببي.. وانتي لا ليكي ذنب ولا تستاهلي ده.
زينة بصت له وقالت بحزن واستغراب:
– بس انت رجّعتله ياسمين ليه يا خالد؟ إزاي؟ ده مريض! أكيد دلوقتي بيأذيها!
خالد اتجمد في مكانه:
– أنا مرجعتش ياسمين.. هي في شقتكم، مستنيانا نرجع بيكي.
زينة رمشت بذهول وقالت:
– لأ.. أنا سمعت يحيى بيتكلم معاها في التليفون، وقالها إنه مش هيرجعني غير لما يتأكد إنها رجعت فعلاً! وكان باين إنه ناوي يساومها!
معتصم ومهاب بصوا لبعض بذهول، وكلهم اتلفتوا لخالد.
خالد بص لها، وصوته بدأ يتوتر:
– انتي متأكدة يا زينة؟ سمعتيه بنفسك؟
زينة قالت وهي بتحاول تفتكر التفاصيل:
– أيوه.. سمعته وهو بيكلمها، وبعدها خرج من المخزن!
خالد غمض عينيه بصدمة، قلبه بدأ يدق بسرعة، وفجأة ضرب العربية برجله بعنف، وقال من بين أسنانه:
– ليه يا ياسمين؟! ليه تعملي كده؟!
ركب عربيته بسرعة، ووشه كان بيولّع من الغضب، واندفع بالسواقة كأنه رايح يحارب الدنيا كلها.
........ 
في بيت الشرقاوي.
دخل يحيى وهو معاه مأذون واتنين شهود.
كانت ضحكة السخرية والانتصار مرسومة على وشه، وكأنه كسب الجولة قبل ما تبدأ.
ياسمين كانت قاعدة في انتظاره، ملامحها جامدة، قوية، مفيش أي تعبير واضح على وشها،
وجدها كان قاعد قصادها، بيفكر بقلق ودهشة، إزاي يحيى خرج عن طوعه وبقى بيخطط وينفذ عملية خطف من غير ما يرجعله أو ياخد رأيه.
يحيى قرب منهم وقال بنبرة ساخرة وهو بيبصلها:
– حمدلله على السلامة يا ياسمين.. نورتِ بيتك.
وبص للمأذون والشهود اللي وراه، وشاور لهم على أوضة مكتب جده وقال للخدم:
– استضيفوهم لحد ما ندخل.
رجع يبص لياسمين وقال بنغمة كلها خبث:
– أنا جبت المأذون والشهود معايا عشان منضيعش وقت.. كفاية الوقت اللي ضاع..
وأحمد أخوكي كل يوم بيسألني عنك ونفسه يشوفك.. قولتله إننا هنتجوز الأول، وبعدين نروحله هناك نقضي شهر العسل زي ما وعدتك.
كانت ياسمين ساكتة، بتبص له بنظرة غريبة، نظرة مافيهاش خوف، لكن فيها برود غامض.
البرود ده خلى يحيى يحس بلحظة قلق جواه، لحظة صغيرة، لكنها غرست نفسها جواه.
جدها اتدخل وقال له بصرامة واضحة:
– إزاي تخطف بنت وتعمل كل اللي عملته ده من غير ما تعرفني وتاخد رأيي يا يحيى؟!
رد يحيى بثقة:
– أنا وانت يا جدي طرقنا مختلفة.. أنا بوصل لهدفي بأي تمن.. حضرتك بتحب تفكر وتوزن الأمور..
أنا بحب أتحرك بدماغي. 
(وبص لياسمين مباشرة وهو بيكمل)
واقدرت ارجع ياسمين وأخليها تيجي برجليها لحد هنا.. مش دي النتيجة اللي كنا بندور عليها؟
جدّه بص له بغضب وقال:
– وده مبرر إنك تعمل المصايب دي؟ تخطف مرات ظابط يا يحيى؟!
رد يحيى ببرود أكتر:
– مفيش حاجة تثبت إني خطفت حد.. انا كنت في شركتي، وعندي بدل الشاهد 100 ..
والرجالة اللي خطفوها، لو الحكومة قبضت عليهم أو حتى ماتوا، مش هينطقوا بكلمة واحدة ضدي.
وحتى لو البنت بنفسها قالت.. تثبت ان انا اللي خطفتها! 
أنا اتربيت على إيدك يا جدي ، وانت اللي علمتني أحسب خطواتي..
وأديك شوفت، في كام ساعة، قدرت أخلي بنت عمّي المحترمة ترجع البيت وبإرادتها.
ياسمين كانت لسه ساكتة، لكن نظراتها كلها استحقار.
يحيى قرب منها وقال بصوت فيه تهديد واضح:
– دلوقتي صحبتك تحت إيدي.. ورجالتي معاها، مستنين كلمة مني..
يا إما يسيبوها.. يا إما يخلصوا عليها.
ياسمين اتوترت، بس حاولت تداري ده بصوت قوي:
– والمطلوب؟
رد ببرود:
– نتجوز.
ضحكت ياسمين ضحكة كلها برود، وقالت له بهدوء:
– هتتجوزني إزاي؟
هو ينفع واحدة تتجوز مرتين؟!
يحيى اتجمد مكانه، ملامحه اتبدلت، وبص لها بصدمة:
– تقصدي إيه؟
قامت ياسمين من مكانها، وقفت قصاده وقالت بنبرة كلها تحدي:
– أنا متجوزة يا يحيى... متجوزة خالد سالم الدريني.
وفي اللحظة دي...
دخل خالد من الباب... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
هتتجوزني إزاي؟
هو ينفع واحدة تتجوز مرتين؟!
يحيى اتجمد مكانه، ملامحه اتبدلت، وبص لها بصدمة:
– تقصدي إيه؟
قامت ياسمين من مكانها، وقفت قصاده وقالت بنبرة كلها تحدي:
– أنا متجوزة يا يحيى... متجوزة خالد سالم الدريني.
وفي اللحظة دي...
دخل خالد من الباب وشاف ياسمين واقفه قصاد يحيي بتحدي. 
خالد دخل بخطوات سريعة، عينيه مولعة بغضب مكتوم، وصوته جه قوي وهو بيقول:
– كلام ياسمين صح.. هي مراتي على سنة الله ورسوله، وبعقد رسمي.
وسحب ياسمين من دراعها ووقفها وراه بحماية ووقف قصاد يحيى وهما بيتبادلوا النظرات بغضب. 
يحيى بص لخالد كأنه شاف كابوس قديم بيطلعله تاني.. وشه شحب واتقلب غضب وصدمة في نفس الوقت.
بص لياسمين وقال بصوت بيترعش:
– بتكدبي… انتي بتلعبي لعبة رخيصة عشان تنقذي صحبتك!
رد خالد بصوت غاضب ونبرته مشتعلة بالغضب:
– مفيش حد بيلعب ألعاب رخيصة هنا غيرك يا يحيى! وصحبتها اللي كنت بتساومها عليها؟ رجعت دلوقتي بيتها مع جوزها.. ورجالتك اتقبض عليهم ، وأنت هتلحقهم كمان شويه.
نظرت ياسمين ليحيى وضحكة خفيفة كلها ثقة ارتسمت على ملامحها:
– أنا جيت هنا وأنا متأكدة إن جوزي هييجي ياخدني.
والتفتت لجدها ونظرتها اتبدلت بالجدية والشجاعة، وقالت بصوت ثابت:
– أنا وخالد متجوزين رسمي يا جدي.. يعني لا أنا مخطوفة ولا هربانة.
أنا جيت عشان نقفل الموضوع ده، وعايزة أعيش حياة مستقرة بعيد عن المشاكل، ومش عايزة حد يتأذى بسببي.
وبعد إذنك.. هطلع آخد حاجتي من فوق، لأني رايحة أعيش مع جوزي على طول.
يحيي كان متجمد مكانه من الصدمة ومش قادر يستوعب ان خالد سابقه وكان أسرع منه واتجوزها وقفل اي طريق يوصله ليها! 
هز الشرقاوى راسه بالموافقة بصمت، وكأن صمته اعتراف بالأمر الواقع.
بصّت ياسمين لخالد بسرعة وقالت:
– هطلع أجيب شنطة هدومي بسرعة وأنزل.
واول ما اختفت في الدور العلوي، بص الشرقاوي لخالد بعينين مشتعلة بالغضب وقال:
– هي دي الأصول يا ابن الأصول؟ تتجوز بنتنا من ورانا؟!
رد خالد بنبرة هادية لكن حاسمة:
– ياسمين مش صغيرة .. وأنا اتجوزتها برضاها، مش بالغصب زي ما حضرتك كنت عايز تجوزها لحفيدك!
يحيى ابتسم ابتسامة كلها خبث، ملامحه كانت مشوشة بين الصدمة والانكسار، ولسه مش قادر يستوعب إن خالد فعلاً غلبه في معركته الأخيرة. قال بصوت مليان غل:
– مش هسيبك تتهنى بيها يا خالد.. ياسمين مش هتكون لغيري.
خالد كان واقف ثابت، عارف إن يحيى بيحاول يستفزه ويدفعه للغلط، لكن رغم كل وعيه، الكلمة الأخيرة جرّحته في كرامته ومراته. وفجأة، بدون تفكير، اندفع بإيده ولكم يحيى في وشه بقوة، وصوته انفجر بالغضب:
– اللي انت بتتكلم عليها دي مراتي.
الشرقاوي ما استناش، اتدخل بسرعة قبل ما الدنيا تفلت من إيدهم، ووقف بين الاتنين عشان يمنع الخناق من إنه يتصاعد. مسك يحيى من دراعه بشدة وهو بيبعده بعصبية، خايف يغلط أكتر ويكمل في طريق مالوش رجعة. وبنظرة ضيقة مليانة شك وقلق، وجّه كلامه لخالد بحدة:
– وجدك، سيادة اللوا، يعرف بالجوازة دي؟
رد خالد بثقة واضحة وهو بيقابل نظراته بعين قوية:
– تقدر تكلمه بنفسك وتسأله.
وفي اللحظة دي، دخل الظابط "علي" ومعاه قوة من الشرطة، والهدوء اللي كان مسيطر على المكان انفجر فجأة بصوت أوامر سريعة وحركة متوترة. العساكر انتشروا حوالين البيت ، وكل العيون اتوجهت ليحيى، وهم بيقبضوا عليه بتهمة الخطف.
يحيى ما قاومش، بالعكس، كان واقف بثقة غريبة، كأن كل اللي بيحصل ده مجرد مرحلة وهتعدي. ملامحه كانت هادية بشكل مريب، ونظراته بتقول إنه متأكد إنه هيخرج منها.
في نفس اللحظة، نزلت ياسمين بسرعة وهي شايلة شنطة صغيرة فيها حاجات بسيطة. قلبها بيخبط في صدرها من التوتر، لكنها كانت مصممة تخرج من الجحيم ده. لما شافت المشهد قدامها، وقفت متجمدة مكانها، واتسعت عينيها بذهول وهي بتشوف الكلبشات بتتقفل في إيد يحيى.
خالد ما استناش. قرب منها بسرعة، مد إيده وخد منها الشنطة من غير ما ينطق بكلمة. ملامحه كانت حاسمة، وحركته فيها حنية مكبوتة. مسك إيدها بخفة وسحبها وراه، وهو بيحاول يخرجها من المكان اللي بقى كله توتر وانهيار. خرجوا سوا بسرعة، وسابوا وراهم بيت الشرقاوي مليان وجع وصدامات ما خلصتش.
........ 
فتح خالد باب العربية لياسمين بصمت.
نظراته كانت جامدة، ملامحه مشدودة، والزعل باين في كل حركة. هو مش بس متضايق، هو موجوع من تصرفها. كسرت كلمته، عرضت نفسها للخطر، وجت بيت جدها رغم كل التحذيرات.
ركب جنبها وسحب الباب بقوة، وساد بينهم صمت تقيل، بيقطّع القلب.
ياسمين بصت له، عينيها كانت مليانة إحساس بالذنب.. كانت عارفة إن جواه غضب مش بسيط، وإنها السبب.
قالت بهدوء، صوتها شبه هامس: 
– كنت عارفة إنك هتيجي تاخدني على فكرة…
وعشان كده جيت.. كان لازم الموضوع ده يتقفل، عشان محدش يتأذى بسببي تاني.
كلامها ما ريّحهوش.. بالعكس، زاد النار جواه.
قال بعصبية نارية وهو بيبص قدامه:
– مين اللي طلب منك تيجي هنا؟ مش أنا قولتلك هنرجع زينة؟
فاهمة عملتي إيه؟
لما كلمتي الزفت اللي اسمه يحيى، وخلتيه ييجي هنا يساومك؟
في نفس اللحظة، كنا بنقتحم المكان اللي زينة كانت مخطوفة فيه.
كان هيتقبض عليه متلبس…
لكن دلوقتي؟
دلوقتي يقدر يثبت إنه ماكنش هناك، وإنه ملوش علاقة بالخطف، ولا برجالته اللي اتقبض عليهم.. ومفيش واحد من رجالته هينطق بكلمة واحدة ضده! 
نزلت عيون ياسمين للأرض ، وقالت بحزن ناعم: – أنا مكنتش متخيّلة إنكم هتوصلوا لزينة بالسرعة دي..
خفت عليها من جنانه، وهي ملهاش ذنب.
خالد هز راسه ببطء، صوته كان مليان خيبة وحزن:
– مكنتيش متخيّلة…
عشان مش بتثقي فيا يا ياسمين.
حاولت تتكلم، تشرح، تعتذر، لكنه قاطعها بحسم، صوته مش بس غضبان.. صوته موجوع:
– خلاص يا ياسمين.. مش عايز أتكلم أكتر من كده.
أنا فعلاً متعصب ومش طايق نفسي.
دلوقتي هنروح شقة معتصم.. تطمني على زينة، وتنزلي معايا.
هنبات الليلة دي في أوتيل، وبكره هنروح شقتنا.
ماقدرتش ترد.
هي عارفة إنها غلطت.
سكتت، وسابوا الكلام وراهم، وكمل معاهم صمت تقيل، صاحبهم طول الطريق.
---
في بيت الشرقاوي...
الظابط "علي" كان بيحط الكلبشات في إيد يحيى، والجو كله مشحون.
الحاج شرقاوي حاول يمنعهم، صوته عالي وانفعاله واضح: 
– حفيدي معملش حاجة ! مفيش دليل ضده.. مش هتاخدوه من هنا !
لكن ماحدش سمع له.
ويحيى خرج معاهم بخطوات واثقة، كأنه مش أول مرة، وكأنه متطمن إنه هيطلع منها زي كل مرة.
الشرقاوي ما ضيعش وقت، مسك تليفونه واتصل على طول باللواء وحيد.
قال بانفعال واضح: 
– يحيى حفيدي اتقبض عليه بتهمة خطف بنت! لازم يخرج.. بأي تمن.
اللواء وحيد رد بصوت غاضب، مليان ملل:
– مش أنا قلتلك تبعده عن الموضوع ده يا شرقاوي؟
حفيدك مجنون، وهيودينا كلنا في داهية!
الشرقاوي انفجر فيه: 
– وإنت يا سيادة اللوا؟
إنت معرفتش تبعد حفيدك عن ياسمين ليه؟
كنت عارف إنه اتجوزها وساكت؟ كنت ناوي على إيه؟
اللواء وحيد رد بثقة: 
– هيطلقها…
مش هتفضل على ذمته كتير.
الشرقاوي قال بحدة:
– ده ميهمّنيش دلوقتي…
اللي يهمّني إن يحيى يخرج.. وبأي تمن!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت في شقة معتصم...
دخلت ياسمين أوضة زينة بهدوء، وكانت نظراتها متوترة وقلقانة.
معتصم كان قاعد جنب زينة، بيحاول يهدّيها بكلامه ونظراته، صوته هادي وفيه حنان واضح.
قربت ياسمين من سرير زينة، وانحنت ناحيتها وقالت بصوت فيه حزن وارتياح في نفس الوقت: 
– حمد لله على السلامة يا زينة.. انتي كويسة؟
زينة هزت راسها بابتسامة خفيفة، نظرتها لياسمين كانت ممتنة ومليانة مشاعر:
– ليه عملتي كده يا ياسمين ؟ معقول انتي رجعتي لهم عشان تنقذيني؟ 
معتصم وقف من مكانه بهدوء، حس إنهم محتاجين لحظة لوحدهم.
بص لزينة وقال بلطف:
– هجبلك كوباية عصير عشان تهدي.
وخرج من الأوضة، وسابهُم وسط لحظة دافية.
زينة، أول ما الباب اتقفل، عدّلت قعدتها بسرعة وحماس كأنها كانت مستنية اللحظة دي، وقالت لياسمين بعيون مليانة فرحة: 
– شوفتي يا ياسمين؟ شوفتي معتصم كان خايف عليا قد إيه؟!
أنا فرحانة أوي... مش قادرة أوصفلك!
قربت منها أكتر، وحكت بحماس طفولي: 
– آه لو كنتي شوفتيه وهو داخل ينقذني!
كان بيجري عليا كأنه بيدور على روحه...
أنا شفت الخوف الحقيقي في عنيه...
كنت حاسة إني بطلة في فيلم رومانسي، وحبيبي البطل جاي ينقذني!
ياسمين بصتلها بصدمة ممزوجة بالضحك، وقالت وهي بترفع حاجبها بدهشة: 
– زينة... قوليلي بجد...
هو يحيى خبطك على دماغك بحاجة وإحنا مش عارفين؟
متأكدة إنك فرحانة عشان اتخطفتي؟!
ضحكت زينة وقالت بحماس أكتر، وهي بتحاول تشرح مشاعرها اللي مش قادرة تخبيها: 
– بصي... آه، يحيى ده مجنون وأنا كنت مرعوبة منه، بس...
بسببه اتحقق حلمي!
أنا عشت لحظة كنت بتخيلها طول عمري.
كان نفسي تبقي معايا وتشوفيه...
معتصم هو اللي أنقذني ، وشكله كان رهيب وهو ماسك سلاحه وبيجري عليا بخوف...
كنت مبسوطة، مبسوطة اوي.
ضحكت ياسمين، وكانت لسه هترد، لكن الباب اتفتح، ودخل معتصم وهو شايل كوباية العصير في إيده.
قرب منها بهدوء، وعينيه على زينة بلهفة وقلق.
وقفت ياسمين، وبصّت لهم بنظرة فيها مودة ولمعة خفيفة في عنيها، وغمزت لزينة بخفة، وقالت لمعتصم:
– خلي بالك منها يا معتصم...
هي محتاجة تحس بالأمان دلوقتي ، وهتفضل فترة خايفة ومتوترة لحد ما تنسى اللي حصل.
قرب معتصم من زينة وقال بجديّة فيها حنان صادق:
– أنا مش هسيبها تاني أبدًا…
هفضل دايمًا معاها.
ابتسمت ياسمين، وخرجت من الأوضة بهدوء، وسابتهم لوحدهم،
سابت وراها لحظة دافية بين اتنين، خوفهم قرّبهم، والحب كان أصدق رابط بينهم.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الصالة، 
كان مهاب قاعد، ماسك الريموت بإيد ومتكئ باليد التانية على الكنبة.
كان بيقلب بين القنوات بملل واضح، كأن حتى التلفزيون مش قادر يخرجه من زهقه.
قربت منه ياسمين وسألته بنبرة هادية:
– خالد راح فين؟
رد مهاب بنصف ابتسامة وسخرية خفيفة: 
– واقف في البلكونة...
ابن الدريني بقى بيعد النجوم الصبح وبالليل.
ضحكت ياسمين، وهزت راسها، واتحركت ناحيّة البلكونة بخطوات خفيفة.
فتحت الباب بهدوء، ودخلت.
خالد كان واقف، شارد وعينه معلّقة بالسماء، كأنه بيدوّر على حاجة ضايعة فيها.
وقفت جمبه، ومدت إيدها بخفة وخبطته على كتفه بمشاكسة وقالت بنبرة فيها خفة دم:
– بقولك إيه يا حضرة الظابط...
أنا عايزة أعمل محضر صلح مع جوزي،
إيه الإجراءات بقى؟
ما بصش ليها، ولا حتى اتحرك...
فضل ثابت، كأن كلامها ما وصلش.
سندت على كتفه أكتر، وقالت وهي بتشاور للسماء:
– على فكرة في نجمة هناك...
إنت نسيت تعدّها.
لكن برضه ما جاش منه رد،
ساعتها وقفت قدامه مباشرة، وبصت له بعينين فيها ندم ورقة وقالت بهدوء:
– أنا آسفة...
متزعلش مني.
بصّ لها أخيرًا، لكن بنظرة جامدة، وصوته جه ببرود:
– لا، يا ياسمين...
أنا فعلًا زعلان،
عشان مسمعتيش كلامي...
وما وثقتيش فيا.
ردّت بسرعة، وملامحها كلها رجاء:
– لا والله! أنا بثق فيك جدًا...
وعشان كده رُوحت بيت جدي وقلبي مطمن...
كنت متأكدة إنك هتيجي تاخدني، ومفيش حد هيقدر يمنعك.
وكنت خايفة على زينة.
قولت أتكلم مع يحيي وأشغله لحد ما توصلوا لها،
كنت مرعوبة يأذيها بجنونه وما يرحمهاش.
صوته ارتفع بغضب مكبوت، ونبرته كانت حادة:
– مين طلب منك تعملي كده؟
ورايحة تساوميه على إيه؟
ضحكت غصب عنها من الموقف وقالت:
– ما هو فكر إنه يقدر يضغط عليا...
وجاب معاه المأذون والشهود كمان،
كان متخيل إني هوافق اتجوزه.
خالد اتجمد في مكانه، وبص لها بذهول وصدمة:
– كمان جايب مأذون وشهود؟!
ردّت وهي بتحاول تكتم ضحكتها، بنبرة بريئة:
– بس أنا ما وافقتش طبعًا...
قولت له: مينفعش أتجوز مرتين!
خالد بصّ لها بغيظ، صوته مابين الغضب والذهول:
– لا كتر خيرك والله...
جدعة.
قربت منه أكتر، ونظرتها اتكسرت بالندم وقالت برقة صافية:
– خلاص بقى يا خالد،
أنا آسفة والله...
مش هعمل كده تاني،
صالحني.
بصّ لها خالد، وعيونه كانت بتحارب ما بين زعله وحبه...
لكن قلبه دايمًا كان بيخسر قدامها.
فتح دراعاته وضمها ليه، وهي غمضت عينيها جوا حضنه،
وحست بأمان ما لقتوش غير في حضن خالد وبس.
هو كمان كان محتاج اللحظة دي...
كان بيطمن قلبه بإنها قريبة منه،
هي متعرفش هو حس بإيه لما عرف إنها رجعت بيت جدها،
ولا قد إيه قلبه اتقطع من الخوف عليها.
بعد لحظة سكون دافية، قال بصوت هادي:
– يلا ننزل.
هزّت راسها بالموافقة، وقالت بابتسامة خفيفة:
– هسلم على زينة بسرعة...
وننزل.
دخلت ياسمين تسلم على زينة. 
وخالد قرب من مهاب وقعد جنبه في الصالة، ومعتصم خرج من أوضة زينة وقرب منهم وقال ل خالد:
– سيب ياسمين تبات هنا مع زينة يا خالد لحد ما تستلم شقتك الجديدة بكره! 
رد خالد بنبرة حاسمة:
– لا يا معتصم ... أنا حجزت في أوتيل وهنبات فيه الليلة،
وبكره هستلم الشقة.
ضحك مهاب وقال وهو بيبص لخالد بنظرة ماكرة:
– خالد خايف يسيبها، يلاقيها هربت تاني على بيت جدها!
خالد بص له بنرفزة وقال بحدة:
– خفيف أوي.
معتصم رد بنبرة فيها ضيق:
– حد من العيال اللي قبضنا عليهم اعترف على يحيى؟
هز خالد راسه وقال بنبرة جادة:
– معروف إن رجالتهم مبيتكلموش...
الصبح هروح القسم وأشوف "علي" عمل معاهم إيه.
وفي اللحظة دي، خرجت ياسمين من أوضة زينة.
خالد قام ووقف وقال بهدوء:
– هنمشي إحنا.
مهاب كان لسه قاعد بيتفرج على التلفزيون وساكت كأنه مش سامع.
خالد بص له وقال بنفاد صبر:
– ما تقوم يا بني آدم! روح على شقتك انت كمان!
مهاب رد وهو عامل نفسه مظلوم:
– هو احنا مش هنتعشّى الأول؟!
يعني كل واحد مراته تتخطف، يروح ينقذها،
وأنا أكون معاكم في المغامرة، أجري واتعب،
وفي الآخر تمشّوني من غير عشا؟!
ضحكت ياسمين، وخالد بص لمعتصم وقال بنفَس مخنوق:
– شوف هتعشيه إيه... أنا ماشي.
معتصم قال بسرعة، كأنه بيهرب من الفكرة:
– أعشي مين! خده معاك وإنت نازل،
متسيبهوش هنا!
مهاب بص لياسمين بنظرة درامية وقال:
– هو أنا شكلي بانطرد يا ياسمين، صح؟
ضحكت وقالت له:
– هما مش عارفين قيمتك على فكرة!
رد بثقة:
– صح...
إنتي أكتر واحدة بتفهم هنا.
خالد قال وهو بيقوم مهاب:
– طب قوم،
وأنا هطلبلك عشا على البيت عندك.
مهاب وقف وقال لمعتصم بنبرة خبيثة وكوميديه:
– خلي بالك من مراتك،
عشان لو اتخطفت تاني... أنا مش مسؤول! 
لما انتوا مش قد الجواز بتتجوزوا ليه مش عارف انا! 
معتصم بص له بغيظ وقال ل خالد: خد الواد ده من قدامي يا خالد بدل ما أخلص عليه. 
مهاب بص لخالد وقال بنبرة جادة:
– انت اللي هتحاسب على الأكل علي فكرة.
ياسمين ضحكت، وقربت من خالد،
مسك إيديها بخفة، وهو بيرد على مهاب بغيظ:
_ همك على بطنك دايما.. اتفضل قدامي. 
ونزلوا سوا من الشقة.
......... 
بعد خروجهم، 
معتصم دخل يطمن على زينة،
ولقاها نايمة بهدوء.
قرب منها، وقعد جنبها على السرير،
إيده امتدت بهدوء ولمست شعرها بحنية.
كان بيبصلها وكأنه بيحفظ ملامحها جواه.
البنت دي دخلت قلبه من غير ما يحس،
وبقت مهمة في حياته أكتر مما كان يتخيل.
الخوف اللي حسه عليها مكانش بس عشان بنت عمته اللي اتجوزها بعدم رضاه اتخطفت...
كان خوف نابع من القلب...
البنت اللي بيحبها من كل قلبه.. 
مسؤلة منه وحبها بدأ يتمكّن منه من غير ما يعترف بيه لنفسه.
كل اللي كان محتاجه دلوقتي،
إنه يطمن قلبه...
ويحس إنها جنبه، آمنة، بخير.
اتمدد جنبها بهدوء،
وضمها لحضنه...
وساب نفسه ينام،
وقلبه أخيرًا حاسس بشيء من السلام.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في جناح راقٍ داخل أوتيل مشهور،
دخلت ياسمين بصمت وهي حاسّة بقلبها بيدق بسرعة.
كانت حاسة بكل خطوة بتاخدها جوه الأوضة...
كأنها بتدخل عالم جديد مش متعودة عليه.
خالد وقف عند الباب، قفل وراه بهدوء،
وبص لياسمين بنظرة فيها احتواء وقال:
– هنبات هنا الليلة دي بس،
وبكره إن شاء الله نروح بيتنا.
ياسمين هزت راسها بخجل وتوتر،
وخدت بيجامة من شنطتها بسرعة،
ودخلت الحمام من غير ما تبصله.
خالد وقف في مكانه، ساكن من برّه، لكن جواه كان مليان قلق.
قلبه مش ثابت، والمكان حواليه بيشهد على لحظة عمره ما عاشها قبل كده.
دي أول ليلة يتقفل فيها عليه باب واحد معاها...
بس توتره مكنش لمجرد إنها أول ليلة،
التوتر الحقيقي كان من كل الحاجات اللي تقيلة على قلبه.
وعدها إنه هيرجعلها أخوها ولازم يوفي بوعده،
ووعد نفسه إنه يكون أمان ليها في مواجهة العاصفة اللي لسه ما خلصتش.
ويحيى؟ هو أكتر حد متأكد إنه مش هيقبل الهزيمة بسهولة.
وجده... اللواء وحيد،
الشخص اللي كل تصرفاته ملفوفة بالغموض...
واللي أكيد هيكون ليه دور تاني في القصة دي. 
قطع سلسلة أفكاره صوت الباب بيتفتح...
خرجت ياسمين من الحمام،
مرتدية بيجامتها، شعرها مبلول ووشها فيه لمحة ارتباك.
كانت بتحاول تخفي توترها،
لكن ملامحها فضحتها قدّامه.
خالد حس بقلبه بيرجع يدق أسرع،
ابتسم ليها ابتسامة تلقائية،
مش قادر يصدق إن البنت اللي خطفت قلبه واقفة قدامه كده،
قريبة منه بالشكل ده.
وقفت قدام المراية، بتحاول تصفف شعرها،
بس إيديها كانت بترتعش خفيف...
وهو شايف،
شايف كل حاجة بتحاول تخبيها.
قرب منها بخطوات هادية،
ولما حسّت بيه وراها اتوترت أكتر،
وفرشة الشعر وقعت من إيديها على الأرض.
انحنى خالد بخفة،
ولمّا رفع الفرشة، بص لها،
وقرب منها أكتر،
ومد إيده على شعرها بحنية،
وصوته طلع ناعم وفيه شغف حقيقي:
– لو تعرفي إنتي بتعملي فيا إيه...
ردّت بخجل، صوتها هادي وفيه استغراب:
– بعمل إيه؟
قرب وشه من شعرها،
تنفّس عطرها وكأنه بيحاول يحتفظ بيه جواه،
وقال بهمس مجنون بعشق:
– بتجنّـــنيني.
رجعت ياسمين خطوة بسيطة لورا، التوتر مالي ملامحها، وقالت وهي بتتهرب بعفوية مرتبكة:
– هو… ممكن الأكل يكون وصل لمهاب دلوقتي؟
خالد ضحك بصوت هادي وقال وهو بيقرب منها:
– تصدقي؟ دي أكتر حاجة كانت شاغلة بالي فعلاً دلوقتي!
حاولت تغير الجو، فهوت بإيديها في الهوا وقالت:
– هو التكييف هنا مش شغال صح؟!
رد وهو بيضحك:
– لا... التكييف شغال تماااام. 
اتلخبطت أكتر، وعينيها بدأت تلف بسرعة، وجريت ناحيه السرير وقالت:
– أنا حاسّة إني بردانة جدًا… أحسن حاجة دلوقتي إني أنام. تصبح على خير!
وسحبت الغطا بسرعة وغطت وشها، بتحاول تهرب من اللي بتحس بيه.
خالد كان واقف مكانه، بيضحك من قلبه على ارتباكها البريء.
خد هدومه اللي كان جايبها من شقة مهاب، ودخل الحمّام.
وأول ما سمعت صوت الباب بيتقفل،
اتنفست أخيرًا…
وطلّت من تحت الغطا بخجل، بتحاول تهدي قلبها اللي بيدق بسرعة.
همست لنفسها:
– اهدي بقى يا ياسمين… دا جوزك!
يعني عااادي… عادي جدًا... اهدي.
وبعد دقايق قليلة، سمعت باب الحمّام بيتفتح…
رجعت بسرعة غمضت عينيها، وعملت نفسها نايمة.
خالد أول ما شافها ابتسم، كان متفهم الموقف كويس،
وقلبه بقى أهدى لأنها موجودة معاه وتحت سقف واحد.
قرب من السرير، ونام جنبها.
كان حاسس برعشة خفيفة في جسمها،
فهمس ليها وهو بيضحك بلطف:
– افتحي عينك يا ياسمين… متخافيش مني.
ردّت عليه وهي مغمضة:
– أنا مش خايفة… أنا بس… عايزة أنام.
ضحك وهمس:
– طب تعالي نامي هنا.
وسحبها جواه بحضن هادي وحنين،
قرب منها، قبّل شعرها بحب،
وهمس:
– أنا بحبك يا ياسمين، ومش هيحصل بينا حاجة غير لما تكوني إنتي جاهزة… ومش خايفة.
هي ماردّتش، بس ضمت نفسها جواه أكتر،
غمضت عينيها في حضنه…
وحسّت لأول مرة براحة،
كأنها أخيرًا لقت حضن العالم اللي يطمنها ويحميها.
....... 
في مكان تاني تمامًا…
جوه القسم، ووراء القضبان الباردة…
كان يحيى قاعد لوحده،
الظلمة حواليه… لكن السواد الحقيقي كان جواه.
عينيه شاردة في الفراغ،
عقله بيعيد المشهد ألف مرة:
جواز ياسمين من خالد…
اللحظة اللي هدمت كل خططه!
إزاي؟
إزاي ينهار كل شيء بالسهولة دي؟!
عينيه ولعت بالغضب، وملامحه اتشدّت بكره صامت.
توعد جواه، بقسم ما نطقوش لكنه سمعه كويس:
– مش هسيبهم يتهنوا…
طول ما أنا عايش… مش هيعرفوا يعني إيه أمان... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
جوه القسم، ووراء القضبان الباردة...
كان يحيى قاعد لوحده،
الظلمة حواليه... لكن السواد الحقيقي كان جواه.
عينيه شاردة في الفراغ،
عقله بيعيد المشهد ألف مرة:
جواز ياسمين من خالد...
اللحظة اللي هدمت كل خططه في لحظة!
إزاي؟
إزاي ينهار كل شيء بالسهولة دي؟!
عينيه ولعت بالغضب، وملامحه اتشدّت بكره صامت.
توعد جواه، بقسم ما نطقوش لكنه سمعه كويس:
- مش هسيبهم يتهنوا...
طول ما أنا عايش... مش هيعرفوا يعني إيه أمان.
.........
في شقة معتصم، صباح يوم جديد.
زينة فتحت عينيها على هدوء غريب مالي المكان... حسّة بدفا وراحة أول مرة تحس بيهم في حياتها.
كانت نايمه جوه حضن معتصم، وقلبها بيرقص من جوّه.
عينيها وقعت على ملامحه الهادية، وشه كان قريب منها قوي، لدرجة إنها حست إنها بتحلم.
مدت إيديها، ولمست وشه بحنية كأنها بتتأكد إنه حقيقي.
ابتسامة صغيرة خرجت منها غصب عنها، فرحة مالهاش وصف سيطرت على قلبها.
لكن فجأة، عينيه فتحت على لمستها.
اتصدم شوية واستغرب اللي هي بتعمله، وهي اتفاجئت واتكسفت جدًا، وحاولت تقوم تبعد بسرعة.
بس إيده كانت أسرع منها، مسكها ومنعها تتحرك، وقربها منه أكتر.
ابتسم لها، ونبرة صوته كانت دافية مليانة حب:
– عاملة إيه دلوقتي؟
ردّت بخجل وهي مش قادرة تبص في عينيه:
– كويسة... أنا هقوم أجهزلك الفطار.
قامت تتحرك، بس هو شدّها عليه وقال بهدوء:
– خليكي... هننزل نفطر برا النهاردة.
عيونها لمعت بفرحة شبه طفلة صغيرة:
– بجد يا معتصم؟ هتخرج معايا أنا؟!
ضحك برقة:
– آه يا زينة...
قعد قصادها على السرير، مسك إيديها وقربها منه أكتر، وبحب واضح، قرب شفايفه من أيديها وباسها وقال:
– وبتمنى تقبلي تخرجي معايا...
زينة كانت على وشك إنها تطير من الفرحة، قلبها بيخبط بسرعة، نفسها متلاحق، حاسّة إن حلم كبير اتحقق.
ضحكت وقالت بحماس وفرحة خارجة من قلبها:
– آه طبعًا.. دي أكتر لحظة كنت بتمناها طول عمري.
معتصم بص لها بعمق، وعينيه شايفة حب حقيقي في كل نظرة منها.
سألها بصوت كله لهفة:
– واتمنّيتي إيه تاني يا زينة؟
اتكسفت، وبصت له بخجل وسكتت.
رفع وشها بإيديه، وبص في عينيها بتركيز وقال:
– هو أنا إزاي مكنتش شايف الحب اللي في عنيكي ده كله؟
سكتت، قلبها هيقف من الخجل، وكلماته كانت بالنسبالها أجمل من كل أحلامها.
قامت بسرعة وقالت بحماس طفولي:
– أنا هجهز بسرعة، مش هتأخر!
معتصم قعد يراقبها وهي بتتحرك، وافتكر الكلام اللي سمعه صدفة إمبارح...
كان جايب لها عصير، ووقف بره الأوضة لما سمعها بتقول لياسمين:
"يحيى ده مجنون وأنا كنت مرعوبة منه، بس... بسببه اتحقق حلمي!
أنا عشت لحظة كنت بتخيلها طول عمري...
كان نفسي تبقي معايا وتشوفيه...
معتصم هو اللي أنقذني، وشكله كان رهيب وهو ماسك سلاحه وبيجري عليّا بخوف...
كنت مبسوطة، مبسوطة أوي."
وقتها فهم قد إيه زينة بتحبه... وقد إيه هي تستاهل حب كبير... يمكن أكبر من حبها له.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند خالد وياسمين. 
خالد صحي على صوت رنة تليفونه.
بص حواليه، ياسمين لسه نايمة جنبه، ملامحها هادية ونفسها منتظم.
بص على اسم المتصل، وأول ما شاف رقم والده، قعد بسرعة وهو حاسس بقلق.
رد:
– أيوه يا بابا؟
صوت والده كان قلقان:
– إنت فين يا خالد؟
– أنا كنت نايم... خير، في حاجة؟
ياسمين بدأت تفتح عينيها على صوت خالد وهو بيتكلم بجدية، شافته بيقوم من على السرير.
والده كمل:
– أمك تعبانة من امبارح، جبتلها دكتور، قال إن ضغطها عالي ومش راضية تاخد الدوا... ومش عارف أتعامل معاها.
خالد قال بهدوء رغم توتره باين في نبرته:
– حاضر يا بابا، أنا جاي دلوقتي أطمن عليها.
قفل المكالمة، وقعد لحظة سرحان، القلق باين على وشه.
ياسمين قربت منه، صوتها كله حنية:
– في إيه يا خالد؟
خالد:
–ماما تعبانة شوية... ورافضة تاخد دواها، فلازم أروح أشوفها.
ياسمين بدهشة:
– رافضة ليه؟!
هز راسه بمعنى "مش عارف"، وقال بسرعة:
– يلا نغيّر هدومنا، أوصلك عند زينة، وأنا هروح اطمن عليها وأرجعلك ، وبعدين نروح شقتنا.
ياسمين وقفت لحظة، الكلام بيدور في دماغها، واستوعبت حاجة مهمة لأول مرة.
بصت له وسألته بقلق:
– خالد... عيلتك لسه ميعرفوش إننا اتجوزنا؟!
وسكتت لحظة كأنها بتسترجع كل حاجة بسرعة، وقالت بنبرة متوترة:
– أنا إزاي ماخدتش بالي إننا اتجوزنا بسرعة كده؟! أكيد هما لسه مش عارفين... صح؟
خالد قرب منها، حط إيده على كتفها وبص في عينيها وقال بثقة:
– لا يا ياسمين... أنا بلغت أبويا قبل كتب الكتاب، وبعد ما كتبنا الكتاب، رجعت وقولت ل امي وجدي، وكل عيلتي دلوقتي عارفين.
– وهما... موافقين؟
نظرتها كانت مليانة شك وخوف وهي بتسأله.
رد خالد:
– طبعًا موافقين... أنا حبيتك واخترتك تبقي مراتي.. وعيلتي واثقين في اختياري. 
ياسمين سكتت، ملامحها كانت بتقول إنها مش مصدقة ١٠٠٪، قلبها مش مرتاح، وكأن في حاجة مستخبية.
خالد حاول يقطع لحظة الشك وقال بسرعة:
– هدخل أغير هدومي بسرعة، وانتي كمان جهّزي نفسك.
هزت راسها بالموافقة وهي قلبها متقلّب، ضيق غريب مالي صدرها، وإحساس إنها مهما فرحت، فرحتها عمرها ما هتكمل.
جهزوا بسرعة، ونزلوا من الأوتيل.
وأول ما ركبوا العربية، خالد اتصل على معتصم وهو بيشغل العربية...
........ 
في مكان هادي وراقي جدًا.
زينة كانت قاعدة مع معتصم على ترابيزة فطار شيك في مكان كله رُقي وهدوء... الديكور رومانسي، والإضاءة ناعمة، والمزيكا في الخلفية هادية كأنها معمولة مخصوص ليهم.
بس رغم الجو الجميل ده، زينة كانت متوترة جدًا... شكلها من برا بيضحك، لكن من جواها قلبها بيخبط، ومعدتها بتوجعها من شدة التوتر.
كانت نفسها تاكل، الأكل شكله يفتح النفس، لكن التوتر والخجل كانوا أقوى من جوعها.
معتصم كان بيبصلها بنظرة مختلفة، نظرة حب صافي... فيها إعجاب واهتمام حقيقي.
عيونه كانت فيها لمعة غريبة، 
لمعه زينة ما شافتهاش قبل كده... حست إن عيونه النهارده فيها حاجة تانية، فيها دفّا وسكون، وكلام كتير من غير ولا كلمة.
وفجأة رن تليفونه،
بص على الشاشة، لقى خالد بيتصل.
رد وهو لسه عينه على زينة:
– أيوه يا خالد، صباح الخير.
خالد من ناحيته سأل:
– صباح النور، إنت فين؟
معتصم:
– بفطر برا أنا وزينة.
عند خالد في العربية:
خالد لما سمع إنهم برا البيت، فهم ان مش هينفع يسيب ياسمين عندهم ، سكت لحظة.
بعدين سأل بصوت هادي:
– وزينة عاملة إيه دلوقتي؟
معتصم:
– الحمد لله، أحسن بكتير.
خالد:
– طب كويس، أنا كنت بطمن عليكم، وكمان كنت هجيب ياسمين تشوف زينة.. لكن خلاص، هكلمك بالليل ونيجي نقعد معاكم شوية.
رد معتصم:
– ماشي يا خالد، هنستناكم.
خالد قفل المكالمة، وسرح.
عينه فضلت ثابتة قدامه وهو سايق... جواه قلق كبير مش قادر يخبيه، مش عارف ياخد ياسمين معاه لبيت أهله ولا لأ.
خايف والدته تقول كلمة تجرحها... وفي نفس الوقت مش مطمّن يسيبها لوحدها في أي مكان.
هو حاسس إنه بين اختيارات كلها مش مريحة.
ياسمين كانت ساكتة، بس إحساسها مش ساكت... قلبها مش مرتاح، وحاسه إن في حاجة مش مفهومة بين خالد وأهله، حاجة تخص جوازهم.
اتكلمت بصوت هادي مليان حزن وكأنها بتكتم حاجة:
– أنا ممكن أستناك في العربية لحد ما تطمن على مامتك وترجع...
خالد بسرعة بص لها:
– لا طبعًا... انتي هتيجي معايا، وكمان علشان تتعرفي على أهلي.
ردت بتوتر واضح في ملامحها وصوتها:
– بس... ممكن نأجل الموضوع ده دلوقتي؟ مامتك تعبانة، والوقت مش مناسب للتعارف...
خالد حس بقلقها، وفهم إن ورا كلامها شك:
هل أهله رافضينها؟
هل هي عبء عليه؟
مسك إيديها وقرب منها، وباسها بحنية واهتمام وقالها:
– هتيجي معايا يا ياسمين.
هي سكتت، بس قلبها بيقول كلام تاني...
فيه خوف، فيه قلق، ، فيه إحساس إن في اعتراض مستنيهم ورا الباب ده، اعتراض على وجودها في حياة خالد.
بس فضولها كان أقوى من خوفها... عايزة تشوف بعنيها، وتفهم الحقيقة بنفسها.
بعد شوية، وصلوا عند بيت "الدريني".
خالد وقف بالعربية قدام البيت، وسكت لحظة... كان بيبص على البيت كأنه بيستعد لمعركة.
من جواه، دعى ربنا إن أمه تبقى هادية، ومتقولش حاجة تضايق ياسمين.
بص لها بابتسامة وشجعها:
– يلا يا ياسمين.
نزلت من العربية، وأول ما رجليها لمست الأرض، حسّت برجفة وتوتر...
كانها داخلة امتحان مصيري، مش مجرد زيارة عادية.
خالد قرب منها، مسك إيديها، واتفاجئ بحرارتها الباردة جدًا...
– إيدك متلّجة كده ليه؟ إنتي كويسة؟
ردت برعشة خفيفة وهي بتحاول تخبي اللي جواها:
– آه... كويسة.
خالد شك شوية، بس مردش، هز راسه واخدها من إيدها ودخلوا البيت...
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
أول ما دخلوا البيت،
كان سالم الدريني، أبو خالد، هو اللي واقف في استقبالهم.
ياسمين أول ما شافته، حسّت براحة خفيفة كده خبطت في قلبها…
كان شكله طيب، وابتسامته فيها هدوء وحنية، ما خلتهاش تحس إنها غريبة.
قرب منهم وهو بيضحك من قلبه وقال بترحاب صادق:
– وأخيرًا شوفت مرات ابني… بسم الله ما شاء الله… نوّرتي بيتك يا بنتي.
ياسمين اتنهدت براحة بسيطة، رغم إن قلبها لسه بيدق بسرعة.
سلمت عليه بهدوء وخجل، وخالد دخل في الموضوع بهزار عشان يكسر التوتر:
– إيه رأيك في ذوق ابنك؟ أنا كده اكسب، صح؟
ضحك سالم وقال بحب واضح:
– تكسب ونُص!… إنت اخترت ست البنات.
بعدين بص لياسمين وقال:
– تعالي يا بنتي، اتفضلي اقعدي.
قعدت ياسمين وهي لسه متوترة شوية، وحاسّة إن في حاجة جاية مش سهلة.
خالد سأل أبوه بصوت فيه قلق واضح:
– ماما فين؟ فوق في أوضتها؟
رد سالم:
– أيوه، فوق… ومعاها خالتك وكارما.
الاسم وقع على ودن ياسمين زي الصدمة.
كارما؟!
كارما أختها؟!
معقول اللحظة دي جات؟ لحظة المواجهة؟!
خالد حاول يطمنها، وبص لها بنبرة دافية:
– أنا هطلع أشوف أمي بسرعة وأنزل.
وبعدين بص لأبوه بهزار وقال:
– مرات ابنك أمانة معاك يا حاج.
ضحك سالم وقال:
– دي بنتي وملكش دعوة بينا وشوف انت رايح فين. 
خالد ضحك وبص لياسمين وقال لها:
– خلاص انتي كده خطفتي قلب الحاج سالم الدريني، زي ما خطفتي قلب ابنه. 
ياسمين وشّها احمر، وبصت في الأرض بخجل.
سالم زعق لخالد وهو بيضحك:
– كسفت البنت يا واد… امشي بقى، سيبني اتكلم معاها شوية.
خالد مشي وسابهم، وسالم بص لياسمين بلُطف وسألها:
– تحبي تشربي إيه يا بنتي؟
ياسمين ردت بتوتر:
– شكرًا.
قال بإصرار وابتسامة:
– شكرًا إيه بس… انتي مش غريبة، ده بيتك… لازم تشربي حاجة.
إيه رأيك نشرب شاي مع بعض؟
قالت بخجل:
– ماشي.
الخادمة كانت قريبة، أمرها سالم تعمل شاي، وبعد كده أخد ياسمين وخرجوا يقعدوا في الجنينة.
الهوا والورد والطبيعة حوالين ياسمين هدّوا قلبها شوية.
بدأت تحس إنها قادرة تتنفس، وإن الجو أخف من اللي كانت متوقعة.
سالم الدريني بص لها وسألها بحنية:
– خالد عامل إيه معاكي؟
لو زعلك في أي وقت، تعاليلي وانتي تشوفي أنا هعمل فيه إيه…
من النهاردة، اعتبريني أبوكي.
كلامه دخل قلبها بسرعة… بس اللي كمل الصدمة، هو لما قال:
– أبوكي الله يرحمه… كان غالي عليا أوي.
ياسمين بصت له بدهشة:
– حضرتك كنت تعرف بابا؟!
ضحك سالم وقال:
– طبعًا يا بنتي… نسيتي إن أبوكي كان متجوز خالة خالد؟
كان راجل طيب ومحترم… منهم لله اللي خدوه للطريق ده لحد ما ضيعوه.
ياسمين وشها اتغير، وقالت بصوت فيه حزن:
– انا مبقتش عارفه حاجة..! انا عشت عمري كله فاكره ان بابا معندوش عيلة وانه كان مسافر طول الوقت عشان شغله.. لما كان بيجي في الاجازات يقضيها معانا.. كانت دي اجمل ايام حياتي.. بس بعد ما عرفت الحقيقه.. حسيت ان انا مكنتش اعرفه.. حسيت انه شخص غريب معرفوش.. غير بابا اللي عرفته طول حياتي! 
سالم رد بثقة وهو بيبصلها في عينيها:
– أبوكي اللي انتي عرفتيه هو الحقيقي.. هي دي شخصيته الحقيقيه.. 
لكن اللي كان عايش هنا في بيت الشرقاوي، ده اللي كان مزيف…
كان مضغوط ومجبر يعيش حياة مش بتاعته.
وبص قدامه وقال بهدوء مليان يقين:
– أبوكي اتظلم يا ياسمين…
وبكره الأيام هتكشفلك كل حاجة.
ياسمين فضلت ساكتة… بس عقلها شغّال.
بصّت قدامها وسرحت…
واضح انه يعرف حاجة هي متعرفهاش.. بصت قدامها بتفكير في كلامه.
.....
فوق في أوضة والدة خالد.
خالد دخل بسرعة وهو قلقان،
لقاها نايمة على السرير وتعبانة، وخالته عبير قاعدة جنبها،
وكارما كانت قاعدة على كرسي قدام السرير، أول ما شافت خالد… قامت بسرعة.
قرب من أمه وهو بيكلمها بنبرة مليانة قلق حقيقي:
– خير يا أمي؟ إيه اللي حصل؟ ليه مش بتاخدي الدوا بتاعك؟!
بص لخالته وكارما بنظرة سريعة وقال بأدب:
– إزيك يا خالتي… إزيك يا كارما.
خالته ما ردتش عليه… كانت ملامحها زعلانه،
أما كارما، فكانت بتبصله بلهفة واشتياق واضحين في عنيها…
نفس النظرة اللي خالد مش شايفها، أو يمكن مش عايز يشوفها!
أمه ردت عليه بصوت فيه عتاب تقيل:
– لسه فاكر إن ليك أم يا خالد؟
معقول تقعد كام يوم لا تسأل ولا تطمن؟!
خالد مسك إيدها بحنية وقال بصوت كله ندم:
– عندك حق يا أمي… أنا آسف،
بس المهم دلوقتي صحتك… لازم تاخدي الدوا.
خالته عبير بصت له بضيق واضح وقالت ببرود:
– هنسيبكم شوية لوحدكم…
وبصت لبنتها وقالت:
– يلا يا كارما.
كارما كانت واقفة بتبص لخالد بعيون مليانة حزن…
هو مش شايف، مش حاسس، مش مهتم.
سابت الأوضة ونزلت ورا مامتها… وكسرة في قلبها بتكبر.
خالد قرب من أمه أكتر وقبّل إيدها، وقال برجاء:
– عشان خاطري يا امي.. لازم تاخدي الدوا بتاعك ومتقلقنيش عليكي.
والدته ردت بصوت ضعيف متعمّد، كأنها بتستعطفه بس بتحاول تجرحه:
– هو انا بقيت مهمة في حياتك يا خالد عشان تهمك صحتي! ما انت خلاص، 
بعت امك وعيلتك كلها عشان خاطر البنت اللي منعرفش وقعت علينا منين!
خالد عض على شفايفه من الغيظ… وقال بنبرة فيها كتمان غضب:
– من فضلك يا أمي… بلاش نفتح الموضوع ده دلوقتي.
أنا كل اللي يهمني دلوقتي… إنك تاخدي علاجك وأطمن عليكي.
بس أمه ما كانتش ناوية تسكت، وقالت بعناد:
– لو فعلاً تهمك صحتي…
سيب البنت دي وارجع بيتك هنا، ارجع لأهلك.
قلبي بيوجعني عليك كل لحظة يا خالد،
ومش قادرة أصدق إنك مش عايز تريح قلب أمك!
خالد قعد قدامها، وبص لها باستغراب ممزوج بغصة وقال بهدوء غامض:
– يعني حضرتك مش بتاخدي علاجك…
عشان الموضوع ده؟!
فاكرة إنك كده ممكن تضغطي عليا ؟!
امه سكتت… بس عينيها قالت كتير.
خالد بص لها وقال بحسم:
– أنا بحب ياسمين يا أمي ،
ومفيش أي قوة في الدنيا هتبعدني عنها.
نزلت الجملة تقيلة عليها… وساد صمت مشحون.
ما بين دمعة في عين الأم،
ونار في قلب ابنها… بيحاول يطفيها بحبه لمراته.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تحت في جنينة بيت الدريني…
كانت ياسمين قاعدة تضحك من قلبها،
على حكايات الحاج سالم عن خالد وهو صغير.
حكايات طريفة ولطيفة،
رجّعت البسمة لقلبها… حتى لو للحظات.
عبير وكارما كانوا نازلين من فوق، ولما وصلوا للدور الأرضي، واحدة من الخدامين قالتلهم إن الحاج سالم قاعد في الجنينة.
كارما بصت من بعيد…
وشافت أبو خالد قاعد بيضحك مع بنت غريبة، أول مرة تشوفها…
بس رغم كده، قلبها اتشد لها!
حست بشعور غريب… وشها مش غريب عنها،
كأنها تعرفها من سنين،
كأنها بتبص في مرايه جواها… وش مألوف وحاسّة إنه منها!
عبير شافت بنتها واقفة متجمدة مكانها،
وبتبص على الجنينة بنظرة مش مفهومة،
قربت منها وسألتها باستغراب:
– بتبصي على إيه كده يا كارما؟
كارما ماردتش، عينها لسه على البنت الغريبة.
عبير بصّت ناحيتهم وشافت سالم جوز أختها،
قاعد بيضحك وبيرغى مع البنت…
وفهمت على طول ان البنت دي اكيد هي نفسها مرات خالد.. بنت يحيى جوزها من الست اللي كان بيخونها معاها!
انفجرت جواها نار، ومش قدرت تسيطر على نفسها،
وندفعِت ناحيتهم بخطوات عصبية وصوتها بيعلى:
– مين البنت دي؟! وبتعمل إيه هنا؟!
ياسمين اتفاجئت ووقفت مكانها كأن الزمن وقف.
كارما جريت ورا مامتها وهي مش فاهمة سبب الانفعال ده!
سالم قام من مكانه متضايق، وقال بحدة وهو بيبص لعبير:
– صوتك عالي ليه كده يا عبير؟
دي ياسمين مرات خالد ابني!
عبير اتصدمت…
وكارما اتجمدت مكانها وهي بتبص لياسمين،
وعنيها بدأت تدمع من غير ما تفهم ليه.
فيه حاجة في وشها وجواها… حاجة بتشدها!
أما ياسمين، فبصت لكارما بعينين متفاجئين،
وقلبها دق بقوة…
حست بحاجة عمرها ما حستها قبل كده!
حاجة بتقولها: دي أختك… دي كارما!
لكن عبير ما سكتتش، وصرخت وهي بتقرب من ياسمين بصوت كله غضب:
– إنتي إزاي تتجرّئي وتيجي لحد هنا كمان؟!
إنتي حقيقي بجحة زي اللي خلّفتك!
الكلام وقع على ياسمين زي الصفعة…
بس ما سكتتش، وعيونها ولعت وهي بترد عليها:
– انتي بأي حق تغلطي في اللي خلفتني؟ كنتي تعرفيها منين عشان تحكمي إذا كانت هي اللي بجحه ولا انتي!!
عبير صوتها علي أكتر، وقالت بانفعال:
– إنتي بنت قليلة الأدب!
وقربت منها بسرعة ورفعت إيدها…
كانت هتضربها بالقلم، لكن خالد كان نزل من فوق بسرعة،
ومسك إيد خالته قبل ما توصل لياسمين،
ووقف قدام مراته، بيحميها بجسمه، وقال بصوت حاد وقوي:
– مراتي مش قليلة الأدب.
عبير بصّت على إيد خالد اللي مسك إيدها ومنعها، وكانت الصدمة باينة على وشها،
نزلت إيدها وهي بتبص له بذهول وقالت بحدة وانكسار:
– إنت كمان؟! إنت واقف قصادي وبتدافع عنها يا خالد؟
بتدافع عن بنت الست اللي جوزي كان بيخوني معاها؟!
الكلام نزل على ياسمين زي النار،
اتجننت من الإهانة للمرة التانية لأمها اللي ماتت بشرف،
فبعدت من ورا خالد، ووقفت قدامهم بصوت عالي كله قهر وغضب:
– أمي عاشت وماتت ست شريفة ونضيفة!
بابا كان متجوزها على سنة الله ورسوله..
واللي مش فاهماه بجد، إزاي بابا اتجوز على أمي واحدة زيك إنتي؟!
اللي حواليهم اتصدموا من كلمتها الأخيرة و ردها الإهانة لعبير،
عبير وشها اتقلب واتجمدت مكانها،
وخالد بص لياسمين بقلق وقرب منها يحاول يهديها وقال بصوت قوي :
– خلاص يا ياسمين.. كفاية كده.
لكن ياسمين كانت حاسة إن قلبها بيتقطع،
دموعها ماليه عنيها، بس بتحاول متنزلهاش قدامهم،
ردّت بصوت بيترعش من الغيظ والانفعال:
– لا مش كفاية يا خالد..
الست دي لازم تفهم إن أمي ست شريفة،
وكانت حب بابا الأول والأخير،
ومحدش ليه حق يهينها بالشكل ده!
عبير ردت عليها بسخرية قاسية وهي بتضحك بغل:
– شريفة؟!
ولما هي شريفة أتجوزت جوزي في السر ليه ؟!
ليه محدش من اهله كان يعرف بجوازهم؟
ليه كانوا مخبّيين انهم متجوزين ومخلفين؟
ولا كانوا بيصلّحوا الغلط بغلط تاني؟!
سالم الدريني اتدخل بقوة، وصوته علي من شدة غضبه:
– عيب الكلام ده يا عبير! ميصحش تقولي كلام زي ده لمرات ابني وانتي في بيتها.
عبير بصّت له وهي مش مصدقة،
وشهها كله غضب وعيونها بتلمع:
– مرات ابنك!؟
وده بيتها؟!
انت مدرك انت بتقول إيه؟!
سالم رد بهدوء وصرامة:
– أيوه… ومدرك كويس أنا بقول إيه.
وأي حد يغلط في مرات ابني… مش مرحب بيه هنا.
وفجأة دخلت بهيرة، والدة خالد،
وصوتها طالع بغضب وهي بتبص لجوزها:
– إيه الكلام اللي بتقوله لأختي ده يا سالم؟!
عبير دخلت في الكلام بسرعة وهي مش قادرة تمسك نفسها:
– جوزك بيطردنا يا بهيرة!
وبيقول إن البيت ده بقى بيت البنت اللي ضحكت على ابنك واتجوزته من وراكم!
الكلام وقع على ياسمين زي السكاكين،
وشها اتشد، ونفسها اتحبس،
وحست بكل حرف زي خنجر بيطعنها فكرامتها ووجع قلبها.
بهيرة بصّت لياسمين بعين كلها كره،
ووشها كان قاسي وهي بتقول بأمر ورفض:
– اخرجي برا بيتي حالًا!
مش عايزة أشوف وشك هنا ولا في حياة ابني تاني!
خالد وقف قدامهم بصوت عالي كله غضب وحسم،
ومسك إيد ياسمين بإصرار:
– كلمة زيادة في حق مراتي،
وهتخسريني لآخر يوم في عمري.
وبعدها بص لياسمين،
ورفع إيدها بكل حب ووجع،
وباس أيديها قدامهم وهو بيقول بحزن حقيقي:
– أنا آسف يا ياسمين…
أنا اللي حطيتك في الموقف ده.
ياسمين كانت مش شايفة قدامها،
الدموع مغرقة عيونها…
بس بتحاول تمسك نفسها،
وما تنهزش قدامهم…
رغم إن قلبها كان بيصرخ.
خالد مسك إيديها بحماية وحنان،
وخرج بيها من بيتهم،
وقلبه بيغلي من كل كلمة اتقالت،
ومن نظرة القهر اللي شافها في عنيها.
كارما كانت واقفة،
عنيها مش قادرة تسيبهم،
شايفة المشهد كله ووشها متجمد.
اتأكدت إن خالد عمره ما حبها! 
شافته وهو بيحضن ياسمين بنظراته،
شافت خوفه عليها،
شافت وجعه على وجعها…
واتأكدت إنها كانت بتضحك على نفسها.
وأمها وجدّها كدبوا عليها وقالولها إن جواز خالد كان تمثيلية،
وهي صدقتهم…
ورجعت تتعلق بالأمل،
بس دلوقتي؟
الأمل مات.
فجأة صوت خالتها بهيرة قطع شرودها وهي بتزعق لسالم:
– إزاي تستقبل واحدة زي دي في بيتي يا سالم!؟
وكمان تطرد أختي عشانها ؟!
عبير اتحركت وهي مولعة وقالت:
– أنا هعرف بابا بالإهانة دي يا بهيرة…
والبيت ده مش هدخله تاني،
لا أنا ولا بنتي…
يلا يا كارما.
ومسكت إيد كارما وسحبتها وراها بعصبية.
كارما بصّت وراها وهي ماشية،
نظرة فيها حيرة… وجع…
ومليون سؤال مالوش إجابة.
بهيرة بصّت لجوزها وقالتله بحدة:
– البنت دي لو دخلت البيت تاني يا سالم…
قبل ما تفتحلها الباب…
تكون مطلقني.
واتحركت جوه وهي بتزق الأرض من تحتها.
سالم الدريني وقف مكانه،
غضب صامت في عينيه…
بس ساكت…
علشان خاطر ابنه. 
---
في العربية…
ياسمين كانت قاعدة جنب خالد،
والدموع مش بتنشف من عنيها،
بتعيط بانهيار…
كل حاجة جواها مكسورة.
خالد كان سايق ومش عارف يهديها،
كل شوية يبص لها،
ويقول: "أنا آسف، حقك عليا،…"
بس هي مش سامعة…
ولا كلمة كانت بتدخل عقلها.
فجأة رفعت وشها له،
عنّيها حُمر من كتر البُكا،
وقالت بكسرة ووجع:
– طلقني يا خالد…بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
في العربية…
ياسمين كانت قاعدة جنب خالد،
والدموع مش بتنشف من عنيها، بتعيط بانهيار…
كل حاجة جواها مكسورة.
خالد كان سايق ومش عارف يهديها، كل شوية يبص لها، ويقول: "أنا آسف، حقك عليا،…"
بس هي مش سامعة…
ولا كلمة كانت بتدخل عقلها.
فجأة رفعت وشها له، عنّيها حُمر من كتر البُكا،
وقالت بكسرة ووجع:
– طلقني يا خالد. 
الكلمة دي نزلت عليه كالصاعقة،
عينيه اتسعت، وقال بصدمة:
– انتي ازاي قدرتي تنطقي الكلمة دي يا ياسمين؟
لكنها انفجرت بصوت عالي،
صوت كله وجع وخوف وحيرة:
– لو مطلقتنيش دلوقتي…
أنا هموت نفسي!
حاول خالد يمسك إيديها عشان تهدا، كان مقدر انها مصدومة ومجروحه من كلام خالته القاسي. 
لكنها كانت بتشد نفسها منه،
وتصرخ وهي مش شايفة قدامها:
– خلّصني بقى…
طلقني يا خالد، طلقني!
هو ساكت، سايق في طريقه،
جواه نار بتحرقه،
بس بيحاول يفضل هادي…
حطت إيديها على الدركسيون،
وصوتها كان بيهز العربية:
– وقف العربية دي…
طلقني دلوقتي!
والا والله هرمي نفسي من العربية!
خالد فضل ساكت،
ماسك أعصابه بأقصى قوّة،
لحد ما وصلوا قدام العمارة بتاعة شقتهم الجديدة…
اللي كانوا المفروض هيبدؤا فيها حياتهم السعيدة. 
وقف العربية وبص لها...
كانت قاعدة جنبه، ملامحها مكسورة،
الدموع مغرقة وشها، وكل نفس بتاخده بيطلع منه وجع.
نظرتها كانت مليانة رجاء، كأنها بتستغيث من جوّاها:
– لو بتحبني بجد... طلقني.
خالد مبقاش قادر يستحمل ،اتجمد في مكانه،
بص لها بعدم تصديق وقال بصوت متكسر من الوجع:
– أنا مش هنطق الكلمة دي... ولو فيها موتي يا ياسمين.
هي ما وقفتش دموع،
كملت بكلام بيقطع القلب، صوتها مخنوق بالبكاء:
– مبقاش ينفع يا خالد...
أنا اتأكدت إنك كدبت عليا.
قولتلي إن أهلك موافقين،
لكن الحقيقة... إنك اتجوزتني من وراهم.
انهارت أكتر، وكل كلمة كانت خارجة من قلب موجوع:
– أنا مش كده يا خالد،
أنا عمري ما كنت رخيصة عشان تتجوزني من وراهم وهما رافضين!
خالد فجأة مسك وشها بإيديه،
ثبّت نظرتها فيه كأنه بيحاول يوصل لقلبها قبل ودنها،
وقال بصوت متحشرج، فيه قهر وغضب:
– انتي أغلى من عمري كله يا ياسمين...
أنا مكدبتش عليكي، صدقيني...
قبل ما نكتب الكتاب، أبويا كان عارف،
وهو الشخص الوحيد اللي رأيه يهمني.
وبعد ما كتبنا الكتاب، روّحت على بيت اهلي وقولت قدام الكل إننا اتجوزنا.
مين فيهم موافق ومين رافض؟
ولا يفرق معايا ...
أنا اللي يهمني إنك بقيتي مراتي ومش هتخلى عنك حتي لو خسرت الدنيا كلها! 
ياسمين.. كانت سامعه كلامه وهي بتنهار من جوّاها،
قلبها مش قادر يستحمل الإهانة اللي اتعرضت ليها في بيت اهله،
كلام خالته عن أمها، عن شرفها وكرامتها،
كأن كل حاجة اتكسرت جواها.
بعدت عنه وهي بتحاول تتنفس،
وقالت بصوت بيرتجف:
– أنا تعبانة... ومحتاجة وقت أفكر.
وبصّت له، بعين بتنزف دموع:
– كان غلط كبير إننا اتجوزنا بالطريقة دي...
خالد عض على شفايفه، بيكتم غضبه بالعافية،
كل حاجة جواه كانت بتصارع،
لكن حافظ على هدوءه بصعوبة، وهز راسه:
– حاضر يا ياسمين...
هنطلع شقتنا دلوقتي، ترتاحي وتفكري برحتك.
هي مسحت دموعها بإيديها المرتعشة،
ونزلت من العربية بخطوات بطيئة، تقيلة، كأنها شايلة هم الدنيا.
دخلوا العمارة، طلعوا الشقة،
وخالد فتح الباب وهي دخلت بسرعة...
مش شايفة حاجة، مش حاسة بحاجة،
بس عايزة تهرب من كل حاجة.
خالد وقف وراها، ساكت،
مش عارف يقول إيه،
قرب منها وقال بصوت هادي، بيحاول يكسر الصمت:
– تحبي نتفرج على الشقة مع بعض؟
ردت بجمود، صوتها كان فاضي من المشاعر:
– لا... أنا عايزة أدخل أي أوضة أرتاح شوية...
محتاجة أكون لوحدي.
غمض عينيه، وزفر بغضب مكتوم،
وحاول يحافظ على هدوءه وهو بيقول:
– الشقة كلها بتاعتك... اختاري اللي يريحك.
مشت بخطوات بطيئة،
زي إنسانه مجروحة ومكسورة،
ودخلت أول أوضة قدامها،
قفلت الباب... وسابت وراها خالد.
قعد هو في الصالة،
حاسس إنه السبب في الحالة اللي وصلت ليها ،
وإنه ظلمها من غير ما يقصد،
وبيسأل نفسه:
إزاي يداوي جرح طلع من ناس المفروض انهم أهله؟
إزاي يصلح اللي كسروه جواها؟
وإزاي يطمن قلبها... اللي اهله واقرب الناس ليه كانوا السبب في وجعه؟
تليفونه رن...
كان رقم والده.
خالد رد بسرعة،
أبوه كان قلقان وعايز يطمن على ياسمين.
عرف منه عنوان شقته الجديدة، وقاله إنه جاي في الطريق.
جوه الأوضة...
ياسمين كانت قاعدة على السرير،
وعنيها متغرقة دموع.
الحزن ماسك قلبها بقوة،
حاسّة إنها اتهانت…
عمرها ما كانت تتخيل إن ييجي اليوم وتتحط في موقف زي ده ، واهل جوزها يطردوها من بيتهم.
كلام حماتها لسه بيرن في ودنها،
كل كلمة كانت زي سكينة بتغرز في قلبها:
"اخرجي من حياة ابني."
كانت الكلمة دي بالذات بتدوّي جواها وبتكسرها أكتر.
بعد شوية،
سمعت صوت دق خفيف على الباب،
عارفة إنه هو…
عارفة إنه دافع عنها ووقف قدّام أهله عشانها،
بس جواها وجع تاني…
هي حاسة إنها غلطت من الأول.
حاسّة إنها رخصت نفسها لما وافقت تتجوزه من غير ما أهله يطلبوها رسمي.
بس افتكرت بسرعة إن خالد اتجوزها عشان يحميها،
عشان ينقذها من جحيم جدها ويحيى…
قامت بخطوات مهزوزة،
وفتحت الباب.
كان واقف قدامها،
عنيه مليانة وجع،
شكلها وجعه…
وشها متورم من البكاء، وعنيها حمرا.
قال بصوت هادي:
– بابا هنا… جاي يطمن عليكي.
ياسمين مسحت دموعها،
وخرجت معاه من غير ما تنطق بكلمة.
في الصالة...
سالم الدريني كان قاعد،
أول ما شافها وقف على طول.
كانت حالتها مكسّرة قلبه.
في إيده ورد وشيكولاتة،
مدّهم ليها بابتسامة خفيفة وقال بحنان:
– أنا جاي أعتذرلك على اللي حصل في بيتي…
هتقبلي اعتذاري ولا هتحرجيني؟
ردت بسرعة وهي بتحاول تتحكم في دموعها:
– اعتذار إيه؟ حضرتك دافعت عني…
أنا اللي المفروض أشكرك.
ابتسم لها بحنية،
وقعدوا،
وخالد قعد قدامهم، ساكت،
بس عنيه كانت متثبتة عليها،
بيراقب كل نفس بتاخده، وكل دمعة لسه فاضلة في عينها.
سالم بص لها وقال:
– انتي لسه متعرفيش بهيرة حماتك…
هي طيبة، بس اتربت على إن كل حاجة تمشي على مزاجها.
أبوها الله يسامحه هو اللي غرس فيهم الحتة دي…
هي وأختها عبير الاتنين نفس الطبع.
بهيرة معندهاش مشكلة شخصية معاكي،
بس تقدري تقولي بتجامل أختها عبير على حسابك.
عارفة إن عبير من ساعة ما عرفت إن جوزها كان متجوز واحدة تانية ومخلف منها،
وهي اتجننت…
حاسّة إن ده جرح كبرياء بنت اللواء اللي شايفة نفسها أعلى من الكل.
ياسمين ردت بتلقائية:
– بس بابا كان متجوز ماما قبلها!
يعني هو اتجوزها على ماما، والمفروض اللي تزعل تبقى ماما!
سالم قال وهو واثق:
– أنا فاهمك يا بنتي…
عارف إن أبوكي عمره ما حب عبير،
وكان بالنسباله جواز مصلحة، عشان يرضي أبوه وبس.
وعبير نفسها عارفة ده،
وعشان كده هي موجوعة من جواها.
بس أنتي وخالد مالكوش أي ذنب في العقد النفسية بتاعتها.
ياسمين بصّت للأرض وقالت بحزن:
– أنا غلطت.. مكنش ينفع أوافق على الجواز بالطريقة دي،
انا عمري ما تخيلت اني اتجوز واحد من ورا أهله.
خالد كان قاعد ساكت، بيبصلها...
لكن أبوه هو اللي رد عليها بثقة ونبرة حاسمة:
– ومين قالك إن خالد اتجوزك من ورانا؟
خالد قبل ما يتجوزك كان حاكيلي كل حاجة، وقبل كتب الكتاب كلمني وعرفني،
ورجع البيت وقال لبهيرة وجده كان قاعد وسامع!
يبقى فين "من ورا أهله" اللي بتقولي عليه؟
وبعدين لو الموضوع ده مزعلك،
أنا جيتلك لحد عندك وبطلبك بنفسى لابني…
إيه رأيك؟
ياسمين رفعت عينيها ليه بدهشة حقيقية،
ما كانتش مصدقة الكلام اللي بتسمعه.
سالم كمل بإصرار وهو بيبصلها:
– ولو عايزاني أروح أطلبك من جدك الشرقاوي أنا هعمل كده.
ردت بسرعة وبتوتر:
– لا…
وبصّت لخالد،
اللي كان لسه ساكت وعيونه متثبته عليها،
مش بيقول كلمة،
ولا علّق على حاجة بتتقال بينها وبين ابوه.
سالم اتكلم تاني وهو بيحاول يطمنها:
– لما خالد قالي إنه هيتجوز،
أنا وافقت من قبل حتى ما أشوف عروسته.
عشان أنا واثق في ابني…
عارف إنه راجل يعتمد عليه،
وإن البنت اللي هيختارها تشيل اسمه،
أكيد أنا هتشرف بيها قدام الدنيا كلها.
الكلام دخل قلب ياسمين،
حست كأن في حد بيطبطب عليها ويلم جروحها.
بس كانت لسه موجوعة من اللي شافته في بيت خالد،
الكره اللي شافته في عنين بهيرة مش سهل يتنسي،
فقالت بتوتر:
– بس… أنا مش حابة إن مامته تزعل منه بسببي!
سالم رد بهدوء وطمأنينة:
– أنا قولتلك، زعل بهيرة سببه أختها،
وملوش علاقة بيكي.
ولو على زعلها، هو هيروح مع الوقت.
انتي متفكريش غير في حياتك مع جوزك،
وسيبِي أي حاجة تانية للزمن…
هو كفيل يعالج كل حاجة.
ياسمين بدأت تصدّق كلامه،
حست إن كلامه بيطفي النار اللي في قلبها.
سالم بَصّ لابنه وقال بدهشة:
– ساكت ليه يا خالد؟
خالد رد وهو بيبصلها بنظرة وجع:
– أنا قولت كل الكلام ده،
بس واضح إن ياسمين مش قادرة تثق فيا لحد دلوقتي.
بصّت له ياسمين بخجل وحزن،
ووشها نزل في الأرض.
سالم قال وهو بيحاول يخفف التوتر:
– معلش يا خالد…
هي لسه مش متعودة على "الدبش" اللي بيطلع من بنات سيادة اللواء…
بس بكرا تتعود عليهم.
وقف وهو بيقول:
– هقوم أنا بقى عشان اتأخرت على المصنع.
ياسمين وقفت معاه، وخالد كمان،
سالم بص لخالد وقاله:
– خلي بالك من مراتك.
وبص لياسمين وقال:
– متسمحيش لأي حد يفرقكم عن بعض،
وإن شاء الله ربنا يحفظكم يا بنتي.
ابتسمت له ياسمين،
ابتسامة فيها حب حقيقي للراجل الطيب ده…
ولروحه الطيبة اللي قدر يداويها بكلمتين.
خالد وصل أبوه،
وكان سالم لسه بيوصيه على مراته وهما نازلين.
رجع خالد…
وياسمين كانت لسه واقفة في نفس مكانها،
مكسوفة منه،
حاسه بالذنب بعد اللي قالته وطلبها الطلاق منه.
خالد دخل، خد تليفونه ومفاتيحه، وقال بجمود:
– أنا كمان هنزل… اتأخرت على شغلي.
ولسه بيتحرك من قدامها… لكن…
قربت منه بسرعة،
ومسكت دراعه، وقالت بصوت كله ندم:
– أنا آسفة.
قلبه دق بسرعة،
لف وبصلها، وقال بحزن:
– آسفة عشان مش بتصدقي كلامي؟
ولا عشان مش بتثقي فيا؟
ولا عشان طلبتي مني…
سكت شوية، صوته اتكسر:
– أنا حتى مش قادر أنطق الكلمة دي…
ومش مصدق إزاي انتي نطقتيها بالسهولة دي!
ياسمين ردت ودموعها بتلمع تاني:
– مكنش سهل عليا…
بس أنا مكنتش عايزة تخسر أهلك بسببي.
بص لها خالد وهو موجوع أكتر:
– لو كنتي صدقتيني لما قولتلك إني متجوزكيش من ورا أهلي،
وإنّي اتجوزتك عشان بحبك،
مش لأي سبب تاني…
مستحيل كنتي تفكري تطلبيها مني!
سكتت…
ماقدرتش ترد.
حاسه إن الكلام اللي قاله دخل قلبها وكسفها من نفسها أكتر.
خالد كان متضايق جدًا،
خرج بسرعة من الشقة،
وسابها واقفة لوحدها…
تفكر.
تفكر تصالحه إزاي.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في النيابة.
الحاج الشرقاوي كان واقف برا، متوتر ووشه مش على بعضه،
والمحامين جوه مع يحيى.
بعد شوية،
الباب اتفتح… وخرج يحيى والكلبشات في إيديه.
خطواته كانت تقيلة، ونظراته كلها تعب… وتحدي في نفس الوقت.
جده جري عليه بقلق:
– إيه ده؟! الكلبشات ليه في إيده؟!
رد واحد من المحامين بهدوء عشان يطمنه:
– خد أربع أيام على ذمة التحقيق يا حاج…
بس متقلقش… هيخرج إن شاء الله.
يحيى كان باين عليه الضيق،
بس وشه مرفوع ومكابر كعادته.
قرب منه جده وهمس ليه بصوت فيه عتاب:
– شُوفت آخرة تهورك وجنانك؟
بتخطف مرات ظابط يا يحيى؟!
يحيى بصله بثقة وبنبرة متحدية:
– قولتلك هخرج يا جدي…
مفيش دليل واحد ضدي.
العسكري قرب وخد يحيى يمشي،
وهو ماشي كان رافع راسه…
بس عيونه كانت تعبانة.
المحامين قربوا من الشرقاوي،
واحد فيهم قال:
– متقلقش يا حاج…
احنا متابعين الموضوع، ويحيى هيخرج قريب إن شاء الله.
اصبر يومين بس، والنيابة هتخلي سبيله.
وبعدين الباشا الكبير ظبّط محضر الضبط على مزاجنا،
عشان نعرف نلعبها صح ونخرجه منها.
الحاج الشرقاوي سكت،
بس ملامحه كانت ما بين الغضب والخوف،
حاسس إن الأمور بدأت تفلت من تحت إيده،
وإن حفيده بقى عامل زي النار اللي ممكن تحرق كل اللي حواليها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في القسم عند خالد.
دخل العسكري وقال باحترام:
– في آنسة برا عايزة حضرتك يا باشا.
خالد رفع عينه من الورق وقال:
– اسمها إيه؟
قبل ما العسكري يرد،
كارما طلّت من ورا الباب وقالت بهدوء مرتبك:
– أنا يا خالد.
خالد وقف فورًا وقال:
– اتفضلي يا كارما… ادخلي.
وبصل العسكري وقال له:
– روح إنت.
كارما دخلت بخطوات مترددة، شكلها متوتر ومش على بعضه.
خالد قرب منها وقال باستغراب:
– خير يا كارما؟ إنتي جاية هنا لوحدك؟
ردت وهي بتحاول تلم أعصابها:
– ماما وجدي ميعرفوش إن أنا هنا…
كنت عايزة أتكلم معاك شوية.
خالد قال بلطف:
– طب اتفضلي اقعدي… تشربي ايه ؟
بصت حواليها بتوتر وهزت راسها:
– لا… مش عايزة أشرب حاجة.
سكتت لحظة، وبعدين بصت له وقالت:
– أنا جاية أسألك عن… ياسمين.
خالد سكت، مستني تكمل.
اتكلمت كارما بصوت خافت:
– هي عاملة إيه دلوقتي؟ كويسة؟
رد خالد بنبرة حزينة باينة في ملامحه:
– بتحاول تبقى كويسة… بعد اللي حصل في بيتنا، والكلام اللي اتقال قدامها.
كارما نزلت عينيها وقالت بحزن صادق:
– هتصدقني لو قلتلك إنها صعبت عليّا؟
ابتسم خالد ابتسامة بسيطة وقال:
– هصدقك يا كارما.
كارما كملت وهي بتحاول تسيطر على مشاعرها:
– أنا اتصدمت من اللي ماما عملته… الكلام كان جارح أوي…
وخصوصًا إن مامتها متوفية…
أي كلمة عليها بتوجع ياسمين أكتر من أي حاجة.
خالد ابتسم أكتر وقال بنبرة دافية:
– بجد فاجئتيني يا كارما…
الكلام ده لو وصل لياسمين، هيفرق معاها جدًا… وهيفرحها.
كارما قالت بتوتر:
– الحقيقة أنا قبل ما أشوفها…
كنت فاكرة إني بكرهها…
كنت متضايقة من بابا لأنه اتجوز على ماما وخبّى ولاده…
كنت كل شوية أسأل نفسي:
هو كان بيحبهم أكتر منّا؟
خالد قال بهدوء:
– وممكن ياسمين دلوقتي تكون بتسأل نفس السؤال…
هي كمان شايفة إن أبوها حبكوا أكتر…
لأنكم كنتوا في النور وهما في السر.
يعني الألم عندكم إنتوا الاتنين.
كارما سكتت لحظة وفكرت، وبعدين قالت:
– عندك حق يا خالد.
خالد اقترح:
– طب إيه رأيك تشوفيها؟
تقعدوا سوا، تتكلموا من غير أحكام علي بعض من بعيد.
أنا متأكد إنكم لما تتعرفوا على بعض، المسافات هتقرب بينكم.
كارما اتوترت وقالت بصدق:
– مش عارفة!
يمكن لسه مش مستعدة…
أنا حتى مش عارفة أنا جيت ليه؟
قلقت عليها؟ يمكن!
بس مش قادرة أجاوب على نفسي.
خالد قال بتفهم:
– شوية وقت…
هو ده اللي محتاجينه دلوقتي يا كارما.
كارما وافقت بهزة راس، وقامت تقول:
– عندك حق…
أنا آسفة لو عطلتك عن شغلك.
خالد وقف معاها وقال بلطف:
– لا خالص…
أنا فرحت بالزيارة دي، وبكلامك…
وبتمنى الزيارة الجاية تبقى لأختك… في بيتها.
كارما ابتسمت ابتسامة خفيفة وخرجت.
وخالد أخد نفس عميق،
حاسس براحة،
ومتطمن إن كارما مش هتبقى عدوة لياسمين.
رجع لمكتبه… بس عقله كان مع ياسمين.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
زينة كانت قاعدة على السرير في أوضتها،
عينها شاردة وابتسامة رقيقة مرسومة على وشها،
بتفكر في معتصم، وطريقته معاها النهاردة لما عزمها علي الفطار برا، ونظراته اللي قلبت دنياها.
بين لحظة والتانية، قلبها كان بيدق أسرع،
مش مصدقة إن ده بقى واقعها، وإنه بقى معاها.
وفجأة... صوت دق خفيف على الباب،
وصوت معتصم وهو بينادي بهدوء:
– زينة...
قامت بسرعة، قلبها اتنفض،
فتحت الباب بإيد بترتعش شوية.
كان واقف قدامها، ساند على الباب،
شكله متوتر، وعينيه بتقول كلام كتير هو مش قادر ينطقه.
مد إيده لشعره، وعدّى صوابعه فيه كأنه بيهدي نفسه،
وبنبرة هادية لكنها واضحة، قال:
– هو احنا هنفضل كل واحد فينا في أوضة لوحده كده لحد إمتى؟
زينة بصّت له بصدمة، عينيها اتوسعت،
وسكتت لحظة كأنها مش قادرة تستوعب اللي سمعته.
هو عدّل وقفته، خد نفس عميق كأنه بياخد خطوة كبيرة،
وبص في عينيها وقال بكل هدوء وصدق:
– موافقة يا زينة... إن جوازنا يكمل ويبقى طبيعي؟... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
كان واقف قدامها، ساند على الباب،
شكله متوتر، وعينيه بتقول كلام كتير هو مش قادر ينطقه.
مد إيده لشعره، وعدّى صوابعه فيه كأنه بيهدي نفسه،
وبنبرة هادية لكنها واضحة، قال:
– هو احنا هنفضل كل واحد فينا في أوضة لوحده كده لحد إمتى؟
زينة بصّت له بصدمة، عينيها اتوسعت،
وسكتت لحظة كأنها مش قادرة تستوعب اللي سمعته.
هو عدّل وقفته، خد نفس عميق كأنه بياخد خطوة كبيرة،
وبص في عينيها وقال بكل هدوء وصدق:
– موافقة يا زينة... إن جوازنا يكمل ويبقى طبيعي؟.
زينة وقفت مصدومة ومش قادرة تنطق.. وكأن الكلام موصلش لعقلها! 
معتصم حرك ايديه قدام عينيها وقال بقلق: زينة انتي سمعاني؟ 
هزت راسه ب ااه وهي لسه مصدومة. 
معتصم عاد كلامه تاني وقال: موافقة يا زينة؟
هزت راسها بالموافقة وهي لسه مصدومة. 
معتصم ابتسم بسعادة وقرب منها اكتر وضمها. 
........ 
في القسم عند خالد.
بص في ساعته، كانت عدت 11 بالليل.
اليوم جري وهو غرقان في الشغل، ولسه عنده مأمورية كمان ساعتين..
مأمورية تقيلة هيطلع فيها للجبل عشان يقبضوا على هربانين من أحكام.
قام من على الكرسي وهو حاسس بتقل في صدره،
خد المفاتيح وحاجته، وطلع من أوضة مكتبه.
المفروض يكون في المديرية كمان ساعة عشان يتحرك مع القوة.
بس فكره مشغول، مش قادر يركز غير على ياسمين.
قلقان عليها، بس لسه زعلان منها. 
لسه صوتها بيرن جواه وهي بتقوله "طلقني"... والكلام اللي قالته مرسوم قدامه، مش راضي يروح.
ركب عربيته ،
وبدون تفكير لقى نفسه بيتحرك على عنوان شقته...
المكان اللي هي فيه،
هو عارف إنه ممكن يتأخر على المأمورية،
بس قلبه مش هيسكت غير لما يشوفها ويطمن عليها بعينه.
....... 
في الشقة عند ياسمين.
كانت واقفة في البلكونة، عينيها على السما،
نفس وقفة خالد اللي دايمًا كان بيقفها…
كانت سرحانة في اللي حصل بينهم،
بتلوم نفسها على كل لحظة زعلته فيها أو شكّت في حبه ليها.
دقايق وسمعت صوت المفاتيح في الباب.
قلبها ساب مكانه، دقاته سابقت خطواتها،
كأن روحها كانت معلقة برجوعه.
جريت من البلكونة،
ولحظة دخوله الشقة، كانت واقفة قدامه.
هو كان باين عليه التعب والإرهاق،
وهي وشها كان كله خجل وتأنيب ضمير…
عارفة إن كلمة "آسفة" صغيرة قدام وجعه.
خالد قرب منها وقال بهدوء: 
– مساء الخير.
ردت بصوت هادي مليان ارتباك: 
– مساء النور.
بص في عينيها وقال بجمود وسرعه:
– معلش اتأخرت في الشغل غصب عني…
جيت أطمن عليكي ونازل تاني…
انا كلمت السوبر ماركت يبعتوا كل حاجة ممكن تحتاجيها، وصلت؟
ردت وهي بتحاول تثبت صوتها: 
– أيوه… وصلت.
هز راسه واتحرك نحية الأوضة،
وقبل ما يدخل قال بنبرة رسمية: 
– هدخل أغير بسرعة وانزل. 
لازم أكون في المديرية دلوقتي.
فضلت واقفة مكانها،
حاسّة إن اللي بينها وبينه بقى فيه مسافة مش سهلة تقرب تاني.
بس قلبها مش مستحمل الزعل ده.
دخلت وراه الاوضة،
كان سايب الباب مفتوح، واقف يطلع لبسه.
قربت منه بخطوات مترددة وقالت:
– خالد… انت لسه زعلان مني صح؟
ما ردش،
بيحاول يفضل ثابت،
بس صمته كان واجعها أكتر من أي كلمة.
قربت أكتر، بنبرة مليانة رجاء: 
– أنا آسفة يا خالد…
والله ما هكرر اللي عملته تاني…
انا كنت موجوعة، وغصب عني جرحتك معايا.
فضل ساكت،
خلع الجاكيت بتاعه،
وبدء يفك زراير القميص،
وهي عينيها بدأت تهرب منه…
أول ما شافته خلع قميصه ورماه علي السرير ،
لفّت وشها بسرعة، ووشها بقى كله احمر.
ابتسامة خفيفة ظهرت على وش خالد، 
لما شافها اتكسفت منه ولفت وشها بعيد بسرعه،
هو مش قادر يزعل منها مهما حصل.
وهي لسه واقفة، صوتها بيترعش: 
– طيب قولي أعمل إيه عشان تسامحني؟
أنا مستعدة أعمل أي حاجة.
وفجأة سمعته بيقفل باب الحمام،
اختفى من قدامها، وسابها واقفة لوحدها.
قعدت تضرب برجليها الأرض،
تعض في صوابعها من الندم،
كل كلمة قالتها وزعلته رجعت تضرب في قلبها.
قربت من السرير،
مسكت قميصه اللي كان لابسه،
ضمته لحضنها كأنه هو،
كأن ريحته فيها حتة أمان بتهدي نار جوّاها.
فجأة، الباب اتفتح…
خالد خرج،
وشافها وهي بتحضن قميصه.
اتكسفت جدًا،
حطته بسرعة على السرير وكانت هتجري تخرج…
بس إيده سبقتها،
شدها ليه.
قرب منها، وهي مش قادرة تبصله…
خجلانة منه ومن نفسها ومن كل حاجة.
قال بصوته الهادي الدافي: 
– ينفع كده… تحضني قميصي وأنا واقف؟
وشها احمر أكتر،
سكتت.
هو ما استناش،
ضمها لحضنه…
لف إيديه حواليها بكل حنية.
هي كانت مشدودة،
بس حضنه فك كل العقد اللي جواها،
غمضت عينيها،
وسمعت دقات قلبه…
نفس الدقات اللي بتحس معاها بالأمان.
هو كمان كان محتاج الحضن ده،
كان تعبان من جواه…
بس دلوقتي، حاسس إنه مرتاح…
وإنه في حضنها لقى الدنيا كلها.
قطع اللحظة رنة تليفونه.
صوتها كان كأنه صفارة إنذار صحّت ياسمين من حضـ.ـنه.
بعدت عنه بسرعة، ووشها مليان ارتباك.
خالد بص على الموبايل اللي كان مرمي على السرير،
اسم "مهاب" منوّر على الشاشة.
مدّ إيده مسك إيدها،
كأنّه مش عايزها تهرب من اللحظة دي،
ورد على المكالمة بنبرة هادية: 
– أيوه يا مهاب؟
مهاب صوته كان مستعجل:
– انت فين يا خالد؟ القوة كلها جاهزة. 
خالد زفر، ضيق ظهر في عينيه:
– حاضر يا مهاب، أنا جاي في الطريق.
قفل المكالمة، ولسه ماسك إيد ياسمين.
هي بصت له بقلق واضح وسألته:
– انت رايح فين متأخر كده؟
خالد بدأ يلبس قميصه بسرعة،
وقال بنبرة عملية: 
– عندنا مأمورية في الجبل.
ياسمين بصت له بدهشة وخوف:
– يعني إيه مأمورية في الجبل؟
رد وهو بيقفل الأزرار: 
– في مجموعة هربانين من أحكام، واتحدد مكانهم… هنطلع نقبض عليهم ونرجع.
سألته بخضة:
– طب ما دول أكيد معاهم سلاح!
ضحك خالد بخفة وهو بيظبط هدومه قدام المرايا: 
– واحنا معانا إيه؟ أقلام وبرايات؟!
هي ماسمعتش ضحكه، قلبها اتقبض أكتر:
– السلاح ده حقيقي يا خالد.. صح؟
رد بنبرة جد شوية وهو بيعدّل هدومه: 
– دول أساس السلاح يا ياسمين… كلهم عليهم قضايا اتجار وتهريب سلاح تقيل كمان.
خوفها بان أكتر وهي بتقوله بنبرة كلها رجاء: 
– طب ينفع متروحش؟
قرب منها، مسك وشها بإيديه وقال بهدوء:
– مينفعش يا حبيبتي… ده شغلي، ولازم أكون هناك.
بصّت له، ولسه مش مقتنعة…
– طب ليه هتروحوا متأخر كده؟ 
خالد بص في ساعته: 
– مش متأخر… احنا لازم نوصل هناك قبل طلوع الفجر.
شهقت بصدمة:
– يعني هتقبضوا عليهم في وقت متأخر كده؟
ضحك تاني وهو بيحاول يخفف عنها: 
– ما احنا عارفين إنهم بيناموا بدري… قولنا نروحلهم قبل ما يصحوا، عشان المفاجأة تبقى لطيفة!
ضحك، وقرب منها،
طبع قبلة دافية فوق راسها،
وفي عيونه حنية وحب واحتواء ، قال:
– متخافيش.
خرجت معاه من الأوضة،
وهي قلبها مش مطمن وخايفه عليه ،
و بنبرة صوت كانت هادية قالت: 
– خد بالك من نفسك عشان خاطري يا خالد.
رد بابتسامة تطمن القلب: 
– وانتي كمان خلي بالك من نفسك يا حبيبتي، 
ومتقلقيش، مش هتأخر إن شاء الله.
خرج وسابها واقفة تبص على الباب،
قلبها بيدعيله من غير صوت. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن – بعد شوية وقت
خالد وصل،
وكان مهاب واقف بيتكلم مع ظابط تاني،
سلم عليه بسرعة، ودخلوا مع بعض على غرفة العمليات،
اللي كان فيها مدير الأمن وكبار الظباط،
قاعدين بيجهزوا خطة المأمورية
وكل واحد هيمسك منطقة ومعاه القوة بتاعته.
بعد كام دقيقة، الباب اتفتح،
ودخل معتصم وهو بيقول بعتذار:
– آسف يا فندم على التأخير.
مدير الأمن هز راسه وقال بهدوء: 
– اتفضل يا معتصم.
دخل وقعد،
مهاب بصله من فوق لتحت كده بتركيز غريب،
وبهمس قال ل خالد: 
– الواد معتصم شعره بيلمع.
خالد رفع حاجبه وقال بهمس مستغرب:
– يعني إيه؟
مهاب بص على شعر خالد وقال: 
– لا انت شكلك لسه.. بس بكره هتفهم يعني إيه!
خالد تقريبا فهم قصد مهاب وبص علي شعر معتصم وضحك.
معتصم لاحظ ،
بص لهم بنظرة نصها استغراب ونصها تهديد صامت،
وهمس بشفايفه من غير صوت: 
– في إييه؟؟
قبل ما يلحقوا يردوا،
صوت القائد جه حاسم: 
– ياريت الكل يركز معايا.
وبدأ القائد يشرح الخطة،
رسم لهم خريطة التحركات،
ووزع المهام على كل مجموعة وظابط.
بعد الاجتماع،
خرجوا عشان كل واحد يتحرك على حسب فرقته.
معتصم استناهم بره،
أول ما خالد ومهاب خرجوا قال لهم وهو واقف قدامهم:
–  انتوا كنتوا بتضحكوا علي ايه ؟
مهاب ابتسم ورفع ايده ولمس شعر معتصم وقال: 
– انت شعرك بيلمع كده ليه النهاردة؟
معتصم اتعصب علي مهاب:
– تصدق إنك عيل بارد.
ومشي سايبهم وراه.
مهاب بص لخالد، وقاله: 
– معلش يا بن الدريني… بكره الدور ييجي عليك.
خالد بص له بغيظ وقال: 
– انت فعلًا عيل بارد.
وسابه ومشي. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد طلوع الفجر – في الجبل
المأمورية خلصت.
بعد مطاردة عنيفة،
رجالة الشرطة قدروا يقبضوا على الهاربين،
والمأمورية نجحت رغم إن فيها إصابات:
ظابط و3 عساكر.
معتصم بص لمهاب اللي كان قاعد بيتألم من الإصابة في دراعه،
وقاله وهو بيضحك: 
– من أعمالك!
كان نفسي الطلقة دي تيجي في لسانك… عشان نخلص من رخامتك!
خالد قرب منهم وهو بيضحك وقال:
– إيه يا مهاب؟
هنلحق نروح المستشفى ولا نتصرف هنا وندفن الجثه في الجبل!
مهاب بصله بغيظ: 
– عايز تدفني عشان حتة رصاصة دخلت في كتفي يا ابن الدريني! بس اطمنوا انا عايش وقاعد على قلبكم.
معتصم ضحك وقال: 
– خلينا نحطه مع المصابين اللي مقبوض عليهم ونقول اننا لقيناه معاهم!
مهاب لف ليه وقال: 
– آه ما انت جاي مزاجك رايق…
لك حق تتريق على أوجاعي!
وبص لخالد وقاله: 
– ابن الدريني هو اللي هيحس ب اوجاعي.. عشان احنا موجوعين زي بعض..
انا مجروح في دارعي ،
وهو مجروح في قلبه.. 
وواخد علي دماغه من مراته قبل ما يجي.
خالد بص ل مهاب بغيظ وضغط علي دراعه مكان الرصاصه وقاله: طب إيه رأيك في الوجع ده! 
مهاب صرخ: 
– عايز تموتني يا ابن الدريني!.
معتصم كان واقف بيتفرج وبيضحك من قلبه،
مهاب بص له وقال:
– وانت سايبه يعذبني وواقف تضحك! 
معتصم قال لخالد:
– بقولك إيه… خلينا ناخده المستشفى.
رغم إن خسارة فيه.
خالد ضحك وقال: 
– رأيك نوديه المستشفى الأول؟
ولا نرجع المديرية مع القوة وبعدين نرجع نشوف هنعمل فيه ايه؟
مهاب صرخ فيهم: 
– انتوا بتتشاوروا هتعملوا إيه؟
خلصوني! أنا بموت !
خالد قرب منه وسنده،
ومعتصم كان بيبص له وهو ماشي يعرج
مع إن الرصاصة في دراعه. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
الساعة 10 الصبح.
خالد رجع شقته،
ولقى ياسمين نايمة في الصالة، شكلها كانت مستنياه ومقدرتش تقاوم النوم.
قرب منها وشالها بحنان،
ودخل بيها أوضة النوم،
حطها على السرير بهدوء وهو بيبصلها بحب.
خد هدومه ودخل ياخد شاور.
بعد شوية،
ياسمين فتحت عنيها،
بصت حواليها لقت نفسها على السرير،
لكن خالد مش موجود،
ولقت تليفونه وحاجته ،
فاطمنت إنه رجع بالسلامة.
قامت بسرعة وقربت من باب الحمام،
سمعت صوت الميه،
واتأكدت إنه جوه.
رجعت وقعدت على السرير مستنيا يخرج،
وهي قلبها بيدق بسرعه من اللهفة عليه.
بعد دقايق،
خرج خالد من الحمام،
فجريت عليه أول ما شافته وهي بتقول بلهفة:
– خالد! انت رجعت إمتى؟
حضنها بحب وقال:
– من شوية.
قالت بتوتر:
– اتأخرت ليه؟ أنا كنت قلقانة عليك قوي!
ابتسم لها وهو بيطمنها:
– مهاب اتصاب في دراعه،
فروحنا بيه المستشفى،
ووصلناه بيته.
شهقت بصدمة:
– اتصاب ازاي! طب هو عامل إيه دلوقتي؟
مسك إيديها بلطف وقال:
– كويس الحمدلله..
بالليل هاخدك ونروح نزوره،
ومعتصم وزينة هييجوا معانا.
حضنته وهي بتقول بصدق وخوف:
– الحمدلله إنك رجعتلي بخير يا حبيبي.
بصلها خالد وقال بهدوء:
– أنا حبيبك بجد يا ياسمين؟
يعني لو أنا اللي اتصبت… كنتي هتخافي عليا؟
حطت إيدها بسرعة على شفايفه وقالت:
– متقولش كده تاني أبدًا…
ربنا يحفظك ليا يا خالد.
بصلها بحب،
وهي بصت له وقالت من قلبها:
– أنا بحبك أوي يا خالد…
ومش متخيلة حياتي من غيرك.
أرجوك متسبنيش… حتى لو أنا طلبت منك مليون مرة إنك تسيبني، متعملش كده!
ضم وشها بإيديه،
وقرب منها وهو بيبصلها بثبات وقال:
– مستحيل أسيبك…
ولا أبعد عنك لحظة…
انتي أغلى من روحي يا ياسمين.
قربت منه ببساطة،
وطبعت على خده بوسة رقيقة كلها حب وامتنان.
خالد ضحك وقال:
– هو ده آخرك يعني؟
اتكسفت ياسمين وبصّت في الأرض،
مسك إيديها وقال بلطف:
– انتي لسه محتاجة وقت تفكري في جوازنا؟
لسه مش مطمنة؟
هزّت راسها بـ"لأ" وهي مكسوفة وقالت:
– خدت وقتي كفاية،
واتأكدت إن جوازنا ده أحسن قرار خدته في حياتي.
ابتسم بسعادة، وقال:
– أنا بحبك أوي يا ياسمين… بحبك.
وضمها لحضنه بقوة،
وكأنها بقيت كل دنياه،
روحه، ونَفَسه اللي بيتنفسه.
سألها وهي جوه حضن:
– يعني مش هتندمي لو جوازنا أكتمل ؟
هزت راسها ب "لأ" وقالت:
– مستحيل اندم يا خالد. 
واكتمل زواج خالد وياسمين...♥️
زواج مبني على الحب، والتسامح، والاحتواء.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور اسبوع. 
في بيت الشرقاوي.
دخل راشد الشرقاوي، أبو يحيى، وهو متعصب ووشه مليان غضب. فتح باب أوضة مكتب أبوه بعصبية وبخطوات سريعة، وصوته كان مليان لوم ومرارة:
– فين يحيى يا حاج؟ ابني اتسجن! ضيّعته زي ما ضيّعت عمه؟!
الحاج الشرقاوي اتفاجئ أول ما شافه، وانتفض من مكانه ورفع صوته:
– انت رجعت من أمريكا إمتى؟! وأحمد ابن أخوك فين؟ سايبه هناك لوحده؟!
رد راشد، وصوته فيه قهر وغضب مكتوم:
– ابن أخويا في أمان مع مراتي وبنتي.. ابني هو اللي هنا في خطر، إزاي تخبي عليا إن ابني مقبوض عليه في قضية خطف؟!
الحاج الشرقاوي رجع قعد مكانه بنفس الكبرياء اللي دايمًا لابسه، وقال بهدوء تقيل:
– ابنك هيخرج النهاردة.. كلها ساعة وهتلاقيه داخل علينا مع المحامين بتوعنا.
راشد انفجر فيه بغضب وعيونه كانت مليانة وجع:
– حتى لو خرج المرة دي! هييجي اليوم اللي هيدخل فيه ومش هيخرج تاني.. وهيضيع شبابه بسببك وبسبب شغلك اللي عمرك ما عرفت توقفه، حتى بعد ما ضيّع منك ابنك!
الحاج الشرقاوي صرخ بعصبية:
– وهو اتقبض عليه عشان شغلي؟! ولا عشان غبي.. بيخطف مرات ظابط!
راشد اتجمد مكانه، صدمته كانت أكبر من إنه يرد في اللحظة دي، وبصله وهو بيهمس:
– وليه يحيى يعمل كده؟!
رد الشرقاوي ببرود:
– اتجنن.. كان عايز ياسمين بنت عمه بأي طريقة. خطف صحبتها علشان يجبرها تتجوزه.. وفي الآخر عرفنا إنها اتجوزت خالد حفيد اللواء وحيد!
راشد كان واقف مش فاهم حاجة، الدنيا بتلف حواليه، مين بيحب مين؟ مين اتجوز مين؟ بس هو مش شايف غير يحيى، ابنه، قدّامه بيضيع.
رفع صوته وقال بإصرار:
– كل الكلام ده ميهمنيش.. أنا هاخد يحيى ونسافر. مش هسيبك تضيع ابني يا أبويا!
وفي وسط الكلام، الباب اتفتح، ويحيى دخل مع المحامين. كان باين عليه التعب، هدومه مش مترتبة، وملامحه شاحبة.
راشد جري عليه بلهفة، قلبه بيترعش:
– يحيى ابني.. طمني عليك!
يحيى رفع عينه ليه وقال بتعب:
– رجعت ليه يا بابا؟ أحمد ابن عمي فين؟
نظرة راشد ل ابنه كانت كلها حيرة.. صوته حتى بقى شبه جده!
قاله بهدوء:
– رجعت عشان آخدك معايا يا يحيى.. نسافر ونبعد عن كل ده.
لكن يحيى، بخطوات تقيلة من كتر الإرهاق، مشي قدامه وقال بإصرار:
– أنا مكاني هنا يا بابا.. ولسه ليا حق هنا مخدتوش.
وسابهم وطلع على فوق، وساب وراه أبوه واقف مش قادر يتحرك من الصدمة.
الحاج الشرقاوي راح قعد مكانه تاني، بنفس الثقة والبرود، وبص لابنه وقال بنبرة حاسمة:
– ارجع على أول طيارة يا راشد.. مينفعش تسيب مراتك وبنتك وابن أخوك هناك لوحدهم.. في بلد غريبة من غير راجل!
راشد بصله بصدمة، وحس ساعتها إنه فعلاً خسر يحيى خلاص.
.......... 
في أوضة يحيى.
دخل ياخد شاور، يمكن يهدى أو ينسى، لكن حتى بعد ما خرج، مفيش نوم.. مش قادر يرتاح.
جواه نار.. مش بيهدى، مش مستسلم.
مسك التليفون وكلم واحد من رجّالته، وبعد دقيقتين وصلته صور كتير على موبايله.
صور لخالد وياسمين في كل مكان.. في خروجاتهم، في تحركاتهم، ضحكهم، قربهم.. كل لحظة متوثقة.
قرب من الشاشة، ركّز على ملامح ياسمين وهي جنب خالد.. كانت هادية، مرتاحة، وعنيها بتضحك.
ابتسم بسخرية، عينيه فيها جنون، وهمس بإصرار تقيل:
– هتجيلي برجلك يا ياسمين.. وتترجيني علشان تكوني معايا... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
في أوضة يحيى.
دخل ياخد شاور، يمكن يهدى أو ينسى، لكن حتى بعد ما خرج، مفيش نوم.. مش قادر يرتاح.
جواه نار.. مش بيهدى، مش مستسلم.
مسك التليفون وكلم واحد من رجّالته، وبعد دقيقتين وصلته صور كتير على موبايله.
صور لخالد وياسمين في كل مكان.. في خروجاتهم، في تحركاتهم، ضحكهم، قربهم.. كل لحظة متوثقة.
قرب من الشاشة، ركّز على ملامح ياسمين وهي جنب خالد.. كانت هادية، مرتاحة، وعنيها بتضحك.
ابتسم بسخرية، عينيه فيها جنون، وهمس بإصرار تقيل:
– هتجيلي برجلك يا ياسمين.. وتترجيني علشان تكوني معايا.
.........
تاني يوم الصبح.
خالد كان في القسم، قاعد على مكتبه ووشه باين عليه الإرهاق والتفكير.
دخل العسكري عليه وهو ماسك كارت صغير في إيده، وهو بيقول:
– صاحب الكارت ده عايز يقابل حضرتك يا باشا.
خالد أخد الكارت وبص عليه، عينه وسعت من المفاجأة وهو بيقرأ الاسم: "راشد الشرقاوي".
سكت ثواني كده، وبعدين قال للعسكري بهدوء:
– دخّله.
وقام من مكانه، واقف مستني دخول عم ياسمين، وفي ملامحه ترحيب حذر.
دخل راشد، خطواته تقيلة بس واثقة، وسلّم على خالد وقال بنبرة هادية:
– أنا جيت أقابلك يا حضرة الظابط أول ما عرفت إنك اتجوزت ياسمين بنت أخويا.. لازم أشوفها وأتكلم معاها ضروري.
خالد مد إيده وسلّم عليه باحترام، وقال بنبرة فيها جدية وهدوء:
– طبعًا حضرتك من حقك تشوف ياسمين.. بس اعذرني، لازم أطمن إن المقابلة دي مش هتضرها.
راشد بصله بثقة ونبرته كانت فيها حرقة من جواه:
– دي بنت أخويا يا حضرة الظابط، ومستحيل أأذيها.. أنا جاي علشان أحمي ولاد أخويا، وكمان أحمي ابني من تهوره اللي هيضيعنا كلنا.
خالد فضل ساكت لحظة، وبعدين سأله بنبرة فيها تحفّظ:
– هو حضرتك اتكلمت مع يحيى ابنك قبل ما تيجي؟
راشد خد نفس كأنه بيكتم غضبه، وقال بقلق باين في صوته:
– اتكلمت معاه.. بس لازم أوقفه عن أي جنان بيفكر فيه. أنا مش مستعد أخسره.
خالد فضل باصص له، وعنيه بتقرا ملامحه كويس، وبعدين هز راسه بتفهم وهو سايب الراجل يكمّل اللي في قلبه.
............ 
في شقة معتصم.
ياسمين كانت قاعدة على الكنبة، ساكتة وعيونها سرحانة في السقف. قلبها مشغول بأخوها أحمد، وكانت بتسأل نفسها في صمت: يا ترى عامل إيه دلوقتي؟ عايش إزاي؟ تعبان؟ جعان؟ خايف؟
كانت حاسة بعجز قاتل، ودموعها واقفة على طرف عنيها.
زينة قربت منها، ومعاها طبق كيك سخن لسه خارجة من الفرن، ريحتها مالية المكان.
قعدت جنبها، ومدت الطبق لياسمين وقالت بنعومة:
– بتفكري في إيه؟
ياسمين بصتلها وفي عنيها وجع واضح ، وقالت بصوت مكسور:
– بفكر في أحمد أخويا.. وحشني أوي يا زينة.
زينة طبطبت على إيدها بحنان، وقالت بنبرة فيها طمأنينة:
– هيرجع إن شاء الله يا ياسمين.. وبعدين جدك مش هيأذيه، ده حفيده برضه!
وكمان خالد وعدك إنه هيرجعه، صح؟
ردت ياسمين وهي بتتنهد:
– أيوه، وعدني...
بس أنا مش خايفة من جدي، أنا متطمنة إن أحمد في أمان طول ما يحيى محبوس...
اللي مخوفني بجد، لو يحيى خرج وفكر ينتقم مني من خلال أحمد.
زينة اتشدت فجأة، وبصتلها بارتباك كأنها بتخبّي سر كبير، وقالت بتردد:
– على فكرة... يحيى تقريبًا خرج امبارح.
أنا سمعت معتصم بيتكلم في التليفون وكان متضايق جدًا إنه قدر يخرج...
قال إن في حد بيساعدهم يهربوا من أي تهمة بسهولة، ومحدش عارف مين هو!
ياسمين أول ما سمعت الكلمة دي، اتجمدت في مكانها، الدم جري في عروقها بسرعة، وقلبها بدأ يدق بسرعة.
بصت لزينة بخوف وقالت بصوت مرتعش:
– خرج؟! إزاي يعني؟!
ده ممكن يأذي أحمد بجد.. ده مجنون، ومحدش هيقدر يوقفه.
وقامت من مكانها فجأة، عينيها فيها قرار، وقالت:
– أنا لازم أروح لجدي وأقوله يحمي أحمد من يحيى.
زينة قامت وراها وقالت بسرعة وبقلق:
– تروحي فين يا ياسمين؟!
إنتي هتروحي بيت جدك لوحدك؟!
ردت ياسمين بنبرة فيها عزيمة:
– جدي كان بيحب بابا.. وأنا متأكدة إنه مش هيسمح ليحيى إنه يأذي حفيده.
زينة حاولت تهديها، وقالت وهي بتحاول تمسك بإيدها:
– طب استني بس! كلمي خالد الأول، خليه ييجي معاكي.
لكن ياسمين كانت مصممة، وقالت وهي بتفتح الباب:
– مش عايزة أعطله عن شغله.. أنا هروح أكلم جدي وهرجع البيت على طول، متقلقيش.
وخرجت بسرعة من الشقة، وسابت وراها زينة واقفة مكانها، ضميرها بيأنبها إنها قالتلها إن يحيى خرج.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
ياسمين نزلت من العمارة اللي فيها شقة معتصم، وكانت ماشيه بسرعة وفي قلق ظاهر على ملامحها.
وقفت تاكسي، وركبت بسرعة وقالت للسواق عنوان بيت الشرقاوي.
العربية اتحركت بيها، وكل لحظة كانت بتعدي كانت بتزود توترها وخوفها.
بس فجأة، عربية سودة قطعت عليهم الطريق بعنف، والسواق فرمل مرة واحدة وركن على جنب.
ياسمين اتشدت لقدّام من الفرملة، وبصت للسواق وقالت بقلق:
– في إيه؟!
السواق بص من المراية الخلفية وهو واضح عليه الرعب، وقال:
– مش عارف!
رجالة نزلوا من العربية اللي قصادهم، باين عليهم إنهم مسلحين، وكل خطوة منهم كانت بترجّ الأرض.
قربوا من التاكسي، وواحد منهم هدد السواق بالسلاح وهو بيشاور له ينزل.
السواق خاف منهم، فتح الباب ونزل بسرعة.
ياسمين كانت مرعوبة، قلبها بيخبط في صدرها، ومش فاهمة إيه اللي بيحصل حواليها.
وفجأة... باب العربية من ناحيتها اتفتح، ودخل يحيى وقعد جنبها بكل برود.
ياسمين أول ما شافته، وشها شحب، وجسمها كله اتجمد مكانه.
نظراته ليها كانت زي السكينة، بتقطع فيها من غير ما يتكلم.
وقال بنبرة هادية بس باردة، فيها تهديد مستخبي:
– إيه يا بنت عمي؟ رايحة فين كده؟! ده مش طريق بيتك الجديد!
ياسمين بلعت ريقها بالعافية، وكانت بتحاول تخبي خوفها وتركب ملامح قوية على وشها، وردت بتوتر:
– انت... انت عايز إيه يا يحيى؟
ابتسم ابتسامة باردة، ورفع tablet اللي في إيده وقال:
– مش أنا اللي عايز... أحمد أخوكي هو اللي عايز يكلمك.
ضغط على الشاشة، وظهر أحمد في فيديو كول.
ابتسم يحيى وقال:
– عامل إيه يا أحمد عندك؟ وحشتنا!
أحمد رد بصوته الطفولي، اللي قلب ياسمين اتخطف لما سمعته:
– أنا كويس يا يحيى، بس ماما وياسمين وحشوني أوي... وعايز أرجع أشوفهم.
دموع ياسمين نزلت وهي لسه مش مصدقة إن ده صوت أخوها، مدت إيديها وخطفت التاب من يحيى، عينيها مش قادرة تشيلها من وش أحمد، اللي كان بيضحك ومتحمس أول ما شافها.
قال أحمد بسعادة:
– ياسمين! كنتي فين؟! وحشتيني أوي! ماما فين؟! إنتوا مجتوش ليه؟! يحيى قالي إنكم جايين ورايا في الطيارة!
دموعها كانت بتنزل وهي بتحط إيديها على الشاشة كأنها عايزة تلمسه، وصوتها كان مبحوح من الشوق والوجع:
– إنت عامل إيه يا حبيبي؟ مبسوط؟ عايش كويس؟
أحمد قال ببراءة:
– كل حاجة هنا حلوة... بس أنا مش مبسوط من غيرك إنتي وماما. الولاد هنا مش عارف أكون صاحبهم، أنا عايز أرجع عندكم. قولي لجدو ويحيى يرجعوني.
ياسمين كانت بتهز راسها وهي مش قادرة توقف دموعها:
– حاضر يا حبيبي.. هقولهم.
سألها أحمد بقلق:
– إنتي بتعيطي ليه يا ياسمين؟
قبل ما ترد، يحيى خطف التاب من إيديها وقال بصوت هادي وناعم زي السم:
– ياسمين زعلانة علشان إنت عايز ترجع بسرعة ، هي كانت عايزة تيجي عندك وتفرّجها على الأماكن الحلوة اللي روحتها.
أحمد رد بعفوية:
– خلاص، قولها متعيطش.. أنا هستناها هي وماما، وهفرّجهم على كل الإمكان الحلوة هنا.
رد يحيى وهو بيقفل الاتصال:
– اتفقنا.. هنكلمك تاني يا بطل. مع السلامة.
وقفل التاب، وبص لياسمين اللي كانت منهارة جنبُه، ووشها كله دموع.
قال بنبرة فيها لعب على وتر ضعفها:
– أحمد صعبان عليا أوي... يعني طفل في السن ده، في بلد غريبة، لوحده... من غير أمه ولا أخته؟! صعب.
ياسمين بصت له بعيون كلها غضب وانكسار، وقالت بحدة:
– إنت عايز إيه يا يحيى؟!
بص قدامه بثقة، وقال وهو ماسك أعصابُه:
– إنتي اللي عايزة مش أنا... عايزة أخوكي يرجع؟ مفيش حد في الدنيا كلها يقدر يرجعه ليكي غيري.
سكتت لحظة، وبعدين قالت بنبرة متحدية:
– إيه اللي إنت عايزه؟ عشان ترجعه؟!
بص لإيديه بهدوء، وقال بكل برود:
– تطلبي الطلاق من الباشا جوزك... وتيجي لحد عندي وتعتذري على هروبك مني.
ياسمين فتحت عينيها من الصدمة، وقالت:
– إنت بتحلم يا يحيى!
ضحك بسخرية وهو بيفتح باب العربية:
– وماله... بُكرة الحلم يبقى حقيقة... لما تتأكدي إن مفيش غيري يقدر يرجعلك أخوكي.
نزل من العربية، وشاور لرجالته إنهم يرجعوا السواق لعربيته.
ياسمين كانت لسه قاعدة، مصدومة، مش قادرة تتحرك، وكل اللي في بالها كان احمد اخوها.
السواق رجع يركب مكانه، وهو باين عليه التوتر، وبص لياسمين اللي كانت عيونها متغرقه دموع.
بصّت له وقالت بصوت مكسور:
– مش هروح العنوان اللي قولتلك عليه... وديني قسم الشرطة لو سمحت.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في قسم الشرطة.
كان خالد لسه قاعد مع راشد، عم ياسمين، وبيتكلموا سوا.
راشد قال لخالد بنبرة فيها جدية:
– أنا هساعدكم ترجعوا أحمد مصر... ده ابن أخويا، ومش هسيبه يتبهدل.
قبل ما خالد يرد، الباب خبط، والعسكري دخل، بس ماكملش كلامه، لأن ياسمين دخلت وهي منهارة من العياط.
عينيها حمرا، وأنفاسها متقطعة، ونطقت اسم خالد بصوت مبحوح ومكسور:
– خـ... خالد!
خالد قام بسرعة، وقرب منها بخضة وقلق واضح على وشه:
– ياسمين! في إيه؟! إيه اللي حصل؟!
في اللحظة دي، راشد وقف مكانه مصدوم، بيبص لياسمين، وكل حاجة اتجمعت في ملامحها قدامه…
اسمها اللي خالد ناداه، ملامحها اللي فيها من أخوه…
فهم في لحظة إنها بنت يحيى... بنت أخوه اللي أول مرة يشوفها.
ياسمين وقفت مكانها وهي بتنهار، وقالت بصوت مقطع من البكاء:
– أنا شوفت أحمد... كلمته فيديو... يحيى هو اللي ورّاني... وقاللي إن مفيش حد غيره يقدر يرجعه!
خالد كان مصدوم، وصوته علي من الغضب:
– وانتي شوفتي يحيى فين؟!
ياسمين بدموع ووجع قالت:
– مش مهم شوفته فين، المهم إن أحمد أخويا محتاجني... وطلب مني أرجعه... وأنا مش قادرة أعمل حاجة!
خالد حاول يطمنها، وبص لراشد وقال:
– عمك راشد هنا يا ياسمين... جاي مخصوص عشان يساعدنا.
أحمد عنده في أمريكا... وعايش مع مراته وبنته، ومفيش خطر عليه.
ياسمين بصت لخالد بصدمة، وبعدين عينيها اتحركت ناحية راشد، اللي كان واقف ورا خالد...
هي ماخدتش بالها منه أول ما دخلت من كتر انهيارها.
فضلت تبص له، والصدمة مرسومة على وشها...
كان فيه شبه كبير من أبوها... في ملامحه... في صوته وهو بيتكلم ويقرب منها وقال بهدوء:
– متخافيش يا ياسمين... أحمد في بيت عمك، في أمان... وانا اللي هرجعه إن شاء الله.
ياسمين بدأت تمسح دموعها، بس قلبها لسه مش مطمن، خصوصًا بعد اللي حصل من يحيى.
راشد قرب أكتر وقال بحنان:
– أنا عمك راشد... أخو أبوكي الكبير.
ياسمين اتلخبطت، واتوترت أكتر، ومسكت في إيد خالد كأنها بتحتمي فيه، وقالت بصوت مليان خوف:
– هتساعدنا نرجّعه إزاي؟ يحيى قاللي إن مفيش حد يقدر يرجعه غيره!
راشد بص ليها بنظرة فيها حزم وثقة وقال:
– أحمد عندي أنا، ومحدش هيمنعني إني أرجعه.
بس لازم تساعدوني أبعد يحيى من هنا، وأخده معايا يسافر بعيد عن جده، قبل ما يضيع مني آكتر من كده.
خالد بص لياسمين، وكانت ملامحه كلها جدية، وقال بنبرة هادية بس تقيلة:
– ياسمين... يحيى طلب منك إيه عشان يرجع أحمد؟
ياسمين سكتت لحظة، وبصت له بتوتر، وعينيها بدأت تدمع تاني، وقالت بصوت مكسور:
– طلب.. إني اطلب الطلاق منك.
خالد بص لياسمين وعيونه ولعت نار من الغضب، كأن الشرار بيطير منها.
راشد اتكلم بصدمة:
– ويحيى هيستفاد إيه لما تطلبي الطلاق من جوزك؟! هو اتجنن ولا إيه؟!
رد خالد بعصبية:
– واضح إنه مش ناوي يعقل،
بس لازم يفهم إن مراتي خط أحمر.
راشد قال بنبرة فيها رجاء:
– أنا مش عايز أخسر ابني يا خالد... بترجاكم ساعدوني، وأنا أوعدكم هساعدكم وأرجعلكم أحمد.
خالد كان لسه واقف، غضبه ظاهر في كل ملامحه، وياسمين كانت واقفة جنبه، قلبها بيخبط من التوتر...
بصت له بقلق، وشايفة عنيه مش مطمنه خالص.
رد خالد بجمود وبنبرة تقيلة:
– اللي يهمني دلوقتي إن مراتي تحس بالأمان وتكون مطمّنة... وده مش هيحصل غير لما أخوها يرجعلها.
لو حضرتك رجعتلها أحمد... ساعتها بس نقدر نتكلم عن إن انا اساعدك.
راشد هز راسه بتأكيد وقال:
– أنا راجع أمريكا النهاردة، ووعد منّي... خلال أسبوع بالكتير، هكون هنا وأحمد معايا.
ياسمين قربت منه وهي بتبصله بلهفة ودموعها لسه على خدها:
– بجد؟ يعني أحمد هيرجع؟ بعد أسبوع بس؟!
راشد ابتسم لها بثقة وقال بنبرة حنونة:
– إن شاء الله يا بنت أخويا... اطمني، أخوكي في أمان.
ياسمين هزت راسها وهي بتحاول تبتسم رغم الدموع، كأن قلبها بدأ يهدى شوية.
راشد سلّم عليهم وخرج، وسابهم لوحدهم.
ياسمين كانت لسه واقفة مكانها، قلبها بيرفرف، بس أول ما بصت لخالد... قلقت.
كان واقف بيبصلها بحدة، عنيه كلها عصبية، ووشه بيغلي.
لف وشه ناحيتها وقال بنبرة كلها لوم وغيرة:
– انتي نزلتي من عند زينة لوحدك ليه؟ ومن غير ما تقوليلي؟ 
ياسمين اتلخبطت وقالت بتوتر:
– أنا مش هكدب عليك يا خالد...
نزلت من عند زينة وكنت رايحة عند جدي بعد ما عرفت من زينة إن يحيى خرج.
كنت ناوية أطلب من جدي يحمي أحمد... أنا متأكدة إنه مش هيسمح ليحيى يضر حفيده.
خالد كان واقف ساكت، بس عينه بتتكلم... شايفة فيها نار.
كملت كلامها وهي مرتبكة:
– وأنا في الطريق ل بيت جدي... لقيت يحيى قطع عليّا الطريق.
خالد ضغط على شفايفه بغيظ، وحاول يسيطر على غضبه، بس فشل.
صرخ فيها بعصبية:
– انتي ليه مبتتعلميش يا ياسمين؟!
ليه كل شوية تتصرفي من دماغك وتخدي قرارات من غير ما ترجعيلي؟
انتي عارفة إن المجنون ده كان ممكن يخطفك؟
انتي شكلك مش هترتاحي غير لما يحيى يموت على إيدي!
سكتت وهي باصة له بتوتر، مش قادرة ترد ولا حتى تدافع عن نفسها.
خالد راح قعد على مكتبه وهو بينفجر من الغيظ وقال:
– مش عارف لحد إمتى هتفضلي متهورة كده!
انتي مش مطلوب منك تعملي أي حاجة، كل اللي انتي بتعمليه ده بيعرض حياتك للخطر.
سكتت لحظة، وبعدين قالت بصوت عالي وغاضب:
– لو انت مكاني يا خالد... كنت عملت أكتر من كده!
ليه مش قادر تحس بالوجع اللي أنا فيه؟!
بصلها خالد بنظرة جامدة وقال ببرود:
– مين قالك إني مش حاسس بيكي؟
أحمد غالي عليّا أنا كمان، وقلبي بيتقطع عليه.
بس انتي فاهمة غلط... الموضوع مش بسيط زي ما انتي متخيلة.
أنا عرفت مكان أحمد في أمريكا قبل حتى ما عمك ييجي يقول، بس رجوعه محتاج إجراءات لأن جدك هو الواصي عليه ... يعني مش حاجة هتخلص بكرة الصبح!
بصت له بعدم اقتناع وسكتت، كأنها مش مستوعبة الكلام.
خالد اتنهد بتعب، ومسح وشه بإيده، وهو بيحاول يهدى:
– نفسي أطمنك... بس في حاجات لازم تمشي صح، مش بسرعة.
الباب اتفتح فجأة، ودخل مهاب بطريقته المرحة المعتادة وهو بيقول:
– صباح الفل يا جماعة، إيه الأخبار؟!
بس فجأة وقف مكانه وهو شايف ياسمين قاعدة بعيد عن خالد، والجو مش طبيعي...
باين عليهم كانوا بيتخانقوا.
قرب منهم بخفة وقال:
– هوه إيه ده؟ إنتوا متخانقين ولا إيه؟!
بص لياسمين وهو بيبتسم وسلّم عليها:
– إزيك يا ياسمين؟ عاملة إيه؟
ياسمين ردت عليه بهدوء، لكن مفيش ابتسامة... الجو مكهرب.
مهاب بص لخالد وسأله باستغراب:
– هو في إيه يا خالد؟!
خالد مردش، وبص للمكتب قدامه كأنه مش سامع ولا شايف.
مهاب رجع يبص لياسمين وقال بنغشة:
– على فكرة، لو جوزك مزعلك، أنتي تقدري تعملي فيه محضر دلوقتي، وأنا أظبطلك الدنيا متقلقيش، ده أنا ممكن أصعّد الموضوع لأعلى مستوى كمان!
ضحكت ياسمين بس ضحكة كلها غيظ، وبصت لخالد وقالت:
– أنا فعلاً عايزة أعمل محضر فيه... يمكن ساعتها يحس بيا شويه!
خالد رفع عينه وبص لها بضيق وقال:
– وانا كمان نفسي تحسي بيا شوية... وتقدّري خوفي عليكي مش تستهيني بيه كده.
ردت ياسمين بسرعة وهي بتبص لمهاب اللي واقف بينهم:
– على فكرة يا مهاب أنا مكلمتكش انت!
ووفر خوفك عليا ده، لأني مش طفلة صغيرة... أنا كبيرة كفاية وعارفة بعمل إيه!
خالد رد بعصبية وهو بيبصلها:
– والله يا مهاب، انت مش فاهم أي حاجة... وهتفضل تدخل في اللي ملكش فيه لحد ما تضر نفسك!
ياسمين وقفت وهي مولعة وقالت:
– ماشي يا مهاب... لما أضر نفسي متجيش تلحقني!
خالد رماها بنظرة وقال بسخرية:
– مبقاش الحقك إزاي يعني؟!
مهاب واقف في النص بينهم، وبيبص يمين وشمال مش فاهم:
– هو في إيه بالظبط؟!
قامت ياسمين وهي متنرفزة وقالت بحدة:
– أنا راجعة البيت.
خالد وقف بسرعة وقالها بحدة:
– ترجعي فين لوحدك؟! أنتي مش هتتحركي لأي مكان لوحدك تاني.
قربت منه وهي متعصبه وقالت:
– يعني إيه؟! هو أنا طفلة خايف تتوه؟!
خالد قرب منها كمان وقال:
– لو كنتي طفلة، كنتي سمعتِ الكلام من الأول...
وماكنتيش خلتيني أوصل إني أخاف عليكي بالطريقة دي!
ياسمين ضربت الأرض برجليها من الغضب وقالت:
– طب أنا عايزة أمشي من هنا دلوقتي !
خالد بص لها بغيظ وقال:
– تمام... اتفضلي، أنا هوصلك بنفسي.
ياسمين طلعت من المكتب وهي ماشية بسرعة وعصبية، وخالد خد مفاتيح عربيته وخرج وراها وهو بيكتم غليانه بالعافية.
مهاب وقف لوحده في نص المكتب، لافف حواليه زي التايه.
بص حواليه وقال وهو بيهمس لنفسه بدهشة:
– هما اتجننوا ولا إيه؟!
قعد على كرسي خالد وفضل يبص للسقف، ولسه بيكلم نفسه:
– هو انا كنت جاي هنا ليه؟؟ 
بعد شوية، دخل العسكري المكتب وقال:
– في آنسة برا عايزة تقابل خالد باشا.
مهاب رفع حاجبه وهمس لنفسه وهو بيقلب في الاحتمالات:
– آنسة؟! عايزة تقابل خالد؟! هو ابن الدريني بيعرف بنات من ورا ياسمين ولا إيه؟!
يبقى كده ياسمين قفشته وهو بيخونها…🤔
بص للعسكري وقال له وهو بيحاول يخبّي حماسه:
– طب دخلها يابني… نشوف القصة دي هتوصل لفين.
العسكري خرج، وبعد لحظات دخلت كارما.
أول لما مهاب شافها… وقف مكانه وبص لها باستغراب وهو بيهمس لنفسه:
– آاااه يا ابن الدريني… انت حظك نار كده ليه في البنات؟! هو في إيه؟ ده شكلها مصيبة.
كارما استغربت لما لقت مهاب مش خالد، وقالت بنبرة فيها استفسار:
– هو خالد مش موجود؟
مهاب بص لها وهو بيحاول يحافظ على هدوئه، وقال بنبرة رخيمة كده وهو عامل نفسه جامد:
– لا، خالد مش موجود دلوقتي… بس أنا موجود مكانه… تحت أمرك طبعًا.
كارما ابتسمت بخفه وقالت:
– شكرًا… أنا كنت جاية لخالد في موضوع مهم…
هو ممكن يتأخر ولا هيرجع تاني؟
مهاب قرب منها شوية ورد عليها وهو بيحاول يبقى رسمي بس واضح عليه الفضول:
– هو خلاص مش جاي النهارده… بس أنا برضه ظابط والله، مش أي حد يعني. 
كارما اتكلمت برقة أكتر وقالت بحسم:
– لا، حضرتك فاهمني غلط… أنا مش جاية علشان ظابط، أنا جايه لخالد نفسه… في موضوع شخصي.
مهاب اتفاجئ وقال بتلقائية وهو بيبص للسقف وكأنه بيحكي لنفسه:
– موضوع شخصي كمان! آاه يا ابن الدريني…
دي لو ياسمين استنت شوية كانت هتفضحك فضيحة بجلاجل هنا!.😂...بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
هو خالد مش موجود؟
مهاب بص لها وهو بيحاول يحافظ على هدوئه، وقال بنبرة رخيمة كده وهو عامل نفسه جامد:
– لا، خالد مش موجود دلوقتي… بس أنا موجود مكانه… تحت أمرك طبعًا.
كارما ابتسمت بخفه وقالت:
– شكرًا… أنا كنت جاية لخالد في موضوع مهم…
هو ممكن يتأخر ولا هيرجع تاني؟
مهاب قرب منها شوية ورد عليها وهو بيحاول يبقى رسمي بس واضح عليه الفضول:
– هو خلاص مش جاي النهارده… بس أنا برضه ظابط والله، مش أي حد يعني. 
كارما اتكلمت برقة أكتر وقالت بحسم:
– لا، حضرتك فاهمني غلط… أنا مش جاية علشان ظابط، أنا جايه لخالد نفسه… في موضوع شخصي.
مهاب اتفاجئ وقال بتلقائية وهو بيبص للسقف وكأنه بيحكي لنفسه:
– موضوع شخصي كمان! آاه يا ابن الدريني…
دي لو ياسمين استنت شوية كانت هتفضحك فضيحة بجلاجل هنا!.😂
كارما بصّت له باستغراب خفيف وقالت بهدوء:
– تمام… شكرًا. هبقى أرجع في وقت تاني لما خالد يكون موجود.
وهي لسه بتلف عشان تمشي، صوت مهاب وقفها وهو بيقول بنبرة فضولية ومهتم:
– طب لو خالد رجع… أقوله مين اللي سأل عليه؟
وقفت كارما لحظة، وبصّت له وهي بترد برقة:
– قوله كارما ... بنت خالته.
مهاب بص لها بتركيز ودهشة، وعينه فضلت متعلقة بيها لحد ما خرجت من الباب.
وبمجرد ما اختفت، ابتسم وهو بيقعد على كرسي خالد،
ولسه سامع صدى صوتها الرقيق وهي بتنطق إسمها "كارما" بيرن في ودنه.
همس لنفسه باستمتاع:
– كارما… بنت خالته!
........
في المساء.
جوه شقة معتصم.
معتصم كان قاعد على السفرة بياكل، وزينة قاعده قصاده بس مش مركّزة خالص، عينيها في طبقها بس عقلها سرحان بعيد.. كانت سرحانة في ياسمين، وندمانة إنها قالتلها إن يحيى خرج.
معتصم لاحظ شرودها وبصلها باستغراب وقال:
– في إيه يا زينة؟ مش بتاكلي ليه؟
بصت له بحزن وقالت:
– أنا عملت حاجة غلط أوي يا معتصم.. ومش قادرة أسامح نفسي عليها.
قالها بقلق وهو حاسس إن الموضوع كبير:
– غلط إيه اللي عملتيه؟
حكت له زينة على اللي حصل بينها وبين ياسمين، وإنها قالتلها إن يحيى خرج من السجن.
معتصم اتنهد وابتسم لها بحنان وهو بيطمنها:
– حصل خير يا حبيبتي.. متزعليش، هي كانت هتعرف كده كده.
ردت بحزن أكتر:
– بس أنا مكنتش عايزاها تزعل كده وتخاف.. وخوفت عليها تروح لوحدها لبيت جدها.. وبحاول أكلمها من ساعتها بس تليفونها مقفول.
قالها بهدوء:
– ماتقلقيش.. أنا هكلم خالد وأطمنك عليها.
زينة ابتسمت له بابتسامة خفيفة فيها امتنان، وبعد لحظة قالت بتردد:
– ماما كلمتني النهاردة.. كانت بتطمن عليا.. ونفسها تشوفني.
وقفت لحظة وكملت:
– هو إحنا ماينفعش نروح نزورهم؟
معتصم قام واقف وراح ناحية الشباك، وقال وهو مش عايز يبص في عينيها:
– هنروح نزورهم أكيد.. بس مش دلوقتي.
زينة فضلت تبص له بحزن.. كانت حاسة إنه بيتهرب، عارفة إن هي السبب في توتر علاقته بأخوه ممدوح، 
كانت نفسها تصلّح العلاقة دي عشان سعادتها مع معتصم تكمل .. بس مش عارفة تعمل إيه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة ياسمين وخالد.
ياسمين كانت واقفة في البلكونة، بتبص حوالين العمارة وهي ساكتة.
الهوى بيحرّك الطرحه الخفيفه على شعرها، وعقلها مشغول بخالد..
من وقت ما رجّعها الشقة، نزل من غير ما يقول كلمة!
الوقت اتأخر.. ولسه مرجعش.
كانت بتحاول تفهم: هو نزل عشان عنده شغل ؟
ولا سايبها عشان زعلان منها؟
ولا مش عايز يرجع البيت دلوقتي عشان الزعل والخناق بينهم ميكبرش اكتر؟
كل حاجة جواها متلخبطة.. وكانت حاسة بوحدة كبيرة من غيره. 
........ 
عند يحيى، 
يحيى كان راجع بيت جده، سايق بهدوء بس جواه توتر مش مفهوم.
ورا عربيته ماشيه عربية حراسة من رجالة يحيى، شايفين إن وجودهم مهم عشان يحسسوه إنه دايمًا محمي.
وفجأة، من غير أي مقدمات..
عربية خالد طلعت قدامه وقطعت عليه الطريق بعنف خلاه يضطر يفرمل فجأة!
خالد نزل من عربيته بخطوات تقيلة وسريعة، كله غضب،
ماسك سلاحه الشخصي – مش الميري –
وعينيه كلها نار.
رجالة يحيى نطّوا من العربية بسرعة، سلاحهم في إيديهم وعلى استعداد.
بس خالد ما تهزش،
رفع سلاحه في وشهم وقال بصوت عالي حاد، فيه رهبة خلتهم يتجمدوا في مكانهم:
ــ "ارجع ورا انت وهو."
وبعدها وجّه السلاح ليحيى مباشرة، وصوته كان أقوى من الرصاص:
ــ "انزل."
يحيى كان قاعد جوه العربية بيبتسم ببرود ظاهر، بس جواه كان في قلق واضح،
الخوف كان بيقرص قلبه بس مبيحبش يبيّن ده.
نزل من العربية بهدوء، ومشي خطوتين وهو باصص لخالد بثقة مصطنعة وقال بسخرية:
ــ خير يا حضرة الظابط!! هو في نقطة تفتيش هنا ولا ايه؟ أومال فين رجالتك؟ مش شايف حد غيرك يعني!
خالد صوته عالي، وملامحه كانت متغيرة من الغضب:
ــ أنا هنا مش ظابط يا يحيى.. اللي قدامك دلوقتي جوز البنت اللي انت قطعت عليها الطريق وخوفتها..
واللي لو قرّبت منها تاني.. مش هتردد لحظة في قتـ..لك.
التهديد كان واضح وصريح، مش مجرد كلام.
يحيى رد بنفس البرود اللي مغلف بالحقد:
ــ وانت ليه تدخل بيني وبين بنت عمي؟!
أنا وهي في الآخر ملناش غير بعض.. 
ولو هي ليك النهاردة، 
بكره هتبقى ليا. 
الكلام خلّى الدم يغلي في عروق خالد،
ما استحملش أكتر من كده،
ومد إيده بضربة قوية في وش يحيى،
لكمه خلت جسمه يرجع لورا بخبطة قوية!
رجالة يحيى جريوا بسرعة ناحيته عشان يدافعوا عنه،
لكن خالد كان أسرع منهم كلهم..
كل حركة منه كانت محسوبة، كل ضربة بتقع واحد من رجالة يحيى على الأرض.
يحيى وقف يتفرج على المشهد،
رجالته بيقعوا واحد ورا التاني،
وكله تحت رجل خالد ،
وقوعهم تحت رجله مخدش منه غير لحظات.. 
حركته سريعه وكل ضربه بتطلع منه عارفه هدفها. 
في أقل من دقيقة كانوا كلهم مرميين..
متلوّين من الألم، مش قادرين يتحركوا
يحيى لمس الد.م الدافي اللي نازل من شفايفه،
ومسحه بإيده، وبص لخالد بنظرة كلها حقد،
وقرب منه وضحك ببرود واستفزاز:
ــ هي طلبت منك الطلاق ولا إيه؟
عرفت أوجعك أوي.. صح؟
خالد ساعتها رجع سلاحه ورا ضهره،
وبصلّه بثبات وعنيه كلها تهديد وقال:
ــ اللي بتفكر فيه مش هيحصل يا يحيى..
ومراتي خط أحمر.
لو فكرت تقرب منها أو تهددها أو تساومها تاني..
المرة الجاية مش هسيبك عايش..
لا انت.. ولا العيال اللي حواليك دول.
وأنا هنا دلوقتي مش بصفتي ظابط..
أنا راجل عادي بياخد حق مراته.
وعايزك تبقى راجل وتقف قدامي يا يحيى وتقول اللي انت عايزه..
مش تقطع الطريق على بنت وتفرد عضلاتك وتساومها على أخوها!
كلام خالد كان طالع من قلبه،
صوته كان تقيل، بيخبط في الهوى حوالين المكان،
كأن كل كلمة منه طعنة ل يحيي.
يحيى كان واقف بيتنفس كأن النار طالعة من صدره،
نظراته كلها غِل وكره واضح.
خالد لفّ ومشي بخطوات واثقة،
ركب عربيته وساق ومشي، سايب وراه ساحة معركة كلها هزيمة.
يحيى بص لرجالته اللي مرميين حوالينه،
كلهم بيتألموا على الأرض،
صرخ فيهم وهو مش مصدق:
ــ انتوا فعلاً عيال!.. وأنا اللي فاكر إن ماشي ورايا رجالة!
ركب عربيته بسرعة،
وهو لسه بيحط إيده على الد..م النازل من شفايفه،
بس المرة دي، الألم اللي حاسس بيه مش بس من الضربة..
الألم ده كان من كرامته اللي اتهزّت قدام أكتر واحد بيكرهه في حياته.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي.
في شقة خالد وياسمين.
خالد كان بيجهز نفسه عشان ينزل الشغل، وياسمين صحيت على صوت حركته جوه الأوضة.
قعدت على السرير وهي بتتكلم بصوت هادي:
– صباح الخير.. انت رجعت امتى؟
رد خالد من غير ما يبص لها، بصوت جامد:
– رجعت متأخر شوية.
قامت من على السرير وقربت منه وهي بتسأله بقلق:
– انت لسه زعلان مني عشان اللي حصل امبارح؟
رد وهو بيطلع من الأوضة:
– أنا لازم أنزل دلوقتي.. لو ناوية تخرجي النهاردة قوليلي.
مشيت وراه وهي متضايقة من طريقته وقالتله:
– هو انت بتكلمني كده ليه يا خالد؟ أنا مش عسكري عندك على فكرة!
وقف خالد مكانه وتنهد وقال بتعب:
– عايزاني أتكلم ازاي يعني؟ أنا مشغول وعايز أنزل بسرعة.
ردت عليه بحزن واضح:
– ماشي يا خالد، انزل برحتك.
بس متقلقش.. هتلاقيني قاعدة زي الكرسي اللي سايبه في البيت، لا بتحرك ولا بتكلم.. هو ده اللي بيطمنك، مش كده؟
بص لها بنفاد صبر وقال:
– انتي عايزة إيه دلوقتي يا ياسمين؟ مش كفاية نكد على الصبح؟
قالت وهي حاسة بمرارة في قلبها:
– أنا مش عايزة منك حاجة.. اتفضل انزل شغلك.
بص لها خالد، وقلبه اتقبض وهو شايف الحزن في عنيها..
كان نفسه يحضنها، بس جوه عقله بيقول لازم تفهم وتقدر خوفه عليها.
فتح باب الشقة ونزل..
وياسمين قعدت في الصالة، حاطة إيدها على خدها ودموعها مالية عنيها.
بس بعد لحظات، سمعت صوته من وراها:
– مش هقدر أنزل وإحنا زعلانين من بعض.
صوته دخل قلبها زي النسمة..
قامت بسرعة وبصت له، ودموعها نزلت من غير ما تحس، بس المرة دي من الفرحة.
جريت عليه ورمت نفسها في حضنه..
وقفت على أطراف صوابعها، وبصوت دافي كله حب قالت:
– أنا بحبك أوي يا خالد.. بحبك.
حضنها خالد بكل قلبه وقال:
– لو تعرفي أنا بحبك قد إيه يا ياسمين، كنتي هتفهمي خوفي عليكي.. وان ميهنش عليا زعلك أبدًا.
ابتسمت بحب وقالتله:
– أنا عارفة إني غلطت.. وفعلاً ساعات بتصرف من غير تفكير، بس غصب عني، أنا بخاف على كل اللي بحبهم ومش عايزة حد يتأذى بسببي.
بص في عينيها وقال بهدوء:
– وأنا مش عايزك تضحي بنفسك عشان أي حد.. سيبي كل حاجة عليا، وأنا هحلها.
هزت راسها بالموافقة ورجعت لحضنه، حضن دافي وبيطمنها من كل خوف.
خالد كان حاسس إن حضنها ده بيرجعله روحه.
فضلوا كده لحظة من الزمن، لحد ما قال بهدوء:
– أنا لازم أنزل دلوقتي.. بس هرجع بدري النهاردة ، ونسهر سوا مع بعض .
ياسمين ابتسمت وهزت راسها.. عنيها كانت بتلمع من الحب والرضا، وقلبها بينطق بكل حرف بحبه.
خالد خرج من الشقة، وهي واقفة تبص عليه لحد ما الباب اتقفل.
كل دقة في قلبها كانت بتهمس:
"أنا بعشقه."
........ 
بعد شوية.
ياسمين كانت لسه واقفة مكانها، بتحاول تلملم مشاعرها بعد وداع خالد،
لحد ما سمعت صوت جرس الباب.
افتكرت إنه بعت حاجة مع أمن العمارة أو السوبر ماركت.
لكن لما فتحت الباب، اتفاجئت!
كانت بهيرة، والدة خالد، واقفة قدامها.. ومعاها راجل شكله مهم وهيبته واضحة،
كان اللواء وحيد الأسيوطي.
بهيرة كانت ملامحها جامدة، وبصت لياسمين من فوق لتحت وقالت بتكبر:
– خالد مش موجود؟
ياسمين ردت بتوتر وصوتها ضعيف:
– لسه نازل من شوية بس.. ممكن أكلمه وأبلغه إن حضرتك هنا.
اللواء وحيد اتدخل بصوته اللي كله قوة:
– لأ.. إحنا جايين نتكلم معاكي انتي.
ممكن ندخل؟ ولا تحبي الكلام يبقى عالباب؟
توترت أكتر وقالت بسرعة:
– اتفضلوا طبعًا.
دخلوا الشقة، وهي بتحاول تحافظ على هدوءها بالرغم من رعشة إيديها.
كل ثانية كانت بتفكر تكلم خالد ييجي فورًا.
ياسمين قالت بلطف مرتبك:
– تحبوا تشربوا حاجة؟
اللواء وحيد رد بنبرة قاطعة:
– إحنا جايين نقول كلمتين وهنمشي.. ممكن تقعدي؟
قعدت ياسمين بتوتر واضح، وبهيرة قاعدة تبص لها بنظرات كلها كره وغضب.
اللواء وحيد بدأ الكلام:
– أنا جد خالد.. اللواء وحيد الأسيوطي.
ياسمين ردت بسرعة وارتباك:
– أهلاً بحضرتك.
قال:
– أنا جيت مع بهيرة النهاردة مخصوص عشان أقولك كلمتين.
أنا عارف إنك بنت كويسة..
وأكيد بتخافي على مصلحة خالد..
ده لو بتحبيه فعلاً زي ما سمعنا!
بلعت ريقها بالعافية، وقلبها دقاته سريعة كأنها عارفة الجاي تقيل.
اللواء كمل:
– مش عارف أنتي عارفة ولا لأ، بس الحقيقة إن أبوكي مات وهو بيهرب سلا"ح.. واتقـ'تل على إيد الشرطة.
وعيلتك معروفين عندنا في الداخلية ، لأنهم من كبار تجارة السلا"ح!
فاهمة يعني إيه ظابط في أول حياته زى خالد.. يبقى متجوز بنت من عيلة كده؟
الملف بتاعه هيكون ازاي؟.. مستقبله كله ممكن ينهار!
وشها احمر من الصدمة، وحست قلبها بيخبط في ضلوعها.
اللواء كمل كلامه بصوت ثابت:
– ده غير يحيى ابن عمك.. اللي واضح إنه ناوي مايسيبش خالد في حاله.
لسه امبارح بس كان فيه خناقة بينهم، وكان ممكن خالد يموت!
ياسمين شهقت من الصدمة:
– خناقة!؟ إمتى؟ حصل إيه؟
رد اللواء بحزم:
– خالد قطع عليه الطريق ورفع السلا"ح عليه.. وكان هيقـ'تله.
يعني بسببك حفيدي بيتحول من ظابط محترم لمجرم ممكن يدخل السجن.
الدنيا لفت بيها.. صوتها الداخلي بيصرخ وهي مش قادرة تنطق.
كمل اللواء:
– المشكلة خلصت المرة دي، بس اللي أنا واثق منه إن يحيى مش هيسكت.
هيفضل وراه، لحد ما يخسره شغله.. أو حياته.
بهيرة اتكلمت وهي غضبانة:
– من الآخر.. وجودك في حياة خالد بيخسره كل حاجة.
لحد دلوقتي خسر أمه وعيلته عشانك..
وبكره هيخسر شغله بسبب عيلتك وسمعتكم.
اللواء رجع يكمل بحزم:
– وممكن، لا قدر الله، يخسر حياته كمان لو الحرب إللي بينه وبين يحيى دي كملت.
وكل ده عشانك.
كانت ياسمين بتحاول تلتقط نفسها.. حاسة إنها بتغرق في حفرة سودة من كلامهم.
قالت بصوت مبحوح متقطع:
– المفروض أعمل إيه؟ أعمل إيه عشان خالد يفضل بخير ويحافظ على مستقبله؟
رد اللواء من غير تردد:
– تخرجي من حياته خالص.. كأنك ماعرفتهوش.
ياسمين حست قلبها بيقف.
فراقه بالنسبة لها موت.
بهيرة زودت الطين بلة:
– لازم تطلبي الطلاق.. وتقنعيه إنك مش عايزاه.
قالت ياسمين وهي بتعيط بقهر:
– مستحيل يصدقني.. لو بصلي في عيني هيعرف إني بكدب.
بهيرة ردت بثقة:
– هيصدق.. لو لقى إنك بتبعدي بجد.
أنا عارفة ابني، ومجرد إحساسه إنك مش عايزاه، هيبعد.
اللواء قام وقال بنبرة قاسية:
– إحنا عرفناكي خطورة وجودك في حياة خالد..
بس شكلك مش فارق معاكي غير نفسك.
أنانية وبتفكري في مصلحتك انتي وبس.
وقفت بهيرة وقالت بحرقة:
– عايزة تحرقي قلبي على ابني؟
مش كفايه حرمتيني اشوفه وهو عريس ببدلة فرحه ، وجنبه عروسة من عيلة يتشرف بيها قدام الناس كلها ..
حرمتيني من فرحة عمري ب إبني. 
ودلوقتي عايزة تحرميني منه للأبد؟
حسبي الله ونعم الوكيل فيكي!
خرجوا وسابوها.
وصوت بهيرة وهي بتدعي عليها كان لسه بيرن في ودانها.
وقفت ياسمين في مكانها متجمدة.. مش قادرة تتحرك.
حاسه إنها أنانية.. شريرة.. زي ما وصفوها بالظبط.
كل كلمة اتقالت نزلت على قلبها زي خنجر.
جرح مفتوح مش هتعرف الأيام تعالجه.
وكانت متأكدة جواها إن العلاج الوحيد..
إنها تختفي من حياة خالد.
......... 
تحت العمارة – جوه عربية اللواء وحيد
بهيرة بصت لوالدها وقالت بقلق:
– تفتكر يا بابا الكلام اللي قولناه للبنت دي هيجيب نتيجة؟ يعني هتبعد فعلاً عن خالد؟
ولا ممكن تروح تحكي له كل حاجة.. وساعتها أخسره العمر كله؟
اللواء وحيد رد بثقة وهو بيبص قدامه:
– كلامنا جاب نتيجة فعلًا يا بهيرة .
أنا شوفت الخوف في عنيها.. كانت مرعوبة، ومتأكد إنها هتبعد عن ابنك.
بهيرة اتكلمت بقلق واضح وهي بتشد في إيدها:
– والولد التاني اللي اسمه يحيى ابن عمها.. ده لازم يبعد عن طريق خالد هو كمان.
اللواء بص قدامه بنظرة فيها نية متبيّتة وقال بهدوء:
– يحيى؟
أنا ليا كلام تاني خالص معاه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعة – في شركة الشرقاوي
دخل اللواء وحيد مكتب يحيى فجأة.
يحيى كان قاعد،
ووقف أول ما شافه، استقبله بجمود واضح، ملامحه مش بترحب لكن مش بتطرد برضو.
اللواء مد إيده بالسلام، ولما قرب منه لمح الخبطة في وشه وقال بسخرية وهو بيضحك ضحكة خفيفة قاصد بيها يستفز يحيى:
– إيه يا يحيى! مين اللي علم عليك كده؟!
يحيى ضيق عينيه، ونظراته ولعت وقال:
– واحد حفر قبره بإيده.. بس متقلقش يا سيادة اللوا..
أنا بعرف أخد حقي كويس.
اللواء رد بنبرة هادية بس وراها نغمة مريبة:
– وعلشان كده أنا جاي أرجّعلك حقك النهاردة..
وجاي أتفق معاك بعيد عن جدك.
يحيى قعد تاني وعدل هدومه وقال باهتمام:
– اتفاق بعيد عن جدي؟
إزاي يعني؟
اللواء قال بنبرة فيها نوع من المكر:
– جدك قلبه بقى ضعيف من بعد موت عمك.. وانا بحب لما احط ايدي في ايد حد.. يكون قلبه جامد زيك يا يحيي.
يحيى فضل ساكت شوية، وبصله بنظرة فيها شك وتفكير، وقال:
– طب اتكلم.. وأنا أسمع.
اللواء قال بصوت هادي لكن واصل زي الطلقة:
– بنت عمك اللي قلبك مولّع بيها.. حفيدي هيطلقها.
لحظة حماس على وش يحيى.. بس أول ما افتكر اللي حصل من خالد لما عرف انه هدد ياسمين عشان تطلب منه الطلاق ، لمس خده اللي لسه بيوجعه وقال ببرود:
– وحفيدك هيطلقها إزاي؟
يعني إنت متأكد إنه هيعمل كده؟
اللواء رفع حاجبه وقال بثقة:
– والله دي مشكلتها.. وهي اللي لازم تلاقي طريقة.
أنا يهمني دلوقتي إننا نفرقهم.. وإنت ليك دور كبير معايا في الخطة دي.
وأكيد شايف زيي إن الجوازة دي من الأول كانت غلط.
يحيى اتحمس وعيونه لمعت:
– هي غلط فعلاً..
وغلط لازم يتصلّح.
قوللي ناوي تعمل إيه وأنا معاك.
اللواء مد إيده ليه بابتسامة خفيفة:
– على بركة الله يا يحيى..
اللي جاي تقيل.. وعايزين نبقى كتف في كتف.. والكلام اللي بينا هيكون بعيد عن جدك زي ما اتفقنا. 
يحيى مسك إيده بقوة، والاتفاق بين الاتنين اتكتب من غير ورقة ولا قلم..
اتكتب بالغل، وبنار الحقد والانتقام اللي في قلب كل واحد فيهم.. بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
أنا يهمني دلوقتي إننا نفرقهم.. وإنت ليك دور كبير معايا في الخطة دي.
وأكيد شايف زيي إن الجوازة دي من الأول كانت غلط.
يحيى اتحمس وعيونه لمعت:
– هي غلط فعلاً..
وغلط لازم يتصلّح.
قوللي ناوي تعمل إيه وأنا معاك.
اللواء مد إيده ليه بابتسامة خفيفة:
– على بركة الله يا يحيى..
اللي جاي تقيل.. وعايزين نبقى كتف في كتف.. والاتفاق اللي بينا هيكون بعيد عن جدك. 
يحيى مسك إيده بقوة، والاتفاق بين الاتنين اتكتب من غير ورقة ولا قلم..
اتكتب بالغل، وبنار الانتقام اللي في قلب كل واحد فيهم.
........
في المساء.
جوه شقة خالد وياسمين.
خالد رجع من شغله وهو قلبه متشوق يشوفها، عينيه بتدور عليها في كل ركن.
لمّا لقاها قاعدة في البلكونة، قلبه اتطمن، وابتسامه صغيرة ظهرت على وشّه.
قرب منها بهدوء، وطبع قبلة خفيفة على راسها وهو بيهمس بحب:
"وحشتيني."
ياسمين ما اتحركتش، ولا حتى بصّت له.
خالد قعد قدامها، مسك إيديها بإيدين فيها حنية وخوف وسأل بقلق:
– بتفكري في إيه؟
هي رفعت عينيها له، نظرة فيها كلام كتير، وسكتت ثواني كأنها بتوزن الكلام، وبعدين سألته:
– بتحبني بجد يا خالد؟
رده طلع من جوا قلبه، صادق وبسيط:
– أقولها لك كام مرة عشان تصدقي إنّي بحبك؟
هزت راسها بـ"لا"، وقالت بجمود خلى قلبه ينقبض:
– أنا عايزاك تقولّي كلمة تانية خالص.
بص لها باستغراب وقال:
– كلمة إيه؟
قامت فجأة كأنها مش قادرة تواجه عينيه، وبصّت بعيد وقالت بنبرة حاولت تخليها ثابتة، بس كانت مهزوزة:
"كلمة... انتي طالق."
الكلمة دي نزلت عليه زي صاعقة... حسّها خنجر دخل قلبه ومش عايز يطلع.
فضل واقف مش قادر يصدق، وبيبص قدامه كأن الزمن وقف للحظة.
قام من مكانه، وقف قصادها وهو مش فاهم، وهي لسه مش قادرة تبص له في عينه.
وقبل ما ينطق، فجأة رن جرس الباب.
ياسمين اتحركت بسرعة، كأنها بتهرب من المواجهة وقالت:
– دول أكيد زينة ومعتصم ومهاب.. أنا عزمتهم ييجوا يسهروا معانا، وأكدت عليهم محدش يقولك.
فتحت الباب، وكانوا فعلاً هما.
استقبلتهم، ولما قفلت الباب قالت بصوت فيه رجفة:
– أنا طلبت من زينة تجيب معتصم ومهاب النهاردة ... عشان زي ما كانوا شهود على جوازنا، يبقوا شهود على طلاقنا.
زينة شهقت من الصدمة، وبصّت لياسمين مش مصدقة.
معتصم ومهاب تبادلوا نظرات استغراب، وبصوا على خالد اللي كان واقف متجمد مكانه، عينيه على ياسمين كأنه أول مرة يشوفها.
مهاب حاول يخفف التوتر، وقال بنبرة فيها هزار:
– إنتوا عاملين فينا مقلب؟ ولا بتهزروا؟
ردّت ياسمين بثبات ظاهر، بس جواها بركان:
– لا، مش مقلب. أنا فعلاً طالبة الطلاق. وبعدين مش إنت اللي قلتلي أوافق على الجواز، ولو ما ارتحتش أعمل زيك؟ أطلق وأعيش برحتي؟ أنا سمعت نصيحتك... وافقت على الجواز، ولما لقيت نفسي مش مرتاحة، بطلب الطلاق. مش ده حقي؟
مهاب ومعتصم بصّوا لبعض وهما مش مصدقين، وخالد واقف ساكت، الصدمة جوه قلبه أكبر من الكلام.
معتصم قال بهدوء:
– طب استهدوا بالله ونتكلم شوية...
وبص لياسمين وسألها:
"إيه اللي حصل يا ياسمين عشان توصلي لكده؟"
ردت بصوت متوتر، القوة الزايفة بدأت تتهز، ووشها ابتدى يكشف وجعها:
– مش مرتاحة... عايزة أطلق وخلاص.
"أنتي طاالق"
قالها خالد بصوت عالي، جهوري، نزل زي القنبلة في المكان، الكلمة رجّت الحيطان... وجمّدت الكل.
الكلمة خبطت في قلبها زي طلقة، سكنت لحظة، وبعدين عنيها دمعت، مش مصدقة إنّه نطقها.
زينة حطت إيديها على بقها، مصدومة.
ومعتصم ومهاب بصوا على خالد بذهول، لأنهم عارفين حبه لياسمين قد إيه... بس أي راجل مكانه، كان هيتوجع ويتكسّر، خصوصاً لما مراته تقوله كده قدام صحابه، في لحظة بتجرح الرجولة والكرامة.
خالد قرب منها، بص في عينيها بثبات وقال بصوت هادي لكن حاسم:
– كده بقيتي مرتاحة؟
هي معرفتش ترد، الدموع سبقت الكلام، والصدمة حبست صوتها.
معتصم ومهاب قربوا منه، ومعتصم قال بهدوء:
–  مينفعش كده يا خالد... لازم تهدوا وتتكلموا الأول.
خالد رد بنبرة فيها وجع:
– دي مش أول مرة تطلبها مني... بس المرة دي غير أي مرة فاتت.
بص لها، ونبرة صوته كانت مجروحه، فيها حنين وانكسار:
– شوفي إيه تاني هيريّحك، وأنا هعمله... أي حاجة تسعدك، أنا مستعد أعملها.
ياسمين ماقدرتش حتى تبص له... جريت على أوضتها وهي بتبكي بحرقة، وزينة جريت وراها تحاول تهديها.
معتصم ومهاب خدوا خالد وقعدوا معاه يحاولوا يهدّوه، وكل واحد فيهم بيحاول يفهم منه إيه اللي حصل بالظبط...
بس خالد نفسه مكانش عارف!
مش قادر يلاقي تفسير يخليه يستوعب ليه ياسمين طلبت الطلاق منه فجأة... وبالطريقة دي؟!
بس اللي كان حاسه جوه قلبه أقوى من أي تفسير... وجع، وجع كبير قوي، وجرح مش بسيط.
اللي عملته فيه قدام صحابه كسر كرامته، خلى قلبه يتقهر وهو واقف قدامها مش عارف يصدّق إنها هي اللي طلبت منه يقولها الكلمة دي قدامهم.
وفجأة قام واقف، وقال بصوت حاسم لمعتصم:
– خلي زينة تقولها تجهّز شنطتها يا معتصم ، هوصلها بيت جدها دلوقتي .
معتصم حاول يهديه وقال:
– مش كده يا خالد... أكيد في حاجة إحنا مش عارفينها خلتها تطلب الطلاق.
وبصراحة... انت استعجلت، كان لازم تِمسك أعصابك.
الكلمة دي مش سهلة... هو أنا اللي هقولك الكلام ده ؟!. 
خالد رد بعصبية، وصوته علي فجأة:
– انت مش عارف حاجة يا معتصم!
مش عارف هي كام مرة طلبت مني الطلاق من أول يوم في الجواز!
كام مرة قالتلي عايزة ترجع لبيت جدها؟
هي كل مرة بتختار السكة السهلة... واللي هيريّحها.
دلوقتي أنا عملت اللي هي عايزاه.
تروح بيت جدها وتعيش برحتها!
مهاب قرب منه، ونبرته كانت جادة وهادية في نفس الوقت:
– التعامل مع البنات محتاج صبر، وبال طويل يا خالد...
كان لازم تصبر، تسألها، تفهم هي ليه قررت تطلب الطلاق دلوقتي؟
وبعدين... إحنا كلنا عارفين إنها بتحبك وانت بتحبها. 
وفي كل الأحوال هي لسه مراتك، وتقدر تردها دلوقتي، وكأن مفيش حاجة حصلت.
خالد بص قدامه بنظرة كلها إصرار ووجع وقال:
– لأ، في حاجة حصلت يا مهاب...
في إهانة... مفيش راجل يستحملها على كرامته.
أنا مش هطبطب على تصرفاتها تاني.
الموضوع بالنسبالي انتهى.
واقولكم على حاجة...
خليها تقعد هنا في شقتها، أنا اللي همشي.
كلامه كان بصوت عالي، وصوته وصل جوه الأوضة…
وياسمين كانت سامعة كل كلمة…
قلبها بيتقطع، ودموعها نازلة من غير ما تقدر توقفها.
زينة قاعدة جنبها، بتحاول تهديها، تحايلها بالكلام عشان تفهم منها اللي حصل،
بس ياسمين ساكتة... مش قادرة تنطق، كأن الحروف اتحبست في قلبها.
كل اللي طالع منها هو البُكا... قلب موجوع، مش مصدقة إن خالد نطق الكلمة فعلًا...
وإنها خلاص لازم تختفي من حياته.
........ 
برا، معتـصم نادى على زينة بهدوء.
زينة خرجتله، وهو قال لها:
– باتي معاها الليلة يا زينة... أنا هاخد خالد يبات عندي، لحد ما الدنيا تهدى شوية.
هزت راسها بموافقة، وهي قلبها قلقان على ياسمين.
خالد ومعتصم ومهاب خرجوا من الشقة، وسابوا وراهم وجع كبير وسكون تقيل في المكان.
زينة رجعت وقعدت جنب ياسمين، حاولت تهوّن، تسأل، تحضنها...
بس ياسمين كانت في حالة تانية خالص...
مش بتتكلم، مش بترد، بس عينيها بتحكي ألف حكاية وجع.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي.
في بيت الشرقاوي الكبير.
يحيى دخل أوضة مكتب جده، وكان شكله مصمّم، جواه كلام عايز يطلّعه من امبارح.
قعد قدام جده وسأله بنبرة مباشرة:
– هو احنا هنرجّع أحمد ابن عمي إمتى يا جدي؟
الشرقاوي بص له بنظرة غامضة وهو ساكت لحظة، وبعدين رد عليه :
– أنا بفكّر ان أحمد يفضل في أمريكا...
هناك أمك وأختك هيراعوه، إنما هنا؟
مين هياخد باله منه؟ مفيش.
يحيى زفر بقوة، وقال بإصرار:
– وأخته راحت فين؟!
هيرجع عشان أخته!. 
جده شد ملامحه وبص له بنظرة غضب وقال بحدة:
– أخته في بيت جوزها، ومش هترجع هنا تاني يا يحيى!
وأنا مش هقبل إن حفيدي يتربى في بيت جوز أخته!
لكن يحيى ابتسم بهدوء، وعينيه فيها تحدي، وقال بهمس واضح:
– ولو جوز أخته كان أنا؟
برضه مش هتوافق إن حفيدك يتربى في بيتي؟
الشرقاوي اتصدم!
بص له بذهول كأنه مش مصدق اللي سمعه،
بس يحيى ما استناش رد…
قام من مكانه وخرج من الأوضة بخطوات واثقة، وساب جده في حالة قلق وحيرة.
الشرقاوي فضل يبص مكانه، تفكيره مشغول،
ولأول مرة فعلاً بدأ يقلق…
مش من كلام يحيى، لكن من لهجته…
ومن نظرته اللي بقت مش مفهومة…
ومن تصرفاته اللي كل يوم بتخرج عن اللي متعود عليه منه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الشقة عند ياسمين وزينة.
الليل عدى تقيل على قلب ياسمين، كانت تقريبًا ما غمضتش عنيها لحظة، دموعها ما نشفتش طول الليل.
مع أول ضوء دخل من الشباك، قامت من سريرها وهي حاسة إن عمرها كله اتقلب…
قامت تجهز شنطتها وحاجتها بهدوء، بس جواها عاصفة…
هي عارفة إنها لازم تسيب بيت خالد وتخرج من حياته، بس هتروح فين؟
ترجع لبيت جدها؟ مستحيل…
ترجع شقتهم القديمة؟ لأ، مش قبل ما عمها يرجع لها أحمد زي ما وعدها.
زينة فتحت عنيها على حركة في الأوضة، استغربت لما شافت ياسمين بتجهز هدومها وتحطها في الشنطة.
قامت بسرعة وقربت منها وقالت بقلق:
– انتي بتعملي إيه يا ياسمين؟
ردت ياسمين بصوت ضعيف، فيه انكسار كبير:
– بجهز شنطتي يا زينة... أنا لازم أسيب لخالد شقته.
وأول ما خلصت الجملة، دموعها نزلت بغزارة، وانهارت في العياط من تاني.
زينة مسكت إيديها بسرعة وقعدتها على السرير، وقعدت قدامها وسألتها بنبرة فيها عتاب:
– ليه عملتي كده يا ياسمين؟
إحنا كلنا عارفين إن انتي وخالد بتحبوا بعض…
ليه تطلبي منه الطلاق بالطريقة دي؟!
ياسمين ردت وهي بتحاول تسيطر على بكاها:
– خالد مكنش هيطلقني غير بالطريقة دي.
زينة اتخضّت:
"وليه تطلّقوا أصلًا؟!"
ياسمين رفعت عينيها المليانة دموع وبصتلها وقالت بصوت مبحوح:
– عشان جوازنا كان غلط من الأول…
خالد ظابط، ومينفعش يتجوز بنت كل أهلها تجار سلا.. ح.
الكلمة نزلت على زينة كأنها صدمة.
بصّت لياسمين بذهول، بس ياسمين ما قدرتش تمسك نفسها أكتر، وانهارت وهي بتصرخ:
– آه، أنا البنت اللي أبوها مات وهو بيتقبض عليه!
أنا اللي جدي وابن عمي تجار سلا.. ح!
أنا اللي هدمر حياة خالد لو فضلت فيها!
أنا الأنانية اللي مش بفكر غير في نفسي!
أنا كل حاجة وحشة في الدنيا دي يا زينة!
وحياة خالد مش هتبقى أحسن غير لما أخرج منها.
زينة كانت بتبص لها بعيون كلها وجع وتعاطف، وقامت حضنتها بقوة.
ياسمين فضلت تبكي في حضنها وقالت بنهيار:
– أنا موجوعة أوي على فراقنا يا زينة…
مش متخيلة أيامي هتعدي من غيره…
أنا بحبه أوي وقلبي بيتقطع عليه…
بس مش هتحمل إنه يخسر شغله ولا حياته عشاني…
أنا لازم أبعد عنه للأبد .
زينة كانت عاجزة… مش قادرة تعمل حاجة،
شايفة صاحبتها بتتكسّر قدامها ومش بإيدها تنقذها.
في الآخر، ياسمين خلت زينة توعدها…
توعدها إنها ما تقولش أي حاجة لمعتصم.
هي عايزة خالد يكرهها… عشان يعرف يعيش من غيرها… ويكمل حياته.
.......... 
في شقة معتصم.
معتصم صحي من النوم وخرج من أوضته وهو بيبص حواليه بكسل…
بص في الصالة لقى مهاب نايم على الكنبة، متلحف بأي حاجة وقافش فيها كأنه في سبات شتوي.
بص ناحية البلكونة، لقى خالد قاعد على كرسي، رافع رجله على كرسي تاني،
وقدامه طفاية مليانة سجا'ير ، كأنها كانت بتو'لع طول الليل.
معتصم قرب منه بسرعة وقال بصدمة:
– إيه كل ده يا خالد؟! إنت عمرك ما شربت سجا'ير!
رد خالد بضيق وهو بيعدل قعدته:
– معلش بقى يا معتصم… لقيت العلبة بتاعتك قدامي… ومحستش غير وأنا بطلع غضبي فيها.
معتصم قعد قدامه وبص له بقلق وقال:
– السجا'ير مش هتهديك يا خالد…
اللي هيهديك إنك ترجع لمراتك وتفهم منها كانت بتفكر في إيه لما طلبت الطلاق كده قدامنا.
خالد اتنفس بحدة وطفي السجا'رة اللي في إيده بقوة وقال بعصبية:
– مبقتش مراتي خلاص يا معتصم… الموضوع انتهى.
معتصم ما سكتش، وقال بنبرة جد:
– لسه مراتك يا خالد…
وهتفضل في العدة 3 شهور، تقدر فيهم بكلمة واحدة تردها.
خالد بص قدامه بتعب، وكأن الكلام ده بيزوده وجع، وقال:
– مفيش حد فيكم حاسس بالنار اللي جوا قلبي…
فاكرين إن كلمة الطلاق نطقتها كده في لحظة غضب؟
المفروض إنتوا أكتر ناس عارفين إننا متدربين على ضبط النفس…
وكل كلمة بتخرج مننا بتكون محسوبة.
معتصم سأله بدهشة:
– طب ليه نطقتها؟
كنت تصبر لحد ما نفهم هي ليه عملت كده!
رد خالد وهو بيبص قدامه، وصوته فيه وجع :
–  نطقتها عشان تفكر بعقلها شوية وتعرف هي عايزة إيه.. 
مش هستحمل انها كل يوم والتاني تقولي طلقني.. 
مفيش راجل يستحمل كده يا معتصم.. لازم احس انها متمسكه بيا زي ما انا متمسك بيها.
معتصم سكت، كان فاهم خالد يقصد إيه…
وحاسس إن جواه حاجة كبيرة، حاجة هو مش قادر يقولها.
خالد قام من مكانه وقال بصوت مرهق:
– عايز آخد شاور وأغيّر الهدوم دي…
هاتلي حاجة من عندك ألبسها عشان أنزل.
معتصم قال بدهشة:
– هتنزل تروح فين؟
رد خالد وهو بيتحرك:
– هروح شغلي.
دخلوا سوا الصالة، لقوا مهاب لسه نايم على الكنبة زي ما هو،
وشكله مرتاح كأنه نايم في الجنة.
خالد بص عليه وقال لمعتصم:
– طلع أكتر واحد عاقل فينا.
معتصم ضحك وقال له:
– يعني ده بقى مثلك الأعلى دلوقتي؟!. 
رد خالد وهو بيهزر بس جواه وجع:
– كل كلمة قالها عن الجواز كانت صح…
وأنا دلوقتي نفسي أوصل لراحة البال اللي هو فيها.
مهاب فتح عينيه على صوتهم، وفرك عنيه بإيده وقال وهو بيتثاوب:
– أنا سامع حد بيحقد عليا…
وقعد وشاور على قلبه وقال لخالد بنبرة هادية:
– راحة البال دي مش هتوصلها…
غير لما اللي هنا يكون فاضي.
خالد أول ما سمع الكلمة دي وقف فكر لحظة،
واتحرك من قدامهم من غير كلام. 
لأنه عارف…
قلبه مش فاضي.
قلبه مليان حب لياسمين، وحزن على اللي بينهم... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع 
كل كلمة قالها عن الجواز كانت صح...
وأنا دلوقتي نفسي أوصل لراحة البال اللي هو فيها.
مهاب فتح عينيه على صوتهم، وفرك عنيه بإيده وقال وهو بيتثاوب:
- أنا سامع حد بيحقد عليا...
وقعد وشاور على قلبه وقال لخالد بنبرة هادية:
- راحة البال دي مش هتوصلها...
غير لما اللي هنا يكون فاضي.
خالد أول ما سمع الكلمة دي وقف فكر لحظة،
واتحرك من قدامهم من غير كلام. 
لأنه عارف...
قلبه مش فاضي.
قلبه مليان حب لياسمين، وحزن على اللي بينهم.
معتصم فضل واقف يبص له بحزن...
نفسه يساعده، بس مش عارف يبدأ منين.
ومش قادر يعرف هي ياسمين ليه عملت كده...
إيه اللي ورا قرارها المؤلم ده!
فاق من شروده على صوت رنة موبايله...
بص عليه بسرعة ولقي اسم زينة بيظهر قدامه.
رد وهو بيحاول يظبط نبرة صوته:
"ألو؟"
سمع صوت زينة متوتر:
- أيوه يا معتصم... ياسمين مصممة تسيب شقة خالد دلوقتي!
ومش عارفة أعمل إيه!
معتصم اتحرك بسرعة وخرج على البلكونة عشان خالد ميسمعهوش وهو بيتكلم، وقال بسرعة:
- متخليهاش تتحرك من عندك غير لما أوصل يا زينة... أنا جاي حالًا أتكلم معاها.
زينة قالت وهي بتحاول تسيطر على الموقف:
- حاضر... بس متتأخرش، وأنا هحاول أوقفها على قد ما أقدر.
قفل معتصم المكالمة بسرعة ودخل الصالة وقال لمهاب:
- أنا لازم أنزل حالا... خليك إنت مع خالد، وبلاش تزن عليه، هو مش ناقص!
مهاب بص له وقال بنعاس:
- طب ماشي... بس عايز أفطر الأول.
معتصم وهو داخل أوضته يغير هدومه قال بسرعة:
- المطبخ عندك.
مهاب اتحرك رايح المطبخ،
ومعتصم لبس بسرعة ونزل من غير ما خالد يحس.
بعد كام دقيقه. 
خالد غير لبسه وخرج من الحمام، وشه باين عليه التعب.
بص حواليه وسأل:
- هو فين معتصم؟ نزل ولا إيه؟
رد مهاب وهو قاعد على السفرة بياكل بهدوء:
- نزل مستعجل، معرفش رايح فين...
تعال أفطر معايا.
خالد هز راسه بضيق وقال:
- أنا نازل رايح شغلي ... قوم يلا انزل شغلك إنت كمان.
مهاب بلع لقمة وقال بهدوء:
-  أنا إجازة..
ناسي الاصابه اللي في كتفي. 
خالد بص له بغيظ وقال بنبرة فيها زهق:
- بتتعب أوي واخد إجازة!
طب يلا قوم ارجع شقتك قبل ما زينة ترجع مع معتصم.
مهاب رد بهدوء شديد:
- لا ... أنا جاي معاك القسم.
إنت مجروح عاطفيًا دلوقتي، وأنا خايف تعمل في نفسك حاجة.
خالد ابتسم ابتسامة باهتة رغم القهر اللي جواه،
وسابه ومشي من غير ما يرد.
مهاب خرج وراه على طول،
بيتحرك وراه من غير ما يتكلم،
حاسس إن صاحبه محتاجه حتى لو مش بيطلب ده بصوت عالي.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة ياسمين.
الجرس رن، وزينة جريت على الباب تفتحه...
لقت معتصم واقف.
دخل بسرعة وسألها:
- هي فين؟
ردت زينة وهي بتتنهد:
- جوه... جهزت شنطتها وكانت خلاص هتمشي، بس قعدتها بالعافية.
معتصم قرب منها وقال بهمس وهو بيبص ناحية الباب:
- هي قالتلك ليه طلبت الطلاق من خالد فجأة كده؟
زينة اتوترت، وهزت راسها بـ"لأ"،
بس عنيها فضحتها.
معتصم فهم على طول، وابتسم وهو بيخبطها على انفها بلُطف وقال بمشاكسه:
- بتخبي عليا أنا؟ فاكرة إني مش هعرف؟
زينة قالت بسرعة وهي متوترة:
- هي صاحبتي... ووعدتها إني مقولش.. بس انت لازم تقنع خالد يصالحها. 
معتصم هز راسه بتفهم وقال بهدوء:
- ماشي... طب ناديلي على صحبتك، عايز أتكلم معاها.
زينة دخلت تنادي ياسمين، وبعد لحظات خرجت معاها...
ياسمين كانت عنيها حمرا من كتر البكا، ملامحها باينه عليها التعب والانهيار.
معتصم لما شافها قلبه وجعه،
وقال بصوت هادي:
- لسه مش عايزة تقولي ليه طلبتي الطلاق من خالد قدامنا بالطريقه دي يا ياسمين ؟
أنا لو مش واثق إنك بتحبي خالد، ماكنتش جيت وسألتك.
بس خالد صاحبي... وأكتر حد عارف هو بيحبك قد إيه...
ومش قادر أشوفكم بتتدمروا بالطريقة دي وأسكت.
ردت ياسمين بصوت ضعيف جدًا ومكسور:
- الكلام خلاص ملوش لازمة ... كل حاجة انتهت.
معتصم بص لزينة،
شافها بتشاورله بإيدها من ورا ياسمين كأنها بتقوله:
هدي شوية عليها... سيبها تهدى.
اتكلم معتصم بهدوء أكتر:
- مفيش حاجة انتهت يا ياسمين...
إنتي محتاجة تهدي وتفكري، وأنا مش جاي أضغط عليكي،
بس طلبي الوحيد... متسيبيش بيتك دلوقتي.
خدي وقتك... فكري كويس...
قبل ما تخسري خالد فعلاً.
ياسمين رفعت عينيها له والدموع مالية وشها وقالت بصوت مخنوق:
- أنا خسرته خلاص...
ومينفعش أفضل في بيته بعد ما طلقني.
معتصم قال بهدوء:
- بالعكس.. ينفع جدًا...
انتي لسه في العدة، ولسه قدامك 3 شهور...
يعني في وقت إنك تفكري وتقرري.
قام وقف وقال بثبات:
- أنا هكلم خالد، وهقوله يقعد في شقة مهاب الفترة دي...
علشان كل واحد فيكم ياخد مساحته وتهدوا.
بس انتي متسيبيش بيتك دلوقتي.
بص لزينة وكمل:
- أنا رايح الشغل، لو عايزة تقضي اليوم مع ياسمين ... هعدي أخدك بالليل.
زينة هزت راسها بـ"أيوه"،
ومعتصم خرج.
زينة بصت لياسمين وقالت لها بلُطف:
- كلام معتصم كله صح يا ياسمين...
خليكي هنا...
على الأقل لحد ما تعرفي هتعملي إيه.
أكيد مش هترجعي بيت جدك عند ابن عمك المجنون ده!
ردت ياسمين بصوت حزين:
- عمي وعدني إنه هيجيبلي أحمد أخويا بعد أسبوع...
هستنى الأسبوع ده،
وأول ما أخويا يرجعلي،
هاخده ونبعد عن كل ده...
هارجع شقة ماما القديمة،
وارجع لشغلي وحياتي اللي كنت عايشاها قبل ما أقابل خالد.
زينة بصتلها بحزن وسكتت...
مش لاقية كلام تقولّه.
بس كانت بتدعي من قلبها ان ياسمين وخالد يرجعوا لبعض ويكملوا حياتهم بسعادة. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في قسم الشرطة.
خالد كان قاعد قدام مكتبه،
ووشه باين عليه الإرهاق والتعب...
ومهاب قاعد قدامه، بيفطر للمرة التانية وبيشرب قهوته وهو ولا على باله.
خالد فتح تليفونه، كان محتار وبيحاول يفهم…
إيه اللي حصل لياسمين؟!
إزاي فجأة اتغيرت كده من غير مقدمات بعد ما خرج من البيت؟
فتح تسجيلات الكاميرا اللي قدام باب شقته، وبدأ يراجع من أول لحظة خرج فيها.
عدّت الدقايق ببطء وهو بيركّز في الشاشة، وعينيه بتجري مع كل حركة.
وفجأة…
ظهر قدامه مشهد خلّى قلبه يدق أسرع.
جده…
ومعاه والدته…
واقفـين قدام باب شقته!
عينيه اتسعت، وملامحه اتشدّت بذهول، وهو شايفهم بيدخلوا الشقة!
الصدمة كانت واضحة على وشه، وبص قدامه مش مصدق.
إزاي أمن العمارة سمح لهم يطلعوا من غير ما يبلّغوه؟!
إزاي ده حصل وهو ما يعرفش حاجة؟!
بس اللي وجعه أكتر…
هو إن ياسمين ما قالتش!
ليه مخبيّة عليه إنهم زاروها في البيت ؟!
أسئلة كتير اتجمعت في دماغه مرة واحدة، ومشاعره كانت متلخبطة بين الغضب، والشك، والحيرة.
العسكري دخل المكتب وقال:
- في آنسة برا عايزة حضرتك... اسمها كارما الشرقاوي.
مهاب انتفض من مكانه فجأة وقال لخالد:
- خد الأكل ده خبّيه تحت مكتبك بسرعة!
خالد بصله بدهشة وقال:
- أكل إيه اللي أخبّيه تحت مكتبي!؟
وبص للعسكري وقال له:
- خليها تدخل.
دخلت كارما...
ولما شافت مهاب واقف، اتكلمت بلُطف وقالت:
- خالد... إنت مشغول؟ لو مش فاضي ممكن أجيلك وقت تاني.
خالد قام وقف وقال بابتسامة بسيطة:
- لأ يا كارما، اتفضلي... أنا مش مشغول ولا حاجة.
وشاور على مهاب:
- ده مهاب صاحبي.
مهاب مد إيده بابتسامة واسعة وقال:
- أهلاً آنسة كارما... القسم نوّر واللهِ.
كارما سلّمت عليه وهي بتبتسم بخجل.
خالد بص لمهاب بدهشة ، وقال لكارما:
-  اتفضلي اقعدي. 
قعدت كارما، وقالت وهي باين عليها التوتر:
- أنا كنت جيت قبل كده عشان أشوفك... بس مكنتش موجود.
مهاب دخل في الحوار وقال وهو بيبتسم:
- بس أنا من حظي الحلو كنت موجود. 
كارما بصت له وسكتت...
وخالد استغرب وسأل مهاب:
- كنت موجود هنا بتعمل إيه؟
مهاب بص لكارما وقال بطريقة دراميه:
- القدر هو اللي جابني هنا.
خالد هز راسه وقال بسخرية:
- آآآه... القدر.. قولتلي!
كارما رجعت تبص لخالد وقالت:
- في موضوع مهم عايزة أقولهولك يا خالد...
معرفتش أقوله في التليفون. 
خالد قلبه دق بسرعة... وبص لها باهتمام:
- خير يا كارما؟ قولي.
كارما بصت على مهاب بتوتر،
وخالد فهم،
فبص لمهاب وقال له:
- مهاب... قوم شوية، لف وارجعلي.
مهاب بص لكارما وقال:
- أنسى... أنا مش هتحرك من هنا،
ده أنا لما صدقت لقيتك!
خالد حاول يسيطر على الموقف وقال لكارما:
- سيبك منه... اعتبريه مش موجود.
قولي يا كارما، أنا سامعك.
كارما اتكلمت بصوت هادي ومتوتر:
- في موضوع يخصك انت وياسمين...
أنا بالصدفة سمعت جدو وهو بيتكلم مع طنط بهيرة،
وكانوا بيتفقوا يروحوا لياسمين في شقتك وانت مش موجود...
ويهددوها عشان تبعد عنك!. 
مهاب بص ل خالد بصدمة.. 
وخالد بص ل كارما باهتمام وكأنها الإجابة على كل الأسئلة اللي كان بيسألها لنفسه من لحظات. 
كارما كملت وهي بتتكلم بسرعة وبتحاول تبرر:
- أنا معرفتش أقولك في التليفون... وعشان كده جيتلك هنا اقولك.. 
وخايفة يروحوا فعلا لياسمين ويقولولها كلام يوجعها...
خصوصًا جدو، إنت عارفه، ممكن يخوفها فعلاً.
خالد وشه اتغير...
عيونه اتجمدت،
وسكت للحظة طويلة...
وبعدين رفع إيديه على وشه بتعب ،
وفضل كده ساكت وهو بيحاول يستوعب الكارثة.
ساعتها، فهم...
فهم ليه ياسمين فجأة طلبت الطلاق...
فهم ليه كانت منهارة...
وليه انسحبت من غير ما تبرر. 
كارما كانت باصه لخالد بقلق وسألته بصوت متوتر:
- في إيه يا خالد؟
رد خالد، وصوته فيه وجع:
- اللي انتي كنتي خايفة منه حصل فعلاً.. هما راحوا لياسمين وهددوها تطلب الطلاق.. وهي طلبت، وانا نفذت طلبها.
كارما اتصدمت من الكلام، وحست بخبطة في قلبها.. حزن غريب شدها، حزن ما فهمتش له سبب!
بصت لخالد بنبرة عتاب وسألته:
- ليه عملت كده يا خالد؟
خالد كان عينيه فيها غضب ومرار، وصوته طالع بنبرة مشاعرها متلخبطة بين الغضب والخذلان:
ـ مكنتش أعرف إن أهلي هما السبب في تدمير حياتي!!
أنا كنت براجع الكاميرات اللي قدام شقتي دلوقتي وشوفتهم..
ومفهمتش إزاي دخلوا عندي، وأمن العمارة سمح لهم ومبلغونيش!
كلماته خرجت من قلب موجوع.. مش مصدق إن اللي هدموا بيته هما أقرب الناس ليه.
هو عارف جده اللوا وحيد كويس..
وعارف إن دخوله أي مكان مش صعب عليه. 
أكيد دخل العمارة بطريقته الخاصة…
وممكن كمان يكون هدد أمن العمارة عشان يوصّل لياسمين من غير ما حد يبلغ خالد.
وخالد دلوقتي…
حاسس إنهم لعبوا بحياته وعلى اوجاعه، وهو آخر واحد يعرف!
في اللحظة دي دخل معتصم.
بص عليهم أول ما دخل، واستغرب الحالة اللي هما فيها، وفي بنت قاعدة معاهم اول مرة يشوفها. 
قال بقلق:
- هو في إيه؟
مهاب رد وهو باين عليه الغضب:
- عرفنا ليه ياسمين طلبت الطلاق من خالد.. جده ووالدته راحوا هددوها عشان تبعد عنه.
معتصم بص لهم بصدمة، وقال بقلق وهو لسه متأثر بعد ما شاف حالة ياسمين:
- أنا لسه جاي من عند ياسمين وزينة.. وحالتها صعبة أوي.
خالد أول ما سمع اسم ياسمين وسمع إنها حالتها صعبة، رفع عينه وبص له بلهفة حقيقيه في عيونه مقدرش يخبيها.
معتصم كمل كلامه وهو بيحاول يوصله اللي حصل:
- زينة كلمتني وقالتلي ان ياسمين عايزة تسيب البيت، وأنا روحتلهم وحاولت أقنعها تستنى الفترة دي.. على الأقل تفضل في بيتها خلال الـ3 شهور بتوع العدة.
خالد حط إيده على وشه، وسكت شوية..
لأول مرة يحس إنه ضايع.. زي واحد حياته كلها اتشقلبت وهو واقف بيتفرج، مش قادر يعمل أي حاجة!
كارما قامت وقفت فجأة، وقالت بأصرار غريب وهي باين عليها القلق:
- هو انا ينفع اقابل ياسمين يا خالد؟ لازم أفهمها اللي حصل. 
خالد بص لها بتفكير ومهاب وقف معاها فورًا وقال:
-  أنا عارف العنوان.. لو تحبي أوصلك.
كارما هزت راسها بالموافقة وخرجت من المكتب ومهاب خرج معاها. 
معتصم قرب من خالد وسأله بنبرة جد:
- ناوي تعمل إيه دلوقتي؟ لازم ترد ياسمين قبل أي حاجة. متضيعهاش من إيدك يا خالد... وانتوا الاتنين بتحبوا بعض.
خالد سكت لحظة، وعينه كانت شايلة وجع وكسرة، وبعدين رد بثبات هادي بس موجوع:
– هردها يا معتصم... بس مش دلوقتي.
معتصم رفع حاجبه بشك وقال:
– مش دلوقتي؟ يعني إيه؟ إنت ناوي على إيه يا خالد؟
خالد خد نفس عميق، وعينه اتعلقت في الفراغ كأنه شايف معركة مش واضحة المعالم، وقال بصوت منخفض بس حاسم:
– بفكر أخلص من كل ده... أواجههم كلهم مرة واحدة واكشف كل الاقنعة. أنا مش بحارب الشرقاوي ويحيي بس... لأ، دي حرب مع اللي من دمي كمان.. 
سكت لحظة، وبعدين بص له وقال بحدة:
– دي مش حرب عادية... دي معركة على حقي، وحب عمري، وكرامتي.
ولازم... كل واحد غلط في حقي يشوف وش خالد اللي عمره ما شافه قبل كده. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الطريق لشقة ياسمين،
كارما كانت قاعدة جنب مهاب في العربية، وسكوتها كان بيحكي أكتر من كلام. توترها باين على وشها، وحزنها مخبي نفسه في عنيها. كانت زعلانة عشان أختها اللي شايفة إنها اتظلمت من الكل.. وكانت متأكدة إن جدها، اللواء وحيد، هو السبب.. بكلامه القاسي، ونظراته اللي تخوف، وأكيد ما سكتش غير لما هددها.
مهاب، على فترات، كان بيحاول يفتح أي كلام.. لكن كارما كانت سرحانة، مشغولة بأفكارها، دماغها مشغولة بياسمين وباللي ممكن يحصل.
وأخيرًا، وصلوا قدام العمارة.
مهاب قالها رقم الشقة، وهي نزلت لوحدها، ومهاب فضل مستنيها تحت في عربيته.
في شقة ياسمين.
زينة فتحت الباب، واتفاجئت بكارما واقفة قدامها. بنت شكلها رقيق وجميلة، واضح إنها في نفس سنها تقريبًا.
كارما اتكلمت برقة:
ـ مساء الخير.. ياسمين موجودة؟
زينة ردت باستغراب بسيط:
ـ آه موجودة.. أقولها مين؟
كارما بصّت ناحيّة الشقة وهي بتقول بهدوء:
ـ أنا كارما.. أختها.
زينة ابتسمت، وملامحها اتحولت لحماس:
ـ كارما أخت ياسمين! اتفضلي، اتفضلي ادخلي.. ياسمين جوه.
دخلت كارما، وزينة ماشية جنبها وهي بتبتسم، لكن اللحظة اتغيرت تمامًا لما ياسمين شافتها.. قامت واقفة، ملامحها مصدومة، مش قادرة تصدق إن أختها وقفة قدامها.
كارما قربت منها، ابتسامتها فيها حنية خفيفة:
ـ إزيك يا ياسمين.. أنا كارما.. أختك.
ياسمين كانت واقفة، بتبصلها بصمت. وجود كارما قدامها فجأة كان بنفس الإحساس اللي جالها لما دخل عليها اللواء وحيد وبنته.. نفس الهالة اللي فيها رهبة وغموض. واضح إن العيلة دي بتعرف تدخل وتسيب أثر.
زينة قالت ببهجة:
ـ تشربي إيه يا كارما؟
كارما ردت بنفس رقتها:
ـ أي عصير فريش.
زينة راحت على المطبخ، سايبة الأختين يواجهوا بعض.
كارما قعدت، ونظرتها دايرة في الشقة، ملاحظة كل حاجة..
ياسمين قعدت قدامها، بس لسانها اتربط. الكلام اختفى، والموقف مش سهل.
كارما لمحت الشقة بنظرة سريعة وقالت:
ـ حلوة الشقة.. خالد طول عمره ذوقه حلو وبيعرف يختار صح.
ياسمين فضلت بصلها ، بس كان جواها شعور مش مفهوم.
كارما رجعت تبصلها، ونبرتها بقت فيها دفء وصدق:
ـ تعرفي إن أنا وخالد متربين مع بعض من وإحنا صغيرين؟ وكل العيلة كانوا متفقين إننا لما نكبر هنتجوز.
وضحكت ضحكة خفيفة وقالت:
ـ طبعًا كنا صغيرين، وكان كله كلام.
نظرات ياسمين فضلت ثابتة، وفيها حذر. كانت حاسة إن كارما مش جايه تزور.. دي جايه توصل رسالة بطريقتها.
كارما، وهي بتبص ناحيّة المطبخ تتأكد إن زينة لسه ما رجعتش، قالت بنبرة أهدى بس فيها نغزة:
ـ أنا كان عندي فضول رهيب أقابلك وأقعد معاكي.. كنت عايزة أعرف، إيه اللي فيكي مختلف عني؟ مش غريبة شوية إن أكتر اتنين رجالة حبيتهم في حياتي.. يحبوكي إنتي اكتر مني ؟
ياسمين قلبها بدأ يدق بسرعة، وكأن الكلام دخل جواها قبل ما تستوعبه.
كارما، ملامحها بدأت تتحول للحزن وهي بتكمل:
ـ بابا كان بيحبك أكتر مني.. ساعات كان بيغلط في اسمي ويناديني باسمك.. وأنا مكنتش متخيلة إن الاسم اللي بيغلط فيه هو اسم بنته التانية اللي مخبيها عنّا!!
وقفت لحظة، وبعدين بصتلها بعين فيها وجع سنين:
ـ وخالد.. حب عمري.. الشاب اللي الكل كان عارف إن أنا وهو هنكون لبعض.. فجأة انتي تظهري في حياته وتاخديه مني هو كمان!.. مش صدفة غريبة؟
الكلام وقع على ياسمين زي الصدمة، حسّت برجفة في جسمها كله، ولسانها لسه مش قادر يرد.
كارما عينيها لمعت بدموع حاولت تمسكها:
ـ أنا مش بكرهك يا ياسمين..
 بس لما عرفت ان خالد طلقك.. 
الامل رجع لقلبي تاني.. 
 انا كنت بحاول اكسب قلب خالد بأي طريقة.. 
وحاسه ان ده أكتر وقت خالد محتاجني فيه. 
انا جيت اترجاكي تسيبي بيته وتبعدي عن خالد.. كفاية خدتي حب بابا لوحدك.. سيبيلي حب خالد.
وأخيرًا، ياسمين لقت صوتها وسألت بهدوء:
ـ جدك.. ومامت خالد.. موافقين إنك تتجوزي خالد؟
كارما ردت بسرعة ولهفة باينة:
ـ آه طبعًا موافقين.. وكانوا متفقين من زمان.
ياسمين بصتلها بتفكير وقالت بنبرة ساكنة:
ـ والمطلوب مني إيه دلوقتي؟ خالد طلقني خلاص.. تقدري تروحيله وتتجوزوا برحتكم.
كارما قالت بحدة هادية:
ـ مش هينفع طول ما إنتي عايشة في بيته.. لازم تخرجي من حياته عشان ينسى اللي كان بينكم ويفتكر حبه ليّا من تاني.
ياسمين قامت وقفت، ما كانتش قادرة تفهم إذا كانت متفاجئة ولا مخنوقة، وقالت بهدوء غريب:
ـ تعرفي أنا مستغربة من إيه؟ إن جدك وخالتك موافقين إن ابنهم يتجوز بنت من عيلة كلهم تجار سلا..ح!
وبصتلها وقالت بثقة:
ـ هو إنتي مش من عيلة الشرقاوي؟ وبنت يحيى الشرقاوي تاجر السلا.. ح برضه، ولا لأ؟
كارما اتصدمت، ملامحها اتجمدت للحظة.
ياسمين وقفت قدامها بثبات، وعينيها مليانة وجع بس مفيهاش ضعف:
ـ أصل جدك وخالتك جم عندي هنا وقالولي لازم أسيب خالد عشان مستقبله! طب إزاي أنا هضيع مستقبله.. وانتي لأ؟
كارما بصت لياسمين بصدمة، الكلام خبطها في اكتر حاجة بتوجعها، ولسانها اتربط للحظة.
مكانتش عارفة ترد.. مش متخيلة إن ياسمين هتواجهها كده، بالهدوء ده، وبالثقة دي.
لكن ياسمين كانت ثابتة، دماغها شغالة، والوجع اللي جواها طالع في كلامها وهي بتكمل:
ـ يعني يرضيهم أنا أضحي بحبي لخالد عشان مستقبله.. وهما يوافقوا إنه يتجوز أختي، بنت تاجر السلا.. ح؟
كارما لسه مش مستوعبة الصدمة.. كانت متوقعة إن ياسمين تبعد من غير نقاش، تسيب لها الساحة وتمشي.
بس ياسمين طلعت مش سهلة، وردها كان مفاجأة.
كارما شدّت نفسها، وحاولت تسترجع ثقتها، وردت بنبرة فيها عناد:
ـ بس في فرق بيني وبينك!
ياسمين رفعت حواجبها بدهشة، وقعدت تاني مكانها وقالت بهدوء:
ـ فرق إيه؟ أنا بنت يحيى الشرقاوي.. وإنتي بنت يحيى الشرقاوي!
كارما صوتها علي وملامحها شدت، وقالت بحدة:
ـ بس أنا جدي أبو مامتي لواء سابق في الداخلية!
وانتي بقى؟ عيلة مامتك مين؟
الكلام دخل زي السهم، بس ياسمين خدت نفس، وردت بثبات:
ـ بس هما مشكلتهم مع عيلة أبويا.. مش مع عيلة أمي!
كارما قامت واقفة، غضبها كان ظاهر على وشها وصوتها بدأ يهتز:
ـ يعني إيه؟!
قامت ياسمين هي كمان، وقفت قصادها، مش خايفة ولا مترددة، وقالت بنبرة فيها وجع ويقين:
ـ يعني أنا دلوقتي اتأكدت إني كنت غبية لما صدقت جدك وهو بيتهمني إني أنانية..
ولما صدقت خالتك وهي بتقولي إن وجودي في حياة خالد هيضيع مستقبله!
سكتت لحظة، ونظرتها فيها وجع مكبوت، وكملت:
ـ طلعوا بيعملوا كل ده عشان يفرقوا بيني وبين خالد.. وانا كنت غبية وصدقتهم... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
قامت ياسمين وقفت قصادها، مش خايفة ولا مترددة، وقالت بنبرة فيها وجع ويقين:
ـ يعني أنا دلوقتي اتأكدت إني كنت غبية لما صدقت جدك وهو بيتهمني إني أنانية..
ولما صدقت خالتك وهي بتقولي إن وجودي في حياة خالد هيضيع مستقبله!
سكتت لحظة، ونظرتها فيها وجع مكبوت، وكملت:
ـ طلعوا بيعملوا كل ده عشان يفرقوا بيني وبين خالد.. وانا كنت غبية وصدقتهم.
كارما بدأت تحس بالقلق…
قوة ياسمين وثباتها كان مفاجأة بالنسبالها، مكانتش متخيلة إنها هتواجهها بالشكل ده!
اتحركت بسرعة ناحية الباب، عايزة تهرب من المواجهة، لكن فجأة صوت ياسمين ناداها بحدة هادية:
ـ كارمااا.
كارما وقفت مكانها متوترة، قلبها بيخبط، وياسمين قربت منها ووقفت قصادها قبل ما تخرج من الشقة.
قالت ياسمين بنبرة هادية بس جواها وجع قديم:
ـ بابا.. زي ما كان بيغلط في اسمك ويناديكي بأسمي… كان بيغلط في اسمي ويناديني بأسـمك.
كارما بصتلها بدهشة، الكلام دخل قلبها بسرعة.
ياسمين كملت، ونبرتها فيها صدق مالوش وصف:
ـ وخالد.. لو كان بيحبك من الأول… عمره ما كان حبني ولا اتجوزني.
خالد راجل بيحافظ على البنت اللي بيحبها… ومش بيتخلى عنها عشان أي حد!
كلامها لمس حاجة جوه كارما، حاجة كانت دايمًا بتحاول تدفنها.
ياسمين هزت راسها وقالت بنبرة فيها وجع ومواجهة صريحة:
ـ بلاش تعشمي نفسك بسراب يا كارما…
إنتي مش قليلة عشان تاخدي بواقي قلب راجل بيحب واحدة غيرك…
وتبقي مستنية الفرصة إنهم يتفرقوا عشان تلاقي لنفسك مكان صغير في قلبه.
الكلمات دي خبطت جوه قلب كارما جامد، حسّت إنها بتتكشف قدام نفسها لأول مرة،
بس مكانش عندها رد…
مقدرتش حتى تنطق.
لفّت بسرعة، وخرجت من الشقة، وقفلت الباب وراها بقوة، وكأنها بتحاول تهرب من نفسها مش من ياسمين.
في الصالة…
ياسمين وقفت مكانها، واتنهدت تنهيدة طويلة كلها حزن ووجع.
زينة رجعت من المطبخ، قربت منها وسألتها بقلق:
ـ هو إيه اللي حصل؟ أنا سيبتكم تتكلموا براحتكم… بس شكلكم كنتوا بتتخانقوا!
أختك خرجت زعلانة!
ردت ياسمين وهي لسه بصه قدامها بشرود:
ـ هتزعل دلوقتي شوية…
بس الأيام هتثبتلها إن كلامي كان صح.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تحت العمارة
كارما نزلت وهي بتبكي بمرارة، دموعها كانت نازلة من غير ما تحس، ومش شايفة الطريق من قدامها.
مهاب كان واقف مستنيها في عربيته، أول ما شافها بالحالة دي اتصدم.
نزل بسرعة، جري ناحيتها وسألها بقلق:
ـ في إيه يا كارما؟! إيه اللي حصل؟!
ردت ببكاء مكتوم وهي مش قادرة تبصله:
ـ ياسمين طردتني من شقتها…
أول لما جبت سيرة خالد… لقيتها اتغيرت وقالتلي كلام وحش أوي!
مهاب بص لها بدهشة واستغراب:
ـ وليه ياسمين تعمل كده؟!
كارما كانت بتتكلم وهي بتكتم شهقتها:
ـ أنا مصدومة فيها…
ومش قادرة أتكلم…
يارتني ما كنت جيت، ولا فكرت أصلّح بينهم!
مهاب كان مش فاهم، ومش مستوعب إن ياسمين تتصرف كده.
فتح باب العربية وقالها بهدوء:
ـ طب ممكن تهدي شوية؟
أكيد ياسمين ما كانتش تقصد تطردك ولا تزعلك…
هي يمكن عشان بتمر بظروف صعبة، طريقتها كانت حادة شوية معاكي.
كارما هزّت راسها بالنفي، ودموعها مش بتقف:
ـ لا…
هي كانت قاصدة كل كلمة قالتها…
ومش طايقة أي حد يجيب سيرة خالد، أو يتدخل في صلح بينهم.
مهاب بص لها بقلبه قبل عينيه…
كان متأثر بانهيارها، وصعبان عليه وجعها.
حاول يلم شتاتها وسألها بهدوء:
ـ تحبي أوصلك فين دلوقتي؟
ردت بصوت مكسور وهي بتبكي:
ـ وصلني البيت…
أنا مش عايزة حد يشوفني وأنا بالحالة دي.
مهاب هزّ راسه بالموافقة، وسألها على عنوانها،
ولف العربية وتحرك… وسايب وراه لحظة تقيلة اتفتحت جروحها بصراحة مؤلمة.
...... 
في شركة الشرقاوي.
كان يحيى قاعد على مكتبه، مركز في الأوراق اللي قدامه، بيوقّع عقود وصفقات استيراد جديدة،
وشكله متجهم كالعادة.
السكرتيرة كانت واقفة جنبه، كل شوية تتمايل عليه بدلع واضح، وهو… ولا كإنها موجودة.
زفرت بملل وقالت بنبرة فيها عتاب ناعم:
ـ هو أنا موحشتكش ولا إيه؟
بقالك كتير أوي مشدّد كده عليا ومصدرلي الوش الجامد ده.
يحيى مرفعش عينه عن الورق، ورد بجفاف وهو لسه بيوقّع:
ـ أنا مشغول الفترة دي.
قربت منه أكتر، وسندت على كتفه وهي بتلعب في زرار قميصه بدلع تقيل:
ـ وإيه اللي شاغلك عني؟
أنا بحبك، وانت مش حاسس بيا خالص.
قعدت على طرف المكتب قدامه، حاوطت رقبته بإيديها بنعومة،
وقالت بصوت رقيق:
ـ تيجي شقتي النهاردة؟
هجهزلك عشا محصلش، وأعملك جلسة مساج تخليك تنسى كل المشاكل اللي عندك.
يحيى أخيرًا رفع عينه وبصلها ببرود…
وقال بصوت جامد:
ـ لأ… مليش مزاج.
وخدي الأوراق دي، روّحي شوفي شغلك.
السكرتيرة بصت له بدهشة وزعل، بس لمّت نفسها بسرعة واتحركت بعيد عنه.
وفجأة…
موبايله رن.
بص على الشاشة، كان الرقم باسم اللوا وحيد.
رد بسرعة، ورفع الموبايل لأذنه…
أول ما سمع صوته، وشه اتغير، ودخل على طول في الحوار.
ضحك فجأة وقال بحماس:
ـ طلقها بجد؟!
إمتى؟ وإزاي؟
رد اللواء بصوت هادي وواثق:
ـ مش مهم إمتى ولا إزاي…
المهم إن ده دورك دلوقتي…
تبدأ تنفّذ اللي اتفقنا عليه.
يحيى عدّل قعدته وقال بنبرة كلها رضا وثقة:
ـ اعتبره حصل…
ده الشغل معاك طلع تقيل أوي يا سيادة اللوا!
اللواء رد بنبرة كلها غرور وسيطرة:
ـ ولسه يا يحيى…
اللي جاي أتقل بكتير!
يحيى ابتسم، ابتسامة نصر…
مش بس علشان الخطة ماشية زي ما هو عايز،
لكن لأنه مستني اللحظة اللي ياسمين ترجعله وهي مكسورة ومذلولة…
بعد ما خالد طلقها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن.
خالد كان قاعد في مكتب ظابط زميله، عارف ان كل الأخبار بتكون عنده. 
سأله بصوت جاد:
ـ أنا عايز أعرف مين الظابط اللي مسك قضية الشرقاوي بعدي؟
الظابط رد وهو بيهز راسه:
ـ القضيه بعد ما اتسحبت منك… الملف اتقفل فجأة!
ومافيش أي سبب واضح لده.
خالد رفع حاجبه بدهشة وقال:
ـ يعني إيه اتقفل؟!
اتقفل كده من غير لا تحقيقات ولا تقرير ختامي؟!
الظابط قرب منه شوية، بص حواليه بحذر، ووطى صوته وهو بيقول:
ـ في حاجة مش مفهومة في الموضوع…
بس بصراحة؟
محدش حاول يفهم أو يدور!
إحنا بنتصرف زي ما بيتطلب مننا وخلاص.
سكت لحظة، وبعدين كمل وهو مغيّر نبرة صوته لنبرة أعمق:
ـ بس اللي أنا واثق منه… إن في حد تقيل واقف ورا الشرقاوي،
وكل مرة بنقرب منه، بنلاقي الطريق اتقفل!
خالد سكت شوية، ملامحه اتغيرت…
افتكر جده، وتفكيره رجع للحظة اللي سحب فيها القضية من إيده من غير نقاش.
أفكار كتير كانت بتتصارع في دماغه…
دلوقتي بقى متأكد ان في سر بين جده وبين الشرقاوي. 
وقف، وسلّم على الظابط بصمت، وخرج من المكتب.
كان ماشي في ممر المديرية ودماغه بتغلي،
خطواته سريعة وتفكيره شغال:
"لازم أعرف الحقيقة…
القضية دي مش هتتقفل كده،
حتى لو مش من اختصاصي دلوقتي،
أنا هكملها للآخر…" 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة ياسمين.
كانت زينة قاعدة قدام ياسمين، بتبصلها وهي شايفاها شارده وساكتة بقالها كتير.
ياسمين كانت بتفكر بقلق… "أصلّح اللي حصل إزاي؟ وابدأ منين؟"
فجأة قطعت الصمت وقالت:
ـ بابا خالد.
زينة بصت لها بدهشة:
ـ مين؟
ردت ياسمين وهي بتبص لها بتركيز:
ـ عمي سالم الدريني… والد خالد…
هو الوحيد اللي ممكن يساعدني أصلح الغلط اللي عملته.
سكتت لحظة، وعيونها كانت باينة فيها حيرة وحزن، وقالت بنبرة ضعيفه:
ـ بس هقوله إيه؟
زينة ضحكت وقالت بهزار:
ـ قوليله اللي انتي عملتيه في ابنه عشان يعلقك علي باب المصنع.
ياسمين بصتلها بغيظ متصنّع وقالت وهي بتضحك:
ـ اتريقي واضحكي برحتك… ما أنا استاهل أكتر من كده.
زينة كانت لسه مبتسمة وقالت:
ـ طب ما تروحي له في البيت وخلاص، بدل ما تقعدي تفكري كتير…
انتي عارفة عنوان بيتهم صح؟.
ياسمين شهقت وقالت:
ـ وأقابل بهيرة هانم تاني؟! مستحيل!
زينة ردت بنبرة هادية:
ـ أومّال هتعرفي عنوان المصنع إزاي؟
أقولك!
اسألي شات چي بي تي.
ياسمين بصتلها بغيظ ساخر:
ـ والله.. طب ماشي
هسأله.. هاتي تليفونك.
ضحكوا هما الاتنين، وبدؤوا يدوروا على اسم المصنع والعنوان.
زينة سألتها وهي مركزة معاها:
ـ دلوقتي عرفتي العنوان… هتعملي إيه؟
ياسمين قامت من مكانها، رايحة على أوضتها وقالت:
ـ هلبس وأنزل اروح اقابله… هتكلم معاه بصراحة،
هقوله على كل حاجة حصلت،
وآخد بنصيحته… يمكن ألاقي عنده حل.
زينة قالت بقلق:
ـ هو ممكن يساعدك فعلاً؟
ياسمين وقفت لحظة عند باب أوضتها، وبصتلها وقالت بنبرة حزينة لكن فيها أمل:
ـ مش هخسر أكتر من اللي خسرته.
دخلت الأوضة وقفلت الباب وراها، وزينة فضلت واقفة مكانها، قلبها مش مطمن.
طلعت موبايلها بسرعة واتصلت بمعتصم، وقالتله ان ياسمين هتنزل تقابل والد خالد…
وإنها ندمانه وبتحاول تصلح اللي حصل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت اللواء وحيد الأسيوطي. 
جوه أوضة كارما
كارما كانت قاعدة على سريرها، عينيها سرحانة في نقطة في الأرض، وكأنها مش شايفة حاجة.
كان وشها باين عليه الحيرة والكسرة… مشاعرها كانت متلخبطة ومضروبة ببعض.
كانت بتفكر في كلام ياسمين لما قالتلها…
"بلاش تاخدي بواقي قلب راجل بيحب واحدة غيرك..."
الكلمة دي وقعت على قلبها زي السكينة.
هي فعلاً بتعمل كده؟
بتحاول بكل الطرق تكسب قلب خالد، مع إنها عارفة إن قلبه مش ليها… وإن قلبه مع ياسمين.
قامت من على السرير فجأة، وبدأت تمشي رايحة ناحية المراية…
وقفت قدامها وبصت لنفسها بغضب،
قربت وشها وقالت بصوت بيترعش من القهر:
ـ إيه اللي فيها أحسن مني؟
ليه أنا دايمًا اللي باخد البواقي؟
ليه أنا دايمًا اللي باخد اللي بيقع منها؟؟
شافت انعكاس صورتها بترد عليها وبتقولها:
ـ كلهم بيحبوها اكتر منك.. 
مفيش حد بيحبك. 
ياسمين خدت منك كل حاجة ولسه هتاخد منك. 
صوتها بدأ يعلى، عنيها بقت كلها دموع وكسرة…
وفجأة صرخت بكل قوتها وهي بتبص في المرايا:
ـ كفايــــة !!
ومسكت أي حاجة في إيديها وبدأت تكسر فيها…
رمت الإزاز على الأرض، وقلبت الأباجورة،
رمت الكتب والعلب وكل حاجة كانت حواليها على الأرض…
كأنها بتحاول تهدّ النار اللي جواها.
صوتها وصل للبيت كله…
عبير، أمها، سمعت الصريخ واتخضت!
طلعت تجري على أوضتها،
ولما فتحت الباب… اتصدمت.
كارما كانت في حالة هستيرية!
وشها باين عليه الغضب والانهيار،
وعينيها حمرا من كتر البكا.
عبير دخلت بسرعة وقربت منها، بتحاول تمسك إيديها:
ـ كارما!! كارما اهدي يا حبيبتي… في إيه؟
ـ كارما، بصيلي… قوليلي مالك؟؟
كارما كانت بتصرخ، ومش سامعة حاجة.
كانت مش قادرة ترد، كأنها في عالم تاني.
كل اللي طالع منها صوت وجع.
عبير جريت على الدرج وطلّعت علبة الدوا،
فتحتها بسرعة وأخدت منها قرص،
وقربت منها:
ـ كارما… خدي… خدي الدوا بتاعك، لازم تهدي!
كارما كانت منهارة، بس خدت الدوا بإيد بترتعش،
وقعدت على الأرض وهي بتبكي،
وبعد شوية، جسمها بدأ يهدى، وعيونها بدأت تقفل.
عبير حضنتها بحنية وهي بتبص لها بخوف،
وساعدتها ترجع تنام على السرير.
غطتها، ومسكت وشها بإيدها، وحست بحرارة دموعها.
قامت من جنبها، ومسكت الموبايل واتصلت بأبوها.
وصوتها كان بيرتعش وهي بتقول:
ـ الحقني يا بابا…
كارما رجعتلها الحالة تاني.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مصنع الدريني. 
ياسمين وصلت ووقفت على الباب بتسأل على مكتب "الحاج سالم الدريني"،
أول ما وصله الخبر إنها موجودة… خرج بنفسه من مكتبه علشان يستقبلها،
وشه منور بالفرحة، وكأنه شاف بنته اللى غابت عنه سنين.
ـ يا ألف مرحب بيكِ يا بنتي… نورتينا!
ياسمين وشها احمرّ من الخجل، وحست بإحراج من ترحيبه الكبير.
دخلها مكتبه وقعد قدامها، وبص لها باهتمام وسأل:
ـ أخبار خالد إيه؟ عامل إيه معاكي؟
ردت بتوتر وعينيها بتلمع بالدموع:
ـ أنا جاية لحضرتك عشان خالد… 
انا غلطت غلطة كبيرة ومش عارفه أعمل إيه.. 
محتاجة أب حقيقي يسمعني وينصحني.
وحضرتك قولتلي إنك بتعتبرني بنتك. 
وده اللي شجعني اجي النهاردة. 
سالم قرب ناحيتها باهتمام أكتر، وقال:
ـ أتكلمي يا ياسمين.. انا سامعك. 
بدأت تحكي…
حكتله كل حاجة، من ساعة ما جد خالد ووالدته راحوا لها الشقة ،
لكلامهم اللي خوّفها…
ولما طلبت الطلاق من خالد وهو نفذ طلبها. 
لزيارة كارما وكلامها اللي وجعها أكتر،
وهي بتتكلم كانت بتبكي بحرقة… دموعها نازلة، وصوتها متهدج،
حاسة بندم حقيقي ووجع أكبر. 
سالم سمعها للآخر… وسابها تطلع كل اللي جواها،
كان باين على وشه إنه متأثر، وغاضب من مراته اللي راحت هددت مرات ابنه في بيتها! 
ومن ابوها اللوا اللي عايز يتحكم في حياة ابنه ويبقى تحت سيطرته! 
فجأة قام واقف وقال:
ـ تعالي معايا يا ياسمين.
قالت بتوتر:
ـ هنروح فين؟
رد وهو بيخرج معاها من المكتب:
ـ هقولك وإحنا في الطريق.
خرجوا من المصنع، وركبوا العربية،
وأول ما السواق اتحرك، قاله سالم:
ـ خدنا على البيت.
ياسمين شهقت وقالت بصوت مرتجف:
ـ بيت مين؟
سالم بص لها وهو بيطلع تليفونه:
ـ بيت جوزك.
واتصل بخالد… وكلمه بنبرة جامدة تقيلة:
ـ أيوه يا خالد…
سيب كل اللي في إيدك وتعال البيت حالاً… سامعني؟ حالاً.
وقفل من غير ولا كلمة زيادة.
ياسمين بصت له بتوتر وسكتت.
بعد شوية، وصلت العربية لبوابة البيت…
والسواق دخل بيهم.
ياسمين:
ـ هو احنا… جينا هنا ليه؟
رد سالم بنبرة مفيهاش هزار:
ـ يلا يا ياسمين… انزلي.
ياسمين:
ـ أنا آسفة بس مش هينفع… مقدرش أدخل هنا.
قالها بنظرة صارمة:
ـ دا بيت جوزك… قولتلك انزلي يا ياسمين.
نزلت وهي قلبها بيرجف… خطواتها بطيئة… كل حواسها متوترة،
مش قادرة تتخيل رد فعل بهيرة لما تشوفها.
أول ما دخلوا…
بهيرة كانت في الريسبشن… أول ما شافتهم، اتصدمت.
قامت وقربت منهم وهي بتزعق:
ـ إنتي إيه اللي جابك هنا؟ جايه لحد بيتي كمان؟!
سالم بص لها بحدة وصوت عالي:
ـ ياسمين جاية بيت جوزها يا بهيرة!
والبيت ده بيتي أنا!
وأنا اللي أقول مين يدخل ومين لا!
بهيرة اتفاجئت من نبرته، وقالت:
ـ دي مبقتش مراته… ابني طلقها خلاص!
رد وهو بيقرب منها بغضب:
ـ ومين السبب؟
مش إنتي؟
والمحترم أبوكي؟
اللي راح يهدد مرات ابني عشان تطلب الطلاق!
كنتي فاكرة اني مش هعرف؟
بهيرة وشها قلب…
رجعت ورا بخطوة وقالت:
ـ أنا كنت خايفة على مستقبل ابني!
سالم رد بغضب أكبر:
ـ لأ!
إنتي كنتي بترضي أبوكي وأختك…
ومفكرتيش ترضي ضميرك ولا قلب ابنك!
من النهاردة… انسي إن ليكي كلمة في بيتي!
مرات ابني خط أحمر…
ولو قربتي منها تاني… أنا اللي هقفلك!
ياسمين كانت واقفة زي التمثال…
رجليها مش شايلينها…
قلبها بيدق بسرعة، ودموعها نازلة من غير صوت.
سالم بص لها وقال بنبرة أهدى شوية:
ـ تعالي يا ياسمين… اقعدي هنا، لحد ما جوزك يوصل.
بعد دقايق قليله… خالد دخل.
بص حواليه باستغراب لما شاف ياسمين موجودة وسأل:
ـ هو في إيه؟ إيه اللي بيحصل هنا؟
سالم قام وقف وقال بصرامة:
ـ قرب من مراتك يا خالد… وردّها قدامنا.
خالد بص لوالده بدهشة…
وبص لياسمين اللي كانت عينيها في الأرض ومش قادرة تبصله.
قال بتردد:
ـ بس هي اللي طلبت الطلاق… وأنا…
قاطعه سالم بصوت قاطع:
ـ انا عرفت كل حاجة… وياسمين حكتلي على كل اللي حصل … رجع مراتك.
خالد وقف ساكت، ووشه فيه علامات صدمة وحيرة.
سالم زعق:
ـ بتفكر في إيه ؟ قرب من مراتك… بوس دماغها وردها.
لو كانت هي غلطت ... ف الغلط الاكبر من عندنا.
 !
وبص لبهيرة وهو بيقول الجملة الأخيرة.
بهيرة كانت قاعدة على جنب، ساكتة ومكتومة، مش قادرة تفتح بقها.
خالد قال بهدوء فيه وجع:
ـ بس هي اختارت بإرادتها…
محدش غصبها على حاجة…
قامت ياسمين، وقالت بصوت مكسور بالعياط:
ـ أنا آسفة… بس لازم أمشي.
سالم زعق:
ـ استني!
إنتي مش هتمشي!
مش هتخرجي من البيت ده غير وإنتي مراته.
وبص لخالد وقال بحدة:
ـ رد مراتك يا خالد.
خالد اتنهد… قرب منها،
بص في عينيها اللي مليانة دموع وخوف وندم،
وقال بصوت هادي:
ـ أنا رديتك...بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
بتفكر في إيه ؟ قرب من مراتك… بوس دماغها وردها.
لو كانت هي غلطت ... ف الغلط الاكبر من عندنا.
!
وبص لبهيرة وهو بيقول الجملة الأخيرة.
بهيرة كانت قاعدة على جنب، ساكتة ومكتومة، مش قادرة تفتح بقها.
خالد قال بهدوء فيه وجع:
ـ بس هي اختارت بإرادتها…
محدش غصبها على حاجة…
قامت ياسمين، وقالت بصوت مكسور بالعياط:
ـ أنا آسفة… بس لازم أمشي.
سالم زعق:
ـ استني!
إنتي مش هتمشي!
مش هتخرجي من البيت ده غير وإنتي مراته.
وبص لخالد وقال بحدة:
ـ رد مراتك يا خالد.
خالد اتنهد… قرب منها،
بص في عينيها اللي مليانة دموع وخوف وندم،
وقال بصوت هادي:
ـ أنا رديتك.
ياسمين بصت له ودموعها نزلت.
كانت واقفة قدامه وقلبها بيتقطع من جواها، نفسها يضمها لحضنه ويطمنها زي ما بيعمل دايما.
وخالد… كان واقف قدامها ساكت بعد ما نطق الكلمة ،
جواه نار شوق وحنين ليها، بس لسه كرامته مجروحه منها! 
سالم الدريني بص لابنه وقال بنبرة واضحة:
ـ خد مراتك على أوضتك فوق يا خالد… ومن النهاردة انتوا هتعيشوا معانا هنا… في نفس البيت.
ياسمين اتفزعت من الكلام، ولفت تبص له بتوتر، كانت لسه هتتكلم وتعترض،
لكن سالم قال بنبرة حاسمة قاطعة:
ـ ومش عايز اسمع ولا كلمة…
انا سيبتكم برحتكم في الاول تعيشوا زي ما انتوا عايزين.. 
وكانت دي النتيجة
من النهاردة هتكونوا هنا في بيتي وقدام عيني.
وبص لبهيرة بنظرة فيها تحذير صريح:
ـ وأي حد هيحاول يفرقكم تاني… مش هيلاقي غيري ف وشه.
بهيرة كانت ساكتة… عينيها بتغلي، وقلبها بينفجر من الغيظ.
ما نطقتش… بس وشها كان بيقول كل حاجة.
أما ياسمين… فكانت واقفة وبتترجف…
مش متخيلة إنها ممكن تعيش في بيت واحد مع بهيرة بعد كل اللي حصل.
سالم اتكلم مع خالد بهدوء حاسم:
ـ وصل ياسمين أوضتك… وتعاللي المكتب عايزك.
ومشي باتجاه مكتبه من غير ما يبص وراه.
بهيرة فضلت قاعدة،
بس عينيها ماكنتش بتتحرك من على ياسمين،
نظرة كلها حقد… كلها كره…
حاسّة إن البنت دي مش بس خدت ابنها،
دي كمان خدت جوزها في صفها…
ودلوقتي… دخلة تاخد بيتها وسلطتها كمان.
قامت من مكانها واتجهت للأوضة بتاعتها بخطوات غاضبة،
ولا بصّت لابنها… ولا نطقت بأي كلمة.
خالد كان واقف، ملامحه جامدة، وصوته خالي من أي حنية:
ـ اتفضلي معايا… أوصلك الأوضة.
ياسمين مقدرتش تعترض لان صوت خالد كان جامد ومفيش فيه الحنيه اللي هي متعودة عليها..
مشيت قدامه وهي ساكتة،
كل خطوة كانت زي خنجر بيغرز في قلبها.
طلعوا فوق…
خالد فتح باب أوضته، وشاور لها تدخل.
دخلت بتوتر.. 
وكان قلبها بيدق وهي بتدخل أوضة حبيبها اللي كان بينام فيها قبل ما يتجوزوا.
الغرفة كلها ريحته…
تصميمها رجالي… كله نظام وترتيب،
وفي نصها سرير واحد كبير.
وقفت تبص حواليها بتوتر،
حاسّة بدوخة… حزن بقلبها… دموع بعينيها.
دي أوضة جوزها… حبيبها… اللي بقت حاسه انه غريب فجأة.
خالد كان واقف عند الباب،
عينه عليها… قلبه بيخبط بعنف،
بس بيحاول بكل قوته يفضل متماسك.
قال بنبرة جامدة:
ـ أنا هنزل أشوف بابا عايزني ف إيه…
وهروح الشقة أجيب حاجتنا.
محتاجة حاجة تانية غير شنطة هدومك؟
قالت وهي عينها في الأرض وصوتها بالكاد مسموع:
ـ لأ…
هز راسه وخرج،
وقفل الباب وراه بهدوء.
وأول ما الباب اتقفل…
اتنهد تنهيدة طويلة… فيها راحة…
وفيها لهفة كان كاتمها بقاله كتير.
فرحان…
بس بيحارب ظهور فرحته قدامها عشان تعرف ان غلطتها كانت كبيرة. 
نزل على السلم بسرعة، وقبل ما يدخل مكتب والده… تليفونه رن.
بص على الشاشة… "معتصم".
رد عليه، وكان باين في صوته الفرحة:
ـ أيوه يا معتصم؟
رد عليه معتصم بقلق:
ـ طمني يا خالد… إيه الأخبار؟
خالد ابتسم وهو بيقول بحماس:
ـ رديت ياسمين…
شكرا يا معتصم إنك عرفتني انها رايحه المصنع.
معتصم ضحك وقال من قلبه:
ـ ألف مبروك يا خالد…
فرحتني بالخبر ده. زينة أول ما تعرف هتطير من الفرحة!
خالد ابتسم براحة:
ـ سلّملي عليها… واشكرها بالنيابة عني.. احنا تعبناها معانا الايام اللي فاتت. 
معتصم رد بسرعة:
ـ متقولش كده!
احنا مفيش بينا الكلام ده.. هسيبك بقى تفرح برجوع مراتك.. ربنا يسعدكم. 
خالد قفل المكالمة وهو مبتسم،
وفتح باب مكتب والده… ولسه الفرحة مرسومة على وشه.
أول ما سالم شافه، ضحك وقال:
ـ ضحكتك رجعت تاني؟
خالد قعد قدامه وقال بتنهيدة مريحة:
ـ ضحكتي رجعت بفضلك يابابا بعد ربنا.. شكرا.
سالم ابتسم وقام من ورا المكتب،
وقعد قصاده وقال بنبرة فيها حنية وصرامة في نفس الوقت:
ـ لما كلمتني وقولتلي إن ياسمين جاية تقابلني…
وفهمتني اللي حصل بينك وبينها، واللي عملته أمك وجدك…
أنا كنت عايز أروح لجدك وأهد البيت على دماغه!
بس كان لازم أرجّعلك مراتك الأول.
خالد قال بحزم وهو بيبص في عيون أبوه:
ـ أنا كنت هرجعها من غير ما حد يطلب مني،
بس كان لازم تفهم إن الطلاق مش لعبة…
والرجوع مش هيكون بكلمة كل مرة.
سالم هز راسه باتفاق:
ـ عندك حق…
بس أنا متأكد إنها اتعلمت…
ومستحيل تقول الكلمة دي تاني.
خالد اتنهد وقال:
ـ بس قلبي مش مطمن لفكرة إننا نعيش هنا…
أنا مش عايز أمي تضايقها،
ومش عايز أخسر أي واحدة فيهم.
سالم بصله بثقة وقال:
ـ متقلقش من أمك…
أنا عارف هي بتفكر إزاي،
وهعرف أوقفها عند حدها.
أنت كل اللي مطلوب منك… تركز في شغلك، وفي قضيتك،
جدك لازم يقف عند حده.
خالد هز راسه وهو بيفكر:
ـ أنا فعلاً بقيت متأكد إن في حاجات غريبة حوالين جدي…
خصوصاً في قضية الشرقاوي.
سالم قال له فجأة:
ـ على فكرة… أنا بفكر أخد ياسمين معايا المصنع كل يوم.
لو خالتك أو بنتها جم البيت وإحنا مش موجودين،
مش هيضيعوا أي فرصة عشان يضايقوها.
خالد بص له وقال باستغراب:
ـ بس في حاجة غريبة في موضوع كارما…
هي اللي جتلي القسم وحكتلي إن جدي وامي راحوا يهددوا ياسمين!
وطلبت تقابل ياسمين عشان تصلح بينا! 
سالم ضحك وقال وهو بيهز راسه:
ـ آه…
وقالتلك إنها بتصلّح بينكم… صح؟
خالد قال باستغراب:
ـ أيوه! 
سالم رفع حاجبه وقال بسخرية:
ـ وانت شايف إن تربية وحيد الأسيوطي ممكن يطلع منها صلح؟
خالد قال وهو متلخبط:
ـ هو ده اللي مش داخل دماغي!
سالم قال بهدوء:
ـ ياسمين حكتلي كل حاجة.
كارما ما كانتش رايحه تصلّح…
دي راحت قالت لياسمين تبعد عنك…
عشان هي بتحبك!
خالد اتصدم وبص لأبوه شوية،
وبعدين ضحك بحزن وقال بسخرية:
ـ يعني كانت رايحه تخربها أكتر!
سالم قال بغضب:
ـ وحيد الأسيوطي ما بيجيش منه غير المصايب…
ودي تربيته.
هتتوقع إيه منها غير كده؟
خالد هز راسه وهو بيقول:
ـ عندك حق يا بابا…
سالم قال بثقة وهو بيبصله:
ـ خليك مطمن…
مراتك هتفضل تحت عيني،
سواء هنا في البيت أو في المصنع.
أنا مش هسمح أي حد يقرب منها أو يضايقها.
وانت خلّي تركيزك في شغلك وقضيتك…
وفكر ازاي ترجع حقك وحق مراتك.
خالد بص لأبوه بحب وقال بصدق:
ـ ربنا يخليك ليا… يا أحسن أب في الدنيا.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت اللوا وحيد الأسيوطي.
كانوا واقفين في أوضة كارما، والدكتور بيكشف عليها.
عبير واقفة مرعوبة، وضاغطة على إيديها بتوتر،
واللوا وحيد بيتابع كل حركة بنظرة فيها قلق وترقُّب.
الدكتور خلص الكشف،
ورفع عينه ليهم وقال بهدوء:
ـ اتفضلوا نتكلم برا… هي نايمة دلوقتي. 
طلعوا من الأوضة،
وقبل ما الباب يتقفل كويس،
عبير اتكلمت بصوت قلق ومخنوق:
ـ طمّني يا دكتور؟! إيه اللي حصلها؟!
الدكتور رد وهو بيعدل نظارته الطبيه:
ـ غالبًا اتعرضت لضغط عصبي جديد… أو صدمة شديدة مقدرتش تستحملها.
عبير بصت له بدهشة:
ـ ضغط عصبي من مين؟!
إحنا كلنا بنحاول نراعيها ومحدش بيزعلها في حاجة!
وصدمة إيه اللي فجأة تظهر كده؟!
الدكتور قال بحيرة:
ـ ممكن كلمة… ممكن موقف فكرها بصدمة قديمة،
اللي زي حالتها أي حاجة بتفكرها، بترجعها تاني.
عبير كانت على وشك الانهيار:
ـ بس أنا كنت فاكراها خفت خلاص!
بقالي سنين بعالجها…
وسافرنا ولفينا الدنيا عشان تتعالج!
إزاي كلمة ترجعها تاني لنقطة الصفر؟!
الدكتور اتنهد وقال:
ـ يا مدام عبير…
بنت حضرتك وصلت للحالة دي وهي في فترة صعبة وحساسه جدا في عمرها .. 
وكانت بتتعرض لسخرية من أصحابها،
كلامهم عن شغل أبوها، وعن سبب موته،
كان عار بالنسبه لها.. 
كله اثر في نفسيتها…
والسفر والعلاج ساعدوا،
بس الندبة النفسية ما بتروحش بسهولة.
وواضح إن اللي حصل النهاردة…
فكّرها بكل اللي فات!
اللوا وحيد كان واقف ساكت،
لكنه جواه كان عارف كويس هي راحت فين…
لأنه بيراقب العمارة اللي فيها شقة خالد،
وبيوصله تقرير كل ساعتين مين دخل ومين خرج.
عبير بصت له فجأة،
وقالت بانهيار:
ـ ساكت ليه يا بابا؟!
قول حاجة!
مين اللي عمل فيها كده؟!
اللوا بص لها بنظرة جامدة وقال:
ـ لما بنتك تفوق اعرفي منها بنفسك.
عشان تهتمي بيها شويه وتعرفي بنتك بتروح فين وتيجي منين! 
بعدين بص للدكتور وقال بنبرة حاسمة:
ـ متشكرين يا دكتور…
وزي ما اتفقنا،
كارما حالتها تفضل سر،
محدش يعرف عنها حاجة!
الدكتور هز راسه وقال:
ـ أكيد يا سيادة اللوا…
عن إذنكم.
خرج الدكتور. 
وعبير مسكت دموعها بالعافية وقالت لأبوها:
ـ اللي رجّع بنتي للحالة دي…
لازم يتحاسب…
لازم يا بابا!
في اللحظة دي…
موبايل اللوا رن.
بص على الشاشة… "بهيرة".
بص لعبير بسرعة، وشاور لها تسكُت وقالها:
ـ اسكتّي خالص…
دي أختك… مش لازم تعرف أي حاجة عن حالة بنتك.
رد على التليفون،
وسمع صوت بهيرة بتزعق:
ـ الحقني يا بابا!
خالد رجّع البنت دي تاني!
ومش بس رجّعها…
دا سالم جابها هنا البيت!
وعايزها تعيش معايا تحت سقف واحد!
اللوا اتكلم بصوت غاضب:
ـ اهدي بس يا بهيرة…
وفهميني واحدة واحدة…
إزاي رجعها؟!
بهيرة كانت مخنوقة وبتعيط من كتر الغضب:
ـ خالد ماكانش عايز يرجعها،
بس سالم هو اللي ضغط عليه…
وقاله لازم تعيشوا هنا،
وهددني قدامهم…
أهان كرامتي يا بابا!
أنا بجهز شنطتي وهسيب له البيت…
خليه يعرف هو غلط مع مين!
اللوا حط إيده على جبينه،
وبص لعبير اللي كانت لسه منهارة،
وفكر بسرعة…
مش هينفع بهيرة تيجي هنا دلوقتي…
حالة كارما صعبة،
ولازم بهيرة ما تعرفش أي حاجة عن حالتها،
عشان تفضل في صفهم،
وتكمل خطته لجواز كارما من خالد.
قال بسرعة وبحسم:
ـ لا يا بهيرة…
غلط كبير لو سيبتي البيت دلوقتي.
ماينفعش تسيبي بيتك للبنت دي.
خليكي عندك…
وأنا هتصرف مع سالم بطريقتي.
بهيرة ردت وهي بتشهق من الزعل:
ـ بس اللي حصل معايا كبير يا بابا! ولازم يترد عليه. 
اللوا قال بصوت قاطع:
ـ قلتلك خليكِ في بيتك وخلاص…
أنا هحلّها.
وقفل المكالمة.
بهيرة فضلت تبص في الموبايل مش مصدقة،
وقعدت على طرف السرير جنب شنطتها المفتوحة،
كان إحساس الخذلان مالي قلبها…
كانت مستنية أبوها يثور،
يهدد، يتوعد،
لكن لا…
رد فعله كان أبرد من الجليد.
قعدت تفكر…
هو مش فارق معاه؟
ولا بيدبّر حاجة من وراها؟
اللي متأكدة منه…
إنها مش هتسكت،
وهتشوف أبوها هيعمل إيه…
ووقتها بس هتقرر تتحرك إزاي.
سمعت دقّات خفيفة على الباب.
عرفت من صوتها إنها دقّات خالد.
ردّت بصوت مكتوم فيه غضب:
ـ ادخل.
فتح الباب وبص عليها،
كانت قاعدة على طرف السرير،
وجنبها الشنطة مفتوحة،
وشها باين عليه الزعل،
ونظرتها مش بتغفر.
قرب منها وهو بيتكلم بهدوء:
ـ بتعملي إيه يا أمي؟
ردّت بحدّة:
ـ زي ما انت شايف… بلم هدومي وهسيب البيت للهانم مراتك!
خالد مدّ إيده على الشنطة،
خدها من جنبها وحطها بعيد،
وقعد جنبها وقال بهدوء أكتر:
ـ بس البيت ده مينفعش من غيرك يا أمي…
حضرتك الأساس، واللي يقدر يهزّ مكانك في البيت لسه ما اتولدش.
بصّت له بنظرة مكسورة وقالت بحدة:
ـ كان زمان يا خالد…
قبل ما تشوف البنت دي،
وتفضلها على أمك اللي ربتك وكبرتك. 
خالد نزل على ركبته قدامها،
ومسك إيديها، وبص في عينيها:
ـ أنا بحب البنت دي يا أمي…
سعادتي معاها هي وبس.
تكرهي تشوفيني مبسوط؟ مرتاح؟ عايش حياتي مع البنت اللي بحبها؟
بهيرة قلبها رقّ،
مدّت إيديها ولمست وشه بحنية،
الدموع لمعت في عينيها وهي بتهمس:
ـ أنا ما يهمنيش غيرك…
سعادتك هي اللي فارقة معايا.
خالد باس إيديها وقال:
ـ طب ليه بتحاولى تفرقيني عن سعادتي؟
ليه تخليني أعيش في صراع بين أمي ومراتي؟!
بصّ في عينيها، ونبرة صوته اتحولت للوجع:
ـ حضرتك مش متخيّلة قد إيه وجعني…
لما عرفت إن أمي هي اللي بتحاول تهدّ اللي ببنيه،
بتبعدني عن اللي بحبها،
بتقف ضدي وعايزة تدمر حياتي. 
ردّت بهيرة بصوت مخنوق:
ـ أنا بعمل كده لمصلحتك يا خالد…
أنا شايفة إن البنت دي مش مناسبة ليك.
خالد مسك إيديها أكتر وقال بسرعة:
ـ أرجوكي صدقيني…
أنا عارف مصلحتي،
وجوازي من ياسمين لا هيأثر على شغلي ولا حياتي.
اللي بيحاول يقنعك بالعكس… بيضحك عليكي.
اللي عايز يبعدني عنها… هدفه مصلحته هو، مش مصلحتي!
بهيرة سكتت شوية،
افتكرت مكالمتها مع أبوها…
إزاي سابها لوحدها وقت ما احتاجته،
وهي اللي دايمًا واقفة جنبهم كلهم.
خالد كمل كلامه وهو صادق:
ـ أنا سعادتي مع ياسمين…
وبحبك لأنك أمي، وعمري ما هنسى فضلك،
بس بلاش تحطيني في اختيار…
ما بين مراتي… وما بينك.
بهيرة بصّت في عينيه،
وشافت جوّاهم حب حقيقي،
حقيقي لدرجة وجعتها من جوا.
ابتسمت بهدوء، وهزت راسها:
ـ حاضر يا خالد…
أنا يهمني سعادتك وبس.
وبنبرة فيها قوة رجعت تطلع:
ـ بس مراتك لازم تعرف…
إن أنا ست البيت هنا،
والكلمة كلمتي.
خالد ضحك وباس دماغها:
ـ طبعًا يا ملكة البيت!
دي حاجه معروفة من قبل ما أتجوز.
وبعدين لما تعرفي ياسمين أكتر،
هتعرفي إنها طيبة…
مش البنت اللي في بالك خالص.
بهيرة هزت كتفها وقالت:
ـ هنشوف!
خالد قام، وقال وهو بيقف:
ـ  أنا هروح أجيب شوية حاجات من شقتي…
محتاجة مني حاجة قبل ما أخرج؟
ردّت بابتسامة دافية:
ـ لا يا حبيبي…
ربنا معاك.
خالد خرج،
وبهيرة قامت تبص على الشنطة،
وبدأت تفضّيها بهدوء،
بس عقلها كان مشغول…
بكلام خالد…
بحنيّته…
وبفكرة إن قلب ابنها خلاص اختار.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء.
في أوضة خالد.
ياسمين كانت قاعدة متوترة،
عنّيها بتروح وتيجي على شنطهم اللي الخدم طلعوها.
حاسه إن البيت غريب عنها…
رغم إنه بيت جوزها،
بس قلبها مش مرتاح،
والكلام جواها مكتوم.
مش قادرة تقول لخالد إنها عايزه ترجع شقتهم.
بعد لحظات، الباب اتفتح.
ودخل خالد.
بمجرد ما دخل،
دقات قلبها زادت،
وجسمها كله ارتجف.
كانت حاسه إنه جايب معاه عتاب الدنيا.
قفل الباب من غير ولا كلمة.
قرب من شنطته اللي على الأرض،
رفعها وحطها على السرير وفتحها.
ياسمين كانت بتبص عليه،
مش عارفه تبدأ منين،
ولا تقول إيه عشان يسامحها.
قامت وقربت،
وصوتها طالع ضعيف ومكسور:
ـ خالد...
خالد أول ما سمع اسمه بصوتها…
قلبه دق، بس كمل كأنه مسمعش.
قربت أكتر… وقفت جنبه وقالت بهدوء:
ـ خالد… أنا آسفه.
كلمة "آسفه" خبطت في قلبه زي طلقة.
هو مش مستني منها آسف.
هو كان محتاجها تبقى جنبه،
تحارب عشانه زي ما بيحارب عشانها.
مش كل مرة تغلط… هترجع بكلمة.
مدّ إيده خد هدوم من الشنطة،
واتحرك ناحية الحمّام.
وهي فضلت واقفة مكانها…
بتاكل في صوابعها من الندم.
حاسه إنها المرة دي كسرت حاجة جواه…
يمكن ما تتصلحش.
قعدت على السرير،
اتنهدت بحزن،
كل حاجة باظت.
مش عارفه تعمل إيه عشان خالد يرجعها لقلبه.
استنّت…
لحد ما خرج من الحمّام،
لابس بنطلون قطني وتيشيرت.
واضح إنه ناوي ينام…
من غير كلام ولا عتاب.
اتجه ناحية الكنبة…
ونام عليها.
ياسمين اتصدمت!
هي كانت فاكراه لما رجّعها ممكن يتعاتبوا ويسامحها ويرجع معاها زي ما كان.
بس دلوقتي فهمت…
هو رجّعها لإسمه،
مش لقلبه.
خالد من ناحيته،
كان قاصد كل حاجة.
كل حركة، كل سُكات.
عايزها تحس قد إيه وجّعته.
بس جواه نار…
بيموت عليها،
وبيكابر.
غمض عينه ومثّل النوم،
وهي كانت بتبص عليه وعيونها مليانه دموع.
وفجأة…
الكهربا قطعت.
شهقت بخوف،
صوتها خرج تلقائي:
ـ خااالد!
في لحظة…
كان واقف قدامها ،
صوته رجع دافي:
ـ اهدي يا ياسمين… متخافيش،
الكهربا قطعت عادي.
مجرد ما سمعته،
حضنته،
رمت نفسها جوا حضنه وهي بتعيط:
ـ متسبنيش يا خالد…
أنا آسفه… والله ما هعمل كده تاني.
ضمها بكل اشتياق،
كان محتاج حضنها أكتر منها،
حضن فيه غُفران ووجع وحنين.
لحظات قليلة…
والكهربا رجعت.
بس هي كانت لسه مغمضة عنيها جوا حضنه،
وإيديها متشبثة فيه كأنه الأمان الوحيد في الدنيا.
قال بهدوء:
ـ ياسمين… الكهربا رجعت.
فتحت عنيها،
وبعدت عنه بخجل.
هو حاول يرجّع نبرة صوته القاسية،
اتحرك ناحيه الكنبة وقال:
ـ نامي على السرير، متخافيش…
الكهربا مش هتقطع تاني.
وراح نام على الكنبة،
ورجع غمض عينه،
كأن ولا حاجة حصلت.
ياسمين بصت له،
وقعدت على السرير.
حاسه إن حضنه من شوية فضح مشاعره،
حاست بيه…
عارفه إنه بيحبها،
مشتاق،
بس زعله منها كبير.
قالت بصوت هادي:
ـ خالد… انت هتنام دلوقتي؟
رد من غير ما يفتح عينه،
وهو حاطط دراعه فوق وشه:
ـ آه، هنام.
ابتسمت في وسط دموعها،
وقامت فتحت شنطتها،
خدت بيجاما ناعمة ودخلت الحمام.
خالد أول ما سمع صوت باب الحمّام بيتقفل،
فتح عينيه…
عارف إنه مش هيقدر يكمل تمثيل كتير،
قلبه بيغلبه.
حاول يغفل،
بس عقله صاحي…
وبيفكر فيها.
دقايق وخرجت،
بتجفف شعرها بالمنشفة…
وقفت قدام المرايا،
وشغلت الاستشوار.
الصوت عالي ومزعج،
وخالد فاهم إنها قاصدة.
كانت بتبص له بطرف عينها،
وهي بتحرك الاستشوار على شعرها.
هو ماسك نفسه بالعافية،
بيتجاهل كل حركة،
مغمض عينيه،
بس الحقيقة…
هو شايفها بقلبه.
حست ان مفيش امل انه يفتح عنيه، وقفت الاستشوار.
الصوت اختفى فجأة،
وهو افتكر إنها خلاص فقدت الأمل.
لكن سمع صوتها قريب منه:
ـ خالد… انت نِمت؟
رد وهو مغمض:
ـ آه.
قعدت على الأرض قدام الكنبة وقالت:
ـ طب أنا خايفة.
قال بهدوء جامد:
ـ متخافيش… أنا معاكي في نفس الأوضة.
ردّت برقة:
ـ بس ممكن الكهربا تقطع تاني…
رد بنفس الجمود:
ـ متقلقيش… مش هتقطع.
سكتت.
حاسه إنه مش هيسامح بسهولة.
قامت،
ورجعت قعدت على السرير.
هو كان مغمض عينيه…
بس قلبه بيضحك.
فرحان بمحاولاتها معاه... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
سمع صوتها قريب منه:
ـ خالد… انت نِمت؟
رد وهو مغمض:
ـ آه.
قعدت على الأرض قدام الكنبة وقالت:
ـ طب أنا خايفة.
قال بهدوء جامد:
ـ متخافيش… أنا معاكي في نفس الأوضة.
ردّت برقة:
ـ بس ممكن الكهربا تقطع تاني…
رد بنفس الجمود:
ـ متقلقيش… مش هتقطع.
سكتت.
حاسه إنه مش هيسامح بسهولة.
قامت،
ورجعت قعدت على السرير.
هو كان مغمض عينيه…
بس قلبه بيضحك.
فرحان بمحاولاتها معاه.
مسكت تليفونها،
وقعدت تقلب فيه،
ودموعها لسه سايبة أثر على خدها…
لحد ما غلبها النوم.
خالد فتح عينيه،
بص عليها،
ابتسم بحب،
وغمض عينيه براحة وهو مطمن ان حبيبته رجعتله.
.......... 
في وقت متأخر من الليل.
صحى مهاب على صوت جرس بيرن بإلحاح،
وصوت خبط جامد على باب شقته.
قام من على السرير وهو مش فاهم في إيه،
فتح الباب بسرعة…
اتفاجئ ببنت واقفة قدامه،
وشكلها مرهق ومنهارة،
وعنيها فيها لهفة مش طبيعية.
قالت بسرعة، وهي بتتنفس بصعوبة:
ـ لو سمحت… عندك خافض حرارة لطفل صغير؟
مهاب كان بيدعك في عينيه، بيحاول يفوق:
ـ وأنا هجيب خافض حرارة لطفل صغير ليه؟!
البنت اتكلمت بتوتر،
صوتها متلخبط من القلق:
ـ أنا كلمت الصيدلية وطلبت الدوا… بس اتأخروا جدًا… والولد سخن أوي ومش قادرة أسيبه كده!
بدأ يفوق شوية، وبص لها باستغراب:
ـ وأنا مالي يا أستاذة؟
وبعدين انتي مين؟ جايه تخبّطي على شقتي في وقت زي ده ليه؟ ما تبعتي ابوه ينزل يجبله خافض حرارة! 
ردت بغيظ ممزوج بالدموع:
ـ أنا جارتك… لسه ساكنة جديد في الشقة اللي قدامك.
من فضلك… ممكن تنادي على المدام أكلمها؟
الولد حرارته عالية ومش هعرف أنزل أجيب الدوا في الوقت ده!
قال باستغراب:
ـ مدام إيه؟! أنا معنديش مدام أصلاً.
بصت له بذهول لحظات، وبعدين قالت بتوتر:
ـ يعني إيه؟!
قال وهو متضايق:
ـ يعني أنا عايش لوحدي… ومش متجوز.
هي اتفزعت أول ما فهمت،
وبعدت عن بابه بسرعة وهي بتقول بإحراج:
ـ أنا آسفة… مكنتش أعرف. آسفة بجد.
وجريت على شقتها بسرعة،
دخلت وقفلت الباب وراها بخضة.
مهاب وقف لحظات مكانه…
عنينه سابتت على الباب اللي اتقفل،
وكلامها عن حالة الطفل ما سابهوش.
فضل لحظة واقف،
وبعدين دخل أوضته،
لبس هدومه بسرعة،
ونزل على أقرب صيدلية.
اشترى خافض حرارة للأطفال،
ورجع وهو ماسكه في إيده،
واقف قدام باب شقتها متردد.
بيكلم نفسه بصوت مش مسموع:
ـ طب لو جوزها رجع؟
ولو شافني واقف كده قدام بابهم؟
أنا ممكن أسبب لها مشكلة من غير ما أقصد.
قرر في الآخر،
يخبط خبطة خفيفة على الباب،
وحط الدوا على الأرض،
وسحب نفسه بسرعة على شقته،
قفل الباب وراه في هدوء.
في نفس اللحظة. 
البنت فتحت الباب،
شافت علبة الدوا قدامها،
ولمحت باب شقة مهاب وهو بيتقفل.
خدت الدوا بسرعة،
وقرأت العلبة…
خافض حرارة للأطفال.
دخلت الشقة وعيونها كلها امتنان.
دوّرت على السيرنجة،
وإدت الطفل الجرعة،
وقعدت جنبه وهي بتقيس حرارته كل شوية.
وبعد دقايق طويلة من التوتر…
بدأت الحرارة تنزل،
والولد بدأ يهدى… وينام.
أما في شقة مهاب.
كان ممدد على سريره،
لبسه لسه عليه،
وعنيه بتبص في السقف.
سأل نفسه بصوت جواه:
ـ يا ترى خدت الدوا؟
والولد بقى كويس؟
ولا لسه تعبان؟...
فضل سابح في أفكاره،
مش عارف ينام. 
بيفكر ويسأل نفسه:
ليه ابو الطفل مش موجود وسايب ابنه تعبان كده؟ ومراته مش عارفه تتصرف لوحدها؟
وهمس لنفسه قبل ما يغمض عينيه ويستسلم للنوم: لما هما مش قد الجواز بيتجوزوا ليه! 
.......... 
في الصباح. 
مهاب صحي من النوم ولبس هدومه عشان ينزل شغله.
وأول ما قفل ازرار القميص…
رن جرس الباب.
فتح…
لقى نفس البنت واقفة قدامه،
بس المرة دي كانت أهدى بكتير، وشها فيه ابتسامة خفيفة…
وكانت شايلة طفل صغير حوالي ٣ سنين، حضناه كأنه كنز.
قالت بهدوء:
ـ صباح الخير… أنا بس جايه أشكر حضرتك على الدوا.
الولد الحمد لله لما أخده… حرارته نزلت وبقى كويس.
مهاب بص للولد اللي كان متعلق في رقبتها…
وقال بابتسامة خفيفة:
ـ الحمد لله… ألف سلامة عليه.
البنت ابتسمت، بس عنيها كانت متعبة.
مهاب سألها بفضول وهو بيبص للطفل:
ـ هو باباه مش موجود؟
البنت ارتبكت،
وبسرعة ردت بتوتر وهي بتعدل الطفل في حضنها:
ـ لا… باباه موجود.
عن إذنك.
ومشت بخطوات سريعة ونزلت.
مهاب وقف لحظة بيبص على السلم،
وبعدها قفل الباب ونزل هو كمان وهو مش قادر يبعد عن دماغه رد فعلها الغريب لما سألها عن أبو الطفل.
أول ما نزل من العمارة…
شافها!
نفس البنت…
بس المرة دي كانت بتصرخ في الشارع،
وفي شاب ماسك إيد الطفل وبيحاول يشده منها بالقوة!
البنت كانت بتقاوم بكل قوتها،
وعينيها مليانة دموع،
وصوتها بيتهز وهي بتصرخ:
ـ حد يلحقني! ده ابن أختي! سيبه!
مهاب جري عليهم بسرعة،
قرب وقال للشاب وهو بينفعل:
ـ حضرتك بتعمل إيه؟!
الشاب بص له بقلة أدب وقال:
ـ وانت مالك؟ خليك في حالك يا أستاذ.
مهاب مسك إيده بقوة وخلّاه يبعد عن البنت والولد،
وزعق فيه:
ـ أنا هخلي نفسي في حالي… بس بعد ما أفهم انت عايز منها إيه!
بص للبنت:
ـ انتي تعرفيه؟
البنت كانت بتعيط ومرعوبة…
مش قادرة ترد،
لكن الشاب زعق بصوت عالي وقال:
ـ الولد اللي معاها ده ابني! وهي خاطفاه مني!
البنت انفجرت فيه:
ـ كدّاب!
ده ابن أختي…
وأنا مخطفتوش!
هي وصّتني عليه قبل ما تموت بسببك!
الشاب زعق فيها وهو بيقرب منها:
ـ اختك دي لو كانت متربيه وبتفهم في الأصول مكانتش وصت عيله زيك علي ابنها!
البنت شهقت بصدمة،
وبصت لمهاب بعينين مذعورة،
ومدت له الطفل بسرعة:
ـ خد الولد! خلي أدم معاك كده بسرعة!
قبل ما مهاب يفهم…
لقى الطفل متعلق على دراعه،
والبنت ماسكة شنطتها…
وضربت جوز أختها بالشنطة في وشه بكل قوتها وهي بتصرخ فيه:
ـ إنت بتغلط في أختي وتربيتها؟! يا مدمن!
يا نيلة!
دا انت النقطة السودة في حياتها!
غلطة عمرها اللي دفعت روحها تمنها!
جوز أختها مسك الشنطة وجذبها منها بعنف،
رماها على الأرض،
ولسه بيرفع إيده عشان يضربها…
لكن مهاب كان أسرع،
مسك إيده قبل ما تنزل على وشها وقال بصوت عالي ومليان غضب:
ـ لا ... عارف اللي يرفع إيده على بنت يبقى إيه؟!
الشاب بصله بتحدي:
ـ وانت مالك انت؟!
وبص للبنت وقال:
ـ أااااه ! هو انتي جايبه عشيقك يدافع عنك؟ طب ابعد عن وشي بدل ما أزعّلك!
البنت شهقت،
ومهاب كان لسه شايل الطفل…
بس ساعتها بص للبنت وقالها بنفس طريقتها:
ـ خدي الولد! خلي أدم معاكي كده بسرعة!
خدت الطفل بسرعه،
ومهاب لفّ ناحيته وقال للشاب:
ـ طب وريني هتزعلني ازاي.
وفجأة…
بوكس نازل في وش الشاب بكل قوته،
وقعه على الأرض من شدة الضربة!
البنت شهقت وهي بتضم الطفل لحضنها،
مش مصدقة اللي حصل.
الشاب وهو بيقوم…
اتكعبل، وخاف، وابتدى يبعد:
ـ ماشي يا منة!
جايبة بلطجي يعلّمني الأدب!
بس والله ما هسيبك!
وابني هاخده بالمحكمة!
منة ردت وهي صوتها عالي:
ـ إبقى وريني هتاخده بالمحكمة إزاي يا سوابق!
يا رد السجون!
الشاب جري واختفى،
وساب الشارع كله مقلوب وناس بتتفرج من بعيد.
منة كانت لسه بتبص لمهاب بدهشة وقالت:
ـ هو انت ضربته الضربة دي كلها ازاي؟!
مهاب قال ببرود:
ـ عادي يعني.
وبعدين سألها:
ـ بس انتي واخدة ابنه ليه؟ هو من حقه ياخده منك على فكرة،
خصوصًا لو الأم والجدة متوفية.
منة بصت له بحزن وقالت:
ـ ماما ماتت بعد أختي على طول… من حسرتها عليها،
ومبقاش غيري.
ابن أختي أمانة في رقبتي…
واختي وصتني عليه، وكانت مرعوبة يفضل معاه.
ده مش بعيد يبيع ابنه ويشرب بتمنه القرف إللي بيشربه،
زي ما عمل مع كل حاجة حلوة في حياة اختي.
مهاب كان بيسمع وهو متأثر،
عنيه بقت هادية شوية وهو بيبصلها.
قالت بصوت مخنوق:
ـ انا جيت سكنت هنا فاكرة إنه مش هيعرف مكاني،
بس واضح إنه يقدر يوصلي في أي حتة أروحها.
مهاب رد بعد لحظة تفكير:
ـ يبقى مفيش غير حل واحد…
تثبتي إنه غير مؤهل لحضانة الطفل،
وتعملي محضر بعدم التعرض.
كده تبقي في السليم، وتحمي الولد.
منة بصت له بلهفة:
ـ طب أعمل كده إزاي؟
بص للولد وبص لها:
ـ أنا ممكن أساعدك في الإجراءات.
ابتسمت منة وقالت بحماس:
ـ شكرا… انت بجد ربنا بعتك ليا.
وبصت للسما:
ـ شكرا يا رب!
وبصت للطفل:
ـ قول لعمو شكرا يا أدم.
وبصت لمهاب وسألته بابتسامة دافيه:
ـ هو حضرتك اسمك إيه؟
رد بابتسامة خفيفة:
ـ مهاب.
هزت راسها وقالت بابتسامة:
ـ وأنا منة… وده أدم، ابن أختي.
سلم على عمو مهاب،
هو اللي هيقف جنبنا عشان تفضل معايا.
مهاب سألها وهو لسه بيبص للولد:
ـ كنتوا رايحين فين بدري كده؟
ردت بهدوء:
ـ أنا بشتغل محاسبة في مصنع قريب من هنا…
وأدم بيروح حضانة لحد ما أرجع.
هز راسه وفكر لحظة وسألها:
ـ تحبي أوصلكم بعربيتي؟
ردت وهي بتعدل الطفل في حضنها:
ـ شكرا… كفاية اللي عملته.
عن إذنك.
ومشيت.
وهو وقف مكانه ثواني بيبصلها وهي ماشية،
ابتسم من غير ما يحس،
ومشي ناحيه عربيته،
وركبها وساق وهو ساكت…
بس دماغه مشغولة بيها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي.
يحيى كان نازل من أوضته،
وصوته عالي في التليفون وهو بيزعّق بحدّة:
ـ يعني إيه رجعها تاني؟! مش انت قولتلي انه طلقها خلاص؟!
كان ماشي بسرعة ناحية باب البيت،
بس صوته العالي وصل ل جده،
وصوت الجد جه واضح وقوي:
ـ يحيى! تعال هنا!
وقف يحيى في مكانه لحظة،
زفر بضيق وحاول يمسك أعصابه،
بص لجدّه وقال وهو بيخنق عصبيته:
ـ معلش يا جدي.. أنا ورايا شغل مهم ومشغول ومش فاضي.
الجد قرب منه، وصوته مليان صرامة:
ـ شغل إيه اللي من ورا ضهري؟
إنت بقالك فترة مش طبيعي.. فيه إيه يا يحيى؟!
يحيى قفل المكالمة بعصبية وقال وهو بيحاول يهدى:
ـ مبعملش حاجة من وراك يا جدي! أنا متعصب دلوقتي، لو سمحت سيبني أخرج، ولما أرجع نتكلم.
الجد بص له نظرة طويلة مليانة خيبة أمل وقال:
ـ إنت مين؟
مستحيل تكون حفيدي اللي ربيته على إيدي!
إيه اللي حصل لك يا يحيى؟!
إنت بقيت غريب عني.. واحد معرفوش.
كلام الجد كأنه زود النار جوه قلب يحيى،
اللي رد بانفجار غاضب وهو بيصرخ:
ـ أنا جوايا نار يا جدي! نار مش عايزة تطفي!
محدش حاسس بيا.. خالد الدريني كل مرة ينتصر عليا،
خد بنت عمي من ورا ضهرنا،
وأنت خدت الموضوع ببساطة وسايبه يعلم علينا!
أنا مش ههدى غير لما أرجّع ياسمين هنا،
مذلولة.. ومكسورة!
تدفع تمن كل حاجة عملتها.
الجد قال بحدة وغضب:
ـ قولتلك مية مرة إن موضوع ياسمين اتقفل خلاص!
اتجوزت وراحت لحالها.. إنت عايز منها إيه تاني يا بني؟!
رد يحيى ببرود مغلف بغرور:
ـ أنا كنت هتجوزها يا جدي..
دلوقتي شكلي إيه قدام الناس لما سابتني واتجوزت الظابط؟
أنا مفيش واحدة تسيبني..
أنا اللي بسيب!
ومش هرتاح غير لما أشوفها تحت رجلي،
بتترجاني.. وتبقى في إيدي وتحت سيطرتي.
الجد بص له وهو مصدوم من كمية الغِلّ اللي في كلامه،
وسأله وهو بيضغط على كلماته:
ـ وهتعمل كده إزاي؟
إنت ناوي على إيه؟
هتخطف تاني؟
ولا هتهددها بأخوها؟!
يحيى صرخ بصوت كله غضب:
ـ لأ!!
المرادي هقـ ت ل جوزها!
مبسوط كده؟!
وسابه وخرج من البيت زي المجنون.
الجد كان واقف مصدوم، عينه مليانة وجع وخوف،
مسك تليفونه بسرعة واتصل بابنه راشد وهو بيترعش:
ـ أيوه يا راشد..
إنت كان عندك حق..
يحيى اتجنن خلاص..
أنا مش قادر أسيطر عليه..
لازم ترجع فورًا!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
جوه أوضة خالد،
ياسمين كانت صحيت من بدري، الشمس لسه بتشرق في السما، وخالد نايم على الكنبة.
طلعت للبلكونة بهدوء، وقفت تبص على الشروق،
نفسها تبتدي من جديد.
بيتها، وحياتها، وحتى هي نفسها، بقوا مختلفين.
جواها طاقة جديدة .. تفاؤول وأمل. 
زهقت من البُكا والندم والمشي في دواير مقفولة،
زهقت من دور الضحية،
نفسها ترجع تبقى ياسمين القديمة.. القوية، الحرة، اللي بتضحك من قلبها.
غمضت عينيها، وفردت دراعها كأنها بتحتضن الهوا البارد،
جناحاتها اللي اتكسرت لما دخلت بيت الشرقاوي..
كانت بتحاول تلمّها تاني..
تصبر عليها شوية وتخيطها بخيط الأمل.
فجأة..
صوت خالد كسر سكون اللحظة:
ـ صباح الخير.
فتحت عينيها بسرعة، ونزلت إيديها لأنها اتفاجئت،
لفّت وراها، شافته واقف بيبص لها باستغراب.
ـ بتعملي إيه؟
قالها باستغراب حقيقي،
ردت بتوتر وهي بتحاول تدارى إحراجها:
ـ كنت ببص على الشمس.
بص على الشمس وسأل بنبرة فيها شقاوة خفيفة:
ـ ليه؟ هي اتأخرت النهاردة وطلعتي تطمني عليها؟!
رفعت حاجبها وقالت بحدة خفيفة:
ـ هو مش المفروض إن حضرتك مخاصمني ومبتكلمنيش؟ شاغل بالك بقى ليه أطمن على الشمس ولا لأ؟
أنا وهي أحرار مع بعض.
ومشيت من قدامه وهي بتحاول تسيطر على ابتسامتها.
خالد وقف مكانه ثواني، وبص للشمس،
ضحك لنفسه بخفة.
دخل وراها الأوضة، وقال بنبرة هادية:
ـ  بابا اقترح عليا فكرة، وكنت عايز أخد رأيك فيها.
ردت بجمود وهي بتتصنّع اللامبالاة وبتفتح شنطتها:
ـ اتفضل.
قرب منها شوية وقال:
ـ بيقترح تروحي معاه المصنع تساعديه في الإدارة.. لو حسيتي بملل من قاعدة البيت يعني.
لفّت بسرعة عليه، عينيها نوروا فجأة، وقالت بحماس:
ـ بجد؟!
ولما خدت بالها من رد فعلها، حاولت تلملم نفسها وقالت بجفاف:
ـ قصدي.. اديني فرصة أفكر.
ورجعت تبص على شنطتها، وتهمس لنفسها وهيا بتكتم الضحكة:
ـ غبية يا ياسمين، اهدي!
خالد ضحك من تصرفها وقال بهدوء:
ـ فكّري برحتك.. بس الوظيفة دي ممكن تضيع منك،
وأنا مش هوافق تشتغلي في أي مكان تاني.
بصت له باستغراب وقالت:
ـ يعني لو عايزة أشتغل بشهادتي في مدرسة مش هتوافق؟
بصلها بثبات وقال:
ـ هوافق طبعًا..
بس مش في الظروف اللي احنا فيها دلوقتي.
أفضل شغل ليكي دلوقتي مع بابا.
بصت في عينيه بتحدي وقالت:
ـ تعرف.. انا لو هشتغل في المصنع، هيكون عشان خاطر عمّي سالم، الراجل الطيب اللي قلبه حنين.. مش زي الناس اللي قلبهم قاسي!
رفع حاجبه بابتسامة وقال:
ـ قلبه حنين؟! ماشي...
اتحرك وراح ياخد لبسه، وقال وهو داخل الحمام:
ـ خلاص.. اجهزي بقى عشان تنزلي مع عمك سالم اللي قلبه حنين،
ومتشغليش بالك بالناس اللي قلبهم قاسي.
دخل الحمام وقفل الباب.
ياسمين وقفت وقالت بإصرار وهي بتبص لباب الحمام:
ـ ماشي يا خالد.. عاند معايا قد ما تقدر.
غيرت لبسها بسرعة، وقفت قدام المرايا تلف طرحتها،
وخالد خرج من الحمام وقرب من المرايا، وقف جنبها عشان يظبط شعره قبل ما ينزل.
هي كانت بتبص لانعكاس صورتهم جنب بعض،
وقلبها كان بيدق أسرع من العادي..
وحشها قربه، كلامه، اهتمامه.. وحشتها ضحكته معاها.
قال بهدوء وهو بيعدّل هدومه:
ـ ممكن تبعدي لحظة؟ عايز أشوف لبسي مظبوط ولا لأ.
قالت بعناد طفولي:
ـ لا، مش هبعد.. أنا اللي واقفة هنا الأول.
مقدرش يمسك ضحكته، وهي بصّتله بغيظ،
بعدت عن المراية وخدت شنطتها وراحت تفتح الباب،
بس وقفت فجأة، افتكرت بهيرة،
مش عايزة تنزل لوحدها وتقابلها.
لفّت وسألته:
ـ هتنزل معايا؟
رد وهو بياخد تليفونه ومفاتيحه:
ـ أيوه، يلا.
خرجوا من الأوضة،
وخالد فجأة مدّ إيده ومسك إيد ياسمين وهما نازلين على السلم،
هي اتفاجئت من حركته.. بس مسابتش إيده.
حركة بسيطة.. بس قلبها دق أسرع.
قربوا من السفرة.
سالم الدريني كان قاعد بيفطر، وبهيرة قدامه، ساكتة، وعنيها مش على الأكل خالص.
خالد قال بهدوء وهو بيقرب منهم:
ـ صباح الخير.
وسحب لياسمين كرسي جنبه.
هي بصت بتوتر وقالت بصوت هادي:
ـ صباح الخير.
سالم رد بحماس وفرحة باينه في ملامحه:
ـ صباح النور يا حبايبي.
وبهيرة رفعت عنيها لياسمين، وبصت لها لحظات،
وبعدين ردت ببرود:
ـ صباح الخير.
نظرة ياسمين كانت فيها استغراب حقيقي،
ماكنتش متوقعة إن بهيرة ترد أصلاً.
سالم التفت لياسمين بابتسامة دافية وسأل:
ـ خالد قالك على شغلك معايا في المصنع؟
ردت بخجل باين في نبرتها:
ـ آه، قالي.. شكراً لحضرتك.
أنا كنت فعلاً محتاجة أشتغل تاني.
بهيرة دخلت الكلام فجأة وبصوت فيه نبرة استهزاء مكتومة:
ـ ومحتاجة تشتغلي ليه إن شاء الله؟
هو احنا محتاجين فلوس شغلك؟
خالد وسالم بصوا لها بحدة،
بس ياسمين فضلت هادية،
وردت بصوت رزين:
ـ بس أنا مش محتاجة الشغل عشان الفلوس..
خالد مكفيني وزيادة الحمد لله.
أنا محتاجاه عشان أخرج من اللي كنت فيه..
اللي مرّيت بيه الفترة اللي فاتت دخلني في حالة اكتئاب،
والشغل ممكن يفيدني.. يمكن يساعدني أرجع أحب الحياة تاني.
بهيرة سكتت،
مكنش عندها رد.. ولا حتى نظرة.
سالم ابتسم وقال لها بمرح خفيف:
ـ وأنا أضمن لك إن الشغل معايا في المصنع هيخرجك من أي اكتئاب.
ياسمين ابتسمت، والضحكة رجعت توصل لعنّيها،
وخالد كان بيبصلها بنظرة كلها دفء..
نظرة حب خالص، واضحة وصريحة.
وبهيرة كانت شايفة كل حاجة،
وحاسه ان البنت دي طيبه فعلا ومحتاجة تتعرف عليها آكتر. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور أسبوع
في شقة معتصم.
زينة صحت من النوم وهي حاسة بوجع شديد في بطنها،
أول ما حاولت تقوم من السرير، حسّت بدوخة وغثيان،
وجريت على الحمام وهي بتحاول تلحق نفسها.
معتصم صحى على صوتها، وقام بسرعة،
وقف قدام باب الحمام وخبط عليه بقلق:
ـ زينة؟ انتي كويسة؟
ردت من جوه وهي بتعيط وبتتكلم بصعوبة:
ـ لأ يا معتصم.. بطني بتتقطع.. وجع جامد.
خبط تاني بلهفة:
ـ طب افتحي يا زينة.
بعد لحظات فتحت له الباب.
وشها كان شاحب، وعينيها مليانة دموع،
والعرق مغرق جبينها.
قرب منها بسرعة وقال وهو بيبصلها بقلق حقيقي:
ـ وشك أصفر كده ليه؟ فيكي ايه يا زينة؟
حاسّة بإيه؟
مسكت بطنها وقالت بتنهيدة وجع:
ـ بطني بتوجعني قوي.
من غير كلام تاني، شالها على طول ورجعها للسرير:
ـ طب اهدي شوية.. ارتاحي هنا وأنا هجيبلك لبس ونروح المستشفى حالا.
زينة ردت بتعب:
ـ لأ مش لدرجة مستشفى يا معتصم.. الوجع بدأ يهدى شوية.
بصلها بصرامة خفيفة:
ـ بلاش دلع بقى يا زينة، ده مش هزار..
مش هرتاح غير لما أطمن عليكي بنفسي.
...
بعد وقت قصير في المستشفى
زينة كانت نايمة على سرير الكشف،
ومعتصم واقف جنبها، ماسك إيديها،
والدكتورة بتكشف بالسونار.
سألتهم بابتسامة:
ـ عرسان جداد؟
معتصم رد وهو بيبص على زينة بقلق:
ـ أيوه يا دكتورة.
الدكتورة بصّت لزينة وقالت بلطف:
ـ طب إيه الرعب ده كله؟ التعب اللي عندك طبيعي جدًا.
ومسحت بطن زينة بهدوء بعد ما خلصت الكشف.
معتصم سأل بلهفة:
ـ طبيعي إزاي؟ وشها كان أصفر خالص، وتعبانة قوي.
الدكتورة ابتسمت وقالت بهدوء:
ـ طبيعي جدًا… لأن مدام زينة حامل. 
معتصم اتصدم، وبص لها للحظة، مش مستوعب.
وزينة قالت بدهشة:
ـ حامل؟ أنا؟!
الدكتورة أكدت بابتسامة:
ـ أيوه.. انتي حامل، في بداية الشهر التاني.
زينة اتجمدت مكانها، وبصّت على معتصم.
هو كمان سكت ثواني، وبعدين ابتسم.. ابتسامة من القلب،
وبص لها وقال لنفسه من غير صوت:
"أنا هبقى أب؟"
الممرضة ساعدت زينة تقوم،
ومعتصم سندها ومسِك إيديها،
وقعدوا قدام الدكتورة،
اللي بدأت تشرح لهم النصايح اللي لازم يلتزموا بيها أول تلات شهور،
وكتبت لزينة الفيتامينات والأدوية اللي محتاجاها.
معتصم كان حاسس كأنه في حلم،
حاسس إن فيه حاجة جوه قلبه بتتغير..
هو هيبقى أب!
في روح جاية من صلبه، جاية تكملهم هما الاتنين.
...
وهم خارجين من المستشفى
كانوا لسه مصدومين..
بس نظراتهم لبعض كلها فرحة.
ركبوا العربية وزينة بصت له وقالت:
ـ معتصم.. يعني أنا فعلاً حامل؟
الدكتورة قالت كده صح؟
(اتكلمت وهي بتحط إيديها على بطنها )
معتصم ضحك، وحط إيديه فوق إيديها بلطف وقال:
ـ أيوه يا زينة.. في طفل جواكي دلوقتي..
حتة مني ومنك.
عيون زينة دمعت،
مش مصدقة الفرحة،
وقالت بلهفة:
ـ معتصم.. أنا عايزة أكلم ماما..
عايزة أفرّحها بالخبر ده.
هز راسه بابتسامة دافية،
وطلع موبايله واتصل بعمتّه،
اللي ردّت من أول رنّة.
... 
في محافظة سوهاج.
في بيت عيلة معتصم.
زهيرة، والدة زينة، كانت قاعدة لوحدها في صالة البيت،
عنّيها معلقة في السقف وهي شاردة ومشغولة البال ببنتها.
زينة كانت في حلمها طول الليل،
بتضحك مرة، وتعيط مرة،
وصحيت وإحساس غريب مالي قلبها.
فجأة موبايلها رن،
بصّت عليه بسرعة،
ولما شافت اسم "معتصم"،
قلبها اتقبض من الخضة،
وقالت بقلق وهي بترد:
ـ ألو؟!
في نفس اللحظة كانت "زينب"، مرات ممدوح، نازلة من على السلم،
وسمعت صوت زهيرة بيرتفع وهي بتتكلم،
وقفت من غير ما تحس وركنت على جنب،
بتسمع من ورا حيطة كأنها بتموت في الفضول.
زهيرة فجأة صوتها اتغير،
اتحول من قلق لفرحة طاغية وهي بتقول:
ـ حاااامل؟!!!
يا حبيبتي يا زينة.. ألف مبروك. 
ألف مبروك يا معتصم!
يا رب يقومك بالسلامة يازينة يا بنت بطني،
ويفرح قلبك زي ما فرحتي قلبي.
خلي بالك منها يا معتصم. 
في اللحظة دي كانت زينب واقفة بتتشنج،
عينيها وسعت من الصدمة،
وشهها اتقلب،
وهمست بغل وغيظ:
ـ زينة حااامل؟!!!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
سمعت صوت زهيرة بيرتفع وهي بتتكلم،
وقفت من غير ما تحس وركنت على جنب،
بتسمع من ورا حيطة كأنها بتموت في الفضول.
زهيرة فجأة صوتها اتغير،
اتحول من قلق لفرحة طاغية وهي بتقول:
ـ حاااامل؟!!!
يا حبيبتي يا زينة.. ألف مبروك. 
ألف مبروك يا معتصم!
يا رب يقومك بالسلامة يازينة يا بنت بطني،
ويفرح قلبك زي ما فرحتي قلبي.
خلي بالك منها يا معتصم. 
في اللحظة دي كانت زينب واقفة بتتشنج،
عينيها وسعت من الصدمة،
وشهها اتقلب،
وهمست بغل وغيظ:
ـ زينة حااامل؟!!!.
سمعت صوت خطوات حد نازل من على السلم.
حاولت تتحرك بسرعة، وتغير طريقة مشيتها كأنها طبيعية، وهي بتحاول تخبّي الغِل اللي مالي قلبها.
في نفس اللحظة، كانت زهيرة – والدة زينة – واقفة في نص الصالة، الفرحة ماليه وشها وعينيها بتلمع من السعادة.
دخل الحاج عبد الرحيم – والد معتصم – من باب البيت،
وكان ممدوح نازل من فوق، ووقف أول ما سمع الكلام.
الحاج عبد الرحيم قرّب من أخته وسألها بدهشة:
ـ خير يا زهيرة؟ واقفة كده ليه؟
ردت وهي مبتسمة والفرحة مش سايبها:
ـ زينة حامل يا خويا.. هتبقى جد قريب!
ممدوح سمع الكلمة ووقف كأنه اتجمد في مكانه.
همس لنفسه بصدمة:
ـ زينة حامل؟ بالسرعة دي؟!
بص على زينب مراته اللي كانت واقفة مش بعيد،
هي كمان مصدومة، بس عنيها بتولّع نار،
وعارفة جوزها بيفكر في إيه دلوقتي،
وعارفة إن الحمل ده هيبقى شماعة جديدة يعلّقها على رقبتها،
ويفكرها دايمًا إنها السبب في إنه ما بقاش أب بعد كل السنين دي.
أما الحاج عبد الرحيم، ففرحته كانت واضحة،
اتكلم مع أخته بحماس ولهفة:
ـ بجد يا زهيرة؟ عرفتي منين؟
قالت وهي بتحط إيديها على قلبها من كتر الفرحة:
ـ كلموني دلوقتي.. معتصم وزينة كانوا في المستشفى،
والدكتورة قالتلهم..
أنا قلبي هيقف من الفرحة، عايزة أروح لهم حالًا.
بص لها وقال بحسم:
ـ مش هتروحي لوحدك.. إحنا كلنا هنروح نبارك.
لكن ممدوح ما استحملش الكلام، وقرب من أبوه بغضب:
ـ نروح فين يا أبويا؟ نروح نبارك بعد اللي عملوه؟!
رد عليه أبوه بنبرة صارمة:
ـ أخوك اتجوز بنت عمتك على سنة الله ورسوله،
ودلوقتي حامل في ابنه!
يعني خلاص، مش من نصيبك، وانا قولتلك مية مرة،
اختار أي بنت من البلد وأنا اجوزهالك..
بس انت اللي مش عايز قلبك يصفى لأخوك!
ممدوح رد بعصبية وغيظ:
ـ بقيت أنا الغلطان دلوقتي؟
عشان حضرة الظابط مراته حامل بعد شهرين جواز،
وأنا بقالي سنين بتمنى حتة عيل ومفيش؟!
بقى هو دلوقتي اللي على حق وأنا الغلطان؟
وعايزني إزاي قلبي يصفى له يا ابويا وهو واخد مني كل حاجة؟!
كان الغل جوه قلبه بيغلي، مش زينة اللي وجعاه،
زينة كانت بالنسباله مجرد بنت عمته،
هيتجوزها عشان يخلف وبس،
لكن لما شاف إن أخوه الصغير سبق وهيخلف قبل ما هو يحس حتى بطعم الأبوة،
اتولدت جوه قلبه غيرة.. ووجع.. وإحساس بالعجز.
سابهم وخرج من البيت بعصبية ووشه مليان نار.
زهيرة بصت لأخوها بتوتر،
بس الحاج عبد الرحيم قالها وهو متضايق:
ـ الأيام هتعلّمه إن ماحدش ليه غير أخوه.
وبعدين بص لها وقال بحسم:
ـ جهّزي نفسك يا زهيرة..
إحنا رايحين نبارك لمعتصم وزينة.
زينب قربت منهم واتكلمت بنعومة:
ـ أنا هاجي معاكم يا أبوي..
عايزة أبارك لزينة ومعتصم بنفسي.
الحاج عبد الرحيم فضل ساكت لحظات، بيفكر،
وقال في نفسه يمكن لو زينب راحت معاهم،
تساعد في تليين قلب جوزها وتصلّح اللي بينه وبين أخوه.
هزّ راسه وقال لها:
ـ ماشي يا زينب.. كلمي جوزك، استأذنيه، وجهّزي نفسك وتعالي.
زهيرة بصتلها بقلق،
مش مرتاحة لفكرة إنها تروح معاهم،
بس سكتت وما قالتش حاجة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مصنع الدريني. 
كان في اجتماع مهم لكل رؤساء الأقسام،
وسالم الدريني كان قاعد على رأس الترابيزة،
وجنبه ياسمين – مرات ابنه – ماسكة ملف فيه الخطة الجديدة لزيادة الإنتاج،
وبتتكلم بثقة قدام الكل، وعينيها بتلمع من الحماس.
سالم كان بيبصلها بفخر كبير،
حاسس إنه أخيرًا لقى حد يستحق يمسك المصنع من بعده،
ومن أول أسبوع شغل بس..
ياسمين أثبتت إنها مش أي حد.
ياسمين رفعت راسها وقالت بصوت ثابت:
ـ لو التزمنا بالخطة دي، هنقدر نضاعف الإنتاج في خلال وقت قليل،
وهنسلّم كل الطلبيات قبل ميعادها.
مشرف الإنتاج رفع عينه وقال بتحفظ:
ـ الكلام حلو، بس كده المصنع هيخسر لما ندي العمال مكافآت عالية على زيادة الإنتاج..
هيطمعوا ويطلبوا أكتر.
ردت ياسمين بسرعة وثقة:
ـ بالعكس تمامًا، المصنع هيكسب أكتر..
لما نفس العامل يطلع إنتاج ساعتين في ساعة واحدة،
كده إحنا وفرنا وقت وكهربا ومجهود..
وسلمنا شغل أكتر ف زمن أقل،
وده معناه أرباح أكتر للمصنع.
يعني لما ندي العامل جزء بسيط من الأرباح دي،
احنا كده بنكافئه، وفي نفس الوقت بنشجعه يشتغل أكتر.
وكل ما المصنع يكسب.. العمال هتكسب..
ودي عدالة بتخلي الناس تشتغل بحب مش غصب.
اللي قاعدين كلهم بصوا لبعض بابتسامة إعجاب،
وكأنهم لأول مرة يسمعوا الكلام ده بالمنطق ده.
سالم هز راسه وقال بفخر واضح:
ـ كل كلمة قالتها الأستاذة ياسمين صح..
ودي الخطة اللي هنشتغل بيها من النهاردة،
مش بكرة.
كل واحد فيكم يبلغ الناس اللي تحته،
ويبدأوا يجهزوا العمال على النظام الجديد.
رفعت منة مسؤولة الحسابات إيدها وقالت:
ـ بعد إذنكم، أنا محتاجة الأستاذة ياسمين معايا نراجع مع بعض المكافآت اللي هتتعلن.
ياسمين وقفت وهي بتقفل الملف وقالت بابتسامة هادية:
ـ أنا جاهزة.
خرج الكل، وفضل سالم الدريني قاعد مكانه،
بيبتسم، وحاسس ان ياسمين هي البنت اللي كان بيتمانها وربنا عوضه بيها.
قرب منه عم صالح – مدير المصنع وصاحب عمره – راجل كبير في السن، طيب وشهم.
قال بابتسامة فيها رضا:
ـ بسم الله ما شاء الله.. ربنا يحفظها مرات ابنك يا سالم..
دي بنت بمية راجل.
كنت دايمًا بتتمنى ابنك يشتغل معاك ويشيل عنك،
بس شغله منعه..
أهو ربنا عوضك بمراته.
سالم اتنهد وقال وهو بيحط إيده على قلبه:
ـ آه يا صالح.. ربنا كبير فعلاً.
أنا مش عارف أوصف إحساسي،
بقيت حاسس إنها بنتي بجد مش مرات ابني.
ربنا يسعدها ويكرمها.
عم صالح ابتسم وقال بود:
ـ ربنا يخليك ليهم ويخليهم ليك يا سالم..
إنت راجل طيب ونيّتك دايمًا صافية..
وربنا بيدّي الطيبين اللي يستاهلوا.
..... 
في مكتب الحسابات. 
كانت ياسمين قاعدة قدام منة، وكل واحدة فيهم ماسكة ورق وبيظبطوا تفاصيل ملف المكافآت.
منة رفعت عينيها وبصتلها بابتسامة فيها إعجاب وقالت:
ـ مش قادرة مقولش إني معجبة جدًا بفكرتك وشخصيتك يا أستاذة ياسمين..
وفرحانة جدًا إن أخيرًا بقى في مديرة بنت وسطنا هنا في المصنع.
ياسمين ابتسمت برقة وقالت بلطافة:
ـ طب ممكن بلاش "أستاذة" دي؟ إحنا تقريبًا في نفس السن.. قولي ياسمين بس.
منة ضحكت وقالت وهي بتحاول تكسر الرسميات:
ـ ماشي يا ياسمين.. بس بجد انتي دخلتي قلوبنا كلنا.
بالمناسبة، انتي دارسة تجارة؟
ياسمين ضحكت وهي بتقلب ورقة قدامها وقالت:
ـ لأ خالص.. انا مدرسة عربي وفرنساوي لحد ما يجيبوا مدرس فرنساوي.
منة بصتلها بدهشة وضحكت وقالت:
ـ بجد؟! طب إزاي عرفتي كل الحاجات دي عن الإدارة والتطوير؟
أنا شغالة هنا من فترة، ومفكرتش في حاجات زي اللي قولتيها.
ياسمين صوتها هدي وهي بتحكي:
ـ أصلي اشتغلت كتير وأنا بدرس..
بابا مات وكنت مسؤولة عن أمي – الله يرحمها –
وعن أخويا أحمد..
فكنت بشتغل في أي حاجة تظهر قدامي.. مكتب، محل، صيدلية، مصنع، درس خصوصي، أي شغل عشان نعيش.
ومن كتر ما اشتغلت في مجالات مختلفة،
اتعلمت حاجات كتير عن الشغل والإدارة والتعامل مع الناس.
منة سكتت لحظة وبصتلها بحزن، وقالت بصوت هادي:
ـ أنا كمان بابا مات وأنا صغيرة..
وماما هي اللي ربتني أنا وأختي الكبيرة..
بس للأسف.. ماما وأختي ماتوا ورا بعض،
ومبقاش ليا غير آدم ابن أختي.. عنده ٣ سنين دلوقتي،
هو اللي باقيلي في الدنيا كلها.
ياسمين بصتلها بعين مليانة تعاطف وقالت برقة:
ـ ربنا يخليهولك ويحفظه ليكي يا منة.
وبعد لحظة صمت،
بصت ياسمين قدامها وهمست لنفسها بصوت مخنوق:
ـ ربنا يرجعك ليا يا احمد. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المطار
كان خالد واقف مستني وصول أحمد مع عمه راشد،
كان حاسس إنه قلبه بيخبط من التوتر والحماس..
كل شوية يبص على باب الوصول،
وهو في دماغه فكرة واحدة:
ياسمين هتطير من الفرحة أول لما تشوف أخوها.
راشد قاله على ميعاد الطيارة،
بس خالد اختار ما يقولش لياسمين،
عايز يفاجئها بأغلى خبر ممكن تسمعه.
وفجأة..
سمع صوت صغير بينده بأعلى صوته:
ـ حسن أبو عليييي!
خالد لف بسرعة،
وشاف أحمد بيجري عليه بكل حماس،
فتح دراعاته،
وأحمد دخل جوه حضنه.
أحمد اتكلم وهو بيضحك من قلبه:
ـ انت وحشتني أوووي.. أنا كمان وحشتك؟
خالد بص له بعين فيها شوق وقال:
ـ طبعًا يا بطل.. حمدلله على السلامة.
قرب منهم راشد وهو مبتسم،
ومعاه مراته سهام، وبنته مايا اللي ماكنتش شايلة عينيها من على خالد.
راشد سأل باستغراب:
ـ أومال فين ياسمين؟
خالد مسك إيد أحمد بحنان وقال:
ـ لسه متعرفش.. كنت عايز أعملها مفاجأة.
وبص لمرات راشد وبنته وقال بأدب:
ـ حمدلله على السلامة.. نورتوا مصر.
مايا كانت واقفة تلعب في شعرها وعنيها متثبته علي خالد،
وسهام والدتها لمحت ده بسرعة،
خبطتها في دراعها وهمست لها بعصبية:
ـ متجوز بنت عمك يا هانم.. حبيت أفكرك بس!
مايا ردت بدلع وهي بتبص على خالد:
ـ وبنت عمي دي حلوة علي كده وتستاهل القمر ده.
سهام قالت بحدة:
ـ حلوة ولا مش حلوة ده مايخصكيش..
ابعدي عنهم، احنا مش ناقصين مشاكل؟
كفاية علينا أخوكي!
راشد قرب من خالد وهم بيتكلموا على جنب، بعيد عن سمع أحمد:
ـ بص يا خالد.. أنا عارف إن ياسمين نفسها أخوها يعيش معاها،
بس جده هو الواصي عليه،
ومش هيوافق إنه يعيش معاكم دلوقتي،
بس هحاول أقنعه إن من مصلحة الولد يكون جنب أخته.
خالد اتنهد وقال بهدوء:
ـ فاهم حضرتك.. 
وياسمين بس لما تشوفه بعنيها وتتطمن عليه،
أكيد هتقبل إنه يعيش مع جده لحد ما نشوف حل.
راشد وخالد اتفقوا على كل حاجة. 
وراشد وافق إن أحمد يروح مع خالد ساعتين يشوف ياسمين،
وبعدها يرجعه تاني يروح معاهم بيت الشرقاوي.
خالد أخد أحمد في إيده وخرجوا من المطار،
ووشه كله شوق للحظة اللي هيدخل فيها على ياسمين وهي تلاقي أخوها قدامها.
راشد رجع لمراته وبنته وقال:
ـ تعالوا نقعد في أي كافيه قريب نتغدى، لحد ما خالد يرجع احمد. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المصنع. 
مكتب سالم الدريني 
ياسمين خبطت على الباب،
وصوت سالم جه من جوه:
ـ ادخل.
أول لما فتحت الباب، لمحت شاب قاعد قدام سالم،
اتكلمت بهدوء وهي واقفة:
ـ أجي لحضرتك وقت تاني؟
سالم ابتسم وقال بحماس:
ـ لأ طبعًا، تعالي يا ياسمين..
وشاور على الشاب وقال:
ـ ده الباشمهندس هشام.. المهندس الجديد اللي انضم لينا.
ياسمين دخلت، قربت بخطوات هادية،
وبصت لـ هشام وقالت بأدب:
ـ أهلاً بحضرتك.
هشام وقف بابتسامة ترحيب وقال:
ـ أهلاً بيكي يا أستاذة ياسمين.
سالم كمل التعارف وهو مبتسم بفخر:
ـ ياسمين دي بنتي.
(وكان يقصد "بنتي" بمعناها القريب لقلبه.. مش مجرد مرات ابنه)
قعدوا التلاتة، وسالم قال بحماس:
ـ أنا كنت بحكي للبشمهندس على خطتك في تشغيل المصنع،
وعجبته الفكرة جدًا،
وهيشتغل معاكي الفترة الجاية على تنفيذها،
ويجهز المكن للنظام الجديد.
ياسمين ابتسمت وهزت راسها بثقة وقالت:
ـ إن شاء الله نوصل لأعلى معدل إنتاج في تاريخ المصنع.
هشام بص لها وقال بنفس الثقة:
ـ إن شاء الله.
فجأة دخل رئيس العمال بسرعة وقال:
ـ حاج سالم.. المخازن رافضين يسلموا شغل جديد.. ممكن تنزل معايا تحل المشكلة؟
سالم وقف وقال بنفاد صبر:
ـ هو انت ومسؤول المخازن كل يوم في خناقة!
بعدين بص لـ هشام وياسمين وقال:
ـ هستأذنكم لحظة انزل أشوف إيه الحكاية وراجعلكم.
وخرج بسرعة من المكتب.
ياسمين كانت ماسكة ملف الخطة الإنتاجية وفتحته تقرأ فيه،
مشغولة، ومركزة جدًا،
مش واخدة بالها إن هشام بيبصلها من أول لحظة،
نظراته كانت عليها،
نظرة مش بس إعجاب بشغلها، لكن بان كمان إنها شدّت انتباهه شخصيًا.
هشام كان حاسس بتوتر غريب، بس حاول يفتح كلام وهو بيقول بصوت هادي:
ـ أنا بصراحة.. معجب جدًا...
ياسمين رفعت وشها من الملف وبصت لهشام بدهشة. 
وفي نفس اللحظة...
خالد كان داخل المكتب.
شاف هشام، وسمع الكلمة اللي خرجت منه، وشاف عنيه وهي متثبته على ياسمين.
هشام مكانش واخد باله خالص إن حد دخل، لإن كل تركيزه كان على ياسمين بس، وكمل كلامه بنفس الهدوء:
ـ معجب بشغلك وأفكارك.
خالد حس إن الكلام مش مجرد مدح، نظرات هشام كانت كلها إعجاب.
مشّي بخطواته جوه المكتب وقال بنبرة حادة:
ـ مساء الخير.
ياسمين لفت بسرعة على صوته، ووشها اتغير لما شافته.
أما هشام، فكان باين عليه إنه أول مرة يشوف خالد، ومكنش يعرف إنه جوزها.
خالد قرب ووقف جنب ياسمين، وقال بصوت ناعم وغريب وسط الخلاف اللي بينهم:
ـ إيه يا حبيبتي، عاملة إيه؟
نبرة خالد وطريقته كانت مفاجأة لياسمين، خصوصًا إنهم لسه متخاصمين، وشها كله استغراب وارتباك.
أما هشام، فاتصدم لما سمع كلمة حبيبتي ..!
خالد بص لهشام بنظرة فيها نار، وقال بحدة:
ـ أنا أول مرة أشوف حضرتك في المصنع هنا؟
هشام اتشدّ من التوتر، وعدل قعدته وهو بيرد بتلَعثم:
ـ أنا.. أنا المهندس الجديد.
وفجأة، دخل سالم المكتب، ووشه نور لما شاف خالد:
ـ خالد! إيه المفاجأة الحلوة دي؟
رد خالد وهو قاصد يخلي كلامه يوصل لهشام:
ـ جيت آخد منكم مراتي شوية.. وحشتني.
كلامه وطريقته كانت غريبة على ياسمين، وشها اتوتر أكتر، فقامت من مكانها وقفت وهي مش عارفة ترد.
سالم ضحك وقال بهزار وهو بيقعد على مكتبه:
ـ لا.. أنا مقدرش أستغنى عنها خلاص.. المصنع مبقاش ينفع من غير ياسمين.
اللحظة دي هشام حس بإنه اتلطم علي وشه، اتأكد إن ياسمين فعلاً مرات خالد، فوقف بسرعة وهو مش قادر يخبي توتره وقال:
ـ أنا.. هروح أشوف شغلي.. عن إذنكم.
وخرج من المكتب بسرعة، وخالد عينه كانت متثبته عليه ، وبص لأبوه وهو بيكتم غليانه:
ـ هو الباشمهندس جديد ولا إيه؟
سالم رد بهدوء:
ـ أول يوم ليه النهاردة.. بس ولد ممتاز في شغله.
خالد رد بنبرة فيها غيرة واضحة رغم انه حاول يخفيها:
ـ طب ياريت تنصحه يركّز في شغله وبس.
سالم بص له بدهشة، وحس إن في حاجة مش مفهومة، أما ياسمين فقررت تنهي الموقف وقالت بسرعة:
ـ أنا عندي شغل كتير.. هروح أخلصه.
لكن خالد مد إيده ومسك إيدها ووقفها مكانها:
ـ لا.. انتي هتيجي معايا.
وبص لسالم وقال بكل جدية:
ـ بعد إذنك يا بابا.. هاخد ياسمين معايا عشان عندنا مشوار مهم.
ياسمين بصت له باندهاش:
ـ مشوار إيه؟
خالد رد بهدوء:
ـ هتعرفي دلوقتي.
سالم ابتسم وقال بهزار خفيف:
ـ ماشي، بس النهاردة بس.. ياسمين مش هتكون فاضية لك الأيام الجاية، عندنا شغل كتير.
خالد هز راسه بالموافقه وهو باصص لياسمين وقال:
ـ يلا.
ياسمين خدت شنطتها وخرجت معاه من المصنع، وهي مش فاهمة حاجة.
أول ما خرجوا، عينيها وقعت على عربيته، وسألته بفضول مش قادرة تكتمه:
ـ مشوار إيه ده؟
خالد كان ماسك إيدها، وعينيه مركزة في وشها وهو بيقول:
ـ تعالي العربية وانتي تعرفي.
قربت من العربية وفتحت الباب، وركبت وهي مش واخده بالها مين اللي قاعد ورا.
وأول ما قفلت الباب، سمعت الصوت اللي خطف قلبها. 
ـ مفاجأة!
قالها احمد بحماس وهو بيحط أيديه على عيون ياسمين بشقاوة... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع
أول ما خرجوا، عينيها وقعت على عربيته، وسألته بفضول مش قادرة تكتمه:
ـ مشوار إيه ده؟
خالد كان ماسك إيدها، وعينيه مركزة في وشها وهو بيقول:
ـ تعالي العربية وانتي تعرفي.
قربت من العربية وفتحت الباب، وهي مش واخده بالها مين اللي قاعد ورا.
وأول ما قفلت الباب، سمعت الصوت اللي خطف قلبها. 
ـ مفاجأة!
قالها احمد بحماس وهو بيحط أيديه على عيون ياسمين بشقاوة.
ياسمين حست إن قلبها اتخطف في اللحظة دي، لمست إيديه اللي كانت على عينيها بلهفة، ولما لفت بوشها وشافته...
هو أحمد أخوها.. 
وشه اللي اشتاقتله، وضحكته اللي كانت هتموت ونفسها تشوفها تاني، أخيرًا قدامها!
فتحت باب العربية من جنبها بسرعة، ونزلت وهي مش حاسة برجليها من الفرحة، وفتحت الباب الخلفي وشدت أحمد لحضنها بكل قوتها.
حضنته كأنها مش عايزة يبعد عنها تاني، ودموعها نازلة مغرقة وشها ، مش بتقف، ومفيش أي حاجة تقدر توقفها.
خالد كان واقف يبص عليهم ، قلبه بيدق بسرعة، حاسس بيها وبكل لحظة بتعيشها.
جواه إحساس غريب بين الفرحة والحزن، نفسه يفرّحها على طول، ويحقق لها كل اللي بتتمناه، نفسه يشوف الابتسامة دي على وشها طول العمر.
لحظات عدّت، وياسمين لسه حاضنة أخوها، ودموعها مش بتقف، وانهيارها باين في كل نفس بتاخده.
أحمد مد إيده الصغيرة وجفف دموعها وهو بيبص لها باستغراب وقال:
ـ بتعيطي ليه يا ياسمين؟ أنا رجعت أهو... هي ماما فين؟ وحشتني قوي وعايز أشوفها.
الكلام نزل عليها تقيل، وكأن القلب اللي لسه لملمته، اتكسر تاني.
انهارت أكتر، وخالد قرب منها بسرعة، ومسك إيد أحمد وهو بيتكلم معاه بهدوء:
ـ أحمد يا بطل... عجبك اللي أختك بتعمله ده؟ في بنت كبيرة كده تعيط؟
أحمد بص لياسمين وقال ببراءة:
ـ لا مش عاجبني... أنا مش بحب أشوف دموع ياسمين أبدًا.
خالد ساعتها بص لها، وتنهد تنهيدة كلها حنية وقهر في نفس الوقت، وقال وهو عينه مليانة مشاعر:
ـ ولا أنا.
قرب منها، ومد إيده وضم وشها بحنية واهتمام، وقال لها بصوت دافي:
ـ ممكن تهدي؟ عشان خاطر أحمد.
ياسمين هزت راسها بالإيجاب، وهي بتحاول تسيطر على شهقتها، وقالت بصوت متقطع وعيونها لسه على أحمد:
ـ أنا بعيط من الفرحة... مش مصدقة إنّي شُفتُه.
مدت إيدها ومسكت إيد أحمد وباستها بكل حنان، وقالتله:
ـ وحشتني أوي... أوي.
خالد ابتسم وهو بيشوف المشهد قدامه، وقال:
ـ طب اركبوا العربية عشان نروح مكان هادي نتغدى مع بعض... في موضوع مهم عايز أتكلم معاكي فيه.
ياسمين بصت له بقلق، قلبها رجع يدق بسرعة، وسألته وهي مش فاهمة قصده:
ـ موضوع إيه؟
رد عليها بهدوء وثبات:
ـ هقولك لما نوصل.
ركبت ياسمين ورا جنب أحمد، وحضنته من تاني، وكأنها بتحاول تعوض في حضنه كل الأيام اللي كانت بعيدة عنه.
أما خالد، فركب العربية من قدام، وابتسم وهو بيبص في المراية.
كان شايفهم الاتنين، وهي ماسكة أخوها بكل حنية واشتياق، وحاسس إن الحضن ده بيشفيها، وبيصالحها مع الحياة من تاني.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن.
معتصم دخل مكتب مهاب وهو مبتسم وبيقول بنبرة فيها هزار :
ـ إيه يا ابني؟ فينك؟ مختفي بقالك يومين ليه؟
مهاب رفع عينه من الورق اللي في إيده ورد عليه وهو مستغرب الفرحة المرسومة على وشه:
ـ كان عندي حوار كده بخلصه... أنت اللي فين؟ وشكلك جاي مبسوط؟
معتصم قعد على الكرسي براحة، ونفَس طويل طلع منه كأنه لسه مش مستوعب اللي حصل، وقال بنبرة فيها فرحة:
ـ زينة كانت تعبانة شوية وخدتها المستشفى.
مهاب نسي كل حاجة في إيده وبص له بسرعة وقلق باين على وشه:
ـ خير؟ تعبانة مالها؟
معتصم ابتسم ابتسامة مليانة سعادة وقال ببساطة فيها حنية:
ـ في ضيف صغير جاي لنا قريب.
مهاب رفع حواجبه بدهشة وسأله باستغراب حقيقي:
ـ ضيف مين اللي مراتك تعبت لما عرفت إنه جاي لكم قريب؟ هي مش الحاجة والدتك متوفية من زمان؟
معتصم بص له بغيظ وقال وهو مش مصدق اللي بيسمعه:
ـ وهي مراتي هتتعب لما تعرف إن أمي الله يرحمها جاية لنا؟!
مهاب رد بعفوية وهو بيضحك:
ـ آه عادي! أي واحدة بتتعب لما تعرف إن حماتها جاية عندها! وخصوصًا بقى لو هتبات كام يوم.
معتصم اتنهد بغيظ واضح وبص له بنظرة مش مصدق تفكيره وقال:
ـ هو انت دماغك دي فيها إيه؟! يا ابني ركز! بقولك "ضيف صغير" وهي كانت في المستشفى... يبقى إيه؟
مهاب بص للسقف وكأنه بيحل لغز، وبعد لحظة قال بنبرة فاهم أخيرًا:
ـ  ما تقول إن مراتك حامل من الأول وخلاص! هو سر؟ ولا مكسوف مني؟
معتصم فضل يبص حواليه كأنه بيدور على أي حاجة يرميها عليه وقال بغضب:
ـ هتكسف منك ليه يا متخلف انت؟! أنا فاكر إنك بتفهم زي الناس العاديين!
مهاب ضحك وغمز له وقال بنبرة هزار:
ـ هتبقى أب يا معتصم... وتجيب مهاب صغير يقولك يا بابا!
معتصم بص له بحدة وقال بتهكم:
ـ مهاب في عينك... عايزني أجنّن ابني قبل ما يتولد!
مهاب ضحك من قلبه، وبعد لحظة قام وقف، وبنبرة جد وهو بيقرب منه قال:
ـ ألف مبروك يا معتصم... فرحتني بالخبر ده بجد.
معتصم ابتسم له وقال وهو بيهزر:
ـ عقبالك... لما تلاقي بنت الحلال اللي تقفش فيك ومتعرفش تخلع منها.
مهاب قعد قصاده وهو بيضحك وقال:
ـ والله لو جت بالمواصفات اللي في دماغي، مش هخلع منها خالص.
وبعدها سأله بفضول:
ـ أومال ابن الدريني فين؟ مختفي هو كمان بقاله كام يوم؟
معتصم رد بهدوء:
ـ انت عارف.. من يوم ما رجّع مراته وعاشوا في بيت أهله، وهو بيخلص شغل ويرجع على بيته على طول... عشان والدته ما تحتكش بمراته وتضايقها.
مهاب قال بحيرة وهو بيحاول يفهم:
ـ أنا مستغرب... ياسمين بعد ده كله رجعت لخالد إزاي؟! يعني تطرد كارما من عندها لما تروحلها عشان تصلّح بينهم، وتقولها مش عايزة حد يجيب سيرة خالد ولا يدخل في صلح!
وفي نفس اليوم تقولي إنها رجعت لخالد؟!
معتصم بص له بدهشة وقال بنبرة مصدومة:
ـ كارما مين اللي كانت رايحة تصلّح بينهم؟! دي كانت رايحة تطلب من ياسمين تبعد عن خالد! وقالتلها: اخرجي من حياته... عشان أنا بحبه!
مهاب اتجمد مكانه وبص له بصدمة كبيرة وهو بيقول:
ـ إزاي الكلام ده؟! أنا كنت بوصل كارما يومها... ونزلت من عند ياسمين وهي بتعيط! وقالتلي إن ياسمين طردتها!
معتصم رد بثقة وهدوء:
ـ كدابة طبعًا... أنت ناسي إن زينة كانت فوق مع ياسمين؟ وهي اللي حكتلي اللي حصل.
مهاب سكت لحظة، وبص قدامه بتفكير عميق... هو مكنش مصدق إن ياسمين ممكن تعمل كده، بس كان بيحاول يصدق كارما،
الشك اتسلل له شوية، وبان على ملامحه.
معتصم كمل كلامه بهدوء وهو بيهز راسه:
ـ كارما دي أصلًا... شكلها مش طبيعي! فيها حاجة غريبة مش عارف إيه هي!
مهاب رد ببساطة وهو بيحاول يقفل السيرة:
ـ الله يسهل لها!... المهم إن خالد وياسمين رجعوا لبعض... ربنا يصلح حالهم.
معتصم غير الموضوع فجأة وسأله باهتمام:
ـ ماقولتليش... إيه الحوار اللي كان شاغلك اليومين اللي فاتوا؟
مهاب رد وهو بيحاول يخفي كل حاجة بنبرة هادية:
ـ دي مشكلة عند واحدة جارتي وطلبت مني أساعدها.
معتصم ضيق عينه وبص له بتركيز وقال:
ـ جارتك؟ لأاا... ده انت تحكيلي من الأول!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مطعم راقـي.
ياسمين كانت قاعدة جنب أحمد، ماسكة إيده ومش قادرة تشيل عينيها من عليه.. عينيها كانت بتلمع من فرحة عمرها ما حسّت بيها من ساعة ما بعد عنها. رجوع أحمد ليها رجّع لقلبها نبضه.
خالد كان قاعد قصادهم.. عينيه على ياسمين، بيراقبها في صمت وهي بتسأل أحمد عن كل تفصيلة حصلت معاه من يوم ما سافر لحد اللحظة دي.
بس هو كان قلقان.. مش عارف يقولها إزاي إن أحمد لازم يرجع تاني يعيش في بيت جده الشرقاوي.
ياسمين لحظت شروده، وسألته باستغراب:
ـ خالد؟! كنت عايز تقولي حاجة؟
خالد بص لها وهز راسه بالإيجاب، وبص لأحمد وقال بابتسامة خفيفة:
ـ إيه يا بطل؟ مش هتقوم تغسل إيدك؟!
أحمد قال بحماس وهو بيقوم:
ـ أنا أكلت كتير قوي.. هاغسل إيديا بسرعة عشان نروح عند ماما.
وجري على الحمّام.
ياسمين كانت بتبص عليه، وعينيها فيها غصة.. مش قادرة تتخيل إنها هتضطر تقول لأخوها الصغير إن مامتهم ماتت.
خالد قطع شرودها بصوت هادي:
ـ ياسمين.. عمّك رجّع أحمد، بس لسه جدك هو الواصي عليه.. وإحنا لو عايزين ناخده منهم، لازم نثبت إن الجد مش مؤهّل للوصاية.
الموضوع محتاج وقت وصبر.. وعمك طلب إننا نتصرف بشكل طبيعي لحد ما نعرف نتحرك قانونيًا.. عشان جدك ما يحسش ويبعد أحمد عنك تاني.
ياسمين قلبها اتقبض.. حاسة إن في حاجة أصعب جاية.
خالد كمل وهو بيبصلها بعين فيها طمأنينة:
ـ أحمد لازم يرجع يعيش في بيت الشرقاوي مع عمك راشد.
ياسمين قالت بحدة وصدمة:
ـ مستحيييل! مش هسيبه تاني مهما حصل!
ـ خالد بهدوء:
ـ انتي مش هتسيبيه.. وقت ما تحبي تشوفيه، عمك هيجيبهولك.. وده أحسن من إنهم يبعدوه عنك خالص.
لو جدك حس إننا بنخطط ناخده، ممكن يسفّره لمكان أبعد ومنعرفش نوصله تاني.
الدموع نزلت من عين ياسمين وقالت بصوت مكسور:
ـ ياريتهم ما ظهروا في حياتنا ؟! كنا مرتاحين من غيرهم.
خالد مد إيده، مسك إيديها وقال وهو بيبصلها بصدق:
ـ أحمد هيعيش معاكي قريب، صدقيني. بس لازم نتصرف بعقل.. ومحدش يعرف أي حاجة.
كل خطوة هنمشيها بحساب.. واخوكي هيبقى معاكي علي طول صدقيني. 
ياسمين بصّت له.. وشافت في عينيه وعد. زي الوعد اللي وعدها بيه قبل كده ورجع لها أخوها.
هزت راسها بمعنى إنها موافقة.
خالد لمح أحمد جاي من بعيد، قال بسرعة:
ـ خلاص اهدي وبلاش دموع.. أحمد جاي.
أحمد قرّب منهم، وشاف خالد ماسك إيد ياسمين، وقال له ببراءة:
ـ إنت ماسك إيد أختي ليه يا أبو علي؟ هتقبض عليها؟
خالد ضحك وقال:
ـ اختك هي اللي قبضت عليا يا احمد باشا!
أحمد قعد وقال بدهشة:
ـ هي ياسمين بقت ظابط؟
خالد غمزلُه وقال:
ـ لأ.. بس بقت مرات ظابط!
أحمد بص ليهم وقال باستغراب:
ـ يعني إيه؟
ياسمين ابتسمت ولمست وشه بحنية وقالت له:
ـ أنا وحسن ابو علي اتجوزنا وانت مسافر.
أحمد قال بحزن:
ـ اتجوزتوا وانا مسافر ليه؟ كنتوا استنوا لما ارجع عشان احضر الفرح!
ياسمين بصت لخالد بتوتر، وخالد رد بسرعة:
ـ احنا قولنا مش هنعمل فرح غير لما أحمد يرجع بالسلامة.
أحمد فرح وقال:
ـ يعني هتعملوا فرح؟ وهلبس بدلة عريس؟
ياسمين ضحكت وخالد رد عليه:
ـ هجيبلك أحلى بدلة عريس!
احمد ضحك بحماس وبص ل ياسمين وسألها:
ـ هو ابو علي جاب جاتوه من الغالي وهو جاي يخطبك؟
ياسمين بصت ل احمد بصدمة وخالد ضحك وقال: 
ـ لا مجبتش بس ممكن اجبلك دلوقتي حالا.. انا عارف انك بتحب الجاتوه.
أحمد قال ببساطة:
ـ مش مهم.. عمو راشد كان بيجيبلي جاتوه كتير وانا هناك عشان كنت بعيّط، وكان بيصالحني.
ياسمين قلبها اتقبض وسألته بقلق:
ـ كنت بتعيط ليه يا حبيبي؟
ـ أحمد بحزن:
ـ مايا قالتلي إن ماما ماتت.. وأنا كنت عارف انها بتكدب.. بس كنت بزعل وعيّط، وعمو راشد كان بيجيبلي الجاتوه.
دموع ياسمين نزلت.. مش قادرة تقوله الحقيقة.
خالد قرب من أحمد، وقعد جنبه، ومسك إيده وقال بحنية:
ـ بص يا أحمد.. انت بقيت راجل كبير، وفاهم، صح؟
ـ رد أحمد: صح.
ـ خالد:
ـ وعارف ان اللي بيموت بيروح عند ربنا في السما.. وبيشوفونا من فوق، وبيفرحوا لما يشوفونا مبسوطين.
أحمد بص ليه بدهشة، وبص لياسمين اللي كانت بتعيط، وقال:
ـ يعني مايا ماكذبتش؟ ماما فعلاً ماتت؟!
خالد هز راسه بالإيجاب، وأحمد بص لياسمين وقال:
ـ متعيطيش يا ياسمين.. عشان ماما متزعلش منك.. انا مش هعيط عشان ماما بتشوفنا دلوقتي. 
ياسمين مسحت دموعها بالعافية وقالت:
ـ حاضر يا حبيبي.
خالد قاله:
ـ في حاجة كمان يا بطل بس ده سر بينا..
أنا وياسمين هنشتري بيت كبير.. وهيبقى بيتك معانا، تعيش فيه زي ما بتحب.
أحمد قال بحماس:
ـ بجد؟ بيت كبير؟!
خالد:
ـ هيبقى فيه كل حاجة بتحبها.. بس هنحتاج شوية وقت نجهزه.. وفي الفترة دي تعيش مع عمك في بيت جدك، لحد ما نكون جاهزين.
أحمد بص لياسمين وسأل:
ـ وانتي هتيجي معايا؟
رد خالد:
ـ لا، ياسمين هتساعدني نجهز البيت، وأول ما نخلصه.. نيجي ناخدك.
أحمد قال بحماس:
ـ موافق!
ياسمين قربت منه وقالت له بصوت هادي:
ـ بس أوعى تقول لجدك أو يحيى أي حاجة عن البيت الجديد.. ده سر بينا.
أحمد قال وهو بيغمز:
ـ سرّي يا ريس!
خالد ابتسم وقام وقال لياسمين:
ـ يلا نقوم.. عمك مستنينا.
ياسمين ضمت أحمد لحضنها بكل الحب.. كانت ماسكة إيده ومش عايزة تسيبه.
..... 
بعد وقت،
خالد وياسمين وأحمد دخلوا الكافيه اللي كان فيه راشد ومراته وبنته.
الجو كان هادي بس فيه ترقّب. 
مايا كانت قاعدة ووشها مدفون في موبايلها، بتقلب فيه بملل،
لكن أول لما رفعت عينيها وشافت خالد جاي ناحيتهم، وماسك إيد أحمد،
وجنبهم بنت محجبة ملامحها هادية... على طول قلبها قالها: "دي أكيد ياسمين!"
قربوا من الترابيزة، وراشد وقف من مكانه، استقبلهم بابتسامة واسعة،
ومد إيده يعرف ياسمين على عيلته بصوته الهادي:
راشد: سهام مرات عمك.. ومايا بنت عمك.
ياسمين ابتسمت ابتسامة بسيطة فيها احترام ومدت إيديها تسلّم.
سهام ردت السلام بود واضح، ونظرة فيها دفء وألفة.
إنما مايا... سلامها كان ناشف، بارد، وياسمين حست إن قدامها نسخة مصغّرة من يحيى…
نفس النظرة، نفس الجمود، ونفس البرود الغريب!
راشد طلب منهم يقعدوا معاهم شوية.
خالد قعد جنب راشد وانشغل معاه في الكلام،
وياسمين قعدت جنب خالد، لكن كان كل تركيزها مع أخوها أحمد،
بتتكلم معاه، بتحضنه، وتهزر معاه كأنهم لوحدهم في الدنيا.
قصادهم كانت سهام قاعدة، ومايا بنتها جنبها،
مايا بتلعب في شعرها بأطراف صوابعها وعينيها مش سايبة خالد لحظة،
بتراقبه وهو بيتكلم مع والدها،
وهي مش فاهمة إزاي مراته اللي قاعده جنبه، مش مهتمة، وتركيزها كله مع اخوها الصغير عماله تضحك معاه وتهزر! 
كانت بتبص على ياسمين كأنها عايزة تفهم حاجة مش مفهومة.
همست مايا لمامتها بنبرة فيها استغراب مستفَز:
ـ شايفة قاعدة جنبه ومش مهتمة بيه أبدًا! وعمالة تهزر مع أخوها!
مامتها ردت بنفس الهمس، بس بعصبية حاولت تكتمها:
ـ قولتلك ملكيش دعوة بيهم.. مش عايزين مشاكل.
بس مايا فجأة قطعت الهدوء وسألت ببرود فجأة، وهي بتبص لياسمين وخالد:
ـ هو انتوا متجوزين بقالكم كتير؟
ياسمين رفعت وشها وبصتلها باستغراب من السؤال،
وخالد كمان انتبه وبصلها،
لكن ياسمين ردت بهدوء:
ـ لا، مش من كتير.
مايا زودت الجرعة، واتكلمت بجراءة:
ـ غريبة!! أصل اللي يشوفكم يحس إنكم أغراب عن بعض.. مش زي اتنين لسه متجوزين جديد!
يعني أنا لو مراته.. مستحيل أبقى مشغولة بأي حد تاني غيره!
الكلام وقع على ياسمين زي الصدمة.
نظراتها بقت مصدومة من الوقاحة الغريبة دي،
وملامح خالد اتشدت فجأة. 
راشد بص لبنته بحدة، وسهام قالت بغضب بتحاول تلحق اللي حصل:
ـ الناس هنا غير أمريكا يا مايا.
بصّت لهم بتوتر، وبصوت مرتبك قالت:
ـ معلش.. أصلها قضت نص عمرها في امريكا ومش متعودة على الناس هنا.
راشد وشه بقى متضايق فعلاً،
واضح إنه متأفف من تصرفات مايا وجرأتها اللي بقت عبء عليه،
كان باين عليه الضيق، وقال وهو بيحاول ينهى الموقف:
ـ إحنا هنقوم نرجع البيت.. وأي وقت تحبي تشوفي أحمد، كلميني يا ياسمين.
ياسمين هزت راسها وهي لسه مش مستوعبة من كمية الوقاحة اللي شافتها في أول مقابلة مع بنت عنها.
وخالد وقف معاها وهو بيكتم غضبه، وسلّموا على أحمد وودّعوهم، لكن نظرات مايا لخالد كانت غريبة ومش مفهومة، وياسمين استغربت كل حاجة فيها. 
ركبوا العربية.
وياسمين بصّت لخالد وقالت بنبرة فيها استغراب مش مريح:
ـ البنت دي غريبة شوية؟
خالد وهو بيشغل العربية، رد من غير تردد:
ـ غريبة جدًا.. بس عادي.. هي أخت يحيى.. هننتظر منها إيه!
ياسمين بصت له وقالت وهي متضايقة:
ـ بس نظراتها ليك كانت مش طبيعية.. وطريقتها! 
خالد ضحك، وقال:
ـ شكل مخها تعبان.. سيبك منها.
لكن ياسمين ردت بغيظ وغيرة واضحة كانت مولعة في قلبها:
ـ إنت بتضحك على إيه؟ دي كانت تقريبًا بتعاكسك قدامي!
خالد رد وهو بيكتم ضحكته، وبهدوء خبيث:
ـ وأنا هعملها إيه؟ إنتي شوفتيني اتكلمت معاها ولا بصيت ناحيتها!؟
ياسمين انفعلت أكتر، عصبيتها بتزيد كل ثانية:
ـ خالد متضحكش.. أنا بجد مضايقة منها.. هي إزاي كده!
يعني إيه تقولّي "أنا لو مراته"؟!.. تبقى مراتك إزاي يعني؟
وكمان هو أنا إمتى كنت مشغولة بحد غيرك؟
خالد ماكانش بيرد، ساكت،
بس كان باين عليه إنه مستمتع بغيرتها، وبيشوفها أجمل لحظة في يومه.
وياسمين كانت قاعدة جنبه بتغلي،
ولحد ما وصلوا البيت، كان صمتها مليان نار.
ياسمين نزلت من العربية وطلعت الأوضة بسرعة،
خالد طلع وراها على طول.
دخل وراها،
لقاها بترمي شنطتها على السرير، وفكت طرحتها وبتتحرك في الأوضة بعصبية، ملامحها مشحونة ومضايقة.
قرب منها، مسك إيديها،
ووقفها قدامه،
بصّ في عينيها بكل حب وهو بيقول بإحساس طالع من قلبه:
ـ ياسمين.. انتي مراتي.. وحبيبتي وأجمل بنت شافتها عيني.
كلماته كانت زي السحر، خلت قلبها يهدى فجأة.
بصّت له، وعينيها فيها لمعة حب.
رفع إيديه لمس وشها بحنية،
وعينيه مليانة عشق وهو بيهمس:
ـ بحبك.
ابتسمت، وخجلها طلع في نبرتها وهي بترد:
ـ انا كمان بحبك اوي يا خالد.
حضنته بقوة،
وخالد ابتسم بسعادة حقيقية،
ضمّها أكتر لحد ما رفعها عن الأرض وهو بيهمس بحب:
ـ وحشتيني.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي
في بيت الشرقاوي،
جوه أوضة يحيى.
الباب كان مقفول،
ويحيى طالع من الحمام لابس بيجامته، شعره لسه مبلول من المية،
ماكنش متوقع يشوف حد في أوضته…
لكنه فجأة وقف في مكانه لما لمح أخته "مايا" قاعدة بكل راحة على سريره،
ومسكه الموبايل بتاعها وبتقلب فيه كأنها في أوضتها هي!
اتجمد لحظة، وبعدين مشي ناحيتها بخطوات غاضبة وصوته عالي:
ـ إنتي بتعملي إيه هنا؟ ودخلتي الأوضة إزاي من غير ما تخبطي؟
فاكرة إننا لسه صغيرين يا غبية إنتي؟!
مايا قفلت الموبايل براحة، ووقفت قدامه من غير أي توتر،
بصّت له وقالت بنبرة هادية جدًا عكس اللي في عينيه:
ـ أنا خبطت، ولما مردتش… دخلت!
رد عليها وهو بيتحرك في الأوضة بعصبية وبنبرة كلها استهزاء:
ـ مش فاهم إيه اللي رجّعك تاني! كنا مرتاحين وانتي في أمريكا.
ابتسمت ابتسامة فيها غموض، وقربت منه وهي بتتكلم:
ـ إنت اللي رجعتنا…
جدك قال لبابا إنك اتجننت!
قالت الجملة الأخيرة وهي بتضحك باستفزاز، 
ضحكة نرفزت يحيى أكتر من أي حاجة،
بصّ لها بنظرة كلها نار، وزعق فيها وهو بيقرب منها خطوة مفاجئة:
ـ طب اطلعي بره أوضتي بدل ما تشوفي الجنان على حق!
مايا ردت بسخرية وهي لسه بتضحك:
ـ هي صحيح حلوة…
بس مش للدرجة اللي تجنّنك كده!
يحيى رفع حواجبه بدهشة مفاجئة، نبرته اتغيرت وبقى فيها استغراب حقيقي:
ـ تقصدي مين؟!
ردت وهي ثابتة في مكانها، صوتها بارد بس عنيها فيها تحدي:
ـ ياسمين…
بنت عمّنا اللي ظهرت في حياتنا فجأة!
ابتسم يحيى بسخرية وهو بيقاطعها:
ـ وانتي شوفتيها فين ياسمين؟!
مايا ردت بثقة وهي بتبص في عينيه من غير ما ترف:
ـ إمبارح…
جوزها جه استقبلنا من المطار،
واخد أحمد عشان يوديّه ليها تشوفه!
الصمت خيّم لحظة على الأوضة…
ويحيى وشه اتبدل،
اللي سمعه صدمه بجد.
قرب منها بخطوات سريعة ومندفعة،
ومسك دراعها بعنف وصوته عالى بغضب:
ـ إنتي بتقولي إيه؟؟!!
مايا اتألمت من قبضته،
وسحبت دراعها بسرعة من إيده وهي بتقول بنبرة فيها ألم، بس لسه محافظة على برودها:
ـ بقول اللي سمعته…
بابا متفق مع جوز ياسمين إنه يرجع لهم أحمد،
قابلناهم إمبارح…
وبابا طلب مني ماعرفكش…
لا إنت… ولا جدو!... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع
إمبارح…
جوزها جه استقبلنا من المطار،
واخد أحمد عشان يوديّه ليها تشوفه!
الصمت خيّم لحظة على الأوضة…
ويحيى وشه اتبدل،
اللي سمعه صدمه بجد.
قرب منها بخطوات سريعة ومندفعة،
ومسك دراعها بعنف وصوته عالى بغضب:
ـ إنتي بتقولي إيه؟؟!!
مايا اتألمت من قبضته،
وسحبت دراعها بسرعة من إيده وهي بتقول بنبرة فيها ألم، بس لسه محافظة على برودها:
ـ بقول اللي سمعته…
بابا متفق مع جوز ياسمين إنه يرجع لهم أحمد،
قابلناهم إمبارح…
وبابا طلب مني ماعرفكش…
لا إنت… ولا جدو!.
يحيى اتجمد مكانه، عينيه بتتحرك عليها ببطء. 
وشه كان بيغلي من الغضب،
وشفايفه اتحركت بهمس فيه قهر مكتوم:
ـ كمان بابا واقف في صفّه… وعايز يساعدهم!
فضل واقف ساكت، سكون مرعب قبل العاصفة.
مايا كانت واقفة بتبص عليه،
عينها بترقبه مترقبة منه أي رد فعل…
ضربة، صرخة، كسر في أي حاجة حواليه.
لكن يحيى خالف توقعاتها…
فجأة ضحك.
ضحكة باردة، كلها شر وغموض،
ضحكة تخلي اللي قدامه يتوتر من نبرتها.
قرب منها، وعيونه مليانه مكر، وقال بنبرة هادية بس تقيلة:
ـ انتي ماقولتليش حاجة.
مايا رمشت بدهشة، ما فهمتش قصده في الأول.
بس ملامحه كانت واضحة…
راسه بيخطط، بيرتب حاجة،
هز راسه باتفاق ضمني وقال:
ـ مش لازم بابا يعرف إنك قولتيلي…
عشان يثق فيكي وتفضلي قريبة منهم… وتعرفيني بكل خطتهم.
ابتسامة خفيفة ظهرت على وش مايا،
عينها بقت فيها تحدي، وراحت قايلة بثقة:
ـ والمقابل؟
يحيى بعد عنها شوية بخطوتين،
نفسه اتسحب مع الجملة اللي قالها بنبرة مليانة غموض:
ـ اللي انتي عايزاه.
ضحكت مايا، ضحكة ناعمة بس كلها خبث، وقالت:
ـ يبقى اتفقنا.
كانت لسه هتلف وتخرج…
لكن صوت يحيى جه وراها فجأة،
نبرته كانت جد أكتر من أي وقت:
ـ بس جدك مش لازم يعرف.
مايا هزت كتفها ببرود وهي بتتكلم من غير ما تبص له:
ـ مش من مصلحتنا إنه يعرف.
وخرجت من الأوضة…
ويحيى واقف مكانه، بصّ للباب اللي قفل وراها،
وبصوت همس فيه استغراب حقيقي، كرر كلمتها:
ـ مصلحتنا؟!!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
صوت جرس الباب كسر هدوء الصباح…
زينة فتحت عنيها على رنة الجرس وقالت بقلق وهي بتبص لمعتصم:
ـ مين اللي هيجي عندنا الصبح بدري كده؟!
معتصم قام من جمبها وقال وهو بيطمنها:
ـ هشوف مين.. ارتاحي انتي مكانك، متتحركيش.
خرج من الاوضة وزينة ابتسمت بحب، ومدت إيديها على بطنها وهي بتتنهد براحة وسعادة…
لسه لحد دلوقتي مش مصدقة إن جواها حتة منه… من معتصم حبيبها.
عند الباب.
أول ما معتصم فتح الباب، اتجمد لحظة من المفاجأة…
أبوه واقف قدامه، وراه عمته زهيرة متلحفة بشالها الاسود،
وعلى وشها ابتسامة فيها لهفة وفرحة،
وجنبها زينب، مرات أخوه، ووشها عليه ابتسامة مزيفة باينة من أول نظرة.
وجودهم مكانش متوقع،
خصوصًا أبوه اللي كان زعلان منه ومكلمهوش من يوم ما اتجوز زينة.
معتصم استقبلهم بقلب مفتوح وابتسامة واسعة:
ـ أهلا يا أبويا.
ونزل على إيد أبوه وباسها بكل احترام.
أبوه فتح دراعه وخده في حضنه وقال بفرحة كبيرة:
ـ ألف مبروك يا بني.
عمته زهيرة من كتر فرحتها بدأت تزغرد وهي بتقول بسعادة:
ـ ألف مبروك يا معتصم!
دخلهم معتصم جوه الشقة، وكانت إيديهم مليانة هدايا،
جايبين حاجات كتير من البلد.
في أوضة زينة.
صوت الزغاريد وصلها ولفت انتباهها،
عرفت من أول صوت إنها أمها…
قامت بسرعة من علي السرير، لبست عباية استقبال رقيقة…
وقلبها بيدق بخوف وفرحة في نفس الوقت.
بعد لحظات، دخل عليها معتصم وهو مبتسم وقال بسعادة:
ـ أبويا وعمتي برا.. جايين يباركولنا.
زينة بصت له بتوتر وقالت وهي بتكمل لبسها:
ـ أنا مكسوفة منهم أوي يا معتصم.
معتصم قرب منها، وضحك وهو ماسك خدودها بحنية وقال بمشاكسة:
ـ مكسوفة من إيه يا مجنونة؟ خلصي لبسك بسرعة وتعالي معايا نخرجلهم.
لبست زينة بسرعة وخرجت معاه.
قربت من خالها، وسلّمت عليه، وهو بارك لها بكل حب.
أمها قامت، ولهفتها سبقت خطواتها،
حضنتها بقوة ودموع الفرحة مالية عينيها…
قلبها كان بيحضن بنتها أكتر من إيديها.
لكن…
عيون زينب كانت غير الكل.
وقفت تراقب المشهد،
وعنيها مثبتة على بطن زينة بنظرة تقيلة مرعبة…
زينة لما خرجت من حضن أمها وشافتها قدامها،
قلبها دق بسرعة…
نظرتها كانت غريبة ومش مريحة.
معتصم وهو واقف جنب أبوه، لاحظ كل حاجة…
نظرة زينب، ابتسامتها الباردة…
وفهم على طول إنها مش جاية تهني…
جايه شايلة سم ورا وش متلون.
زينب قربت من زينة فجأة، وابتسمت ابتسامة مزيفة وهي بتقول:
ـ مبروك يا زينة.. متعرفيش أنا فرحتلك قد إيه.
زينة فضلت واقفة متجمدة…
مش قادرة ترد بنفس مشاعرها،
ولا حتى بابتسامة.
بعدت عنها وهي حاسة بتوتر في قلبها، وقعدت.
زهيرة حاولت تكسر الجو وقالت بحب:
ـ أنا عملتلك يا زينة كل الأكل اللي بتحبيه..
وجبتلك بط وحمام وفراخ بلدي وعسل أبيض عشان تتغذي.
ضحكت زينة وقالت:
ـ إيه كل ده يا ماما!
زينب دخلت في الكلام وقالت بابتسامة مزيفة:
ـ وأنا جبتلك قشطة… عارفة إنك بتحبيها.
زينة بصتلها بتوتر،
ومعتصم عينه ما سابتش زينب،
بيحلل كل حاجة في تعبير وشها،
وكل حركة من حركاتها.
زينة قامت وقالت بتوتر:
ـ تشربوا إيه؟
رد خالها بحزم:
ـ إحنا مش جايين ناكل ولا نشرب.. إحنا جايين نبارك وهنمشي على طول عشان نلحق نرجع البلد.
معتصم اعترض بسرعة:
ـ مينفعش يا أبويا.. دي أول مرة تيجي بيت ابنك.
وبصلها وقال بهدوء:
ـ فطار يا زينة.
هزت راسها، وكانت لسه هتدخل المطبخ،
لكن صوت زينب جه فجأة:
ـ أنا هاجي أساعدك يا زينة.
معتصم رد بجدية:
ـ لا يا زينب ميصحش… خليكي مرتاحة.
قامت زهيرة وقالت بحماس:
ـ أنا هقوم أساعد بنتي… تعالي يا حبيبتي.
خدت بنتها ودخلوا المطبخ…
وزينب فضلت قاعدة مكانها، نار جواها مولعة،
ومعتصم شايف كل حاجة.
أبوه بص له وقال بفرحة:
ـ فرّحت قلب أبوك يا معتصم… كان نفسي أشوف حفيد يشيل اسم العيلة قبل ما أموت.
معتصم قال بحب:
ـ العمر الطويل ليك يا أبويا.
وبص ل زينب، وسأل:
ـ وممدوح أخويا عامل إيه؟
ملامح الحزن ظهرت على وش أبوه وهو بيرد:
ـ بخير يا بني… كان ناوي ييجي معانا بس انت عارف الأرض وشغلنا مينفعش يسيبه.
هز معتصم راسه بتفهم وقال:
ـ عارف يا بويا.. ربنا يعينه ويقويه.
زينب قامت بتوتر وقالت:
ـ أنا هقوم أشوف عمتي وزينة لو محتاجين مساعدة.
ودخلت المطبخ…
معتصم استغل الفرصة وبص لأبوه وسأله:
ـ ممدوح لسه زعلان مني يا أبويا؟ أقسم بالله العظيم يا أبويا أنا عمري ما كان في حاجة بيني وبين زينة قبل ما اتجوزها.
رد أبوه بحسم:
ـ خلاص يا معتصم، الموضوع ده اتقفل، وزينة بقت مراتك دلوقتي وشايلة ابنك في بطنها.
اتكلم معتصم بصدق:
ـ أنا مش عايز أخسر أخويا يا أبويا… ممدوح أخويا الكبير، وعمري ما أعمل حاجة تزعله.
نفسي يصدقني ويعرف الحقيقة.
رد أبوه وهو بيحط إيده على كتفه:
ـ أخوك مش زعلان منك يا معتصم…
بكره الأيام تظهر الحقيقة.
معتصم سأله بفضول:
ـ وهو عمل إيه في موضوع الجواز؟
رد أبوه بهدوء:
ـ من بعد جوازك وهو سكت… قولتله يختار أي بنت من بنات البلد وأنا أجوزها له…
وهو مش عايز.
اتكلم معتصم بحزن:
ـ ربنا إن شاء الله يرزقه بالذرية الصالحة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
ياسمين كانت واقفة قدام المراية، بتلف الطرحة بسرعة وهي بتقول لخالد بلهجة فيها عتاب:
ـ عجبك كده؟ أخرتني على المصنع!
خالد قرب منها وهو بيضحك، ولف دراعه حواليها، وبص معاها في المراية وقال بشقاوة:
ـ قولتلك هوصلك المصنع بسرعة متقلقيش.
قالت وهي متضايقة بس بنعومة:
ـ باباك هيقول عليا إيه دلوقتي؟ أكيد سبقني على المصنع وهيفتكر إني بتأخر!
رد خالد وهو بيضحك:
ـ هيقول إن ابنه اتصالح مع مراته ومن حقها تتأخر. 
ياسمين بصت له وقالت بحزم رقيق:
ـ طب يلا بقى وصلني، عندي اجتماع مهم ومينفعش أتأخر أكتر من كده.
ضحك وقال بفخر وهو بيعدل هدومه قدام المراية:
ـ سامع إنك عاملة شغل عالي في المصنع.. عرفتي كل ده دي منين؟
ردت عليه وهي بتخبط كتفه بدلع:
ـ هو انت متجوز أي حد ولا إيه؟
ضحك وهو بيضمها:
ـ لا طبعًا، انا متجوز أجمل بنت في الدنيا.
لسه بيقرب منها لكن ياسمين بعدت بهزار وهي بتضحك: 
ـ خليك مكانك يا حضرة الظابط. 
وجريت على باب الاوضه وخرجت بسرعة وهي بتضحك. 
خرج وراها، ونزلوا تحت.
بهيرة كانت قاعدة بتشرب قهوتها، وأول لما شافتهم نازلين وشايفه الضحكة على وش ابنها، ابتسمت من قلبها.
قربوا منها وقالوا بصوت واحد وهم بيضحكوا:
ـ صباح الخير.
ردت بهيرة بابتسامة دافية:
ـ صباح النور .. مش هتفطروا؟
خالد رد بسرعة وهو بيبص على الساعة:
ـ لأ يا ماما، متأخرين.. هوصل ياسمين ع المصنع وبعدين أروح الشغل.
بهيرة هزت راسها بتفهم وسكتت، وسابتهم يخرجوا.
خالد ركب العربية ووصّل ياسمين، وبعدها طلع على شغله.
وهو في الطريق، جاله تليفون من المخبر اللي بيراقب يحيى،
قاله بنبرة جد:
ـ الصفقة هتتسلم بكرة قبل الفجر في الجبل، ويحيى هيكون موجود بنفسه.
خالد شد نفسه، وخد منه كل التفاصيل، وساق بسرعة على مديرية الأمن.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند مهاب.
كان بيقفل باب شقته وهو خارج، ولما لف لقى آدم طالع من شقة منة، ماشي بخطواته الصغيرة في الطرقة.
مهاب ابتسم أول لما شافه، وقرب منه وشاله من على الأرض وهو بيقول بأبتسامة:
ـ أنت طالع لوحدك كده ليه يا بطل؟
في نفس اللحظة، منة خرجت بسرعة من شقتها، ووشها كله قلق، وأول ما شافت آدم في حضن مهاب، تنهدت براحة وقالت:
ـ أنا آسفة جدًا.. نسيت أكل آدم جوه، دخلت أجيبه وسبت الباب مفتوح.
مهاب بص لها بابتسامة خفيفة وقال:
ـ أنا فعلاً استغربت لما لقيته خارج لوحده.
منة قفلت باب شقتها وقالت بسرعة:
ـ أصل اتأخرت على شغلي النهاردة، ومخي مش معايا.. بنسى كل حاجة!
قربت منه علشان تاخد آدم، بس مهاب قال بهدوء:
ـ سيبيه معايا، أنا نازل معاكم.
نزلوا سوا من العمارة، ولما وصلوا تحت، منة وقفت وقالت له بابتسامة بسيطة:
ـ شكراً يا أستاذ مهاب.
قالها وهو لسه شايل آدم:
ـ تحبي أوصلكم بالعربية؟ عشان متتأخريش أكتر؟
هزت راسها بسرعة وقالت بنبرة حازمة:
ـ لأ.. مش هينفع أركب عربيتك. آسفة.
وخدت آدم من على دراعه وقالت وهي بتهرب من نظراته:
ـ شكراً.. دايمًا بتتعب معايا.
رد بهدوء وهو واقف مكانه:
ـ ولا تعب ولا حاجة.
منة مشيت بسرعة وهي شايلة ابن أختها، ومهاب فضل واقف يبصلهم..
كان باين على وشه الإعجاب.
واضح إن شخصية منة لفتت نظره،
وعجباه قوي إنها شايلة مسؤولية كبيرة لوحدها.. وبقوة.
........... 
في المصنع.
ياسمين كانت ماشية وسط المكن، عينها على كل حاجة، بتتابع حركة العمال وجودة الإنتاج.
هشام كان واقف جنب واحدة من الماكينات، بيظبط حاجة فيها.
وبعد ما خلص، العامل اللي جنبه ابتسم وقال له:
ـ تسلم إيدك يا باشمهندس، المكنة بقت ماشية زي الفل.
في اللحظة دي، ياسمين كانت قريبة منهم، وابتسمت وقالت:
ـ تسلم إيدك فعلاً.. كل العمال مبسوطين بعد الصيانة اللي عملتها امبارح، المكن فرق أدائه واضح.
هشام ابتسم وقال بنبرة فيها حماس:
ـ إن شاء الله أكون عند حسن ظنك، وأقدر أساعدك في تنفيذ الخطة الإنتاجية الجديدة.
ياسمين هزت راسها بابتسامة خفيفة وقالت:
ـ إن شاء الله.
ولفت تمشي، بس سمعته بينادي:
ـ أستاذة ياسمين؟ ممكن أسأل سؤال؟
رجعت له بخطوة، وسط دوشة صوت المكن اللي حواليهم، وقالت:
ـ اتفضل؟
بص على إيديها وسألها بنبرة مترددة:
ـ هو... هو انتي ليه مش لابسة دبلة جواز؟
سؤال فجّئها.
بصت على إيديها للحظة، وبعدين رفعت عينيها عليه، وقالت بنبرة حادة وواضحة:
ـ ياريت تركز في شغلك والمكن أكتر يا باشمهندس.. هو ده سبب وجودك هنا.
وسابته ومشيت من غير ما تستنى رد.
هشام فضل واقف مكانه، وبص في الأرض لحظة وهمس لنفسه وهو بيبصلها من بعيد:
ـ البنت دي فيها حاجة مختلفه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد يوم طويل في المصنع، رجعت ياسمين البيت مع سالم الدريني في عربيته، وهو طول الطريق بيتكلم بحماس وسعادة عن الإنتاج الكبير اللي المصنع حققه النهاردة.
أول ما دخلوا البيت، بهيرة كانت واقفة في الصالة وقالت لياسمين:
ـ خالد فوق. 
استغربت ياسمين إن خالد رجع بدري، وطلعت بسرعة على أوضتهم.
فتحت الباب بهدوء، وشافته لابس لبس مختلف عن الصبح، وشكله بيجهز علشان يخرج تاني.
قربت منه وهي بتسأله بقلق:
ـ خالد.. انت خارج تاني؟
بص لها بابتسامة فيها حب وقال:
ـ آه يا حبيبتي.. عندي مأمورية ولازم أنزل دلوقتي.
سألته بقلق:
ـ مأمورية تاني يا خالد؟ هو انت شغلك كله لازم يبقى في الخطر ده؟
رد وهو بيطمنها:
ـ ياحبيبتي ده شغلي، ولازم أكون جاهز في أي وقت.
قرب منها وقال بنبرة هادية:
ـ ممكن تغمضي عينيكي؟
بصتله بدهشة، لكنه كرر الكلام بهدوء أكتر:
ـ غمضي عنيكي بس.
غمضت عينيها، وبعد لحظات سمعته بيهمس:
"افتحي."
فتحت عنيها، لقت في إيده علبة صغيرة شكلها أنيق.
فتحها قدامها، وكانت جواها دبلة جواز ليها ودبلة ليه.
ياسمين اتفاجئت وقالت بدهشة:
ـ إيه ده؟
قال وهو بياخد الدبلة من العلبة:
ـ دي دبلة جوازنا.. علشان كل الدنيا تعرف إنك مراتي، وحبيبتي، وملكي أنا وبس.
لبسها الدبلة في إيديها، وقلبها بيرف من الفرحة.
ولبس دبلته وقال وهو بيهزر:
ـ ودي بقى عشان أرتاح من البنات اللي بيعاكسوني.
ضحكت وضربته في صدره بخفة وقالت:
ـ مين دول بقى؟
قال وهو بيضحك:
ـ كتير يا بنتي.. مش ملاحق.
اتكلمت بغيرة حقيقية:
ـ اسكت بقى، أنا بغير بجد.
قرب منها ومسح على خدها بحنية وقال:
ـ يسلملي اللي بيغير عليا.
بصت على الدبلة وقالت بسعادة:
ـ شكلها حلو أوي... ربنا يخليك ليا.
ضمها لحضنه وقال بهدوء:
ـ ويخليكي ليا يا حبيبتي.
بعد لحظات من السكات بينهم، بص في عنيها وقال بنبرة مختلفة:
ـ أنا لازم أمشي دلوقتي.. خلي بالك من نفسك يا ياسمين. وخليكي فاكرة دايمًا إني عمري ما حبيت غيرك.. إنتِي أول وآخر حب في حياتي.
قلبها وجعها فجأة، ودموع لمعت في عينيها وقالت بخوف:
ـ خالد.. انت ليه بتقول كده؟ متخوفنيش.
حضنته بقوة، كأنها عايزة الوقت يوقف عند اللحظة دي.
هو كمان حضنها بقوة، وتنهد وقال:
ـ حبيبتي لازم أمشي.
سابت أيديه، بس عينيها كانت بتودّعه من غير ما تنطق.
خرج خالد من الأوضة، وهي فضلت واقفة مكانها، إحساس غريب جواها بيكبر.
رفعت عينيها للسما، وقلبها بيردد دعوة واحدة:
"يا رب ترجعلي بالسلامة."
........
في وقت متأخر من الليل.
في قلب الجبل، 
الهوى كان بيلف حوالين الصخور، والضلمة محاوطة المكان.
الوادي بين الجبال كان هادي بشكل مريب.. بس الهدوء ده كان بيخبّي ورَاه نار.
القوات كانت متوزعة كويس، كل فرد متخفي ورا صخرة أو مستوي مع الأرض، لابسين هدوم مموهة ومافيش صوت نفس بيطلع منهم.
خالد واقف في أعلى نقطة، ماسك المنظار الليلي، وعينه مابتتحركش من على الطريق المرسوم قدامه.
كان قائد المؤمورية دي، ومابيفكرش في حاجة غير إنه يقفل الملف ده للآخر.. مهما كلفه.
بعد حوالي ساعة،
نقطة نور ظهرت في البُعد.. نور بيكبر واحدة واحدة.
خالد رفع اللاسلكي وقال بصوت هادي لكن حاسم:
ـ "كله في مكانه.. مافيش طلقة تطلع غير بأمر مباشر مني."
ثواني..
والنور بقى واضح.
ست عربيات دخلت منطقة الرصد.
من الشرق: عربيتين ملاكي ووراهم عربية نقل تقيل.
ومن الغرب: تلات عربيات ملاكي بيقابلوهم من الاتجاه المعاكس.
وصلوا لنقطة وسط،  النور اتحوّل لإشارات متقطعة من كشافات العربيات.
إشارة متفق عليها.
خالد كان بيراقب بمنتهى التركيز.
شاف يحيى بينزل من عربيته، حواليه 3 من رجالة، كلهم مسلحين.
ومن الاتجاه التاني، نزل الراجل التاني – واضح إنه المهرب الكبير – وراه برضو رجالة، شكله معروف لخالد من ملفات سابقة.
اللحظة اللي خالد كان مستنيها جات.
يحيى مشي ناحية عربية النقل، فتح الباب الخلفي، وبدأ يشيّك على الشحنة.
أSلحة تقيلة، مربوطة بإحكام.. واضح إنهم جاهزين للتسليم.
خالد كان على وشك يدي الإشارة للهجوم،
لكن فجأة..
من ورا الجبل، ظهرت نقطة نور غريبة.
منظار خالد اتنقل بسرعة.
العربية دي كانت واقفة بعيد، طفية النور تقريبا.. بس انعكاس بسيط من القمر خلاه يلمحها.
مش تبع الفريق، ومش من عربيات الصفقة.
الشخص اللي جواها كان قاعد بيراقب المشهد كله من بعيد..
واضح إنه الدماغ الكبيرة اللي بتتأكد بنفسها إن الصفقة ماشية تمام.
خالد شد اللاسلكي وقال بصوت مفيهوش تردد:
ـ "في طرف تالت بيراقب من بعيد..  ما حدش يتحرك. الهجوم هيبدأ لما أقول ."
رد صوت معتصم في اللاسلكي، ورا الجبل:
ـ "كلنا جاهزين .. ممكن مجموعة تتحرك على الطرف التالت، والهجوم كله يحصل في لحظة واحدة."
خالد بص تاني على العربية اللي بعيد.. عينُه كانت بتلمع من التركيز وقال.
ـ "مش محتاجة مجموعة يا معتصم، أنا اللي هتحرك ناحيته.
خليكوا كلكم في أماكنكم، ولما أدي الإشارة، الكل يتحرك في نفس الثانية."
خالد بدأ يتحرك.
هبط من مكانه، وبيجري بحذر وسط الصخور، خطواته محسوبة، وكل ما يقرب، الأرض كانت بتتسحب من تحته.
وصل قريب من العربية اللي مرصود فيها الطرف التالت،
وقف ورفع اللاسلكي بصوت منخفض، لكن مليان قرار:
ـ "اضربوا."
وفي نفس اللحظة،
اتحرك خالد ناحية العربية وهو بيشهر سلاحه.
وفي الخلف،
انفجر المشهد!
أصوات طلقات نار بدأت تدوي في قلب الجبل، ووهج الرصاص كان بيشق الضلمة زي البرق.
رجالة الشرطة هجمت بحرفية مرعبة.
كل مجموعة كانت بتتحرك في اتجاهها بدقة..
مفيش ارتباك..
مفيش تردد.
في اللحظة دي،
العربية اللي فيها الطرف التالت ولّعت النور فجأة، وحاولت تتحرك بسرعة للهروب،
لكن خالد كان واقف قدامهم،
وسلاحه سبقهم.
طلق نار راح في كويتش العربية..
صوت الفرقعة كان عنيف،
والعربية وقفت مكانها زي تمثال.
عند يحيى،
اللي كان لسه بيتفحص الأسلحة،
اتصدم وهو شايف الهجوم جاي من كل اتجاه.
شد سلاحه بسرعة، واستخبى ورا واحد من رجالته،
لكن الرصاص كان سابقهم،
واحد ورا التاني بيقع قدامه.
بقى لوحده.
لف حواليه، لقى نفسه محاصر برجالة الشرطة،
ووشه مابين الخوف والذهول.
أما عند العربية البعيدة...
خالد واقف، وسلاحه مرفوع،
وعينه مثبتة على باب العربية اللي قرب يفتح.
لحظة..
الباب اتفتح.
وخرج منه شخص ببطء.
خالد شد نفسه،
استعد يضرب لو اضطر.
لكن فجأة...
الصدمة ضربت قلبه.
اللي نزل من العربية هو جده.. اللواء وحيد.
الوقت وقف،
وسلاح خالد اتهز في إيده للحظة،
عينيه كانت بتسأل:
"إزاي؟"
جده اللواء وحيد نزل من العربية... ووقف قدام خالد بكل برود.
وشه ثابت، ملامحه مش بتتحرك، وكأن كل حاجة بتحصل حواليه ما تخصوش.
لسه فيه صفات رجل الشرطة القديم اللي اتعود يواجه أي حاجة من غير ما يرمش.
خالد واقف... وسلاحه بيتهز في إيده.
مش من خوف،
من الصدمة.
كل حواسه بتقوله إن اللي قدامه ده خطر...
بس قلبه مش قادر يصدق.
اللواء وحيد مشي ناحيته بخطوات ثابتة،
وصوته طالع بنبرة غاضبة، لكنها مكتومة:
ـ "مكنتش أعرف إنك غبي للدرجة دي يا خالد...
أنا مش بعدتك عن القضية دي؟!"
الكلمات كانت تقيلة.
كل حرف منهم كان بيسقط جوه خالد زي حجر.
خالد ابتلع صدمته، وبدأ يستوعب الحقيقة اللي كانت دايمًا بتخبط جواه، بس كان بيرفض يصدقها.
هو كان شاكك..
بس دلوقتي مافيش شك.
الدليل قدامه،
شايفه بعينه .. وبيتكلم.
خالد رمق العربية من ورا جده،
كان واضح إن فيه حد تاني قاعد ورا.
حد مش باين، لكن موجود.
رجع عينه لجده،
ونزل سلاحه لتحت،
وصوته طلع قوي.. واضح:
ـ "وياترى بعدتني ليه؟
عشان ما أكشفش حقيقتك؟"
اللواء وحيد بصله بنفس البرود،
لكن صوته بقى أهدى:
ـ عشان ما تخسرش حياتك.
ثانية واحدة..
كأن الدنيا كلها وقفت.
نظرة خالد لجده اتغيرت.
كأنه بيشوفه لأول مرة في حياته! 
وفجأة...
رصاصة واحدة خرجت.
من Sـلاح شخص واقف ورا جده.
الرصاصة جت من ورا،
شقّت الهوى بسرعة،
وغرزت في صدر خالد. 
لحظة صمت مرعبة.
جسم خالد رجع خطوة لورا،
وSـلاحه وقع من إيده قبل ما يقع هو كمان على الأرض.
عينه مفتوحة،
وبتبص على جده.
مش بكراهية،
لكن بدهشة... ووجع... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
وياترى بعدتني ليه؟
عشان ما أكشفش حقيقتك؟"
اللواء وحيد بصله بنفس البرود،
لكن صوته بقى أهدى:
ـ عشان ما تخسرش حياتك.
ثانية واحدة..
كأن الدنيا كلها وقفت.
نظرة خالد لجده اتغيرت.
كأنه بيشوفه لأول مرة في حياته! 
وفجأة...
رصاصة واحدة خرجت.
من Sـلاح شخص واقف ورا جده.
الرصاصة جت من ورا،
شقّت الهوى بسرعة،
وغرزت في صدر خالد. 
لحظة صمت مرعبة.
جسم خالد رجع خطوة لورا،
وSـلاحه وقع من إيده قبل ما يقع هو كمان على الأرض.
عينه مفتوحة،
وبتبص على جده.
مش بكراهية،
لكن بدهشة... ووجع.
اللواء وحيد اتجمد في مكانه،
وبعدها لف بحدة ناحية اللي واقف ورا – نفس الشخص اللي ضرب النار –
وعينيه مليانة صدمة وغضب مكتوم.
صوته انفجر وهو بيزعق فيه بكل قوته:
ـ انت اتجننت؟!، 
بتقتل حفيدي؟!
الراجل رد ببرود قاتل، وصوته ثابت كأن الرصاصة كانت قرار عادي:
ـ لو ما قتلتوش... كان هو اللي هيقتلنا.
اللواء وحيد ما ردش،
جري ناحيه خالد،
ونزل على ركبته جنبه على الأرض.
إيده كانت بترتعش وهو بيحاول يهزّه،
وعينيه اتملت بدموع خوف حقيقي علي حفيده إللي اتربى وكبر قدام عينيه.
صوته طلع مهزوز وهو بيحاول ينقذه:
ـ خالد!
خالد يا ابني... افتح عينك. 
خالد فتح عيونه وبص له.
وشه كان هادي، بس متغطي بوجع. 
الراجل التاني قرب،
وشد اللواء من دراعه بعنف، صوته كان واقعي، بارد،
مايعرفش لا دموع ولا ندم:
ـ "قوم!
مفيش وقت للمشاعر دي دلوقتي.
لازم نمشي دلوقتي حالًا."
اللواء وحيد كان متجمد مكانه جنب حفيده.
رجليه رافضه تقوم،
بس العقل العسكري اللي جواه كان بيزنّ عليه بصوت عقلاني:
"لو فضلت، زمايله هيمسكوك وهتقضي عمرك كله في السجن."
اللواء وحيد قام واقف،
عينه لسه على خالد،
اللي كان بيمدّ إيده كأنه بيحاول يتمسك بالحياة...
بس عنيه بدأت تضعف،
ورمش ببطء،
لحد ما غمّض... واستسلم.
الراجل التاني ما استناش لحظة،
مسك وحيد من دراعه بقسوة،
وسحبه معاه جوه الجبل،
الوقت بيعدي، والساحة لازم تفضى.
---
عند معتصم وباقي القوة،
كانت العملية ناجحة:
قبضوا على يحيى والمهرب التاني،
وكل واحد فيهم اتكلبش وإيده ورا ضهره،
والمكان حواليهم مليان صوت أنفاس سريعة وصفارات داخل اللاسلكي.
معتصم مسك اللاسلكي،
صوته كان سريع:
ـ يا خالد، الوضع عندك ايه ؟ ردّ عليا.
لكن الصمت كان مخيف.
مفيش رد.
قلبه دق بسرعة،
وفي لحظة، اندفع جاري ناحية العربية اللي كان فيها الطرف التالت.
إيده على سلاحه،
وخطواته محسوبة،
بس قلبه بيسبق رجليه.
وصل للمكان...
وشاف العربية.
مفيش حركة.
قرب أكتر،
وفجأة اتجمد مكانه...
خالد كان مرمي على الأرض.
جري معتصم بأقصى سرعته،
ونزل على ركبته جنب صاحبه،
عينه اتجمدت وهو بيشوف الدم مغرق هدوم خالد،
صوته خرج مكسور:
ـ خالد! خالد!
كان خالد لابس واقي من الرصاص،
بس الصدمة...
إن الرصاصة اخترقته.
إيده بسرعة بدأت تفك الواقي من على صدره،
وصوته مصدوم:
ـ إزاي؟!
إزاي الرصاصة عدّت؟!
الواقي وقع على الأرض،
وتحتُه… الدم كان بيغرق جسم خالد.
معتصم هزّه.. مرة ورا التانية،
لكن خالد ما ردش.
لسه عايش،
بس النفس ضعيف،
والدم مش بيوقف.
معتصم رفع اللاسلكي،
وصوته كان بيصرخ:
ـ اسعاف!
عايز إسعاف فورًا للموقع... إصابة حرجة!
كرر: إصابة حرجة! بسرعة!!. 
كان بيحاول يوقف النزيف،
ضغط على الجرح بإيديه،
وعينه مش سايبة خالد،
وصوته بيترجى الحياة:
ـ استحمل.. استحمل يا خالد… الإسعاف جاية.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في قلب الجبل
كان الظلام تقيل،
والصمت حوالين اللواء وحيد بيزنّ في ودانه زي لعنة.
هو والشخص اللي معاه اتحركوا بسرعة،
ولما بعدوا عن مكان الاشتباك ووصلوا لموقع آمن وسط الصخور،
الراجل طلع جهاز لاسلكي غريب الشكل،
وضبطه على تردد مش معروف…
صوته كان واطي لكنه حاسم:
ـ هنا (رمز مشفر)… نحتاج دعم فوري وسحب من المنطقة… خلال 10 دقايق، لازم نكون برا.
قفل اللاسلكي،
وبص ناحية اللواء اللي كان قاعد على الأرض،
عنيه في الأرض،
وتنفسه مش منتظم.
الراجل قرب منه وقال بنبرة مطمئنة:
ـ عشر دقايق بالكتير، والمساعدة هتوصل ونبقى في أمان.
والحمد لله إن العربية مستأجرة ومن غير لوحة… مش هيعرفوا يوصلولنا.
اللواء وحيد رفع عينه فجأة،
نظرة كلها غضب وقهر:
ـ أمان؟!!
أنت بتقولي بقينا في أمان بعد ما قتلت حفيدي قدام عيني؟!!
الراجل شد نفسه، وصوته بقى حاد:
ـ من أول يوم دخلت شغلنا… وانت عارف إن مفيش عواطف هنا.
ده قانوننا.
وانت أول واحد طبّقه…
لما قتلت جوز بنتك بإيدك…
عشان عرف حقيقتك،
وعرف إنك المسؤول الأول عن دخول الSـلاح البلد دي.
اللواء بصله بعين مكسورة،
فيها وجع مش قادر يخبيه،
صوته طالع متقطع من الغيظ:
ـ بس ده كان جوز بنتي… يعني موته ميوجعنيش.
إنما ده…
ده حفيدي!
فاهم يعني ايه؟! 
الراجل ما تعاطفش،
رد عليه ببرود قاتل، كأن اللي بيقوله ده بديهي:
ـ حفيدك كان هيقبض علينا…
كان هيكشفنا، ويهدم كل اللي بنبنيه من سنين.
وانت عارف كويس لو اتكشفنا، إيه اللي هيحصل…
انت أكتر واحد فاهم التمن.
اللواء سكت.
بص قدامه،
العتمة كانت سودة، بس مش أكتر من السواد اللي جواه.
همس بكلمات طلعت من قلبه مش من لسانه:
ـ "ليه يا خالد…
ليه ما فهمتش إني كنت ببعدك عشان أحميك؟"
صدى صوته اتكسر وسط الجبل. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
الهدوء ساكن، والدنيا لسه مظلمة، والفجر بيعلن عن نفسه من بعيد.
ياسمين كانت واقفة في البلكونة،
عينها على الجنينه اللي مغسولة بندى الفجر،
وقلبها متعلق بالبوابة الرئيسية...
مستنية خالد.
صوت الأذان ارتفع في السماء،
هادي، مطمئن،
لكن في قلبها قبضة غريبة،
حاجة مش مفهومة...
بس تقيلة.
رددت الأذان بصوت هادي،
وكل جملة كانت بتخرج من قلبها مش من لسانها.
النوم هرب من عنيها،
مش هيرجع،
غير لما تشوفه داخل عليها، 
بخير وبيضحك، زي كل مرة.
دخلت أوضتها على نور خافت،
البيت كله ساكن،
وصوت الأذان لسه بيرن في قلبها.
اتوضت،
وفرشت سجادة الصلاة،
ووقفت تصلي،
صوت نفسها وهو طالع داخل في الدعاء،
وركوعها كان فيه انكسار،
وسجودها كان طويل كأنها مش عايزة ترفع راسها من الأرض.
خلصت الصلاة ورفعت إيديها للسماء،
ودعت بدعاء خرج من أعماقها.
ـ "يارب...
خليه بخير…
رجّعهولي بالسلامة. 
وبنفس الضحكة اللي سابها في قلبي."
قعدت مكانها على السجادة،
وحضنت نفسها كأنها بتحاول تطمن قلبها،
وشها مرفوع للباب،
وعينيها مش عايزه ترمش،
مستنية اللحظة اللي يفتح فيها الباب…
وتشوفه واقف قدامها،
بس لسه… الباب ما فتحش.
....... 
في المستشفى.
الحركة قدام غرفة العمليات كانت مرعبة.
ممرضات بتدخل وتخرج بسرعة، دكاترة بتجري ووشوشهم مش مطمنة.
معتصم كان واقف في ركن، ساند ضهره على الحيطة، وعينه متثبته على الباب.
بيدعي من قلبه من غير صوت، مش سامع ولا شايف حواليه.
كان حواليه كام ظابط من زمايله،
كانوا معاهم في المؤمورية، بيحاولوا يطمنوه بكلام شبه هامس:
"هيعدي منها إن شاء الله"، "خالد جامد.. مش هتوقعه رصاصة".
فجأة، دخل مهاب وهو بيجري، قلبه بيخبط في صدره، وقرب منهم بفزع:
ـ خالد عامل إيه؟!
معتصم مردش، بس ظابط تاني قال بصوت مكسور، عينه فيها حزن:
ـ لسه جوه في العمليات... ادعيله.
مهاب اتجمد مكانه.
هو مكنش معاهم في المؤمورية، الخبر وصله وهو في البيت.
كل حاجة حصلت بسرعة، ومخه مش قادر يستوعب.
قرب من الباب ووقف يدعي.
وفجأة، شافوا ممرضة خارجة بتجري، بتزعق وهي بتنده:
"المصاب قلبه وقف!"
وممرضة تانية دخلت بسرعة وهي شايلة حاجة.
الدنيا اتقلبت.
معتصم ومهاب جريوا ناحية الباب، ومعتصم كان بيزعق بخوف ووجع:
ـ إيه اللي بيحصل!؟ حد يقولنا!. 
خرج دكتور بسرعة، شكله مضغوط ومرهق، ورفع إيده:
ـ يا جماعة مينفعش كده... اهدو علشان نعرف نشتغل.
مهاب بصله بعين مقهورة وقال بنهيار:
ـ الممرضة قالت قلبه وقف... إحنا عايزين نطمن عليه بس. 
الدكتور أخد نفس وقال بصوت هادي بس سريع:
ـ أيوه.. القلب وقف لحظات وقت خروج الرصاصة.
لكن اشتغل تاني بالصدمات الكهربائية... الحالة مستقرة حاليًا.
بس محتاجين نركز... ادعوله.
الظباط قربوا منهم، شدوا مهاب ومعتصم على جنب،
حاولوا يهدّوهم بكلمات بسيطة،
بس العيون كلها كانت متعلقة بباب العمليات...
مستنّيين اللحظة اللي هيتفتح فيها ويخرج منها أمل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الشرقاوي.
راشد صحى على صوت خبط عنيف على باب أوضته.
قام مفزوع، ولسه بيحاول يفهم الصوت جاي منين،
كانت سهام بتقوم من النوم وهي بتسأل بخوف:
ـ في إيه؟!. 
راشد فتح الباب بسرعة،
ولقى واحدة من الخدم واقفة على الباب،
عينيها مليانة فزع،
وصوتها بيرتعش وهي بتقول:
ـ الحاج عايز حضرتك تحت في المكتب... بيقول في مصيبة كبيرة حصلت.
نزل وراها بسرعة، وهو لابس بيچامة النوم،
قلبه سبق خطواته،
والممر اللي نازل فيه بيضيق على صدره.
فوق، سهام وقفت لحظات تفكر بقلق ، واندفعت بخوف.
أول حاجة فكرت فيها: أولادها.
دخلت أوضة مايا،
كانت نايمة،
اتنهدت براحة وقفلت الباب عليها،
لكن لما دخلت أوضة يحيى... كانت الصدمة. 
السرير مترتب، واضح انه مرجعش البيت من امبارح. 
شهقت،
قلبها دق بخوف،
ونزلت تجري ودموعها سبقاها.
........ 
في مكتب الحاج شرقاوي.
كان واقف ورا مكتبه،
وشه احمّر من الغضب،
وبيزعق في التليفون:
ـ اجمعلي كل المحامين فورًا، وعايزكوا عنده قبل طلوع النهار!. 
راشد دخل وهو مش فاهم حاجة،
ـ في إيه يا أبويا؟
الشرقاوي لف ليه،
ووشه مليان غضب:
ـ ابنك...
الغبي ابنك...
اتفق على صفقة Sـلاح من ورا ضهري... واتمسك وهو بيستلمها!!. 
سهام دخلت في اللحظة دي، وصرخت بصوت عالي:
ـ ابني!!
راشد اتجمد، عينيه مش مصدقة، وبص لأبوه:
ـ ازاي يحيى يعمل كده؟! وإنت متعرفش؟!
الشرقاوي بصله وقال بعصبية:
ـ ابنك اتجنن، وادي النتيجة!
سهام ما سكتتش، صوتها كان أعلى من أي حد:
ـ انت اللي جننته!
انت اللي ضيعت ابني... منك لله!
قربت من الشرقاوي،
كل خطوة منها كانت مرّة،
وهي بتبصله بقهر عمره سنين:
ـ يا ما قولتلك ابعد عنه...
قولتلك هتضيعه زي ما ضيعت اللي قبله...
ودلوقتي حرقت قلبي عليه!. 
الشرقاوي زعق بأعلى صوته:
ـ ابعد مراتك عن وشي دلوقتي يا راشد... مش ناقصها!. 
لكن راشد ما اتحركش،
بالعكس،
وقف بين مراته وأبوه،
وصوته طالع من وجع مكتوم:
ـ كل كلمة قالتها صح...
انت فعلاً ظالم.
ضيّعت أخويا، وحرمت عياله منه.
ودلوقتي بتضيع ابني.
وجاي تقولّي اتفق على Sـلاح من وراك؟!
الشرقاوي حاول يرد، لكن راشد كمل وهو بيقرب:
ـ من إمتى يحيى بيعمل حاجة من وراك؟
ومين اللي فتحله الطريق؟
مين اللي علمه الشغل الهباب ده؟
مش إنت؟!. 
الشرقاوي سكت، لأول مرة عنيه فيها خوف مش غضب.
راشد قاله وهو بيشد إيد مراته:
ـ لو ابني ما خرجش من المصيبة دي...
أنا اللي هقدّم فيك بلاغ بنفسي.. وهقول انك صاحب كل حاجة وابني بينفذ تعليماتك وبس. 
خلص كلامه وهو بيبص ل ابوه بغضب. 
وخرجوا من المكتب هو ومراته،
وسابوا وراهم الشرقاوي،
الشرقاوي وقع على الكرسي،
صدره بيعلو وبيهبط،
مش من الغضب…
من العجز.
عارف ان اللوا وحيد ورا الصفقة دي وهو اللي شجع يحيى يشتغل معاه من وراه. 
مد إيده، اتصل بيه...
لكن رقم وحيد خارج الخدمة.
بص للسقف، وهو بيهمس:
ـ هخرجك منها ازاي يا يحيى!! 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المستشفى.
الدكتور خرج من أوضة العمليات بخطوات سريعة،
ومهاب ومعتصم كانوا واقفين مستنيين الكلمة اللي ممكن تهدّي قلبهم.
أول ما شافوه، قربوا منه بسرعة.
الدكتور وقف قدامهم وقال بصوت ثابت:
ـ الحمد لله، قدرنا نخرج الرصاصة، والعملية تمت بنجاح.
سكت لحظة، وبص في عينيهم قبل ما يكمل:
ـ بس حصل توقف مفاجئ في عضلة القلب أثناء الجراحة... قدرنا نرجّع النبض بسرعة،
لكن بسبب اللي حصل، المصاب دخل في غيبوبة مؤقتة.
معتصم قال بسرعة، وصوته بيرتجف:
ـ يعني هيفوق ويبقى كويس يا دكتور؟
الدكتور رد بهدوء:
ـ مفيش مؤشرات خطر حالياً... إحنا متابعين حالته عن قرب،
وفي حالات مشابهة ، أحيانًا المريض بيفوق خلال ٤٨ ساعة.
بس مقدرش أوعد... كل حاجة واردة، ادعوله.
الدكتور اتحرك من قدامهم بسرعة،
وساب وراه قلق متحجر في العيون.
كل الظباط اللي واقفين بدأوا يطمنوا معتصم ومهاب إن خالد حالته بتتحسن وإنه هيفوق وهيبقى كويس.
مهاب بص لمعتصم وسأله بقلق:
ـ أهل خالد عرفوا؟
رد معتصم بنبرة حزينة:
"لا... "
مهاب قال بصوت هادي، وعينه فيها حيرة:
ـ وهنعمل إيه؟ مينفعش يفضلوا مش عارفين.. لازم يعرفوا.
معتصم بص على الأرض، وصوته فيه ألم:
ـ أنا مش قادر.. مش قادر أكون أنا اللي يبلغهم بخبر زي ده.
مهاب اتنهد بحزن، وقال وهو بياخد قرار:
ـ مينفعش.. لازم يكونوا جنبه. أنا هروح لهم البيت وأقولهم بنفسي.. لو قولتلهم في التليفون هرعبهم عليه. 
معتصم هز رأسه وقال:
ـ وأنا هفضل جنبه هنا، مش هسيبه لحد ما ترجع.
مهاب اتحرك بسرعة، وخرج من المستشفى ووشه عليه علامات القلق والتوتر.
........... 
في بيت الدريني.
ياسمين كانت لسه صاحيه، ووشها باين عليه إنها ما نمتش لحظة.
الشمس طلعت والدنيا نورت.. وخالد لسه مرجعش.
الخوف كان واكل قلبها، وحيرتها كانت عاملة زي نار مولعة في صدرها.. مش عارفة تعمل إيه!
تنزل وتبلغ أهله انه مرجعش؟ طب لو رجع دلوقتي وهي قلقتهم على الفاضي؟ يمكن يزعل منها! بس قلبها مش مطمن.. في حاجة غلط.. هي حاسه!
طول الليل وهي واقفة في البلكونة، كل شوية تدخل وتخرج، عينيها ما بترمش وهي مركزة على البوابة.. نفسها تشوفه داخل، يطمن قلبها اللي بيصرخ جواها.
وفجأة.. البوابة اتفتحت!
قلبها دق بعنف.. اتنفست بسرعة وابتسامة أمل اترسمت على وشها..
لكن الفرحة دي ماتت في لحظة لما شافت إن العربية اللي دخلت مش عربية خالد..
دي عربية تانية..
ونزل منها مهاب.
الحظة دي كانت زي صفعة على وشها.. قلبها وقع من مكانه.
خلاص.. مبقاش في طاقة للصبر، مش قادرة تستحمل أكتر من كده.
نزلت من أوضتها جري وهي لابسة إسدال الصلاة، جسمها بيترعش من القلق.
سالم وبهيرة كانوا لسه هيقعدوا يفطروا، أول ما شافوها نازله كده وشها مش طبيعي، اتصدموا.
لكن ياسمين ما وقفتش.. جريت على باب الفيلا وفتحته.
مهاب كان واقف قدامها، شكله مرتبك وبيحاول يلملم أعصابه ويظبط كلامه.
ياسمين وقفت قدامه، عينيها على عينيه، حسّت إن في مصيبة..
نظرتها كانت كلها رجاء وخوف.. ودموعها بدأت تتجمع بسرعة.
سالم وبهيرة قربوا منهم، ملامحهم كلها قلق واستغراب.
ياسمين بصوتها الضعيف اللي كان بيترعش قالت:
– خالد فين؟
مهاب بلع ريقه.. وكأن الكلام تقيل على لسانه، وجواه نار.
سالم أول ما سمع اسم ابنه اتقال بالسؤال ده، فهم على طول إن خالد ما رجعش.
اتحرك بسرعه، قلبه بيدق بقوة ووشه شاحب، وقف جنب ياسمين وسأل مهاب بصوت مخنوق:
– إبني فين؟
مهاب حاول يبص لهم بثبات وقال:
– هو كويس دلوقتي.. إن شاء الله هيبقى كويس.
بهيرة قلبها اتقبض.. وشها شحب أكتر، وقربت بخطوات سريعة وقالت وهي بتصرخ:
– يعني إيه هيبقى كويس!؟ إبني فين؟؟
ياسمين دموعها كانت خلاص بتغرق وشها، بصت لمهاب بعينين كلها رجاء:
– خالد فين يا مهاب؟ أرجوك اتكلم.. أنا هموت من الخوف عليه!
مهاب قالها بصوت هادي:
– اتصاب بطلقة في المأمورية.
اللحظة دي.. الزمن وقف.
ياسمين جسمها اتجمد في مكانه، نفسها اتقطع، والدم ساب وشها.
بهيرة صرخت من قلبها وهي بتحط إيديها على صدرها، 
سالم رجله خانته.. ، ومهاب لحقه بسرعة وسنده.
مهاب قال بلهفة وهو بيحاول يطمنهم:
– بس هو كويس والله.. دخل عمليات وخرج.. أنا جيت أبلغكم عشان تكونوا جنبه.
ياسمين كانت حاسه إن الهوا اختفى من حواليها.. كأنها بتغرق في بحر خوف.
بس لا.. مش هتقع. لازم تصمد.. خالد محتاجها.
عقلها بيصارع قلبها عشان تفضل فايقة، بصت له وقالت بصوت خافت جداً:
– خالد كويس بجد؟
مهاب طمّنها وقال:
– آه والله.. هو في المستشفى دلوقتي.
سالم بص له بحزن ودموع محبوسة في عنيه وقال:
– خدني عنده.. عايز أشوف ابني.
وبهيرة قالت بصوت متهدج من كتر البكاء:
– أنا جاية معاكم.. عايزة أشوف ابني بعيني.
مهاب قال بهدوء وهو بيحاول يسيطر على المشهد:
– طب ممكن تهدوا.. أنا جيت مخصوص عشان أخدكم أوصلكم المستشفى.. ومعتصم هناك، وكل زمايلنا حواليه. اطمنوا.
سالم حاول يتماسك، وبص لياسمين وبهيرة وقال بحزم:
– ادخلوا غيروا بسرعة عشان نروح المستشفى.
ياسمين كانت واقفة مكانها متجمدة.. عقلها مش مستوعب.
سالم زعق فيها بصوت عالي عشان يفوقها:
– ياسمين! فوقي! خالد هيبقى كويس إن شاء الله!
ياسمين بصت له وهزت راسها بسرعة، وطلعت تجري على أوضتها.
لبست بسرعة، وهي مش عارفة لبست إزاي أصلاً، حطت الحجاب على شعرها وهي قلبها بيصرخ،
ونزلت جري، ومهاب أخدهم بالعربية على المستشفى... بقلمي ملك إبراهيم.
...يتبع
ادخلوا غيروا بسرعة عشان نروح المستشفى.
ياسمين كانت واقفة مكانها متجمدة.. عقلها مش مستوعب.
سالم زعق فيها بصوت عالي عشان يفوقها:
– ياسمين! فوقي! خالد هيبقى كويس إن شاء الله!
ياسمين بصت له وهزت راسها بسرعة، وطلعت تجري على أوضتها.
لبست بسرعة، وهي مش عارفة لبست إزاي أصلاً، حطت الحجاب على شعرها وهي قلبها بيصرخ،
ونزلت جري، ومهاب أخدهم بالعربية على المستشفى.
.........
بعد وقت في المستشفى.
ياسمين دخلت مع سالم وبهيرة، وقلبها بيجري قبل رجليها، سابقها على غرفة العناية.
خطوتها كانت سريعة، بس تقيلة.. وكأن كل نفس بتاخده بيكلفها عمر.
أول لما قربت، شافت معتصم واقف ومعاه زمايلهم، ملامحهم باهتة وعنيهم فيها تعب وخوف.
جريت على باب العناية، وهي منهارة، دموعها مغرقة وشها.
الممرضة وقفتها بهدوء وقالت:
– ممنوع الدخول.
ياسمين قالت لها برجاء بيخرج من قلبها قبل لسانها:
– عايزة أشوفه بس من بعيد.. أرجوكي.
سالم قرب منها، بيحاول يتمالك نفسه، صوته ساكت بس عينيه كانت بتنهار.
معتصم وزمايله قربوا منهم، حسّوا بحرقة المشهد.
بهيرة ماقدرتش تسكت.. صوتها خرج من قلب موجوع بيصرخ:
– أنا عايزة أشوف ابني!! فين مدير المستشفى دي؟؟
معتصم بص لها وحاول يطمنها بصوت هادي بيحاول يكون عقلاني وسط كل الانهيار اللي جواه:
– خالد بخير الحمد لله ، الدكتور طمنا عليه.. بس ممنوع عنه الزيارة لمدة ٢٤ ساعة بعد العملية.
بهيرة صوتها اتكسر، واتكلمت بنهيار الأم اللي قلبها بيتقطع:
– مين اللي منع الزيارة!! أنا هدخل لابني غصب عنهم كلهم!
اتحركت في جنب وهي بتسحب تليفونها بإيد بترتعش، كأنها بتتشبث بأي أمل.
اتصلت بأبوها عشان ييجي ويكون جنبها في اللحظة دي، بس الخط كان خارج الخدمة.. اتصلت بأختها عبير وقالتلها وهي مش قادرة توصل الكلام من كتر البكا.
ياسمين وقفت قدام باب العناية، دموعها بتنزل بهدوء قاتل.
حطت إيديها على الباب.. كانت حاسه إن قلبها ساب مكانه ودخل جوه..
كأن في حتة منها اتحبست ورا الباب ده.. وبتتنفس بالعافية من غيرها.
سالم كان بيكتم انهياره بصعوبة.. شايل في قلبه نار عشان يقدر يسند بهيرة وياسمين.
وقف مع معتصم وزمايل خالد، وسألهم بصوت مليان قلق ورجفة:
– إيه اللي حصل؟
وفي اللحظة دي.. الممرضة قربت من ياسمين، وهي واقفة بتبكي ، ملامحها مصدومة والعبرات مخنوقة في حلقها.
الممرضة كانت ماسكة كيس شفاف فيه لبس خالد.. كله غرقان دم.
وفي إيدها التانية.. كانت ماسكة الدبلة اللي كانت في أيديه وعليها نقط دم لسه منشفتش.
قالت لها:
– دي المتعلقات الشخصية اللي كانت مع المصاب.
ياسمين بصت على اللبس بعيون متجمدة..
ثواني بسيطة كانت كفاية تخطفها من اللحظة وترجعها لورا..
افتكرت لما دخلت الأوضة لقيته لابس نفس اللبس ده، وقالها إنه نازل عنده مأمورية.
خدت منها اللبس والدبلة بإيدين بترتعش.. وكأنها بتلمس جرح مفتوح.
بصت على الدبلة..
دم حبيبها كان لسه عليها،
والدموع اتحجرت في عنيها،
وعقلها بيفتش جواها على صوته،
على ضحكته،
على آخر كلمة قالها قبل ما يخرج.
"دي دبلة جوازنا.. علشان كل الدنيا تعرف إنك مراتي، وحبيبتي، وملكي أنا وبس.
لبسها الدبلة في إيديها، وقلبها بيرف من الفرحة.
ولبس دبلته وقال وهو بيهزر:
ـ ودي بقى عشان أرتاح من البنات اللي بيعاكسوني.
ضحكت وضربته في صدره بخفة وقالت:
ـ مين دول بقى؟
قال وهو بيضحك:
ـ كتير يا بنتي.. مش ملاحق.
اتكلمت بغيرة حقيقية:
ـ اسكت بقى، أنا بغير بجد.
قرب منها ومسح على خدها بحنية وقال:
ـ يسلملي اللي بيغير عليا.
فجأة انهارت ياسمين على الأرض، وكأن رجليها ماعدتش شايلة حزنها.
قعدت تبكي بصوت عالي، شهقاتها كانت طالعة من قلب مكسور،
وضمت لبس خالد والدبلة المليانة بدمه لحضنها..
كأنها بتحاول تحتضن ريحته، صوته، وجوده، تحميه في حضنها من أي أذى.
صرخت باسمه من جوه وجعها:
– يا خاااالد!!
صوتها شق سكون المستشفى، وملأ المكان برعب.
سالم، ومعتصم، ومهاب، وكل الظباط اللي واقفين اتصدموا..
الانهيار جه مفاجئ، بس لما شافوها ضامّة هدومه الغرقانة في دمه، فهموا.
فهموا إن الجرح اتفتح، وإن الوجع بقى أقوى من طاقة احتمالها.
سالم جري عليها، صوته كان بيحاول يفضل هادي،
بس نبرته كانت فيها رعشة:
– ياسمين.. قومي يا بنتي، عشان خاطر خالد.. مينفعش كده.
ياسمين رفعت وشها، ودموعها مغرقة وشها،
وردت بصراخ ووجع بيشق القلب:
– خالد هنا.. ده دم خااالد!!
صوتها كان بينزف:
– ده دم حبيبي!!
– ياريت كانت الطلقة دي جت في قلبي أنااااا!
قامت فجأة، وجريت على باب العناية،
خبطت عليه بإيدين بترتعش وبتنزف ألم،
وصوتها اتكسر في صرخة:
– يا خااالد.. رد عليّا!
بهيرة كانت واقفة تبص عليها بقهرة،
قلبها محروق علي ابنها،
مش قادرة تعمل أي حاجة توقف وجع مرات ابنها ولا وجعها.
الممرضة قربت من ياسمين، وقالت بهدوء مهني:
– يا مدام، مينفعش كده، حضرتك في مستشفى.
لكن ياسمين ردت بصوت مبحوح، بين البكا والرجاء:
– أبوس إيدك خليني أشوفه.. مش هعمل صوت، والله هشوفه من بعيد بس!
معتصم قرب منها، صوته كان مكسور،
بيحاول يمسك خيط من عقلها وسط الغرق:
– ياسمين.. ياسمين اسمعيني..
أنا هكلم الدكتور عشان تشوفيه،
بس اهدي.. اهدي عشان خاطر خالد.
ياسمين بصت له والدموع نازلة من غير توقف،
وضمت لبس خالد والدبلة لقلبها كأنها بتستغيث بيهم وهي بتنزل علي الارض بنهيار:
– مفيش حد فيكم هيحس بيا..
خالد ودّعني قبل ما يمشي..
كان قلبه حاسس..
معتصم حس بكلامها، قلبه اتقطّع،
هو كمان مش ناسي منظر صاحبه وهو واقع على الأرض،
ولا صراخه في اللاسلكي وهو بيطلب إسعاف عشان ينقذه،
ولا الرعب اللي شافه في عيون زمايله.
كان واقف وسطهم بس عقله لسه هناك.. في مكان الحادث.
مهاب قرب، أتكلم معاها ، صوته كان أهدى من أي وقت:
– طب ممكن تهدي؟
وإحنا هنروح للدكتور دلوقتي نطلب منه يدخلك تشوفيه بسرعة وتخرجي..
بس لازم تهدي.. تمام؟
ياسمين هزت راسها، دموعها نازلة،
بس جواها كان بركان.. مفيش حاجة هتهدي قلبها غير لما تشوفه.
سالم ماقدرش يفضل متماسك اكتر من كده،
دموعه نزلت رغمًا عنه، من وجعه وخوفه على ابنه الوحيد،
ومن قهره وهو شايف ياسمين مكسورة بالشكل ده.
مد إيده ليها وقال بصوت هادي، بس من جوه موجوع:
– قومي من على الأرض يا ياسمين..
خالد هيزعل منك لما يعرف اللي إنتي بتعمليه ده.
لكن ياسمين كانت في عالم تاني..
عالم مفيهوش غير ريحة خالد، ودمه، وألمه.
كانت حضناه في هدومه.. شايفاه في الدبلة،
وكأنها بتحاول تثبّت روحه في حضنها،
عشان مايضيعش منها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مكان تاني.
كانت فيلا فخمة وفيها صمت مريب،
اللوا وحيد قاعد على كرسي جلد، بيحاول يخبّي توتره،
بس كل حاجة حواليه كانت بتشد أعصابه.
بص في ساعة إيده للمرة العشرين،
صوته خرج قلقان، وكأنه بيستعجل الطمئنينة:
– مفيش أخبار عن خالد من المستشفى؟
الشخص اللي قاعد قدامه،
كان هادي بشكل يزود القلق،
رد عليه بنبرة فيها لا مبالاة مرعبة:
– الأخبار اللي وصلت إن العملية نجحت..
لكنه دخل في غيبوبة.
ادعي يموت.. لأنه لو فضل عايش.. إنت اللي هتموت.
الكلمات دي خبطت في ودن وحيد زي رصاص.
بصله بصدمة، وعينيه وسعت من الرعب،
لكن الراجل كمل بثقة مرعبة، وكأنه بيحكي عن إجراء روتيني:
– أيوه.. جالي أوامر إن لو حفيدك عاش بعد ما كشفك..
إنت لازم تموت.
يا إما هو يموت قبل ما يتكلم ويجيب سيرتك مع أي حد.
وحيد بلع ريقه بصعوبة..
إيده اللي كانت لسه ماسكة الساعة بدأت ترتعش.
الصدمة كانت أكبر من إنه يخبيها،
رد بصوت مبحوح ومتلخبط:
– يعني.. يا إما أنا أموت..
يا إما حفيدي يموت؟
الراجل رد بنفس البرود:
– إنت عارف نظامنا..
اللي بيتكشف.. بيموت.
بس لو اللي كشفك مات..
يبقى فداك بعمره.
سكت.. ووش وحيد اتغير،
وش كان دايمًا ثابت ومسيطر،
دلوقتي كله توتر وخوف..
عينيه كانت بتدور في الفراغ وكأنها بتدوّر على مخرج.
الشخص التاني قال بنبرة محسوبة:
– اطمن.. واضح إن حفيدك هيموت.
التقارير اللي جت من المستشفى بتقول إن حالته صعبة.
والقلب وقف أثناء العملية، ودخل في غيبوبة.
يعني احتمال انه يعيش ضعيف جدًا.
بس لحد ما يموت أو يفوق من الغيبوبة دي..
مش مسموح لك تتحرك من هنا.
الكلمات الأخيرة خبطت في قلب وحيد زي قيد حديد اتقفل على عنقه.
كان عارف إن رجله اتحبست في دايرة مالهاش مخرج..
والاختيار دلوقتي ما بقاش بينه وبين غيره،
بقى بين حياته.. وحياة حفيده.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في النيابة.
راشد كان واقف ووشه شاحب، جنبه مراته سهام اللي عنيها كانت حمرا من كتر البُكا، ومايا بنتهم كانت ساكتة بس عنيها مليانة خوف وقلق.
التلاتة واقفين مستنيين المحامين اللي دخلوا مع يحيى، قلبهم متعلق في الهوا.
بعد دقايق تقيلة كأنها ساعات، خرجوا المحامين.
خطواتهم كانت بطيئة، ووشوشهم مكسورة وكلهم باصين في الأرض..
ووراهم طلع يحيى، متكلبش، متبهدل، هدومه مش مظبوطة وشعره مبهدل، وعنيه مفيهاش أي بصيص أمل.
كان باين عليه إنه مهزوز ومكسور بشكل أول مرة يشوفوه بيه.
سهام قلبها وقع، جريت على ابنها بلهفة، بس وقفت مكانها لما شافته بالشكل ده.
راشد سابهم واتجه ناحية المحامين وسأل بصوت مضطرب:
– طمنوني.. إيه الأخبار؟
المحامي الأكبر فيهم رفع عينه بالعافية وقال بنبرة حزينة:
– للأسف الشديد.. المرة دي اتمسك متلبس.
وكل إجراءات الضبط سليمة 100%، مفيش غلطة نعرف ندخل منها.
راشد اتجمد مكانه، حس كأن حد خبطه على راسه،
رد بصدمة مش مصدّق:
– يعني إيه؟!
المحامين سكتوا، ماحدش فيهم قادر يواجهه..
كل واحد فيهم رجّع عينه في الأرض تاني، والسكوت كان أبلغ من أي كلام.
راشد بص لابنه اللي واقف بعيد، والكلبشات في إيده بتلمع، وشه باهت، والدموع على وشه مش باينه إذا كانت ندم ولا غضب ولا انهيار.
قرب منه بصوت مخنوق بالزعل:
– ليه كده يا يحيى؟
ليه تعمل في نفسك كده يابني؟
شوفت آخر طريق جدك وصلك فين؟
رد يحيى وهو مهدود من جواه، صوته باين فيه التكسير واللاوعي:
– قول لجدي يطلعني منها زي كل مرة..
أنا مش هتسجن.
وهنا العسكري شدّه من دراعه وسحبه وهو بيحاول يقاوم،
ويحيى لف وشه وهو ماشي وبص لراشد وقال بصوت مليان تحدي وخوف في نفس الوقت:
– عرف جدي إن أنا لازم أخرج..
لو ما خرجتش، مش هتسجن لوحدي.
الكلمة دي خبطت في قلب راشد زي سكينة،
كان بيبص لابنه وهو بيتسحب من قدامه ومش عارف ينقذه ولا يرد عليه.
سهام بدأت تنهار وتعيط وهي مش قادرة تبص في وش ابنها،
ومايا كانت باصة عليه بصدمة وكأنها أول مرة تشوفه بالشكل ده،
سألت أبوها بصوت مرتعش:
– هو يحيى مش هيخرج ولا إيه يا بابا؟
سهام بصت لراشد والدموع مغطية وشها، وقالت بصوت كله وجع:
– إحنا السبب يا راشد..
إحنا اللي ضيعنا ابننا بإيدينا.
خوفنا من أبوك هو اللي وصلنا لده.
ياريتنا كنا بعدنا عيالنا عنه زي ما يحيى أخوك عمل مع ولاده.
أبوك دمر عيالنا يا راشد!
راشد وقف يسمعها وصدره بيطلع وينزل بسرعة من كتر الضغط اللي جواه.
حاسس إن قلبه بيتفرم، وحاسس بالذنب والخذلان..
هو اللي ساب عقل يحيى يتملى بكلام جده ويصدق إن الدنيا بتمشي بالغرور والسلطة،
وسابه يمشي نفس الطريق اللي أخوه مشي فيه، واللي انتهى بيه لدم وندم وسواد.
......... 
في المستشفى.
عبير دخلت وهي ماسكة إيد بنتها كارما، وشها باين عليه القلق، وعيونها بتدور على أختها.
أول لما بهيرة شافتها، قامت من على الكرسي بسرعة، وسألتها بلهفة صوتها فيه رجفة:
– بابا فين يا عبير؟!
عبير قربت منها وقالت بحزن وهدوء:
– بابا مسافر يا بهيرة.
طمنيني.. خالد عامل إيه؟
بهيرة بصتلها بصدمة، عنيها بتلمع من الدموع اللي مش طايقة تستنى:
– مسافر فين؟! وإمتى؟!.. وأنا معرفش؟؟
عبير حاولت تهديها وقالت بهدوء:
– سافر امبارح.. والمفروض كان راجع النهاردة، بس معرفش ليه مرجعش، وتليفونه لسه خارج الخدمة.
متقلقيش، أنا بعتله رسالة وعرفته كل حاجة.. أول لما يفتح تليفونه هيكون هنا على طول.
المهم طمنيني على خالد.
بهيرة ردت وهي بتحاول تمسك دموعها:
– بيقولوا إنه كويس.. بس مش راضيين يدخلونا نشوفه.
كارما كانت واقفة جنب مامتها، بس عنيها كانت بتبص على ياسمين اللي قاعدة ساكته، تبان من بعيد هادية جدًا، بس دموعها بتنزل في صمت تقيل.
جنبها سالم الدريني، قاعد متجمد، عينيه على باب العناية المركزة.
كل الظباط مشيو بعد ما اطمنوا، ومبقاش غير مهاب ومعتصم.
مهاب بص لمعتصم وقال بصوت هادي:
– معتصم.. لازم ترجع بيتك شوية ترتاح.
معتصم رد بسرعة وبحزم:
– مش هتحرك من هنا غير لما خالد يفوق.
مهاب حاول يقنعه بهدوء:
– إن شاء الله هيفوق يا معتصم..
بس مش هتعرف تساعده ولا تبقى جنبه وإنت مرهق كده..
ارجع بيتك.. طمّن مراتك، وغيّر هدومك اللي كلها دم دي.
معتصم رد وهو باين عليه الألم والتعب:
– أنا كلمت زينة وطمنتها.. وهي عارفة إن مش هرجع دلوقتي.
مهاب قال له بصبر:
– مش كفاية. لازم تشوفها بعينك وتطمنها، وتاخد لو ساعتين راحة وتنام شوية..
وأنا هنا متقلقش .. لو حصل أي حاجة هكلمك فورًا.
معتصم بصله شوية، وبعدين هز راسه بتردد، لكنه قام، ومشي ناحية والد خالد وقال له إنه رايح يغيّر هدومه ويرجع، ومهاب هيكون موجود لو حصل أي حاجة.
بعد شوية، معتـصم مشي..
وكارما قربت من مهاب وقعدت جنبه، قالت له برقة:
– هاي.
مهاب رد بهزّة راس بسيطة من غير ما يبص لها.
كانت واضحة عليه حالة الحزن والتركيز.
كارما اتكلمت بهدوء بتحاول تفتح معاه كلام:
– انت كنت مع خالد وقت اللي حصل له؟
رد وهو بيحاول يخفي حزنه:
– للأسف لا.. ماطلعتش معاه المهمة دي..
كنت لسه مصاب من آخر مأمورية.
كارما رفعت حواجبها وابتسمت بإهتمام مصطنع:
– كنت مصاب برصاصة برضه؟
قال بإيجاز:
– أيوه، بس إصابة بسيطة.
كارما رجعت تبص على ياسمين اللي كانت لسه قاعدة بنفس الوضع،
وبنبرة فيها غل خفي، سألت:
– هي ياسمين هنا من بدري؟
مهاب بص على ياسمين، وبعدين قال بصوت كله وجع:
– ربنا يصبرها.. وجوزها يقوم بالسلامة.
كارما عضت شفايفها من الغيظ، وقالت ببرود مفاجئ:
– انت مصدق إنها زعلانة عشانه؟
كله إللي بتعمله ده تمثيل على فكرة.
مهاب بص لها بصدمة ماكنش متوقعها،
عيونه بدأت تلمح ورا رقتها حاجات مش مريحة،
حس إنها مش طبيعية.. البنت دي فيها حاجة غلط.
قام وهو بيقول بهدوء متحفظ:
– أنا رايح الكافتيريا أجيب حاجة نشربها.. حد عايز حاجة؟
كارما بصت له بضيق، وما ردتش،
قامت ومشيت بعيد، ورجعت تقعد جنب مامتها وخالتها،
وسابته يروح لوحده.. وعيونها من وقت للتاني كانت بتيجي علي ياسمين. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في شقة معتصم.
أول ما دخل الشقة، كان باين عليه الإرهاق والتعب في كل خطوة.
زينة أول ما شافته قربت منه بلهفة، لكن فجأة شهقت بصوت عالي لما شافت الدم اللي مغطّي هدومه.
قربت منه وهي بتترعش:
– معتصم! إيه الدم ده؟! انت كويس؟!
رد بهدوء وحزن في صوته:
– آه يا زينة.. كويس.. بس من فضلك هاتيلي لبس نضيف على الحمام.
زينة عنيها كانت بتجري عليه من فوق لتحت بقلق، بس سكتت وهزت راسها بتفهم، ودخلت بسرعة تجهزله لبس.
بعد شوية، خرج من الحمام وهو لابس بيجامة بسيطة، وقعد على السرير، وبص في موبايله شوية واتصل على مهاب.
كان صوته حزين وهو بيكلم مهاب، وزينة وقفت تتابع تعبير وشه وتفهمت اللي وراه.
بعد ما قفل، قربت منه وسألته بقلق وهي بتقعد جنبه:
– خالد ماله يا معتصم؟ إيه اللي حصل؟
معتصم قال بصوت باين فيه الحزن والتعب:
– خالد اتصاب في المهمة.. الإصابة كانت خطيرة.
زينة شهقت بصوت مكتوم ، وحطت إيدها على بُقها:
– وحالته ايه دلوقتي ؟ وياسمين عرفت؟
رد وهو بيبص للأرض:
– الدكتور قال إنه كويس.. بس لسه في غيبوبة.
وياسمين حالتها صعبة جدًا.. ربنا يصبرها ويقويها على اللي هي فيه.
زينة قالت بنبرة فيها عتاب:
– وليه ما قولتليش يا معتصم ؟ كنت جيت المستشفى أكون جنبها.. ياسمين ملهاش حد هنا.
معتصم رد وهو بيحاول يهدّيها:
– تيجي فين بس يا زينة؟ المستشفى كانت زحمة جدًا، وإنتِ حامل ومكنتيش هتستحملي اليوم ده.
وبعدين ياسمين معاها والد خالد ووالدته ومهاب معاهم.. وأنا بس رجعت أغير هدومي وارتاح ساعتين وهرجعلهم.
قرب منها ولمس خدها بحنية وسألها باهتمام:
– طمنيني.. ماكلتيش حاجة من الأكل اللي جابوه من البلد، صح؟
زينة استغربت وسألته بدهشة:
– لا، لما قولتلي مقربش من الأكل ولا أي حاجة لحد ما ترجع.. سمعت كلامك.
بس ليه؟ إيه في الأكل يا معتصم؟
قال بصوت هادي وتعبان:
– هقولك بعدين يا زينة.. المهم دلوقتي، أي حاجة جت من هناك، ارميها.
واي حاجة تحتاجيها هنجيبها من هنا. 
زينة فضلت باصة له بدهشة، بس قررت متسألش عن حاجة دلوقتي ، لأن التعب كان باين عليه جدًا.
سكتت وهي بتحس إنه محتاج يرتاح، وقامت تطفي النور، وسابته ينام شوية.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور يومين.
جوه المستشفى. 
كانت ياسمين قاعدة ساكنه، صوتها منخفض وهي بتقرأ من المصحف،
دموعها كانت نشفت من كتر البُكا،
وبقت بتحاول تلاقي في قراءة القرآن وذكر الله سكينة لقلبها اللي بيخبط من القلق.
سالم كان باين عليه الإرهاق،
بس عينه كانت متعلقة بالسماء، وقلبه مليان يقين برحمة ربنا.
وبهيرة كانت شارده في ركن تاني،
مش بس خايفة على خالد... لكن وجعها أعمق.
بتفكر في أبوها اللي كل مرة تحتاج له فيها... يختفي.
وسؤالها المتكرر لعبير عن مكانه دايمًا بيترد عليه بنفس الجملة:
"هو كده دايمًا يسافر من غير ما يقول، وبيرجع لوحده."
عبير كانت قاعدة مع كارما، بيحاولوا يلهوا نفسهم بالكلام مع بعض.
معتصم ومهاب، كانوا دايمًا موجودين.
رغم شغلهم اللي كان بيشدهم كل شوية،
لكن قلبهم كان متعلق هنا... مع خالد.
وفجأة، الدكتور خرج من العناية المركزة،
وابتسامة خفيفة على وشه.
قال بصوت هادي، فيه أمل:
"الحمد لله... المريض فاق، وابتدى يستجيب.
دلوقتي نقدر نقول إن مرحلة الخطر عدّت.
حمد لله على سلامته."
الكلمات دي كانت زي النور اللي دخل القلوب فجأة.
ياسمين دموعها نزلت وهي بتضم المصحف على صدرها، وهمست بفرحة:
– شكرا يا رب... الحمد لله.
وسالم رفع إيده للسماء وقال بإيمان:
– الحمد لله يا رب.
وبهيرة قامت بسرعة وسألته بلهفة:
– ممكن نشوفه؟
الدكتور رد بابتسامة:
– آه، بس مش دلوقتي.
لسه دكتور القلب ودكتور المخ والأعصاب لازم يراجعوا الحالة بالكامل
ويتأكدوا إن مفيش أي مضاعفات حصلت بعد توقف القلب أثناء الجراحة.
ياسمين قربت، صوتها مليان رجاء:
– بس هنشوفه النهاردة... صح؟
الدكتور ابتسم:
– إن شاء الله.
اتحرك بهدوء، وبعد شوية دخل مجموعة من الأطباء على خالد.
وكل اللي برا قاعدين مستنين اللحظة اللي يسمحوا ليهم فيها يدخلوا.
الدقايق كانت تقيلة،
الوقت بيعدّي بالثواني،
وكل واحد فيهم قلبه مربوط بجوه.
وبعد شوية، الأطباء خرجوا،
وقرب منهم دكتور الجراحة، ومعاه دكتور المخ والأعصاب.
سالم قرب منهم وسأل بلهفة:
– خير يا دكتور؟ طمنونا عليه؟
دكتور الجراحة ابتسم وقال:
– الحالة مستقرة، والتنفس والنبض وكل المؤشرات كويسة جدًا الحمد لله.
سكت لحظة وبص للدكتور اللي جنبه وقال:
– لكن فيه حاجة بسيطة هنوضحها لحضراتكم.
دكتور المخ والأعصاب اتكلم بنبرة هادية لكنها جدية:
– وقت الجراحة... القلب وقف لبضع ثواني.
والدم اتأخر يوصل للمخ للحظات بسيطة.
الوضع اتحسّن بسرعة الحمد لله، بس حصل تأثير بسيط على الذاكرة.
كل العيون اتعلقت بكلامه، وساد الصمت.
كمل الدكتور بهدوء:
– المريض فاكر كل حاجة لحد من سنة فاتت.
آخر سنة من حياته، مش واضحة في ذهنه.
يعني الأحداث اللي حصلت من سنة لحد يوم الحادث... مش موجودة في ذاكرته دلوقتي.
كلهم بصوا لبعض بصدمة،
وياسمين حسّت إن الأرض بتتهز تحتها...
قلبها خفق بعنف، ووشها شحب فجأة.
بصّت للدكتور بصوت مخنوق بالكاد طالع، وسألته:
– إحنا اتقابلنا في السنة دي... واتجوزنا...
يعني ممكن... يكون ناسيّني أنا كمان؟
الدكتور هز راسه بهدوء وقال بنبرة واضحة:
– هو فعلاً مش فاكر إنه متجوز... لحد دلوقتي على الأقل.
السكوت خيّم، وكل اللي واقفين اتبدل في وشوشهم الصدمة والأسى.
وفجأة، خرج صوت ضحكة صغيرة...
من كارما، وهي بتبص لياسمين من فوق لتحت بنبرة مكر:
– الحاجات اللي نسيها مش مهمة اوي.
معتصم ومهاب بصوا ل كارما بضيق. 
وسالم حاول يكسر التوتر وسأل الدكتور بسرعة:
– بس أكيد هيفتكر مع الوقت... صح يا دكتور ؟
الدكتور تنهد وقال:
– اه طبعًا، وارد جدًا.
بس مقدرش أحدد وقت معين.
الأفضل نسيبه يتذكّر على راحته... من غير ضغط أو تلميحات مباشرة.
الذكريات ممكن ترجع فجأة... أو على مراحل.
بهيرة قطعت الكلام وقالت بإصرار:
– مش مهم السنة اللي راحت.
المهم إن إبني عايش وبخير ... وفاكرني أنا وباباه.
كارما علّقت بنبرة مصطنعة فيها نغمة واضحة:
– وأكيد فاكرني أنا كمان يا طنط...
خالد مستحيل ينساني.
معتصم ومهاب تبادلوا نظرة ضيق،
وتنهد مهاب وهو بيبص بعيد،
بينما معتـصم عض على شفايفه علشان ما يردش.
عبير اتكلمت:
– طب يا دكتور... نقدر نشوفه دلوقتي؟
رد الدكتور:
– آه، بس على دفعات.
كل اتنين يدخلوا مع بعض، ويفضل نبدأ بالأب والأم.
بلاش ضغط عليه بالكلام أو الأسئلة الكتير.
خلوه يرتاح.
بهيرة اتحركت بسرعة، عينيها مليانة لهفة:
"أنا هدخل أول واحدة."
سالم اتحرك معاها، ودخلوا. 
أما ياسمين...
رجعت بخطوات بطيئة لورا،
رجليها بتسحبها كأنها مش قادرة تشيل قلبها.
كل خطوة كانت تقيلة...
تقيلة بالحزن، بالوجع، بالحيرة.
مش مصدّقة إن في لحظة...
بقت غريبة في قلب حبيبها.
اللي كان بيحضن خوفها من غير ما تتكلم.
دلوقتي مش فاكرها،
ميعرفهاش.
ناسِي كل حاجة بينهم...
كل لحظة، كل كلمة، كل وعد.. بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
كل اتنين يدخلوا مع بعض، ويفضل نبدأ بالأب والأم.
بلاش ضغط عليه بالكلام أو الأسئلة الكتير.
خلوه يرتاح.
بهيرة اتحركت بسرعة، عينيها مليانة لهفة:
"أنا هدخل أول واحدة."
سالم اتحرك معاها، ودخلوا. 
أما ياسمين...
رجعت بخطوات بطيئة لورا،
رجليها بتسحبها كأنها مش قادرة تشيل قلبها.
كل خطوة كانت تقيلة...
تقيلة بالحزن، بالوجع، بالحيرة.
مش مصدّقة إن في لحظة...
بقت غريبة في قلب حبيبها.
اللي كان بيحضن خوفها من غير ما تتكلم.
دلوقتي مش فاكرها،
ميعرفهاش.
ناسِي كل حاجة بينهم...
كل لحظة، كل كلمة، كل وعد.
وقفت ياسمين بعيد.
عيونها مثبتة على باب أوضة خالد،
نفس الباب اللي ورا منه حبيب قلبها، وبيتنفس على الأجهزة.
بعد دقيقتين شافت بهيرة خارجة من الأوضة، ووشها منور من الفرحة،
بتتكلم بحماس مع عبير:
– الحمد لله يا عبير.. خالد فاق وعرفني وعرف باباه.
سالم اول لما خرج من عند خالد لمح ياسمين واقفة بعيد، قرب منها بابتسامة هادية وقال:
– يلا يا ياسمين.. ادخلي اطمني على جوزك.
ياسمين كانت واقفة مكانها مش قادرة تتحرك،
الخوف ماسكها من إيدها ورجليها،
خايفه عيون حبيبها متعرفهاش. 
يفتح عيونه ويبص لها ويسألها:
"انتي مين؟"
كارما قاطعت اللحظة بصوت عالي، كأنها بتتعمد تلفت الانتباه ليها:
– يلا يا ماما ندخل نطمن على خالد.
ودخلت مع عبير.
وكأنها عايزة تثبت إنها الأقرب...
وإن خالد فاكرها قبل أي حد.
ياسمين عيونها كانت مليانة دموع،
بصت لسالم وقالت بقهرة:
– خايفة ادخل... وميفتكرنيش.
سالم حاول يطمنها:
– لو مفتكرش دلوقتي... بكره هيفتكر،
خالد بيحبك يا بنتي، ومستحيل ينساكي.
معتصم ومهاب كانوا واقفين ساكتين،
نظرتهم ليها كلها وجع وتعاطف.
وبهيرة كانت باصّة من بعيد،
فرحانة بابنها وسلامته،
مش مهتمة باللي بيحصل لياسمين...
ولا عايزة فرحتها تتعكر.
دقايق وخرجت كارما بصوت أعلى من الطبيعي،
بتتكلم بصوت مفتعل وهي قاصده تقهر قلب ياسمين:
– خالد فاكرني يا طنط... أنا كنت متأكدة إنه مستحيل ينساني.
مهاب زفر بغضب، وراح لياسمين وقال:
– يلا يا ياسمين ادخلي اطمني عليه... هو أكيد مستني يشوفك.
معتصم قرب منها وقال بنفس الإصرار:
– ادخلي واحنا هندخل وراكي.
قالت وهي بتبكي بحرقة:
– خايفة ادخل... مش هستحمل ميعرفنيش.
سالم مسك إيدها وقال بحنان:
– تعالي... أنا هدخل معاكي.
دخل معاها...
أول ما فتح الباب،
عيونها وقعت علي خالد.
كان نايم على السرير،
صدره ملفوف بالشاش،
الأجهزة متوصلة بجسمه...
عيونه مفتوحة بس مجهدة،
وشه شاحب كأنه مرّ بعمر من العذاب.
بكت،
بكت بصوتها، بنَفَسها، بروحها.
وجعها طالع من قلبها بدون إذن.
خالد حس بوجودهم،
بص على سالم وقال بصوت ضعيف:
– انت جيت تاني يا بابا؟
رد سالم وهو بيشدها جنبه:
– في حد معايا جاي يطمن عليك.
مسكها من إيديها وقرب بيها.
عيون خالد اتحركت ببطء عليها،
وبص لها،
وسأل بصوت ضعيف:
– انتي مين؟
شهقت،
شهقت وكأن السؤال دا طعنة في قلبها،
مستحملتش،
خرجت تجري من الأوضة وهي بتبكي...
مش شايفة قدامها من الدموع.
سالم بص لابنه وسأله بحزن:
– انت مش فاكر دي مين يا خالد؟
رد خالد بصوت أضعف من الأول:
– هو أنا شوفتها قبل كده يا بابا؟
سالم سكت...
وساب خالد وهو بيغمض عينه تاني من التعب.
خرج سالم يدور على ياسمين،
ملقهاش.
سأل عليها،
وبهيرة قالتله:
– طلعت تجري وهي بتعيط، شكلها راحت الحمام.
معتصم ومهاب قربوا منه،
سأله مهاب:
– افتكرها؟
رد سالم بصوت مخنوق:
– للأسف... لا.
مهاب بص لمعتصم وقال:
– خلينا ندخل نطمن عليه احنا كمان.
دخلوا،
وسالم فضل واقف يفكر في ياسمين...
وصورتها وهي بتجري من جوه بتقطع قلبه،
حاسس إنها اتكسرت قدام اللي بتحبه،
وقلبه مش فاكرها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في الفيلا اللي مستخبي فيها اللواء وحيد، كانت الدنيا هادية بشكل مريب، بس جواه العاصفة ما بتهداش.
كان قاعد لوحده بيفكر، لحد ما الشخص اللي طلق الرصاصة على خالد قرب منه بنظرة باردة.
قرب منه بهدوء وقال بصوت فيه خبث:
– عندي خبرين.. واحد حلو، وواحد وحش.
هبدأ بالوحش الأول.
اللواء وحيد رفع عينه له بانتباه، قلبه دق بخوف غصب عنه.
اتكلم التاني بنبرة ما فيهاش أي تعاطف:
– حفيدك... فاق من الغيبوبة.
وحيد ابتسم ابتسامة باهتة، مش عارف يفرح ولا يخاف.
الرجل التاني كمل وهو بيقلب الموقف بلحظة:
– الخبر الحلو؟
ان حفيدك حصله فقدان مؤقت في الذاكرة.. آخر سنة من حياته، بيوم الحادثة، اتحذفوا من دماغه.. مش فاكر أي حاجة.
اللواء وحيد عينه اتسعت بدهشة، ما صدقش اللي سمعه في البداية.
لسانه انعقد، بس اللي قدامه ضحك وقال بنبرة ساخرة:
– وكأن القدر بيديك فرصة تصلح كل الأخطاء اللي عملتها عشان تنقذ حياتك.
وحيد بلع ريقه بتوتر، سأل بصوت مبحوح:
– هأنقذ حياتي إزاي؟
رد الرجل التاني بثقة ما تهزش:
– بموت تلاته.
وحيد بصله بدهشة، عينه فيها خوف مش قادر يخبيه.
الرجل التاني كمل بنفس البرود:
– جلال الشرقاوي في بيته، وحفيده يحيى في السجن.. وخالد، حفيدك، في المستشفى.
وحيد انتفض من مكانه، صوته خرج من بين أسنانه:
– انت بتقول إيه؟ عايزني أقتل حفيدي بإيدي؟!
رد الشخص ببرود قاتل:
– مش أنا اللي عايز.. دي أوامر ولازم تتنفذ.
يا إما التلاتة دول يموتوا، ويموت معاهم سرك،
يا إما انت تموت.. وسرّنا يموت معاك.
اختار بسرعة.. مفيش وقت.
اللواء وحيد ساب نفسه للصدمة.
بصله بعين تاه فيها كل التعب والخوف وقال بصوت مكتوم:
– همشي من هنا إمتى؟
رد التاني ببرود أكتر:
– تقدر تمشي دلوقتي حالًا.
بس خليك عارف، مفيش وقت كتير.
يحيى ممكن يتجنن ويقول اسمك في التحقيق،
والشرقاوي مش هيسكت طول ما حفيده محبوس،
وخالد.. ممكن في أي لحظة ترجع له الذاكرة.
اللواء وحيد بلع ريقه ببطء، قام من مكانه وهو مش شايف قدامه، مخنوق من كمية التهديد اللي بتحاصره.
خرج من الفيلا، ومشي بخطوات متوترة.. عقله شغال مليون تفكير في الثانية.
وفي اللحظة اللي خرج فيها،
الشخص التاني قعد على الكرسي بهدوء، طلع موبايله وكلم حد بصوت هادي بس واثق:
– وافق طبعًا يقتلهم.
هو الوحيد اللي يقدر يخلصنا منهم من غير أي شبهة جنائية.
أيوه، فاهم..
أول ما يخلص عليهم...
أنا هخلص عليه بنفسي، ونقفل ملف وحيد الأسيوطي للأبد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عدّى أسبوع كامل، 
وكل يوم فيه كان بيمر ببطء وتقيل على قلب كل واحد فيهم.
جلال الشرقاوي من ساعة ما عرف إن حفيده هيتسجن ومفيش طريقة للخروج، وهو بيحاول يوصل للواء وحيد، بس كل الأبواب اللي كانت بتتفتح له زمان، بقت مقفولة قدامه دلوقتي. مش لاقي له أي أثر.
يحيى اتجدد له الحبس في النيابة ١٥ يوم على ذمة التحقيق،
وراشد مش سايب له باب غير لما بيخبط عليه، بيحاول يخرّجه بأي طريقة، بس كله مقفول.
أما اللواء وحيد، فحبس نفسه جوه بيته كأنه بيدفن روحه بإيده.
مش قادر يتخلّى عن خوفه، ولا يواجه القرار اللي اتحط فيه، قرار مميت لأي قلب فيه ذرة رحمة.
قاعد بين أربع حيطان، بيفكر في الأوامر اللي جتله، ومخه مش قادر يستوعب إنه يتطلب منه يقتل حفيده بإيده.
قال لعبير ما تقولش لبهيرة إنه رجع. 
عايز يفضل بعيد عن الصورة لحد ما ياخد القرار الأخير. 
عبير وكارما قضوا الأسبوع كله بين البيت والمستشفى، بيحاولوا يكونوا سند لبهيرة، حتى لو وجودهم مش بيخفف كتير، بس بيريّحها.
أما بهيرة وسالم، فمكانهم معروف.. في المستشفى.
طول اليوم قاعدين جنب خالد، والدكتور كان بيسمح بوقت زيارة قصير، بس كفاية عليهم إنهم يشوفوه ويفرحوا بأي تحسن بسيط.
كل مرة بيفتح عينه، قلب بهيرة بيطير، وسالم بيشكر ربنا إنه لسه فيه أمل.
أما ياسمين..
ياسمين مكانتش بتتحرك من مكانها.
قاعدة برا أوضته، كل يوم، من غير ما تزهق أو تشتكي.
بتسمع كلام الدكاترة عن حالته اللي بتتحسن يوم بعد يوم، وتشكر الممرضات لما يدوها فرصة تدخل تشوفه وهو نايم.
تقعد جنبه وتبكي في صمت،
تشتكيله،
تحكيله وجعها منه،
تحكيله عن قلبها اللي لسه بيحبه رغم إنه نسيها،
تحكيله عن عينها اللي مش قادرة تستوعب إنه يبصلها ويسألها – انتي مين؟
معتصم ومهاب كانوا بيحاولوا يوازنوا بين الشغل وبين التواجد في المستشفى.
معتصم أوقات كان بياخد زينة معاه، عشان تبقى جمب ياسمين. 
عدّى الأسبوع، وحالة خالد اتحسنت.
الدكتور قرر ينقله غرفة عادية،
وبقى مسموح بالزيارة أكتر.
خالد بقى قادر يقعد على السرير، ويتكلم.
صوته رجع له قوته، ونبضه بقى أهدى.
وياسمين؟
لسه قاعدة برا،
كلها أمل صغير..
يمكن لما يشوفها المرة دي،
يفتكر.
سالم وبهيرة خرجوا من عنده، والفرحة باينة في عينيهم،
– حالته اتحسنت كتير.
سالم قرّب من ياسمين وقالها بهدوء:
– مش هتدخليله وهو صاحي برضه؟
ياسمين ردّت بحزن ونبرة مخنوقة:
– دخولي وهو صاحي مش هيغير حاجة.. هو ناسي كل حاجة عني.. أنا بدخل أطمن عليه وهو نايم.
سالم ابتسم لها بحنية أب وقالها:
– إن شاء الله هيفتكرك يا ياسمين.. أنا متأكد.
بهيرة بصّت لياسمين وقالت بنبرة فيها شوية برود:
– طب طالما وجودك هنا مالوش لازمة دلوقتي، تعالي ارجعي البيت معانا.
ردّت ياسمين وهي عينيها بتلمع بالدموع:
– عايزة أكون قريبة منه.. يمكن يحتاجني.
بهيرة هزت راسها بعدم اهتمام، وسالم بص لها تاني وقال بحنية:
– ربنا يبارك فيكي يا بنتي.
خرجوا من المستشفى، وياسمين فضلت قاعدة لوحدها..
كأن الوحدة مكتوبة عليها تبقى صاحبتها في كل وقت.
بعد شوية جه مهاب، وبعده معتصم وزينة.
قعدوا جنبها، وكانوا بيحاولوا يقنعوها تدخل تشوف خالد وهو صاحي، يمكن يشوفها ويفتكر.
بس ياسمين كانت موجوعة..
فكرة إنه نسيها كانت عاملة زي سكينة في قلبها،
وكانت بتهرب من اللحظة دي، من نظرته وهو مش عارفها.
فجأة دخلت بنت شايلة بوكيه ورد، لابسة فستان قصير، وماشية بنعومة لفتت كل العيون.
وقفت قدام مهاب ومعتصم وقالت بصوت رقيق:
– هااي يا مهاب.. معتصم.. ازيكم؟ وحشتوني!
مهاب ومعتصم اتجمدوا في مكانهم.
وياسمين وزينة بصّوا للبنت بذهول من لبسها وطريقتها.
معتصم بص لمهاب وقال بصدمة:
– نانسي!!!
نانسي ضحكت وقالت:
– إيه اللي حصل لخالد؟ أنا زعلت عليه أوي.
ياسمين كانت لسه مش مستوعبة، ومعتصم اتوتر لما شاف نظرات زينة اللي كانت مولعة.
نانسي بصّت لياسمين وزينة وابتسمت، ورجعت تبص لمهاب ومعتصم وقالت بهزار:
– إيه ده؟ أوعوا تكونوا اتجوزتوا!
مهاب قال بسرعة:
– أنا اتجوزت وطلقت الحمد لله.
نانسي ضحكت وقالت له:
– زيي بالظبط.. أنا كمان اتجوزت واطلقت!
بصّت لمعتصم وسألته:
– وانت يا معتصم؟
زينة اتكلمت بغيرة باينة:
– ما ترد يا معتصم؟ قولها اتجوزت ولا لسه؟
معتصم بص لزينة وبعدين لنانسي وقال:
– اتجوزت.. وزينة مراتي.
نانسي بصّت لزينة وقالت وهي بتضحك:
– مراتك كتكوتة خالص يا معتصم!
أنا نانسي.. صحبتهم من زمان.
ياسمين ردّت بدهشة:
– صحبتهم؟!
معتصم حاول يقطع الحوار بسرعة وقال:
– قوليلي يا نانسي.. عرفتي إزاي اللي حصل لخالد؟
نانسي بصّت لمهاب وقالت وهي بتبتسم له:
– شوفت البوست اللي مهاب نزله إمبارح على الاكونت بتاعه .. وعملتله لاف.
معتصم بص لمهاب بغيظ مكتوم وقال:
– عملتلك لاف؟!
مهاب همس له بتوتر:
– والله ما كنت أعرف إنها لسه عندي على الأكونت!
معتصم بص له بغيظ وقال:
– منك لله. 
نانسي قالت برقة مصطنعة:
– قولولي بقى… خالد في أنهي أوضة؟
ردت ياسمين بغيظ:
– الدكتور مانع الزيارة للأسف. 
نانسي رفعت حواجبها بثقة وقالت وهي بتبص لياسمين:
– الزيارة ممنوعة على الناس التانية.. إنما أنا؟ لأ.. متأكدة إنه هيفرح أوي لما يشوفني، وهيقوم من ع السرير كمان!
وبصت لمهاب ومعتصم بنعومة:
– هي دي أوضته ولا التانية؟
مهاب بص لها وقال وهو بيشاور على أوضة خالد:
– دي.
نانسي ابتسمت له ابتسامة كلها دلال، ودخلت الأوضة من غير ما تستأذن.
مهاب بص لمعتصم وقال بهزار خفيف:
– البت نانسي بقت مزة عن زمان، صح؟
معتصم ردّ وهو بيضحك:
– اتغيّرت خالص.. دي كانت شبه الرجالة الأول!
ضحكوا هما الاتنين، وسكتوا فجأة لما شافوا ياسمين وزينة واقفين قدامهم، عينيهم كلها شر.
مهاب همس بقلق:
– بسم الله الرحمن الرحيم.. رايا وسكينة رجعوا للحياة تاني ولا إيه؟
ياسمين قالت وهي بتكتم غضبها:
– مين دي؟ وجاية تتطمن على خالد بصفتها إيه؟
زينة وقفت جنبها وقالت بغيظ:
– شكلها واخدة عليكم أوي يا معتصم.. تعرفوها منين؟
معتصم ومهاب تبادلوا النظرات، وقال مهاب وهو بيحاول يهرب من السؤال:
– نانسي أصلًا كانت تبع خالد.
ياسمين شهقت:
– تبع مين؟!
معتصم اتدخل بسرعة عشان يصلّح:
– قصده إنها كانت حاطه عينها عليه زمان.. يعني مفيش بينهم حاجة. 
ياسمين قالت بغيرة وغضب:
– وكان امتى بقى الكلام ده؟
مهاب ردّ:
– من أيام الكلية.. كنا لسه طلبة في الشرطة، وأخوها كان صاحبنا. بس وقتها ما كانتش كده خالص.
بصّ لمعتصم وقاله وهو بيهزر:
– فاكر كانت عاملة إزاي؟ لو كانت كده زمان، ما كانتش عدت من إيدينا.
معتصم وسّع عينيه وقال بسرعة وهو بيضغط على أسنانه:
– اسكت الله يخربيتك.. هتودينا في داهية!
ياسمين زعقت فيهم:
– من أيام الكلية؟ يعني الباشا اللي جوه أكيد فاكرها!
مهاب قال بمنتهى الغباء:
– أكيد.. نانسي ما تتنسيش بصراحة.
معتصم بص لمهاب:
– انت بتقول إيه يا بني! الله يخربيتك.
الغيرة ولعت في قلب ياسمين واتحركت بسرعة، واتجهت ناحية أوضة خالد.
فتحت الباب بعنف،
وشافت خالد قاعد على سريره ، ونانسي جنبه بتضحك.
اندفعت جوه وقالت لخالد بغضب:
– دي فاكرها طبعا، صح؟
خالد بص لها باستغراب وقال:
– أنتي مين؟
قربت منه وقالت وهي بتكتم الغليان:
– أنا مين دي هتعرفها بعدين، بس دلوقتي لازم نفوق، 
نحط حد للمهزلة دي.
ماشاء الله عليك فاكر كل الناس وأنا الوحيدة اللي نسيتها؟! 
قولت ماشي،
أصبر لحد ما تفتكر..
بس توصل إنك تفتكر دي… وتضحك معاها كمان؟!
لأ، آسفة… مش هسكت.
بصت لنانسي وقالت بحدة:
– ثانية واحدة يا روحي… قومي من هنا.
نانسي قامت بسرعة وهي بتبص لها بدهشة. 
ياسمين شدت إيد خالد، اللي كان بيبصلها باستغراب.
طلعت الدبلة بتاعه من جيبها،
ومسكت إيده ولبسته الدبلة.
وبصت ل نانسي وقالت:
– أظن كده فهمتي انا مين؟
خالد بص للدبلة وقال بدهشة:
– إيه اللي أنتي بتعمليه ده يا آنسة؟
ردّت عليه وهي بتصرخ في وشه:
– كمان آنسة؟!
وضربته في صدره:
– ماشي يا خالد.. بس لما ترجع تفتكر، شوف أنا هعمل فيك إيه.
بعدت عنه، وقبل ما تخرج قالت:
– وخلي بالك.. الدبلة اللي في إيدك دي لو اتشالت،
أنا هشيل الأجهزة اللي هنا دي كلها وأنزلها على دماغك، عشان تنسى كل حاجة خالص ونرتاح كلنا.
خرجت من الأوضة منهارة،
وخالد لسه بيبصلها بصدمة وباصص على الدبلة في إيده.
زينة بصّت لمعتصم ومهاب وقالت بحدة:
– بصراحة، معاها حق.
ونانسي دي.. يلا طلعوها بره قبل ما نعملكم جريمة هنا!
وخرجت ورا ياسمين.
مهاب بص لمعتصم وقال بقلق:
– إيه يا بني ده.. هو أنتوا متجوزين رايا وسكينة بجد؟ دا أنا مرعوب!
معتصم ردّ بخضة:
– والله حتى أنا خوفت من زينة.. الستات لما بيقلبوا بيخوفوا بجد.
مهاب بص على خالد وقال:
– المهم.. لازم نقنعه ما يخلعش الدبلة دي من ايده،
عشان ياسمين ما تنفذش تهديدها وتضربه بحاجة تنسيه اسمه!
......
برا قدام غرفة خالد،
كانت ياسمين قاعدة بتحارب نزول دموعها،
وزينة جنبها، مسكة إيدها وبتطبطب عليها.
زينة قالت بهدوء وهي بتحاول تهديها:
– اللي عملتيه ده هو الصح يا ياسمين... حتى لو هو ناسي، لازم يعرف إنه متجوز.
مفيش واحدة تستحمل اللي انتي فيه ده.
ردت ياسمين بغيظ وقهر، وهي بتجفف دموعها بعصبية:
– بس لما يفتكر...
نفسي يفتكر ويشوف أنا هعمل فيه إيه.
بقى ينساني؟!
أنا مراته!
ويفتكر دي؟!
وقبل ما زينة ترد،
قربت منهم منة، وشايلة ورد جميل، وفي إيدها التانية ماسكة آدم ابن أختها الصغير،
وشه منور، وبيضحك ضحكة بريئة.
منة قالت برقة:
– ياسمين... حمد الله على سلامة أستاذ خالد.
ياسمين قامت من مكانها بسرعة،
ومسحت وشها، وحاولت ترسم ابتسامة:
– الله يسلمك يا منة... ليه التعب ده بس؟
منة ابتسمت وقالت بود:
ولا تعب ولا حاجة،
أنا كان نفسي أجي من أول يوم، بس الحاج سالم قال إن الدكتور مانع الزيارة،
وأول ما قالي إن الزيارة بقت مسموحة، قلت لازم أجيلك.
ياسمين بصت لزينة وقالت بابتسامة خفيفة وهي بتعرفها على منة:
– زينة صاحبتي...
 ومنة مديرة الحسابات في المصنع يا زينة.
زينة مدت إيدها بلطف وسلموا على بعض:
–أهلاً وسهلاً.
منة ابتسمت وهي بتقدم الورد لياسمين:
– اتفضلي يا ياسمين. 
ياسمين خدت الورد،
وزينة بصت على آدم اللي كان بيشاور على لعبة في إيده،
وسألت منة بابتسامة:
– ده ابنك؟
منة هزت راسها وقالت بابتسامة فيها وجع دافي:
– لأ... ده ابن أختي الله يرحمها.
زينة عينيها لمعت بحزن،
وقربت منه وقالت بحنية:
– طب ممكن أشيله؟
منة ابتسمت:
– اه طبعًا.
زينة شالته في حضنها، وبدأت تلاعبه وهي بتضحك:
– تعرفي أنا بحب الأطفال أوي.
ياسمين ضحكت وقالتلها:
– كلها كام شهر وهتحبي فيهم زي ما انتي عايزة.
منة فتحت عينيها بدهشة خفيفة وقالت:
– انتي حامل؟
زينة ردت بخجل بسيط:
– أه... بس لسه في الأول.
منة قالت وهي بتضحك بهزار خفيف:
– طب اجهزي من دلوقتي،
تربية الأطفال مش سهلة خالص... دي عايزة جيش مش أم.
ضحكوا التلاتة،
والجو اتغير شوية،
رجع فيه نفس.
آدم قاعد يضحك على صوت اللعبة بتاعه،
وياسمين كانت بتحاول تضحك،
بس الضحكة كانت بتيجي وتوقف،
كأن جواها لسه في حاجة وجعاها...
بس بتحاول تلهي نفسها،
ولو لحظة.
باب أوضة خالد اتفتح بهدوء...
وخرج منها معتصم، وراه مهاب، وبينهم نانسي.
ياسمين وزينة ومنة كلهم لفّوا نظرهم ناحية الباب في لحظة واحدة.
لكن منة... اتفاجئت.
عينها اتسعت أول لما شافت مهاب،
والصدمة الأكبر... لما شافت بنت خارجة معاه.
مهاب اتجمد في مكانه، كأن رجله اتربطت في الأرض.
مش مستوعب منة جت هنا إزاي؟
وعرفِت ياسمين إزاي؟
وايه اللي جمعهم في نفس اللحظة؟!
معتصم لمح توتره، وقرب منه وهمس وهو بيحاول يسيطر على الوضع:
– هتروح توصل نانسي وتتأكد إنها خرجت من المستشفى... مش ناقصين مشاكل تاني.
مهاب رد من غير ما يبص له، عينه لسه على منة:
– لا... وصلها انت. أنا مش هينفع.
معتصم بص له بغيظ، وقال بتوتر مكتوم:
– أوصلها أنا إزاي يا بني آدم؟! وأسيب زينة هنا؟
مهاب رد ببرود وهو لسه مش فاهم مشاعره:
– وأنا أعمل إيه يعني!
نانسي قطعت الحوار وهى بتتكلم بدلعها المعتاد، متجاهلة كل اللي بيحصل حواليها:
– أنا ماشية يا شباب... وابقوا طمنوني على خالد لما يخرج.
ومشت بخطوات بطيئة، فيها دلال مقصود.
عدّت قدام ياسمين اللي كانت هتنفجر من الغيظ.
مهاب قرّب ناحية منة،
وشاف آدم في حضن زينة،
وقال بصوت متلخبط وهو بيحاول يفهم:
– إزيك يا آنسة منة؟ بتعملي إيه هنا؟ آدم كويس؟
منة ردت بخجل، صوتها ضعيف شوية:
– الحمد لله... كويس.
معتصم قرب، وياسمين بصت لمهاب وقالت باستغراب:
– إيه ده؟ انتوا تعرفوا بعض؟
منة ردت بخجل وهي بتبص في الأرض:
– آه... أستاذ مهاب جاري.
مهاب استغرب أكتر وسأل:
– انتي تعرفي ياسمين وزينة؟
ردت ياسمين بسرعة:
– منة مديرة الحسابات في المصنع، وأنا وهي بنشتغل سوا.
مهاب هز راسه بذهول وقال:
– معقول؟ الدنيا صغيرة اوي كده؟!
معتصم ضحك وقاله:
"جارتك؟!"
مهاب رد بغيظ، وهو فاهم قصد معتصم:
– آه...آنسة منة جارتي. اللي حكيت لك عنها...
اللي كان عندها مشكلة مع جوز أختها.
معتصم قال وهو بيهز راسه:
– آه فاكر... فاكر.
وبص لِـ منة بلطف وقال:
– ولسه جوز أختك بيضايقك يا آنسة منة؟
ردت منة بخجل وهدوء:
– لأ... الحمد لله، بعد عني خالص. 
معتصم قال وهو بيضحك:
– أصل مهاب شد عليه جامد وقتها
، شكلك غالية عنده!
منة ابتسمت بخجل واضح،
وياسمين لمحِت اللمعة دي في عينيها،
حسّت إن في حاجة... يمكن لسه مش واضحة حتى ليهم.
مهاب بص لمعتصم بغيظ وهمس:
– هو إيه اللي انت بتقوله ده؟!
معتصم رد بنفس الهمس، وعينه فيها شقاوة:
– فرصتي آخد حقي منك انا والغلبان اللي جوه ده.
قطعتهم ياسمين وهي بتسأل بقلق:
– هو خالد صاحي؟ ولا نام؟
معتصم رد:
– صاحي... هندخل نسلم عليه قبل ما نمشي.
منة وقفت وقالت:
– أنا كمان اتأخرت ولازم امشي. 
مهاب قال بهدوء:
– طب تعالي سلمي عليه معانا...
ونخرج كلنا سوا.
منة بصت له بخجل خفيف،
وياسمين لمحت الارتباك في عيونها،
حاجة في قلبها قالتلها إن في رابط بيتخلق بين الاتنين،
حتى لو هما لسه مش شايفينه.
اتكلمت ياسمين بود:
– آه يا منة... مش معقول تيجي لحد هنا وتمشي من غير ما تسلمي عليه.
معتصم ابتسم وقال:
– يلا كلنا ندخل نسلم عليه.
دخلوا كلهم...
وياسمين دخلت في الآخر، خطواتها بطيئة، مترددة،
عينها على خالد من اللحظة الأولى.
كان نايم على السرير، ووشه شاحب.
بس عيونه مفتوحة، بتدور فيهم.
سلموا عليه واحد ورا التاني،
هو بيرد بابتسامة ضعيفة... لكن عيونه كانت بتدور على ياسمين.
كانت واقفة ورا،
قلبها بيخبط في صدرها،
مش عايزة تبص له... خايفة من نظرة نسيان تاني.
وهي بتلف تمشي،
صوته طلع ضعيف... لكنه مسموع قوي:
"ياسمين..."
كلهم وقفوا.
وهي... اتجمدت في مكانها... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
كان نايم على السرير، ووشه شاحب.
بس عيونه مفتوحة، بتدور فيهم.
سلموا عليه واحد ورا التاني،
هو بيرد بابتسامة ضعيفة... لكن عيونه كانت بتدور على ياسمين.
كانت واقفة ورا،
قلبها بيخبط في صدرها،
مش عايزة تبص له... خايفة من نظرة نسيان تاني.
وهي بتلف تمشي،
صوته طلع ضعيف... لكنه مسموع قوي:
"ياسمين..."
كلهم وقفوا.
وهي... اتجمدت في مكانها.
صوته خرج مرة تانية، أضعف من المرة اللي قبلها:
"خليكي من فضلك... عايز أتكلم معاكي."
رغم إن قلبها خفق بقوة أول لما سمعت اسمها بصوته اللي وحشها،
بس الرسمية اللي في نبرته وجعت قلبها أكتر من أي حاجة.
معتصم ومهاب وزينة ومنة خرجوا وسابوهم لوحدهم،
وهي فضلت واقفة مكانها،
عينها عليه...
وقلبها بيرجف.
خايفة يدخل الأمل لقلبها... وياخده منها تاني.
هو لاحظ خوفها وترددها، بص لها وقال بنبرة هادية:
– ممكن تقعدي نتكلم؟
قربت بخطوات بطيئة، وقعدت على الكرسي اللي جنب سريره.
عينه كانت بتراقبها في صمت، وقال:
– معتصم ومهاب قالولي إن أنا وانتي كنا متجوزين... قبل الإصابة.
رفعت عنيها وبصت له بصدمة، صوتها طلع بهمس:
– كنا؟!
أَدْرَك كلامه بسرعة:
– قصدي... إننا متجوزين. هما قالولي كده لما حطيتي الدبلة في إيدي، قالولي إنك مراتي، وإن الغيبوبة خلتني أنسى.
هزت راسها،
كانت بتسمعه،
والدموع بتتجمع في عنيها،
وقلبها بيتكسر واحدة واحدة.
هو كمل وهو حاسس بالارتباك والضياع:
– الغريب إني مش قادر أفتكر أي حاجة بينا... حاسس كأني بشوفك لأول مرة. مفيش ذكرى واحدة... ولا مشهد... ولا إحساس جوايا ناحيتك! 
دموعها نزلت،
وجففتها بسرعة بإيديها،
بس وجع الكلام كان أسرع من دموعها.
بص على الدبلة اللي في إيده، وقال بصوت ضعيف:
– للأسف مش قادر أفتكر أي حاجة...
وبص لها تاني وسألها:
– يعني... أنا حبيتك إمتى؟ وإزاي؟ واتقابلنا فين؟ وإزاي اتجوزنا؟ وفرحنا كان عامل إزاي؟ أسئلة كتير... مش لاقي ليها أي إجابة. يمكن لو تحكيلي، أفتكر.
بصت له، ودموعها زادت وهي بترد بصوت مكسور:
– للأسف... مش هينفع أحكيلك.
هو بص لها باندهاش:
– يعني إيه؟
ردت وهي بتقاوم شهقة في صدرها:
– يعني... التفاصيل اللي بتسأل عنها دي... دي مش مجرد أحداث، دي ذكريات بيني وبين الراجل اللي حبيته واتجوزته... مقدرش أحكيهالك وإنت بتسمعني كإنك غريب.
قال بحيرة:
– بس أنا المفروض الراجل ده!
هزت راسها بـ"لا"، وقالت وهي بتنهار:
– لأ... مش أنت.
خالد اللي أنا حبيته واتجوزته... كان واحد تاني.
كان بيقرا قلبي من غير ما أتكلم...
كان بيمسك إيدي قبل ما أقع،
ماكنش بيستحمل يشوف دموعي اللي انت شايفها دلوقتي ، 
اللي قدامي ده... مش هو.
وأنا مش عايزة أبدّل اللي كان بيني وبينه بكلام باهت مع حد مش فاكرني.
هفضل محتفظة بيه جوا قلبي... زي ما هو،
لحد ما يرجع هو لوحده، من غير ما حد يفكره بيا.
مقدرتش تستحمل آكتر من كده. 
قامت بسرعة...
خرجت من الأوضة وهي بتنهار في بكاها.
وأول ما قفلت الباب وراها،
سندت على الحيطة، حطت إيديها على قلبها...
وصرخة وجعها خرجت في بكاها المكبوت.
جوا الأوضة.
خالد كان لسه عينه على الباب،
وصدره بيعلى وينزل،
وفي قلبه وجع غريب مش فاهم له تفسير...
بس موجع عليها بجد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد يومين
في بيت اللوا وحيد.
كان قاعد في مكتبه وباب المكتب مفتوح.
بيتكلم في التليفون ومطمن ان البيت فاضي وكارما وعبير راحوا عند بهيرة. 
– أنا متأخرتش في التنفيذ ولا حاجة.. بس اللي مطلوب مني مش سهل.. ومحتاج وقت وترتيب.
– إنتوا عايزيني أقتل واحد جوه بيته، وواحد جوه السجن، وواحد جوه المستشفى!!
– وكل ده بدون شبهة جنائية.. يبقى على الأقل آخد وقتي عشان أرتّب أموري صح.
كارما وقفت ورا الباب على صوت جدها وسمعت كلامه في التليفون.
كانت راجعة من المستشفى عشان تغير لبسها بعد ما عرفت ان خالد خارج النهاردة وراجع بيته. 
اتصدمت وهي بتكتم صوتها وأنفاسها بإيديها..
اللي سمعته ده كأنها سمعته قبل كده من سنين..
بس جدها وقتها كان بيتفق على قتل باباها..
كان عمرها 12 سنة وسمعته بيتكلم في التليفون وبيوعد إنه هيتخلص من جوز بنته.
كارما كانت لسه صغيرة، وكانت فاكرة إن جدها بيهزر..
بس بعد يومين باباها اتقتل فعلاً..
وقتها كارما خافت وقفلت على نفسها أيام كتير..
كانت مرعوبة من جدها وخايفة تتكلم عشان ما يقتلهاش هي كمان.
كانت بتقنع نفسها إنها سمعت الكلام غلط، وإن ده مش حقيقي،
وإن جدها راجل شرطة شريف مستحيل يعمل كده.
طول السنين دي وهي بتكدّب نفسها وسمعها.
بس دلوقتي لا..
هي سامعة صح..
جدها بيتفق على موت 3 أشخاص تاني.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
خالد خرج من المستشفى ورجع بيته.
مهاب ساعده يطلع أوضته عشان يرتاح على سريره.
عبير وبهيرة دخلوا وقعدوا في الريسبشن مع بعض يتكلموا.
ياسمين كانت واقفة وحاسة إنها بقت غريبة في البيت، مش بس غريبة في قلب حبيبها.
سالم قرب منها واتكلم بابتسامة:
– واقفة ليه يا ياسمين؟ اطلعي ارتاحي، إنتي تعبتي في المستشفى طول الأيام اللي فاتت.
اتكلمت ياسمين بحزن:
– هو ليه حضرتك ما سبتنيش أروح أعيش في شقة خالد لحد ما يفتكر؟ أنا مش هينفع أعيش معاه في نفس البيت وهو ناسيني.
رد سالم بحزم وهدوء:
– إزاي يعني تروحي تعيشي في شقة لوحدك وجوزك هنا!؟
مش كفاية طلبتي تسيبي أوضته وننقل حاجتك لأوضة تانية؟
مش معنى إنه ناسي بسبب اللي حصله.. إنك تنسي إنك مراته!
ردت ياسمين والوجع باين في نبرتها:
– ماكنش ينفع أكون معاه في نفس الأوضة وهو مش فاكر إنه متجوزني أصلاً..
هنكون مع بعض زي الاغراب، وهو مش هيكون مرتاح، وأنا كمان مش هكون مرتاحة.
سالم قال بحسم وحنان:
– وأنا عملتلك اللي يريحك، وقلت للخدم ينقلوا حاجتك للأوضة اللي جنبه.
لكن أكتر من كده؟ لا.. لازم تكوني جنب جوزك لحد ما يفتكر ويرجعلك تاني.
ياسمين هزت راسها بالإيجاب وقالت بهدوء:
– حضرتك عندك حق.. عن إذنك هطلع فوق.
سالم ابتسم لها ومشي ناحية الريسبشن، وكانت عبير بتتكلم مع بهيرة بتوتر:
– بابا راجع النهاردة.. هو كلمني وقال لي "طمني بهيرة".
كان مسافر، عنده شغل بيخلصه، وتليفونه والباسبور بتاعه اتسرقوا، وأخد كل الوقت ده عشان يعمل باسبور تاني ويرجع.
بهيرة صدقتها وقالت بحزن:
– كنت محتاجاه جنبي أوي الفترة اللي فاتت..
بس الحمد لله، المهم خالد قام بالسلامة ورجع بيته.
سالم كان سامع وبيتابع بصمت.
بص لعبير بنظرة فيها شك، وسألها بغموض:
– وفين كارما؟ كانت في المستشفى وفجأة اختفت؟
ردت عبير بسرعة:
– رجعت البيت تغير لبسها.. قالتلي هتيجي على هنا.
سالم هز راسه وسابهم ودخل أوضة مكتبه.
وعبير وبهيرة كملوا كلامهم مع بعض.
......... 
في المساء.
ياسمين صحيت من النوم.
فتحت عنيها ببطء، وبصّت للسقف شوية قبل ما تقوم تقعد على السرير.
الأوضة جديدة عليها.. حتى ريحتها مش مألوفة، خالد في الاوضة اللي جنبها، بس بينهم دلوقتي حواجز مش بس حيطان.
سكتت لحظة، وبعدين اتنهّدت تنهيدة طويلة فيها وجع مخنوق وهي بتفكر في أحمد.
وحشها.
وحشها أوي.
من ساعة ما خالد دخل المستشفى، وهي نسيت نفسها ونسيت الدنيا كلها، حتى أخوها اللي كان كل حاجة ليها، اختفى من تفكيرها وسط دوّامة التعب والخوف والقلق.
مدت إيدها بهدوء للتليفون واتصلت بعمّها.. كانت محتاجة تطمن على أحمد، وتطلب تشوفه..
خرجت للبلكونة وهي بتتكلم، والهوا الرقيق بيعدّي على وشها كأنه بيواسيها.
شعرها اتحرك بخفة ووشها كان باين عليه الحزن والتعب.
عمّها رد بصوته الهادي:
– ألو، إزيك يا ياسمين.. ألف سلامة على جوزك.. معلش، معرفتش أجي أزوره في المستشفى، الدنيا عندنا ملخبطة.
كانت عارفة الأزمة اللي هما فيها .. معتصم ومهاب حكو لها، عرفت منهم إن خالد اتصاب وهما بيقبضوا على يحيى ابن عمها.
كلام عمها زاد الوجع جوّاها، اتكلمت بصوت هادي بس مليان اعتذار:
– اعذرني يا عمي.. مقدرتش أكون جنبكم في اللي حصل.. بس أكيد حضرتك مقدّر أنا كنت في إيه.. أنا كنت عايزة أطّمن على أحمد، بعد إذنك.
عمها:
– حاضر، هبعتله التليفون يكلمك.. خليكي فاتحة الخط.
سكتت، ووقفت تستنى.
نظرتها كانت تاهية، وتنفسها بقى أعمق، وكأنها بتحاول تلمّ جروحها.
مكانتش حاسه إن في حد واقف جنبها، ساكت وشارد، عينه على السما وقلبه مش هنا.
لكن هو سمع صوتها، وسمع المكالمة مع عمها، وصوتها لما اتغيّر فجأة.. وبقى فيه حياة وهي بتكمل مكالمتها وبتقول بابتسامة ممزوجة بالشوق:
– إزيك يا حبيبي.. عامل إيه؟ وحشتني.
رد عليها أحمد بصوته الطفولي الدافي:
– إنتي كمان وحشتيني أوي يا ياسمين.. ليه اتأخرتي عليا؟ أنا مستنيكي تيجي تاخديني.. إنتي وحسن أبو علي.
خفض صوته وقال بسرّ:
– عشان أجي معاكم بيتكم الجديد.. أنا مقولتش لحد.
ابتسمت، بس ابتسامتها كانت حزينة..
جواها وجع، بس بتحاول تطمنه وتطمن نفسها:
– معلش يا حبيبي، إن شاء الله أول لما نجهّز البيت هنيجي ناخدك.. المهم طمّني عليك؟ إنت كويس؟
احمد:
– آه الحمد لله.. أنا كويس، بس زهقان هنا وأنا لوحدي.
قالت بصوت فيه وجع:
– متقلقش.. إن شاء الله هاجي أخدك في أقرب وقت.. وهنقضي يوم حلو مع بعض، اتفقنا؟
قال بحماس بسيط:
– اتفقنا.
المكالمة خلصت.
قفلت التليفون وهي بتتنهد من قلبها..
مش عارفة ليه حاسة إن الدنيا بتحضرلها حاجة تانية، حاجة مش مفهومة.
بصّت جنبها من غير وعي، واتخضت!
خالد كان واقف في البلكونة، ساكت، وعينه عليها.
قلبها دق بسرعة، وسألته بتوتر:
– إنت واقف كده ليه؟ إنت كويس؟
هز راسه وقال بهدوء:
– آه، كويس.
اتكلمت باستغراب وهي بتحاول تفهم:
– طب واقف ليه كده؟ ادخل ارتاح على سريرك عشان متتعبش.
بصلها، ونبرة صوته كانت غريبة، مفيهاش وجع، بس مفيهاش راحة:
– أنا مرتاح هنا.
نظراته كانت تقيلة عليها.. وجواها حاجة بدأت تتوتر.
سألته بسرعة:
– محتاج حاجة أعملهالك؟
رد بكلمة واحدة بس:
– شكراً.
بصّت له لحظات، مش عارفة ترد بإيه، وبعدين بهدوء رجعت أوضتها وقفلت باب البلكونة وراها.
قعدت على السرير، وعنيها تاهت في الفراغ..
مش قادرة تصدق إن علاقتها بخالد بقت بالشكل ده.
البرود اللي بينهم بقى زي التلج، ومش عارفة التلج ده هيفضل ما بينهُم لحد إمتى.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت اللوا وحيد.
عبير رجعت من عند أختها بهيرة، وهي قلقانه علي كارما لأنها مرجعتش عند خالتها زي ما اتفقت معاها. 
وقفت قدام باب اوضتها، حاولت تفتحه بلُطف، بس اتفاجئت إنه مقفول من جوّه.
خبطت عليها بخوف:
– كارما؟ قافله على نفسك ليه؟ افتحي يا حبيبتي.
كارما مردتش.
لحظات، وبعدها الباب اتفتح ببطء.
كارما كانت واقفة ورا الباب، وشها أبيض زي التلج، وعينيها فيها رعب ساكن.
جسمها كله بيرتعش، كأنها خارجة من كابوس.
عبير قربت منها بسرعة، ومدّت إيدها على وشها،
إيد كارما كانت ساقعة كأنها كانت ماسكة تلج.
– مالك يا كارما؟ في إيه؟
إنتي قولتيلي هتروحي تغيري وتيجي عند خالتك.. ليه مجتيش؟ حصل إيه؟
كارما بصتلها، وعينيها بتدمع، وقالت بصوت مخنوق بالخوف:
– أنا خايفة يا ماما.. عايزة أمشي من هنا.
الكلام وقع على قلب عبير زي الحجر،
ولسه هترد، فجأة دخل اللوا وحيد بصوته اللي بيملأ البيت كله:
– عبير.. تعالي، عايزك.
كارما اتخشبت مكانها، ارتجفت أكتر أول ما شافت جدها،
عنيها اتسمرت عليه بخوف بيقلب في معدتها.
هو بص لها باستغراب وقال ببرود:
– مالها كارما؟ هي الحالة رجعتلها تاني ولا إيه؟
عبير بصت له بقلق وقالت:
– شكلها كده يا بابا.
بصلها وحيد وقال بنبرة آمر كأنه بيخاطب جماد مش إنسانه:
– خدي الدوا بتاعك وارتاحي يا كارما.
كارما هزت راسها بحركة خفيفة، بس جسمها متجمد مكانه،
مش قادرة حتى تنطق قدامه.
اللوا وحيد كان ذهنه في حتة تانية..
رغم شكل حفيدته المذعور، عقله مشغول بحسابات تانية خالص.
بص لعبير وسألها وهو بيعدل نبرة صوته:
– قولتي لأختك الكلام اللي قولتهولك؟
عبير:
– آه يا بابا، قولتلها.
بس مش فاهمة ليه حضرتك طلبت مني أقولها إنك مسافر وإنت موجود هنا؟
رد وحيد بنبرة هادية، فيها خبث متغطي بالعقل:
– علشان بهيرة بتكبر المواضيع، وكانت هتتعب لي أعصابي.
استنيت لما ابنها يخرج من المستشفى.
قرب منها شوية، وبص لها باهتمام:
– هو لسه مش فاكر برضه؟
عبير:
– لأ.. لسه مش فاكر أي حاجة.
اللوا وحيد:
– ومراته؟ عامل إيه معاها؟
عبير:
– مش فاكرها خالص.
وكانت عايزة تسيب البيت لحد ما يفتكر، بس سالم مرداش وقعدها في أوضة لوحدها.
اللوا وحيد ابتسم بخفة،
كأن قلبه ارتاح لما اتأكد إن خالد ناسي فعلاً.
قال بنبرة فيها ترتيب للخطوة الجاية:
– بكره إن شاء الله نروح نزوره أنا وانتي وكارما.
بص ل كارما، ونظرتها فيها هلع بيزيد،
شفايفها عايزة تقول حاجة بس مش قادرة.
هو ماخدش باله، أو خد ومهتمش، وقال وهو بيبصلها:
– إديها الدوا بتاعها، عشان متبقاش حالتها كده قدام أختك.
عبير:
– حاضر يا بابا.
خرج وحيد.
عبير طلعت الدوا من درج الكومودينو، وادته لكارما وهي قاعدة جنبها على السرير.
كانت بتراقبها بعين أم مش فاهمة بنتها دي رجعت للحالة دي ليه تاني؟
إيه اللي حصل؟
إيه اللي رجّع كل الرعب اللي كان بدأ يهدى؟
سؤال فضل معلق في دماغها، وإجابته كانت ساكتة زي كارما.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
صباح اليوم التالي في بيت الدريني.
الشمس كانت لسه طالعة بدفاها الخفيف، والبيت هادي غير صوت المعالق اللي بتخبط في الأطباق على السفرة.
ياسمين نزلت من فوق، لابسة وجاهزة، وباين عليها إنها صاحيه من بدري ومستعدة.
قربت من السفرة اللي قاعد عليها سالم وبهيرة، وابتسمت بهدوء:
– صباح الخير.
سالم رفع عينه ورد بابتسامة فيها ود:
– صباح النور يا بنتي.
لكن بهيرة رفعت نظرها لياسمين، ووشها اتشد بدهشة ممزوجة باستغراب:
– لابسة كده ورايحة فين ع الصبح؟
ياسمين قالت بهدوء وصوت ثابت:
– رايحة شغلي في المصنع.
بهيرة ضحكت بسخرية خفيفة وهي بتحط كباية الشاي على السفرة:
– شغل إيه اللي تروحيه وجوزك بالحالة دي؟!
ياسمين وقفت بهدوء ، وقالت من غير أي انفعال:
– حضرتك قولتي قبل كده إن وجودي ملوش أهمية بما إنه ناسيني..
يبقى هقعد أعمل إيه؟
سالم اتدخل بسرعة قبل ما الحوار يسخن، وقال بحزم بسيط:
– أنا محتاج ياسمين معايا في المصنع يا بهيرة.
وخالد لو احتاج حاجة، انتي موجودة.
وفجأة وقف سالم بسرعة وهو بيبص ناحية السلم،
خالد كان نازل بخطوات بطيئة وتعب باين على وشه.
سالم مشي ناحيته بسرعة وقلق في عينيه:
– نزلت ليه من أوضتك يا حبيبي؟ خليك مستريح.. كنا هنطلعلك الفطار فوق.
خالد قال بصوت ضعيف ، مرهق ومش طايق نفسه:
– مش عايز أفطر يا بابا..
زهقت من الأوضة فوق.
ياسمين بصّت له من بعيد،
شافت تعبه في ملامحه، وشها اتشدت ووجع قلبها على حاله،
بس مفيش في إيديها حاجة.. مجرد نظرة وسكوت.
خالد رفع عينه فجأة،
لمحها وهي واقفة،
وبص لها بنظرة قصيرة مش مفهومة،
وبعدين مشي ناحية السفرة وقعد بتقل كأنه شايل جبل على ضهره.
سالم رجع يبص لياسمين وقال بلطف أبوّي:
– اقعدي يا ياسمين، يلا افطري، ونروح المصنع مع بعض.
ياسمين اتوترت، قلبها دق بسرعة، وقالت وهي بتاخد نفسها بالعافية:
– لا يا عمي، أنا مش عايزة أفطر.. هستناك برا في العربية.
سالم قال بصوت فيه حزم أب:
– اقعدي يا ياسمين جنب جوزك، وافطري معانا..
اسمعي الكلام.
كلمة "جنب جوزك" وجعت قلبها،
 بصّت لخالد وهي بتحاول تسيطر على توترها،
قلبها بيخبط في صدرها وهي بتقرب تقعد جنبه على السفرة.
حركاتها محسوبة، ونظرتها ليه كلها تساؤلات مكتومة.
قعدت جنبه...
بس هو بص لها من غير ما ينطق،
نظرة سريعة، ساكتة، كأنها مش موجودة.
بهيرة بصّت عليه بحنان أم خايفة على ابنها:
– افطر يا حبيبي عشان تتغذى شوية.. انت ضعفت أوي الفترة دي.
وبصت ل ياسمين، وقالت بلوم صريح:
– المفروض مراتك هي اللي تهتم بيك وبأكلك...
بس هقول إيه! خليني ساكته! 
كلامها دخل قلب ياسمين زي سهم، ردت بغيظ مكتوم وهي بتحاول تمسك نفسها:
– لا اتكلمي حضرتك ومتقلقيش هو مش فاكر إنه متجوز أصلًا؟ ده بيقولي "يا آنسة"!
ضحكة سالم طلعت من قلبه فجأة على كلام ياسمين، وبص لخالد وقال وهو لسه بيضحك:
– معلش يا ياسمين، بكره يفتكر.
لكن خالد رد بصوت تعبان ومنهك، نبرة مكسورة أكتر من كونها هادية:
– أنا مش عايز أفتكر حاجة..
أنا نازل أقعد معاكم شوية عشان زهقان من فوق.
الكلمة وجعت ياسمين أكتر من اللي قبلها،
بصّت له بعين مليانة قهر وغيظ وقالت بعصبية مكسورة:
– هو إيه اللي مش عايز افتكر حاجة؟!
آه ما إنت شكلك لما صدّقت تنساني، صح؟
بهيرة اتدخلت بسرعة، وهي متضايقة:
– متزعقيش في ابني كده، هو لسه تعبان!
ياسمين ردت وهي ماسكة نفسها بالعافية:
– ده أنا اللي تعبانة، وهيجيلي جلطة بسببه!
سالم حاول يهدي الجو بصوته اللي فيه حنية وعقل:
– معلش يا ياسمين.. الصبر يا بنتي.
نظرات ياسمين فضلت سابته، نظرة زعل بجد،
زعل من جواها، مش مجرد لحظة غضب.
سالم حاول يغيّر الموضوع وقال لها بهدوء:
– الباشمهندس هشام كان كلمني عن نوع مكن جديد، بيقول إنه كويس، وكنت عايز أجيب واحدة نجربها في المصنع...
إنتي إيه رأيك يا ياسمين؟
ردت بصوت حزين، صوت فيه طيف من الانكسار:
– آه هو كلمني النهاردة، وقالي على المكن ده،
وطلب مني أروح معاه مصنع فيه المكن عشان أشوفه وأقول لحضرتك رأيي...
هروح معاه النهاردة إن شاء الله.
وهنا... خالد فجأة خبط بإيده على السفرة!
الصوت كان عالي وصادم، خلّى الكل يسكت لحظة.
ياسمين بصّت له بدهشة، قلبها اتخض،
وشه كان متغير، ملامحه اتقلبت...
كل عضلة في وشه كانت مشدودة،
وكان باين عليه إنه بيضغط على أسنانه بقوة وهو بيحاول يبلع غضبه.
هي عرفاه...
عرفاه أوي...
دي مش أول مرة تشوفه بالشكل ده.
ده خالد حبيبها اللي بيغير.
وخالد من أول لحظة بيغير عليها من هشام.
خد كباية الميّه بسرعة وشرب منها،
كأنها محاولة منه يهدّي نفسه...
بس كانت إيده ماسكة الكباية وبيضغط عليها كأنها هتتكسر في ايده. 
ياسمين فضلت ساكتة لحظة،
تفكيرها سريع،
بدأت تشك في خالد. 
غيرته عليها كشفته! 
جاتلها فكرة.
بصّت قدامها وهي بتمسك تليفونها وقالت بصوت رقيق متعمد:
– ده هشام بعتلي رسالة كمان.
وفي اللحظة دي...
خالد مد إيده،
شد التليفون من إيدها ورماه على الأرض بكل قوته،
وقال بصوت مليان غضب:
– ارمي الزفت ده!
مفيش شغل في المصنع تاني،
واللي اسمه هشام ده... مش عايز أسمعك بتنطقي اسمه!
المفاجأة كانت كبيرة،
لكن ياسمين... بصّت له وابتسمت فجأة.
ابتسامة خفيفة، بس مش ساذجة.
ابتسامة واحدة ست عارفة جوزها كويس... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
ياسمين فضلت ساكتة لحظة،
تفكيرها سريع،
بدأت تشك في خالد. 
غيرته عليها كشفته! 
جاتلها فكرة.
بصّت قدامها وهي بتمسك تليفونها وقالت بصوت رقيق متعمد:
– ده هشام بعتلي رسالة كمان.
وفي اللحظة دي...
خالد مد إيده،
شد التليفون من إيدها ورماه على الأرض بكل قوته،
وقال بصوت مليان غضب:
– ارمي الزفت ده!
مفيش شغل في المصنع تاني،
واللي اسمه هشام ده... مش عايز أسمعك بتنطقي اسمه!
المفاجأة كانت كبيرة،
لكن ياسمين... بصّت له وابتسمت فجأة.
ابتسامة خفيفة، بس مش ساذجة.
ابتسامة واحدة ست عارفة جوزها كويس.
خالد كمل كلامه والغضب باين في صوته ونبرته:
– الكل بيقول إنك مراتي! ومفيش واحدة تسيب جوزها في الحالة دي وتروح شغلها!
كلامه كان زي الطلقة، جه مفاجئ وقاطع.
وصوت بهيرة دخل على الخط بسرعة، مستغلة اللحظة، وقالت بشماتة وهي بصّة لياسمين:
– والله يا حبيبي أنا قولت نفس الكلام ده،
بس باباك بيفضل يدافع عنها!
ياسمين ما ردتش،
حتى ما بصّتش ل بهيرة...
عينها كانت متسّمرة على خالد،
بتتفرج عليه، بتحاول تفهمه،
بتحاول تمسك أي خيط يوصلها ل كشف كدبته. 
خالد قام واقف بتعب،
نفسه تقيل وخطوته بطيئة، بس نبرته كانت مليانة ضيق:
– أنا كنت نازل أقعد معاكم شوية عشان زهقان...
ماكنتش أعرف إنكم هتصدّعوني كده!
بهيرة قامت بسرعة من مكانها، لهفتها باينة في حركتها:
– طب اقعد يا حبيبي... إفطر الأول.
بس خالد ما ردش،
طلع على فوق بخطوات تقيلة،
وبهيرة طلعت وراه بسرعة عشان تساعده.
في اللحظة دي،
سالم كان قاعد مكانه مش مصدق اللي حصل،
اللي شافه ماكانش بسيط...
خالد... غار على مراته؟
ده لأنه فاكرها فعلاً؟
ولا لأنه بس سمع منهم إنها مراته وبدأ يتعامل على الأساس ده؟
الموقف لخبطه، عقله مش قادر يرتب المشاعر دي كلها،
بصّ لياسمين، كانت قاعدة مكانها، ساكتة...
وفي على وشها ابتسامة صغيرة، خفيفة، بس فيها ألف معنى.
سالم سألها بدهشة مش قادر يخبيها:
– إنتي فهمتي حاجة من اللي حصل ده يا ياسمين؟
بصّت له ياسمين، عقلها بيجري أسرع من كلامها،
وقالت بصوت هادي فيه حيرة:
– مش عارفة!
سالم هز دماغه وقال بحنية وهدوء:
– خلاص يا بنتي... خليكي جنبه،
وبلاش شغل في المصنع الفترة دي، لحد ما يخف،
يمكن هو محتاجك فعلاً، حتى لو هو ناسي،
إنتي برضه مراته.
سكتت ياسمين لحظة،
بعدين بصّت قدامها وهي بتفكر، وقالت بنبرة فيها اقتناع:
– حضرتك معاك حق.
وقامت، خطواتها كانت تقيلة،
مش بس من التفكير...
من الحمل اللي على قلبها، من كل حاجة حاسة بيها ومش قادرة تحكيها.
قالت وهي واقفة:
– أنا هطلع أشوفه... يمكن محتاج حاجة.
وطلعت بهدوء،
كل درجة على السلم كانت بتفكر فيها،
بتفتكر اللي حصل من شوية، نظرته، عصبيته، غيرته...
كلهم كانوا بيكشفوه.
ده خالد الدريني اللي هي اتجوزته.
كانت طالعالُه بهدوء، خطواتها ساكنة وقلبها مش ساكت.
وقفت عند باب أوضته...
كانت واقفة من بعيد بتسمع وبتشوف،
وبهيرة جوا بتساعد خالد ينام، وهي بتتكلم بنبرة فيها ضيق، مش واخدة بالها إن ياسمين واقفة وراها:
– صح اللي انت عملته تحت ده يا حبيبي...
كان لازم توقفها عند حدها وتفهمها إنها متجوزة راجل، والمفروض تهتم بيه هو،
شغل إيه اللي هي عايزة تروحه؟
هو احنا محتاجين شغلها ده!
الكلام دخل في قلب ياسمين ووجعها من حماتها،
بس وشها ما اتحركش...
فضلت واقفة بنفس الهدوء، بس جواها نار.
نار من القهر، ومن العجز، ومن الحزن اللي مابقاش له ملامح.
خالد رد بتعب، صوته كان ضعيف ومرهق:
– خلاص يا ماما... لو سمحتي، أنا تعبان وعايز أنام.
بهيرة قربت منه ولمسته بحنان:
– نام يا حبيبي وارتاح.
ولسه بتلف علشان تخرج،
اتفاجئت بياسمين واقفة عند الباب.
بهيرة وقفت لحظة، بلعت ريقها وسألتها بارتباك خفيف:
– انتي واقفة هنا من إمتى؟
ردت ياسمين بنبرة هادية، بس وراها وجع كبير:
– مش مهم...
حضرتك عندك حق،
مكنش ينفع أروح شغلي واسيب جوزي تعبان كده...
أنا جيت أقعد معاه، لو احتاج حاجة.
بهيرة بصت لها كام ثانية،
مكنش فيها شماتة المرة دي،
بس برضو قالت بنبرة جافة:
– كويس إنك عرفتي غلطك.
وعدّت من جنبها وخرجت من الأوضة من غير ما تبص وراها.
خالد غمّض عنيه،
ما قالش حاجة،
حتى بصّش لها،
وكأنه فعلاً هينام.
بس ياسمين كانت شايفة...
شايفة الهروب في حركة عينه،
اللي كانت بتتجنّبها،
والضهر اللي اتسلّم للراحة عشان يبعد عن المواجهة.
كانت واقفة في مكانها مش عارفة تعمل إيه،
جزء منها عايز يقرب،
وجزء تاني مش عارف هو أصلًا عايزها ولا لأ.
بس اللي متأكدة منه،
إن ده خالد...
حتى لو قال انه مش فاكر. 
دخلت وقفلت الباب وراها بهدوء،
كأنها بتفصل العالم كله عن اللحظة دي،
وقربت منه بخطوات حذرة، عينيها عليه، وقلبها مليان كلام.
قالت بصوت هادي:
– هتنام؟
رد وهو مغمض عنيه ونبرته فيها برود وتعب:
– آه، عايز أرتاح بعد الصداع اللي عملتوهولي تحت.
ما تهزّتش،
قربت أكتر،
والابتسامة اللي على وشها كانت باهتة، فيها كسرة:
– هتنام كده على طول؟ ولا ممكن أحكيلك حكاية تسليك قبل ما تنام؟
رد بجفاء وهو لسه مغمض:
– قلتلك عندي صداع، مش عايز أسمع حاجة.
بس هي ما استسلمتش،
قعدت جنبه على السرير، جسمها قريب منه بس المسافة بينهم كانت كبيرة جدًا من جوه.
قالت بنبرة خفيفة وهي بتحاول تخبي رجفة صوتها:
– معلش... تعالى على نفسك شوية،
وبعدين دي حكاية مسلية جدًا.
هو ما ردش،
عينه فضلت مغمضة،
بس هي قررت تكمل كأنها بتحكي لنفسها.
بصّت قدامها،
صوتها كان هادي بس فيه وجع متكتم،
الكلمات كانت طالعة من جوه قلبها، من جُرح مش بيلتئم:
– دي حكاية بنت حبت واحد...
وكانت فاكرة إنه كمان بيحبها،
لا...
دي كانت متأكدة إنه بيحبها حب مش عادي،
كان مستعد يضحي بعمره، بحياته، وبمستقبله عشانها.
سكتت لحظة، النفس اتخنق في صدرها،
بس كملت وهي بتحاول تبتلع الغصة:
– كانت دايمًا شايفه إن حبه كبير عليها،
كانت بتخاف عليه أكتر ما بتخاف على نفسها،
كانت مستعدة تكسر قلبها وتعيش عمرها كله مقهورة على حبه،
بس أهم حاجة إنه ميخسرش مستقبله بسببها...
سكتت لحظة،
وبعدين قالت بصوت أهدى،
بس مليان وجع وحنين:
– بس هو...
هو أخد إيديها وقالها:
"متصدقيش أي حد يقول إن وجودك في حياتي ممكن يضر مستقبلي...
أنا بحبك."
كملت الجملة بصوت شبه هامس،
وكانت بتبص له، مستنية أي رد فعل،
حتى لو كانت طرف عين بيتحرك...
بس هو لسه ساكت.
دموعها بدأت تنزل بهدوء وهي بتحكي،
زي سيل مش قادر يتوقف،
والكلام بقى يخرج من جواها مبحوح، كل كلمة فيها وجع سنين:
– البنت صدقته...
وثقت فيه، وافتكرت إنه فعلاً بيحبها بجد.
بس في يوم... اتحط في اختبار حقيقي،
اختبار ماينفعش يتهرب منه...
صوتها ارتعش وهي بتكمل:
– هو بنفسه قبض على ابن عمها،
ولما بقت قضية كبيرة،
وكل الدلائل قالت إن عيلتها مجرمين...
فجأة هو كمان شاف الحقيقة اللي الكل كان شايفها من زمان...
حضرة الظابط ماينفعش يتجوز بنت من عيلة بالشكل ده...
سكتت لحظة،
وبعدين شهقتها خرجت غصب عنها، والبكاء علا في صوتها وهي بتقول:
– فـ قرر...
قرر يمثل عليها...
قال لنفسه يعمل إنه فقد الذاكرة...
وناسيها هي بس...
فاكر كل الناس،
كأنه بيقولها من غير ما ينطق:
"اخرجي من حياتي زي ما دخلتي،
وجودك بقى خطر على مستقبلي،
بس أنا مقدرش أقولك كده في وشك...
فهكدب... وأبعدك بالكذبة."
ضحكت ضحكة حزينة وهي بتبكي،
الدموع مغرقة وشها، وصوتها بقى أضعف ومكسور:
– بس هي كانت غبية...
مقدرتش تفهم الحكاية من الأول،
وصدّقته،
وعاشت على أمل إنه هيفتكرها،
بس... من دقايق بس،
اكتشفت الحقيقة.
فتح عنيه فجأة،
بص لها بنظرة صاحية،
وسألها بصوت ثابت:
– واكتشفت إنه بيكدب عليها إزاي؟
بصت له،
وعيونها كانت مليانة دموع وصدق،
وقالت بهمس حزين:
– غيرته عليها... هي اللي كشفته.
سكت لحظة،
وبص للسقف، كأنه بيفكر بصوت عالي وقال:
– وغيرته دي...
في الحكاية اللي حكيتيها...
في صالحه؟ ولا ضده؟
هي ما فهمتش قصده،
بصت له باستغراب وعيونها بتسأله،
بس هو لف وشه ناحيتها وبص لها،
وصوته بقى أوضح وهو بيكمل:
– يعني... لو هو مش بيحبها أكتر من حياته...
كان هيغير عليها كده؟
فضلت باصة له،
وعقلها بيدور،
بتفكر في الإجابة،
في معناها...
وفي اللي سمعته منه دلوقتي.
رفع جسمه وسند ضهره على السرير،
كان باين عليه التعب،
اتنهد تنهيدة تقيلة كأنها خارجة من جواه من سنين،
وبص لها وهو مستني رد،
بس هي سكتت...
ولا كلمة طلعت منها.
هو حس بالسكوت،
وسمعه أعلى من الكلام،
اتكلم بصوت حزين فيه كسرة:
– هحكيلك أنا حكاية...
متأكد إنها هتكون مسلية أكتر من حكايتك.
سكت لحظة،
وبدأ يحكي،
وصوته كان متغيّر،
فيه حزن،
وفيه شجن،
وفيه حاجة كانت محبوسة جواه بقالها كتير:
– كان في واحد زمان...
مكانش يعرف يعني إيه خوف.
كان بيعيش يومه بيومه،
وحياته نفسها مكانتش تفرق معاه...
لحد ما في يوم،
قابل بنت... صدفة،
ومن اللحظة دي...
عرف يعني إيه خوف!
خوف إنه يفقدها،
خوف إن يحصلها حاجة،
خوف إنه يكون سبب في ألمها.
ومع كل صدفة جمعتهم...
حبها،
حبها أكتر من نفسه...
كانت هي أغلى من الدنيا،
كان بيكتفي بنظرة منها،
وبيتمنى رضاها أكتر من أي حاجة،
وكان ممكن يضحي بعمره كله،
بس عشان يشوفها بتضحك.
سكت شوية،
وبعدين صوته وطي أكتر:
– وفي يوم...
في شغله...
وهو بيقبض على ابن عمها...
ياسمين بصت له،
مستنية يكمل الحكاية،
لمحت حاجة في عنيه لأول مرة تشوفها...
حزن تقيل،
مش بس حزن،
ده وجع...
كأنه شايل حاجة كبيرة من زمان ومخنوق بيها.
بص في عنيها،
وهو بيكمل الكلام بصوت هادي،
لكن كل كلمة كانت سكينة في قلبه:
– اكتشف إن جده...
أبو أمه،
الراجل اللي كان بيعتبره قدوة،
اللي كان شايفه دايمًا الراجل المحترم اللي ربّاه علي القيم والمبادئ والاخلاق. 
هو نفسه اللي بيسهّل دخول وتوزيع السلاح لجدها...
ولابن عمها...
ياسمين فتحت عنيها بصدمة،
كانت قاعدة جنبه بس فجأة جسمها كله لِف ناحيته،
عدّلت قعدتها كأنها بتحاول تقرب من الحقيقة اللي اتقالت فجأة قدامها.
خالد هز راسه بحزن،
وهو بيكلمها بصوت كله وجع:
– يعني لو هي فاكرة...
فاكرة إنه كدب عليها،
وإنه عمل نفسه ناسيها،
عشان يهرب من الجوازة...
عشان أهلها مجرمين؟
طمنيها...
قوليلها إن مش بس أهلها هما اللي مجرمين.
هو كمان...
بس الفرق،
إن وجعه كان أكبر بكتير...
بص قدامه،
وصوته كان مجروح وهو بيكمل:
– اتصاب برصاصة في قلبه...
قدام عين جده،
وجده سابه،
سابه مرمي على الأرض بيموت،
وهرب عشان ينقذ نفسه.
ياسمين كانت مصدومة،
عنّيها بتلمع من كتر الدموع اللي اتحبست،
مش قادرة تستوعب اللي بتسمعه...
مش مصدقة!
بص لها وقال بحدة هادية:
– لو هي فاكرة إنه كان بيكدب...
وكان بيمثل انه ناسي عشان يحمي نفسه،
الحقيقة إنه عمل كده...
عشان يحميها هي.
جده...
المجرم الكبير،
واللي معاه،
كانوا هيفكروا يخلصوا منه أول ما يفوق،
عشان ميتكلمش.
بس يخلصوا منه إزاي؟
وهو في مستشفى الشرطة وتحت حماية؟
سكت لحظة،
وبص في الأرض،
كأنه بيحاول يلم جرحه وهو بيقول:
– يبقى مفيش غير إنهم يوجعوه...
يضغطوا عليه من أضعف نقطة...
مراته،
اللي جده عارف،
قد إيه بيحبها،
وقد إيه ممكن يضحي بحياته عشانها.
سكت.. الحزن كان تقيل على قلبه. 
ياسمين كانت بتبص له،
قلبها بيتكسر عليه،
دموعها نازلة،
مش بس على نفسها،
على وجعه.
خالد غمض عنيه،
واتنهد تنهيدة تقيلة من جوه روحه:
– ممكن تسيبيني لوحدي شوية؟
هزت راسها برفض،
صوتها متكسر وهي بتعيط:
– لا...
مش هسيبك تاني أبدا.
ورمت نفسها في حضنه وهي بتبكي،
حضنته كأنها بتحاول تعوّض كل لحظة وجع،
وهو ضمها لقلبه،
وباس دماغها بحنان وهو بيهمس بصوت مكسور:
– أنا آسف...
عارف إني كنت قاسي عليكي،
بس كان لازم أعمل كده.
ردت وهي بتبكي جوه حضنه،
كلامها طالع من جوه وجعها:
– ليه خبيت عليا؟
ليه مقلتش؟
كنت قولي،
وأنا كنت هعمل أي حاجة تطلبها مني.
اتنهد وهو بيقربها لقلبه،
صوته كله وجع:
– كان لازم كل حاجة تبان طبيعية...
لو كنت عرفتك إنّي فاكرك،
ماكنتش هقدر أكون قاسي كده،
كان لازم أقنع الكل إني نسيتك،
عشان متتعرضيش لخطر.
بعدت عنه شوية،
وبصّت له،
عنّيها كلها دموع وحنين وعتاب:
– أنا كنت بموت عليك يا خالد...
والله الموت كان أهون عندي
من إنك تبصلي وتقول مش فاكرني.
هو مسح دموعها بإيده بلُطف،
وهمس وكأنه بيكلم قلبه:
– لازم أفضل مش فاكر...
وأقرب الناس ليا يصدقوا،
عشان جدي واللي معاه يصدقوا،
ويطمنوا،
وساعتها بس...
أقدر أحميكي بجد.
ياسمين سألته بفضول وقلق واضح في صوتها:
– وهتعمل إيه دلوقتي... بعد ما الكل صدق إنك ناسي؟
رد بهدوء، وصوته فيه نبرة حذر:
– مش مطلوب مني أعمل أكتر من كده.
خالد مقدرش يقول لياسمين كل حاجة،
في أسرار عن شغله وعن اللي اكتشفوه عن جده لازم تفضل في قلبه.
لأن في جهات أمنية أكبر منه بكتير شغالة على القضية دي دلوقتي،
مخابرات، وأمن دولة،
لأن اللي جده متورّط معاهم طلعوا أخطر من مجرد تجار Sـلاح.
ناس تقيلة، ليهم نفوذ، وبيقتلوا بدم بارد.
هو فاكر كويس أول لحظة فاق فيها جوه المستشفى،
عينه كانت شايفة الدكتور، لكن عقله سبق كلامه.
طلب منه يقول إن عنده فقدان ذاكرة،
وإنه مش فاكر آخر فترة في حياته،
خطة اضطر يعملها في ثواني عشان يكسب وقت ويبعد الخطر .
أول لما دخل عليه معتصم ومهاب،
قالهم كل حاجة…
عن اللي حصل، وعن الرصاصة اللي كانت هتموته،
وعن الجد اللي سابه ينزف وهرب كأنه ولا يعرفه.
ومعتصم ومهاب بلغوا المعلومات اللي قالها،
ومن ساعتها، التحقيقات اشتغلت بصمت وسرية،
وبدأت تتكشف خيوط شبكة كبيرة…
وبالتحريات والتتبع عرفوا إن جده متورّط مع Mافيا كبيرة،
ناس بيشتغلوا في الــSـلاح، تـHـريب، قـTـل...
اللي كان شايفه مجرد تجارة Sـلاح طلع شبكة إجرا مية دو لية.
صوت ياسمين خرجه من شروده وهي بتسأل:
ـ يعني هنفضل مكملين كده.. وانت مش فاكر؟
هز راسه بهدوء وقال بنبرة فيها إصرار:
ـ لازم نفضل مكملين.
بعدت عن حضنه وهي بتقول بنبرة فيها كسرة قلب:
ـ خلاص.. خليني بعيد شوية، عشان لو مامتك دخلت تاني.
شدها عليه بلُطف، وابتسم وهو بيهمس بحب:
ـ خليكي في حضني شوية.. إنتي وحشتيني أوي.
ابتسمت بخجل وهي بتقول:
ـ ولو مامتك دخلت ولقتني في حضنك.. هتقولها إيه؟
ضحك وقال وهو بيغمز لها:
ـ هقولها إنك بتحاولي تخنقيني وأنا نايم.
بصّت له بغيظ مصحوب بابتسامة:
ـ تعرف؟ هتصدق! والله هتصدق وتفكرني كنت بعمل كده فعلاً.. إنت متعرفش مامتك بتحبني قد إيه!
ضحك من قلبه، وضمها أكتر وهو بيقول:
ـ المهم إن ابنها بيحبك وبيموت فيكي.
رغم فرحتها، بعدت عنه بخجل، وقالت بارتباك:
ـ خالد.. مش هينفع، انت لسه تعبان.
قعدت قصاده، وبصّت له بحنية:
ـ أنا هسيبك ترتاح شوية.. شكلك تعبان بجد، وكمان عشان مامتك متستغربش إني اتأخرت عندك.
ابتسم وهز راسه:
ـ طب خليكي معايا شوية.. إنتي وحشتيني.
وقفت وهي بترد وبتضحك:
ـ لا مش هينفع.
كانت هتخرج من الأوضة، بس وقفت فجأة ولفت تبص له وسألته:
ـ آه صحيح.. إيه حكاية نانسي اللي جت تزورك في المستشفى دي؟
خالد كح فجأة وقال وهو بيعمل نفسه موجوع:
ـ آه.. حاسس بوجع جامد في صدري مكان العملية.. معلش يا حبيبتي، اطفي النور وانتي خارجة، عشان أعرف أنام.
وغمض عنيه وهو بيمثل النوم بسرعة.
ياسمين كتمت ضحكتها وقالت:
ـ حاضر يا حبيبي.. هطفي النور من عيوني.
بس احنا لسه مخلصناش كلامنا في الموضوع ده!
وخرجت وهي حاسة إن قلبها بيرقص من الفرحة.. حبيبها لسه فاكرها، ولسه بيحبها.
وخالد فضل مغمض عنيه، وابتسامة دافية على وشه، وهو بيهمس جواه:
ـ لو تعرفي أنا بحبك قد إيه يا ياسمين.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
ياسمين نزلت تحت ولسه الابتسامة مرسومة على وشها،
بس جواها كان في مزيج غريب من الراحة والخوف.
شافت بهيرة قاعدة في الصالون بتشرب قهوتها، وسالم مش باين في المكان.
قربت منها، وبهيرة سألتها وهي بتحط فنجان القهوة على التربيزة:
– خالد نام؟
ردت ياسمين بهدوء، ونبرة صوتها فيها حذر بسيط:
– آه، نام أول ما حضرتك خرجتي على طول.
بهيرة رفعت عينيها لياسمين وقالت بنبرة فيها صراحة:
– أنا مش عايزاكي تزعلي مني يا ياسمين.. بس خالد ده ابني الوحيد، وأنا زي أي أم.. كل اللي يهمني سعادته وراحته.
ياسمين هزت راسها بشوية تأثر وقالت بصوت هادي:
– أنا مقدّرة اللي حضرتك بتقوليه، وبطلب بس تحطي نفسك مكاني..
تخيلي لو عمي سالم فجأة نساكي، وفاكر كل الناس إلا إنتي.. هتحسي بإيه؟
بهيرة سكتت لحظة، وكأن السؤال لمس حاجة جواها،
وبعدين قالت بعد تفكير:
– هزعل طبعًا.. بس خالد منساش بمزاجه،
إنتي عارفة كويس اللي حصله، ولازم تصبري وتقدّري ظروفه.. لحد ما يفتكر برحته.
ردت ياسمين بهدوء، ونظرة حزن رقيقة في عينيها:
– حضرتك عندك حق.
وأثناء ما هم قاعدين بيتكلموا،
الخدم فتحوا باب الفيلا، ودخل اللواء وحيد، ووراه عبير وكارما.
دخلوا على الريسيبشن، وبهيرة وياسمين كانوا لسه قاعدين.
أول ما بهيرة شافت أبوها، قامت بسرعة، وملامحها اتبدلت من الهدوء للقلق الممزوج بالفرحة:
– بابا.. حمدلله على السلامة.
ضمها اللواء وحيد بهدوء وهو بيرد بنبرة فيها تحفظ:
– الله يسلمك يا بنتي.. طمنيني، عاملة إيه؟ وخالد عامل إيه دلوقتي؟
ياسمين قامت، وجسمها اتشد لا إرادي،
أول ما عينيها وقعت على اللواء وحيد،
بس اللي شد انتباهها أكتر كانت كارما.
كانت باينة مرهقة بشكل واضح،
لبسها غامق، وشعرها مربوط بسرعة كأنها حتى ما بصتش في المرايا قبل ما تنزل،
مفيش أثر لأي مكياج أو اهتمام..
كأنها اتحرمت من النوم، أو فيه حاجة كبيرة جواها مش قادرة تطلعها.
اللواء وحيد بصلها بنظرة فيها غموض وسألها بنبرة هادية بس مش بريئة:
– إزيك يا بنتي.. مش انتي مرات خالد برضه؟
ياسمين هزت راسها وهي بتحاول تسيطر على ارتباكها:
– الحمدلله.
عبير دخلت وقعدت على الكنبة،
وكارما كانت لسه واقفة، متجمدة في مكانها،
عنّيها مش ثابتة، وملامحها شاردة، كأنها مش شايفة حد.
بهيرة استغربت حالها وسألتها بقلق:
– مالك يا كارما؟ انتي تعبانة ولا إيه يا حبيبتي؟
عبير ردت بسرعة وعصبية خفيفة وهي بتحاول تدارى:
– آه، تعبت امبارح شوية، بس الحمدلله دلوقتي أحسن.
وبصّت لكارما بنظرة فيها توتر وقالت وهي بتضغط على أسنانها:
– اقعدي يا كارما.
كارما بصتلها لحظة، وبعدين قعدت من غير ولا كلمة،
كأنها آلة بتتنقل بأمر غيرها،
مافيش روح.. مافيش حياة،
وياسمين كانت مركزة معاها،
حسّت إنها مش طبيعية، وإن في حاجة مش مفهومة في تصرفاتها. 
اللواء وحيد كان قاعد وسكوته فيه تركيز، ملامحه باينه هادية،
بس الحقيقة إنه كان مشغول بحاجة واحدة بس..
عايز يتأكد إن خالد فعلاً لسه ناسي.
سأل وهو بيبص لياسمين بنظرة فيها اهتمام مغلّف بمرح مزيف:
– خالد أخباره إيه؟ لسه ناسي برضه؟ معقول زمانه نسي جده كمان؟
آخر جملة قالها بنبرة خفيفة، كأنه بيهزر،
بس اللي سامع كويس، هيعرف إن الضحكة دي مجرد ستار بيخبي بيه قلقه الحقيقي.
بهيرة ردت:
– هو الحمد لله فاكرنا كلنا، إلا مراته..
الدكتور بيقول انه نسي آخر فترة في حياته، حتى اليوم اللي اتصاب فيه.
كنت لسه بتكلم مع ياسمين في الموضوع ده وبقولها تصبر لحد ما يفتكر برحته.
اللواء وحيد بص لياسمين وسألها بنبرة مهتمة:
– معقول مش فاكر أي حاجة بينكم خالص؟
ياسمين هزت راسها بـ"لا"، بعينين فيها توتر،
بس قبل ما تقول أي رد، بهيرة دخلت في الكلام وهي بتضحك ضحكة فيها خفة مخلوطة بسخرية:
– يفتكر حاجة بينهم إيه يا بابا! ده بيقولها "يا آنسة".
ضحكة عبير طلعت بصوت عالي، وكانت زي صفعة في ودن ياسمين.
حست انهم هيتسلوا عليها، الضيق اتجمع جواها بسرعة، قامت من مكانها وقالت وهي بتحاول تمسك أعصابها:
– عن إذنكم.
خرجت للجنينة، تمشي بخطوات مش سريعة لكن كل خطوة فيها خنقة،
وهي مش قادرة تبين إنها متضايقة رغم إن جواها نار.
عبير كانت لسه بتضحك، وبصّت على ياسمين وهي خارجة وهمست لأختها بصوت واضح ومقصود توصله:
– معقول يا بهيرة؟ مش فاكر أي حاجة بينهم خالص؟
بهيرة ردت عليها بضيق:
– مش فاكر أي حاجة، وهي زي ما انتي شايفة كده..
قالبة وشها، ومش طايقة كلمة من حد، ومش بتعمل حاجة غير إنها تحرق دم ابني وبس.
اللواء وحيد كان ساكت، بس مركز جدًا، كل كلمة بتدخل ودنه وتقعد.
وبهيرة كملت بنفس النبرة اللي مليانة غيظ مقموع:
– نزل يا حبيبي عشان يفطر معانا،
فضلت تضايق فيه وتستفزه عشان يفتكرها،
وهو مش فاكر، يعمل إيه يعني غصب عنه؟
قولتلها تصبر لحد ما يفتكر، بس مفيش فايدة فيها.
الكلام ده ريّح قلب وحيد،
ابتدى يطمن إن توتر العلاقة ما بينهم نتيجة للنسيان،
ولما بهيرة زودت وقالت:
– حتى نقلت حاجتها في أوضة تانية،
وقالت مش هتنام معاه في نفس الأوضة وهو ناسيها،
عملنا اللي هي عايزاه، وبقت هي في أوضة، وهو في أوضة.
وحيد حس براحة أكتر.
بص لها وقال بنبرة رسمية:
– طب أنا عايز أشوفه يا بهيرة وأطمن عليه.
بهيرة قامت على طول:
– طبعًا يا بابا، اتفضل.
عبير قامت هي كمان:
– أنا كمان هاجي معاكم أطمن عليه.
بهيرة لمحت كارما اللي كانت قاعدة من أول لحظة،
ساكتة، ما بتتحركش، كأنها مش موجودة.
بصّت لها وسألتها بنبرة خفيفة فيها حنية واضحة:
– وانتي يا كارما؟ مش هتيجي معانا؟
عبير ردت بسرعة، ونبرة صوتها فيها توتر خفيف وهي بتبص على بنتها:
– لا.. سيبي كارما يا بهيرة، هي تعبانة شوية.
بهيرة هزت راسها وطلعت معاهم،
وحيد كان عقله كله عند خالد،
ولا التفت حتى لحالة كارما اللي كانت ملفتة لأي عين شايفة بجد.
كارما فضلت قاعدة، ثابتة مكانها،
لحد ما صوت خطواتهم اختفى فوق،
ساعتها قامت، وبهدوء دخلت الجنينة عند ياسمين.
ياسمين كانت قاعدة لوحدها،
مخنوقة من الكلام اللي سمعته،
وتفكيرها سرحان بين اللي خالد قاله،
وحقيقة جده اللي عمرها ما ارتاحت له.
فجأة حسّت بوجود حد جنبها،
بصّت، لقت كارما واقفة قدامها زي التمثال،
عيونها مش بتتحرك، وشها شاحب،
ونظرتها فيها رعب مكتوم.
ياسمين اتخضّت، قامت تبص حواليها بسرعة،
مافيش حد من أهل كارما قريب،
سألتها بقلق وهي بتحاول تستوعب الموقف:
– كارما؟ في حاجة؟ إنتي كويسة؟
كارما هزّت راسها بـ"لا"،
وعيونها كانوا متجمدين،
بس بيلمعوا بدموع محبوسة،
ونطقت بصوت ضعيف، لكنه واضح،
سكن قلب ياسمين زي صدمة كهربائية:
– جدو جاي يقتل خالد... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع 
لقت كارما واقفة قدامها زي التمثال،
عيونها مش بتتحرك، وشها شاحب،
ونظرتها فيها رعب مكتوم.
ياسمين اتخضّت، قامت تبص حواليها بسرعة،
مافيش حد من أهل كارما قريب،
سألتها بقلق وهي بتحاول تستوعب الموقف:
– كارما؟ في حاجة؟ إنتي كويسة؟
كارما هزّت راسها بـ"لا"،
وعيونها كانوا متجمدين،
بس بيلمعوا بدموع محبوسة،
ونطقت بصوت ضعيف، لكنه واضح،
سكن قلب ياسمين زي صدمة كهربائية:
– جدو جاي يقـTل خالد.
ياسمين حسّت وكأن الأرض اتسحبت من تحتها وهي بتبص لكارما، قلبها بيخبط في صدرها بعنف، وكأن في أي لحظة ممكن يقف.
كارما كملت كلامها بنفس النبرة، وصوتها بيتهز وضعيف مع كل كلمة:
– أنا سمعت جدو وهو بيتكلم في التليفون، وقال هيقتل تلاتة… واحد في بيته، وواحد في السجن، وواحد في المستشفى.
الكلمات وقعت على قلب ياسمين تقيلة، لكن عقلها ربط الخيوط بسرعة. خالد قالها إن جده هو اللي كان بيسهّل دخول الـSـلاح لجدها ويحيى… يبقى المعنى واضح: جدها الشرقاوي هيتـقـTـل في بيته، ويحيى في السجن، وخالد… وقتها كان في المستشفى.
بصت لكارما بدهشة، عينيها فيها خليط بين الزهول والرجاء:
– متأكدة من كلامك ده؟
كارما دموعها اللي كانت متحجرة سنين بدأت تنزل، صوتها مكسور لكنه حاسم:
– المرة دي متأكدة… سمعته ومش هكدب نفسي تاني… وسمعته زمان لما كان بيتفق على قTل بابا.
السكا كين غرزت في قلب ياسمين وهي بتسمعها.
كارما كملت بصوت بيتكسر أكتر:
– كنت صغيرة… كدبت نفسي… بعدها بابا اتقTل… وأنا خوفت، خوفت أتكلم… يقTلني أنا كمان.
وكأنها فتحت باب كان مقفول جواها من سنين، والسر اللي كان خانقها خرج فجأة، فانهارت أكتر، دموعها بتغسل وشها، وجسمها بيرتعش.
ياسمين ما استحملتش، مدّت إيديها وخدتها في حضنها بعفوية، كارما اتشبثت بيها كأنها ماسكة في أمل أخير، وقالت بصوت متقطع مليان رجفة:
– أنا خايفة أوي يا ياسمين… خايفة أتكلم… لو قولت لماما مش هتصدقني… وجدي هيقTلني زيهم.
النار ولعت جوا ياسمين، الإحساس بالقهر والغضب بيخنقها… الراجل ده قTل أبوها، ودلوقتي عايز يقTل جدها وابن عمها وجوزها.
عقلها اشتغل بسرعة… لازم تتحرك، لازم خالد يعرف كل حاجة قبل ما يفوت الأوان.
خرجت كارما من حضنها، وبصت في عينيها بنبرة قوية وقاطعة، كأنها بترجعها لوعيها:
– كارما… اهدي واسمعيني… إحنا لازم ننقذهم، وجدك عمره ما هيعرف إنك سمعتيه أو قولتيلي حاجة.
نظرة كارما بدأت تتغير، وصوت ياسمين بيخترق ضباب الخوف اللي محاوط عقلها.
ياسمين كملت بثقة وهي ماسكة إيديها:
– أنتي مقدرتيش تعملي حاجة لما قTل بابا عشان كنتي صغيرة… لكن المرة دي تقدري… وأنا هكون معاكي… لازم نمنعه قبل ما ينفذ اللي في دماغه.
كارما مسحت دموعها بإيديها المرتعشة، وبصوت مليان تردد قالت:
– هنعمل إيه؟
ياسمين بصت على شباك أوضة خالد من الجنينة، وعينيها فيها عزيمة:
– هقولك نعمل إيه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
فوق في أوضة خالد.
بهيرة دخلت وهي بتنور الغرفة بإيدها وبتقول بنبرة حنونة:
– خالد حبيبي، جدك رجع من السفر وجاي يطمن عليك.
خالد فتح عنيه بصعوبة، التعب باين في كل ملامحه، وعبير دخلت ورا بهيرة، وأبوها ماشي وراهم.
اللوا وحيد كان أول ما دخل، عينه ما سابتش وش خالد لحظة. مركز مع كل نفس بيطلعه، جاي مخصوص عشان يشوفه ويعرف الحقيقة، ويتأكد بنفسه إذا حفيده فعلاً ناسي ولا بيمثل.
قال بنبرة فيها مرح متصنع يخفي بيه جدّية الموقف:
– حمد الله على السلامة يا بطل، دايمًا رافع راس جدك في الداخلية كلها.
الكلمة خرجت منه وهو مترقب رد الفعل، عينه بتقرأ كل حركة في وش خالد.
خالد اتحرك ببطء وسند ضهره على السرير، ملامحه مرهقة بس حاول يبتسم بهدوء:
– الله يسلمك يا جدي.
عبير قربت شوية، ابتسامتها فيها مزيج من القلق والراحة:
– ألف سلامة عليك يا خالد.. احنا كنا هنموت من القلق عليك.
رد خالد بنبرة هادية:
– الحمد لله، أنا دلوقتي بقيت أحسن.
وحيد ما ضيعش وقت، سأله وهو بيراقب حتى حركة رموشه:
– هو انت برضه مش فاكر مين اللي ضرب عليك الرصاصة دي؟
خالد رفع عينه لجده، نظرته عادية جدًا، وفيها حيرة صافية:
– مش عارف يا جدي.
رفع إيده لشعره، مسح على راسه بحركة بطيئة وقال بصدق متعمد:
– هتجنن ونفسي أفتكر أي حاجة.. حاسس إن آخر فترة في حياتي دي كإني ما عشتهاش!
كل حاجة في خالد، صوته، عينيه، إيماءاته، كانت طبيعية لدرجة تخلي أصعب العقول خبرة في كشف الكذب ما تلاقيش غلطة تمسكه بيها.
وحيد ضيق عينه شوية وسأله بترقب أكتر:
– ومراتك؟ مش فاكرها خالص؟ دا انت اتحديت الكل عشان تتجوزها!
خالد اتنهد، عينه نزلت لحظة قبل ما يرفعها تاني:
– أهي دي أكتر حاجة هتجنني. الكل بيقول إني كنت بحبها أوي، ودلوقتي لما بشوفها بحس إنها غريبة عني.. كأني عمري ما شوفتها في حياتي!
وحيد حس إن قدامه حد ما بيتهزش، بس جواه قلق ما بينطفيش. عارف إن حفيده مش شخص عادي، متدرب كويس جدًا على الثبات، ويوصل الرسالة اللي عايزها من غير ما حد يكشفه، حتى أحدث أجهزة كشف الكذب في العالم مش هتعرف تمسكه.
(بس ياسمين كشفته عادي ، الستات مبيهزروش😂) 
قرر يلعب آخر كارت في إيده:
– أنا عرفت إن المهمة اللي اتصبت فيها اتقبض على يحيى الشرقاوي متلبس، وإنت اللي كنت عامل التحريات بنفسك وكنت قائد المهمة. مش يمكن اللي طلق عليك الرصاصة ده جلال الشرقاوي؟ بما إن حفيده كان موجود وقت التسليم، يبقى جلال هو كمان كان موجود وهو اللي طلق عليك الرصاصة وهرب!
خالد هز راسه بتفكير وقال:
– معتصم قالي نفس الكلام ، وأنا الحقيقة مش فاكر أي حاجة.. وما عنديش دليل واحد يثبت إن جلال الشرقاوي كان موجود يوم المهمة، لأني مش فاكر المهمة ولا إزاي جمعت التحريات دي عنهم!
بهيرة قطعت كلامهم بعصبية وهي تبص ل أبنها:
– كلام بابا صح، أكيد جلال الشرقاوي المجرم هو اللي عمل فيك كده.
قطع كلامهم صوت صريخ جاي من تحت، ولحقته واحدة من الخدم طالعة تجري لفوق وهي بتقول لبهيرة بسرعة:
– الأنسة كارما وقعت فجأة، ومدام ياسمين بتحاول تفوقها ومش عارفة.
عبير اتنفضت من مكانها وقالت بصوت عالي:
– بنتي يا بابا!
جريت من أوضة خالد، وبهيرة بصت لأبوها بقلق:
– كارما شكلها مش مظبوط يا بابا، لازم نكلم الدكتور ممكن تكون تعبانة! 
اللواء وحيد قام من مكانه وهو متضايق:
– ولا تعبانة ولا حاجة، البنت دي مدلعة زيادة عن اللزوم، ولازم يتشد عليها شوية.
خالد حاول يقوم من على السرير بتعب:
– هنزل أشوفها.
بهيرة قربت منه وقالت بقلق:
– لأ يا حبيبي، إنت متتعبش نفسك، أنا وجدك هننزل نشوفها.
جده بص له وقال:
– خليك مكانك يا خالد، أنا هنزل أشوفها وأطلع، لسه مخلصناش كلامنا.
خالد هز راسه ووشه هادي، واللواء وحيد لسه مش قادر يقراه، شايف ردوده ونظراته عادية جدا.
أول ما خرجوا من الأوضة، ملامح خالد اتغيرت فجأة وبقت كلها غضب.. مش مصدق انه كان مخدوع في جده طول السنين! 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
تحت عند كارما، كانت واقعة على الأرض وياسمين جنبها بتمثل إنها بتحاول تفوقها، وكارما بتمثل إنها فاقدة الوعي بعد ما اتفقوا هما الاتنين يعملوا الحِركة دي عشان يخرجوا الجد من عند خالد بسرعة.
عبير جريت عليهم ملهوفة، بتحاول تفوق بنتها وهي بتصرخ:
– إيه اللي حصل؟!
بهيرة وأبوها نزلوا من عند خالد، وعبير قلبها هيقف من الخوف، بتقول بصوت عالي:
– كلم الدكتور بتاعها بسرعة يا بابا!
اللواء وحيد بص لها بحدة عشان مش عايز حد يعرف إن كارما بتتعالج، وقرب منهم وقال بصرامة:
– دكتور إيه يا عبير؟! بنتك ضعيفة ومبتكلش كويس، طبيعي يحصلها كده.
نزل على الأرض جنبها وهو بيحاول يفوقها، وكارما بعد كام محاولة منهم فتحت عنيها ببطء وقالت بصوت ضعيف:
– هو إيه اللي حصل؟
عبير وهي بتعيط من الخوف:
– إيه اللي جرى لك يا كارما؟ إزاي وقعتي كده؟
كارما ردت بصوت تعبان:
– أنا مش قادرة يا ماما… عايزة أرجع البيت أرتاح.
عبير حاولت تقومها، لكن اللواء وحيد وقف يبصلها بغضب:
– كفاية دلع في البنت دي، لازم يتشد عليها شوية.
عبير ضمت كارما لحضنها وقالت بغضب مكبوت:
– مش وقته الكلام ده يا بابا، بنتي تعبانة ومحتاجة ترتاح، من فضلك رجعنا البيت.
اللواء وحيد بص حواليه بغضب، حاسس إن كارما شتّتته عن هدفه، وقال بصوت حاد:
– اتفضلوا قدامي… إنتي وبنتك.
عبير مسكت كارما وهي خارجة بيها، وكارما وهي ماشية بصّت لياسمين نظرة متفقين عليها، وياسمين طمّنتها بعينيها.
بهيرة قالت بقلق:
– طب خليها ترتاح هنا يا عبير ونجيب الدكتور يطمنّا عليها.
أبوها رد بنفاد صبر:
– لأ يا بهيرة، هي مش محتاجة دكتور… ده دلع بنات مش أكتر.
وخرج ورا عبير وكارما، وبهيرة وصلتهم لحد باب الفيلا.
ياسمين كانت واقفة تراقب كل حاجة بصمت، مستنية يخرجوا عشان تطلع تطمن على خالد.
بهيرة رجعت من الباب وبصت لياسمين وسألتها:
– هو إيه اللي حصل لكارما فجأة؟
ياسمين ردت بهدوء مصطنع:
– معرفش… أنا كنت في الجنينة، دخلت لقيتها واقعة على الأرض.
بهيرة فضلت واقفة لحظة، بتبص حواليها بحيرة، وبعدين اتحركت على أوضتها من غير كلام.
ياسمين طلعت بسرعة على فوق، جريت على أوضة خالد، وفتحت الباب بسرعة وهي بتتنفس بصعوبة، 
اتنهدت براحة لما شافته قاعد على السرير بيغيّر التيشيرت بتاعه.
قربت منه بلهفة:
– حبيبي، إنت كويس؟
بص لها باستغراب:
– آه يا حبيبتي، كويس الحمد لله… هو في إيه؟
قعدت جنبه على السرير، إيدها على قلبها اللي كان بيدق بسرعة، وقالت وهي بتتنهد:
– الحمد لله يا رب.
سألها بفضول:
– هو إيه اللي حصل تحت؟ كارما مالها؟
ياسمين بصت له بجدية:
– كارما قالت لي حاجة خوفتني يا خالد… قالت إنها سمعت جدك بيتكلم في التليفون، وبيخطط لموت تلاتة… واحد في بيته، واحد في السجن، وواحد في المستشفى.
خالد رفع حاجبه وهو بيعيد الكلام:
– واحد في بيته… واحد في السجن… واحد في المستشفى؟
ياسمين قالت بثقة:
– يعني جدي الشرقاوي في بيته… ويحيى في السجن… و…
سكتت فجأة، مش قادرة تنطق، خالد ضحك وقال:
– وأنا طبعًا!
قالت بسرعة بلهفة:
– بعد الشر عنك… بس آه، ده اللي جه في بالي.
خالد سألها:
– كارما قالت حاجة تانية؟
ياسمين بصت للأرض وصوتها بقى حزين:
– آه… قالت إنها من زمان سمعت جدها بيتفق على قTل بابا… بس كدبت نفسها، وكانت خايفة تتكلم.
وبصت ل خالد وقالت بصوت ضعيف:
– خالد.. هو ممكن يكون جدك اللي قTل بابا فعلا؟ 
خالد هز راسه وهو بيتنهد وقال:
– ممكن..
هو مستعد يقTل حفيده، 
أكيد مش هيصعب عليه جوز بنته! 
سكت لحظة، وبعدين سألها:
– وإنتي قولتي إيه لكارما؟
ياسمين ردت وهي حزينة علي كل اللي بيحصل معاهم:
– مقولتش طبعًا إنك فاكر… قلتلها أنا وهي لازم نساعد بعض عشان نمنع جدها إنه يأذي حد. وهي مثّلت إنها فاقدة الوعي تحت، عشان نجبره ينزل من عندك ويمشي.
خالد ابتسم بخفة:
– كويس إنك مقولتيش لكارما إني فاكر… ماينفعش تثقي فيها، كارما شخصيتها ضعيفة ومهزوزه.
ياسمين اتكلمت بحزن:
– كارما تعبانة بجد يا خالد… عايشة في بيتها مرعوبة من جدها، وهي عارفة إنه الراجل اللي ق Tل أبوها، وعايز يقTل جدها وابن عمها وابن خالتها… مفيش حد يقدر يستحمل كده.
خالد رد بهدوء عشان يطمنها:
– ماتقلقيش يا حبيبتي… إحنا كنا عارفين إنه هيخطط لقTلنا. أو بالأصح… عنده أوامر بقTل التلاتة اللي كارما قالت لك عليهم، وأنا واحد منهم.
ياسمين بصّت له بعنيها القلقانة وقالت بخوف:
– أنا بقيت خايفة عليك أوي يا خالد.
وبصّت قدامها بحزن:
– وخايفة على أحمد أخويا… وهو في بيت جدي!
خالد شدّها عليه، واخدها في حضنه وقال بحنان:
– متخافيش يا حبيبتي… أخوكي في أمان، اطمني… مفيش حد هيتأذي.
ياسمين اتنهدت جوه حضنه براحة، لكن فجأة افتكرت بهيرة، فبعدت بسرعة وقالت بقلق:
– إنت بتعمل إيه يا خالد… مامتك ممكن تشوفنا!
خالد ضحك بغيظ خفيف:
– هي أمي مش بتعمل حاجة في البيت ده غير إنها تشوفنا! وبعدين إنتي مراتي… ولا إنتي اللي نسيتي؟!
ياسمين ضحكت وهي بتقول:
– لا، منستش… بس أنا خايفة عليك.
هو شدّها أكتر وقال بهدوء:
– لا متخافيش… خليكي في حضني واطمني.
فجأة الباب خبط، وسمعوا صوت بهيرة، ياسمين بسرعة زقّته بعيد عنها وهي بتقول بقلق:
– شوفت! مامتك جت.
خالد ضحك وهو بيتألم من صدره:
– فتحتيلي الجرح… حرام عليكي.
ياسمين وشّها اتبدّل للقلق، قربت منه بسرعة، وفي نفس اللحظة بهيرة فتحت الباب ودخلت، وقالت بنبرة صارمة وهي بصّة لياسمين:
– إنتي بتعملي إيه في ابني؟
ياسمين ردّت بتوتر وهي حاسة قلبها هيقف:
– مش بعمل حاجة والله… كنت بشوف الجرح بتاعه، حتى اسأليه.
خالد كتم ضحكته بصعوبة وهو شايفها مرعوبة من مامته، وبهيرة قربت منه بقلق:
– في إيه يا حبيبي؟ مالك؟
خالد قال بهدوء:
– مفيش يا ماما… كنت بغير التيشيرت وفلة كانت بتساعدني.
بهيرة رفعت حاجبها:
– فلة مين؟
خالد مثل الوجع وقال:
– قصدي وردة… اسمها إيه بقى اللي أنا متجوزها… نسيت اسمها.
ياسمين رفعت حاجبها بغيظ وبصت له بنظرة معناها "انا هخليك تنسى إسمي بجد".
بهيرة فهمت قصده وقالت:
– آه… قصدك ياسمين.
خالد اتكلم وهو عامل نفسه بيتألم:
– أيوه هي دي… الاسم ده بنساه كل شوية.
بهيرة قعدت جنبه على السرير، ومسحت على إيده:
– ولا يهمك يا حبيبي… افتكر برحتك، أو حتى لو مفتكرتش خالص، إحنا راضيين… المهم تخف وتقوم بالسلامة.
خالد كان بيحاول يكتم ضحكته، وياسمين واقفة قدامه بتغلي.
بهيرة بصتلها وقالت ل خالد:
– أنا عايزة أروح لخالتك أطمن على كارما، قلبي واكلني عليها… بس مش عايزة أسيبك لوحدك.
ردت ياسمين بنبرة فيها توعد لخالد:
– متقلقيش عليه… أنا موجودة هنا لو احتاج أي حاجة.
خالد فهم النبرة وضحك، وبهيرة فضلت تبص لياسمين بشوية تفكير.
خالد قال لأمه بنبرة هادية:
– روحي يا ماما اطمني عليها… أنا كنت هنام دلوقتي، ولو احتجت حاجة… وردة موجودة.
بهيرة وهي بتقوم:
– وردة مين يا خالد؟ متلخبطنيش أنا كمان.
واتحركت ناحية الباب وهي بتقول:
– أنا مش هتأخر… هطمن على كارما وارجع على طول.
وبصتلها:
– خلي بالك منه.
ياسمين هزت راسها وهي بتكتم غيظها، وأول ما بهيرة خرجت وقفلت الباب… خالد انفجر ضحك.
ياسمين قربت منه:
– فلة ووردة… صح؟!
خالد ضحك أكتر:
– خلي بالك… أمي لسه واقفة على الباب، والمرة دي هقولها إنك كنتي بتخلعيني التيشيرت.
ياسمين بغيظ:
– ماشي يا خالد… هتشوف أنا هعمل فيك إيه.
ومشت ناحية الباب عشان تخرج، لكن خالد قام بسرعة، وقفها قبل ما تفتح الباب، وقرب منها وهو بيبصلها بعينين كلها حب، وهمس:
– هتعملي فيا إيه؟
ياسمين اتوترت:
– خالد… ابعد، مامتك ممكن ترجع.
خالد قفل الباب بالمفتاح وقال بهدوء:
– ترجع براحتها بقى.
ياسمين اتلخبطت أكتر:
– خالد، إنت تعبان.
غمز لها وقال:
– إنتي مصدقة إني تعبان؟
وفجأة شالها من على الأرض، ياسمين شهقت:
– خالد! الجرح اللي في صدرك!
بص لها بعشق وقال:
– إنتي دوا جروحي كلها ياسمين.
ابتسمت له بحب، وقالت بزعل مزيف:
– بس انا زعلانه منك على فكرة. 
رد وهو بيبتسم:
– يبقى لازم اصالحك دلوقتي حالا. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في مديرية الأمن.
معتصم ومهاب كانوا طالعين مع بعض من مكتب مدير الأمن بعد اجتماع كبير جمعهم بكبار الضباط من المخابرات وأمن الدولة.
الاجتماع كان مليان تفاصيل جديدة عن الmافيا اللي اللواء وحيد متورّط معاهم.
مهاب بص لمعتصم وقال:
– هتعمل إيه يا معتصم؟
معتصم رد بحيرة وتفكير:
– إنت عارف… لو كنت لوحدي مكنش هيفرق معايا يستهدفوني او لأ، بس أنا بفكر في زينة.
مهاب هز راسه وقال:
– طبعًا لازم تفكر، وكويس كمان. دول mافيا، يعني مبيهزروش. ولسه دلوقتي عرفنا إن أمن الدولة رصدوا مكالمة خطيرة… الـmافيا بيخططوا يقTلوا وحيد الأسيوطي، وجلال الشرقاوي، ويحيى، وخالد… وبعض الظباط اللي كانوا في المهمة، وانت اسمك وسطهم!
معتصم وقف مكانه وبص قدامه وهو بيتنهد:
– أنا مش شايف غير زينة قدامي… مش هينفع تفضل هنا معايا وأعرض حياتها للخطر.
مهاب فكر شوية وقال:
– طب ما تبعتها البلد عند أبوك وعمتك، تقعد معاهم كام يوم لحد ما القضية دي تخلص.
معتصم قال وهو بيبص للأرض:
– بفكر في كده… بس برضه هكون قلقان عليها. زينب مرات أخويا مش سهلة، ولما جت تزورنا أنا شوفت في عنيها حقد وغدر ناحية زينة.
مهاب بص له بثقة وقال:
– ساعتها نبّه زينة تخلي بالها وخلي أبوك وعمتك يفتحوا عينهم عليها، ومرات أخوك هتخاف تقرب منها. المهم، فكّر وقرر بسرعة… مفيش وقت.
معتصم رفع راسه وقال بجدية:
– عندك حق… لازم أبعد زينة عن هنا فورًا.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
مهاب رجع شقته، وهو ماشي في الطرقة لمّح باب شقة منة مفتوح وصوت دوشة عالي جاي من جوه.
أصوات زعيق وخناقة، وصوت رجالة كبار.
قلبه وقع، لأنه عارف إنها عايشة لوحدها بعد ما أمها وأختها ماتوا، وملهاش حد.
وقف عند الباب محتار، يدخل على طول ولا يرن الجرس الأول، بس فجأة سمع صوت منة بتزعق بأعلى صوتها:
– مستحييييل يا خالي أتجوز الصا'يع ده! ده هو اللي خلى أختي تموت بحسرتها، خسرها كل حاجة لحد ما خسرت روحها! أجي أنا دلوقتي أتجوزه؟! وتقولي عشان خاطر ابن أختي؟! وماله ابن أختي؟، ما هو عايش معايا ومرتاح!
خالها الكبير رد عليها بصوت تقيل وحاسم:
– الكلام اللي قولناه هو اللي هيمشي يا بت انتي! إزاي نسيبك عايشة في شقة عازبة لوحدك كده؟! وكلام جوز أختك اللي شافك عاشقه واحد هنا وداخل خارج عليكي! فاكره إن امك ماتت خلاص مبقاش في حد يوقفك عند حدك! 
جوز أختك طلبك للجواز عشان ابنه يتربى قدام عينه، وإحنا وافقنا، وقرينا معاه الفاتحة... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
ماله ابن أختي؟، ما هو عايش معايا ومرتاح!
خالها الكبير رد عليها بصوت تقيل وحاسم:
– الكلام اللي قولناه هو اللي هيمشي يا بت انتي! إزاي نسيبك عايشة في شقة عازبة لوحدك كده؟! وكلام جوز أختك اللي شافك عاشقه واحد هنا وداخل خارج عليكي! فاكره إن امك ماتت خلاص مبقاش في حد يوقفك عند حدك! 
جوز أختك طلبك للجواز عشان ابنه يتربى قدام عينه، وإحنا وافقنا، وقرينا معاه الفاتحة.
مهاب اتجمد مكانه، قلبه دق بسرعة وهو سامع الصوت الجاي من جوه. صوت منة كان مليان قهر وهي بتعيط:
– يعني إيه قريتوا معاه الفاتحة؟! هو أنا قاصر عشان تقروا الفاتحة من ورايا! أنا مش موافقة… ومستحيل أتجوز الزفت ده!!
صوت خالها جه حاد وغاضب:
– يعني هتعصي كلامنا وتصغرينا قدام الناس؟!
منة مسحت دموعها بسرعة، وصوتها طلع قوي رغم الرجفة اللي فيه:
– انتوا خايفين من الناس ومش خايفين من ربنا؟! وبعدين معلش… ناس مين اللي مش عايزين تصغروا نفسكم قدامهم؟ كانوا فين الناس دي يوم ما أبويا مات وأنا وأختي صغيرين؟! أمي هي اللي اتمرمطت في الشغل ليل ونهار عشان تربينا لوحدها… بعد ما كل واحد فيكم قال "يلا نفسي" ومفكرتوش حتى تسألوا علينا بكلمة! ساعتها كنتوا كبار في عيون الناس وإنتوا واخدين ورث أختكم وسايبنها تشتغل عند الغريب عشان تربي عيالها الأيتام! ولما أمي وأختي ماتوا… ما فكرتوش حتى تسألوا عليا لو محتاجة حاجة… وجايين دلوقتي عايزين تجوزوني لواحد صايع… وتقولي هتصغرينا قدام الناس! لا يا خالي… إنتوا صغار أوي… ومن زمان.
صفعة قوية فجرت الموقف، إيد خالها نزلت على وشها بكل غل.
مهاب حس الدم بيغلي في عروقه، اندفع جوه من غير ما يفكر، وعينه وقعت على منة وهي حاطة إيدها على خدها ووشها بيحمر من قوة الضربة، وخالها لسه بيقرب منها أكتر وهو بيزعق:
– إنتي عيلة قليلة الرباية… وأنا هربيكي!
مهاب اتحرك بسرعة، مسك منة وسحبها ووقفها وراه، صوته طالع غاضب:
– مش عيب تبقى راجل كبير كده… وتمد إيدك على بنت؟!
خالها الكبير قام واقف، عينه بتلمع غضب، وبص لمهاب ومنة واقفة بتبكي وراه وفي حمايته:
– إنت بقى عشيقها اللي جوز أختها قالنا عليه؟!
مهاب شد نفسه، وبصلّه من غير ما يرمش:
– عيب الكلمة دي يا حاج… ميصحش تطلع من راجل كبير في سنك! وجوز أختها ده… عيل مترباش… تقوم تردد كلامه!
خالها التاني بص لمهاب بحدة وصوته علي:
– وانت مين بقى عشان تقولنا اللي يصح واللي ميصحش؟! ودخلت هنا إزاي؟! شكلك متعود تدخل هنا على طول؟ والكلام اللي وصلنا شكله كله صح!
لف ببصته لمنة اللي واقفة ورا مهاب بتبكي، وقالها بلهجة تهديد:
– وانتي.. بعد اللي شوفناه بعنينا هنا، قدامك حلّين… يا تتجوزي جوز أختك وتربي ابن أختك معاه… يا إمّا إحنا بنفسنا هنشهد مع جوز أختك باللي شوفناه، وياخد ابنه يربيه لحاله… وانتي الله يسهل لك في السكة الشمال اللي ماشيه فيها!
مهاب اتنفض من مكانه وصوته طلع حاد:
– إيه يا حاج الكلام ده؟! إنت شوفت إيه عشان تقول سكة شمال وسكة يمين؟! إنت شغال في المرور؟!
رمى كلماته بسرعة:
– دي أول مرة أدخل الشقة دي، والباب كان مفتوح… سمعت صوت رجالة بتزعق وأنا عارف إن أستاذة منة عايشة لوحدها مع ابن أختها الصغير… فكرت إنها في مشكلة ودخلت أساعدها.
خالها الكبير اتدخل ببرود:
– وانت مين عشان تساعدها؟
مهاب بص له بثبات:
– أنا جارها… ساكن قصادها، والآنسة منة محترمة ومفيش حد يقدر يتكلم عليها نص كلمة.
خالها التاني ضحك بسخرية:
– وبتشتغل إيه يا جارها؟ شغال تساعد آنسة منة المحترمة؟
مهاب شد كتافه، وصوته طلع واثق:
– لا… أنا ظابط… وبساعد الناس كلها. هو الحاج ميعرفش إن الشرطة في خدمة الشعب ولا إيه؟
الخالين اتبادلوا نظرة سريعة وهمس بينهم كلمة وحدة:
– ظابط!
مهاب كمّل بنفس الثقة:
– أيوه ظابط… وأنا اللي وقفت لجوز أختها لما جه هنا وكان بيضايقها… وأي حد هيفكر يقرب منها أنا هقف له.
خالها الكبير بص له بعمق وسأله:
– وبصفتك إيه بالظبط؟
مهاب سكت لحظة… قلبه دق أسرع… لف ببصته على منة اللي عينها مليانة دموع ورجاء، بتترجاه بعينيها إنه يحميها… رجع يبص لخالها وقال بصوت فيه تردد:
– بصفتي… إني عايز أتجوزها.
الوقت وقف لثانية… منة اتجمدت مكانها والصدمة مرسومة على وشها… حتى مهاب نفسه حس الكلمة تقيلة، متسرعة… قلبه بيقول اتسرعت.
لكن خالها الكبير قطع عليه أي مجال للتراجع، وقال بسرعة:
– واحنا موافقين… تتجوزها وتحل مشاكلك مع جوز أختها بعيد عننا… ونقفل الحكاية دي خالص.
مهاب بص له، لسانه مش قادر ينطق… عقله بيصرخ إنه دخل في طريق مفيش رجوع منه.
خالها التاني دخل على الخط:
– لو انت راجل وقد كلامك… ننزل للمأذون دلوقتي وتكتب عليها رسمي. 
مهاب رد بذهول، النبرة طالعة من غير ما يفكر:
– هو إيه لو أنا راجل؟! طبعًا راجل… وقد كلامي.
خالها الكبير حسمها:
– يبقى تنزل معانا دلوقتي للمأذون… وتكتب عليها… وإحنا وعد رجالة هنبعد جوز أختها ده عنكم خالص.
مهاب ثبت عينه قدامه، قلبه بيخبط، متردد… بس خلاص، مفيش رجوع.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
عند معتصم وزينة.
زينة كانت واقفة قدام الشنطة الصغيرة، بتحط فيها هدومها، وإيديها بترتعش وهي بتحاول تخفي دموعها… بس الحزن كان واضح على وشها، وعينيها مليانة دموع واقفة على الحافة.
معتصم قرب منها بهدوء، مد إيديه وضمها لحضنه بقوة، صوته طالع هادي ودافي:
– متقلقيش… كام يوم بس… وهاجي أخدك.
زينة نزلت دموعها من غير ما تحاول تمسحها، وصوتها كان بيرتعش وهي بتقول:
– أنا خايفة عليك إنت يا معتصم… إنت كده حياتك في خطر.
هو بص لها وابتسم ابتسامة صغيرة، فيها طمأنينة أكتر من الكلام:
– متخافيش يا حبيبتي… إن شاء الله مش هيحصل حاجة… المهم عندي إنك تكوني في أمان.
مد إيده بحنية على بطنها، وصوته اتغير وبقى أرق:
– وتخلي بالك على ابننا.
زينة ما قدرتش تمسك نفسها… دموعها نزلت أكتر وهي بتشده ليها، حضنته بقلبها قبل إيديها، كأنها بتحاول تخزن في اللحظة دي كل الأمان اللي محتاجاه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعتين…
عند مهاب.
رجع العمارة بخطوات تقيلة، وزينة ماشية وراه وهي ماسكة إيد أدم، ابن أختها.
دموعها كانت بتلمع في عنيها… مش بس من التعب، لكن من إحساسها إن مهاب اتسرع لما قال قدام خالها إنه عايز يتجوزها… وإن خالها مسكها فرصة ودبسه في الجوازة.
كانت شايفة في عينه الحيرة… الصدمة… والتردد الواضح حتى وهو بيوقّع على عقد الجواز. شافته بياخد لحظة قبل ما يمد إيده يكتب اسمه… والمشهد كله وجع قلبها.
مكانتش تحلم ولا حتى تتمنى إنها تتجوز بالطريقة دي… ولا إنها تكون صفحة جديدة في حياة حد وهو مش جاهز يفتحها.
مهاب وقف ما بين شقته وشقتها، واقف متلخبط… الكلام واقف في حلقه.
منة بصت له، دموعها على وشك إنها تنزل، وصوتها طلع مهزوز لكنه واضح:
– أنا فاهمة كل حاجة من غير ما تتكلم… الجوازة دي اعتبرها محصلتش… ووعد مني مش هتحس بوجودي أبدًا… وبعد كام يوم لما الموضوع يهدى، روح للمأذون وطلقني… ومفيش أي حد هيعرف حاجة.
مهاب فضل ساكت لحظة، عينه عليها، وبعدين قال بهدوء:
– ادخلي شقتك دلوقتي… ونتكلم بعدين.
هزت راسها بحزن، وأخدت أدم من إيده، ودخلت شقتها… قبل ما تقفل الباب، بصت له بنظرة كلها وجع ودموع، كأنها بتودّعه من غير ما تقول الكلمة.
مهاب حس ساعتها بوجع غريب في قلبه… أول مرة يحس بيه بالشكل ده.
اتحرك بخطوات تقيلة ناحية شقته، حط المفتاح في الباب… بس قبل ما يفتحه، عينه راحت على باب شقة منة.
وقف لحظة… سحب المفتاح من الباب، ومفتحش.
نزل السلم ببطء، وخرج من العمارة كلها، ركب عربيته، والمشهد كله بيلف في دماغه… بيحاول يستوعب إنه بقى متجوز للمرة التانية… وبطريقة عمره ما تخيلها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
ياسمين كانت قاعدة في المكتب مع سالم، بيتكلم معاها عن المصنع وبيشرح بحماس عن المكن الجديد اللي شافه وبيفكر يشتريه.
بهيرة دخلت المكتب وهي لسه راجعة من بيت والدها، شكلها مرهق شوية.
سالم رفع عينه وسألها بهدوء:
– كارما عاملة إيه دلوقتي يا بهيرة؟
بهيرة قعدت على الكرسي وقالت وهي بتحاول ترتاح:
– كويسة… شكل اللي حصلها هنا ضعف بسبب قلة الأكل، زي ما بابا قال.
وبصت لياسمين وسألتها:
– خالد أكل وخد الأدوية بتاعته؟
ياسمين ردت بسرعة، وفي صوتها شوية توتر:
– آه… اتغدينا كلنا مع بعض لما عمي سالم رجع من المصنع، وخالد خد الدوا وطلع فوق يرتاح شوية.
بهيرة هزت دماغها وهي بتقوم:
– أنا كمان هروح أرتاح في أوضتي… النهاردة كان يوم طويل.
خرجت من المكتب، وسالم بص لياسمين وضحك بخفة:
– خلي بالك على خالد… بهيرة مستنية عليكي غلطة.
ياسمين ضحكت وقالت بهزار:
– بتحبني أوي.
سالم ابتسم وقال:
– مش مهم هي تحبك… المهم إن ابنها بيحبك.
ياسمين فجأة بصت له بدهشة، افتكرت لما خالد قال لها نفس الجملة دي قبل كده.
سالم استغرب:
– مالك مستغربة كده ليه؟
ياسمين ردت:
– أصل خالد قالي نفس الجملة دي قبل كده.
سالم ضحك بثقة:
– ابني… وطالع لي.
ياسمين همست بصوت مسموع شوية:
– الحمد لله إنه مطلعش لمامته.
سالم سمعها وضحك من قلبه، ضحكة نادرة وقوية.
ياسمين اتكسفت وقالت بسرعة:
– آسفة.
لكن سالم كان بيضحك بجد.
وفجأة دخل خالد، استغرب المشهد… مش معتاد يشوف أبوه بيضحك بالشكل ده، ومش مع أي حد.
بص لهم بدهشة وسأل:
– هو في إيه؟
ياسمين اتوترت، وسالم رد وهو لسه بيضحك:
– مفيش يا حبيبي… تعال اقعد معانا. أنت مش عارف تنام ولا إيه؟
خالد هز راسه:
– لا… أنا كنت هنام، بس مهاب كلمني وقال إنه جاي في الطريق يقعد معايا شوية… هطلع أستناه في الجنينة.
سالم بص لياسمين وقال بفخر:
– شايفة ابني طيب إزاي؟ طالع لي.
ياسمين ضحكت وقالت:
– اه طبعا، الحمد لله.
خالد وقف محتار، مش فاهم بيضحكوا على إيه، وقال:
– واضح إن في بينكم شغل غريب كده بيضحك ومش مفهوم… هروح أنا أستنى مهاب.
وخرج على الجنينة… ولسه صوت ضحك ياسمين وسالم مالي المكتب.
.........
بعد شوية، جه مهاب.
دخل الجنينة على طول، قعد قدام خالد من غير ما ينطق ولا كلمة… ملامحه كانت واضحة عليها الصدمة، وعينيه شاردة كأنه لسه مش مصدق اللي حصل.
خالد بص له باستغراب وقال:
– إيه يا بني؟! مش تقول سلام عليكم، مساء الخير… أي حاجة؟!
مهاب رفع عينه وبص له، وصوته طالع ثابت لكن فيه رعشة خفية، كأنه بيقول الكلمة لنفسه قبل ما يقولها لخالد:
– أنا… اتجوزت.
خالد فضّل ساكت لحظة، ملامحه متجمدة، كأنه مستني باقي الجملة عشان يفهم:
– مين اللي اتجوز؟
مهاب ابتلع ريقه وقال بتوتر واضح:
– أنا.
خالد عينه اتسعت بدهشة:
– إنت بتتكلم بجد؟ ولا جاي تهزر… أنا مش فايقلك دلوقتي!
مهاب بص له جد:
– أنا اتجوزت بجد… ولسه راجع من عند المأذون.
خالد حس إن الموضوع حقيقي وقال بسرعة:
– لسه راجع من عند المأذون إزاي؟! ومين دي اللي فجأة كده اتجوزتها؟!
مهاب رد من غير ما يبص في عينه:
– منة.
خالد عقد حواجبه:
– منة مين؟!
مهاب:
– منة… مديرة حسابات أبوك.
خالد زاد استغرابه:
– مديرة حسابات أبويا؟ يعني إيه الكلام ده؟
مهاب حاول يوضح:
– قصدي مديرة حسابات مصنع الدريني… وصاحبة مراتك كمان.
خالد بص له بدهشة أكبر:
– وإنت شوفتها وعرفتها إمتى وفين دي؟
مهاب:
– هي جارتي… وبتربي أدم، ابن أختها.
خالد لسه ملامحه مش مستوعبة، فمهاب قال بسرعة:
– بص… الموضوع ملخبط، ومش وقته دلوقتي… المهم إني اتجوزتها، والمشكلة إني حاسس إني اتسرعت… وفي نفس الوقت كان لازم أعمل كده.
خالد اتكلم بهدوء، وهو بيحاول يهدّيه:
– لا… إنت تهدى كده، وتحكيلي الحكاية من الأول خالص.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في محافظة سوهاج
معتصم وصل بعربيته ووقف قدام بيت أبوه.
زينة كانت قاعدة جنبه طول الطريق، ساكتة وحزنها باين في عينيها، إيدها متشابكة وكأنها مسكة نفسها بالعافية.
معتصم مد إيده ولمس إيدها بحنية وقال بصوت دافي:
– زينة، مش هينفع تفضلي زعلانة كده. هما كام يوم، وهارجع أخدك إن شاء الله.
زينة رفعت عينيها له، والدموع متجمعة، وقالت وهي بتحاول تثبت صوتها:
– أوعدني إنك تخلي بالك من نفسك يا معتصم.
هو ابتسم لها بحب:
– إن شاء الله يا حبيبتي. بس إنتي ما تقلقنيش عليكي. اعتبريهم كام يوم أجازة هتقضيهم مع عمتي. مش هي وحشتك؟
هزت راسها بالإيجاب، ولسه مابينهم الكلام، فجأة سمعوا صوت زغاريد عمته جاي من بعيد، بتقرب من العربية بابتسامة واسعة.
معتصم نزل من العربية، وهو بيضحك، وسلم علي عمته.
زينة فتحت باب العربية، ولقت أمها جاية عليها بلهفة وحضن كبير.
الحاج عبد الرحيم، أبو معتصم، خرج من البيت ووشه منور بابتسامة استقبال.
دخلوا البيت، 
في الصالة، 
ممدوح، أخو معتصم، كان قاعد. أول ما شافه، قام واقف بسرعة وكأنه بيهرب من قدامه.
صوت معتصم وقفه:
– ممدوح… أخويا.
ممدوح وقف،
معتصم قرب منه، بص في عينيه وقال بصوت فيه شوق:
– وحشتني يا أخويا.
ممدوح رد بجمود، من غير ما يبين مشاعره:
– نورت دارك يا معتصم.
وبعدين مشي وخرج من البيت وهو متجاهل وجود اخوه وزينة.
معتصم وقف مكانه، قلبه حزين من المعاملة الباردة من أخوه.
 أبوه قرب منه وقال بهدوء:
– ما تزعلش يا معتصم. هيجي يوم وأخوك يروق، انتوا مالكوش غير بعض.
معتصم همس جواه:
– يمكن اليوم ده يجي وأنا مش موجود.
وقال:
– عن إذنك يا أبويا.
وخرج ورا اخوه بسرعة.
زينة كانت واقفة جنب أمها، ملامحها متوترة وهي بتبص حواليها.
زينب نزلت من فوق، وأول ما شافت زينة، ملامحها اتغيرت والشر ظهر في عينيها قبل ما ترسم ابتسامة مصطنعة:
– يادي النور، يادي النور… نورتي البلد يا زينة.
زينة ردت بتوتر:
– البلد منورة بأهلها يا زينب.
أم زينة، زهيرة، دخلت في الكلام بفرحة:
– من ساعة ما معتصم كلّم أبوه وقال إنكم جايين، وأنا الفرحة منورة قلبي.
زينة ابتسمت بخفة:
– أنا هقعد معاكم كام يوم، معتصم مسافر وقالي ماينفعش أكون في الشقة لوحدي.
زينب بصت لها بصدمة، لكن أبو معتصم قطع اللحظة:
– بيتك وبيت جوزك، تنوريه في أي وقت يا زينة يا بنتي.
وبص لزينب:
– جهزي العشا يا زينب، معتصم هيتعشى معانا قبل ما يمشي.
زينب ردت وهي بتكتم غضبها:
– أمرك يا أبويا.
........... 
برّه، معتصم كان لحق أخوه في الشارع الترابي اللي قدام البيت. 
معتصم:
– لسه مصدق إن أخوك الصغير يعمل معاك كده يا ممدوح؟
ممدوح رد بحدة:
– ملوش لازمة الكلام ده خلاص.
معتصم وقف قدامه وأصر:
– لا، له لازمة. أنا حلفت لك بالله العظيم إن عمري ما كان بيني وبين زينة حاجة قبل ما اتجوزها، وأنا ما بكدبش عليك يا ممدوح. كنت ناوي أسيب الأيام تثبت لك، بس الوضع اتغير… مش عايز لو جرالي حاجة، أموت وإنت فاكر عني كده.
كلمة "الموت" خلت قلب ممدوح يدق بسرعة، بص لأخوه بقلق.
معتصم كمل:
– ربنا شاهد على اللي في قلبي ناحيتك، إنت أغلى عندي من الدنيا. عمري ما خنتك ولا بصيت للي ليك.
ممدوح سأل بخوف:
– في إيه يا معتصم؟ قلقتني عليك.
معتصم اتنهد:
– اسمي من ضمن قائمة اسماء مستهدفين من الMافيا وبيستعدوا لقTلنا، انا وكام ظابط من زمايلي. كنا شغالين على قضية وفيها ناس كبيرة متورطين فيها وقررا انهم يتخلصوا من كل الظباط إللي كانوا شغالين في القضية وبيشكلوا خطر عليهم.
منعرفش لسه هيتحركوا ازاي او هينفذوا أمتي وفين ،
أنا سايب زينة عندكم أمانة، ماينفعش أعرض حياتها للخطر. لو جرالي حاجة… زينة واللي في بطنها أمانة في رقبتك.
ممدوح عينه لمعت بالحزن وهو بيهز راسه:
– بعد الشر عنك يا أخويا ، ان شاء الله انت اللي هتربي ابنك اللي جاي وتفرح بيه.
معتصم حس براحة وقال.
– نفسي تصدقني وتعرف الحقيقة… مش عايز أسيب الدنيا وإنت شايل مني.
ممدوح قطع كلامه بحِدة:
– بس ياواد انت اسكت، بعد الشر عنك، طب خلي حد يفكر يقرب منك وانا أكلهم بسناني، لا mافيا ولا غيرهم يقدروا يقربوا منك.
معتصم ابتسم بحب:
– ربنا يخليك ليا يا اخويا.
ممدوح لسه فيه قلق:
– خليك هنا وسطنا وبلاش ترجع، خد اجازة من شغلك ولا حتي سيب شغلك ده خالص ومتعرضش حياتك للخطر.
معتصم هز راسه بأصرار:
– مش هينفع يا أخويا ، متعودتش اهرب، وان شاء الله ربنا يقدرنا ونقبض عليهم وننضف الدنيا من امثالهم.
ممدوح قال بثقة:
– ربنا هينصركم عليهم ان شاء الله.
معتصم بص له بجدية:
– ابوك ميعرفش حاجة يا ممدوح. انا فهمته اني مسافر ومأكد على زينة متقولش حاجة.
ممدوح هز راسه بتفهم، معتصم اتكلم بتردد:
– وفي حاجة عايز أوصيك عليها قبل ما امشي.
ممدوح بص له.
معتصم: 
– خلي بالك من زينة ، وخلي عينك على زينب مراتك، زينب جواه شر، انا شوفته في عنيها وخايف تأذي زينة وهي هنا.
ممدوح بص ل اخوه وكان لسه هيتكلم يدافع عن زينب مراته بس معتصم قال بسرعة:
–  انا عارف ان انت شايفها كويسه ، بس انا بحكم شغلي بيكون ليا نظرة تانيه وفهمت اللي هي مخبياه ورا وشها الطيب قدامكم، مش بطلب منك غير انك تخلي عينك عليها وتبعدها عن زينة على قد ما تقدر.
رد ممدوح بثقة: 
– متقلقش يا معتصم ، بس انت خلي بالك من نفسك.
معتصم ابتسم براحة وقاله: 
– ربنا يريح قلبك يا أخويا زي ما ريحت قلبي. انا دلوقتي همشي وانا مطمن.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني
عند مهاب وخالد.
خالد كان قاعد لسه بيضحك بعد ما مهاب خلص حكايته، وهو بيشرحله إزاي فجأة لقى نفسه قدام المأذون وبيمضي على عقد جوازه من منة. ضحكة خالد كانت طالعة من القلب، وكأن الموقف بالنسبة له فيلم كوميدي مش حقيقي.
خالد:
– وناوي تعمل إيه دلوقتي؟
مهاب تنهد، وملامحه كلها كانت محتارة ومتلخبطة، وقال بصوت فيه قلق:
– مش عارف يا خالد! دي أول مرة أحس إني تايه كده. البنت كويسة... بس أنا حاسس إني مش جاهز أتجوز تاني، مش مستعد خالص.
وهو بيتكلم، فجأة سكت، وبص لخالد بتركيز غريب، كأنه بيقيس رد فعله، وسأله فجأة:
– خالد... هي ياسمين كشفتك؟ وعرفت إنك فاكرها؟
خالد باندهاش:
– عرفت إزاي؟
مهاب ابتسم ابتسامة جانبية وقال:
– من أول ما دخلت، وأنا شايف شعرك بيلمع... وكنت بكدب نفسي!
خالد ضيق عينه وقال بغيظ:
– يخربيت دماغك! شعري إيه اللي مركز فيه وسايب المصيبة اللي أنت وقعت نفسك فيها!
مهاب بصله بنظرة كلها غموض وكأنه فاهم أكتر ما بيقول:
– متغيرش الموضوع. 
اللمعة دي أنا عارفها كويس... بس إزاي؟ وانت لسه خارج من المستشفى!
خالد اتنرفز، وصوته ارتفع:
– تصدق إنت حلال فيك اللي بيحصلك ده! قوم يلا امشي من هنا!
مهاب عمل نفسه مش سامع، وقعد يتكلم ببرود:
– أمشي أروح فين؟ أنا ما ليش غيرك أشكيله همي دلوقتي. معتصم خد مراته وسافر بيها البلد... هيسيبها أمانة عند أهله!
خالد حرك حاجبه بدهشة:
– هيسيبها أمانة عندهم ليه؟
مهاب رد وكأنه بيقول خبر عادي رغم خطورته:
– كان في اجتماع في المديرية النهاردة، وبلغونا إنهم رصدوا مكالمة لواحد من الmافيا، بيبلغوه قايمة بأسماء اللي هيقتلوهم خلال 48 ساعة. واسمك كان فيهم طبعًا... واسم معتصم كمان، لأنه كان من الظباط اللي بيجمعوا تحريات في القضية. شكلهم شاكين إنكم عرفتوا حاجة عنهم وعايزين يخلصوا منكم.
خالد اتكلم بصوت هادي:
– طب وانت؟ اسمك مش مكتوب معانا؟
مهاب هز كتفه ببرود:
– وأنا مالي!
صوت خالد ارتفع فجأة بعصبية مخنوقة:
– يا بني آدم! قاعد قدامي بقالك ساعة، إزاي ما تقوليش حاجة زي كده!؟
مهاب رد ببرود وكأنه مش شايف خطورة الكلام:
– ما أنا كنت بحكيلك حاجة أهم!
خالد حس الدم بيغلي في عروقه، وعينيه وسعت:
– حاجة إيه اللي أهم من حياتي ومن حياة صاحبك؟! إنت بتقولي إننا ممكن نتقتل بعد 48 ساعة، وقاعد بترغي بقالك ساعة!
مهاب أشار بإيده وكأنه بيهدي الموقف:
– هو أنا بقولك إنهم هيقتلوك بكرة الصبح؟ قدامكم 48 ساعة يعني يومين لسه! قولي بقى يا خالد أعمل إيه مع منة... مفيش وقت!
خالد ضرب كف على كف، ووشه مليان غيظ، وكأنه بيكلم نفسه:
– أنا هتجنن!
في اللحظة دي، ياسمين قربت منهم بخطوات هادية، وعلى وشها ابتسامة بسيطة، وبصت لمهاب:
– مساء الخير، إزيك يا مهاب؟
مهاب ابتسم ابتسامة باهتة:
– الحمدلله يا ياسمين.
ياسمين سألت وهي بتبص ما بين الاتنين:
– تشربوا حاجة ؟
مهاب، وعينه فيها لمعة حزن:
– قهوة سادة.
خالد بصله بنظرة غاضبة وقال بسخرية عصبية:
– إنت بتجهز نفسك لاستقبال العزا من دلوقتي؟
مهاب رفع حاجبه وقال:
– يعني عايزني أشرب إيه في الظروف دي؟ خلاص يا ياسمين، هاتيلي شربات... مبسوط كده؟
ياسمين بصت لهم بدهشة وهي مش فاهمة:
– هو في إيه؟ مالكم؟
مهاب رمى الكرة لخالد وهو بيشير له:
– اسألي جوزك.
وش ياسمين اتوتر فجأة، قلبها دق أسرع، لأنها متفقة مع خالد إن محدش يعرف إنه فاكرها، فقالت بسرعة وبصوت فيه ارتباك:
– جوزي إيه! هو مش فاكر حاجة!
مهاب رد بسرعة وبثقة:
– ياسمين... ياسمين، متمثليش وتتعبي نفسك، أنا عارف إنك عرفتي كل حاجة.
ياسمين فتحت عينيها بدهشة حقيقية:
– عرفت إزاي؟ هو أنا باين عليا؟
مهاب أشار على خالد وهو بيبص علي شعره:
– لا... باين عليه هو.
خالد بدأ يبص حواليه بيدور على أي حاجة يرميها على مهاب، وقال وهو بيكتم عصبيته:
– قوم يا زفت، امشي من هنا!.. بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
ياسمين بصت لهم بدهشة وهي مش فاهمة:
– هو في إيه؟ مالكم؟
مهاب رمى الكرة لخالد وهو بيشير له:
– اسألي جوزك.
وش ياسمين اتوتر فجأة، قلبها دق أسرع، لأنها متفقة مع خالد إن محدش يعرف إنه فاكرها، فقالت بسرعة وبصوت فيه ارتباك:
– جوزي إيه! هو مش فاكر حاجة!
مهاب رد بسرعة وبثقة:
– ياسمين... ياسمين، متمثليش وتتعبي نفسك، أنا عارف إنك عرفتي كل حاجة.
ياسمين فتحت عينيها بدهشة حقيقية:
– عرفت إزاي؟ هو أنا باين عليا؟
مهاب أشار على خالد وهو بيبص علي شعره:
– لا... باين عليه هو.
خالد بدأ يبص حواليه بيدور على أي حاجة يرميها على مهاب، وقال وهو بيكتم عصبيته:
– قوم يا زفت، امشي من هنا!.
مهاب رفع حاجبه وقال بإصرار:
– أمشي فين؟ أنا مش هتحرك من هنا قبل ما أعرف هعمل إيه مع منة.
ياسمين اتفاجئت وبصت له بدهشة:
– مالها منة؟
مهاب رد وكأنه بيحكي حاجة عادية جدًا، رغم إن كلامه كان قنبلة:
– اتجوزتها النهاردة.
ياسمين شهقت وهي فاتحة عينيها على الآخر، وبعدين فجأة ضحكت من الصدمة:
– بجد؟؟ طب إمتى وإزاي؟ أنا كنت حاسة إن في حاجة بينكم، بس متخيلتش إنكم تتجوزوا بالسرعة دي!
مهاب هز راسه:
– لا… هو الموضوع مش زي ما إنتي فاكرة. بصي، مش مهم أشرحلك دلوقتي، بس أنا عايزك تنصحيني يا ياسمين… رأيك أنا ومنة ممكن نكون مناسبين مع بعض؟
ياسمين قعدت تفكر، لكن قبل ما تقول حاجة، مهاب قرب شوية وقال برجاء واضح:
– ساعديني يا ياسمين… مش أنا ساعدتك ونصحتك لما كنتي بتتجوزي؟
خالد، اللي كان متابع الكلام بنظرة غيظ، قاطعهم بسخرية:
– نصحتها بإيه؟ قولتلها جربي، ولو معجبكيش اتطلقي وعيشي مرتاحة زيي! هي دي النصيحة اللي إنت نصحتها بيها!
مهاب رد باختصار:
– المهم إني نصحتها.
وبص لياسمين برجاء حقيقي:
– ياسمين، قوليلي بجد… أنا ومنة… مناسبين لبعض؟
ياسمين خدت نفس عميق، وعينيها بتلمع بتفكير، وقالت بهدوء:
– من رأيي آه… مناسبين لبعض جدًا. 
بس في النهاية،
إنتوا اللي تقرروا.
منة بنت كويسة جدًا ومؤدبة، وشاطرة في شغلها، وكمان قادرة تشيل مسؤولية كبيرة لوحدها. رأيي الشخصي فيها إنها ممتازة، ومش هتلاقي بنت أفضل منها!
خالد رد بسرعة على كلامها وهو مش مستوعب:
– ولما هي بنت بالمواصفات دي، تبقى مناسبة للكائن ده إزاي؟
وبص لمهاب بغيظ أكتر:
– ده ماينفعش معاه غير واحدة تكهربه وهو نايم!
ياسمين ما قدرتش تمسك ضحكتها، وبصت لمهاب بخفة دم.
فجأة، تليفون خالد اللي كان على الترابيزة رن. خالد مد إيده وخده، وبمجرد ما رد، قام واقف وابتعد عنهم شوية عشان يتكلم بعيد، ووشه بقى جاد.
ياسمين رفعت حاجبها وهي مستغربة تصرفه، وقلبها فيه فضول تعرف مين اللي بيكلمه. بصت لمهاب وسألته بنبرة فضولية:
– هو خالد بيكلم مين؟
مهاب رمق خالد بنظرة خاطفة وبعدين رجع يبص لها:
– ماتقلقيش، هو معندوش وقت يخونك. المهم ركزي دلوقتي في مشكلتي… يعني رأيك أدي لنفسي فرصة مع منة، صح؟
ياسمين ردت وهي بتبتسم بخفة:
– أكيد، هي دلوقتي مراتك، وهتقدر تتعرف عليها من قريب وتفهموا بعض أكتر.
وبصت له بفضول وهي مايلة شوية لقدامه:
– بس إنتوا اتجوزتوا إزاي وامتى؟ أنا ما توقعتش تتجوزوا بالسرعة دي!
قبل ما مهاب يرد، خالد خلص مكالمته وقرب منهم بخطوات سريعة، وصوته حاسم:
– قوم.
مهاب رفع حاجبه بدهشة:
– أقوم فين؟
خالد قال وهو بيبصله بجدية:
– عندك شغل.
مهاب لمحه وهو بيتجنب يبص لياسمين، وفهم على طول إن في حاجة مش هينفع تتقال قدامها. قام من مكانه فورًا، وقال لياسمين وهو بيبتسم ابتسامة هادية:
– معلش يا ياسمين، هنكمل كلامنا بعدين.
خرج مع خالد لحد ما وصلوا عند عربية مهاب، ووقفوا يتكلموا كام دقيقة بصوت واطي مع بعض ، ملامح خالد فيها توتر واضح. بعد شوية، مهاب ركب عربيته ومشي، وخالد رجع عند ياسمين.
ياسمين كانت واقفة، فضولها بيقتلها، وعينيها مليانة قلق. أول ما قرب خالد، بصت له وسألته بنبرة حازمة:
– خالد، هو في إيه؟
خالد كان بيبص على تليفونه، ووشه متوتر، وقال وهو بيحاول يخفي قلقه:
– مفيش يا حبيبتي… اطلعي يلا ارتاحي فوق، أنا لسه قاعد شوية.
ياسمين ضيقت عينيها وهي بتحاول تقرأ وشه:
– في إيه يا خالد؟ مين اللي كلمك ومن بعدها بقيت قلقان كده؟
خالد رفع عينه من على التليفون، وبص لها وهو بيتنهد، صوته حاول يكون هادي:
– أنا مش قلقان ولا حاجة… واللي كلمني ده واحد صاحبنا عنده مشكلة، وطلب مساعدتي، فبعتله مهاب.
ياسمين هزت راسها ببطء، وملامحها بتقول إنها مش مقتنعة:
– ماشي يا خالد، هصدقك… رغم إني مش مقتنعة.
اتحركت من قدامه ودخلت جوه الفيلا، وخالد فضل واقف مكانه يتابعها بنظره لحد ما اختفت.
أول ما اختفت من قدامه، عينه رجعت تاني للتليفون، وبإيده ضغط على رقم، وحط الموبايل على ودنه… كان بيتصل بعمها راشد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد نص ساعة قدام بيت الشرقاوي،
الشارع كان مليان عربيات شرطة صفوف ورا بعض، أنوارهم الزرقا والحمرا مولعة الدنيا. الحركة كانت سريعة ومكثفة، قوات الشرطة داخلين وخارجين من البيت، أصوات اللاسلكي، وخطوات العساكر على الأرض عاملة دوشة تقطع هدوء الليل.
مهاب وصل بعربيته، ركن على جنب ونزل بسرعة، خطواته سريعة وعينه بتمسح المكان. دخل الفيلا بخطوات حاسمة، وعينه وقعت على جلال الشرقاوي وهو خارج، إيديه متكلبشة، ووشه شاحب.
العساكر شغالين يفتشوا البيت كله، الأوض بتتفتح واحدة ورا التانية، وصوت الأوامر بيعلى وسط الجو المكهرب.
راشد كان واقف ثابت مكانه، بيبص على أبوه بنظرة كلها حسرة ووجع، كأن الدنيا تقفلت في وشه. قدامه مراته واقفة محتضنة بنتها بخوف. و أحمد، أخو ياسمين، كان واقف قريب منهم، ملامحه مرعوبه ومش فاهم إيه اللي بيحصل حواليه.
مهاب اتقدم ناحية مجموعة من الظباط اللي كانوا واقفين بيتكلموا، اتبادل معاهم الكلام بسرعة، وبعدين عينه راحت على أحمد، وبعدها اتحرك من مكانه ووقف قدام راشد وقال بجدية:
– لازم تسيبوا البيت ده بسرعة.
راشد هز راسه وقال بصوت فيه تعب وإصرار:
– أنا كلمت أوتيل، هنروح نقعد فيه للصبح، وهحجز لمراتي وبنتي على أول طيارة. بس أنا مش هينفع أسافر وأسيب أبويا وابني هنا!
مهاب بص لراشد، وصوته كان جاد وحاسم:
– يحيى اعترف على جده، والاتنين هيدخلوا حبس مشدد، ومتأمن عشان نحميهم. وجود حضرتك هنا هيكون خطر عليك… الأفضل تسافر مع مراتك وبنتك.
بعدها لف وشه ناحية أحمد وقال بنبرة واضحة:
– وأحمد هيجي معايا.
أحمد، اللي كان واقف متجمد مكانه، بص لمهاب وبعدين لعمه، وعيونه مليانة أسئلة مش فاهم لها جواب. راشد تنهد، وقرب من أحمد وقال بنبرة فيها حنية وإصرار:
– روح مع حضرة الظابط يا أحمد… هو هيوصلك عند أختك ياسمين.
أحمد بص له مرة تانية، وصوته كان فيه قلق:
– هما خدوا جدي فين؟
راشد اتسمر مكانه، معرفش يرد يقوله إيه، وكأنه مش قادر ينطق بالكلام. مهاب تدخل بسرعة، وبص لأحمد بنظرة هادية يحاول يطمنه:
– يلا يا أحمد عشان نمشي… هنروح عند ياسمين أختك.
لكن أحمد رفع عينه له، والخوف باين على ملامحه:
– هو حسن أبو علي فين؟
قبل ما مهاب يرد، سمعوا صوت مألوف جاي من ورا مهاب:
– أنا هنا يا أحمد باشا.
أحمد أول ما شاف خالد، عينيه نورت فجأة، وجري عليه بكل قوته، وخالد فتح دراعاته بسرعة واحتضنه بقوة، كأنه بيحاول يمسح عنه كل الخوف اللي مر بيه.
مهاب وقف لحظة، وبص لخالد بدهشة، وخطى ناحيته بقلق:
– إنت جيت إزاي هنا؟ ناسي إن حياتك في خطر إنت كمان؟
خالد عدل وقفته، وصوته نزل لطبقة هادية ومنخفضة وهو بيكلم مهاب:
– أول لما ياسمين طلعت أوضتها، خرجت على طول. كنت عارف إن أحمد هيكون خايف وسط اللي بيحصل ده… كان لازم أجي عشان أطمنه.
وهو ماسك إيد أحمد، رفع عينه وبص لراشد، وقرب منه بخطوات واثقة، والجو حواليهم لسه مليان أنوار الشرطة وأصواتها.
راشد بصّ لخالد بقلق وهو صوته مخنوق:
ـ يحيى ابني كويس؟
خالد حاول يطمنه، وبصله بثبات:
ـ متقلقش عليه، هو كويس… واعترافه جه في الوقت المناسب. حياته وحياة جده كانت في خطر، ووجودهم في السجن دلوقتي أأمن ليهم من برّه.
راشد نزل عينه للأرض وقال بحزن واضح في نبرته:
ـ وهيتحكم عليهم ؟
خالد أخد نفس عميق وقال:
ـ دي إجراءات محكمة… المهم دلوقتي إنكم تبعدوا عن هنا، وجودكم هنا مبقاش أمان.
راشد هز راسه بتفهم، وبص لمراته وبنته بنظرة جدية:
ـ جهزوا شنطكم بسرعة.
خالد بص ل أحمد، ابتسم وقال له بلطف:
ـ يلا بينا إحنا يا بطل؟
أحمد رد بهزة راس حماسية وابتسامة واسعة. خالد مد إيده، مسكه وخرجوا سوا من بيت الشرقاوي.
مهاب كان ماشي وراهم وهو متوتر، أول ما وقفوا قدام البيت برّه، انفجر فيه:
ـ إنت كده بتعرض حياتك للخطر يا خالد! المفروض متخرجش من بيتك وانت عارف كده كويس.
خالد رد بهدوء لكن فيه قوة:
ـ أنا مش هتحبس في البيت يا مهاب… هما اللي لازم يخافوا مننا مش العكس.
مهاب لف وشه حواليه كأنه بيتأكد إن مفيش حد سامعهم ، وبص لخالد:
ـ وهنعمل إيه دلوقتي؟
خالد قال وهو عينه راكزة عليه:
ـ هتاخد أحمد عندك في شقتك للصبح… كلها كام ساعة ووحيد الاسيوطي هيتقبض عليه هو كمان. 
والبيت هيتقلب عندنا،
امي وخالتي مش هيسكتوا واحمد مينفعش يتعرض لكل التوتر ده. 
مهاب فتح عينه بصدمة:
ـ أخده عندي فين! أنا مش بعرف أتعامل مع أطفال!
خالد اتنرفز:
ـ هو طفل بيرضع يا بني؟! ده كبير ومش هيحتاج منك حاجة!
مهاب هز راسه بعناد:
ـ لا برضه… ده مسئولية وأنا مقدرش عليها.
فكر لحظة وقال:
ـ طب ممكن نوديه ل منّة، أهو يبقى مع آدم ابن أختها ويتسلوا مع بعض.
خالد قال بنبرة زهقانة:
ـ كلمها… اسألها لو ينفع… زهقتني!
مهاب رفع حواجبه:
ـ أكلمها إزاي وأنا مش معايا رقمها؟
خالد انفعل:
ـ مش معاك رقم مراتك إزاي يا بني آدم!
مهاب رفع إيده كأنه بيدافع عن نفسه:
ـ ما أنا اتجوزتها بسرعة ملحقتش آخد رقمها… عموماً، خلينا نروح لها ونقولها وأكيد مش هترفض.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
بعد ساعة. 
ياسمين فتحت باب أوضة خالد بهدوء وهي متوقعة تلاقيه جوه، لكن الأوضة كانت فاضية. قلبها دق بسرعة وهي بتبص حوالين المكان، يمكن يكون في الحمام أو البلكونة، لكن مفيش أي أثر له.
اتسندت على الحيطة وهي بتفكر: "يمكن لسه قاعد في الجنينه."
خطواتها كانت بطيئة وهي رايحة ناحية البلكونة، فتحت الباب وخرجت تبص لتحت… لكن حتى الجنينه كانت فاضية، مفيش أي علامة تدل إنه موجود.
القلق بدأ يزيد في عينيها، مسكت طرف طرحتها بتوتر، وخطت بسرعة ناحية السلم وهي بتحط الطرحة علي شعرها، نازلة تدور عليه في الدور اللي تحت وقلبها بيقولها ان في خطر. 
....... 
في العمارة عند مهاب.
كان واقف مع خالد وأحمد واقف بينهم، عينه رايحة مرة على خالد ومرة على مهاب كأنه بيحاول يفهم إيه اللي بيحصل.
مهاب قال بتوتر:
– بس مش عيب أخبط عليها في وقت متأخر زي ده؟
خالد رفع حواجبه بدهشة وقال:
– عيب ليه؟ مش هي مراتك دلوقتي؟
مهاب رد بتردد:
– أيوه… بس مش لدرجة إني أخبط عليها دلوقتي! حاسس إنها ممكن تفهمني غلط.
خالد مد إيده له:
– هات مفتاح شقتك.
مهاب أداله المفتاح وهو مش فاهم، لكن خالد أخده على طول، ومسك إيد أحمد وقال وهو بيتحرك ناحية شقة مهاب:
– إحنا هندخل شقتك… وإنت بقى اتصرف شوف هتخبط عليها وتقولها إيه.
دخل خالد وأحمد شقة مهاب، ومهاب وقف قدام شقة منة ياخد نفس عميق كأنه بيشجع نفسه قبل المعركة. مد إيده وضغط على الجرس، وبعد ثواني سمع صوتها من جوه، فيه قلق واضح:
– مين؟
حاول يطلع صوته هادي وطبيعي:
– أنا مهاب.
الباب اتفتح على طول من غير تردد، ومنة واقفة قدامه، عينيها فيها قلق وهي بتقول:
– مهاب!!! في حاجة؟
هو أول ما شافها اتجمد في مكانه، عينيه اتحركت عليها من فوق لتحت من غير ما يحس، كانت بشعرها من غير الحجاب لأول مرة يشوفها كده، ولابسة بيجامة ستان لونها فاتح، ملامحها مرهقة بس زي القمر.
لحظة صمت غريبة سيطرت على الموقف قبل ما تنطق هي بقلق:
– في إيه؟
حرك راسه وهو بيقول بصوت مسموع شوية:
– انتي كنتي نايمة؟
ردت بسرعة، صوتها فيه توتر ودهشة:
– كنت لسه هنام… أدم كان صاحي ولسه نايم من شوية.
مهاب حس دماغه اتلخبطت من رقتها وجمالها، وكأنه نسي هو جاي يقول إيه، واقف قدامها ساكت، ومنة بدأت تتوتر أكتر من وقفته قدام الباب كده وسألته:
– كنت عايز تقول حاجة؟
رد وهو بيبصلها بعينين مش قادر يشيلها عنها، صوته طالع بهدوء كأنه بيبوح بسر:
– كنت عايز أقولك… إنك زي القمر.
الكلمة وقعت على منة فجأة، قلبها دق أسرع وخدودها احمرت من الخجل، وبصت للأرض وهي بتحاول تخفي ابتسامتها.
وقبل ما الموقف يطول، سمع صوت خالد بينادي عليه من جوه شقته، فافتكر فجأة هو جاي ليه. مسح على وشه كأنه بيرجع لنفسه وقال:
– هو أنا ممكن أطلب منك طلب؟
بصت له بتوتر، عينيها فيها فضول وقلق:
– اتفضل.
قال بصوت هادي جدًا، فيه رجاء:
– في طفل معايا هنا… ممكن أجيبه عندك للصبح؟
اتسعت عينيها بدهشة:
– طفل مين؟ هو انت عندك أطفال؟
رد بسرعة وهو بيهز راسه:
– لأ… ده أحمد أخو ياسمين، خالد جايبه يبات عندي النهارده، علشان مش هينفع يروح البيت عند ياسمين دلوقتي… وأنا بصراحة مش بعرف أتعامل مع أطفال، ففكرت أجيبه عندك.
ابتسمت منة ابتسامة بسيطة وقالت:
– أخو ياسمين؟… هاته طبعًا.
مهاب هز راسه وهو لسه بيبصلها، النظرة معلقة فيها كأنه مش عايز يسيبها، وقال بهدوء:
– ثواني… هجيبه من شقتي.
اتحرك ناحية شقته، لكن حتى وهو ماشي كان بيبص عليها، وبعد ما دخل وأخد أحمد، رجع عندها وقال وهو بيسلمها الولد:
– هيبات معاكي للصبح بس.
منة هزت راسها بابتسامة وهي بتسلم على أحمد:
– إزيك يا أحمد، أنا منة.
أحمد ابتسم لها بخجل وسلم عليها.
دخلت منة مع أحمد جوه وهي بتقول لمهاب:
– تصبح على خير.
مهاب رد بحنية، صوته دافي وهو بيبصلها، وبعد ما اتأكد إنها قفلت الباب، رجع شقته.
أول ما دخل، حس كأنه شايل في عيونه صورة منة، ملامحها الرقيقة، ابتسامتها الهادية، والخجل اللي كان في عينيها. كان سرحان فيها لدرجة إنه مش واخد باله من اللي حواليه.
قعد جنب خالد، وابتسامة بلاهة باينة على وشه، كأنه في عالم تاني غير اللي قاعد فيه دلوقتي.
خالد بص لمهاب بدهشة، رفع حاجبه وقال:
– في إيه؟
مهاب رد بصوت هادي، فيه نغمة دافية كأنها موسيقى رومانسية ماشية في الخلفية:
– الجواز… شكله حلو أوي.
خالد ما قدرش يمسك ضحكته:
– جواز إيه؟! ده انت لسه ماضي على عقد الجواز بالتهديد من خالها!
مهاب سرح بنظره بعيد، عينيه بتلمع وفيها لمعة خيال:
– ده أحلى عقد أنا مضيت عليه في حياتي.
خالد هز راسه بابتسامة جانبية وقال:
– آه… ده انت وصلت فوق خالص.
وفجأة، رن جرس الباب.
خالد قام وهو بيقول:
– ده معتصم… كلمني دلوقتي وقلتله إني هنا.
فتح الباب، وكان فعلاً معتصم واقف، دخل وسلّم على خالد، وبمجرد ما عينه وقعت على مهاب، شافه قاعد مبتسم ببلاهة، عينيه بتلمع كأنها بترسم قلوب في الهوا.
معتصم بص لخالد باستغراب:
– ماله ده؟
خالد رجع يقعد وقال بنبرة فكاهة:
– بيقولك الجواز شكله حلو.
معتصم رفع حاجبه بدهشة وهو بيقعد:
– جواز إيه؟ هو فاضي يفكر في الجواز دلوقتي؟!
خالد ضحك:
– هو ملحقش يفكر أصلاً… الباشا اتجوز النهارده وكتب كتابه على جارته.
معتصم اتسعت عينيه بصدمة:
– منة!!!
خالد بصله بدهشة ممزوجة بسخرية:
– إيه ده؟ كلكم عارفين حكاية منة إلا أنا!
معتصم هز راسه باستغراب:
– هو كان حكالي عنها… بس ما توقعتش الموضوع يوصل لجواز بالسرعة دي!
بص لمهاب وقاله مباشرة:
– انت يا بني، بص هنا واحكيلي… اتجوزت إزاي فجأة كده؟
لكن مهاب ما ردش، لسه غارق في ابتسامته وسارح في عالمه الخاص مع منة.
خالد ضحك وقال لمعتصم:
– مش بمزاجه… بيقولك خالها كتفه بحبل، وخالها التاني حط الـSـلاح في دماغه، وأخدوه على المأذون وخلّوه يمضي على العقد تحت التهديد.
معتصم انفجر من الضحك وهو متخيل المشهد، بينما مهاب ولا كأنه سامعهم، عايش جوه حلمه، وكل اللي في دماغه صورة منة وابتسامتها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
مع أول خيوط الفجر اللي بدأت تنور السما بلون رمادي فاتح، كانت شقة مهاب هادية إلا من صوت أنفاسه وهو نايم على الكنبة، ملامحه مرتاحة ولسه أثر الابتسامة باين على وشه، كأنه في حلم جميل مش عايز يصحى منه.
على السفرة، قدام بواقي فنجانين قهوة، خالد ومعتصم قاعدين قدام بعض، ملامحهم مرهقة من طول السهرة، وعينيهم فيها مزيج من القلق والتفكير. بيكملوا كلامهم عن القضية وخطواتهم الجاية لتأمين أهل خالد ومراته، خصوصًا بعد ما معتصم اطمن إن مراته دلوقتي في أمان جوه بيت اهله.
معتصم قال وهو ماسك رأسه بإيده، صوته فيه تعب واضح:
– بس هما ليه قبضوا على الشرقاوي فجأة؟ هو يحيى فعلاً اعترف عليه؟
خالد هز راسه بثقة، لكن في عينيه لمعة حزن:
– لا… يحيى لسه ما اعترفش، لسه عنده أمل إن جده يطلعه… بمساعدة سيادة اللواء طبعًا.
كلمة "سيادة اللواء" خرجت من خالد وفيها نبرة ضيق مكتومة، وكأنها بتلسعه.
معتصم سأل بهدوء، لكن السؤال كان تقيل على قلب خالد:
– وهيقبضوا على اللوا وحيد النهاردة برضه؟
خالد بص في ساعته، ملامحه جدية وعينه فيها تركيز:
– زمانهم وصلوا بيته دلوقتي. هما قبضوا على جلال الشرقاوي قبله بكام ساعة، عشان لما يقبضوا عليه، المافيا يفهموا إن جلال الشرقاوي اعترف على وحيد الأسيوطي بعد ما يحيى اعترف على جده. ساعتها توصلهم فكرة إن الخيط بدأ يكر معانا، والخطوة الجاية هتكون القبض على اللي فوق وحيد الأسيوطي. كده التوتر هيزيد بينهم، والكل هيخاف على نفسه، والتواصل بينهم هيبقى أكتر عشان يطلبوا الحماية. وبعد ما أمن الدولة والمخابرات فكوا شفرات التواصل بتاعهم، هيقدروا يحددوا أماكنهم… وهجومنا عليهم هيسبق هجومهم علينا.
معتصم هز راسه بتفهم، صوته واطي لكن فيه يقين:
– عرفت ان في اجتماع في المديرية الساعة 10 الصبح.. واضح ان خطة الهجوم جهزت ولازم نستعد. 
خالد:
– آه، عرفت… وهحضر الاجتماع ده معاك.
شعاع الشمس بدأ يدخل من الشبابيك، لون الدفا لامس وشوشهم بعد ليلة طويلة. خالد بص لمعتصم وقال بنبرة هادية:
– أنا هقوم أرجع البيت… وانت حاول ترتاح شوية.
معتصم تنهد بتعب وارهاق، وقال:
– هنزل معاك أرجع شقتي.
خالد بص له بقلق واضح:
– بلاش تروح شقتك… خليك هنا أحسن. هما ساعتين هترتاحهم، مش مستاهلة تروح.
التعب كان غالب على معتصم، عينه تقيلة وجسمه مكسر، فهز راسه وقال:
– خلاص… هنام هنا ساعتين، وأنزل أروح المديرية.
خالد قام من مكانه وهو بيقول بحزن مكتوم جواه:
– وأنا هروح أشوف الحريقة اللي هتحصل في بيتنا بعد ما أمي تعرف إن جدي اتقبض عليه.
معتصم بص له بجدية، نبرته أهدى:
– المهم خلي بالك من نفسك.
خالد هز راسه وخرج، ونزل من عمارة مهاب، وهواء الصبح البارد بيقابله، قبل ما يركب عربيته ويرجع على بيته.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت قصير، خالد رجع البيت.
فتح الباب وهو حاسس بتقل في قلبه،  أول ما دخل، لقى ياسمين قاعدة في الريسبشن لوحدها، ساكتة، حاطة إيديها على خدها، وعينيها حمرا ومنتفخة من كتر البكا، ملامحها تعبانة وواضح ما نامتش طول الليل.
أول ما شافته، قامت بسرعة، قلبها سابق خطواتها، وجريت ناحيته. رمت نفسها في حضنه وهي بتبكي بحرقة:
– كنت فين كل ده يا خالد؟… كنت هموت من الخوف عليك.
خالد حس بدفا حضنها ودموعها على كتفه، ضمها لقلبه بقوة وكأنه بيطمنها من غير ما يتكلم.
لكن قبل ما يرد، قطع اللحظة صوت صراخ عبير وهي داخلة من الباب، صوتها مهزوز من الفزع:
– الحقيني يا بهيرة… بابا اتقبض عليه!
شافت خالد قدامها وجنبه ياسمين. 
قربت من خالد بلهفة: الحق جدك يا خالد.. جم قبضوا عليه من البيت. 
أول ما عين عبير وقعت على ياسمين، وشها قلب وتغير، الغضب مسيطر عليها. قربت منها بخطوات سريعة وهي بتصرخ وصوتها مليان هجوم:
– جدك الشرقاوي المجرم! بيتهم بابا إنه شريكه… عايز يشوه سمعة الراجل المحترم اللي كل الناس بتحلف بأخلاقه!
خطوات بهيرة وسالم كانت نازلة بسرعة على صوت الصريخ، وبهيرة وقفت متسمرة أول ما سمعت كلام عبير، قلبها اتقبض، قربت من ياسمين والذهول باين في عينيها:
– بابا اتقبض عليه إزاي يا عبير؟! إنتي بتقولي إيه؟!
عبير ردت بصوت مبحوح من كتر البكا، ودموعها مغرقة وشها:
– إسألي الهانم مرات ابنك… خليها تقولك جدها عمل إيه!
وفجأة، صوت كارما جه من وراهم، واضح وقوي، كله تحدي:
– إسأليني أنا يا ماما… وأنا هقولك جدي عمل إيه.
دخلت عليهم بخطوات واثقة، كتفها مرفوع، وعينيها ثابتة لقدام، شكلها كان مختلف بعد ما شافت جدها بيتقبض عليه قدام عنيها. كانت حاسة إنها أقوى، وإن اللحظة دي وقتها تقول كل اللي تعرفه.
كل العيون اتثبتت عليها… كارما وقفت قدامهم، بصت في عين أمها مباشرة وقالت بصوت ثابت:
– جدي… اللوا وحيد الأسيوطي… هو اللي قتل بابا.
شهقة قوية خرجت من عبير، إيديها اترعشت وعينيها اتسعت من الصدمة.
كارما حركت عينيها على خالتها بهيرة وقالت بنفس النبرة الثابتة:
– ومكتفاش إنه قتل جوز بنته وأبو حفيدته… ده كان ناوي يقتل حفيده كمان.
وبكل وضوح، بصت على خالد، نظرتها كانت رسالة واضحة انها بتقصده هو... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع 
كل العيون اتثبتت عليها… كارما وقفت قدامهم، بصت في عين أمها مباشرة وقالت بصوت ثابت:
– جدي… اللوا وحيد الأسيوطي… هو اللي قTل بابا.
شهقة قوية خرجت من عبير، إيديها اترعشت وعينيها اتسعت من الصدمة.
كارما حركت عينيها على خالتها بهيرة وقالت بنفس النبرة الثابتة:
– ومكتفاش إنه قTل جوز بنته وأبو حفيدته… ده كان ناوي يقTل حفيده كمان.
وبكل وضوح، بصت على خالد، نظرتها كانت رسالة واضحة انها بتقصده هو.
الصدمة جمدت عبير وبهيرة في مكانهم، عينيهم متسمره على كارما وكأنهم بيحاولوا يستوعبوا الكلام اللي لسه سامعينه.
عبير بدأت تهز راسها يمين وشمال بعصبية، وصوتها بيقطع من الخضة:
ـ انتي بتقولي ايه؟ الكلام ده مش صح! مين اللي لعب في دماغك وقالك الكلام ده عن جدك؟!
وفجأة صرخت فيها بجنون وعينيها بتلمع من الغضب:
ـ انتي مجنونه يا كارما! مش عارفه بتقولي ايه!
كارما أخدت خطوة لقدام، عينيها مولعه وغضبها باين في كل حركة:
ـ أنا بقول الحقيقة اللي انتي مش عايزة تصدقيها! أنا سمعت جدي وهو بيتفق على قTل بابا، كنت صغيرة وخفت أتكلم، وكنت متأكدة إنك كنت هتعملي زي دلوقتي ومش هتصدقيني!
شهقت وهي بتفتكر:
ـ ويوم ما خالد خرج من المستشفى، وأنا رجعت البيت أغير هدومي، سمعته بنفسه وهو بيتفق على قTل 3… وخالد واحد منهم!
بهيرة وسالم اتبادلوا نظرات، وبهيرة بصت لابنها بصدمة وهي بتهز راسها برفض :
ـ انتي أكيد سمعتي غلط! مستحيل! جدك هو اللي ربى خالد وروحه فيه! إزاي يفكر يقTله؟!
خالد ابتسم ابتسامة بسخرية مريرة:
ـ لا يا أمي… كارما بتقول الحقيقة، واللي سمعته صح.
بهيرة وعبير وسالم اتصدموا أكتر وبصوا عليه منتظرين يكمل،
فخالد اتكلم بصوت مليان قهر وغضب مكتوم:
ـ الرصاصة اللي كانت هتموتني يوم المهمة… خرجت من سلاح واحد كان مع جدي! ضربها عليا قبل ما أقبض عليهم، وجدي سابني واقع على الأرض بنزف وبموت… وهرب عشان ينقذ نفسه.
بهيرة عينيها غرقت دموع وهي بتهز راسها، قلبها وعقلها مش قادرين يصدقوا، إحساس الخيانة بيخنقها.. إزاي أبوها يفكر يقTل ابنها ويحرق قلبها عليه؟
كارما بصت لها بعين متحدية وكملت كلام خالد وهي بتحاول توصل لعقلها:
لسه مش عايزين تصدقوا؟ طب قوليلي.. جدي كان فين لما خالد اتصاب ودخل المستشفى؟ ليه ما ظهرش غير بعد ما فاق من الغيبوبة؟
وبصت على عبير بسخرية موجوعة: وليه لما رجع طلب من ماما تخبي رجوعه عنكم؟ ليه ما خرجش من البيت طول الفترة دي غير يوم ما خالد خرج من المستشفى؟
بهيرة اتلفتت لأختها بصدمة، والدهشة باينة في وشها، وعبير ما قدرتش تبص في عينيها، نزلت وشها للأرض والدموع بتغرقها.
قربت بهيرة من عبير وسألتها بصوت مرتعش: كلام كارما ده صح؟ بابا كان هنا وانتي قولتيلي إنه مسافر؟
عبير بصت لها والدموع بتنزل أكتر: هو اللي طلب مني أقولك كده!
بهيرة حسّت إن الأرض بتتهز تحت رجليها، همست بصدمة: يعني الكلام ده حقيقي؟ أبويا كان عايز يقTل ابني؟!
عبير هزت راسها وهي بتبكي: والله ما كنت أعرف! أنا زيك أول مرة أسمع ده من كارما! لو كنت أعرف إن بابا قTل جوزي أو كان ناوي يقTل ابنك، كنت عمري ما سكت!
قلب بهيرة ضعف أكتر، أنفاسها بقت متقطعة، مش قادرة تتحمل الصدمة.
خالد شافها على وشك تقع، جري عليها وسندها بإيده وهو بيقول بقلق: ماما، إنتي كويسة؟ حاسة بإيه؟
بهيرة لفّت عينيها حواليها وكأنها تايهة: وصلني أوضتي يا خالد.. رجلي مش شايلاني.
خالد مسكها بحنان وسندها لحد ما وصلها أوضتها، وعبير لسه واقفة مكانها تبكي، وسالم واقف ساكت، الصدمة رابطاه عن الكلام.
كارما خطت ناحية ياسمين، وقفت قدامها بعينين مليانة امتنان وقالت بنبرة هادية بس جواها مشاعر حقيقيه:
– شكرا يا ياسمين، كلامك آخر مرة هو اللي شجعني.. لما شوفتهم بياخدوا جدي وهيتعاقب على كل اللي عمله، عرفت إني كان لازم أتكلم من زمان.
ياسمين ابتسمت لها ابتسامة دافية، ومدت إيدها تمسك إيد كارما وكأنها بتطمنها.
كارما فجأة دخلت في حضنها، ضامة نفسها ليها بقوة وهمست بصوت مرتعش لكن مليان حب صادق:
– شكرا.
ياسمين ضمتها أكتر، وابتسمتها فضلت على وشها، قلبها كان بيقولها إن كارما بتتكلم من قلبها بجد.
سالم وقف بيتابع المشهد، وابتسامة صغيرة ظهرت على وشه وهو شايف البنتين أخيرًا بيتجمعوا كأخوات.
على الناحية التانية، عبير كانت واقفة بتبكي، دموعها مش بتقف، وصدمتها في أبوها مخليها مش قادرة تلتقط أنفاسها. كل لحظة بتفتكر إنه قTل جوزها وحرم بنتها منه، قلبها بيتقبض أكتر.
في اللحظة دي، خالد رجع من فوق بعد ما وصل أمه أوضتها، ودخل بخطوات سريعة ونبرة صوته جدية:
– البيت هنا مش أمان حاليًا.. لازم كلكم تخرجوا. جدي متورط مع ناس خطيرة وهدفهم دلوقتي يخلصوا علينا كلنا.
سالم بص له باندهاش وحيرة:
– نخرج نروح فين؟
خالد رد بسرعة:
– ممكن تروحوا البلد عند عمي، هناك هيكون أمان أكتر.
ياسمين بصت له، قلبها بيخبط بسرعة وهمست بقلق:
– وانت؟
خالد هز راسه وقال بنبرة ثابتة:
– أنا لسه قضيتي مكملة هنا، مش هينفع أروح أي مكان قبل ما أقفلها ونقبض عليهم كلهم.
ياسمين قربت منه خطوة، صوتها كان فيه رفض وخوف:
– لا يا خالد.. أنا مش هروح أي مكان وأسيبك هنا.
هو تنهد، عينه فيها قلق وخوف عليها:
– مش هينفع يا ياسمين.. لازم تبعدوا عن هنا، وكمان عشان خاطر أحمد أخوكي. جدك اتقبض عليه امبارح بالليل، وعمك هيسافر النهاردة هو ومراته وبنته لأن حياتهم هنا في خطر.
ياسمين شهقت من الصدمة:
– وأحمد فين؟
خالد رد وهو بيحاول يطمنها:
– متقلقيش.. أحمد عند مهاب، أنا خدته امبارح من بيت جدك ووصلته هناك بنفسي. هو مع مرات مهاب دلوقتي ومستنيين نروح ناخده.
ياسمين وقفت مش قادرة تصدق حجم اللي بيحصل، دموعها بدأت تتسابق وتنزل.
خالد بص لوالده وقال بحسم:
– لازم تتحركوا دلوقتي كلكم، خالتي وكارما هييجوا معاكم.
رجع بص لياسمين، قرب منها، وضم وشها بين إيديه، عينيه بتلمع بإصرار وحنان:
– متخافيش.. ربنا هينصرنا عليهم إن شاء الله.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في محافظة سوهاج، عند أهل معتصم.
الليل كان طويل على زينب، عنيها ما غمضتش لحظة، كل ما تبص تلاقي ضلمة الأوضة أوسع من صدرها. وجود زينة في البيت كان زي حجر تقيل على قلبها، وكل ما تفكر إنها حامل، الغيرة تولع جواها أكتر، نار مش بتطفي.
بصت على ممدوح جوزها وهو نايم جنبها، نفسه رايح جاي بهدوء، وشه مرتاح. هي بقى قلبها كان عمال يعصر. همست جوا نفسها:
"أكيد دلوقتي بيتمنى لو كان هو اللي اتجوز زينة، وكانت حامل منه، حامل في ابنه هو!"
الإحساس ولعها أكتر، حسّت صدرها بيتخنق. قامت واقفة وهي بتزفر زفرة طالعة من جوة وجعها. خرجت من الأوضة وقفلت الباب بالراحة، البيت كان ساكن وكله لسه نايم.
خطواتها كانت بطيئة، صوتها يكاد ما يتسمعش وهي ماشية ناحية أوضة زينة. وقفت قدام الباب لحظة، عينيها ثابتة، فتحت الباب بهدوء وبصت جوه.
زينة كانت نايمة على ضهرها، إيديها الاتنين فوق بطنها بعفوية، كأنها بتحضن الجنين وتحميه. عيون زينب وقعت على بطنها، والغِلّ مالي قلبها.
قفلت الباب تاني، قلبها بيقرصها والنار مولّعة أكتر. نزلت تحت وهي مش طايقة نفسها، كلامها طالع من بين شفايفها بصوت واطي:
"هي إزاي ما سقطتش بعد ما كلت القشطة اللي وديتهالها؟"
بصت حواليها بعينين قلقانين، دخلت المطبخ، مدّت إيدها وفتحت درج مخبية فيه علبة. فتحتها وبصت جوه، تهمس بغضب:
"هو الدوا ده طلع أي كلام ولا إيه؟"
وقفت لحظة، بتفكر، وعيونها فيها لمعة شر:
"اللي في بطنها لازم ينزل عشان الكفة تتساوى… لو الدوا مش نافع، يبقى لازم ألاقي طريقة تانية!"
كانت زينب محتفظة بالباقي من الدوا، شايلاه زي ورقة أخيرة في جيبها، عشان لو ممدوح اتجوز عليها في يوم وعرفت إن مراته حامل، تستخدمه وتخلصها من الحمل. لكن بعد ما جربته مع زينة ومجابش نتيجة، فهمت إنه ملوش لازمة، وإنها لازم تتخلص منه قبل ما حد يشوفه أو يشك.
مدّت إيدها وفتحت علبة الدوا، فرغت اللي فيها في الحوض تحت ميّة سايلة، بتتفرج على الحبوب وهي بتختفي قدامها ، وكأنها بتمسح أثر جريمة.
في الوقت ده، ممدوح كان صحي، مدّ إيده على السرير ملقاش زينب جنبه، قلبه دق بسرعة. افتكر وصية معتصم له: "خلي عينك عليها طول الوقت". قام نازل، خطواته على السلم سريعة لكن حذرة.
أول ما نزل، سمع صوت الميّة جاي من ناحية المطبخ. قرب بخطوات بطيئة، وحط عينه من فتحة الباب.
زينب كانت واقفة، شارده في أفكارها المظلمة، مش حاسة بيه وهو بيقرب. في إيدها علبة دوا غريبة، وبتفضّي اللي فيها تحت الميّة.
ممدوح وقف لحظة مكانه، عينه اتسعت، ورجع بجسمه لورا بسرعة أول ما حس إنها هتتحرك. اتخفي في جنب الحيطة، يراقبها من بعيد.
شافها وهي بتاخد كيس أسود صغير من درج، تحط فيه العلبة الفاضية، وبإيد ثابتة ترميه جوه صندوق القمامة اللي في المطبخ.
هو فضل واقف، عينه عليها من بعيد ، عقله بيجمع خيوط، وكلام معتصم بيرن في ودانه. الشك بدأ يزحف لقلبه، والريبة من تصرفاتها خلت صورة زينب قدامه تتغير… وبقى حاسس إن نيتها تجاه زينة مش سليمة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد ساعتين داخل مديرية الأمن.
خالد كان قاعد بيفكر في مراته واهله اللي راحوا البلد عند عمه، المسافه بينه وبينهم حوالي ساعتين بس حاسس انهم مسافرين اخر الدنيا.
قدامه كان قاعد معتصم، نفس الشرود باين في وشه، بس قلبه وعقله عند زينة مراته. القلق آكل روحه، مش مطمّن لزينب مرات أخوه، وشعور غريب بيخليه مش مرتاح.
صوت رنة الموبايل قطع الصمت التقيل، خالد شاف رقم والده على الشاشة. قام واقف واتجه ناحية الشباك، رد بصوت هادي:
– طمّني يا بابا… وصلتوا بالسلامة؟
سالم رد وهو بيحاول يطمنه:
– وصلنا الحمد لله. طمّني عليك انت، كويس؟
خالد تنهد، صوته خرج دافي رغم الحزن:
– طول ما انتوا بخير، أنا كويس… طمّني على أمي، عاملة إيه دلوقتي؟
سالم رد بنبرة حزينة:
– لسه مصدومة في أبوها… بس متقلقش، مع الوقت هتفهم وتتعود.
خالد بص بعيد من الشباك، صوته واطي أكتر:
– وياسمين؟
سالم قال بصدق:
– موقفتش عياط لحظة من ساعة ما اتحركنا من عندك لحد ما وصلنا.
خالد حس قلبه بيتقبض:
– طب ممكن تخليها تكلمني من فضلك يا بابا، بعد إذنك.
سالم نادى على ياسمين،
خالد كان لسه واقف قدام الشباك، سمع صوتها المبحوح بيطلع ضعيف:
– ألو.
ابتسم ابتسامة حزينة وقال:
– عرفت إنك بتعيطي طول الطريق! ينفع كده؟
هي ردت ببكاء ملهوف:
– خلّيني أرجع عندك يا خالد… أنا خايفة عليك أوي.
هو رد عليها بصوت هادي، فيه حنية:
– هترجعي عندي تعملي إيه؟ أنا نفسي مش في البيت… أنا في مكتب معتصم في المديرية، وقاعدين مع بعض عادي، ومفيش أي حاجة تقلق، اطمني.
ياسمين قالت بحزن عميق:
– أنا قلبي وجعني يا خالد… مش قادرة أكون في مكان بعيد عنك كده، أرجوك خلي بالك من نفسك، عشان خاطري.
هو حاول يطمنها، صوته دافي أكتر:
– حاضر يا حبيبتي… وخلي بالك انتي كمان من نفسك ومن أحمد.
اما عند معتصم. 
كان بيبص قدامه بشرود وبيفكر في زينة، غيابها عنه أثر فيه جدا واول مرة يحس بالمشاعر اللي جواه دي! واضح انه حبها من كل قلبه ولما بعدت عنه اتأكد من مشاعره اتجاهها، اول مرة يحس بالخوف قبل ما يطلع مهمة! خايفه على زينة والطفل اللي في بطنها، خايف يجراله حاجة ويسيبهم في الدنيا لوحدهم! 
خالد قفل المكالمة مع ياسمين وحس بتقل في صدره، رجع قعد قدام معتصم. الاتنين كانوا ساكتين، وكل واحد شايل جبل من الهموم على قلبه. نظراتهم كانت تايهة، وكأنهم شايفين حاجة مش قدامهم.
خالد بص في ساعة إيده واتنفَس بعمق، وبص لمعتصم وقال بهدوء:
– يلا يا معتصم.
معتصم رفع عينه له، هز راسه من غير كلام، وقف معاه وخرجوا سوا.
وأول ما خرجوا ، شافوا مهاب جاي بخطوات سريعة ووشه فيه جدية:
– في اجتماع دلوقتي، كل القيادات هتحضره!؟
معتصم رد وهو بيعدل هدومه:
– آه، احنا كنا رايحين دلوقتي! هو انت جاي معانا؟
مهاب ابتسم بثقة:
– آه.. جاتلي أوامر دلوقتي أحضر.
وبنبرة كلها حماس قال:
– متقلقوش يا رجالة.. أنا معاكم، ورغم إن اسمي مش ضمن القايمة المستهدفة من المافيا، بس مينفعش مقفش في ضهر إخواتي.
معتصم بص له بغيظ، حاجبه مرفوع:
– هو انت هتذلنا عشان اسمك مش من ضمن الأسماء المستهدفة!!؟
مهاب فرد كتافه وقال بنبرة درامية:
– لا، بعرفكم إني مستعد أضحي من أجلكم.. عشان تحفظوا الجميل ده.
خالد هز راسه بنفاد صبر وهو بيقول:
– ماشي يا سيدي. إن شاء الله نردهالك.
مهاب اتخض وبص له:
– بعد الشر عليا! ده بدل ما تشكرني يا ابن الدريني!
خالد سابه ومشي، ومعتصم قرب من مهاب وقال وهو نص بيضحك ونص قلقان:
– تصدق.. أنا بدأت أقلق لما عرفت إنك ممكن تطلع معانا المهمة دي!
مهاب ابتسم بخبث:
– هيبقى من حظكم لو طلعت معاكم المهمة دي.
معتصم تمتم وهو ماشي:
– ربنا يستر.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت، في غرفة عمليات كبيرة، فيها كبار القادة قاعدين حوالين الترابيزة المستديرة، عيونهم كلها مركزة. الجو كان تقيل، وكل واحد ماسك نفسه من التوتر.
أحد ضباط أمن الدولة بدأ الكلام بصوت ثابت لكن حازم:
– في شخص خطير جدًا تبع الmافيا دخل البلد من كام ساعة… واضح إنه هو اللي هينفذ قايمة الاغتيالات اللي الmافيا عايزين ينفذوها هنا. إحنا قدرنا نحدد مكانه، وكمان عدد الأشخاص اللي هيساعدوه في المهمة.
القائد وقف، وبدأ يشرح خطة الهجوم خطوة خطوة، صوته مسموع بوضوح وسط الصمت، والكل عينه عليه بيتابع التفاصيل. العيون كانت بتتنقل بين الخرائط والشاشات، وكل واحد عارف إن أي خطأ هيكلف غالي.
بعد وقت، الاجتماع انتهى، والكل قام بسرعة عشان يستعد. أصوات الأحذية العسكرية على الأرض كانت بتملأ الممرات.
معتصم كان بيلبس الواقي، وبيلتفت ناحية خالد، يقول له بنبرة جدية:
– كنت تسمع كلام القائد، وبلاش تطلع معانا المهمة دي يا خالد… أنت لسه في الإصابة!
خالد، وعينه فيها إصرار، وهو بيلبس الواقي هو كمان:
– دي قضيتنا كلنا يا معتصم… ولازم نقفلها مع بعض.
مهاب قال بضيق وهو بيشد في الواقي:
– الواقي بتاعي ده ضيق… ماسك على بطني، حد فيكم يبدّل معايا.
خالد ومعتصم بصوا له وضحكوا، وخالد رد عليه بسخرية:
– هنبدل معاك إزاي!!؟
معتصم قال وهو بيهزر:
– نفتح الاتنين على بعض!
ضحك خالد بصوت أعلى، لكن مهاب اتكلم بنبرة متضايقة:
– على فكرة أنا تخنت شوية من الإصابة اللي كانت في كتفي.
معتصم هز راسه وقال له:
– آه صح… أنت تخنت من الرصاصة مش من أكل المحشي والبشاميل!
مهاب رفع حاجبه وقال:
– طب متجوعنيش بقى… هو في حد يطلع مهمة زي دي من غير فطار الأول؟!
خالد قال بجدية مصطنعة:
– لا طبعًا ميصحش… إحنا نقول للقائد يوقف المدرعة عند أول عربية فول تقابلنا، ومهاب ينزل يفطر وبعدين نكمل!
معتصم كان بيضحك من قلبه مع خالد، الاتنين عمالين يهزروا، لكن مهاب رد وهو متضايق:
– اضحكوا… اضحكوا… بس على فكرة يا ابن الدريني، الفكرة اللي بتقولها بهزار دي المفروض تحصل، شوف كام ظابط وعسكري طالعين المهمة دلوقتي وهما جعانين!
معتصم بص له وقال بغيظ:
– جعانين إيه يا بني آدم! إحنا طالعين مهمة خطيرة وممكن نموت فيها!
مهاب اتنهد وقال:
– سديتوا نفسي… أنا هسبقكم، يمكن ألاقي عسكري معاه سندوتش جبنة ولا حاجة اصبر بيه جوعي.
معتصم انفجر ضحك وقال:
– أيوه… انزل اسأل العساكر جايبين سندوتشات إيه معاهم في اللانش بوكس… أصلنا طالعين رحلة!
مهاب خرج وهو بيهز راسه، وخالد واقف بيضحك من قلبه بجد:
– هينزل يسأل العساكر بجد على فكرة!
معتصم قال وهو بيضحك:
– يعملها!
خرجوا الاتنين بعدها مع بعض، والجو اتبدل فجأة من الهزار للجدية، الكل بيجهز سلاحه وبيستعد للمهمة.
.......
بعد وقت، وصلوا للمكان المحدد.
الخطوات كانت محسوبة بدقة، وأصوات اللاسلكي بتقطع الصمت بإشارات واضحة وحادة. كل واحد وقف في مكانه منتظر اللحظة الحاسمة، وصوت قائد المهمة جه قوي في السماعات:
 "كل مجموعة جاهزة… ابدأوا!"
فجأة، الجو انفجر بأصوات الطلقات. الرصاص بيخترق الهوا بسرعة، وصوت المعدن وهو بيرتطم بالحوايط بيعكس حدة المعركة. تبادل نار عنيف بين الشرطة ورجال المافيا، الشرر طاير، وصوت الصراخ ممزوج بدوي الطلقات.
معتصم كان في مجموعة الاقتحام اللي دخلت الفيلا من الداخل. بيتحرك مع فريقه بخطوات ثابتة، عينه ماسكة كل زاوية، وهو في المقدمة. تبادل الطلقات كان سريع، أي غلطة صغيرة كانت كفيلة تكتب النهاية لأي حد.
وفجأة لمح الشخص المطلوب بيجري ناحية سطح الفيلا.
رفع صوته في اللاسلكي وهو بيأمر:
 "أمّنوا خطي، أنا طالع وراه!"
اندفع ناحية السلالم، قلبه بيخبط في صدره لكنه حافظ على هدوءه. الشخص ده مش أي حد… محترف وخطير، وده باين من حركاته السريعة.
على السطح، كان الجو متوتر لدرجة أن النفس مسموع. معتصم بيتحرك بحذر، ماسك سلاحه، عينه بتمسح المكان. فجأة، من غير مقدمات، الشخص ده انقض عليه، برجله ضرب السلاح فطار من إيده ووقع بعيد.
بدأت معركة جسدية عنيفة، ضربات سريعة وقوية بين اتنين محترفين، كل ضربة كان فيها نية القتل. لكن فجأة، الخصم وقع على الأرض، وإيده لمست سلاح معتصم اللي كان واقع منه. رفعه بسرعة، وفي عينه بريق غدر، وابتسامة باردة رسمت النهاية.
معتصم حس إن اللحظة دي الأخيرة. هو واقف لوحده من غير سلاح، والخصم في ايديه سلاح بيصوبه عليه، 
عقله اتوقف عن التفكير، نطق الشهادة في سره وغمض عينه مع صوت الرصاصة اللي دوّى جوا قلبه قبل ما يوصل ودنه.
لكن… في حاجة غريبه! 
مفيش ألم. 
مش حاسس بحاجة! 
فتح عينه ببطء، وشاف الخصم واقع قدامه… ميت. الدم بينزف من دماغه، والسلاح لسه في إيده. قلب معتصم كان بيدق بسرعة جنونية، رفع نظره، وهناك… شاف مهاب واقف بثبات، ماسك سلاحه، وعينه كلها ثقة.
فهم ان مهاب هو اللي أنقذه. 
وسط أصوات الرصاص والصراخ، مهاب صرخ له بابتسامة خفيفة:
– مراتك لو خلفت ولد… هتسميه إيه؟
معتصم رد بابتسامة فيها امتنان:
– مهاب طبعًا!
ضحك مهاب بثقة وهو بيرجع يركّز على المعركة:
– يبقى كده مش خسارة فيك الرصاصة اللي أنقذتك!... بقلمي ملك إبراهيم. 
... يتبع
في حاجة غريبه! 
مفيش ألم. 
مش حاسس بحاجة! 
فتح عينه ببطء، وشاف الخصم واقع قدامه… ميت. الدم بينزف من دماغه، والسلاح لسه في إيده. قلب معتصم كان بيدق بسرعة جنونية، رفع نظره، وهناك… شاف مهاب واقف بثبات، ماسك سلاحه، وعينه كلها ثقة.
فهم ان مهاب هو اللي أنقذه. 
وسط أصوات الرصاص والصراخ، مهاب صرخ له بابتسامة خفيفة:
– مراتك لو خلفت ولد… هتسميه إيه؟
معتصم رد بابتسامة فيها امتنان:
– مهاب طبعًا!
ضحك مهاب بثقة وهو بيرجع يركّز على المعركة:
– يبقى كده مش خسارة فيك الرصاصة اللي أنقذتك!
معتصم ضحك وبص للسما وهمس: شكرا يارب.
َقرب من جثة الشخص اللي واقع على الأرض عشان ياخد سـ ـلاحه، وهو بياخد الSـلاح لفت انتباهو سلسلة غريبة في رقبته، أخدها معتصم ومسكها في ايديه وهو بيتأملها، فجأة اتفتحت في ايده ولقى جواها فلاشه صغيرة.
........
تحت، كانت المهمة لسه مشتعلة، أصوات الرصاص بتتقطع مع صرخات وتبادل أوامر بين قوات الشرطة ورجال الmافيا. الجو مليان دخان وريحة بارود، والخطوات بتجري في كل اتجاه.
لكن بعد دقايق معدودة، صوت الطلقات بدأ يهدى، ورجال الشرطة قدروا يسيطروا على الموقف. كل اللي كان لسه عايش من رجال الmافيا اتقبض عليه.
الصوت جه واضح في اللاسلكي:
–  المهمة نجحت… الكل يوقف إطلاق النار.
خالد كان نازل على ركبته جنب واحد من العساكر ، العسكري كان مصاب والدم مالي الأرض تحته. 
كان واقف قريب من خالد وقت ما اتصاب برصاصة في رجله، ولما وقع، خالد سحبه بسرعة لغطاء جانبي، وابتدى يضغط على الجرح بكل قوته عشان يوقف النزيف. أنفاسه كانت سريعة ووشه متوتر، لكنه مركز لآخر لحظة.
رجال الإسعاف جريوا عليهم، رفعوا المصاب على النقالة وأخدوه معاهم.
معتصم قرب من خالد، ووقتها لمح بقع دم على صدره بعد ما خلع الواقي:
– خالد… إنت كويس؟
خالد مسك صدره بألم، وصوته طلع متقطع:
– كويس… بس شكل الجرح بتاع العملية اتفتح تاني وبينزف.
معتصم بسرعة بيشوف مكان النزيف، صوته ارتفع وسط الزحمة:
– مسعف!… حد ييجي هنا بسرعة!
لكن خالد رفع إيده يطمنه بابتسامة هادية رغم الألم:
– متقلقش يا معتصم… مفيش حاجة.
وبص حواليه بقلق:
– هو… مهاب فين؟
معتصم لف حواليه بسرعة، صوته مليان قلق:
– أنا بدور عليه… مش لاقيه! ده هو اللي أنقذني فوق… كنت خلاص نطقت الشهادة!
كلمات معتصم خلّت القلق يتسلل أكتر لقلوبهم. لحظات تقيلة عدّت، والرعب بدأ يسيطر عليهم وهما فعلاً مش شايفينه في أي مكان.
معتصم بقى يتحرك وسط الزحمة، يسأل أي ظابط أو عسكري يقابله:
– شفتوا الرائد مهاب؟! كان فوق معايا!
وخالد، رغم الألم اللي بيخبط في صدره والنزيف اللي مش بيقف، بدأ هو كمان يدور، عينه بتتحرك بسرعة من غير ما يقدر يوقف نفسه.
الاتنين وقفوا لحظة، يبصوا لبعض، والنظرة بينهم بتقول نفس الجملة من غير ما تتقال:
– يا رب يكون بخير.
دخلوا جوه الفيلا، أصوات خطواتهم بتدوس على فوارغ الطلقات المنتشرة على الأرض. الجدران عليها آثار الرصاص، والخراب مالي المكان بعد المعركة العنيفة. ريحة البارود لسه معلقة في الجو، والجثث مرمية في زوايا مختلفة.
خالد كان بيتحرك بحذر، عينه بتمسح المكان، وفجأة…
وقف مكانه، جسمه اتجمد، وعينه اتسعت من الصدمة.
صوته خرج واهتز وهو بينادي:
– "معتصم…"
عينه كانت متثبتة على حاجة قدامه، حاجة خلت دقات قلبه تسرع، ومش قادر ياخد خطوة لقدام.
معتصم قرب من خالد بخطوات سريعة، قلبه بيدق بعنف من الخوف على مهاب. وقف جنبه وبص قدامه… وفي نفس اللحظة، هو كمان اتجمد من الصدمة.
لحظات معدودة وهما بيحاولوا يستوعبوا المشهد، قبل ما يتحركوا بخطوات تقيلة ناحية المكان اللي عنيهم اتثبتت عليه.
في نص المطبخ، مهاب كان قاعد على تربيزة صغيرة، فاتح رغيف عيش بلدي، وحاطط جبنة ولانشون، بياكل فطور كامل كأنه في بيته، مفيش في وشه أي أثر للمعركة اللي لسه مخلصتش من دماغهم.
خالد ومعتصم وقفوا قدامه مش قادرين ينطقوا من الصدمة. أخيرًا، صوت معتصم خرج مهزوز:
– مهاب… إنت بتعمل إيه؟
مهاب رفع عينه وهو بياكل من السندوتش بكل هدوء:
– بفطر… مش المهمة خلصت؟ أسيب نفسي أموت من الجوع ولا إيه؟
خالد اتنرفز، مسك طبق فاضي من قدامه ورماه عليه بعصبية:
– إحنا اللي كنا هنموت من الخوف عليك يا متخلف! وانت قاعد هنا بتفطر؟!
معتصم تدخل بسرعة، ماسك خالد من كتفه وهو بيبعده عنه بالعافية:
– "اهدى يا خالد…"
في اللحظة دي، صوت خطوات القائد دخل ووقف قدامهم ، وصوته القوي ملأ المكان:
"إيه اللي بيحصل هنا؟"
مهاب قام واقف بسرعة، مؤدي التحية العسكرية بكل جدية.
معتصم اتدخل بسرعة قبل ما الموضوع يكبر:
– مفيش يا فندم… بس خالد الجرح اللي في صدره اتفتح، وأنا كنت بدور على حاجة أوقف بيها النزيف.
القائد كان واقف عند باب المطبخ، عينه بتلمح مهاب اللي كان بيحرك بقه ببطء شديد، بيحاول يبلع اللقمة من غير ما القائد يلاحظ. قدامه طبق فيه عيش وجبنة ولانشون. 
القائد رفع حاجبه وسأله بصرامة:
– وأنت… كنت بتعمل إيه هنا يا مهاب؟
مهاب رد بسرعة:
– كنت بعمله سندوتش يا فندم… أصل خالد حاسس بهبوط بسبب النزيف. 
القائد بص له لحظة، وبعدين ابتسم وهو بيهز راسه:
– خالد برضه اللي حاسس بهبوط؟!
خالد بص ل مهاب بنظرة غيظ، الغيظ اللي فيه خوف حقيقي كان جواه من لحظات. 
أما معتصم، فحاول بكل قوته يكتم ضحكته بعد ما قلبه ارتاح واطمن على مهاب.
القائد حول نظره لخالد:
– الإسعاف برّه يا خالد، خليهم يشوفوا الجرح بتاعك.
واتحرك القائد للخروج، وصوت خطواته اختفى.
مهاب وقتها أخد نفس عميق وكأنه فلت من كمين، بلع الأكل، وقعد بارتياح وهو بيكمل فطاره.
معتصم بص له بابتسامة ساخرة:
– انت جبت الأكل ده منين ؟
مهاب أشار للجبنة وهو بياكل:
– التلاجة بتاعهم مليانة أكل، 
ولاد الإيه دول جايبين جبنة طعمها حلو أوي… شكلها مستوردة.. جايبينها معاهم وهما جاين! 
معتصم هز راسه بقلة حيلة، وبص على خالد اللي كان واقف على وشك ينفجر من عمايل مهاب.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت أخو سالم الدريني…
ياسمين كانت في أوضة واحدة مع كارما، ومعاهم أحمد.
وأخيرًا… الأخوات اتجمعوا. اللحظة اللي كانت ياسمين بتتمناها من اول ما عرفت ان لهم اخت. 
بابتسامة مليانة دفء، عرفت أحمد إن كارما تبقى أختهم. ملامحه اتبدلت بدهشة وفرحة، وكارما ما ضيعتش وقت، قعدت تتكلم معاه وتضحك وهي بتلاعبه، وهو بيرد عليها بضحكة طفولية بريئة.
لكن ياسمين… كانت في عالم تاني خالص. واقفة في البلكونة، عينها شارده لبعيد وقلبها مشغول على حبيبها.
جواها لهفة تسمع صوته، او كلمة واحدة منه تكفي… تسمع منه إنه بخير، وساعتها قلبها يهدى.
........
في أوضة جنبهم…
بهيرة وعبير كانوا قاعدين، والجو بينهم تقيل لدرجة تخنق.
دموع عبير ما وقفتش لحظة، عينيها حمرا وهي بتبص لبهيرة بنظرة ندم، بتحاول بأي طريقة تطلب منها تسامحها.
لكن بهيرة كانت متجمدة مكانها، وشها ثابت لكن جواها عاصفة. قلبها مجروح باللي عرفته… أبوها، السند والضهر اللي طول عمرها متكأة عليه، كان ناوي يحرق قلبها على ابنها.
وأختها الوحيدة، اللي كانت بتعتبرها حياتها… طلعت بتخدعها، وتكدب عليها وتقول إن أبوها مسافر، وهو في الحقيقة عايش في بيته وبيخطط يقTل ابنها!
كل واحدة فيهم شايلة جرح عميق وإحساس بالخذلان، لكن ما فيش ولا واحدة قادرة تبوح للتانية اللي جواها.
الثقة اللي كانت بينهم اتكسرت… وكسرها كان تقيل، صعب يتلحم تاني.
........ 
أما عند سالم…
كان قاعد تحت مع أخوه، ساكت وعينه مركزه علي نقطه ثابته قدامه بشرود. القلق كان واكل قلبه، والخوف مسيطر عليه… خايف يخسر ابنه.
كل ساعة بتمر عليه كانت تقيلة كأنها يوم كامل، وكل دقيقة بتزود وجعه.
مستني مكالمة من خالد تطمّنه… مستني يسمع صوت ابنه الوحيد، اللحظة اللي يشوفه فيها  وتقرّ عينه برؤيته.
الإحساس ده كان خانقه، كأن أنفاسه مش كاملة لحد ما يتأكد إن ابنه بخير.
........ 
في سوهاج…
عند أهل معتصم.
ممدوح ما خرجش من البيت طول اليوم، قاعد زي الحارس، عينه ما بتفارق زينب مراته، بيراقب كل تحركاتها وكأنه مستني منها غلطة.
هي التوتر باين عليها، ملامحها مش ثابتة، وكأنها شايلة في دماغها مصيبة بتفكر فيها.
الشر اللي جواها كان عامي عينها عن نظرات جوزها اللي بتلاحقها في كل خطوة وتقرأها من غير ما تنطق.
أما زينة… كانت في أوضتها طول اليوم، ما خرجتش.
قلبها مشغول وملهوف على معتصم، إحساس القلق مسيطر عليها.
قاعدة مستنية منه مكالمة تطمّنها، وكل ما تبص علي الموبايل ، تدعي في سرها ربنا يحميه ويرجّعها له بالسلامة.
........ 
في مديرية الأمن، كان الجو مشحون بالترقب.
معتصم سلّم الفلاشة اللي انتزعها من سلسلة رجل الmافيا اللي مهاب قTله.
بعد الفحص، ظهرت الحقيقة… ملفات بأسماء تقيلة، شخصيات لها نفوذ، متورطة لسنين في شغل مشبوه مع الMافيا.
واضح إن الراجل ده كان مخزن الأسرار دي كدرع يحميه من غدرهم، لكن الدرع وقع في إيد الشرطة.
أوامر صدرت فورًا بخروج مأمورية خاصة للقبض على الأسماء اللي ظهرت.
وفي وسط ده، خالد طلب يقابل جده، وحيد الأسيوطي.
الباب اتفتح، وحيد دخل مكبل بالكلبشات، ملامحه متماسكة ظاهريًا، لكن عنيه فيها لمعة غريبة ما بين التحدي والانكسار.
خالد كان قاعد، قام واقف أول ما شافه، نظره هابط للأرض وكأنه بيجمع شجاعته.
وحيد رفع راسه، وبص لخالد، صوته خرج مهزوز لكنه مغلف ببرود متعمد:
– جاي تشمت في جدك؟ ولا جاي تعرض المساعدة يا حضرة الظابط؟
خالد رفع نظره عليه، صوته هادئ لكن فيه حدة وقهر مكتوم:
– جاي أسألك… ليه؟
ضحكة قصيرة خرجت من وحيد، متبوعة بثقة مصطنعة:
– هو إيه اللي ليه؟! انت هتصدق كلام الشرقاوي والمجنون حفيده!؟ أنا طول عمري راجل شريف. وهما ما عندهمش دليل واحد يثبت كلامهم… وهطلع في أول عرض ليا على النيابة!
خالد هز راسه، ابتسامة ساخرة رسمت نفسها على وشه، لكنها مكسورة بحزن حقيقي:
– لا… المرادي ما حسبتهاش صح يا جدي.
انت هنا مش عشان اعتراف الشرقاوي ولا حفيده…
انت هنا… عشان تورطك في أعمال إجرامية أخطر بكتير منهم.
وحيد الأسيوطي بلع ريقه بصعوبة، عينيه بدأت تزوغ، وصوته طلع هامس كأنه بيختبر رد فعل خالد:
– انت… مكنتش فاقد الذاكرة… صح؟
خالد رفع عينيه ، نبرة صوته ثابتة لكن وراها مرارة موجعة:
– صدقني… جت عليا لحظات، اتمنيت فيها أفقد الذاكرة بجد… وأمسح كل ذكريات عمري اللي كنت عايشها وانا فاكر إن جدي راجل شريف.
ملامح وحيد شدّت، وحاول يرجّع هدوءه:
– انت معندكش أي دليل تمسكني بيه!
خالد ابتسم ابتسامة حزينة، هز راسه:
– فعلا مكنش عندي دليل … لكن دلوقتي، معانا دليل قوي ضدك، وضد كل واحد خان البلد دي وهو قدام الناس بيبان إنه بيدافع عنها.
نفسي ألاقي سبب واحد… أو حتى عذر… يخلي إنسان في مكانتك… تبقى دي نهايته.
وجه وحيد اتغير، الذهول سيطر عليه:
– يعني إيه معاكم دليل؟
خالد رد بثقة وهدوء قاتل:
– هتعرف في النيابة… اللي كنت متأكد إنها هتخرجك.
الأفضل تبدأ تتعود على حياة السجن… لأن أقل حكم عليك، هيكون مؤبد.
ساعتها، وحيد فهم… دي كانت النهاية.
خالد وقف، عينيه مليانة خذلان أكتر من الغضب، ونادى بصوت هادي:
– خده يا عسكري… رجّعه الحبس تاني.
الكلمة كانت تقيلة على قلب خالد… تقيلة لدرجة حس بيها وهي بتغرس جوا صدره.
عمره ما تخيل إنه ييجي يوم وينطقها، ويكون جده هو المقصود بيها.
قعد على المكتب، ضهره مكسور من الحزن، وعينيه اتعلقت في الفراغ… قلبه بيصرخ، بس خلاص، مفيش فايدة. الحزن مش هيرجع حاجة.
جده غلط… وغلطته كانت كبيرة، والنتيجة طبيعية.
لازم يتعاقب… ويدفع تمن خيانته لبلده.
صوت معتصم قطع شروده وهو داخل بحماس:
– هتعمل إيه يا خالد؟ هترجع بيتك ولا هتروح لأهلك في بيت عمك؟ إحنا خدنا أجازة أسبوع… مش عايزين نضيعها.
خالد وقف، وكأنه بيحاول يقفل الصفحة دي من حياته.
أبوه، أمه، مراته… هما الأهم دلوقتي.
اتكلم بهدوء:
– انت هتعمل إيه؟
معتصم ابتسم وقال:
– هروح البلد حالاً… مراتي وحشاني.
خالد ابتسم، وسأل وهو بيحاول يخفف الجو:
– والأستاذ التاني راح فين؟
معتصم ضحك:
– لما عرف إن في أجازة… جري من المديرية.. بيقول تعب وعايز ينام. 
خالد ضحك:
– بيتعب هو أوي.
خرجوا مع بعض، وخالد قال وهو ماشي:
– أنا كمان هروح عند أهلي، أكيد قلقانين عليا. 
رد معتصم وهو ماشي جنبه:
– ماشي وابقي طمني عليك لما توصل. 
ََرواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في سوهاج. 
جوه بيت أبو معتصم، الجو كان هادي، صوت عقارب الساعة واضح وسط السكون.
زينب كانت قاعدة على الكنبة، أصابعها بتفرك في بعض بسرعة، وعينيها شارده في الأرض، كأنها بتحارب أفكارها جوا دماغها.
أبو معتصم قام من مكانه وقال بصوت هادي:
– أنا هطلع أنام… تصبحوا على خير.
طلع على السلم بهدوء، وبعده زهيرة وقفت وقالت وهي بتتحرك:
– وأنا هطلع أطمن على زينة وأنام… تصبحوا على خير.
فضلت زينب قاعدة، وممدوح كان بيراقبها بعينه، صوته فيه لمحة غموض:
– يلا يا زينب نطلع ننام إحنا كمان.
زينب ردت بسرعة، صوتها فيه توتر:
– لا، اطلع انت… أنا هدخل المطبخ أغسل شوية أطباق من بواقي العشا.
ممدوح فضّل باصص لها لحظة، وكأنه بيحاول يقرأ اللي جواها، وبعدين قام طالع على أوضتهم من غير ما يقول كلمة تانية.
زينب فضلت قاعدة مكانها كام دقيقة، بتسمع حركة البيت وهي بتهدى تدريجيًا لحد ما السكون غطى المكان. قامت ودخلت المطبخ، فتحت المية، بدأت تغسل الأطباق بهدوء، لكنها كانت بتطوّل، كأنها مستنية اللحظة المناسبة.
لما خلصت، مسحت إيديها وبصت حواليها، تتأكد إن الكل نام. قلبها بدأ يدق أسرع وهي بتاخد إزازة سائل غسيل المواعين من جنب الحوض.
طلعت على السلم بخطوات حذرة، وقفت على أعلى درجة وبصت حواليها… البيت غرقان في الضلمة، وكل حاجة ساكنة. فتحت الإزازة بإيد مرتعشة، وكبت السائل كله على السلم، ريحته النفاذة مالية الجو.
وبخطوات سريعة، راحت على أوضة زينة وخبطت على الباب بهدوء. 
من جوه، سمعت صوت زينة.
زينب حطت أيديها علي بطنها ، وعملت نفسها تعبانة وعندها مغص، وهي بتفتح الباب دخلت بصوت متقطع وكأنها بتلهث:
– الحقيني يا زينة… بطني بتتقطع.
زينة قامت بسرعة، القلق باين على وشها، وقربت من زينب وهي بتسألها:
– مالك يا زينب؟ في إيه؟
زينب ردت بصوت متقطع، ماسكة بطنها وكأن الألم بيقطعها:
– تعبانة أوي يا زينة… بطني بتتقطع… مش قادرة أنزل أعمل حاجة دافية أشربها. معلش يا زينة، تنزلي تعمليلي كوباية نعناع دافية… هي اللي هتريحني. أنا كنت هخبط على عمتي، بس مش عايزة أتعبها.
زينة ردت من غير تفكير:
– حاضر هنزل أعملك… اقعدي ارتاحي هنا.
زينب قعدت على السرير، تمثل التعب بعينين مغمضة ونَفَس تقيل، وزينة صدقتها وخرجت بسرعة من الأوضة.
جسم زينب كان بيرتعش، عينيها مفتوحة نص فتحة وهي منتظرة اللحظة… منتظرة تسمع صوت صراخ زينة وهو بيملي البيت كله.
لكن… عدت ثواني… بقت دقيقة… دقيقتين… تلاتة… خمسة!
مفيش صوت… ولا حتى خبطة… ولا حتى همسة!
الحيرة كسرت تمثيلها، فقامَت بحذر من على السرير. خرجت من أوضة زينة، خطواتها بطيئة ومرعوبة، قلبها بيخبط في ضلوعها. قربت من السلم وبصت لتحت… مفيش أثر لزينة! ولا حتى ظلها.
وقفت على طرف السلم، عينيها رايحة جاية على الدرج… كانت بتدقق لو فيه أثر خطوات فوق سائل الغسيل.
لكن فجأة، صوت ممدوح جوزها جه من وراها، هادي بس حاد:
– بتبصي على إيه يا زينب؟
زينب اتخضت، قلبها طار من مكانه، ورجليها خانتها.
خطت خطوة مش مقصوده ونزلت على أول درجة، وأول ما لمسَت السائل… رجلها راحت من تحتها!
اتزحلقت، وصوت صراخها شق سكون البيت وهي بتتقلب على الدرج… لحد ما ارتطمت بالأرض تحت، جسمها واقع وكأنه كله اتكسر.
زينة كانت واقفة ورا ممدوح، قلبها بيخبط من الخضة.
افتكرت اللحظة اللي خرجت فيها من أوضتها عشان تنزل تعمل حاجة دافية لزينب… لكن قبل ما تخطي أول درجة على السلم، لقت ممدوح ابن خالها بيشدها من إيدها فجأة، نظرته جدية وعينيه فيها تحذير، وهو بيشاور لها ما تطلعش صوت، وتتحرك معاه في سكات.
رعب تسلل لقلبها وهي مش فاهمة إيه اللي بيحصل… بس دلوقتي فهمت: لو ممدوح ما لحقهاش، كانت هي دلوقتي اللي مرمية مكان زينب تحت!
صوت صراخ زينب، خلى الحاج عبد الرحيم يخرج من أوضته بسرعة، وزهيرة كمان خرجت بخضة، صوتها عالي وهي بتسأل:
– في إيه؟
ممدوح كان واقف، عينه معلقة بمراته وهي مرمية على الأرض، مش قادرة حتى تطلع صوت من الوجع، وزينة واقفة جنبه، حاطة إيديها على بوقها وكاتمة شهقتها.
ممدوح شاور لأبوه وعمته، صوته ثابت:
– محدش ينزل في حاجة بتزحلق علي السلم… هاتي فوطة ناشفة من عندك يا عمتي.
زهيرة جرت على أوضتها ورجعت بسرعة ومعاها منشفة، وممدوح بدأ يجفف سائل الغسيل من على السلم بحذر، كل حركة منه محسوبة.
زينة فضلت واقفة في مكانها، جسدها متجمد وعينيها متسعة، مش قادرة تصدق المشهد.
ممدوح نزل بخطوات تقيلة، وأبوه وعمته وراه بحذر.
زينب كانت ملقاة على الأرض، وشها شاحب وصوتها طالع ضعيف:
– الحقني يا ممدوح…
زهيرة قربت منها، وحطت إيدها على وشها بتحاول تطمن عليها، لكن عينيها اتسعت فجأة لما لمحت الدم بينزف من تحت زينب.
بصت لممدوح بصدمة، صوتها طالع بهمس لكنه مليان رعب:
– هي زينب… كانت حامل!؟ 
ممدوح بص لعمته بصدمة، وبعدين عينه راحت لزينب اللي كانت بتغيب عن الوعي، وشها شاحب ونفسها متقطع.
صوت أبوه جه ملهوف وقلق واضح فيه:
– شيل مراتك، ناخدها المستوصف بسرعة يا ممدوح.
زهيرة قربت أكتر، ملامحها مضطربة وهي بتقول:
– مراتك شكلها كانت حامل وبتسقط… لازم دكتور يشوفها بسرعه.
ممدوح وقف لحظات مكانه، عينه مثبتة على الدم اللي بيغمر الأرض حوالين زينب، ودماغه مش قادر يستوعب إنها كانت حامل فعلًا… الصدمة كانت قافلة على أي رد فعل تاني.
ببطء، انحنى وشالها من على الأرض، رفعها بإيدين ثابتة رغم رعشة قلبه، وطلع بيها برا البيت بخطوات سريعة، وأبوه وراه بيجري.
زينة كانت واقفة فوق، بتتابع المشهد بعينين متسعة وخطواتها متسمّرة، الخوف مسيطر عليها، ومخها بيصرخ بأسئلة مش لاقية لها إجابة. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في ساعة متأخرة من الليل،
في بيت اخو سالم الدريني ، الدنيا كانت ساكنة والهدوء مغطي كل ركن.
الكل نايم، ماعدا ياسمين اللي كانت واقفة في البلكونة، نفس وقفت خالد المفضلة.
قلبها ملهوف عليه، عينيها سارحه في السماء وكأنها بتسأل النجوم: هو فين؟ ليه مكلمهاش ولا طمّنها؟ ليه مفيش أي خبر عنه، ولا حتى كلمة تخفف القلق اللي بيخنقها!
فجأة، اخترق هدوء الليل صوت صفير خفيف من تحت البلكونة.
عرفته فورًا… النغمة كانت إشارته ليها.
بصت بسرعة لتحت، وقلبها دق بقوة… هو خالد، واقف يبتسم لها ابتسامة دافية.
قال بهدوء وصوته فيه حنية:
– فاضية تيجي معايا مشوار؟
ابتسمت ودموعها لمعت في عينيها، هزت راسها بسرعة ونزلت تجري على السلم.
فتحت باب البيت، وأول ما شافته واقف قدامها، رمت نفسها في حضنه.
ضمها لقلبه، متجاهل الألم اللي حس بيه من الجرح لما ضغطت عليه.
تنهد بحب وهمس:
– وحشتيني.
رفع وشها بين إيديه، وعينيه غرقانين في عيونها اللي لسه الدموع بتلمع فيهم، سألها:
– في حد صاحي؟
هزت راسها بـ "لا".
مسك إيديها وقال:
– طب تعالي معايا.
أخدها معاه، وهي ماشية جنبه وقلبها مليان أسئلة، لحد ما وقفت وقالت:
– هنروح فين دلوقتي؟ وبعدين طمّني عليك الأول… إيه اللي حصل؟
وقف وبص في عينيها، صوته ثابت:
– خلاص، مبقاش في خطر تاني.
هي بفضول وقلق:
– مبقاش في خطر إزاي؟ احكيلي! وبعدين إنت مكلمتنيش تطمني ليه… أنا كنت هموت من الخوف عليك!
مسك إيديها بإحكام وقال:
– هقولك كل حاجة… تعالي.
خدها وقعدوا في جنينة بيت عمه، ريحة الورد حواليهم، والليل شاهد على لحظة اللقاء اللي كانت مستنياها.
ياسمين، قلبها بيخبط، بصت له بفضول أكتر وسألته:
– إيه اللي حصل يا خالد؟ طمّني.
خالد بدأ يحكيلها كل اللي مر بيه، عن المهمة الصعبة، وعن مقابلته مع جده والكلام اللي دار بينهم، لحد ما ختم كلامه بصوت فيه راحة:
– خلاص… إحنا بقينا في أمان، وكل المتورطين اتقبض عليهم.
ياسمين كانت قاعدة قدامه، عينيها مثبتة عليه وبتسمع بكل تركيز، قلبها بيهدى مع كل كلمة. وفجأة، لمعت عينيها بسؤال غريب وهي بتبص له:
– خالد… هو إنت شعرك بيلمع ليه؟
خالد اتجمد لحظة من المفاجأة، وبص لها باستغراب:
– انتي جبتي الجملة دي منين؟ مهاب اللي قالك عليها؟
ردت ياسمين بدهشة بريئة:
– مهاب قالي على إيه؟ مش فاهمة! اللمعة دي أنا عرفاها كويس… إنت روحت البيت، أخدت شاور، وحطيت من كريم الشعر بتاعك… صح؟
خالد سابها لحظة وبص لها وكأنه بيحاول يستوعب:
– انتي قصدك على كريم الشعر؟
ياسمين رفعت حواجبها وقالت بنبرة عتاب:
– لا طبعًا… أنا قصدي إن حضرتك روحت البيت، غيرت لبسك، أخدت شاور، وحطيت كريم شعر وبرفيوم… وأنا قاعدة هنا هموت من الخوف عليك!
ابتسم خالد وضحك بخفة:
– ده قصدك؟
ردت ياسمين بثقة وهي شايلة جواها شوية زعل:
– آه طبعًا… المفروض كنت تطمني قبل كل ده!
خالد هز راسه وهو بيضحك:
– طب مبدئيًا كده، موضوع لمعان الشعر متتكلميش فيه تاني… وخصوصًا قصاد المجنون اللي اسمه مهاب. عارفة لو لقيتي شامبو مكتوب عليه "لمعان الشعر"؟ ارميه.
ياسمين فضلت تبص له بدهشة ممزوجة بفضول ، وهو كان بيضحك وكأنه نسي كل التعب اللي عاشه الساعات اللي فاتت.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في سوهاج.
جوه مستوصف طبي صغير على طرف البلد، ريحته خليط من المطهرات وصوت مروحة سقف بتلف ببطء.
ممدوح كان واقف جنب السرير، عينيه معلقة بحركة الدكتور وهو بيركب الكانيولا في إيد زينب.
ملامحه كانت جامدة، لكن جواه كان في دوشة مشاعر ما بين صدمة ووجع.
زينب بدأت تفوق، جفنها بيتقل ويفتح، وبتحاول تركز في الأصوات حواليها.
الدكتور بص لممدوح وهو بيقول بهدوء:
– مش هتحتاج عملية تنظيف رحم، الحمل كان لسه في أوله… هتاخد الأدوية دي وترتاح وهتبقى كويسة.
زهيرة قربت خطوة وسألت بصوت كله لهفة، لدرجة إن الكلام وصل لودان زينب وهي لسه بتفوق:
– يعني هي كانت حامل يا دكتور؟
الدكتور أومأ براسه وقال:
– آه… كانت حامل في شهرها الأول، لكن للأسف الواقعة كانت قوية ومستحملتش.
زهيرة بصت لممدوح بعينين حزينة، أما الدكتور فكمّل كلامه قبل ما يخرج:
– أول لما المحلول يخلص، تقدروا ترجعوا البيت… بس ضروري ترتاح وتاخد الدوا.
لما الباب اتقفل وهدأ المكان، زينب رفعت إيديها الضعيفة لبطنها، وصوتها خرج بضعف :
– هو الدكتور بيقول إني كنت حامل؟ يعني أنا بخلف؟
ممدوح وقف قدامها، عينيه مليانة وجع، قلبه بيتقطع على الطفل اللي كان بيتمناه طول عمره، واللي ضاع منه في لحظة… لكن وجعه كان ممزوج بغضب عميق:
– كنتي حامل بعد السنين دي كلها… بس شوفي حكمة ربنا، رتبتي الواقعة دي لزينة عشان تحرميها من الخلفة… بس جت فيكي انتي، ودوقتي اللي كنتي هتعمليه فيها…
سكت لحظة، نبرة صوته اتحولت لجمود وقسوة، وعينيه ما اهتزتش وهو بيقول:
– انتي طالق يا زينب... بقلمي ملك إبراهيم. 
.... يتبع
ممدوح وقف قدامها، عينيه مليانة وجع، قلبه بيتقطع على الطفل اللي كان بيتمناه طول عمره، واللي ضاع منه في لحظة… لكن وجعه كان ممزوج بغضب عميق:
– كنتي حامل بعد السنين دي كلها… بس شوفي حكمة ربنا، رتبتي الواقعة دي لزينة عشان تحرميها من الخلفة… بس جت فيكي انتي، ودوقتي اللي كنتي هتعمليه فيها…
سكت لحظة، نبرة صوته اتحولت لجمود وقسوة، وعينيه ما اهتزتش وهو بيقول:
– انتي طالق يا زينب.
.......
في البيت عند زينة.
كلهم كانوا مع زينب والبيت فاضي على زينة لوحدها، قافلة علي نفسها في أوضتها، قلبها مقبوض وخوف ماليها، مش قادرة تستوعب إزاي زينب كانت ناوية تعمل فيها كده.
معتصم ركن عربيته قدام البيت.
زينة أول ما سمعت صوت العربية، قلبها دق بسرعة وفكرت إنهم رجعوا.
طلعت من أوضتها، ولسه هتنزل السلم، بس افتكرت مشهد زينب وهي بتقع،
رجليها تجمدت من الخوف، معرفتش تتحرك.
معتصم دخل البيت، الحيرة باينة على وشه وهو شايف كل أنوار البيت منورة.
أول خطوة ليه جوه، عينه وقعت على نقط دم متناثرة على الأرض، والنقط دي ماشية في خط لحد بقعة دم كبيرة قدام السلم.
رفع عينه بصدمة، وشاف زينة واقفة فوق، عينيها حمرا ودموعها نازلة.
أول ما شافته، نطقت اسمه وهي بتبكي:
ـ معتصم…
قلبه وقع من مكانه، وعقله على طول ربط الدم اللي على الأرض بزينة.
جري عليها بخطوات سريعة، مش حاسس بنفسه ولا عارف هو وصل قدامها إزاي.
مسكها بلهفة وصوته مليان رعب:
ـ زينة… إنتي كويسة؟ إيه اللي حصل؟
زينة وهي بتشهق من العياط:
ـ مش عارفة يا معتصم… مش قادرة أحرك رجلي.
بص بسرعة على بطنها، وسألها بلهفة وخوف:
ـ الدم ده بينزف منك؟
هزت راسها بنفي وهي بتبكي:
ـ لأ… الدم ده من زينب. وقعت من على السلم… أنا اللي كنت هقع مكانها، بس ممدوح منعني أنزل.
كلامها كان متقطع من البكا، ومعتصم مش قادر يفهم التفاصيل، بس أول ما استوعب إن الدم مش منها، قلبه ارتاح شوية.
انحنى ورفعها من الأرض بحرص، وشالها وهو بيكلمها بصوت حنون:
ـ خلاص… اهدي، تعالي أوضتي نتكلم.
دخل بيها أوضته، وحطها على السرير بهدوء:
ـ ارتاحي هنا.
قعد على طرف السرير، مسك إيديها بحنان وقال:
ـ المهم إنتي كويسة؟ الدم ده مش منك صح؟
هزت راسها بالإيجاب وهي لسه بتبكي:
ـ أيوه.
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو بيهز راسه براحة:
ـ طب اهدي… واحكيلي بالراحة إيه اللي حصل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
مع شروق شمس يوم جديد،
خالد أخد عيلته ورجعوا كلهم على البيت.
بهيرة مش قادرة تسامح عبير، مش عايزة حتى تبصلها، جواها وجع وغضب مش قادرين يطلعوا بكلام او عتاب.
عبير قلبها مكسور، حاسة إن حياتها اتلخبطت فجأة ، كل حاجة اتدمرت في لحظة من غير أي إنذار.
مسكت كارما بنتها بإيدها، ورجعت بيها على بيتهم. دماغها مشغولة بخطة حياة جديدة… تاخد كارما وتسافر بعيد، مش قادرة تتخيل نفسها عايشة هنا وأبوها في السجن، وأختها مش عايزة تسامحها، 
وكارما محتاجة تكمل علاجها وتبدأ حياة جديدة بعيد عن كل الذكريات المؤلمة اللي عاشتها هنا.
ياسمين جهزت لأخوها أحمد الأوضة اللي كانت بتنام فيها الفترة الأخيرة ، ونقلت حاجتها لأوضة خالد تاني.
بهيرة طول الوقت ساكتة، مش طايقة الكلام، الإحساس بالعار والخيانة مسيطر عليها، وصدمتها في أبوها وأختها تقيلة على قلبها، محتاجة وقت طويل عشان تستوعب وتلملم نفسها.
سالم كان كل تركيزه على عيلته… مراته، ابنه خالد، وضحكته اللي رجعت مع ياسمين. وأحمد أخو ياسمين اللي بيحاول يعوضه غياب الأب اللي اتحرم منه.
البيت كله كان بيستعد لبداية صفحة جديدة… حياة هادية، من غير كدب، من غير خيانة، ومن غير صراعات تكسرهم من تاني.
........... 
عند مهاب ومنة.
منة كانت حاسة بالقلق على مهاب، من يوم ما شافته آخر مرة وهو بياخد أحمد من عندها، اختفى ومبقاش ليه أي أثر.
وقفت قدام باب شقته، قلبها بيدق بسرعة وهي شايلة آدم في إيديها، أيديها بتتهز وهي بتضغط على زر الجرس، مترددة كأنها مش عارفة إللي بتعمل ده صح ولا غلط.
مهاب كان غارق في النوم، وصحي على صوت الجرس المزعج.
قام بكسل، فتح الباب، وعينه اتسعت بدهشة أول ما شافها.
منة كانت واقفة قدامه، ملامحها فيها كسوف وتوتر، وقالت بخجل وهي بتعدل طرحة شعرها:
– صباح الخير.
ابتسم ابتسامة دافية وقال:
– صباح النور.
قالت بخجل:
– أنا جيت أطمن عليك، من آخر مرة لما أخدت أحمد أخو ياسمين من عندي وانت مختفي!
رد بهدوء وصوته فيه راحة:
– كنت طالع مأمورية صعبة شوية… بس الحمد لله عدت على خير.
بص على آدم بابتسامة، وانحنى على الأرض يشيله بين إيديه وهو بيكلمه بمرح:
– إزيك يا بطل؟ وحشتني أوي.
منة ابتسمت من قلبها وهي شايفاه بيتعامل مع ابن أختها بحنية، عينيها اتثبتت عليه من غير ما تاخد بالها، وفي نظرة إعجاب واضحة خرجت منها غصب عنها.
مهاب رفع عينه فجأة، ولما شاف النظرة دي، حس بحاجة بتلمسه من جوه.
منة اتكسفت بسرعة، نزلت عينيها للأرض وقالت بتوتر:
– أنا لازم أمشي.
مدت إيدها تاخد آدم، لكن مهاب مسك إيديها فجأة، لمسته كانت دافية، وبص لها وقال بهدوء:
– هتروحي فين؟
اتوترت أكتر من لمسته، وقالت بخجل وهي بتسحب نفس:
– هروح الشغل… أنا اتأخرت.
رد بثبات ونبرة فيها جدية:
– منة… أنا عايز أكمل في جوازنا… إنتي إيه رأيك؟
فتحت عينيها بصدمة، وسحبت إيديها من إيده بسرعة:
– تكمل في جوازنا إزاي؟ مش فاهمة!
قال بصوت واضح وصريح:
– يعني نجرب نقرب من بعض ونعرف بعض أكتر… حاسس إننا ممكن نكون زوجين ناجحين في حياتنا مع بعض.
منة ردت بحزن وبصوت مهزوز:
– مش عارفة! خايفة ييجي يوم وتقولي انا اتجوزتك عشان أنقذك من جوازة تانية.. في لحظة معينة شوفت الحيرة والتردد في عينيك بعد ما قولت قدام خالي إنك عايز تتجوزني!
أخد نفس عميق وقال بهدوء:
– طبيعي أكون محتار ومتردد… أنا مكنتش جاهز ولا مستعد لفكرة الجواز مرة تانية.
هي اتصدمت وقالت:
– إنت كنت متجوز قبل كده؟
بص لها بصدق وقال:
– اتجوزت وطلقت بعد كام شهر… مقدرناش نتفق مع بعض.
ملامحها اتبدلت لقلق:
– يعني ممكن بعد فترة تسيبني برضه وتقول مقدرناش نتفق مع بعض؟
هو رد بثقة وعينه مثبتة عليها:
– تجربتي في جوازتي الأول بتأكد إننا هنتفق… لأني أول مرة اتجوزت بعقلي، المرة دي بتجوز بقلبي.
منة اتلخبطت وقالت بحيرة:
– طب إحنا ممكن نعمل فترة خطوبة الأول… نتعرف على بعض من قريب، ولو اتأكدنا إننا نقدر نكمل… نتجوز بجد.
مهاب هز راسه بابتسامة فيها رضا:
– موافق… يعني من دلوقتي هتكوني خطيبتي؟
هي ابتسمت بخفة وهي بتاخد آدم من إيده:
– لما تجيب أهلك وتيجي تخطبني الأول… وأخد وقتي وأفكر.
بص لها بصدمة:
– أجيب أهلي واجي اخطبك ازاي وانا قولتلهم إني اتجوزت؟ طب أجيبهم يتعرفوا عليكي ماشي. 
ردت بثقة وهي بتتحرك ناحية الاسانسير:
– لا.. لازم يجيوا يطلبوني للجواز عشان أتأكد انك واخد الموضوع جد… ياسمين نصحتني بكده.
مهاب نطق باستغراب وصدمة:
– يااااااسميييين!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في سوهاج.
البيت كان هادي، بس الهدوء ده كان مليان حزن.
معتصم كان قاعد جنب زينة على الكنبة، إيده ماسكة إيدها بحنية وكأنه بيحاول يطمنها من غير كلام.
عمته زهيرة وأبوه قاعدين قصادهم، نظراتهم على الأرض، والحزن مالي وشوشهم.
أما ممدوح فكان في أوضته فوق، قافل على نفسه من ساعة ما رجع.
أبو معتصم كسر الصمت وهو بيتنهد بحرقة:
– سبحان الله، لما ربنا يرزقهم بالعيل اللي بيتمنوه بقالهم سنين، يروح منهم بالطريقة دي.
زهيرة ردت بنبرة فيها ضيق مكتوم:
– حكمة ربنا يا أخويا، هي كانت ناوية تأذي بنتي، أهو ربنا جابها فيها، وقلبها اتحرق على ضناها زي ما كانت عايزة تحرق قلبي وقلب بنتي على اللي في بطنها.
معتصم شد إيد زينة بحنية زيادة، وبص في وشها لحظة قبل ما يقوم يقف:
– أنا هطلع أشوف ممدوح.
طلع السلم بهدوء، وقف قدام باب أوضة أخوه وخبط بخفة، ولما مسمعش رد فتح الباب.
ممدوح كان ممدد على السرير، عينه معلقة في السقف كأنه بيكلم نفسه جواه.
معتصم قرب منه وقعد على طرف السرير، صوته فيه قلق:
– شكلك تعبان يا ممدوح؟ مش قولت هتطلع تنام شوية؟
ممدوح عدل قعدته، مسح وشه بإيده وقال بصوت مكسور:
– أنام إزاي بعد ما اتأكدت النهاردة إني كنت بنام جنب حية! إزاي مشوفتش الحقد والغل ده في عنيها قبل كده! أنا دلوقتي بحمد ربنا إنه حرمني من الخلفة طول السنين دي! إزاي كانت هتبقى أم لعيالي!؟ كانت هتعلمهم إيه؟
معتصم بصله بثبات وقال:
– ربنا محرمكش من الخلفة يا ممدوح، ربنا كان رؤوف بيك، إن شاء الله هتتجوز تاني وهتخلف وعيالك هيملوا الدار.
ممدوح هز راسه بأسى:
– لا جواز تاني إيه بقى! لا تاني ولا تالت. أنا شكلي مليش حظ لا في حريم ولا عيال!
معتصم حط إيده على كتف أخوه وضغط عليه بحزم:
– لا يا ممدوح، إنت عمرك ما كنت كده ولا ايمانك ضعيف بربنا. كلنا بنقع ونقف تاني، وكلنا أمل بالله. الحياة هتكمل، وهتتجوز واحدة بنت حلال، بتتقي ربنا، وربنا هيرزقك معاها بالذرية الصالحة ان شاء الله. 
...... 
في بيت الدريني.
مهاب دخل البيت وصوته عالي وهو بينادي: خااالد!.. يا خاااالد!.. متحاولش تخبيها مني.
خالد كان في أوضة والدته بيطمن عليها، وأول ما سمع الصوت خرج بسرعة، ملامحه فيها قلق واستغراب، وقرب من مهاب وهو بيقول بدهشة:
– في إيه يابني؟ داخل بتزعق كده ليه؟
مهاب واقف متوتر وبيتكلم بغيظ واضح:
– ياسمين فين؟ متحاولش تخبيها أو تهربها.
خالد عقد حواجبه وقال بجدية:
– وأخبيها واهربها من مين؟ انت اتجننت ولا إيه؟
في اللحظة دي، ياسمين نزلت على السلم بعد ما سمعت صوت مهاب العالي، ملامحها فيها استغراب.
مهاب أول ما شافها، خطى خطوات سريعة ناحية السلم وصوته مليان غيظ:
– كده يا ياسمين؟ تعملي فيا أنا كده؟ طب اعملي حساب إن أنا اللي جوزتك ابن الدريني، دا أنا حتى شاهد على جوازكم!
ياسمين ردت بابتسامة هادية، وكأنها بتستفزه أكتر:
– أنا معملتش حاجة! هي سألتني عن رأيي وأنا نصحتها.
خالد واقف بينهم مش فاهم حاجة، وصوته فيه حيرة:
– أنا مش فاهم حاجة.. حد فيكم يفهمني؟
مهاب لف ليه وقال بانفعال:
– الهانم مراتك بتنصح منة إني لازم أجيب أهلي يخطبوها، وأنا أصلاً قولتلهم إني اتجوزت.. إزاي هقولهم عايز أخطب مراتي؟!
ياسمين نزلت خطوتين كمان، عينيها ثابته فيه وهي بترد:
– حقها.. لازم تطمن إن أهلك موافقين وكمان تتأكد إنك واخد الموضوع بجد، مش تجربة! عجبتك تكمل، معجبتكش تقولها "متفقناش".
مهاب بص لخالد كأنه بيستنجد:
– عجبك كلامها ده؟
وبعدين رجع يبص لياسمين بحدة:
– مين قال إني واخدها تجربة؟!
ياسمين ردت بثقة وهي بتواجهه:
– انت قولت كده لمنة.. مش قولتلها "خلينا نجرب"؟
مهاب فتح عينيه بصدمة:
– هي لحقت تحكيلك؟!
ياسمين ردت بنفس الثقة:
– البنت ملهاش حد، ومن حقها تخاف وتبقى عايزة تطمن.
مهاب رجع يبص لخالد بصوت فيه رجاء:
– خالد.. اتدخل في الموضوع ده.. أنا صاحب عمرك.
خالد، وهو واضح عليه نفاد الصبر، قال:
– انت عايز إيه دلوقتي؟
مهاب رد بسرعة:
– عايز أكمل جوازي من منة، بس بعيد عن أفكار ياسمين.
خالد وجه كلامه لياسمين:
– وانتي عايزة إيه؟
ياسمين بتحدي:
– عايزة منة تطمن إنه عايز يكمل بجد، مش واخدها تجربة ولا هزار.. مشاعر البنت مش لعبة.
خالد وقف بينهم ونبرته حاسمة:
– يبقى نتكلم في أرض محايدة، ونوصل لحل يناسب الكل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في المساء.
جوه كافيه راقي، كلهم كانوا متجمعين. 
ياسمين وزينة ومنة كانوا قاعدين جنب بعض، متقاربين وكأنهم فريق واحد، بيتكلموا بصوت همس بينهم، الكلام مش واضح، بس النظرات بينهم كانت بتقول إنهم بيخططوا لحاجة.
قصادهم، خالد ومعتصم ومهاب قاعدين جنب بعض، وكل واحد فيهم باين عليه علامات القلق والترقب.
خالد كان قاعد وعينيه بتروح وتيجي على ياسمين وهي بتهمس للبنات.. شكلها العقل المدبر والبنات بيسمعوها بتركيز. 
معتصم قاعد متماسك بس إيده بتخبط بخفة على التربيزة قدامه ، أما مهاب فكان بيبص للبنات بتركيز وكأنه بيحاول يقرأ كلامهم من حركة الشفايف .
خالد قطع الصمت وقال بنبرة هادية:
–  خلونا نتكلم يا جماعة ونتناقش بهدوء وتحضر.
رد مهاب عليه:
–  انت هتقول خطاب تنحي الرئيس! اختصر. 
خالد اتكلم:
–  دلوقتي منة طلبت ان اهل مهاب يجيوا يتقدموا لخطبتها.. وده طبعا حقها، بس المشكلة عند مهاب انه بلغ اهله انه اتجوز.. ومش هينفع يقولهم تعالوا اخطبوا البنت اللي اتجوزتها!
ردت ياسمين علي خالد بتحدي:
–  والله دي مشكلته هو! يعني هي توافق دلوقتي ويجيوا اهله بعد كده يقولولها إحنا مش موافقين عليكي وانتي مش مناسبة ل ابننا!
خالد فهم ان هو المقصود بالكلام ورفع حاجبه ل ياسمين.
اتكلم معتصم وهو بيرد على كلام ياسمين:
–  ما هي لازم تبقي فاهمه ان كفاية هو شايف انها مناسبة له واختارها ب أردته.
زينة رفعت حاجبها و ردت علي كلام معتصم:
– ولو هو متجوزهاش ب ارادته وكان مجبور في الاول!؟ مش هي من حقها تحس زي اي بنت ان هو بيحبها واختارها ب اردته! مش طول الوقت تفضل تفكر نفسها انه مكنش في دماغه يتجوزها اصلا!
معتصم فهم انها تقصده هو وهمس: 
– الله يخربيتك يا مهاب! قلبوا علينا احنا! 
مهاب بص لهم وقال: 
– لا انا مليش دعوه بكل العقد بتاع جوازكم دي.. انتوا هتطلعوها عليا انا مالي! هو انا اللي هحققلكم أحلامكم! 
َوشاور على خالد ومعتصم وقال:
–  هما يحققوا أحلامكم برحتهم، انا اللي عليا هعمله.
وبص ل منة وقام وقف قدامها وخرج علبة قطيفه من الجاكيت بتاعه ونزل علي ركبته قدامها وفتح العلبة وكان فيها خاتم جواز:
– تتجوزيني ؟
كل اللي في المكان سقفوا بانبهار وشجعوهم. 
منة عيونها دمعت من الفرحة، عمرها ما تخيلت انه يعرض عليها الجواز بالطريقه الرومانسية دي.
معتصم ضحك وهمس ل خالد: 
– الحق.. مهاب بطيخة عامل فيها رومانسي.
رد عليه خالد بنفس الهمس:
– دا احنا هنشوف أيام سوده بعد الحركة.
ياسمين وزينة عيونهم لمعت من جمال الحركة الرومانسية اللي مهاب عملها. 
منة هزت راسها بالموافقة وكل الموجودين في المكان شجعوهم اكتر ومهاب بيلبسها الخاتم. 
خالد همس ل معتصم وهما بيضحكوا جنب بعض:
–  قوم اسنده مش هيقدر يقوم يقف وهيفضل مريح على الارض كده. 
رد معتصم بنفس الهمس: 
– انا شايف مارك أنطونيو بيتقدم ل كليوباترا.
خالد وهو بيضحك:
– مارك أنطونيو ايه دا واكل محشي قبل ما يجي. 
معتصم ضحك من قلبه والاتنين كانوا بيضحكوا وهما بيتهامسوا. 
مهاب لبس الخاتم ل منة وقام وقف قدامها وهو بيمد ايديه ليها، منة كانت هتموت من الخجل وهي شايفها كل العيون عليهم. 
قامت وقفت معاه. 
معتصم همس ل خالد: 
– هو هياخدها ويرقصوا سلو ولا ايه ؟
رد عليه خالد بنفس الهمس:
–  يرقصوا ايه دا هياخدها المطبخ تجهزله حاجة ياكلها بعد المجهود اللي عمله ده. 
معتصم وخالد كانوا بيضحكوا من قلبهم بجد لدرجة ان عيون معتصم بدأت تدمع. 
مهاب اخد منة ومشيو مع بعض. 
وياسمين وزينة كانوا بيبصوا عليهم وعيونهم بتطلع قلوب، الطريقة الرمانسية اللي مهاب اتقدم بيها ل منة قدام الناس عجبتهم وكأنهم بيتفرجوا على فيلم رومانسي. 
عيونهم رجعت على معتصم وخالد وهما قاعدين جنب بعض بيتهامسوا وهيموتوا من الضحك. 
فجأة معتصم وخالد بصوا قدامهم وهما بيضحكوا ولقوا ياسمين وزينة بيبصوا لهم بغيظ وعيونهم بتخرج نار. 
الضحك وقف بينهم ومعتصم همس:
–  شكلنا هنشوف ليله نكد زي الفل. 
خالد: 
– هما طبعا فاكرين ان صحبتهم هتقضي ليلة رومانسيه علي الورد والشموع. 
رد معتصم:
–  ميعرفوش انها هتروح تولع البوتجاز وتعمله صنية مسقعه بالبشاميل. 
الاتنين ضحكوا اكتر وخالد من كتر الضحك سند براسه علي التربيزة وهو مش قادر. 
زينة سألتهم بدهشة:
–  نفسي اعرف بتضحكوا علي ايه؟ 
ردت ياسمين عليها: 
– عشان عارفين انهم ميقدروش يعملوا زي مهاب. 
خالد رفع وشه وقالها:
–  انا عن نفسي مبحبش المسقعة بالبشاميل.. 
وبص ل معتصم:
–  انت بتحبها؟
رد معتصم بسرعة: 
– والله ابدا حتي اسألها. 
ياسمين وزينة بصوا لبعض وقالوا: 
– مسقعة ايه!؟ 
معتصم قال ل خالد وهو بيضحك:
–  انا بقول كفايه كده ونروح واحنا وحظنا. 
رد خالد:
–  انا بقول كده برضه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد مرور شهر.
داخل قاعة المحكمة، 
الجو كان مشحون بالصمت والترقّب. كل العيون على المنصّة في انتظار لحظة النطق بالحكم.
خالد كان قاعد، عيونه على جده وحيد الأسيوطي وهو واقف جوه قفص الاتهام، ملامحه منكسرة وحزينة، وكل لحظة بيسأل نفسه في سرّه: ليه عمل كده؟ ليه خسر نفسه وبلده؟
راشد قاعد وعيونه وقلبه في قفص الإتهام ، ابنه يحيى واقف بضعف ، ملامحه كلها اتغيرت ، وشه شاحب وساكن وعيونه شارده وكأنه فقد الأمل في الحياة خلاص.
جنب يحيى، كان جلال الشرقاوي واقف، ملامحه متجمدة ما بين الندم والخذلان، مش عارف يلوم نفسه على اللي ضيّعه من عمره، ولا على اللي عمله في حق ابنه وحفيده.
فجأة، ارتفع صوت الحاجب: "محكمة!"
الكل وقف في لحظة واحدة، العيون على القاضي وهو بيجلس على مقعده، الجو كان تقيل لدرجة إن النفس بقى صعب يتاخد.
القاضي بص قدامه، صوته جه ثابت وحاسم:
– حكمت المحكمة حضورياً، على كلٍّا من.. 
جلال الشرقاوي.. 
ويحيى راشد الشرقاوي، 
بالسجن المؤبد مع الشغل والنفاذ.
سقطت الكلمات على القاعة كأنها حُكم على الوقت نفسه بالتوقف، والأنفاس اتحبست بين جدران المحكمة.
القاضي:
–  وحكمت المحكمة حضورياً على المتهم وحيد الأسيوطي والمذكور أسماؤهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ«قضية استغلال السلطة والتعاون مع العدو الخارجي»، والمتهمين فيها بارتكاب جرائم الاشتراك في جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب الSـلاح، واستعمال النفوذ في تسهيل الأعمال الإجرامية التي من شأنها المساس بأمن وسلامة البلاد، وذلك بالسجن المشدد لمدة خمسة وعشرين عاماً لكل منهم، ومصادرة كافة الأموال والممتلكات، ووضعهم تحت المراقبة لمدة خمس سنوات بعد انتهاء العقوبة، مع إلزامهم بالمصروفات الجنائية.
جلال الشرقاوي وقع مكانه بسكته قلبية أول ما سمع الحكم. 
نفس السكتة القلبية اللي ماتت بيها سماح، مامت ياسمين، لما حرمها من ابنها.
اللي معاه في القفص قربوا منه يشوفوه، لكن كان خلاص، مات. 
يحيى كان واقف متجمد، خلاص حياته انتهت، هيقضي عمره كله في السجن.! موت جده كان رحمه له، لكن هو لسه عايش وقدامه سنين طويله ملهاش نهاية هيقضيها في السجن.
أما وحيد الأسيوطي، فالكبرياء لسه مسيطر على قلبه  "أنا، هبقى سجين؟ بعد كل السنين دي؟ مستحيل."
أخدوهم من القفص عشان يرحلوهم على السجن.
قدام المحكمة، استغل وحيد الزحمة وسحب سلاح من العسكري اللي كان متكلبش معاه، وقبل ما حد يلحق يستوعب، حط السلاح في دماغه وضغط الزناد… الطلقة دوّت في المكان، وصوت الصرخة خرج من أكتر من حنجرة في نفس اللحظة.
خالد تجمّد في مكانه. ومشهد انتحار جده قدام المحكمة، كان اخر مشهد يقفل بيه ملف وحيد الاسيوطي. وتكون نهايته عبره لكل خاين.... بقلمي ملك إبراهيم.
... يتبع
خالد تجمّد في مكانه. ومشهد جده قدام المحكمة، كان اخر مشهد يقفل بيه ملف وحيد الاسيوطي. وتكون نهايته عبره لكل خاين.
........... 
بعد اسبوعين.
في المطار.
خالد وياسمين كانوا واقفين بيودعوا كارما وعبير.
عبير لابسة اسود، ونضارة سودا مخبية نص ملامحها، بس الحزن كان باين في نبرة صوتها وهي بتكلم خالد:
– خلي بالك من بهيرة يا خالد، ولو قلبها قدر يصفي ليا.. خليها تكلمني وتقولي سامحتك.
خالد هز راسه وهو بيطمنها:
– متقلقيش، أمي طيبة وعارفة كويس إنكم ملكوش غير بعض، وفي أقرب وقت هتلاقيها بتكلمك من نفسها.
عند ياسمين وكارما،
كارما بصت لياسمين وعيونها بتلمع بالفرحة ، وقالت بحماس:
– أحمد هيكون معاكي في فترة الدراسة ويكون معايا في فترة الإجازة. أنا خلاص اتعودت يكون ليا إخوات ومش عايزة نتفرق عن بعض تاني.
ياسمين ابتسمت وعيونها بتلمع بالدموع:
– إن شاء الله منتفرقش تاني.. المهم إنتي خلي بالك من نفسك وكلميني على طول طمنيني عليكي.
كارما ضمتها بحب صادق ، كأنها مش عايزة تسيبها، وبعدها ودعتها ومشيت مع مامتها.
خالد قرب من ياسمين بصوت هادي:
– يلا يا حبيبتي.
مسكت إيده ومشيت معاه.
خرجوا من المطار. 
وفي الطريق، لاحظت إنه واخدها على مكان هي عارفاه كويس.
قلبها بدأ يدق بسرعة وهي بتبص ناحية الكشك وقالت باستغراب:
– إيه ده يا خالد؟ إنت جايبني هنا ليه؟
خالد ابتسم بخفة:
– الطريق لسه طويل لبيتنا، قولت نشتري زبادي وكيكة من هنا.. إيه رأيك؟
ضحكت وهي بتبص للكشك، وذكريات اليوم ده رجعت قدام عنيها… يوم ما كانت راجعة من شغلها تعبانه وقررت تشتري من الكشك زبادى وكيكة، وفجأة حصلت مطاردة بين عربيات وعربية منهم خبطت في الكشك، وخالد نزل وقتها من العربية.
ضحكت من قلبها، ونزلت من العربية وخالد نزل معاها.
قربت من صاحب الكشك وقالت بحماس:
– إزيك يا عمو.. مش فاكرني؟
صاحب الكشك بص لها بدهشة وهو بيحاول يفتكر:
– مش واخد بالي يا بنتي.. هو أنا أعرفك؟
ياسمين:
– من حوالي سنة.. جيت اشتري منك زبادي وكيكة، يوم الحادثة.
صاحب الكشك:
– آه افتكرت.. ده كان يوم هباب.
خالد ضحك وحط إيده على كتف ياسمين، وهمس لها:
– بس بالنسبة لينا كان أحلى يوم.
أول ما صاحب الكشك شاف خالد جنبها، ابتسم وقال بحماس:
– أهلا يا باشا.. نورت.
ياسمين بصتلهم باستغراب، وخالد رد على صاحب الكشك بابتسامة:
– طمني، إيه الأخبار؟ مش محتاج أي حاجة؟
صاحب الكشك هز راسه بإمتنان:
– كتر خيرك يا باشا، لولا اللي عملته معايا مكنتش عرفت أجدد الكشك وأعوض خسارتي، ربنا يباركلك يا رب.
ياسمين بصت لخالد بدهشة وهي شايفاه بيطلب كيكة وزبادي ومية من صاحب الكشك.
الراجل مد إيده بالحاجة، لكنه كان رافض ياخد منه فلوس:
– لا يا باشا، خيرك سابق. كفاية الفلوس اللي ادتهالي جددت بيها الكشك وجبت بضاعة جديدة.
خالد ابتسم بثبات ومد له الفلوس:
– دا حقك.. اتفضل.
دفع الحساب، وخد الكيس بإيده، ومسك إيد ياسمين وهما راجعين للعربية.
ياسمين فهمت ان خالد ساعد صاحب الكشك بفلوس عشان يجدد الكشك بعد الحادثه ويعوض خسارته. 
ركبوا العربية وخالد ضحك بنبرة مرحة وهو بيحط الكيس قدامها:
– أدي الكيكة والزبادي والمية المعدنية.
ياسمين ضحكت وهزت راسها:
– إنت لسه فاكر كل ده؟!
بص خالد في عينيها، والنظرة فيها دفء وعشق:
– أنا عمري ما نسيت لحظة عشتها معاكي، من أول هروبنا من هنا مع بعض.
ضحكت وهي فاكرة:
– فاكر صاحب الكوخ اللي قولتله إن اسمك حسن!
خالد ضحك:
– وفاكر إزاي خوفت عليكي لما عرفت إن العصابة اللي كنت وسطهم عايزين يقتلوكي إنتي وأحمد.
ياسمين غمضت عينيها وهي بتسترجع المشهد:
– ولما وقفت قدام عربية دكتور قدري وكان هيموتني، وإنت أنقذتني.
ابتسم خالد:
– ولما رجعت شغلي في الصعيد، وفي يوم كنت واقف في الكمين في عز الحر، وفجأة أسمع صوت أحمد وألاقيكي قدامي.
ضحكت ياسمين:
– ولما خرجت من المدرسة وإنت قابلتني صدفة على الطريق وضربت الولد اللي كان بيضايقني.
خالد هز راسه بضحكة صغيرة:
– مكانتش صدفة على فكرة.. أنا كنت براقبك وقتها.
ياسمين شهقت وهي بتبص له:
– بترقبني ليه؟
رد بخفة وهو بيضحك:
– كنت عايز أفهم إزاي إنتي من عيلة الشرقاوي، بس بعدها فهمت وعرفت كل حاجة.
ياسمين رفعت حواجبها باهتمام:
– عرفت إيه؟
خالد مسك إيديها بحب، عينيه ما بتفارقهاش، وصوته مليان دفء:
– عرفت إني جيت من الصعيد للقاهرة مش عشان مهمة قبض على عصابة تجارة أعضاء… القدر هو اللي جابني هنا، عشان أقابلك وتبقي أغلى من حياتي كلها.
قرب إيديها من قلبه وكمل:
– كل ذكرى عشتها معاكي محفورة في قلبي… لما هربتك من المستشفى، ولما اتجوزنا، ولما أخدتك الجبل واعترفتلك بحبي وسط الصخور… كل لحظة بينا مستحيل أنساها.
عيون ياسمين لمعت بالدموع، قلبها بيرقص جوه صدرها وهي بتقول بصوت ضعيف من التأثر:
– أنا بحبك أوي يا خالد… بحبك أكتر من روحي.
خالد قرب إيديها من شفايفه وباسها بحنان، وصوته طالع من جوه قلبه:
– اللي في قلبي ليكي أكتر من الحب… إنتي أغلى من روحي يا ياسمين.
ياسمين ابتسمت بخجل وحب، وقالت:
– طب بالمناسبة دي… في خبر عايزة أقولك عليه. أنا كنت عارفة إن الوقت مش مناسب، وكنت محتارة أقولك إزاي.
بص لها باهتمام، عينه مليانة فضول.
خفضت وشها شوية وقالت بهدوء:
– أنا حامل.
الكلمة وقعت في قلبه وهو بيحاول يستوعبها، همس بذهول:
– حامل؟؟
هزت راسها بإيجاب:
– عرفت من أسبوع… بس كان الكل متوتر بعد موت جدك وجدي، ومعرفتش أقولك إزاي.
خالد بص لها بصدمة مش مصدق:
– يعني عارفة من أسبوع إنك حامل وساكته يا ياسمين!؟
ردت بحزن وهي بتحاول تبرر:
– الوقت مكنش مناسب عشان أقولك يا خالد.
لكن هو اتكلم بحماس، صوته فيه فرحة صافية:
– وقت إيه اللي مش مناسب! ده أنا قلبي هيقف من الفرحة حرام عليكي! وعرفتي ازاي؟ 
ياسمين بخجل: 
– حسيت بأعراض تعب وسألت زينة عنها وهي قالتلي ان دي اعراض حمل وجابتلي اختبار حمل في البيت ولقيت اني حامل فعلا! كان نفسي اقولك اول لما عرفت بس انت كنت في حالة نفسيه صعبة بعد موت جدك، وخوفت اقولك متفرحش بالخبر.
خالد كان بيبصلها وهو مش مصدق اللي بيسمعه منها: 
– خوفتي مفرحش بالخبر ده ازاي يا ياسمين ، دا انا عمري في حياتي مافرحت زي اللحظة دي! 
وقبل ما ترد بكلمة، كان ضاممها بكل قوته، قلبه بيرقص بالفرحة، كأن الدنيا كلها بقت ملكه في اللحظة دي.
وياسمين وسط حضنه، كانت حاسة إن فرحته أكبر من أي توقع، وإن اللحظة دي هتفضل محفورة جواها طول العمر.
.......... 
بعد تلات شهور.
في قاعة أفراح فاخمة، الإضاءة والزهور مزينة كل ركن، والجو كله بهجة وسعادة بفرح مهاب ومنة.
خالد ومعتصم كانوا واقفين في وسط القاعة، لابسين بدل شيك، والابتسامة مرسومة على وشوشهم.
معتصم كان ماسك الموبايل وبيتكلم، ملامحه باين عليها الفرح.
خالد سأله باستغراب:
– في إيه؟ جالك خبر حلو؟
معتصم أنهى المكالمة وقال بابتسامة واسعة:
– أبويا كلمني دلوقتي، بيقولي إنهم شافوا بنت كويسة لممدوح أخويا… شافها وعجبته، ووافق أخيرًا يتجوز تاني.
خالد ابتسم وهو بيهز راسه:
– ربنا يفرحه ويرزقه بالذرية الصالحة إن شاء الله.
رد معتصم بحماس:
– إن شاء الله يا رب. 
الموسيقى الهادية كانت شغالة في الخلفية، والقاعة مليانة ناس بتضحك وتتصور.
زينة وياسمين كانوا لسه نازلين من عند منة، خالد ومعتصم قربوا عليهم.
خالد سأل ياسمين بنبرة قلق بسيطة:
– هما اتأخروا كده ليه؟ الناس بدأت تقلق!
ياسمين ابتسمت بحماس وهي بتبص لزينة:
– مهاب عامل مفاجأة لمنة.
معتصم وخالد بصوا لبعض بنفس اللحظة، وهمسوا في نفس واحد:
– ربنا يستر.
وفجأة، كل أنوار القاعة انطفت مرة واحدة، والهمهمة وقفت.
إشارة ضوء قوية نورت عند المدخل، ومنة ظهرت لابسة فستانها الأبيض، ملامحها مبهورة ومكسوفة في نفس الوقت.
وفجأة الموسيقى اشتغلت، وصوت مهاب اتسمع بيغني لها:
"فستانك الأبيض اللي هياكل منك حتة…"
كل البنات اللي في القاعة اتحمسوا.
ومعتصم بص ل خالد وقال: 
– الواد ده قاصد علي فكرة ، الليلة دي هتبقى نكد علي كل الرجاله اللي في الفرح.
رد خالد:
– لا ومختار أغنية فستانك الأبيض اللي هياكل منك حتة.
معتصم:
– اه طبعا.. ومهاب هيختار اغنيه مفيهاش اكل ازاي.
ياسمين بصت ل زينة وقالتلها بتأثر:
– شكلهم حلو اوي.
ردت زينة عليها:
– مهاب رومانسي آوي بجد.
معتصم وخالد كانوا بيعضوا على شفايفهم، ملامحهم نصها هزار ونصها غيظ.
قرب منهم ظابط زميلهم، إسمه "علي" ، وقال باستغراب:
– هو إيه اللي مهاب بيعمله ده! ياريتني ما جبت خطيبتي معايا الفرح… دي عايزاني أعملها كده في فرحنا.
معتصم ضحك:
– لم الرجالة واطلعوا اضربوه.
خالد:
– استنى بس، نشوف بقيت الفقرات اللي هيعملها.
الأغنية خلصت فجأة، والأنوار انطفت تاني، همهمة خفيفة بين المعازيم.
وبعد ثواني، النور رجع، ومهاب واقف ماسك عصاية سحرية صغيرة منورة بألوان مبهجة.
علي زميلهم عقد حواجبه باستغراب:
– هي دي فقرة الساحر ولا إيه؟
خالد رد بسرعة:
– شكله هيطلع أرنب من جيب البدلة!
معتصم زودها:
– ومع الأرنب، حلة ملوخية من الجيب التاني.
التلاتة انفجروا ضحك، وخالد بص ل علي وقاله:
– بص يا علي… إنت تروح تقول لخطيبتك دلوقتي إن ده مش فرح، إنت غلطت في العنوان وجبتها السيرك.
علي ابتسم وهو بيهز راسه:
– هو ده اللي هيحصل.
علي رجع عند خطيبته ومعتصم وخالد وقفوا جنب بعض، عيونهم مترقبة ومركّزين جدًا يشوفوا الفقرة اللي مهاب ناوي يعملها بالعصاية السحرية اللي في إيده.
وفجأة، مجموعة أطفال دخلوا القاعة، لابسين أبيض، وعلى ضهرهم أجنحة صغيرة شبه الملايكة، وكل واحد فيهم ماسك نفس العصاية السحرية اللي مع مهاب.
القاعة اتبدلت ألوانها مع حركة الأضواء، ومنة ظهرت وهي نازلة من فوق السلم، ابتسامتها خجولة وعينيها بتلمع، وسط الاستعراض اللي الأطفال بيعملوه حوالين مهاب، وهو بيشاركهم بحماس، وبياخد إيد منة علشان يرقص معاها.
خالد شاور لمعتصم وهو مبهور:
– آآآه… شوفت جابها إزاي! ده طلع استعراض.
معتصم ضحك وهو بيهز راسه:
– وإحنا اللي ظلمناه!
زينة كانت مركزة مع الاستعراض ومبهورة بيه، وقالت بحماس:
– على فكرة، الاستعراض جميل جدًا، ومعمول بفكرة قصة سندريلا… لما الجنية بتحولها لأميرة، وتروح الحفلة للأمير ويرقصوا مع بعض الرقصة الرومانسية.
خالد ومعتصم وقفوا مصدومين شوية من التفسير، وكأنهم أول مرة يسمعوا القصة.
خالد شاور ناحية مهاب وهو بيقول بدهشة:
– يعني اللي هو بيعمله ده… ليه معنى ومفهوم كمان؟
ياسمين ابتسمت وقالت بثقة:
– آه طبعًا… والفكرة رومانسية جدًا.
معتصم بص لخالد وهو مستغرب:
– أومال إحنا مفهمناش كده ليه؟!
خالد بص حواليه على كل الرجالة اللي في الفرح، لقاهم واقفين بنفس الملامح المتحيّرة، فابتسم وقال:
– مش إحنا لوحدنا اللي مفهمناش… بص حواليك.
معتصم لف وشاف إن فعلًا كل الرجالة مركزين ومش فاهمين حاجة، أما الستات كلهم مبهورين ووشوشهم منورة بالاستعراض.
الفقرة خلصت، ومهاب ومنة أخيرًا قعدوا، وكل المعازيم بدأوا يطلعوا يباركولهم.
خالد قالهم:
– يلا نطلع نتصور معاهم بسرعة قبل ما يعملوا فقرة الأسد. 
ياسمين وزينة ضحكوا. 
وخالد مسك إيد ياسمين، ومعتصم مسك إيد زينة، وطلعوا مع بعض.
باركوا لمهاب ومنة… والفرحة كانت مش بس مالية عنيهم، دي كانت ساكنة في قلوبهم وبتلمع في كل نظرة بينهم. 
اتجمعوا كلهم قدام الكاميرا يتصوروا، وكل واحد فيهم واقف وجنبه مراته، وإيده على خصرها بحب واحتواء.
التقطت الصورة على ضحك وسعادة الفرسان الثلاتة وزوجاتهم الثلاث أميرات. 
السعادة في عيونهم كانت بتحكي من غير كلام، بتحكي عن مشوار طويل، وعن قلوب اتقابلت بعد ما كانت بتدور على نصها التاني، وعن حكايات فيها دموع وفرح، ضعف وقوة، فراق ولمّة.
كل واحد فيهم كان شايف قد إيه الطريق اللي مشي فيه يستاهل… رغم إنه بدأ بمنعطف خطر، لكن في الآخر، لقوا الدفء اللي بيطمنهم، والقلب اللي بيحتويهم، والحب اللي بيشيل عنهم هم السنين، والأمان اللي يخليهم ما يخافوش من بكرة، وقلوبهم مليانة بالتفاؤل والأمل وحياة سعيدة للأبد مع شريك العمر.
الفرح خلص، ومهاب أخد منة وراحوا على شقتهم، ومعتصم وزينة رجعوا على بيتهم عشان يرتاحوا لانهم الصبح هيسافروا البلد يتعرفوا على عروسة ممدوح.
خالد وياسمين رجعوا البيت ، البيت اللي كان مليان دفء وحياة بوجود أحمد أخو ياسمين، وأدم ابن أخت منة اللي ياسمين أخدته منها يقعد معاها أول يومين بعد الفرح.
سالم الدريني كان قاعد جنب أحمد، بيذاكر له وبيشرح له بهدوء، وعينيه ساعات بتسرح في ذكرياته مع خالد وهو في نفس عمره، نفس اللمعة ونفس الإصرار.
بهيرة كانت قاعدة على الكنبة، أدم في حضنها وبتلاعبه، وملامحها مليانة حنان وهي في سرها بتعد الأيام عشان تشوف حفيدها اللي هينور البيت بعد كام شهر.
خالد دخل ومعاه ياسمين، ابتسامة الرضا على وشه وهو شايف بيته مليان بالسعادة والحياة.
أول ما بهيرة شافتهم، وشها نور بابتسامة دافية:
– حمدلله على السلامة يا حبايبي، الفرح كان حلو؟
ياسمين ردت بابتسامة:
– كان حلو جدًا، ومهاب ومنة كانوا زي القمر.
وبصت على أدم وهي بتسأل:
– هو أدم تعب حضرتك؟
بهيرة هزت راسها وهي بتضحك:
– أبدًا، أنا قاعدة ألاعَبه وأدعي ربنا الأيام تجري بسرعة وأشوف حفيدي وألعب معاه كده.
خالد قرب منهم وهو مبتسم، نبرة صوته مليانة شوق:
– قريب إن شاء الله… أنا بعد الأيام والساعات.
ياسمين ابتسمت وهي بتبص على أحمد، اللي كان قاعد مركز مع سالم لدرجة إنها حست إنه بقى متعلق بيه كأنه ابوه،  وسالم حنين عليه جدا وبيعوضه في كل لحظة عن حنان الاب اللي اتحرم منه. قربت منهم وسألت:
– بتعملوا إيه؟
سالم رد وهو فخور:
– أحمد خلص مذاكرة وكان شاطر، وأنا وعدته لو نجح وجاب درجات عالية ليه عندي مفاجأة كبيرة.
أحمد ابتسم بحماس:
– أنا هنجح عشان أبقى ظابط زي…  خالد.
ياسمين فتحت عينيها بدهشة وضحكت:
– أخيرًا اقتنعت إنه خالد مش حسن أبو علي.
خالد قرب من أحمد:
– أنت هتبقى أجمد ظابط في الداخلية كلها يا بطل.
سالم قال وهو بيضحك:
– وبدلة الظابط عليا.
أحمد ضحك بحماس آكتر:
– أنا عايز أكون ظابط قوي زي حسن أبو علي وأقبض على كل المجرمين.
ياسمين هزت راسها وهي بتضحك وبتقول لخالد:
– مفيش فايدة… هيفضل حسن أبو علي في دماغه.
رد خالد:
– انا اسمي الحقيقي اصلا حسن ابو علي ومفيش حد يعرف السر ده غير احمد.. صح يا احمد باشا ؟
وغمز ل أحمد وهو بيرفع ايديه واحمد خبط كف أيديه باتفاق في كف ايد خالد وقال: 
– صح يا خالد باشا.
وغمز ل خالد بنفس الطريقة. 
ضحكوا كلهم، والجو حواليهم كان مليان بالحب والونس، وخالد وياسمين بيبصوا لبعض بعينين شاكرة لربنا على نعمة السعادة وراحة البال اللي ماليه بيتهم... رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
تمت بحمد الله. 

خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇

تعليقات